ما
ا الا
١ 0 , ١ (1 010 /
حر
بالجامعة الاسلامية
أ
ظ - ١ ٠ ل 1 7
ظ 5 131 1 00 " 0
0100
1
1 0
3 6 8 ا
3 ا 11
--
ظ 0خ 701 ١
لل
1 1( 1
2010
! 11 : 7 2 101101100 22 ال
6 ف
ب 1 دمة عن الف 200
2 فت
00
0537
ُ
5
و
إلى وحد
عية وا
2 937
0
ر 0 1 ا
7 1 / 8 ظ 5 ْ
01 3 : 1
وحدةالأددان في عقائد الصوفية
9
4 ع ا و
حدةالادانق عمائد الصوفية
و الي 2
مع مقّدمة عن الدعوة إلى وحدة الأدمان في الديانات الوضعية والكثابية
وَالمُرفٌ الباطنية وبين من سسب إلى الإسلام في العصر الحديث
م
ثاليبب
م
د . سعيد حمر حسين معلوي
الأستاذ المشارك بالجحامعة الإسلامية
الجزء الثا نى
> - 0
ح مكتبة الرشد ١"141١اه
فهرسة مكتبة الملك فهد الوطنية أثناء النشر
معلوي ؛ سعيد محمد حسين
وحدة الأديان في عقائد الصوفية / سعيد محمد حسين معلوي
الرياض ١“14ا اه
ردمك ؟1-8695-5.-495.0-/!؟
١-_الصوفية أ العنوان
ديوي 59" لءت ١1*14
ردمك ؟-؟١88-١41.-5.0 108-895 رقم الإيداع ١551/45٠٠
جميع حقوق الطبع محفوظة
الطبعة الأولي تاريخ : 1ه ١١١1م
مكتبة الرشد - ناشرون
اللملكة العربية السعودية - الرياض
الإدارة : مركز البستان - طريق الملك فهد هاتف 452١4818
ص ٠ ب 7897 ١الرياض ١١444 فاكس 4507490
02 .لكي 1 مكسأ :لتمدركا
ا لالز : عاأوطء 117
فروع المكتبة داخل المملكة
الرياض :المركز الرئيسي: الدائري الغربي بين مخرجي /؟ و18 هاتف ؟”4194177
الرياض: فرعطريق عثمصان بن عفان هاتف فعوله؟
فرع مك ةالكرمة: شرع الضائف هتاف ١868401هه فاكس 05١ه/هده
فمعالدينةالنورة: شارعأبيذر الغفاري هاتف 884:00 فهشاكس 8874007
فرع جدة : مقاببل ميدان الضائرة هاتف 51/8١ فاكس 50/0/5784
فرعالقصيم : بريده-طري قةالدينة هاتف 0417١4 فاكس 04188"
فرعأبها: شرع الللك فيصل هاتف 07: ١10/8 فاكس 51455075
فرعالدمام: شارع الخزان ماتف 5هه60١41م فاكس "741840
قرع حالدل: ه-لاتف 807745ه فلاكس0057545
فرع الإحساء :هاتف :"امه فل-ككس 6١١"١8/ه6
قلبيبرع تللوك هااتف :454154 ف اكس 1159/9507
فرع القاهرة : شارع إبراهيم أبو النجا - مدينة نصر : هاتف 7111441١ - فاكس 52015178
مكاتبنا بالخارج
القاهرة : مدينة نصر : هاتف 117445٠8 موبايل 588؟؟15١1١
موبايل ٠١1577589 «فاكس 71717176
بيروت تلفاكس ٠18017410/ موبايل ١1/484 ااه
وحدة الأديان في عقائج الصوفية
3 _
المبحث الثالث
7 9
موقف الصوفية الاتحادية من الأديان
القول بوحدة الوجود يقتضى حتماً الإيمان بتعدد الآلهة» إذ أن كل
ذلك مظهر من مظاهر الإله المطلق المتجلى فى كل شىء. فالاتحادية
يعبدون الله فى صور مختلفة, وذلك لآن المقصود واحد عندهم فالله
إن أقوال أهل الوحدة في الأديان من منطلق عقيدتهم الوجودية؛
أقوال صريحة فى أن الأديان واحدة مهما تباينت» وأن دعاتها وأتباعها
على صواب فيما دعوا إليه. وآمنوا به؛ لأنه ما ثم إلا حقيقة واحدة
مظاهر لله تعالى» وأن وراء هذه المظاهر حقيقة واحدة» فكما رأوا
عالم الصور عدمًا؛ رأوا العقاتد والمذاهب عدمًا. ولهذا كله كان إله
وحدة الوجود غير إله الأديان» فمنطلق مذهب وحدة الوجود يقضى
قضاء تاماً على كيان أي دين منزل ويفسد معالم الألوهية بمعناها الديني
الحقيقى الدقيق.
والإله الذي يدعو إليه متصوفة وحدة الوجود ؛ لا يوصف بصفة
ولا يخصص بنعت؛ لأنه المعبود فى كل ما عبد؛ والمدعو من كل من
دعاء والمحبوب في كل ما يحب. والعابد الصادق عندهم هو من آمن
بكل معبود ومألوه؛ لأنه فى حقيقته مجلى للحق يعبد فيه. فكل معبود
من المعبودات مجلى من مجالي الحق». وكل صورة من الصور ناطقة
> وحدة الأديان في عقائد الصوفية
كد سعد مس سس سر اس سوبو ست ا ا ل ل ا 111111
بألوهية الحق بزعمهم. والإله الذي يدعو إليه الاتحادية لا يسعه شيء؛
لأنه عين كل شيء وعين ذاتهء ولا يقال في الشيء يسع ذاته أو لا
يسعها. كما أنه لا يوجد كفر فإله كل معتقد هو الإله الحق الذي لا
تصح المنازعة فيه. ولا يجب الإنكار على أحد في أن يعبد ما شاء
سواء كان ذلك المعبود مظهراً من مظاهر الطبيعة أو نباتاً أو حيواناً أو
إنشاناء فالآدياة تصبيعها لينا' أصل اعد بحسي ما ينول أهاالوتحدة:
ويلتمس غلاة الصوفية من خلال إيمانهم بوحدة الأديان من منظار
وحدة الوجود؛ عذرًا لجميع الكفار والمشركين بالله عز وجل : فهم
معذؤرون في كفرهم وجحودهم ؛ لأنه تعالى يتجلى لهم في مجلى»
ويحتجب عنهم في مجلى آخرء فيقعون في اللبس ويشركون من حيث
حصرهم الله تعالى في مجلى واحد كالأصنام على سبيل المثال كما
يقرره أهل الوحدة.
ولا تزال عقيدة وحدة الوجود تؤدي دورها اكهدام في الدعوة
لوحدة الأديان حتى عصرنا الحاضر؛ بل في سبيل وحدة الأديان لجأ
بعضهم إلى حل التناقضات بين الأديان من خلال وحدة الوجودء
ويوضح هذا المسار محمود أبو رية في التوحيد بين عقيدة النصارى
والإسلام فيقول : ويروى عن السيد جمال الدين الأفغاني أنه كان
ينحاول أن يحل مسألة الأقانيم الثلاثة عند المسيحية أعني الأب والابن
وروح القدس بنظرية وحدة الوجود. بمعنى أن الثلاثة هي بمثابة مظاهر
لحقيقة واحدة كما كان سقراط يقول : إن الخير والحق والجمال» ثلاثة
مظاهر للحقيقة» ومن هذا يظهر أن السيد كان يحاول أن تتسع الوحدة
سن المسلهين والمستحيين:. الأمين اللتنيع كان نيا عطن: وفلة
وحدة الأديان في عقائد الصوفية 2
وتعاون عريق منذ فجر الإسلاء”".
وأذكر هنا أقوال طائفة من غلاة الصوفية فى وحدة الأديان ؛
بحسب ما وقع لي؛ وبحسب أهمية القائل :
-١ محيي الدين بن عربي”":
يعتبر ابن عربي الأب الروحي للصوفية عموماًء وللغلاة منهم على
وجه مخصوص؛ وقد سبق بيان سبب ذلك فيما مضى. وتقرير ابن عربي
لوحدة الأديان أكثر من أن يحصى؛ وأذكر هنا بعض أقواله في انا
الباب. في ضوء النقاط التالية:
أولاً - مفهوم الدين عند ابن عربي :
يقسّم ابن عربي الدين إلى قسمين: دين عند الله ودين عند الخلق
أو بحسب عبارة ابن عربي «من عرّفه الحق تعالى» ومن عرّف من
عرفه)””". فالدين الذي 55 الله: «هو الذي اصطفاه الله وأعطاه الرتبة
العليا على دين الا 0 وهو دين "وحدة الوجود" وفيه يتجلى الإله
.755-17140 جمال الدين الأفغاني في ميزان الإسلام.» مصطفى غزال: )١(
(؟) محمد بن علي بن محمد بن أحمد الطائي الحاتمي» المرسي نسبة إلى مرسية في
الأندلس» يقال له: "ابن العربي " عند الصوفية» وعند غيرهم "ابن عربي' تمييزاً
له عن الفقيه المالكي أبو بكر بن العربي (ت 04ه). ولد ابن عربي بمرسية سنة
(00ه)» وانتقل إلى أشبيلية وسكن بها سنة (018ه). ثم غادر الأندلس ورحل
وطاف البلاد» وتوفي بالشام سنة (518ه). يعتبر الزعيم الروحي لأهل الوحدة من
عرب ومن عجم. وقد أفتى بكفره عدد من الأئمة» كما توقف فيه بعضهم, ودافع
عنه آخرون. ومن وقف على قوله في الفصوص والفتوحات وفي بعض رسائله لا
يتوقف فى أن ما قاله هو الكفر بعينه. ينظر العقد الثمين» للفاسى: 2١5١/7
وطبقات الأولياء» لابن الملقن: ص559. ْ
(*9) الفصوص: ص65.
(5) الفصوص: ص65.
42 | وحدة الأديان في عقائد الصوفية
كك مسسسسسسس سس سس سس 1د
كان موحداً. ومن كان ا وا ا عابداً 0 والأوثات أو
يجوميا أو كتابياً 6 فالدين كله واحد. وجميع الصور مجال لحقيقة
ذاتية واحدة هى الله .
وأما الدين الذي عند الخلق فهو الذي أتت به الشرائع لكل جماعة
على حدة والمعبود فيه هو الذي صوره الناس بحسب شرائعهم
صنع البشر ؛ ليسعدوا أنفسهم بهاء وينظموا أمورهم, وقد أقرهم الله
عليه؛ وطالبهم به لما في ذلك من المصلحة الظاهرة لهم”".
ولا يضر - في نظر ابن عربي - أن يعيب صاحب دين على دين أو
يذمه؛ لأن كل إنسان يحب ما يخصه دون ما يخص غيرهء وهذا من
الجهل» ولو وقف الذام لدين غيره على قول الجنيد أن: «لون الماء
لون إناته» لعلم أن نسبة إلهه إليه كنسبة إله غيره إلى ذلك الغيرء وأن
اختلاف ذلك الإله عن إلهه إنما يعود إلى اختلاف مؤمن عن مؤمن آخر
فقط؟؛ و للدي ابدام لس ادام الامل ميقع
0000
وابن عربي لا يدين بالإله الذي صوره الناس في مختلف أنواع
الصور في معتقداتهم» وخلعوا عليه ما شاءت عقولهم وقلوبهم أن
يخلعوه من الصفات. إن ابن عربي يسعى لإقامة دين عالمي جديد على
000( ينظر الفصوص: ص95- 66
(0) ينظر فصوص الحكم: ص27755 والفتوحات المكية: .١١/7 وعبارة الجنيد في
الرسالة القشييرية أيضاً: 501//9.
وحدة الأديان في عقائد الصوفية
أنقاض الشريعة؛ يكون أكثر إرضاء للنزعة الإنسانية العامة من كل ما
تصوره أهل الأديان.
يقول ابن عربي : «اشهدني الحق بمشهد الأحدية وقال لي ارتبطت
الأحدية بالعبودية ارتباطاًء ثم قال لي : أنا الأصل وأنت الفرع ثم قال
لي : الأصل أنت والفرع أنا ثم قال: أنت الواحد وأنا الأحد. فمن
غاب عن الأحدية رآك» ومن بقى معها رأى نفسه .. ثم قال: لا توحد
نتكوق تعدرانا :ولا قزم شتكورة مفلدا وإن أسليف كرت فياتنا وان
أشركظ كنت مجوسيا' ثم قال لى:: الاغصان تفرع من الاصل»
والأصل وا
ذا الذين الذق حوضو إلنه ارون عر "أسنافية + «أن العارف م يرق
ا هه م إهرف 2 ٠ 5 ْ
الحق في كل شيءء بل يراه عين كل شيء) 6 و «أن الظاهرين بأمر الله لا
يرون سوى الله في الأكوان وأن الأكوان عندهم مظاهر الحق)”".
ويضع ابن عربي قاعدة كلية للوحدة بين الأديان هي قوله :
عقد الخلائق في الإله عقائدًا وأنا اعتقدت جميع ما اعتقدوه!*)
يقول ابن عربي عند هذا البيت: «العارف الكامل يعرفه في كل
صورة يتجلى بهاء وفي كل صورة ينزل فيهاء وغير العارف لا يعرفه إلا
في صورة معتقده. وينكره إذا تجلى له في غيرهاء كما لم يزل يربط
نفسه على اعتقاده فيه وينكر اعتقاد غيره.. فما رأى أحد إلا الله. فهو
)١( مشاهد الأسرار القدسية» لابن عربي (مخطوط): ف )١19( أ.
(0) الفصوص: ص 197.
(*) الفتوحات المكية: .١5/7
(5) الفتوحات المكية: 7/7 .١71
5 > وحدة الأديان في عقائد الصوفية
المرئي عينه في الصور المختلفة. وهو عين كل صورة» وإن رجع
اخقلاف الصور لاخثلاف المعتقدات: وكانت اتلك الصور مغل
المعتقدات لا عين المطلوب؛ فما رأى أحد إلا اعتقاده سواء عرفه في
كل صورة؛ فإنه اعتقد فيه قبول التجلي» والظهور للمتجلي له في كل
صورة» أو عرفه في صورة مقيدة ليس غيرها. فمثل هذا العلم لا يعلم
إلا بإخبار إلهي» وقرينة حال» فأما الإخبار الإلهي فقول رسول الله كَل
إنه الذي يتحول في الصور في الحديث الصحيح”''» وقرينة الحال:
كونه ما خلق الخلق إلا ليعرفوه» فلا بد أن يعرفوه إما كشفاً أو عقلاً أو
تقليداً لصاحب كشف أو عقل.. والذي هو عليه في نفسه أنه عين كل
صورة فهو كل صورة» فما وقع العجز من هذا العبد إلا في كونه قصره
على صورة واحدة هي صورة معتقده)»”".
ويؤكد ابن عربى كلامه السابق بقوله:
الذات نعيهفن المجلى ولببى لنا
لاقيف لبهي إلا سانيا
فليس من صُوَّرٍ أدنى ولا صِوَّرٌ
فإن رأث حجرأ وإن"راث شجرا
هو الوجودٌ ولكن ما حَكُمْتَ به
حكمٌ عليها*بنعتٍ لم يزل فيه
في كل مجلى وهذا فيه ما فيه
عتنا لشاسر إلا مكونينا فنة
وإثارات يوان ملياءفيه
ه إه 5 فول “جو ل 9ج دلو 7
فاته عتين أصبياة تت يي
40 "السسدية يطولد كن محيع البخاري عاب الفوحية» :باتك 089 ديف رقم
ا و 21/37 وفى مسلم: كتاب الإيمان 0000 باب معرفة طريق الرؤية» رقم
(85م18) 2 ورقم 9م18 ١ من حديث انض هريرة وأبي سعيدك
(؟) الفتوحات المكية: 7/7 .١179 وينظر الفتوحات المكية: 509/7.
(9) ديوان ابن عربي : ص .6١08
وحدة الأديان في عقائد الصوفية >
والشاهد الذي يقصده ان عربي هو قوله علد : (ثم يرفعون
رءٌوسهمء وقد تحول في صورته التي رأوة قييناة ارك مرة») ومراد ابن
عربى كما هو ظاهر كلامه أن الله يتجلى في صور المعبودات». فيتجلى
المعبودات» تعالى الله عما يقوله الجاحدون وتنزه. لا إله إلا هو
الواحد الأحد العزيز الصمد.
يدل على أن الخالق غير المخلوق» والعابد غير المعبود» فقد جاء فى
هذا الحديث: «يجمع الله الناس يوم القيامة» فيقول: من كان يعبد
القمر القمرء وتبع من كان يعبد الطواغيت الطواغيت. وتبقى هذه الأمة
فيها منافقوهاء فيأتيهم الله تبارك وتعالى في صورة غير صورته التي
يعرفون..) الحديث. فالحديث يفيد الاختلااف والتباين بين الله تعالى
المعبودات أو يحل فى شىء منها كما يقول الاتحادية» والله أعلم.
ثانياً - مفهوم الإله عند ابن عربي :
الإله عند ابن عربى هو إله مطلق؛ لا يمكن أن يوصف بشىء؛ فهو
في كل شيء»ء وتحل الأشياء فيه. فهو الكون كلهء وهو عين الأشياءء
فما ثم إلا هوء. فلا خالق ولا مخلوق» ولا معبود ولا عابد. بل الكل
هوء وهو الكل : «فإله المعتقدات تأخذه الحدود. وهو الإله الذي
وسعه قلب عبده» فإن الإله المطلق لا يسعه شىء؛ لآنه عين الأشباءة
> وحدة الأديان في عقائد الصوفية
وعين نفسه » والشىء لا يقال فيه يسع نفسه ولا ل سعاة «ولما كان
الاستواء الإلهي على القلب من باب 'وسعني "27 صارت الألوهية غيباً
فى الآنسان؟ فشهادته إنسان» وغيبه إله ولسريان الألوهية الغيبية فى
هذا الشخص الإنساني» ادعى الألوهية بالاسم الإلهء» فقال فرعون:
#ما عَلِمَتُ لكم من إِلَدوِ غَيرىف* [القَصّص: 7008"
عربى- «يتعالى أن يدخل تحت التقييد أو تضبطه صورة دون غيرهاء
ومن هنا تعرف عموم السعادة لجميع خلق اللّه واتساع الرحمة التي
وسعت كل شيء*'. والإله المطلق الذي يدعو إليه ابن عربي لا
يوصف بوصف.» ولا يخصص بنعت؛ لاتاسان فى كل شي وكل
الأشياء محدودة به: «تحققنا بالمفهوم وبالإخبار الصحيح أنه عين
الأخياءة والاقباء محدودة وإن اختلفت حدودهاء فهو محدود بحد كل
محذدود.» فما يُحَذّ شيء إلا وهو كد الضق: فهو الساري فى مسمى
المخلوقات والمبدعات.. فهو الشاهد من الشاهد» والمشهوة من
المشهود. فالعالم صورته.» وهو روح العالم المدير له فهو الإنسان
ال
وهذا الإله عند ابن
)١( الفصوص: ص 75؟5.
(0) إشارة إلى الحديث القدسي الذي يقول فيه: «ما وسعني سمائي ولا أرضي ؛ ولكن
وسعني قلب عبدي المؤمن» قال الحافظ العراقي: لم أر له أصلاً. وقال ابن تيمية:
هو مذكور فى الاسرائيليات وليس له إسناد معروف عن النبى يَكْة وقال السيوطى:
لا أصل لقن تلن لضا يق الحسنة للسخاوي: ص20844 لدو المنتثرة الوط :
صلا6١.
(*) كتاب الجلالة: ص .5١ ضمن رسائل ابن عربى.
(): الفتوخات المكيةة ابن عرض 7# 1
(4) فصوص الحكم ص .١١١
وحدة الأديان في عقاكد الصوفية 2
لذا فالإله المطلق - الذي يدعو إليه ابن عربي - يتجلى في صورة
كل معبود»ء لكل معتقد مهما كان اعتقاده. وهو عين جميع الآلهة ؛
والعاقل من يرى معبوده في كل شيء.
يقول ابن عرب : «فهو تعالى أعطاه الاستعداد بقوله: عط كل
شَىْء حَلفَه, [طه: »]0١ ثم رفع الحجاب بينه وبين عبده؛ فرآه في صورة
معتقده» فهو عين اعتقاده» فلا يشهد القلبٌ ولا العين أبداً إلا صورة
معتقده في الحق. فالحق الذي في المعتّقّد هو الذي وسع القلب
صورتهء. وهو الذي يتجلى له فيعرفه. فلا ترى العين إلا الحق
الاعتقادي. ولا خفاء بتنوع الاعتقادات ؛ فمن قيده أنكره في غير ما
قيده به» وأقر به فيما قيده به إذا تجلى. ومن أطلقه عن التقييد لم ينكره
وأقر به في كل صورة يتحول فيهاء ويعطيه من نفسه قدر صورة ما تجلى
له إلى ما لا يتناهى» فإن صور التجلي ما لها نهاية تقف عندها)""'.
وتصح العبادة بأي طريقة وعلى أي ملة ومن كل عابد لهذا الإله
المطلق؛ لأن العين واحدة؛ فلا بد أن يكون الخالق عين كل صورة
يعبدها المخلوق.
يقول ابن عربي : ١لا بد أن يكون هو عين كل شيء ؛ أي عين كل
ما يفتقر إليه وعين ما يعبد» كما أنه عين العابد من كل عابد بقوله
أكينا: كنت سمعه حين خاطبه بالتكليف والتعريف فما سمع كلامه إلا
بسمعهء وكذلك جميع قواه التي لا يكون عابداً لله إلا بهاء فلم يظهر
في العابد والمعبود إلا هويته فحكمته وسببه وعلته لم تكن إلا هو
ومعلوله ومسببه لم يكن إلا هو فإياه عبد وعبد)”".
2000 الفصوص : ص 1١7١
(9) الفتوحات المكية: .١1١6/5
> وحدة الأديان في عقائد الصوفية
ما يناسبه من المعتقدات ؛ لأن كلها صواب. وعليه أن لا ينكر على
غيره دينله الذي ارتضاه.
قال ابن عربي : «وأما الرجال الذين صوبوا اعتقاد كل معتقد بما
وصله إليه وعلمه وقرره فإنه يوم الزيارة يرى ربه بعين كل اعتقاد.
فالناصح نفسه ينبغي له أن يبحث في دنياه على جميع المقالات في
ذلك ويعلم من أين أثبت كل واحد ذو مقالة مقالته فإذا ثبت عنده من
وجهها الخاص بها الذي به صحت عنده وقال بها فى حق ذلك المعتقد
ولم ينكرها ولا ردهاء فإنه يجنى ثمرتها يوم الزيارة» كانت تلك العقيدة
ما كانت» وهذا هو العلم الإلهي الواسع». والأصل في صحة ما ذكرناه
أن كل ناظر في الله تحت حكم اسم من أسماء الله فذلك الاسم هو
المتجلي له وهو المعطي له ذلك الاعتقاد بتجليه له من حيث لا يشعرء
والأسماء الإلهية كلها نسبتها إلى الحق صحيحة» فرؤيته فى كل اعتقاد
مع الاختلاف صحيحة ليس فيها من الخطأ شىء» هذا يعطيه الكشف
الآتم فلم يخرج عن الله نظر ناظر ولا يصح أن يخرجء وإنما الناس
. 3 2 )0
حجبوا عن الحق بالحق لوضوح الحق2 .
ويعلل ابن عربي سبب إنكار أهل الديانات على بعضهم البعض هو
عدم معرفتهم | لحقيقية بربهم ا لمعبود وإ لهيته السارية في كل شيء»ء
وتجلياته فى مختلف الصور؛ لذا يكون منهم التناحر وتكذيب كل ملة
لحر
.414/7 الفتوحات المكية: )١(
وحدة الأديان في عقائد الصوفية :
ويقول : «تجلي اختلاف الأحوال : هذا التجلي هو الذي يكون
على غير صورة المعتقد فينكره من لا معرفة له بمراتب التجليات ولا
بالمواطن فاحذر من الفضيحة إذا وقع التحول في صور الاعتقادات
وترجع تقر بمعرفة ما كنت قائلا بنكرانه وهذه الحقيقة هي التي تمد
المنافقين في نفاقهم» والمرائين في ريائهم ومن جرى هذا المجرى)0".
لقد كنت قبل اليوم أنكر صاحبي 6 إذا لم يكن ديني إلى دينه داني
لقد صار قلبي قابلاآً كل صورة فمرعى لغزلان وديرٌ لرهبان
6 و 5 5
وبيتٌ لأوثان وكعبة طائفي وألواحٌ توراة ومصحففُ قرآن”)
ويحذر ابن عربى من التقيد بعقيدة معينة دون غيرها ؟ فيفوته خير
كثير»ء بل يجب أن يكون كالمادة التي تتشكل بحسب الصور. يقول ابن
عربي: «فإياك أن تتقيد بعقد مخصوصء وتكفر بما سواه فيفوتك خير
كثير بل يفوتك العلم بالأمر على ما هو عليه؛ فكن في نفسك هيولى
لصور المعتقدات كلها؛ فإن الله أوسع وأعظم منْ أن يحصره عقد دون
0
أيضا فإن الإله المطلق الذي يدعو إليه ابن عربي يظهر بجميع
الصفات والنعوت؛ حسنة كانت أو مذمومة ؛ حادثة كانت أو قديمة ؛
لأنه ما ثم إلا الواحد.
)١( كتاب التجليات: ص .4١19 ضمن رسائل ابن عربي.
(؟) ذخائر الأعلاق شرح ترجمان الأشواق: ص 1515.
(9) الفصوص: ص”7١١. وينظر الفصوص: ص75١-170. والهيولى لفظ يوناني بمعنى
الأضل والمادة» وهو قابل للضور مطلقا من غير تخصيض بصورة معيتة. ينظر
المعجم الفلسفيء لعبدالمنعم الحفني: ص١١".
4 وحدة الأديان في عقائد الصوفية
ويقول: «ألا ترى الحقّ يظهر بصفات المحدثات» وأخبر بذلك عن
نفسه وبصفات النقص»ء وبصفات الذم. ألا ترى المخلوق يظهر بصفات
الحق من أولها إلى آخرها - وكلها حقّ له - كما هي صفات
المحدثات حق للحوّ 0
ويقول: «فالعَلِنُ لنفسه؛. هو الذي يكون له الكمال الذي يستغرق به
جميع الأمور الوجودية» واسيب العدمية بحيث لا يمكن أن يفوته نعت
منهاء وسواء كانت محمودة عرفاً وعقلاً دوعا أو مذمومة عرفاً
وعقلاً وشرعاً» ولبين ذلك إلا لحسئّى الله تعالى خاضة»”".
والمؤمن الصادق عند ابن عربى من آمن بهذا الإله المطلق بتجلياته
المتنوعة» وصرف له العبادة على أي صورة سرى فيها سواء كان سريانه
يقول ابن عربي: «العارف المكمّل من رأى كل معبود مجلى للحق
يُعبّدٌ فيه ولذلك سموه كلهم إلهاً. مع اسمه الخاص بحجرء أو فر
أو فمواة الى لاف أ كواكه ا ل
ثالثاً - تأويل ابن عربي للقرآن في سبيل وحدة الأديان:
يحمل ابن عربي آيات القرآن الكريم على مراده ويؤولها بحسب
هواه؛ فى سبيل توحيده للأديان؛ فمن ذلك قول الله تعالى: كََيتَمَا
كه 3 ا ا
واوا فم وه ألله© [البَمَرّة: »]١١١ يقول ابن عربى: «ما خلقهم إلا
ليعبدوه. وجعل لهم الاختيار فلما جعل لهم الاختيار» ربما أداهم ذلك
000( الفصوص : 41-8٠
(؟) الفصوص: 4".
2,2 الفصوص : 6 . وينظر كتاب المسائل» ضمن رسائل ابن عربى: ص 2598 6١
وحدة الأديان في عقائد الصوفية 2
إلى البعد عما خلقوا له من العبادة» ولما علم الحق ذلك ظهر في
صورة كل شيءء وأخبر عباده بذلك فقال: ظكَآيََْا تلوأ فْتمَ وَهُ مَك
[البقَرَة: ]1١١ فانطلقوا في اختيارهم إذ علموا أنهم حيث تولوا ما ثم إلا
وجه الله؛ فوقفوا على علم ما خلقوا له» وقد كانوا قبل هذا يتخيلون
أنهم يتبعون أهواءهم» والآن قد علموا أن أهواءهم فيها وجه الحق»"'".
ولا يوجد سبب مقنع لابن عربي في استقبال القبلة ؛ لأن الله
متجلي في كل شيء لا تحصره صورة دون أخرى» والعبد الكامل عند
ابن عربي هو من عبدالله فى جميع صوره المتعددة والتي لا يحصرها
حا صم
يقول ابن عربي: «ثم إن العبد "الكامل" مع علمه بهذا يلزم في
الصورة الظاهرة والحال المقيدة التوجه بالصلاة إلى شطر المسجد
الحرام ويعتقد أن الله في قبلته حال صلاته» وهو بعض مراتب وجه
لحق من كَيتمَا تُولُوأْ مت وبِهُ هو [البَرّة: 115]* فشطر المسجد الحرام
منهاء ففيه وجه الله ولكن لا تقل: هو هنا فقطء بل قف عند ما أدركت
والزم الأدب في الاستقبال شطر المسجد الحرام والزم الأدب في عدم
حصر الوجه في تلك الأبنية الخاصة؛ بل هي من جملة أينيات ما تولى
متول إليها. فقد بان لك عن الله تعالى أنه في أينية كل وجهة؛, وما ثم
إلا الاعتقادات. فالكل مصيب». وكل مصيب مأجور وكل مأجور سعيد
وكل سعيك مرضى 20 ,
والآية إنما نزلت بعد أن أمر الله المسلمين بالتوجه إلى الكعبة في
.705-17807 الفتوحات المكية: ؟7/ )١(
١15 فصوص الحكمء ابن عربي : ص 0,0
> وحدة الأديان في عقائه الصوفية
- سس ساس 07د
صلاتهم بدلاً من بيت المقدس؛ فخشي أناس أن تضيع أعمالهم
السابقة؛ فبين تعالى أن جميع الجهات له سبحانه- وإن كان لاشيء إلا
وهو له ملك- فأينما تولوا فهناك وجهه تعالى: يما ولوأ طتَمّ ونه
كه َالبَقَرَة: ]1١8 وفي الآية خلاف مشهور ذكره الطبري» وأبو المظفر
السمعاني وغيرهما من السلف"'': هل المراد القبلة أم صفة الوجه
الثابتة له سبحانه في نصوص أخرى في القرآن والسنة؟ ورجح الشيخ
ابن عثيمين أن المراد صفة الوجه لله سبحانه» فقال 85: «اختلف فيه
م اا والخلف. فقال بعضهم: المراد به وجه الله
الحقيقي؛ وقال بعضهم: المراد به الجهة: م وجةه أله [البَقَرَة 16ل]
يعني : في المكان الذي اتجهتم إليه جهة الله عز وجل؛ وذلك؛ لآن الله
محيط بكل شيء؛ ولكن الراجح أن المراد به الوجه الحقيقي؛ لأن
ذلك هو الأصل؛ وليس هناك ما يمنعه؛ وقد أخبر النبي كَل أن الله
تعالى قِبَّلَ وجه المصلي”"!؛ والمصلُون حسب مكانهم, يتجهون)”".
وفي قوله تعالى في سورة لقمان: «إإنَّ أله لَطِيفُ» القمّان: ١0]ء
يؤكد ابن عربي أن الله للطافته ولطفه يكون منبثاً في كل شيء من سماء
وأرض وشجر وحيوانء وما إلى ذلك كله مما خلق. يقول ابن عربي :
«إن الله لطيف فمن لطفه ولطافته أنه في الشيء المسمى كذا المحدود
بكذا عين ذلك الشيء»؛ حتى لا يقال فيه إلا ما يدل عليه اسمه بالتواطؤ
.179/١ وتفسير أبي المظفر السمعاني: .05 - 0٠ ينظر تفسير الطبري: ؟/ )١(
(؟) أخخرجه البخاري: كتاب الصلاة (**) باب حك البزاق باليد» رقم (403),
ومسلم: كتاب المساجد ومواضع الصلاة )١7( باب النهي عن البصاق في
المسجدء رقم ."88/١ )1١5517( من حديث عبدالله بن عمر وِهْيًا.
(9) تفسير القرآن الكريم» سورة البقرة: .١/5
وحدة الأديان في عقائد الصوفية
والاصطلاح فيقال: هذا سماء وأرض وصخرة» وشجر وحيوان»
وملك. ورزق وطعامء والعين واحدة من كل شيء وفيه)”'".
وهذا تحريف من ابن عربي في أسماء الله تعالى وصفاته ؛ فإن
معنى اللطيف هو الذي يدرك الضمائر والسرائر. الذي أحاط علمه
بالسرائر والخفاياء وأدرك الخبايا والبواطن والأمور الدقيقة» اللطيف
بعباده المؤمنين» الموصل إليهم مصالحهم بلطفه وإحسانه من حيث لا
وطتكوان ل
وعند قول الله تعالى: موقَضَى ريك ألا ميدأ ل ياه [الإسرّاء: #«7]»
يقول ابن عربي : «فما عبد فيما عبد إلا الله)7") ف ما ثم موجود إلا هو
فهو السامع والسمع»”".
ويقول أيضاً: «كما أنه لم يعبد سواه؛ فإنه ما عبد من عبد إلا
يرك سحلو رسره
و
بتخيل الألوهية فيه ولولاها ما عبد» يقول تعالى: «#وقضئ رَيّكَ ألا تعبدوأ
إَ ِيَأ [الإسرّاء: م2008 , د
والقضاء المراد في الآية هنا هو القضاء الديني والأمر الشرعي»
وليس القضاء الكوني الذي قصده ابن عربي ؛ وإلا لو كان كونياً ما
.188 فصوص الحكم: ص )١(
(7) ينظر تفسير ابن سعدي تفسير الآية )١1١1( من سورة الأنعام» والآية )١5( من
سورة لقمان.
(0) الفتوحات المكية: 7/7 549.
(5) الفتوحات المكية: ؟/ 677.
(4) الفتوحات المكية: ”7/7 77". وينظر الفتوحات: .1١5/5
وحدة الأديان في عقائد الصوفية
00
ويفسر ابن عربي قول الله تعالى: «وّمَآ ليوا إلا يعدا إِلنهًا
ع4 [التَوّة: ]"١ بقوله: «لا تعبدوا إلا إلهاً ايد وهو كل اسم
إلهي وإن كان يدل على معنى يخالف الآخرء فهو أيضاً يدل على عين
واحدة تطلبها هذه النسب المختلفة»0".
وهذه الآية كسابقتها ؛ فالأمر هنا أمر شرعي. كما أن سياق الآية
وما قبلها من الآيات في سورة التوبة ؛ أتى ذاماً ما عليه اليهود
والنصارى من الشرك بالله وتكذيب الرسل. كما أن فيها الأمر بقتالهم
حتى يسلموا أو يؤدوا الجزية المفروضة عليهم. فلو كانوا على صواب
فيما أختركوا ؛ ما ذمهم الله تعالى في هذا الموطن» وفي مواطن أخرى
من القرآن؛ وما أمر بقتالهم وفرض الجزية عليهم.
ويرى ابن عربي أن الكثرة المشاهدة وهم ؛ وأن ذلك يرجع إلى
تعدد مدلولات الأسماء الإلهية» وما ثم إلا هو تعالئى ؛ فهويته جميع
الصور. ويجعل ابن عربي من نظرته الواحدية للكون دعوة للوحدة بين
الأديان. *
ويقول ابن عربي : «الحق إذا جمع نفسه مع أحديته فلأسمائه من
حيث ما تدل عليه من الحقائق المختلفة». وما مدلولها سواه. فإنها
ومدلولاتها عينه وأسماؤه؛ فلا بد أن تكون الكناية في عالم الألفاظ
والكلمات بلفظ الجمع مثل: (نحن» وإنا) مثل قوله : «إإدًا كل سَيْءٍ حَلئَئَهُ
.5014-1١91//8 ينظر مجموع فتاوى شيخ الإسلام: )١(
.40/7 (؟) الفتوحات المكية:
وحدة الأديان في عقائد الصوفية >
اذاي 11 اذ د اح-
عدر (4)69 [القمر: 04 «إِنًا نحن رما لكر وَإِنَا له لوطت [الججر: 4
ةا أراد هويته لا أسماءه مثل قوله: إن آنا أَمّهُ لآ إِلَهَ إل
تأ [لله: »]١4 فوحدء وأين نحن من أناء ولا معنى لمن قال إن ذلك
كناية عن العظمة لا بل هي عن الكثرة» وما ثم كثرة إلا ما تدل عليه
منه أسماؤه الحسنىء أو تكون عينه أعيان الموجودات» وتختلف
الصور لاختلاف حقائق الممكنات المركبات إذ قال عن هويته إنها
جبع العو
إلى أن قال: «وإذا لم يكن عين القوى والموجودات إلا هو صح
الإفزاة في إِنَّىَ أنا أنه [له: 14] والهو والأنت وضمير المفرد
بالخطاب بالكاف في: إيّاكَ تعب ل [المَاتَحَة: 0] وأمثال ذلك فأفرد
نفسه في جمعيتناء فقال: ##وَهْرَ مَك [الحَديد: 4] وجمع نفسه في
أحدهنا في قوله: صأأَوّبُ لد 5513 قاقر الفسى العا سن على
الإنسانء فلم يكن الجمع إلا بناء ولا الواحد العين إلا ند
وقول ابن عربي في غاية التهافت» إذ أن من أساليب اللغة العربية
أن الشخص يعبر عن نفسه بضمير "نحن" للتعظيم» ويذكر نفسه بضمير
المتكلم الدال على المفردء كقوله: 'أنا" وبضمير الغيبة نحو "هو'
وهذه الأساليب الثلاثة جاءت في القرآن» والله يخاطب العرب
بلسانهم؛ لكن إطلاق لفظ الجمع يكون من باب التعظيم؛ كما يقول
الملك: نحن وقررناء وآمرنا بكذا ونحو ذلك» وليس هو إلا شخص
واحدء وإِنّما عبّر بها للتعظيم» ولا أحد أعظم من الله سبحانه وتعالى.
)١( الفتوحات المكية: "/ "611
(؟) الفتوحات الملكية: / .0١5
> وحدة الأديان في عقائد الصوفية
در سس 1170717
فإذا قال الله في كتابه: إنا ونحنء فإنّها للتعظيم وليست للتعدّد. فيكون
إطلاق لفظ المفرد لإثبات كونه واحداً لا شريك له وإطلاق لفظ الجمع
لإثبات عظمته سبحانه. وأما زعم النصارى أن مثل قوله سبحانه: 8آإنا
0 لدم وَإنًا ام ميِظُوتَ 40 [الجتجير13.وما أشبهننا فيضن
التثليث فهو زعم باطل» تدل الآيات القرآنية والأحاديث النبوية وإجماع
أهل العلم والإيمان على بطلانه مثل قوله: «وإلقي إلد ويد يه لَه
لام 00 ليسم 49 [البَئَرّة: +17]» وقوله سبحانه: ظكلٌ هو أنه
َه الصسمَد © لم جيذ َم يكذ © وَلَمْ بك له
0 0 [الإخلاص: »2]5-١ والآيات في هذا المعنى كثيرة
0
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: «فالله سبحانه وتعالى يذكر نفسه تارة
بصيغة 0 مظهراً أو مضمراء وتارة بصيغة الجمع كقوله: «إإَا ميا
َك هنحا مُِينًا ميا )4 [النح : »١ وأمثال ذلك. ولا يذكر نفسه بصيغة التثنية
قط؛ شالج نشي لفق الى سسكا وربما تدل على
معاني أسفائه. وأما صيغة التثنية فتدل على العدد المحضورء :وهو
مقدس عن ذلك)0".
س سسعم
وعند قول الله تعالى: ©#هوٌ الح لآ إلنه ِل هْمَ ها فادعوة مخاصِينَ
له َرَت اغافر: 5 يقول ابن عربي: «توحيد الحياة توحيد الكل
فإنه ما ثم إلا حي. فإنه ما ثم إلا حق. وهو المسبح نفسه.. وما ثم
.171/8-1١1الا//5 وفتاوى اللجنة الدائمة: ١١78/6 ينظر مجموع الفتاوى لابن تيمية: )١(
العقيدة التدمرية: ص هل. )(
وحدة الأديان في عقائد الصوفية 2
إلا العالم» وما من شيء من العالم إلا وهو مسبح بحمده)"”'".
أيضاً ؛ فإن ابن عربي يحمل قول الله تعالى: ون من مَوْءِ إِلَا سيم
4 [الإسرّاء: 44]» على وحدة الأديان من باب أن الله تعالى يظهر في
صورة كل معبود لكل معتقد بحسب الصورة التي يتصورها هذا العابد
والكيفية التي يعبد معبوده بها.
يقول ابن عربي: «أي بحمد ذلك الشيء» فالضمير الذي في قوله:
يمد » يعود على الشيء أي بالثناء الذي يكون عليه في المعتقد؛
إنه إنما يثني على الإله الذي في معتقده. وربط به نفسه. وما كان من
عزلة قور راشع الله قينا اندي لا على اتبيه فإنه من مدح الصنعة
فإنما مدح الصانع بلا شكء. فإن حسنها وعدم حسنها راجع إلى
صانعها. وإله المعتقد مصنوع للناظر فيه» فهو صنعه : فثناؤه على ما
اعتقد؛ ثناؤه على نفسه؛ ولهذا يَذمٌ مُعتَقَدَ غيره» ولو أنصف لم يكن له
ذلك ؛ إلا أن صاحب هذا المعبود الخاص جههل بلا شك في ذلك
لاعتراضه على غيره فيما اعتقده في الله؛ إذ لو عرف ما قال الجنيد:
"لون :الماء لون إنائه" لسلّم لكل ذي اعتقاد ما اعتقده» وعرف الله في
كل صورة» وكل معتقد. فهو ظان ليس بعالم؛ ولذلك قال : "أنا عند
ظن عبدي بي "'" لا أظهر له إلا في صورة معتقده: فإن شاء أطلق»
وان شاد ا
.41١7/7؟ الفتوحات المكية: )١(
(0) رواه البخاري: كتاب التوحيد )١80( رقم (10:5,) ومسلم: كتاب التوبة )١( باب
في الحض على التوبة» رقم (7716) 7/4 .51١ من حديث أبي هريرة ظينه .
(0) الفصوص: ص 57575. وينظر الفصوص: ص .١77
> وحدة الأديان في عقائد الصوفية
دده سس د
والمراد من الآية بيان أن جميع المخلوقات من الملائكة والإنس
والجن وغيرهم من الأشياء التي لا تعقل كالحيوانات» والنباتات»
وكذلك الجمادات كلها تسبح لله سبحانه وتعالى» بينما ألم أيها
المشركون المعرضون تشركون بالله معه سواه في ألوهيته وعبادته؛
وبدلتم الفطرة التي فطركم الله عليها من الإيمان به سبحانه؛ كما أن
حمل ابن عربي للحديث - وهو قوله تعالى في الحديث القدسي : «أنا
عند ظن عبدي بي» على وحدة الأديان حمل فاسد؛ فإن الحديث بشرى
المؤتتيق باللا سيعانه قهل علد فلن متك يا اانا عمل الاعاار :رم
القبول عند التوبة» وظن المغفرة عند الاستغفار» وظن المجازاة عند
فعل العبادة» وهكذا. وفي الحديث إشارة إلى تغليب جانب الرجاء على
الخوف عند قرب 0 ويؤيد ذلك حديث: : «لا يموتن أحدكم إلا
وهو يحسن الظن 27 . ولا علاقة لهذا الحديث بوحدة الأديان التي
عو إليها ابن عربي”". كذلك فإن المشركين ظنو| بالله ظن السوء
50 تعالى في 0 جهنمء قال تعالى: «إوَدلِك طني الى ظطتنثر
ري ادكو صبِحتُم من لفرت (6)»* افْصَلّت: 215 وظنهم القبيح هو
اعتقادهم أن الله تعالى لا يعلم كثيراً مما يعلمون» وكذلك تعديهم على
محارم الله؛ فكان هذا الظن هو سبب هلاكهم.
رابعاً - موقف ابن عربي من عقيدة التثليث:
قال ابن عربي بالتثليث» على قول النصارى؛ وإن كان بفهم آخر
إلا أن المضمون واحد؛ فيقر ابن عربي بأن التثليث أساس الوجود :
00( سبق تخريجه: ص .5٠
030 ينظر المفهم للقرطبي : ا 7ك وفتح الباري: ااو”.
وحدة الأديان في عقائب الصوفية
«فأصل الكون التثليث»'': ومع أن الله في اعتقادنا " فرد" فأول عدد
فردي لمن هو الواحد بل (الثلاثة) عند ابن عربي.
يقول في الفصوص : «اعلم وفقك الله أن الأمر (يعني الخلق) مبني
في نفسه على الفردية ولها التثليث؛ فهي من الثلاثة فصاعداً فالثلاثة
أول الأفراد. وعن هذه الحضرة الإلهية وجد العالم» فقال تعالى:
إِنَمَا موا لِتَىء إذآ أَرَدنَهُ أن تَفلَ له كن مَبَكوثُ (4)2 [التحل: »]4١ وهذه
ذات ذاثٌ إرادة وقول. فلولا هذه الذات وإرادتها وهى نسبة التوجه
بالتخصيص لتكوين أمر ماء ثم لولا قوله عند هذا الحربعةه كو تدك
الشيء؛ ما كان ذلك الشيء ثم ظهرت الفردية الثلاثية أيضاً في ذلك
الشيء وبها من جهته صح تكوينه واتصافه بالوجود وهي شيئيته وسماعه
وامتثاله أمر مكونه بالإييجاة»0".
ويرى ابن عربي أن اليهودية والنصرانية والإسلام طرق متنوعة لغاية
واحدة» وهي عبادة الله وحده في كل مظاهر الكون المتعددة» يقول ابن
عربي: «فأصل العيسويين كما قررناه: تجريد التوحيد من الصور
الظاهرة في الأمة العيسوية. والمثل التي لهم في الكنائس من أجل أنهم
على شريعة محمد كَلْ؛ ولكن الروحانية الحالية التي هم عليها عيسوية
في النصارى» وموسوية في اليهودء من مشكاة محمد يَلٌِْه من قوله
كه: 'اعبد الله كأنك تراه"”" والله في قبلة المصليء وإن العبد إذا
صلى استقبل ربه» ومن كل ما ورد في الله من أمثال هذه النسب)”*".
.١١7 الفصوص: ص )١(
(0) فصوص الحكم: ص .١١9
(*) رواه مسلم: كتاب الإيمان» رقم 4 من حديث عمر بن الخطاب ذنه.
(5) الفتوحات المكية: .1884/١
2< وحدة الأديان في عقائد الصوفية
فالخلاف بين المسلمين والتضارئ عبد'ابن عريئ. أن التضاريئ
حصروا عبادة الله فى التماثيل التى فى الكنائس والصورء فى حين أن
ويقول : (الواحب لا يشتركة اسم سوى اسم الوترء فإنه شاركه فى
المبدأ؛ ولهذا يجوز الوثر بركعة وبغلاثة» قَيُشْرَك الفردٌ أيضاً؛ فإن الفرد
لا يظهر إلا من الثلاثة فصاعدا)0"“.
فتعمهم الرحمة المركبة؛ لأنهم لم يخرجوا عن التوحيد؛ إلا أن
يقول ابن عربي : «واما أهل التثليث فيرجى لهم التخلص لما في
التثليث من الفردية؛ لأن الفرد من نعوت الواحد؛ فهم موحدون توحيد
تركيب» فيرجى أن تعمهم الرحمة المركبة»""".
ولا يلزم الإيمان بالتثليث عند ابن عربى الكثرة والتعدد في الوجود
لأن الكل واحد؛ وإنما هو رمز على تجل إلهى خاص بالفردانية»
و«أول الإفراد الغلانة)7",
يقول ابن عربي : «وعن هذا الاسم [الفرد] ظهر ما ظهر من أعيان
الممكنات» فما وجد ممكن من واحد وإنما وجد من جمعء وأقل
)١( كتاب الألف وهو كتاب الأحدية (ضمن رسائل ابن عربى: ص 49. وينظر تعليقات
ا على الفقصوص: ص 7717-8977 ْ
(؟) الفتوحات المكية: */ .١70 وينظر الفتوحات المكية: .١4/4
(9) كتاب الألف وهو كتاب الأحدية (ضمن رسائل ابن عربى): ص .5١٠ وينظر
الفتوحات المكية: #/ 176. ْ
وحدة الأديان في عقائد الصوفية 2
الجمع ثلاثة وهو الفرد» فافتقر كل ممكن إلى الاسم الفرد .. ولما كان
الغاية في المجموع الثلاثة التي هي أول الأفراد وهو أقل الجمع
وحصل بها المقصود والغنى عن إضافة رابع إليهاء كان غاية قوة
المشرك الثلاثة» فقال: #إإرك أله َلك كَلدتوّ) [المَائدة: +/] ولم يزد
على ذلك)”2.
والتثليث عند ابن عربي» وكذا تعدد الآلهة : أمر مقبول لأن ما في
الوجود إلا الواحد؛ وما ظهر العدد والكثرة إلا عن طريق الواحد وهي
مراتب لا توجد إلا في العقل فقط وليس لها وجود حقيقي.
يقول ابن عربي : «الواحد لم يثن بغيره أصلاً. وإنما ظهر العددٌ
والكثرةٌ بتصرفه في مراتب معقولة غير موجودة» فكل ما في الوجود
ا
ويقول : «المعبود بكل لسان وفي كل حالٍ وزمانٍ إنما هو الواحد.
والعابد من كل عابد إنما هو الواحدء فما ثم إلا 'الواحد» والاثنان إنما
هو واحد وكذلك الثلاثة)7".
فمن مبدأ وحدة الوجود عند ابن عربي: لا نحسب أن الله تعالى
كان واحداً ثم تثلث فطرأت عليه الكثرة؛ لأن هذا ينافي كون الواحد
الأول بسيطاً في ذاته فالتثليث عند ابن عربي لا يعني كثرة المبدأ الأول
والذي هو واحد بالذات : «وإنما ظهر العدد والكثرة بتصرفه في مراتب
معقولة غير موجودة» فكل ما في الوجود واحد ولو لم يكن واحداً لم
)١( الفتوحات المكية: #/ 1786.
(؟) كتاب الألف وهو كتاب الأحدية (ضمن رسائل ابن عربي): ص 55.
(9) رسائل ابن عربىء كتاب الألف وهو كتاب الأحدية: /ا8-4غ4.
> وحدة الأديان في عقائد الصوفية
ا سس 77د
يصح أن تثبت الوحدانية عنده لله سبحانه فإنه ما أثبت لموجده إلا ما
هو عليه كما قيل :
وق كل شين «لنداينة” ندل سلكن أنه اعد
وهذه الآية التي في كل شيء؛ والتي تدل على وحدانية الله هي
وحدانية الشيء لا أمر آخر وما في الوجود شيء من جمال وغيره وعال
وسافل إلا عارفٌ بوحدانية خالقه فهو واحد ولا بد ولا تتخيل أن
المشرك لا يقول بالواحد بل يقول به لكن من مكان بعيدء ولهذا شقي
بالببعد» والمؤمن يقول به من مكان قريب ولهذا سعد بالقرب .. فإذن
المعبود بكل لسان وفي كل حالٍ وزمانٍ إنما هو الواحدء والعابد من
كل عابد إنما هو الواحد فما ثم إلا الواحدء والإثنان إنما هو واحد
وكذلك الثلاثة والأربعة والعشرة والمائة والألف إلى ما لا يتناهى ما
تجد سوى الواحد ليس أمراً زائداً ... فإن الأعداد تكون عن الواحد
لا يكون الواحد عنها فلهذا تظهر به ولا يعدم بعدمها؟ وهكذا أيضاً فيما
تناله من المراتب إن لم يكن هو في المرتبة المعقولة لم تظهر معاً
فتفطن لهذا الواحد والتوحيد. واحذر من الاتحاد في هذا الموضع فإن
الاتحاد لا يصح فإِن الذاتين لا تكون واحدة وإنما واحدان فهو الواحد
في ١مرتعين10"."يقول: انق غري::
تثلث محبوبي وقد كان واحداً كما صيروا الأقنام بالذات أقنما”)
ويقول وهو يثبت أن التثليث له أصل في الإسلام فيما يزعم:
.58-845 رسائل ابن عربىي» كتاب الألف وهو كتاب الأحدية: )١(
.590١ ترجمان الأشواق. لابن عربي: ص )0(
وحدة الأدياخ في عقائب الصوفية
«العدد لا يولد كثرة في العين» كما يقول النصارى في الأقانيم الثلاثة
ثم يقول إله واحد. وفي شرعنا المنزل عليناء قوله تعالى: #وْلٍ أَدْعْوا اله
َو أدْعْوأ أَليّمَنَ أي ما َدْعُوأْ» [الإسرّاء: 60٠٠١ ففرّق قله الأسماه للسئ»
[الإسرّاء: ٠٠١ فوحدً..2 إلى أن قال: ف«لا تنكروا هذا التثليث مع
كو أروتاعينا واه
ويمحجر ابن عربي رحمة الخالق لعباده» ويقصرها على من كان في
إحدى هذين المقامين: إما في مقام الأحدية» وهو الذي عليه غلاة
الصوفية: «فأما فى حق المؤمنين فأمرهم أن يعبدوه من حيث أحدية
العين»”"'. وأما في مقام الفردانية وهو الذي عليه أصحاب التثليث من
النصارى وغيرهم ؛ ثم يؤكد ابن عربي أن الثلاثة الذين خلفوا في غزوة
تبوك ما نجاهم إلا أنهم كانوا ثلاثة» فعند قول الله تعالى: «وَعَلَ التَلَنَِ
درت حلفأ [التوبّة: »]1١١4 قال ابن عربي: «لولا وجود الفردية في
الثلاثة لهلكوا فما نجاهم إلا ما في الثلاثة مره الأحدية الواردة على
الاثنين» وأما لو كانوا أربعة أو ثنين ؛ ما نجوا ولا تاب الله عليهم.
فإن الله وتر يحب الوتر» والثلاثة وتر فأبقى عليهم من المحبة ما تاب
بها عليهم» وإذا رحم الله الشفع إنما يرحمه بآحاده فيخلو به واحداً
واحداً على انفراده حتى لا ينال رحمته إلا الواحدء فما يرحم الله عباده
شفعاً. وإنما يرحمهم إما في الفردية» أو في الأحدية غير ذلك لا
00
)١( ذخائر الأعلاق شرح ترجمان الأشواقء لابن عربي: ص 701-707. وينظر
فصوص الحكم: ص 7١1-5١5 والفتوحات المكية: ١//ا/1؟80-5اء #/176.
(؟) الفتوحات المكية: 507/7.
(*) الفتوحات المكية: 159/5.
4 وحدة الأديان في عقائد الصوفية
در سم ووو ووو روب رربو يريبير
ويعال ابن عربي سبب قصر الرحمة على أهل التثليث دون غيرهم
بأنه : «لما في الثلاثة من الأحدية التي بها كانت فرداً. وهي أول
الأفراد ؛ فلها الأولوية, ذ فهي أقرب إلى الأحدية. فأسرعت الرحمة
إليهم)”''.
الألوهية لبمن يقر له »:وإنمًا خط النصارى في التسمية حيث قالوا إن
المسيح من أسمائه وهو ليس من أسمائه» كما أن خطأ فرعون هو في
إظهاره ما كان يجب حجبه؛ مع أنه في قرارة نفسه مؤمناًء كما أنهم
أخطأوا جميعاً في حصر الألوهية في مسمى واحد.
يقول ابن عربي : «وأما من قال: «إدّ لله مر تييع أبن مم4
[المّائدة: 17] أو قال : «إما طَلِسَتْ لَحكُم ين إِلده غَيرى» 'القصّص: +]ء
فليس في الظاهر بمشرك» راتما دخل عليه الشرك بالاسم. ولذلك قال
الله لنبيه تل : مكل ترق #ااعيد: ]0 ير سوم عرفوا
بالاسم من هو المسمي» » فقال هؤلاء : مان لد هَ و الْمَسِيحٌ» [المّائدة:
1] وليس المسيح من أسمائه؛ إذ كان له هذا الاسم قبل أن يُدعى فيه
أنه الله؛ فأشركوا من حيث الاسم. وأشرك فرعون من حيث خالف
عقده قوله» فبهذا كانوا مشركين)”".
ويقول : «اعلم أن الله تعالى لما كان له مطلق الوجود. ولم يكن
له تقيبد مانع» بل له التقييدات كلها فهو مطلق التقييد» لا يحكم عليه
تقييد دون تقييد» فافهم معنى نسبة الإطلاق إليه. ومن كان وجوده بهذه
.١15١/5 الفتوحات المكية: )١(
.151/5 الفتوحات المكية: )5(
وحدة الأديان في عقائد الصوفية >
النسبة» فله إطلاق النسب فليست نسبة به أولى من نسبه» فما كفر من
كفر إلا بتخصيص النسب مثل قول اليهود والنصارى)"'".
وما ذهب إليه ابن عربي من تصويب عقيدة النصارى المحرفة
القائمة على ثالوث مقدس كما يزعمون ؛ أمر يناقض ما صرح الله به
تعالى في كتابه من كفرهم ؛ والحكم عليهم بالنار» قال الله سبحانه
وتعالى : «لَمَذ حَثرٌ الَدِنَ كَالَا إِت أله كَالتُ كلدكو وكا مِنْ إِلهِ إل
الي ع ا و اك كس و رت اس 0
ليم () 4 [المّائدة: “17 وقال تبارك وتعالى: إقديلوا لي ؟ د بومور
١
0
خسم
ا
5
نه ولا يلوو الك ولا خسن مَا حرم لَلَهُ وَرَسُولهُ ولا يلبوت دن
َلْحَيّ 8 انوت ارثا ألكتبّ حتَّ يُعْطوأ ألْجرَية عن 2 وهم
ملهزوت (4)9 [التّوبة: 79]» وقال جل وعلا : هومن يبتع عََ 1 سآ ديا
آله هه ره ع لى س
فلن يقبل منه وَهَوَ في الْآْرَوَ مر 2 10 [آل عِمرَان: 40]. كما ور
كفرهم على لسان نبينا وَلِنْةِ ففي الحديث عنه ككل أنه قال: «والذي
نفس محمد بيده! لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي ولا نصراني»
ثم يموت» ولم يؤمن بالذي أرسلت بهء إلا كان من أصحاب النار)(".
خامساً - الشرك والمشركون في ميزان ابن عربي :
الشرك عند ابن عربي هو التوحيد الذي عليه المسلمون من إفراد
الله تعالى بالعبادة وحده دون سواهء والبراءة مما يعبد من دون الله :
افيا أنهنا الموضن أن كلهت ؟ رانك توكو تزحيدك اتبيه انك
4
م1
.15١ /" الفتوحات المكية: )١(
(0) سبق تخريجه: ص186.
(9) الفتوحات المكية: .7٠:8/5
> وحدة الأديان في عقائد الصوفية
التوحيد عنده فهي عدم حصر العبادة على معبود واحد؛ لأن كل
المعبودات مظاهر تجلي لإله واحد ؛ فهذه المعبودات التي تعبد من
دون الله تستحق من التعظيم والخضوع ما يستحقه الله تعالى ؛ لأن
العين واحدة «فإنه لا يشرك معه إلا عينه»"''. والشرك بالمعنى الذي
يعرفه به المسلمون لا وجود له حقيقة وينتفي وقوعه لأن عين الوجود
واحدة؛ وهو راجع إلى الجهل بحقيقة الشرك ومن لا معرفة له بحقيقة
الوجود ولأ باختلاق: الضون والمظاهر عَلَى العين الوالعلة*.
يقرل:اين عري #المشر كودىم الدين وكعوا علي الشركة في
الأسماء الإلهية لأنها اشتركت في الدلالة على الذات» وتميزت بأعيانها
بما تدل عليه من رحمة ومغفرة وانتقام وحياة وعلم وغير ذلك» وإذا
كان للشرك مثل هذا الوجه فقد قرب عليك مأخذ كل صفة يمكن أن
تغفرء فلا تجزع من أجل الشريك الذي شقي صاحبه فإن ذلك ليس
بمشرك حقيقة» وأنت هو المشرك على الحقيقة لأنه من شأن الشركة
اتحاد العين المشترك فيه فيكون لكل واحد الحكم فيه على السواء وإلا
فليس بشريك مطلق» وهذا الشريك الذي أثبته الشقي لم يتوارد مع الله
على أمر يقع فيه الاشتراك فليس بمشترك على الحقيقة» بخلاف السعيد
فإنه أشرك الاسم الرحمن بالاسم الله وبالأسماء كلها في الدلالة على
الذات» فهو أقوى في الشرك من هذاء فإن الأول شريك دعوى كاذبة»
وهذا أثبت شريكا بدعوى صادقة» فغفر لهذا المشرك بصدقة فيه» ولم
يغفر لذلك المشرك لكذبة في دعواه» فهذا أولى باسم المشرك من
(5) ينظر فصوص الحكم: .191-19٠
وحدة الأديان في عقائد الصوفية 2
١
. الآخر)
ويبين ابن عربي أن المشركين في إشراكهم كانوا من المؤمنين ؛
كالمسلمين تماماًء لا فرق؛ وأن أصنام المشركين هي بمثابة وزراء
ونواب الملك يستخلفهم» وينوبون عنه.
يقول ابن عربي في قول الله تعالى : «#وَإِلهُمٌ إِلَه ود [البقرة:
(إن الله تعالى خاطب في هذه الآية المسلمين. والذين عبدوا غير
الله قربة إلى الله؛ فما عبدوا إلا الله. فلما قالوا: ما نَحَبُدُهُمَ ِل
لِعرْبوَآ إِلَ أَسَّه 4 (الدْمَر: *1» فأكدوا وذكروا العلة. فقال الله لنا:
«إِدَّ لهك 40 7الصّافات: 4] والإله الذي يطلب المشرك القربة إليه
بعبادة هذا الذي ارك بوة لود [الصّافات: 5]» كأنكم ما اختلفتم في
أحديته» فقال : طوَإِكَهَك4 فجمعنا وإياهم ظإلَهُ وَحِدُ»>.. ثم أخبرنا
الله أنه قضى أن لا نبعد إلا إياه بما نسبوه من الألوهة لهم ؛ أي
جعلوهم كالنواب لله والوزراء كأن الله استخلفهمه ومن عادة الخليفة أن
يكون في رتبة من استخلفه عند المستخلف عليه ؛ فلهذا نسبوا الألوهة
لهم ابتداء من غير نظر»”'".
ثم يصل ابن عربي إلى نتيجة مفادها : أن الله سبحانه وتعالى واحد
بالعين في كل شرع متكثر الصور في الكونء وهذا الاختلاف الظاهري
بين الأديان في التوحيد إنما مرده إلى اختلاف عقول البشرء وكل منهم
على صواب فيما أداه اجتهاده؛ لأن العين واحدة. وبالتالي فلا يحق
لأحد أن يخطىء أحداً في عبادته وتوحيده فالكل على حق. والشرك
)١( الفتوحات المكية» ابن عربي: 7/ .170-١5
(؟) الفتوحات المكية: .١١١-١١4/5 وينظر الفتوحات المكية: .١78/8
> وحدة الأديان في عقائد الصوفية
لا الت امس سس بو مسا 7075 تا تح ا 11 ااا 7777777 71 005و
الذي يحذر منه ابن عربي هو القول بالغيرية» وإثبات وجود مع وجود
الله تعالى.
يقول ابن عربي : (إن الله إله واحد في كل شرع عيئّاء وكثير صورة
وكوناء فإن الأدلة العقلية تكثره باختلافها فيه» وكلها حقء ومدلولها
صدق. والتجلي في الصور يكثره أيضاً لاختلافها والعين واحدة. فإذا
كان الأمر هكذاء فما تصنع؟ أو كيف يصح لي أن أخطىء قائلاً ؛
ولهذا لا يصح خطأ من أحد فيه» وإنما الخطأ في إثبات الغير وهو
القول بالشريك:0©.
ويؤكد ابن عربي أن المشركين موحدون لكنهم سلكوا طريقاً بعيدة
حتى يصلوا إلى حقيقة التوحيد. وهذه الطريق البعيدة - كما بينها ابن
عربي في موضع آخر - هي حصرهم التوحيد على صورة واحدة وهي
آلهتهم وعدم شمول عبادتهم لصور التجلي الإلهي الأخرى : «مع كونهم
جعلوا لله جزءاً من عباده» فلو أضافوا الكل إليهلم يكن ذلك في
الكفر)”" ؛ فكانت طريقهم بعيدة ؛ وترتب على ذلك شقوا بالبعد في
الآخرة» وهو نسبي إضافي لا حقيقة له في مذهب ابن عربي الوجودي.
يقول ابن عربي : ١لا تتخيل أن المشرك لا يقول بالواحد ؛ بل
يقول به ولكن من مكان بعيد ؛ ولهذا شقي بالبعد. والمؤمن يقول به
من مكان قريب ولهذا سعد بالقربء. وإلا فهذا المشرك قد أثبت
وحدانية ذات المعبود وأثبت وحدانية الشريك» ثم أعطى لوحدانية
الشريك وحدانية حسية» وأعطى لوحدانية الحق وحدانية سرهء كما
.١١١ /5 الفتوحات المكية: )١(
.150 /#" (؟) الفتوحات المكية:
وحدة الأديان في عقائد الصوفية
توج الوجة" الككعزة: .وتويظه القليه ال الوق
ويؤكد ابن عربي أن وصف المشركين بأنهم صم بكم عمي؛ لا
ينقص قدرهم أبداً عن مقام أهل التوحيد ؛ بل هذا الوصف هو مدح
لهم في حقيقة الأمر؛ لأنهم أغلقوا آذانهم» وأخرسوا ألسنتهم.
وأغمضوا أعينهم عن كل وجود سوى وجود الله؛ فلم يروا في الكون
فاعلاً غير الله.
يقول ابن عربي: «ومنهم : الصم البكم العمي الذين لا يعقلونء
فهم صم عن سماع ما لا يحل سماعه؛ وعن سماع كل كلام سيدهمء
بكم أي : خرس فلا يتكلمون بما لا يُرضي سيدهم»ء كما كان أولئك
بكم عن الكلام بذكر الله» فاختلف المصرف وصح الوصفء عمي فلا
تقع عينهم على غير الله فاعلاً في الأشياء» وكل واحد من الأولياء على
قدر مقامه في ذلك من المعرفة بالله. فإنهم تختلف مآخذهم في
الفكوة من ذلك ٠
ثم إن المشركين حقيقة ما عبدوا إلا الله تعالى في تعينه في مرتبة
الأحدية والتي لها صفة السريان في كل شيء كما يقول ابن عربي؛ فمن
ثم لا يوجد شرك بتاتاً» ويستدل ابن عربي لقوله هذا بالآية الخاتمة
لسورة الكهف: طيحَمَلُ عمل صلِضًا ولا يرك عادو ريك أمذا (2]) 4
[الكهف: 211٠١ حيث تفيد الآية في نظره نفي وقوع الشرك مطلقاً.
يقول ابن عربي : «ثم إن الأحدية قد أطلقت على كل موجود من
)١( كتاب الألف وهو كتاب الأحدية (ضمن مجموعة رسائل ابن عربي): ص497.
وينظر الفتوحات المكية: .١1517/5
(؟) الفتوحات المكيةء ابن عربى: 1"7/7.
> وحدة الأديان في عقائد الصوفية
إنسان وغيره لئلا يطمع فيها الإنسان فقال تعالى: #َلَمَمَلُ عَبَلَا ملكا
1 َك بعبادة ريف حر 9 [الكهف: ٠ وقد أشرك المشركون معه
الملائكة والنجوم والأناسي والشياطين والحيوانات والشجر والجمادات
فصارت الأحدية سارية في كل موجودء فزال طمع الإنسان من
الاختصاص وإنما عمت جميع المخلوقات الأحدية للسريان الإلهي
الذي لا يشعر به خلق إلا من شاء الله» وهو قوله تعالى: #وقضّئ رَبك
ألا تمَبْدُكا إل به [الإسرّاء: +7]» وقضاؤه لا سبيل أن يكون في وسع
مخلوق أن يرده فهو ماض نافذ فما عبد عابد غيره سبحانه» فإذن
الشريك هو الأحد وليس المعبود هو الشخص المنصوب وإنما هو السر
المطلوب وهو سر الأحدية وهو مطلوب لا يلحق وإنما يعبد الرب والله
تعالى الجامع. ولهذا أشار لأهل الأفهام بقوله : «إولا يْرِك عادو ريك
لد 40 [الكهف: ]٠٠١ فإن الأحد لا يقبل الشركة وليست له العبادة
وإنما هي للرب. فتنبه»”'". :
وحرف (لا) الوارد في قوله تعالى : «#ولا برك ببَادةَ ريف لَمذَا )»4
[الكهف: ]1٠١ هو للنهي وليس للنفي كما زعم ابن عربي؛ فنهى الله
عا نه وتعالى أن يشرك به في عبادته» كما أن الآية تفيد الطلب في
سياق الأمر الشرعي بعدم الإشراك» وليست في سياق الأمر الكوني
الذي لا مرد من وقوعه. كما أن القضاء في الآية الأخرى هو القضاء
الشرعي وليس الكوني كما سبقت الإشارة إليه.
وما ذهب إليه ابن عربي من إيمان المشركين» يناقض القرآن والسنة
والعقل» فأما القرآن فقد قال تعالى: ##إِنّهه من يِشْرِك بِلّه فَقَدْ حَرَّمْ أله
.85-846 رسائل ابن عربي» كتاب الألف وهو كتاب الأحدية: )١(
وحدة الأديان في عقائد الصوفية 2
عَلْيْهِ لْجَنَّهَ 0 آل ثَارَ وما لابميرت من أتصَكار 40 [المائلة: ا
وقال تعالى: #إإنَ أله لا يَمْفْرُ أن مُمْرَكَ يد وَيَمْْرُ مَا مُونَ ذَلِكَ لمن 44153
[النّمَاء: 44]. وأما فى السنة ؛ فقد قال يكةِ : «أمرت أن أقاتل الناس حتى
يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن فتخيدا رسول ل وفى حديث ل
َ
«حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله ويؤمنوا بي وبما جئت به)”""» وأما
عقلاً فلو كان الناس كلهم موحدين ما كان هناك حاجة للرسالات؛ وما
حدثت الحروب بين الأمم بسبب اختلاف العقائد بين الشعوب.
سادساً - موقف ابن عربي ممن كفر بالرسل:
أ- إيمان قوم نوح عند ابن عربي:
عمق ابن عربي أن قوم نوح لم يتبعوا دعوة نوح ظاهراً لأنها 2
إلى الفرقان وتجعل الوجود متعدداً ؛ ولكنهم في الحقيقة آمنوا بها باطناً
لأنها تدعو إلى القرآن الذي يدعو بزعم ابن عربي إلى وحدة الوجود؛
وإلى أن كل ما يعبد من دون الله مجال للحق تمحالى عن ذلك- لذلك
كان قوم نوح 6 على صواب إذ لم يؤمنوا بما دعاهم إليه نبيهم
ظاهراً؛ ولكنهم آمنوا بالفعل إذ جعلوا أصابعهم حاجزاً لعدم سماع
التفرقة في الوجود بين العابد والمعبود.
يقول ابن عربي : «علم العلماء بالله ما أشار إليه نوح 4 في حق
قومه من الثناء عليهم بلسان الذم» وعلم أنهم إنما لم يجيبوا دعوته لما
)8( رقم(70). ومسلم: كتاب الإيمان )١9( رواه البخاري: كتاب الإيمان: باب )١(
من حديث ,01/١ )17( باب الأمر بقتال الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله رقم
عبدالله بن عمر ديه وعن أبيه.
(0) سبق تخريجه: ص 098.
> وحدة الأديان في عقائد الصوفية
فيها من الفرقان. والأمر قرآن لا فرقان» ومن أقيم في القرآن لا يصغي
إلى الفرقان وإن كان فيه""'". فالدعاهم ليغفر لهم لا ليكشف لهمء
وفهموا ذلك منه كي لذلك «اجَعَاوا َعَم في داعم وَاسْتَفْسََا شَابَكم»
اثوح: 57 وهذه كلها صورة الستر التي دعاهم إليها فأجابوا دعوته بالفعل
له بلبيك2©00.
ثم بين ابن عربي أن دعوة نوح إلى الله تعالى نوع من المكر ؛
ليختبر قومه في إيمانهم؛ لكنهم كانوا على قدر هذا الامتحان ؛ فقابلوه
بمكر آخرء وهو عدم حصر الآلهة في صورة واحدة بل الإيمان بالله في
صوره ومجاليه المتعددة؛ لأن المدعو مهما كان اعتقاده» ومهما كان
معبوده» لا يعبد في الحقيقة إلا الله تعالى الذي يظهر في صورة كل
معبود.
قال ابن عربي: ١#وَمَكرُوأ مكنا ككبَارا(ق)» اثرح: ١5]؛ لأن الدعوة
إلى الله تعالى مكر بالمدعو. .ظأَدَعْوَا إِلَ شه ليُوسّى: 6١8 فهذا عين
المكرء فأجابوه مكراً كما دعاهمء فقالوا في مكرهم: #إوكَالوا لا دون
لهك ولا درن ود ولا سوا ولا يَهوك وَيَعُوقَ وََرَا 407 اثوح: +1]. فإنهم
إذا تركوهم جهلوا من الحق على قدر ما تركوا من هؤلاء فإن للحق في
كل معبود وجهاً يعرفه من يعرفه ويجهله من يجهله .. فما عبد غير الله
في كل معبود)”".
ويبين ابن عربي أن الضلال الذي كان عليه قوم نوح هو الحيرة في
)١( فصوص الحكم: ص .7٠١
(؟) فصوص الحكم: ص ."١
(9») فصوص الحكم: ص .87-0١
وحدة الأديان في عقائد الصوفية
الربوبية؛ وهي عين التوحيد ؛ والموحد لله حقاً هو من وصل هذا
المقام: «أعرف الخلق بالله أشدهم تحيراً فيه”''. وكما قال الجنيد:
«إذا تناهت عقول العقلاء في التوحيد تناهت إلى ال و ومن لم
يتحير فلن يشم روائح التوحيدء على حد قول الشبلي: «ما شم روائح
التوحيد من تصور عنده التوحيد"”". فلما وصل قوم نوح إلى هذه
الدرجة عرفوا أن الكل هو الله وبالله ومن الله ولله.
قال ابن عربي في تفسير قوله تعالى: «##يّمًا حَطِنَابِةَ* «فهي التي
خطت بهم فغرقوا في بحار العلم بالله» وهو الحيرة طفَأميُأ 4 في
عين الماء في المحمدين. .ظَلَرَ يدُوأ لم ين ذون أله أنصارا 602 انوح :
د']ء فكان الله عين أنصارهم فهلكوا فيه إلى الأبد.. وإن كان الكل لله
وبالله بل هو الله)”'.
وما سبق كله من كلام ابن عربي قول بلا دليل» وحكم من غير
بينة» ومتى كان الكفر إيماناء والشرك تقى. ؤالتردد والحيرة هدى
ونجاة» لا يقول هذا عاقل أبداً. والحيرة تقع لمن حرم التوفيق من رب
العباد فيقع في الضلال إلا لمن تداركه الله برحمته» بل إن الحيرة هي
نقص وذم في حق من وقعت منه كما قال تعالى: ##قل أَنْدَعْوا من دوب
مدعب دي معضي عو4 عر 2*4 مدعو
14
م ال 0 ل لك شعو لهو بيو 2 معروم م ره ل 7
الشيلطين فى الأرضٍ حيران له أصحبٌ يدعونهة إلى الهدى أثيّنا قل إِركت هدى
.166 التعرف لمذهب أهل التصوفء الكلاباذي: )١(
.681 /” الرسالة القشيرية: )(
الرسالة القشيرية: "؟//ا04. )9(
فصوص الحكم: ص "الا. )5(
وحدة الأديان في عقائد الصوفية
ررم مموم
م عط أ بر لم رن مرا سس 2م 2
له هو الهدى وأيِرّنا لِنْسْلِمَ لِرَتَ الكلّييت 09 > [الأنعام: .]١
كما أن دعوى ابن عربي أن الدعوة إلى الله نوع من الاحتيال
والمكر والخداعء, فيه تنقص في حق الله تعالى» وعبث الله منزه عنهء
فالله تعالى لم يخلق البشر عبثاً من باب المكر والخداع لأْفحَيبَشْرَ نَم
7 [المؤمنون: 5١1]؟ بل خلقهم لغاية عظيمة هي عبادته
والإيمان بهء قال تعالى: «إوَمَا حَلَنَت لْلْنَّ والإنى إلا يدون ©)»
[الذارّات: 05].
2
2
كما أن فى كلامه ت: أ واحتقاراً لدور الأنبياء والرسل في إبلاغ
الناس رسالة التوحيد» ودعوتهم لعبادة الله الواحد الأحدء ولو كان
الأمر كله مكراً وخداعاً وتمويهاً -كما يزعم ابن عربي- لما كان هناك
حاجة للرسل أصلاً. وما وصل الأمر لتعرض الرسل للقتل والتعذيب
ب- موقف ابن عربي من فرعون:
ويشهد ابن عربي لفرعون بالإيمان» وأن فرعون قبض على أفضل
عمل وهو الإيمان حيث حصلت له الشهادة غرق”".
َرَت عَيْنِ في ولك4 [القَصّص: 4] «فبه قرت عينها بالكمال الذي حصل
لهاء وكان قرة عين لفرعون بالإيمان الذي أعطاه الله عند الغرق»
فقبضه طاهراً مطهراً. ليس فيه شيء من الخبث»”".
77/7 ينظر الفتوحات المكية: )١(
١ الفصوص : ص (03
وحدة الأديان في عقائد الصوفية
ويقول عن فرعون : «فنجاه الله من عذاب الآخرة في نفسه؛ ونجى
يذه “فق عمنته الفحاة سا وس 00
يقول ابن عربي : «لما علم فرعون صدق موسى 42 وأضمر
الإيمان في نفسه الذي أظهره عند غرقه)”"» فهبعثه الله على ما مات
عليه من الإيمان به علماً وقولاً»”". «ونجى فرعونٌ ببدنه دون قومه عند
ظهور إيمانه؛ آية. فمن رحمة الله بعباده أن قال: هالوم يك بَدَنكَ)»
(يُونس: 947] يعني: دون قومك: لتكوت لِمَنّ حَلْفَكَ 4 [يُونس: ؟9]
أي : علامة لمن آمن بالله أن ينجيه الله ببدنه.. وخص فرعون بأن تكون
ناته آبة لمن رجع إل الله شيعي 7
والعبرة ببقاء جسد فرعون بعد غرقه ليكون عبرة لمن بقي من قومه.
ولبني إسرائيل وغيرهم ممن سمع بادعاء فرعون الربوبية والألوهية؛
فهذا الجسد الهالك الذي لا حول له ولا قوة هو لمن كان يقول أنا
ربكم الأعلى؛ فهو لا يملك لنفسه الآن ولا ثيوم الساعة ضراً ولا
0
ولا يكتفي ابن عربي بالجزم بإيمان فرعون بل يصحح ألوهيته
فيقول : «ولما كان فرعون في منصب التحكم صاحب الوقت وأنه
الخليفة بالسيف وإن جار في العرف الناموسي لذلك قال : «إآنا ريدم
.7١7 الفصوص: ص )١(
(؟) الفتوحات المكية: 817/7
(*) الفتوحات المكية: "/ 615-616.
(5) الفتوحات المكية: .١151/ وينظر الفتوحات المكية: 404/7. 400.
(0) ينظر تفسير الطبري: .194-1١94 /١8
وحدة الأديان في عقائد الصوفية
لقْلَ 49 [التازعات: 114. أي: وإن كان الكل أرباباً» بنسبة ما فأنا
الأعلى منهمء بما أعطيته في الظاهر من التحكم فيكم» ولما علمت
السحرة صدقه في مقاله لم ينكروه وأقروا له بذلك» فقالوا له : إنما
تقضي هذه الحياة الدنيا فاقض ما أنت قاضء فالدولة لك» فصح
قولة:: انأ و الل 4 [الازعَات : 230004,
وقال ابن عربي : «#إما طَلِمْتُ لَحكْم ين إِلَدهِ عرىف4 [القصص:
+ فما أحسن هذا التحري لتعلم أن فرعون كان عنده علم بالله.
فأخبر بما هو عليه الأمر وصدق في إخباره بذلك»”".
وقال أيضاً : «لما علم فرعون أن الحق سمع خلقه وبصره ولسانه
وجميع قواه لذلك قال بلسان الحق : آنا رَيمّ الكل 2409 ".
ولا شك في أن فرعون الذي يزكيه ابن عربي ويصحح دعواه في
الألوهية؛ قد علا واستكبر وكذب موسى 22» وزعم أن لا إله غيره:
هنا عَِمْتُ لَحكُم ين إِله عرف مع علمه بأن الإله الذي لا رب
سواه هو الله سبحانه وتعالى: لاوَحَسَدُوا يا وَاسْتَيقتتهآ أنفسَهم ظْلما
وَعلّوَا# [الئّمل: »]١4 فاستحق بكفره وضلاله سوء العقاب: #...وَحَافَ َال
فِرْعَوَنَ سوك الْعَدَابِ (4)2 [غافر: 45].
ج- السامري وعجل بني إسرائيل عند ابن عربي :
عجل بني إسرائيل عند ابن عربي هو بعض تعيّنات الذات الإلهية -
.5١١-5١١ الفصوص: )١(
وينظر الفتوحات المكية: ”/ /8-1"1م”. .١71/6/” الفتوحات المكية: )
.6١8 /” الفتوحات المكية: )9(
وحدة الأديان في عقائد الصوفية
تعالى الله عن ذلك - ولهذا صح لموسى 8ه أن يقول للسامري:
#وانظز ِكَ إِلَهِكَ» اله: 40] لما علم أنه بعض المجالي الإلهية”".
ويخطىء ابن عربي نبي الله هارون في إنكاره على السامري اتخاذه
العجل إلهاً من دون الله ويبين ابن عربي أن السامري كان على صواب
في صنعه للعجل وفي دعوته بني إسرائيل لعبادة العجل من دون الله
تعالى» وأنه ما كان ينبغي لهارون :4 أن ينكر هذا الفعل» وأن موسى
أقر السامري وأنكر على أخيه هارون؛ لأن العجل في حقيقته مجلى من
مجالي الله في الصور المختلفة ؛ فمن عبد هذا العجل فقد عبد الله
بزعم 52-6 تعالى الله عن افتراء ابن 0 كبيرا.
يقول ابن عربي : «ثم قال هارون لموسى َكل : إني خشيت أن
تقول فرقت بين , م ال ل العجل
فرقت بينهم فكان منهم من عبده اتباعاً للسامري. وتقليداً له ومنهم من
توقف عن عبادته حتى يرجع إليهم موسى فيسأكونه عن ذلك. فخشي
هارون أن ينسب ذلك الفرقان بينهم إليه فكان موسى أعلم بالأمر من
هارون:لأنه علم ما عبده أصحاب العجل لعلمه أن الله قضى أن لا يعبد
إلا إياهء وما حكم الله بشيء إلا وقع. فكان عتب موسى أخاه هارون
لما وقع الأمر في إنكاره وعدم اتساعه. فإن العارف من يرى الحق في
كل شيء بل يراه عين كل شيء)”".
ثم يبين ابن عربي أن موسى رجع بالسؤال إلى السامري معاتباً :
ظدَالَ هَمَا حَطبَكَ يَسَِرٌِ 469 الله: 45] «يعني فيما صنعت من عدولك
)١( ينظر الفتوحات المكية: / 17/6.
(؟) فصوص الحكم: .1915-19١
وحدة الأديان في عقائد الصوفية
إلى صورة العجل على الاختصاص""'''. فعتاب موسى هنا للسامري أن
الأخير حصر عبادة الله في العجل فقط مع أن كل شيء هو الله؛ ولذا
كانت مبادرة موسى ل لحرق العجل حتى لا تنحصر عبادة الله في
صورة واحدة دون سائر الصور كما يرى ابن عربي. ويستمر ابن عربي
في مغالطاته قائلاً: «وقال له: #وَانظرز إِكَ إِلَهِكَ» [له: 50] فسماه إلهاً
بطريق التنبيه للتعليم أنه بعض المجالي الإلهية»”".
كما أن السامري عند ابن عربي صادق في قوله: «هَذًا إِلَهكُم
وَإِلَهُ مُوسَى» [لله: 46] وذلك لأنه تعالى في «تجليه للأنبياء مختلف الصور
إحدى الحكم بأنه الإله في أي صورة تجلى»”".
ويبين ابن عربي أن الحكمة في عدم 06 بنى إسرائيل لهارون لز
هي لترسيخ عقيدة وحدة الوجود لدى ب: بتى إسرائيل ؟ فلما أمن بنو
إفرائيل سحلي :اله تعالى في الصون كلها مهما اختلقت ولوعية ملظ
الله حينئذ موسى على العجل فأتلفه وحرقه. ٠
يقول ابن عربي : «فكان عدم قوة إرداع هارون بالفعل أن ينفذ في
أضحات الحجل التسليط عل العتخل كما شلط هوبدى عليه يدكمة فق
الله تعالى ظاهرة في الوجود ليعبد في كل صورة» وإن ذهبت تلك
التصدوزة مسد ناك قي دكيض نوين جا تعبط عن عن ينا
الل
.197 فصوص الحكم: )١(
.197 (؟) فصوص الحكم:
.١78 /" الفتوحات المكية: )9(
.195 فصوص الحكم: ص )5(
وحدة الأديان في عقائد الصوفية
وتتمة الآية تكذب ابن عربي فيما يقول. حيث قال الله تعالى على
ثُمَّ لنَنسِمَتَهُ في الْمَرْ عا 409 اله: 7 مما يدل على ما في كلام
أنه إله واحد لا شريك له فى ملكه وعبادتهء فقال جل وعلا: #إِنَمَآ
و اا را
ِلَهَكْْ الَهُ الى لآ إِلَهَ إِلَا هر وَيِمَ كُلّ غَنْءِ )4 لله: هها.
د- كفار قريش مؤمنون كاملو الإيمان عند ابن عربي :
يبرر ابن عربي معارضة كفار قريش للرسول ود وإعراضهم عن
دعوته كَل وتمسكهم بآلهتهم الباطلة قائلين: لما نَحَبْدُهُمَ إِلَا لعربوكآ إل
َه زلْوّ» [الزمر: 01 أنهم لم ينكروا توحيد الله تعالى؛ بل وقفوا مع
كثرة الصور ونسبوا الألوهية لهاء وفعلهم هذا في الحقيقة صواب
بزعمه؛ لأنهم إنما عبدوا الله في تجلياته في صور هذه الأصنام» ويؤكد
زعمه هذا بأن دعوة الرسول يَكئِِ لكفار قريش إنها كانت إلى إله يعرف
ولا يشهد ؛ لأنه في كل شيء.
يقول ابن عربي : «والألوهية مرتبة تخيل العابد له أنها مرتبة معبودة
وهي على الحقيقة مجلى الحق لبصر هذا العابد المعتكف على هذا
المعبود في هذا المجلى المختصء ولهذا قال بعض من عرف مقالة
جهالة: لاما تََبُدهُمَ إِلَا لمرو إِلَ اله لق [الزْمر: *]» مع تسميتهم
إياهم آلهة حتى قالوا: طاَبَملَ الآيلةَ لها وِدًا إن دا لتَىة عَابُ()»
تَسَ: 0]. فما أنكروه بل تعجبوا من ذلك فإنهم وقفوا مع كثرة الصور
ونسبة الألوهية لها. فجاء الرسول ودعاهم إلى إله واحد يعرف ولا
يشهدء بشهادتهم أنهم أثبتوه عندهم واعتقدوه في قولهم: #إما نعَبَدُهُمَ
ومحدة الأديان في عقائد الصوفية
إِلَّا لِعَرْبونآ إل لله زلق» [الزّمَر: *1» لعلمهم بأن تلك الصور حجارة.
ولذلك قامت الحجة عليهم بقوله: قل سَمُوشُ 4 [الرّعد: **]» فما
يسمونهم إلا بما يعلمون أن تلك الأسماء لهم حقيقة. وأما العارفون
بالأمر على ما هو عليه فيظهرون بصورة الإنكار لما عبد من الصور لأن
مرتبتهم في العلم تعطيهم أن يكونوا بحكم الوقت لحكم الرسول الذي
آمنوا به عليهم الذي به سموا مؤمنين. فهم عباد الوقت مع علمهم بأنهم
' ما عبدوا من تلك الصور أعيانهاء وإنما عبدوا الله فيها لحكم سلطان
التجلي الذي عرنوه منهم, وجَهِلَهٌ المنكر الذي لا علم له بما تجلى»
ويستره العارف المكمل من نبي ورسول ووارث عنهم. فأمرهم بالانتزاح
عن تلك الصور لما انتزح عنها رسول الوقت اتباعاً للرسول طمعاً في
محبة الله إياهم بقوله: ##قُلٌ إن كُسْر تبون أله دبعن يُخيبكة أل [آل
عمرَّان: »]*١ فدعا إلى إله يصمد إليه ويعلم من حيث الجملةء ولا
يشهد. وطلَا تُدْرِكُهُ الْأْصَرُ) الأنتام: 00١ بل ظهُرَ يدك الأتصر»
[الأنعام: 6٠0 للطفه وسريانه في أعيان الأشياء. فلا تدركه الأبصار كما
أنها لا تدرك أرواحها المدبرة أشباحها وصورها الظاهرة .وهو
لطبك بير 4 7الأنعام: 6٠0+ والخبرة ذوق» والذوق تجلء
والتجلي في الصور فلا بد منها ولا بد منه» فلا بد أن يعبده من رآه
بهواه إن فهمتء وعلى الله قصد السبيل)7»
ويقول: «المشرك مقر بتوحيد الله في عظمته ؛ لقوله: هما نَعَبِدَهُم
لا لوآ ِل أََّهِ رلَ» [التر: *] فهذا توحيد بلا شك)”".
)١( فصوص الحكم: ص .١195-١0 وينظر الفتوحات المكية:؟/ 2.4١١ */ه1/0١اء
60/5 .
(؟) الفتوحات المكية: ١/1ا5.
وحدة الأديان في عقائب الحوفية
ولو كان الأمر كما يقول ابن عربي؛ ما كانت هناك حاجة من النبي
له لقتال المشركين؛ وما وصل الأمر بالمسلمين إلى مفارقة ديارهم
وأهاليهم وأموالهم؛ وما سالت الدماء بين المسلمين وبين المشركين
بسبب اختلاف تجليات الله في الصور. ولو كان الأمر كما يقول ابن
عربي لكان النبي يَلهِ - حاشاه الله عن ذلك - خان ربه في تبليغه
للرسالة؛ إذ أن الله تعالى يقول: «ومآ رّسَلَدك إِلَّا يََهٌ للعلييت ©)»
[الأنبيّاء: 6٠١7 بينما الرسول يل قاتل الناس لأمر تافه؛ حيث إن الله
يتجلى في الصور كلها ؛ فلكل أحد عبادته كما يشاءء وبالصورة التي
يرتضيها هذا العابد لنفسه. وهذا قول فاسد لا يقوله عاقل.
سابعاً - عبادة الهوى عند ابن عربي :
ومن المجالي التي يعبد فيها الله تعالى عند ابن عربي : الهوى. بل
هو أعظم مجلى عبد الله فيه» وأعلاه؛ فكل من اتبع هواه في عبادته
أين كان معبوده فهو على صواب تام فيما عبد ما دام دليله هواه. بزعم
يقول ابن عربي : «ما عبد شيء من العالم إلا بعد التلبس بالرفعة
الدرجات» ولم يقل رفيع الدرجة فكثر الدرجات فى عين واحدة فإنه
قضى أن لا يعبد إلا إياه فى درجات مختلفة أعطت كل درجة مجلى
إلهياً عبد فيهاء وأعظم مجلى عبد فيه وأعلاه الهوى كما قال: #أأفْءَيتَ
م أ إلهه هَوَبهُ4 [الجَائيّة: *0]7 وهو أعظم معبود فإنه لا يعبد شيء إلا
به ولا يعبد هو إلا بذاته وفيه أقول:
وحدة الأديان في عقائد الصوفية
وحق الهوى إن الهوى سبب الهوى ولولا الهرى في القلب ما عبد الهوى70")
2
وفي قول الله تعالى: ظأآَءَتَ مَنِ لخد إلهه هَربهُ وَْسَلَهُ لَه ع1 عل ر»
[الجَائيّة: 0177 يقرر ابن عربي أن عبادة البشر للهوى هو في حقيقته امتثال
لطاعة الله؛ لأنهم في الحقيقة تحت سلطان الهوى الذي هو الحق تعالى
عن ذلك» وهذه الأصنام والأوثان هي مجالٍ للهوى» والمشركون ما
عبدوا على الحقيقة إلا الله. أما أن الله أضله على علم فمعناه عند ابن
عربي: أنه حير العابد لهواه ؛ لظهوره وتجليه في صور الهوى ومراتبه
ف«الحق يتنوع تجليه في الصور»”"'. وذلك الإضلال مبني على علم من
الله بأسرار تجلياته في تلك الصور.
يقول ابن عربي : (ألا ترى علم الله الأشياء ما أقيلة كيف تم
في حق من عبد هواه واتخذه إلهاًء فقال: هوَْسَلَهُ نَُ عَلَ عِلِ»
والضلالة: الحيرة؛ وذلك أنه (الحق) لما رأى هذا العابد ما عبد إلا
هواه بانقياده لطاعته فيما يأمره به في عبادة من عبليه من الأشخاص»
حت .أن غبادته كانت عن هوق أيضا ؛ لأنه لو لم يقع له في ذلك
الجناب المقدس هوى - وهو الإرادة بمحبة- ما عبد الله ولا آثره على
غيره. وكذلك كل من عبد صورة ما من صور العالم واتخذها إلهاً ما
اتخذها إلا بالهوى. فالعابد لا يزال تحت سلطان هواه. ثم رأى
المعبودات تتنوع في العابدين» فكل عابدٍ أمر ما يكفّر من يعبد سواه؛
والذي عنده أدنى تنبه يحار لاتحاد الهوى. فإنه عين واحدة في كل
عابد .وأصَلَهُ 20 عَلَ علو [الجَائيّة: 5] أي حيّره معَلّ عََرِ» [الأعرّاف: 01]
)0غ( الفصوص : ص ١15
وحدة الأديان في عقائد الصوفية
بأن كل عابد من عبد إلا هواه ولا استعبده إلا هواه سواء صادف الأمر
المشروع أو لم يصادف. والعارف المكمل من رأى كل معبود مجلى
للحق يعبد فيه؛ ولذا سمّوه كلهم إلهاً مع اسمه الخاص بحجر أو شجر
أو حيوان أو إنسان أو كوكب أو ملك"".
ولو اتبع العبد الهوى كما يقول ابن عربي لأورده هواه المهالك في
الدنيا قبل الآخرة» يقول جل وعلا : ول اتَبَمَ لحن أَهْواءَهُمٌ لَفَسَدَتٍ
لسوت وَالْأيْضُْ ومن فيهرت بل أَيهُم بِذَكْْهمَ فَهُم عن ذَكْرِهِم
مُعرضُوس © * [المؤمنون: ١لا].
؟- عبدالكريم الجيلي:
يعتبر الجيلي كابن عربي تماماً في الدعوة لوحدة الأديان» إذ يعبر
الاثنان بصراحة تامة» ووضوح لا لبس فيه عن دعوتهم لوحدة الأديان
بأسلوب واحد ومنطق مشترك. ودعوة الجيلي إلى وحدة الأديان تتضح
من خلال المسائل التالية: ْ
44
أولاً - حقيقة الإله عند الجيلي:
ينطلق الجيلي في دعوته لوحدة الأديان من مبدئه الوجودي في
سريان الحق تعالى في جميع الموجودات بلا استثناء كسريان الروح في
الجسد؛ فالحياة والحركة والوجود بوصفها كلا؛ إنما هو نتيجة لهذا
السريان. والجيلي هنا يقرر وحدة وجود روحية؛ حيث إن الكون بما فيه
تسري فيه روح واحدة كلية هي أساس هذا الوجود»ء وما من شيء إلا
وتسري فيه هذه الروح. إذاً فالإله الذي يعبده الجيلي في نهاية المطاف
.١1960 الفصوص: ص )١(
> وحدة الأديان في عقائد الصوفية
سما مس مس 10د
هو إله مطلق. يسري في كل شيءء ومتجلٍ بصورة كل معبود. يقول
الجيلى: «اعلم أن الوجود كله بمجموعه شىء واحد. وذلك هو
واحدية الحق؛ فالحق هو الوجود المطلق» ومن هنا يتجلى عليك
سبحانه في كل شيء موجود. فالحق عين كل شيء» وهو واحد على
تعدد الأشياء» وما أحسن قول القائل:
وما الوجه إلا واحد غير أنه إذاأنت عددت المرايا تعددا
ومتى لم تعرف الحق وتشهده في الوجود كلهء بل في سائر
الموجودات» بل في كل معنى وصورة؛ وحكم وروح وجسم إلى غير
ذلك مما يعلم ويشهد ؛ لم تعرف نفسك)0".
يقول الجيلي :
وأطلق عنان الحق في كل ما ترى فتلك تجلَّيِّات من هو صانع
وما الحقٌ إلا الله لا شيء غيرُهُ فشِمَّ شَذَاهُ فهو في الخلق ضايع
وَشََاهِدَة حقا فيك فبك فاته هُوِيئُك اللاتي بها أنت يانع
وفي أينما حقاً تولوا جومم فَتَمّة وَجَهُ الله هل من يطال»ه("
ويوضح الجيلي ما يظن أنه أبهمه في أبياته السابقة؛ بقوله: «وجود
الحق تعالى سائر في جميع الموجودات. ولولا ذلك لما كان للعالم
وجود بحال. فكل شيء من الموجودات إنما هو موجود بوجود الحق
تعالى» وحياته بحياته تعالى فحركة الأشياء؛ إنما هي بحياة الحق
تعالى؛ وهذا سر قوله عز وجل: #إوَهُو مَعَك أَبْنَ ما مم4 [الحديد: 4]؛
)١( حقيقة اليقين وزلفة التمكين (مخطوط). عبدالكريم الجيلي : ق ٠١ ب.
(6) قصيدة النادرات العينية: ص /الا-8لا. البيت: .18١ وأبيات تالية.
وحدة الأديان في عقائد الصوفية
لأنامغة الشق العاف بالا
ويقول الجيلي :
فما ثم من شيء سوى الله في الورى
هو النور والظلماء والماء والهوا
هو الدَّار وهو الأَنْلُ والحئٌ والعَضًا
هو اللفظ والمعق وصورة كل نا
هو الحيوان الحيٌ وهو حياثه
هو المُوجِدٌ الأشياءة وهو وجودها
حقائق ذاتٍ في مراتب حَمَّهِ
ويقول أيضاً :
فيا أَحَدِيّ الذَّاتِ في عين كثرة
لعج لاوط كن نانك فيلك تفلن
ولكنها أحكامُ رتبتك اقتضتٌ
فأنت. الورى حقاً وأنت إمامّنا
وما الخلقٌ في التمثال إلا كثلجة
فما الثلج في تحقيقنا غير مائه
ولكن بذوب الثلج يرفع حكمه
)١( لوامع
-
وماثم مسموعٌ وما ثم سامعٌ
هو العنصر الناريٌ وهو البلاقع
هو الناس والسّكان وهو المراتّع
يُخَالُ من المعقول أو هو واقع
هو الوحش والإنس وهو السّواجع
وعين ذوات الكل وهو الجوامع
نُسَمََى باسم الخلق والحقٌ واسع'")
وخا و لخن لاقيام ذانك شائع
ولم تك موصولاً ولا فَصْلْ قاطع
ألو هيّةَ للضّدٍ فيها التَجامُع
وأنت لما يعلو وما هو واضع
وأنت بها الماءٌ الذي هو نابع
وغيران في حُكم دعتّها الشرائع
ويُوضع حكم الماء والأمر واقع
وفيه تلاشت فهو عنهن ساطع""
البرق الموهن (مخطوط)» عبدالكريم الجيلي :ق (170) اب
(؟) قصيدة النادرات العينية: ص ١/-"الا. البيت 2١5٠ وأبيات تليه.
(*) قصيدة النادرات العينية: ص 5/ا-هل. الأبيات: .15[-1١69
> وحدة الأديان في عقائد الصوفية
سكم مسسسسسسس سس سس ا 71د
فالجيلي يقرر أن ذات الحق تعالى مع الأشياء كلها ليست منفردة
عنها بحيث تعد واحدة منها بل هي مع الأشياء حقيقة تلك الأشياء
كلهاء فهي شائعة في جميع الأشياء. كما أنها تقبل الأضداد بكل
صورها؛ ومنها العقائد المتضادة كالتوحيد والشرك» والإسلام والكفرء
يقول الجيلي: «هو الواسع الذي قبل الضدين» وتجلى بالوصفين»
وكان عين الشيء وخلافهء وتقيد فهو مقيدء وانطلق فهو منطلق»
في الإطلاق» وانطلق في التقييد» فصدقت عليه جميع الاعتقادات»
ووقعت عليه جميع العبارات)27
ومبدأ قبول الأضداد فى دين الجيلى ؛ يعود إلى أن "الله سحفاتة
وتعالى عند الجيلي هو الوجود الحق» والخلق بمنزلة الصورة الثلجية لا
وجود لهمت البعق أبداً وإنما وجود الحق هو الذي صير لهم
وجوداًء كما أن الماء هو الذي صير للصورة الثلجية وجود".
ويؤكد الجيلي أن العبودية والربوبية صفتان متبادلهان بين الرب وبين
العبد؛ لأن الرب العبدء يقول الجيلى : «الله سبحانه هو الظا
فى عين يمو عمو مر
فيما سماه عبداًء» كما أنه الظاهر فيما سماه ربا
وهذا السريان الإلهي». أو التجلي هو فى حقيقته رحمة من الحق
لجميع الموجودات؛ لأن هذه المظاهر يصيبها الكمال الإلهى بسبب
هذا التجلى أو السريان» ويظهر الحق تعالى في جميع الموجودات من
)0غ( الكمالات الإلهية في الصفات المحمدية: ص ١65
0( ينظر المعارف الغيبية شرح القصيدة العينية» للنابلسي (مخطوط): ق ١9 ب
لمر
(9) الكمالات الإلهية في الصفات المحمدية: ص .١79/
وحدة الأديان في عقائد الصوفية 2
د مسد
غير أن يلزم من ذلك تعدد إذ أن هذه المظاهر هي عين الحقء وما
أسماؤها التي تسمى بها وصفاتها التي تتصف بها إلا عارية تعود إلى
صاحبها وهو الحق تعالى لأنها من تجلياته.
يقول الجيلي: ا أنه أوجد
العالم فين ننفسه: لوسك ذكر ان الصموات وما في الأنس حِيمًا 4
[الجَائيّة: 4]1؟ ولهذا سرى ظهوره في الموجودات جنيع تظهر كمال
في كل جزء وفرد من أفراد العالم» ولم يتعدد بتعدد مظاهرهء بل هو
واحد في جميع تلك المظاهرء أحد على ما تقتضيه ذاته الكريمة في
نفسها .. وسر هذا السريان : أن الله خلق العالم من نفسه وهو لا
يتجزأ. فكل شيء من العالم هو بكماله» واسم الخليقة على ذلك
الشيء بحكم العارية.. فأعار الحق حقائقه اسم الخليقة لتظهر بذلك
أسرار الألوهية ومقتضياتها من التضادء فكان الحق هيولى العالم قال
تعالى : #ومًا حَلَقَنَا أَلسَمْوتِ وَالْاَيّصَ وما بيتبمَآ إلا يالْحَقّ4 [الججر: 5ه].
فمثل العالم مثل الثلج والحق سبحانه وتعالى الماء الذي هو أصل هذا
الثلج. فاسم تلك الثلجة على ذلك المنعقد معار واسم المائية عليه
630
حققة) .
وهذا التجلى الإلهى فى المخلوقات- في مفهوم الجيلي- يكون
بيحسب قابلية هذه المخلوقات لأسمائه وصفاته» إذ أن هذه المخلوقات
فى حقيقتها أسماؤه وصفاته؛ وما المخلوقات إلا مظاهر لهذه الأسماء
والصفات.
.58/١ الإنسان الكامل للجيلي: )١(
> وحدة الأديان في عقائد الصوفية
تددم سس سس سس سس اس د
يقول الجيلي «ظهور الحق تعالى في المخلوقات على قدر قوابلهم
بل ظهوره في أسمائه وصفاته على ما يقضتيه قوابلهاء إذ ليس ظهوره
في اسمه المنعم كظهوره في اسمه المنتقم وليس ظهوره في النعمة
كظهوره في النقمة. فالظاهر واحد والظهور مختلف لاختلاف
المظاهر)”". ثم قال الجيلي : «إن كل شيء في العالم إنما هو أثر
موطف
وفي ضوء اختلاف مقتضيات هذه الأسماء والصفات -بحسب قول
الجيلي- تختلف صور العبادات ؛ فالله تعالى يتجلى باسم المضل كما
يتجلى باسم الهادي؛ فيحب تعالى أن يعبد من حيث اسمه المضل كما
يحب أن يعبد من حيث اسمه الهادي, ولو أن اسماً من الأسماء الإلهية
ظل معطلاً فلم يتحقق معناه في صورة من صور الوجود؛ ما كان تجلى
الحق كاملاً. وهذا الذي بعث من أجله الرسول ؛ فلا يوجد في الحقيقة
كفر وشرك أبداً لأن جميع العباد عبدوه بحسب ها تجلى لهم في
أسمائه ؛ فالمؤمنون والصالحون عبدوه من حيث تجلى اسمه الهادي.
والكفار والفجار عبدوه تعالى من حيث تجلي اسمه المضل» فهو عين
كل معبود يُعْبّدء والجميع على صواب. وما اختلاف الملل وظهور
الفرق إلا لمقتضى الأسماء والصفات الإلهية. كما أن تعدد الأديان
والعقائد يرجع إلى تعدد الصفات الإلهية والأسماء التي تجلى فيها
الحق. ولكل اسم وصفة» أثره الخاص في كل عبادة وملة بزعم الجيلي.
١ الإرادة القديمة في حضرة العين وحيث لا أين لكتاب قاب قوسين وملتقى
الناموسين: ق(١١) ب-(0173)).
(5؟) المصدر السابق: ق7؟١أ.
وحدة الأديان في عقائد الصوفية
يقول الجيلي : «فما في الوجود شيء إلا وهو يعبد الله تعالى بحاله
ومقاله وفعاله بل بذاته ومتاهب رلك فلت الغادات لاختللاف
مقتضيات الأسماء والصفات لأن الله تعالى متجل باسمه المضل كما
هو متجل باسمه الهادي. فكما يحب ظهور أثر اسمه المنعم» كذلك
يحب ظهور أثر اسمه المنتقم. واختلف اناب في أخرالهم لاختلاف
أرباب الأسماء والصفات قال الله تعالى: ##كنَ العا أ وَحدَة6 [البَقَرّة:
يعني عباد الله ا ا ا
##فبعت أ َه له ليحن مُسَيِّرِيَ وَمَنْذْرِنَ» [البَقَرَة: 717]؟ ليعبد من اتبع الرسل
من حيث اسمه الهادي» وليعبده من يخالف اي ا
المضلء فاختلف الناس وافترقت الملل وظهرت النحل وذهبت كل
طائفة إلى ما علمته أنه صوابء ولو كان ذلك العالم عند غيرها خطأ؛
ال ا سا اوري لجر لحي امي ازالب
المؤثرة في ذلك الأمر»7»
ويؤكد الجيلي في موضع لكو ها تيف أن قاله آنفاً وهو أن الخلاف
بين الناس في معتقداتهم إنما مرجعه إلى اختلاف تجليات الأسماء
الإلهية» فبعد أن ذكر قريبا مما ذكره في الجملة السابقة» قال: «فجعل
الحق تعالى ظهور عباده مناسباً لآثار أسمائه وصفاته؛ فكل منهم مظهر
لمحتده الذي تجلى الله عليه به لما أوجده في علمه»؛ فهو يعرف الله
ويعبده من حيث ذلك الاسم والصفة ؛ ولهذا الاعتبار ما في الوجود
شيء إلا وهو يعبد الله تعالى»"".
)١( الإنسان الكامل: ؟/ 5/ا-6ل.
(؟) غنية أرباب السماع فى كشف القناع عن وجوه الاستماع(مخطوط): ق ” ب.
ِ ٍ اع في اع عن وجو ع :
> وحدة الأديان في عقائد الصوفية
كر سس سس سس 1ك
ولا يتورع الجيلي عن التصريح بحلول الله في العبد» وفي كل
مخلوق من مخلوقاته بحسب الاسم والصفة التي يتجلى الله بها؛ فيكون
ذلك العبد أو المخلوق عموماً هو عين الله ذاته؛ يقول الجيلى: «وسر
هذا كله أنه (تعالى) أنت. وأنهم إنما عبروا به عندك» فدلوك عليك»
من حيث زعمت أن المدلول غيرك. فتشهد نفسك بنفسك», وأقررت له
بالكمال الذي هو له » وإنما أقروت به لنفضيلك)200.
ويقول الجيلي : (إن العبد إذا أراد الحق سبحانه وتعالى أن يتجلى
عليه باسم أو صفةء فإنه يفني العبد فناءً يعدمه عن نفسهء ويسلبه عن
وجوده. فإذا طمس النور العبدي. وفني الروح الخلقي أقام الحق
سبحانه وتعالى في الهيكل العبدي)(".
وفي الحضرة السادسة والعشرين يقال للعبد- بزعم الجيلي- : «لا
تنظر الكثرة» لا تنظر الوحدة» لا تكن معك. لا تكن معيء ما ثم
غيري» ما ثم غيرك»”". ويصل الجيلي بعد ذلك إلى وجوب عبادة الله
تعالى في جميع مظاهر العبادة على هذه البسيطة؛ لأن ما من ذرة في
الوجود إل" وهي عين الله وما من مظهر في هذا الكون إلا وهو الله
بعينه» وما من جهة إلا والله فيها بزعم الجيلي ؛ فصحت العبادة من كل
معبود؛ وبأي شريعة» وعلى أي ملة.
فكل ما تراه في محله حتق فلا تكن له كالجاحر؟)
)١( لوامع البرق الموهن (مخطوط): ق 760 ب.
(5) الإنسان الكامل: ١//ا".
9 لوامع البرق الموهن (مخطوط): ق 7٠أ.
(5) لوامع البرق الموهن (مخطوط): ق 9 ب.
وحدة الأديان في عقائد الصوفية
-
يقول الجيلي: «إن الحق تعالى من حيث ذاته» يقتضي أن لا يظهر
في شيء إلا ويُعبَدُ ذلك الشيء؛ وقد ظهر في ذرات الوجود”"',
ويقول الجيلي : «شهدته سبحانه وتعالى في سائر المظاهر الأول منها
والآخرء حتى تجلى في السماء والأرض» والطول والعرض» واليمين
واليسارء والجنة والنارء والخلف والأمامء والمأموم» والإمام)”".
ويدعو الجيلي إلى وحدة الأديان عبر دعوته لتأليه نفسه إذ هو كما
يزعم عين الله» وهو في هذه الأبيات يؤكد أن الله تعالى عين جميع
المخلوقات سفلية أو علوية» إنساناً كان هذا المخلوق أم حيواناً أم نباتا
أم جماداً فما ثم إلا واحد ؛ ومن توجه بالعبادة إلى أي كائن في هذا
الوجود فما عبد في الحقيقة إلا الحق.
يقول الجيلي :
لي الملك في الدارين لم أر فيهما
وقد خَرْتٌ أنواع الكمال وإنني
سواي فأرجو فضلّه أو فأخشاه
جمال جلالٍ الكل ما أنا إلا هو
فمهما ترى من معدن ونباته
ومهما ترى من أبحر وقفاره
ومهما ترى من صورة معنوية
ومهما ترى من فكرة وتخيل
ومهما ترى من هيئة ملكية
ومهما ترى من شهوة بشرية
ومهما ترى من عرشه ومحيطه
.784/7 الإنسان الكامل: )١(
(7) لوامع البرق الموهن (مخطوط): ق 9 أ.
وحيوانه مع إنسه وسجاياه
ومن شجر أو شاهق طال أعلاة
ومن مشهد للعين طاب مُحَياه
وعقل ونفس أو فقلب وأحشاه
ومن منظر إبليس قد كان معناه
سبي باسكا لحت تعاطاه
وكرسيهء أو رَفرَفٍِ عزَّ مجلاه
> وحدة الأديان في عقائد الصوفية
ال ب تس سم سسسب ب ا 00017 د
ومهما ترى من أنجم زهرية 2 ومن جنة عدن لهم طاب مثواه
فإني ذاك الكل والكل مشهدي أنا المُتَجَلَّ فى حقيقته لا هو
* . د و أ 1
وإني رب للأنام وسيد جميع الورى اسم وذاتي مسماه
وفى قلب لموازين دعوة التوحيد التى دعا إليها الجم الغفير من
فانقسمت ذريته إلى قسمين : قسم قرأوا هذه الصحف واتبعوا ما فيهاء
ومنهم من اشتغل بلذاته عن تعلم قراءة تلك الصحفء واتبع هواه؛ آل
به إلى الإنكار وعدم الإيمان بما في الصحف مما أنزله الله على آدم
لك 3 وهؤلاء هم الكفار ولما مات آدم افترقت ذريته إلى عشر ملل هم
الكفار والطبائعية والفلاسفة والثانوية والمجوس والدهرية والبراهمة
واليهود والنصارى والمسلمون» وكل هذه الطوائف عابدون لله تعالى
كما ينبغي أن يعبد ؛ لأنه خلقهم لنفسه لا لهم له كما يستحق. ثم إنه
سبحانه أظهر في هذه الملل حقائق أسمائه وصفاته ؛ مفتجلى فى جميعها
بذاته فعبدته جميع الطوائف”".
وفي شرح الجيلي لحديث : «المؤمن مرآة أخيه المؤمن»”" يؤكد
أن كل دين هو مرآة لدين آخر غيره وذلك من جانبين : من جانب
الظاهر فيكشف كل دين ما فى الآخر من مساوىء فيتجنبها. ويأخذ ما
.50١-1١9/١ الإنسان الكامل: )١(
() ينظر الإنسان الكامل: ؟/ هل/ا-ل/الا.
(9) رواه أبو داود: كتاب الأدب (01) باب في النصيحة»ء رقم (49118) ه/9١5.
والترمذي: كتاب البر (14) باب ما جاء في شفقة المسلم على المسلمء رقم
(1919) /4487» من حديث أبي هريرة دإنه. والحديث صححه الألباني في
صحيح سنن أبي دواد: ”479/7.
وحدة الأديان في عقائد الصوفية
فيه من محاسن فينميهاء وعلى هذا المعنى تكون وحدة الأديان التي
يدعو إليها الجيلي ذات طابع انتقائي تلفيقي. أما من حيث الباطن فإن
الدعوة لوحدة الأديان تأخذ طابعاً ا لا يخرج دين عن دين في
هذه الوحدة بل كل الأديان سواء وكلها محاسن ؛ لأنها في حقيقتها
تجليات لصفتي الجمال والجلال وكلها ذات واحلة.
يقول الجيلي : «اليهود والنصارى مؤمنون بنبيهم. والكفار
والمجوس يؤمنون بأقوال آبائهم فكلهم بهذا الاعتبار مؤمنون إيمانا ماء
فهم مرائي للمؤمن؛ يعني : ينظر المؤمنون الموحدون صور المحاسن
والمساوىء فيهم فيتركون المساوىء» ويعملون المحاسن. كما أنهم
أيضاً ينظرون ذلك فينا. فكل من الطائفتين أعني المؤمنين المحمدين»
ومن سواهم مرآه للثاني» وهم كهم في الاجتناب عن المساوىء
والاعتماد على المحاسن وهذا من حيث الظاهر. وكل من الطائفتين في
الباطن أيضاً مرآة للثاني» في قبوله لفيض تجليات الحق. فالمؤمنون
المحمدون قابلون لفيض تجليات الجمال» والمؤمئون الباقون قابلون
لفيض .تجليات الجلال؛ وفي الجلال جمالء» وفي الجمال جلال :
فكل منهما مرآة للثاني» فالكل سواء في الحق ومرجع الكل إلى الحق
وبالحق وللحق»”".
وما دام مرجع الكل إلى الواحدء والواحد إلى الكل ؛ فإن كل
عبادة من كل ملة مأمور بهاء ويثاب القائم بها بزعم الجيلي» لأنه
تعالى الهوية السارية في الوجود كلهء فلا فرق بين دين وآخرء وعبادة
الإلهية في الصفات المحمدية» له أيضاً: ص 44.
> وحدة الأديان في عقائد الصوفية
وأخرى. وأن مآل جميع الخلق إلى الخلاص والنجاة فيما يعتقد
الجيلي.
يقول الجيلي : «فما في الوجود شيء إلا وقد عبده ابن آدم من
الحيوانات كالحرباء فإنها تعبد الشمسء وكالجعل يعبد النتانة وغيرهما
من أنواع الحيوانات» فما في الوجود حيوان إلا وهو يعبد الله تعالى؛
إما على التقييد بمظهر ومحدثء وإما على الإطلاق» فمن عبده على
الإطلاق فهو موحدء ومن عبده على التقييد فهو مشرك» وكلهم عباد
الله على الحقيقة لأجل وجود الحق فيهاء فإن الحق تعالى من حيث
ذاته يقتضي أن لا يظهر في شيء إلا ويعبد ذلك الشيءء وقد ظهر في
ذرات الوجود» فمن الناس من عبد الطبائع وهي أصل العالم» ومنهم
من عبد الكواكب» ومنهم من عبد المعدن» ومنهم من عبد النار» ولم
يبق شيء في الوجود إلا وقد عبد شيئاً من العالم»""".
يبدأ الجيلي في تفصيل ما سبق إجماله من حيث أن الأديان
واحدة» والاختلاف بينها هو كاختلاف الأسماء على المسمى الواحد.
والجيلي شأنه شأن صوفية وحدة الوجودء لا يقول بحقيقة دينية واحدة
بل يرى الحق في الأديان كلهاء وليست حكراً على دين بعينه؛ فلا يحق
لأحد في أن يكفر أحداً أو ينتقص معبوده. ولجأ الجيلي إلى تأويل
مفرط ومغالط لإثبات وحدة الأديان وتساويها في الحق مع الإلحاد.
والدفاع عن حق جميع الناس في الإيمان بأي دين وعدم الإيمان بأي
دين وتساوي الكافر والمسلم والملحد في البحث عن الحق. ونعرض
هنا لموقف الجيلى من الأديان من خلال عقيدته الوجودية.
.8/7 الإنسان الكامل: )١(
وحدة الأديان في عقائد الصوفية 2
ثانياً - موقف الجيلي من الوثنيين والكفار:
يبين الجيلي أن الكفار عبدوا الله من حيث ما تقتضيه ذواتهم التي
2006 “قهز تعالن حقيقة الوجود باسره ل
الوجودء فالوثنيون يعبدون الموجود الذي يتخلل كل جزء من أجزاء
العالم» لذا فإن من عبد منهم الوثن فلأنه تعالى عين هذا الوثن
وحقيقته. كما أنه حقيقة تلك الأوثان كلهاء فما عبدوا إلا الله. فهو
تعالى في كل فرد من أفراد ذرات الوجود بحسب ما يفترى الجيلي.
يقول الجيلي : «فأما الكفار فإنهم عبدوه بالذات لأنه لما كان الحق
سبحانه وتعالى حقيقة الوجود بأسره والكفار من جملة الوجود وهو
حقيقتهم» فكفروا أن يكون لهم رب. لأنه تعالى حقيقتهم ولا رب له
بل هو الرب المطلق فعبدوه من حيث ما تقتضيه ذواتهم التي هو عينها.
ثم من عبد منهم الوثن فلسر وجوده سبحانه بكماله بلا حلول ولا مزج
فى كل فرد من أفراد ذرات الوجود فكان تعالى حقيقة تلك الأ وثان التي
57 فما عبدوا إلا الله)”".
وأي عبادة تلك التي تكون لأصنام وأوثان لا تملك ضراً ولا نفعاًء
ولا تسمع من يدعوهاء والله سبحانه وتعالى أمر بعبادته وحده دون
سواه وذم تعالى ما عليه المشركون وعباد الأصنام» ووصفهم بعدم
العقل في جعلهم هذه الأصنام أرباباً من دون الله عز جل» كما في
آيات كثيرة في القرآن الكريم.
ثالثاً - موقف الجيلي من الطبائعيين:
كذلك فإن من عبد الطبيعة عند الجيلي بما تحويه هذه الطبيعة من
)١( الإنسان الكامل: ؟/لا.
> وحدة الأديان في عقائد الصوفية
مظاهر مختلفة إنما عبد الله حقيقة بمختلف أسمائه وصفاته ؛ فكل مظهر
من مظاهر الطبيعة إنما هو أثر من آثار تجلي الله في أسمائه وصفاته.
بزعم الجيلي.
يقول الجيلي : «وأما الطبائعية فإنهم عبدوه من حيث صفاته
الأربع؛ لأن الأربعة الأوصاف الإلهية التي هي الحياة والعلم والقدرة
والإرادة» أصل بناء الوجودء فالحرارة والبرودة والرطوبة واليبوسة
مظاهرها في عالم الأكوان» فالرطوبة مظهر الحياة» والبرودة مظهر
العلم» والحرارة مظهر الإرادة» واليبوسة مظهر القدرة» وحقيقة هذه
المظاهر ذات الموصوف بها سبحانه وتعالى ؛ فلما لاح لسائر أرواح
الطبيعيين تلك اللطيفة الإلهية الموجودة في هذه المظاهرء وعاينوا أثر
أوصافه الأربعة الإلهية ثم باشروها في الوجود على حرارة وبرودة
ويبوسة ورطوبة» علمت القوابل من حيث الاستعداد الإلهي أن تلك
الصفات معان لهذه الصورء أو قل أرواح لهذه الأشياح» أو قل ظواهر
لهذه المظاهرء فعبدت هذه الطبائع لهذا السر فمنهم من علم ومنهم من
جهلء فالعالم سابق والجاهل لاحقء فهم عابدون للحق من حيث
الصفات» ويؤول أمرهم إلى السعادة كما آل أمر من قبلهم إليها بظهور
الحقائق التي بنى أمرهم عليها»”".
كيف تكن السعادة والسجاة مال من عبد الطبيعة من دون الله
تعالى؟ والله سبحانه وتعالى حرم الجنة على من أشرك به وعبد معه
غيره: ؤ#َإإِنَّهُ مَن سْْرِكَ بِأَئَهِ هَقَد حَرَّمْ لنَهُ عليه الْجَنَّدَ وَمَوَنْه التَادُ وَمَا
للطَلِييتَ مِنّ أتصكار © [المّائدة: 77]. ثم إن حمل صفات الله تعالى
.78/7 الإنسان الكامل: )١(
وحدة الأديان في عقائكد الصوفية 2
على معنى خلاف ما دلت عليه هو تحريف وتعطيل وهو مسلك الجهمية
ومن نحا منحاهم.
رابعاً - موقف الجيلي من عبدة الكواكب :
عبدة الكواكب عند الجيلي على صواب فيما عبدوا؛ فمن
عبدالشمس فعبادته صحيحة, ودينه قويم ؛ لأن الشمس من مظاهر الله
تعالى ؛ وقس ذلك كله في سائر الكواكب؛ فكل فلك وكوكب إنما هو
مظهر من مظاهر الله يتجلى الله فيها بأسمائه؛ وما من كوكب إلا وهو
تجل لاسم من أسماء الحق بحسب موقع هذا الكوكب في الكون
الفسيح في رأي الجيلي.
يقول الجيلي: «وأما الفلاسفة فإنهم عبدوه من حيث أسماؤه
سبحانه وتعالى» لأن النجوم مظاهر أسمائه وهو تعالى حقيقتها بذاته.
فالشمس مظهر اسمه الله؛ لأنه الممد بئوره جميع الكواكبء كما أن
الاسم (الله) تستمد جميع الأسماء حقائقها منه؟ والقمر مظهر اسمه
الرحمن؛ لأنه أكمل كوكب يحمل نور الشمسء كما أن الاسم
(الرحمن) أعلى مرتبة في الاسم (الله) من جميع الأسماء كما سبق بيانه
في بابه» والمشتري مظهر اسمه الرب لأنه أسعد كوكب في السماءء
كما أن اسم الرب أخص مرتبة في المراتب لشموله كمال الكبرياء
لاقتضائه المربوب؛ وأما زحل فمظهر الواحدية لأن كل الأفلاك تحت
حيطته؛ كما أن الاسم (الواحد) تحته جميع الأسماء والصفات» وأما
المريخ فمظهر القدرة؛ لأنه النجم المختص بالأفعال القهارية» وأما
الزهرة فمظهر الإرادة» لأنه سريع التقلب في نفسهء فكذلك الحق يريد
فق كل آنا شيناً: وأما عطارد فمظهر العلم لأن الكاتب في السماءء
> وحدة الأديان في عقائد الصوفية
وبقية الكواكب المعلومة مظاهر أسمائه الحسنى التي تدخل تحت
الإحصاء؛ وما لا يعلم من الكواكب الباقية فإنها مظاهر أسمائه التي لا
يبلغها الإحصاءء فلما ذاقت ذلك أرواح الفلاسفة من حيث الإدراك
الاستعدادي الموجود فيها بالفطرة الإلهية» عبدت هذه الكواكب لتلك
اللطيفة الإلهية الموجودة في كل كوكب. ثم لما كان الحق حقيقة تلك
الكؤاكب اقنضى أن يكون معبودا لذاته فعبذوه لهذا التوع0,
عباد الكواكب كفار مشركونء. وقد بعث الله نبيه إبراهيم فل إلى
طائفة منهم ليأمرهم بعبادة الله فبدأ إبراهيم مع قومه من مبدأ التنزل مع
الخصم مع إيمانه وتوحيده لله رب العالمين» وبين لهم أن هذه
الكواكب التي يعبدونها من دون الله تختفي وتغيب عن معبوداتها؛ فلا
تصلح أن تكون آلهة ؛ فإن الإله الصدق هو من يكون قائماً بمصالح من
عبذه» ومدبراً له في جميع شؤونه. ثم بين لهم تل أن العبادة 7 ن لله
وحده لا شريك له: ظإنٍ مَجَهْتُ مَبْهَ دك عر التتئزات الآزيقت
14 ا بع المثرين 9)» [الأنعام: 74].
خامساً - موقف الجيلي من الثنوية والمجوس:
يعلل الجيلي قول الثنوية بإلهين متماثلين بأنهم عبدوا الله في
مظهرين : مظهر الحقية وهو إله النور (الخير) عندهم» ومظهر الخلقية
وهو إله الظلام (الشر) عند الثنوية؛ ولكون الأمر راجعاً إلى الوحدة ؛
فإن هذه العبادة صحيحة لكون الوحدة قابلة للجمع بين الأضداد.
يقول الجيلى : «وأما الثنوية فإنهم عبذوه من حيث نقسه تعالى»
' الإنسان الكامل: 8/7/ا-78. )١(
عدو رو12 عبعملص؛ مصرر ع عرمنح بتصبد
وحدة الأديان في عقائد الصوفية
لأنه تعالى جمع الأضداد بنفسه» وشمل المراتب الحقية والمراتب
الخلقية» وظهر في الوصفين بالحكمين» وظهر في الدارين بالنعتين»
فما كان منسوباً إلى الحقيقة الحقية فهو الظاهر في الأنوار» وما كان
منسوباً إلى الحقيقة الخلقية فهو عبارة عن الظلمة» فعبدوا النور والظلمة
لهذا السر الإلهي الجامع للوصفين وللضدين والاعتبارين والحكمين
كيف شئت» من أي حكم شئتء فإنه سبحانه يجمعه وضله بنفسه.
فالئنوية عبدوه من حيث هذه اللطيفة الإلهية مما يقتضيه في نفسه سبحانه
وتعالى» فهو المسمى بالحق وهو المسمى بالخلقء. فهو النور
والظلهة:
أما المجوس عباد النار فهم عند الجيلي يعبدون الذات الواحدة
التي تفنى فيها جميع الأسماء والصفات كما تفنى بالنار الأجسام
الطبيعية فتحول إلى طبيعتها النارية.
يقول الجيلي : «وأما المجوس فإنهم عبدوه من حيث الأحدية»
فكما أن الأحدية مفنية لجميع المراتب والأسماء والأوصاف. كذلك
النار فإنها أقوى الاستقصات وأرفعهاء فإنها مفنية لجميع الطبائع
بمحاذاتهاء لا تقاربها طبيعة إلا وتستحيل إلى النارية لغلبة قوتهاء
فكذلك الأحدية لا يقابلها اسم ولا وصف إلا ويندرج فيها ويضمحل»
فلهذه اللطيفة عبدوا النار وحقيقتها ذاته تعالى»7".
يقولك: الله تعالى : 2< اند انون ول ونا كار نه عن لد ا
070 رم امس ج
مر و2 آ أ 2 ده
ذهب كل إللع يما خلق ولعلا بِعَضْهُمٌ علل بعض #4 [المؤمنون: لاك ويقول جل
)١( الإنسان الكامل: ؟/ 9/ا-40.
(؟) الإنسان الكامل: 80/7.
2< وحدة الأديان في عقائد الصوفية
2-7 2س سر سر سحا
من قائل: ««لؤ كن فهماً لَه إل أنه لفسدتا» [الأنبيّاء: »]7١ فلا يستقيم
هذا الكون إلا بالإيمان برب واحدء ولا يستقيم العباد إلا بعبادة إله
واخد. .وما سوى ذلك ففساد ودمار.
سادساً - موقف الجيلي من البراهمة والدهرية:
يضع الجيلي البراهمة عباد البقر بمنزلة الأنبياء في العبادة
والتوحيدء ويصحح ما عليه الملاحدة المنكرون للأديان كالدهرية
وأمثالهم.
يقول الجيلي : «وأما الدهرية فإنهم عبدوه من حيث الهوية» فقال
عليه الصلاة والسلام «لا تسبوا الدهر فإن الله هو الدهر)”©. وأما
البراهمة فإنهم يعبدون الله مطلقاً لا من حيث نبي ولا من حيث رسول»
بل يقولون إن ما في الوجود شيء إلا وهو مخلوق لله. فهم مقرون
بوحدانية الله تعالى ذ في الوجودء لكنهم ينكرون الأنبياء والرسل مطلقاً
فعبادتهم للحق نوع من عبادة الرسل قبل الإرسال»”"..
وقد بين سبحانه أن حجة الدهرية وكافة الما علة مر اريم
لوجود الخالق جملة وتفصيلا : «أوَيَالوا مَا هى إِلَّا حيَانَا الذيا نوت وَعَييَا وما
إل لدَهْرَ# [الجَائيّة: 2175 وبين تعالى أن من يقول هذا القول فلا
علم عنذه» وغاية حجة الدهري الظن الذي لا يقوم على دليل : «ووما
دَِّكَ مِنَ عِلْوِ 2 ثم إِلَّا يظُنْونَ )4 لالجائيّة: 14 والذي ليس طريقاً
ِ-
للحق أبداً : «#إنَّ أَلظَنَّ لا يعني مِنَ لَلَيّ شيعا 6 [يُونس : 5
1
)١( رواه مسلم: كتاب الألفاظ من الأدب, الباب (5؟). رقم (7747) ١095/4 من
حديث أبي هريرة ذه .
(؟) الإنسان الكامل: 80/7. '
وحدة الأديان في عقائج الصوفية 2
أيضاً فإن من أشرك مع الله كل كائن في هذا الكون من حشرات
وحؤانات وأشتجار وأحجار وغير ذلك لآ يكرت عابداً لله سحانة أبداً
فضلاً عن أن يكون في الإيمان بمنزلة الرسل المقربين» فهؤلاء البراهمة
أشد كفراً من غيرهم من المشركين وأقل عقلاً منهم إذا صوروا الله
تعالى في أحط مخلوقاته وهي الحشرات كما هو معروف عنهم.
سابعاً - موقف الجيلي من اليهود:
حينما أتى الجيلي على ديانة اليهود ؛ أكد أنهم يتعبدون الله
بتوحيده» ويؤدون الصلاة مرتبة في كل يوم». ويصومون يوم عاشوراءء
ويعتكفون يوم السبت وهو اليوم الذي استوى الله فيه على العرش"")
بعد أن أكمل الخلق في ستة أيام فهو يوم الفراغ؛ فلأجل هذا عبدالله
اليهود بهذه العبادة- الاعتكاف- وفي تخصيص السبت بالاعتكاف
إشارة إلى الاستواء الرحماني وحصوله في هذا اليوم» إلى أن قال :
«ولو أخذنا في الكلام في جميع تعبداتهم» وما فيها من الأسرار الإلهية
خشينا على كثير من الجهال أن يغتروا به فيخرجوا عن دينهم لعدم
علمهم بأسراره» فلنمسك عن إظهار أسرار تعبدات أهل الكتاب»)”".
واليهود الذين يثني عليهم الجيلي هم الذين لعنهم الله على لسان
أنبيائه» وهم الذين يصفون الله تعالى بكل نقيصة» وهم الذين قتلوا
)١( الجيلي يوافق اليهود في زمان الاستواء على العرش. وهو خلاف ما عليه
المسلمون» فقد ثبت في الحديث الصحيح عند البخاري (رقم: )"١9٠ من حديث
عمران بن حصين عن النبي يَكةِ وفيه: «كتب الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق
السماوات والأرض بخمسين ألف سنة وعرشه على الماء).
(0) ينظر الإنسان الكامل: 7/ 41.
> وحدة الأديان في عقائد الصوفية
أنبياء الله» ورموا بعضهم بكبائر الذنوب» ولم يرعوا لله حرمة أبداًء
وأشركوا معه غيره» وعبدوا الطاغوت من دون الله إلى غير ذلك من
العظائم التي اجتمعت في اليهود أكثر من غيرهم.
ثامناً - موقف الجيلي من النصارى وعقيدتهم في التثليث :
يرى الجيلي أن قرب النصارى من المسلمين يعود لأنهم نزهوا الله
في تشبيه لائق به تعالى فقالوا بوحدة وجود تجلى الحق من خلالها في
عيسى ومريم وروح القدس؛ إلا أنهم أقل درجة من الموحدين لأنهم
حصروا مظاهر الألوهية في ثلاثة فقط.
يقول الجيلي : «وأما النصارى فهم أقرب من جميع الأمم الماضية
إلى الحق تعالى» فهم دون المحمديين. وسببه : أنهم طلبوا الله تعالى»
فعبدوه في عيسى ومريم وروح القدس ثم قالوا بعدم التجزئة» ثم قالوا
بقدمه على وجوده في محدث عيسىء وكل هذا تنزيه في تشبيه لائق
بالجناب الإلهي. لكنهم لما حصروا ذلك في هؤلاء الثلاثة نزلوا عن
ورجة الموحدي ”7
كما يرى الجيلي أن قوم عيسى ضلوا من حيث المفهوم؛ لكنهم
عبدوا الله من حيث الأصالة؛ ومن حيث كونهم خلق الله تعالى؛ ولهذا
كان اعتذار عيسى لقومه للحق عز جل : «إن تمَدِيهمَ نَم عبَادك [المائدة:
لعلمه ع أن قومه لم يخرجوا من كونهم عباد الرحمن.
ويقرر الجيلي في البدء أن التثليث عند النصارى كالبسلمة عند
-.
المسلمين حيث يذكر فيها ثلاثة أسماء إلهية هى : الله والرحمن
)١( الإنسان الكامل: ؟/81.
وحدة الأديان في عقائد الصوفية
والرحيم؛ فيقابلها عند النصارى : الأب والأم والابن وهذه الثلاثة
كناية عن الذات الإلهية بزعم الجيلي.
يقول الجيلي : «وأول الإنجيل باسم الأب والأم والابن» كما أن
أول القرآن بسم الله الرحمن» فأخذ هذا الكلام قومه على ظاهره؛
فظنوا أن الأب والأم والابن عبارة عن الروح ومريم وعيسى ؛ فحينئذ
قالوا إن الله ثالث ثلاثة» ولم يعلموا أن المراد بالأب هو اسم الله
والأم كنه الذات المعبر عنها بماهية الحقائق» وبالابن الكتاب وهو
الوجود المطلق؛ لأنه فرع ونتيجة عن ماهية الكنه)”".
ثم يبين الجيلي أن عيسى #َذْ كان دوره فقط النقل فقط بحسب
علمه إلا أن قومه كانوا أكثر فهماً له لحقيقة الألوهية؛ فلم يقفوا على ما
بينه عيسى يِه لهم بل تجاوزوه إلى ما ظهر أنه شرك بالتثليث وهو عين
التوحيد المطلوب .
يقول الجيلي : «قوله: «إما قُلْتُ ل ِل مآ أمرتن4 [المائدة: ]1١17 أن
أبلغه إياهم. وهو هذا الكلام» ثم قال: «إآنٍ َبِدُوأ ْلَه رق وَرَبك»
[المّائدة: 117]؟ لينتفي ما توهموه أنه هو الرب وأمه والروح؛ وليحصل
بذلك البراءة لعيسى عند الله؛ لأنه بين لهم. فلم يقفوا على ما بين لهم
عيسى» بل ذهبوا إلى ما فهموه من كلام الله تعالى. فقول عيسى في
الجواب: «ما 3 ك إل م مركت #6 [المّائدة: ا١١] على سبيل الاعتذار
لقومهء يعني أنت المرسل لي إليهم بذلك الكلام الذي أوله بسم الأب
والأم والابن ؛ فلما بلغتهم كلامك حملوه على ما ظهر لهم من
.74/١ الإنسان الكامل: )١(
> وحدة الأديان في عقائد الصوفية
كلامكء» فلا تلمهم على ذلك ؛ لأنهم فيه على ما علموه من كلامك»
فكان شركهم عين التوحيد ؛ لأنهم فعلوا ما علموا بالإخبار الإلهي في
أنفسهم)”".
ويستدل الجيلي بصواب شرك أهل | التثليث؛ أن عيسى 42 وصفهم
بأنهم عباد الله: «إإن تَعَدْبهمٌ فَإنَهُم ادك 4 [المّائدة: 114]» وطلب لهم
المغفرة لعلمه 2 أن قومه لم يخرجوا عن عين التوحيد. ويفسر الجيلي
في نفس الآية معنى الواحد في الكثرة والكثرة في الواحد في خطاب
عيسى لله . فالله حقيقة عيسى» وعيسى عين حقيقته» ولا مغايرة؛ فالكل
واحد.
فول 0 : «اعتذر عيسى 876 لقومه بذلك الجواب للحق حيث
اله و أن ا تام دوف رق ِلهَبنِ مِن دون س4 [المائدة: 115]»
ولهذا تطرق إلى أن قال: «إوإن تَمْفرَ لَهُمَ وَإِنَكَ أت الْمِيرٌ لذكير 9 »
[المَائدة: »]1١4 ولم يقل في قوله : (وإن تعذبهم فإنك *شديد العقاب) 0
ما يشابه ذلك بل ذكر المغفرة طلباً لهم من الحدق. إناها 4 حكما -منة
بأنهم لم يخرجوا عن الحق. فكان طلب عيسى لقومه المغفرة عن علم
أنهم يستحقون ذلك ؛ لأنهم على حق في أنفسهم؛ ولو كانوا في حقيقة
الأمر على باطل» فكونهم على حق في معتقدهم هو الذي يؤول إليه
أمرهم. حيث قال بعدها : 8قَإهُمَ عِبَادْةّ» يعني كانوا يعبدونك ..؛
لأنهم على الحقيقة محقون؛ لأن الحق تعالى هو حقيقة عيسى»
أمهء وحقيقة روح القدس؛ بل حقيقة كل شيء» وهذا معنى قول عيسى
2 6 م عِبَادكَ 6 [المائدة: 500007 عيسى نلا أنهم عباد الله
.74/١ الإنسان الكامل: )١(
وحدة الأديان في عقائد الصوفية >
وناهيك بها من شهادة لهم)”" .
ثم يختم الجيلي حديثه بتفسير التثليث تفسيرا يقوم على نظريته في
وحدة الوجود؛ حيث إن الله تجلى لقوم عيسى في عيسى تا كما
مظاهره الثلاثة التي تجلى بها فعبدوه في هذه المظاهر وكانوا محقين فى
ذلك إلا أن خطأهم هو حصرهم لتجليات الله في هذه المظاهر الثلاثة
يقول الجيلي : «فكان الإنجيل عبارة عن تجليات أسماء الذات»
يعني تجليات الذات في أسمائه» ومن التجليات المذكورة تجليه فى
الواحدية التي ظهر بها على قوم عيسى في عيسى» وفي مريم وفي روح
القدسء فشهدوا الحق في كل مظهر من هذه المظاهر. وهم ولو كانوا
محقين من حيث هذا التجلى. فقد أخطأوا فيه وضلواء أما خطؤهم
ل د ا 1 ا
0 ذهبوا فيه إلى د عيسى ل وروح القدس»)) .
قَلَتَ لان عدون اق ِلْهَينِ من دون 4 [المائدة: ]١١١ -قَدّمَ 00 في
هذا التشبيه- ما يَكُوِنُ ان لل ا ل ِحَق 6 [المائدة: 5 يعلى
كيف اسن المغايرة بيني وبينك» فأقول لهم: اعبدوني من دون الله
وأنت عين حقيقتي وذاتي وأنا عين حقيقتك وذاتك» فلا مغايرة بينى
وبينك ...2 ثم قال: إن كت تم [المائدة: 0] يعني من نسبة الحقيقة
العيسوية أنها الله: «#هْمَد لمت [المائدة: 5 يعني إني لم أقله إلا
.75/١ الإنسان الكامل: )١(
./6/١ الإنسان الكامل: )(
> وحدة الأديان في عقائد الصوفية
على الجمع بين التنزيه والتشبيه وظهور الواحد في الكثرة» لكنهم ضلوا
بمفهومهم ولم يكن مفهومهم مرادي.. فأظهرت لهم الحقيقة الإلهية في
ذلك ليظهر لهم ما في أنفسهم, وما كان قولي لهم إلا أن اعبدوا الله
ربي وربكم. ولم أخصص نفسي بالحقيقية الإلهية بل أطلقت ذلك في
جميعهم. نأعلمتهم بأنه كما أنك ربي» بمعنى حقيقتي أنت ربهم.
بمعنى حقيقتهي)7"©
ولا شك في أن ما ذهب إليه الجيلي هنا تأويل باطني قرمطي فيه
تكذيب لله تعالى ولنبيه عيسى 42 ؛ فإن ما بعث عيسى 4 به هو
توحيد الله سبحانه وتعالى وعبادته وحده دون سواهء قال تعالى: «وَقَالَ
آَل م يلبى. إمَسَيه دل أَعَبْدُوا سه رق ريسم ِنَم من يُشْرِكَ أنه ففَد حَرَّم
أَنَّدُ 12 عي ال كيه ١ ١ مي بين َو مه
عبن الْجَنَدَ ومأوهُ ألتَادٌ وَمَا بيت عن أتصحار )4 [المائدة: 01].
وقوله تعالى على لسان عيسى 2 : ما قلت كم إِلّا مآ رن يو-»
[المّائدة: »]1١1/ اق ما اموت به من دعوتهم لعبادتك» فإني عبد متبع
لأمرك. وقوله تعالى: ##إن تَعَدْمُ وَنَهُم 17 [المّائدة: 118] أي أنت
أعلم بأحؤالهمٍ من أنفسهم فلولا أنهم أشركوا وبدلوا لما استحقوا
العذاب «##وإن تَعْفْرَ لَهُمَ نك أَنتَ لمر لك 42 [المّائدة: 611١4 أي :
فمغفرتك صادرة عن عزة وقدرة» وعن مقتضى حكمتك في المغفرة لمن
تاب وأتى بأسباب المغفرة» لا عن عجز وضعف وغفران لمن لا
270 ,
5
-.
.54/١ الإنسان الكامل: )١(
.1١١ 751-778ء وتفسير ابن سعدي: ص /١١ (؟) ينظر تفسير الطبري:
وحدة الأديان في عقائج الصوفية >
تاسعاً - الإسلام عند الجيلي:
ولكي يذر الرماد في العيون» يجعل الجيلي الاختلاف بين الأديان
هو في درجة الكمال لا في أصل الحقء فالحق واحدء والناس
متفاوتون في درجات الكمال» في نظره بتفاوت كمال الصورة الإلهية
التي يصورن بها الحق في عقائدهم وعباداتهم. وإذا كان في كل عقيدة
وفي كل عبادة شيء من الحقء فأكمل الأديان تلك التي أرسل بها
الرسل وأكمل هذه على الإطلاق "الإسلام". وفي ضوء هذا التفاوت
تكون درجات القرب من الله. يقول الجيلي: «المحمديون عبدوه من
حيث الإطلاق بغير تقييد بشيء من أجزاء المحدثات» فقد عبدوه من
حيث الجميع ثم تنزهت عبادتهم عن تعلقها بوجه دون وجه من باطن
وظاهرء فكان طريقهم صراط الله إلى ذاته» فلهذا فازوا بدرجة القرب
من أول قدم؛ بخلاف من عبده من حيث الجهة وقيده بمظهر كالطبائع
أو الكواكب أو كالوثن أو غيرهم» فإنهم المشار بإليهم بقوله: لووْلَكَ
ينادوس من مَكَانِ بَعِيدٍ 469 [نُصَلّت: 4 لأنهم لا يرجعون إليه من
حيث ذلك المظهر الذي عبدوه من حيث هو ولا يظهر عليهم في غيره؛
وذلك عين البعد الذي نودوا إليه من حيث هوء وبعد الوصول إلى
المنزل يتحد من نودي من قريب ومن نودي من بعيد فافهم»”'".
والاستثناء الوحيد للإسلام من بين الأديان عند الجيلي هو أنه أمر
بعبادة الله عبادة مطلقة من غير تقييد له تعالى في مظهر واحد من
مظاهره وتجلياته بعكس غيرهم من الأمم الذين عبدوا الله تعالى في
مظهر واحد أو في مظاهر محددة. يقول الجيلي: «وقد اهتدى ورثة علم
79/7 الإنسان الكامل: )١(
> وحدة الأديان في عقائج الصوفية
محمد إلى أن المراد بآدم كل فرد من أفراد النوع الإنساني» وشهدوا
الحق في جميع أجزاء الوصو" .
ويأخذ معنى كلمة التوحيد عند الجيلي معنى وجودياً يقوم على
أساس أن كل ما يعبد في هذا الوجود هو في الحقيقة عبادة لله. فالله -
تعالى عمًا يقول الجيلي- هو الظاهر في جميع المعبودات سواء كانت
أصناماً أو كواكب أو أشخاصاً تصرف لهم العبادة. فهؤلاء كلهم لهم
حكم الألوهية حقيقة لا مجازاً ؛ لأن هذه الذوات وكل الذوات هي
ذات الله تعالى.
يقول الجيلي مفسراً لا إله إلا الله: «يعني الإلهية المعبودة ليست
إلا أناء فأنا الظاهر في تلك الأوثان» والأفلاك والطبائع» وفي كل ما
يعبده أهل كل ملة ونحلة فما تلك الآلهة كلها إلا أنا ؛ ولهذا أثبت لهم
لفظ الآلهة» وتسميته لهم بهذا اللفظ من جهة ما هم عليه في الحقيقة
تشعية خققية: لا نتجازية :. 'لآنرالضق سالن عنف الأسباء لكنه إننا
أراد الحق أن يبين لهم أن تلك الآلهة مظاهرء وأن حكم الألوهية فيهم
حقيقة» وانهتمما عيدو فى اجميع ذلك إلا هو فقال: لا إله إلا أنا؛
أي: ما : ثمّ من يُطلق عليه اسم الإله إلا وهو أناء فما في العالم من
يعبد غيري.. لا إله إلا أنا؛ أي ما ثم إلا أناء وكل ما أطلقوا عليه
اسم الإله؛ فهو أنا»”".
بهذا المنطق الهدام يسعى الجيلي لتمييع القضايا الاعتقادية» وهدم
الأديان. وبناء دين عالمي أساسه تساوي الناس ف في الحق بزعمه. وركنه
)١( الإنسان الكامل: ”/ هل.
(؟) الإنسان الكامل: .09/١
وحدة الأديان في عقائد الصوفية
شهادة القلوب أن الخير في ذلك الأمر الذي اعتقده المعتقد» ومستئلده
حسن النية عند جميع الناس فيما يعتقدون. وثمرته أن: «الكفر سر
الإيمان»0"©.
-٠ أبو سعيد بن أبي الخير:
يرى أبو سعيد أن الخلاف بين الأديان يعود إلى الاختلاف بين
البشر في صفاتهم الإنسانية فقطء وهي أمور لا تؤثر على اجتماعهم
على هدف واحد هو الإيمان بإله واحد لجميع الأديان يسع الجميع
عبادته وإن اختلفوا ظاهراً.
يقول أبو سعيد: «كل الأديان السماوية تعترف أن المعبود إله واحد
لا شريك له. وهو الهدف الأعلى الواجب الوجود. فهو الأحد من
جميع الوجوه. ومن مختلف وجهات النظر.. فالثنائية والتعددية
مستحيلة لله تعالى. فمهما كان المسافرون كثيرين» وطرائقهم عديدة
للوصول إلى معرفة الله سبحانه؛ فإن الفروق والاتحتلافات بينهم ستضيق
وتتضاءل حتى تتلاشى نهاتياً؛ لأن الهدف لهم جميعاً واحد؛ فالتعددية
تؤول بالضرورة إلى الوحدة» لدى وصولهم إلى معرفة الهدف المشترك
المنشود جلا وعلا. إن الخلافات بينهم ناتجة عن صفاتهم الإنسانية
المتمايزة. وخلال الرحلة تحصل تغيرات على كل المسافرين وتبدل
حالهم من حال. ولكن حالما يصلون إلى الهدف المشترك» الذي يبحث
عنه ويرغبه كل منهم. لد تلبث الفروق في الرؤية أن تزول» وتصبح
الوحدة بديلاً للاختلاف, والكل واحد والواحد هو الكل)”".
)١( لوامع البرق الموهن: ق ه أ.
0 5 وحدة الأديان في عقائد الصوفية
وقول أبي سعيد إن الاختلافات بين الأديان ناتجة عن صفاتهم
الإنسانية» قول يناقض العقل؛ إذ كيف يمكن تفسير اجتماع الناس
بمختلف أجناسهم» وتباين صفاتهم على دين الإسلام مثلاء» والذي
نجده في أقصى الشرق ؛ كما نجده في أقصى الغرب. فاختلاف الناس
تت صفاتهم لا يلزم منه تعداد أديانهم وكثرة معتقداتهم. أيضا فإن
اختلاف الأجناس وتبيان الصفات فيه حكمة لله تعالى» هي التعارف
ْ 0 قال تعالى: «يكا ألنَآسُ إِنَا َلَقَسَرُ ين دك وَأنَقٌّ
11 شم ربكل انر ف امسج دده ارمع انك فلم وكين
اختللاف الجنيق مانعا عن قبول الحق. ولذا قال تبارك وتعالى بعد
ذلك: «إنَّ أكرم5ٌ عِنْدَ أله »4 [الحُجرّات: *1]» كما أن اختلاف
الجنس وتباين الصفات بين البشر ليس سببأ يحول دون الإيمان بالله
تعالى وبرسوله كَِةِ وبالإسلام الذي جاء بهء ولهذا قال رسول الله كَل
(أعقطدف ينا لم يعطهن أحد قبلي. ..» الحديث» وفيه: «بعثت إلى
كل موسرو .
4- فريد الدين العطار:
يستهل العطار دعوته لوحدة الأديان من خلال إيمانه بوحدة
الوجود؛ فالجميع هو اللهء ولا وجود إلا لله وحده ؛ والأشياء لا وجود
لها طلقا : :
يقول العطار: «الجميع هو الله.» والعرش والعالم لا يزيدان عن
مجرد طلسمء والوجود لله وحده. وليس لهذه الأشياء جمعيا إلا
)١( رواه البخاري: كتاب التيمم» الباب الأول» رقم (7”5). ومسلم كتاب المساجد
ومواضع الصلاة» رقم )67١( ١/٠ل/ا” من حديث جابر بن عبدالله يا
وحدة الأديان في عقائد الصوفية >
الاسمء ولتمعن النظرء فما هذا العالم أو ذاك إلا الله وحدء ولا
وجود إلا له وإن كان هناك موجود فهو الموجود ا
ويدعو العطار إلى أن يكون الإيمان بوحدة الوجود هو قبلة كل
فرد؛ حتى يجتمع الناس على عبادة إله مطلق لا يتصف بوصف غير
الوجود. فلا وجود للكعبة ولا للدير ولا للصوامع .. ويتحد الجميع في
قبلة واحدة ودين واحد.
فيقول: «ولتمض في طريق الوحدانية متجنباً الثنائية» وليكن لك
قلب واحدء وقبلة واحدة» وطريق واحد”". ويقول العطار: «ليس في
عين الإنسان إلا شيء واحدء حيث لا وجود هنا للكعبة والدير»””.
ومقصد العطار في نفي الكعبة والتي تمثل الإسلام» والدير» والذي
يمثل النصارى؛ هو نفي الفروق بين الأديان ؛ فلا فرق بين الإسلام
وبين النصرانية ؛ وللإنسان الحرية التامة في عبادة الله على أي دين
شاءء وهو ما أكده بقوله : (إذا لم توجد الكعبة الدير موجود»0".
ومن ثم يؤكد أنه لا اعتبار للفروق بين الأديان» ولا فرق بين الكفر
والدين» بل المؤمن الحقيقي هو من يتسع قلبه للكل : «الكفر للكافر
والدين للمتدين» أما قلب العطار فله آفانين الآمك»©.
)١( منطق الطير: ص”57١. والطلسم كلمة أعجمية يستعلمها العرب بمعنى الخفاء
والتكتم. ينظر المعجم الصوفي» د. سعاد الحكيم : ص ه*”الا.
(0) منطق الطير: ص .١55
(*) المصدر السابق: ص 84".
(4) المصدر السابق: ص 555.
(6) المصدر السابق: ص .١685
> محدة الأديان في عقائد الصوفية
ااا صو سس صم ممتج د مارب بصت ووو بس ناو 57ج ا ا ا كط يت 111777 1 ا
ويقول العطار : «عليك أن تتقدم متخلياً عن الكل» وإن لم يبق لك
علم شيء فواجبك أن يتطهر قلبك من الصفات» ل
الحضرة نور الذات.. في اندفاعك لمعرفة السرء وإن يجتمع الكفر
والإيمان أمامك فستقبل كليهما حتى يفتح الباب» م يفتح لك
الباب يتساوى الكفر والدين» حيث لن يبقى هذا ولا ذاك»2©0.
والإسلام والكفر لا يتساويان أبداً ولا يجتمعان» قال تعالى: #آر
تحَمَلُ الَِنَ َامَنُأْ وهلا ألصَِّحَتٍ كَلْمْنِييِنَ فى الأَضٍ أ يَمَلُ الْممَقِينَ
كلمب لجار 49 امن : +1] وقال تعالى: كما اِنَ كَمرُوا دلْمَيْهُمْ عَذَبًا مكييدا
ف الذ فا والكفدة وما لور قد ين كَمِرِنَ (©) 08 اريت اموا ارا
ا تَيوَفيهِمَ 0 وك َّ 0 لَيِنَ 460 آل عمرَان: 5ه-لاه], ولو
كان الإسلام والكفر بمنزلة واحدة عند الله ؛ ما كان هناك حاجة لإرسال
الرسل» وإنزال الكتبء والأمر بقتال المشركين. وما انقسم الناس إلى
سعداء وأشقياء» وأهل جنة وأهل نار. 9
4- عمر بن الفارض :
النزعة إلى وحدة الأديان ظاهرة في شعر ابن الفارض» خصوصاً
في اثائيعه الكبرع:: كما تيدو نزعة الثالية الذاتى باز ة كن 7
وشواهدها كثيرة. وكلتا هاتين النزعتين من إفرازات وحدة الوجود عند
ابن الفارضء والذي يهمنا هنا هو الدعوة إلى وحدة الأديان.
ومن مبدأ مذهبه الوجودي يرى ابن الفارض أن الكل واحد» وأن
.8884 منطق الطير: ص )١(
.)53075 (؟) ينظر التائية الكبرى الموسومة بنظم السلوك (البيتان: 457-458: ص
وحدة الأديان في عقائد الصوفية
-4
الخالق عين المخلوق والعكس صحيح؛ كما أن كل عبادة يؤديها إنما
يؤديها في الحقيقة لذاته هو لأن العين واحدة» كما أن كل عابد يصلى
فإن صلاته صحيحة لأن المرجع إلى ذاته والتي هي عين الرب» يقول
لها صَلواتي بالمقام أَقِيمُها
كلانا مُصَلَّ واحدٌ ساجدٌ إلى
بما ثَمّ من نْسْك وحج وعد
وأشهدٌ فيها أنها لي صَلَّتِ
حقيقته بالجمع"'' في كل سجدة
صلاتي لغيري في أداء كَل ركعة”")
وفى الأبيات التالية يعبر ابن الفارض عن وحدة الأديان» وأنها
طرق لغاية واحدة بلسان الجمع موضحاً اتفاقها كلها مهما اختلفت
مظاهرها :
فبي مجلس الأذكار سمع مطالع
وما عقد الرثَار حكهنا سوى يدي
وإن نار بالتنزيل محرابٌ مسجدٍ
وأسفارٌ توراةٍ الكليم لقومهٍ
وإن خرٌ للأحجار في البّذٌ عاكث
فقاد. عبد الدينارٌ معدئ مسرة
وقد بلمٌ الإنذار عنيّ من يعي
وما زاغت الأبصار من كل ملةٍ
ولي ان ؛ الخمار عبن طليعة
وأن حل بالإقرار بي فهي حَلَّتٍ
فما بار بالإنجيل هيكل بيعةٍ
يُتَاجي بها الأحبارٌ في كل ليلة
فلا تعد للإنكار بالعصبية
عن العار بالإشراك في الوثنية
وقامت بي الأعذارٌ في كل فرقة
ولا راغت الأفكارٌ من كل نحلة
)١( الجمع عند الصوفية هو " شهود الحق ' أي الله بلا خلق. ينظر: لطائف الإعلام»
."97/١ للقاشانى:
(؟) ديوان ابن الفارضء التائية الكبرى الأبيات: 2١05-١86١ ص 710.
وحدة الأديان في عقائد الصوفية
وما احتار من للشمس عن غِرَّةٍ صب وإشراقها من نور إسفارٍ عُرَّتي
وإن عبدٌ النارّ المجوسٌ ومن انطفت كما جاء في الأخبار في ألف حِجة!")
فما قصدوا غيري وإن كان قصدّمُم سواي وإن لم يُظهروا عقدٌ نية”"
هذه الأبيات من تائية ابن الفارض» تبين لنا أن الأديان المتباينة
إنما تنطوي كلها على جوهر واحدء وتعبر كلها عن حقيقة واحدة كما
أن من لا دين له هو على درجة واحدة مع المتدذينء. :وكما أن"النساجد
تفتوريثلاوةالقران فما بارت الهياكل والبيع- وهي أماكن عبادة اليهود
والنصارى- بقراءة الإنجيل والتوراة» ولئن عبد الوثني الأحجار
والأصنام من حيث الصورة؛ فلقد عبد الدينار من عبده من حيث
المعنى وهو يشير هنا لحديث النبي وَةِ: «تعس عبد الدينار تعس
عبدالدرهي»”*. وكذلك فإن من عبد الشمس والئنار فكل عابد من كل
ملة؛ لم يقصدوا ولم يعبدوا إلا الله حيث توهموا نوره نار فضلوا عن
الهدى في عين الهدئ”". ٠:
وعبودية الدينار التي وردت في الحديث ليس معناها: الإشراك مع
الله في عبادته» والوقوع في الشرك الأكبر كما زعم ابن الفارض. ليثبت
.097/١19 صبا: مال. ينظر: تاج العروس» مادة " صبو" )١(
0( يقصد أن نار المجوس ظلت تشتعل ألف عام خمدت ليلة مولد النبي كله رواه
الطبري في تاريخه )١1517/1( وأبو نعيم في دلائل النبوة: 2194/١ والبيهقي في
ل وقال المحقق: «هذا حديث ليس بصحيح)».
() ديوان ابن الفارضء التائية الكبرى الأبيات: ١#/ا-51لاء ص 017 8*4
(5) الحديث سبق تخريجه: ص .5١"
() ينظر كشف الوجوه الغر: 17-770/7؟7. وشرح تائية ابن الفارض لقيصري:
ص 770-7179
محدة الأديان في عقائد الصوفية
مذهبه في الوحدة وأن الدينار هو صورة من صور الله المتعددة -تعالى
الله عن قول ابن الفارض علواً كبيراً -وإنما المراد بالحديث : أن من
انغمس وحرص على جمع الدينار أشد الحرص وقام على حفظه لغير
حاجته ودون أن ينفق منه في الأوجه المشروعة والمباحة» فقد أصبح عبدا
لهذا الدينار. وخص العبد بالذكر ليؤذن بانغماسه في محبة الدينا
وشهواتهاء كالأسير الذي لا يجد خلاصاً ولم يقل جامع الدينار ولا مالك
الدينار؟ لأن المذوم من الملك والجمع الزيادة على قدر التعايتو 0
وهذه الأديان عند ابن الفارض هى كالمرايا المتقابلة كل واحدة
متها تسكن ما فى الأخرى :ولا تتفي أو تنطل غيرها امن الآدياناء قينا
دامت الغاية ا فلا يجوز الطفية في أي فون 'سماويا كان أز
وضعياً أو تفضيل دين على دين آخر مهما كان الاختلاف» ولا يكون
الحكم على الأديان من باب اختلاف مظاهرهاء وطرق العبادة والشعائر
التي تتعبد بهاء فإن هذا لا يطعن في أن عور هذه الأديان واحد»ء
وإثبات اتفاقها في الجوهر برغم ما بينها من تباين في التفاصيل» إنما
هو ثمرة مبدأ الوحدة الذي يقضي بنفي الكثرة ة والتعدد. وقد نظر ابن
الفارض إلى الأديان الأخرى على قدم المساواة مع الإسلام» فهذه
الأديان مهما خالفت الإسلام هي عند ابن الفارض ليست أقل من عبادة
الله الواحد الأحد كما جاء به الإسلام.
1- عبدالحق بن سبعين'!":
سبق معنا بيان مفهوم الوحدة المطلقة التي يدعو إليها ابن سبعين.
000( ينظر فتح الباري: ١1/ةه؟.
32( ل ا 0 0 أبو
وحدة الأديان في عقائد الصوفية
وهنا نتبين موقفه من الأديان من خلال إيمانه بالوحدة المطلقة.
أولاً- حقيقة الإله في الوحدة المطلقة عند ابن سبعين :
يذكر أن ابن سبعين كان في آخر حياته يرغب في الذهاب إلى الهند
وقال إن أرض الإسلام لا تسعهء لأن أهل الهند مشركون» يعبدون كل
شيء حتى النبات والحيوان"''. وعلة ذلك عند ابن سبعين هي أن الله
«واجب الوجود موجود مع الأشياء (كلها) ومقوم لوجودها على حالة
واحدة)”". كما أن الحق تعالى كما يزعم ابن سبعين هو: «عين كل
ظاهر فحق له أن يتسمى بالظاهرء وهو معنى كل معنى فحق له أن
يتسمن: بالباة 706
ولأن ابن سبعين يثبت وجوداً واحداً جامعاً لكل شيء؛ وهو الله
فالذوات كلها هي ذات ذلك الوجود المطلق فلا أثنينية مطلقاً يقول ابن
سبعين : «ومما ظهر لي في الوجودء أن الذوات كلها ذات ذلك
الوجود..؛ والوجود في كل موجود هو الحق فيه» وقولك الجسم
بوحدة الوجود. برع في علوم الفلسفة» وأصول الدين على طريقة الأشاعرة ثم
انتحل التصوف على طريقة الاتحادية. أخذ مذهبه عن اتباع ابن أحلى» وابن المرأة
من أهل مرسية؛ وهم يقولون بوحدة الوجودء ويحللون الخمرء وجواز نكاح أكثر
من أربع» وأن المكلف إذا بلغ درجة العلماء عندهم سقطت عنه التكاليف؛ كما
أنهم يتعاطون السحرء كما أخذ عن أبي إسحق بن دهاق. وبرع في طريقة الشوذية.
نفي من المغرب بعد ادعائه النبوة» ومكث بمصر فترة ثم استقر بمكة» وتحنث مدة
في غار حراء ينتظر الوحي توفي في مكة سنة (579ه) يقال أنه انتحر. ينظر
الإحاطة فى أخبار غرناطة: ا والعقد الثمين» للفاسي: 8777/0.
(41 مجموغة الريتائل بوالمسيائل لابين نميه :-:141/1 وما ينها .
() الرسالة الرضوانية (ضمن رسائل ابن سبعين): ص "4*.
(*) رسالة الألواح (ضمن رسائل ابن سبعين): ص .١15١٠
وحدة الأديان في عقائد الصوفية
عنه» فالبعق اق الخلد هو الأمر ال و اد وتلك العوالم
هي أمور 07 ولذلك يقول الحق: #وَلِلَ لَه ع الأثرد 3)» اال
عِمرّان: و١قع)(١
وان متتعين “في فوله بالوحدة المطلقة؟ لا يفرق بتاتاً بين الحق
والخلق» ومن ظن خلاف ذلك فهو واهم أشد الوهم عند ابن سبعين ؛
ومن ثم فإن كل شيء في الوجود هو صورة الله حقيقة ويدخل في هذا
الإطلاق كل المعبودات التي تعبد من دون الله» كما أن المتناقضات
داخلة في هذا المفهوم النقل:” العية ليله فيه نعي :ا لملةفنة او الع
فالله عند ابن سبعين هو الجامع لكل شيء في نفسه» والحاوي لكل
وجود ظاهر وباطن «وهو الذي صورة كل شيء وغايته»ء ومقدم
الوجودء وضرورته التي لا انفكاك له عنهاء وهو البدّ اللازم الذي يلزم
لكل ري
يقول ابن سبعين : «الحق هو صورة كل شيء موجود وغايته» أعني
أنه لا 'حقيقة لشيء إلا بالحق ولا وجود إلا منهء والوجود الحق واحد
والعالم وما فيهء أعني الروحاني والجسماني لا حقيقة له إلا يما يسرى
له منه فالفعل في العالم على الإطلاق لهء والكلي والجزئي لهء
والانفعال والهيئات له. وبالجملة الجواهر الجسمانية والجواهر
الروحانية والأعراض الجسمانية» والأعراض الروحانية ملكه وفعله.
(1). .رسالة خطاب الله بلساث تورف من وستائل ابخ سبعين: .صن 175
(؟) رسالة الألواح (ضمن رسائل ابن سبعين) ص .١9١
() بد العارف: ص .77١5
وحدة الأديان في عقائد الصوفية
اس سسسسسسسس ا اك
وهو لكل موجود صورة مقومة له؛ والوجود إلى سواه معه بمنزلة الكلام
من المتكلم متى قطعه انقطع ومتى تكلم به وُجد)0".
يفا فإن نظرة ابن سبعين للأديان والشرائع تنبع من نظريته في
الوحدة المطلقة» وأساسها قوله بالإحاطة. وهذه الإحاطة يقرب ابن
سبعين حقيقتها بمثال» هو أن: «(الإحاطة شبه مغناطيس» والموجودات
كالحديد. والنسبة الجامعة بينها هوية الوجودء والذي فرق بينهما هو
وهم الوجوروة" .
ولا شك فى أن وحدة الأديان ظاهرة عند ابن سبعين من خلال
يقن الأساطة بروذللك :من الجرانبة النال2 +
الجائب الأول - من خلال معنى الاحاطة عند ابن سبعين :
أن مفهوم الإحاطة عند ابن سبعين هي التي يدخل فيها كل
موجود فهي تحيط به» وأن ما يمكن تصوره وهما أنه خارج عنهاء فهو
ممنوع ومعدوم. إلا أنها ليست كالمكان ولا توجد في مكان, ولا
يحيط بها زمان ولا تعدد فيها ولا إضافة ولا إخبار» وهي الذاكر
والذكر:والمدف 9 يني الكل تمعتن واحيد ليس ل791 :فهادة
الإحاطة هي الوجود الكلي وما يحتويه من موجودات متباينة المراتب»
ومختلفة النسب. ومتناقضة الحقائق» فذلك كله موجود داخل الإحاطة
لأن الخارج عنها لا وجود له على الإطلاق بل هو الوهم بعينه
0( كتاب الإحاطة» ضمن رسائل ابن سبعين: ص .١15060
() ينظر كتاب الإحاطة» ضمن رسائل أبن سبعين: ص .١76
وحدة الأديان في عقائد الصوفية
د كد
«الإحاطة لا يشذ عنها شيء» ولا يفوتها شيءء ولا تحمل على شيء؛
لأنها حصرت الأشياء» ولا تحمل على شيء .. وذكر الأشياء وهم من
الأوهام)”".
الجانب الثاني - أن الإحاطة هي الك في الحقيقة عند ابن سبعين:
الإحاطة عند ابن سبعين هي آنية الآنيات» وهوية الهويات» وماهية
الماهيات» وكل ذلك قل أو كثر معنى واحدء وذلك المعنى هوا
تعالى عن ذلك '".
يقول ابن سبعين : «انظر إلى الإحاطة وتأمل فيهاء وحرر القول
فيها ..» وأن قولك الحق والوجود والشيء والأمر والذات وما أشبه
ذلك من الأسماء المترادفة مع الإحاطة» وقد يقال معها بتواطؤء بل
هى الكل» وإن صح أن يقال كل الكل» والعموم والخصوص والفرد
لاوج العدد لماو فم غير لك من نيت هي ال ويقول
يض" «الله فقط! الله في كل شيء بكله؛ وليسى في الكل والبعض»
وهو شيء فيه ما ليس بشيء وما هو بشيء معأ فعين ما ترى ذات لا
تُرَىء 'وذات لا ترى عين ما ترى)”*".
ويبين ابن سبعين حقيقة قوله بصورة أكثر وضوحاًء ويصرح أن
العبد الهالك عين الرب المالك» وأنه لا فرق في الحقيقة بين الرب
والعبد والوهم والحق؛ فهي دغر قات الحفتى يواد «قل رب مالك»
.١157 كتاب الإحاطة: ص )١(
.١59 (؟) كتاب الإحاطة: ص
.١175 كتاب الإحاطة: ص )(
.١195 رسالة الألواح (ضمن رسائل ابن سبعين): ص )5(
وحدة الأديان في عقائد الصوفية
لا سس الاك
وعبد هالك» ووهم حالك. وحق سالك» وأنتم ذلك)20, فالحقيقة
الوجودية التى :هن الفحاطة تح جائعة الذلك كلد وإلبها يكير بقوله»
وأنتم ذلك». يعنى : أنتم مجموع الرب والعبد والحق والوهم.
وقال في وصيته لتلاميذه : «(إن في كل شيء طبرا مود مرا حمد
فى الجمادات» وظهر فى النبات» وتحرك فى الحيوان» وأعلن فى
الإنسانة"" فيو لاف النناء ماءة وف النان :نار ون الى حل
وفي المرٌ مر»”".
الجائب الثالث - الإحاطة شاملة كلّ المتناقضات:
إن الإحاطة التي يحدثنا عنها ابن سبعين تتصف باحتوائها كل
المتناقضات والمتضادات الوجودية» فلا موجود من الموجودات يمكن
الموجودات أبداً «فحي بن يقظان فيهاء والجاهل من الناس» بل
الحيوان والنبات» والمعدن كالشيء الواحد)»”)ء' وقد «اختلط فى
الإحاطة الزوج مع الفرد. واتحد فيه النجو مع الورد. واتفق فيه السفر
مع الفرد. 'وبالجملة السبت هو يوم الأحد. والموحٌد هو عين الأحد.
ويوم الفرض هو يوم العرض» والذاهمب من الزمان هوالحاضرهء
والأول في العيان هو الآخرء والباطن في الجنان هو الظاهرء والمؤمن
في الجنان هو الكافرء والفقير هو الغني» وهذه وحدات حكمية لا
١ .147” كتاب الإحاطة. ضمن رسائل ابن سبعين: ص )١(
."١6 وصية ابن سبعين لأصحابهء ضمن رسائل ابن سبعين: ص )0(
.197 رسالة الألواح (ضمن رسائل ابن سبعين): ص )*(
(54) كتاب الإحاطة» ضمن رسائل ابن سبعين: ص 15.
وحدة الأديان في عقائد الصوفية
سس ا لبا
0 50
أخداك وي :
وابن سبعين من أكثر الصوفية في التلاعب بالألفاظ”" إلى درجة
تصل حد الهذيان» وقد وصف ابن دقيق العيد كلام ابن سبعين بأنه
الكلام الذي تعقل مفرداته ولا تعقل مركباته"". ومنها قوله بالإحاطة
التي لا يقبلها عقل سليم» فضلاً أن يكون لها وجه شرعي تستند إليه»
والله سبحانه وتعالى محيط بكل شيء؛ ولكن ليس بالمعنى الذي يريده
ابن سبعين أنه تعالى يحوي الأشياء كما زعم ابن سبعين ؛ بل هو
سبحانه محيط بالأشياء إحاطة عامة» فهي كلها تحت قدرتهء لا يمكن
شيعا منها الخروج عن إرادته فيه» ولا يمتنع عليه منها شيءء وهو
تعالى الذي أحاط بكل شيء قلي وأحضئ كل شيء عدداًء وهذه
العقة تقد مال علمه ستحانة وقدرتةة (وانضفاء الخفلة والعيعد عن .
وهذا الاسم متضمن لأسمائه تعالى: العليم والقديرء والسميعء
والبصيرء والرقيب وغيرها من أسمائه تعالى الحسنى. والصفة المشتقة
من اسمه سبحانه "المحيط" هي الإحاطة. وفي القرآن الكريم نصوص
كثيرة تغبت هذا الاسم له تعالى منها قوله تعالى: #إواللهُ ين وَتَأيهم
بط )4 [البُرْوج: 01٠١ وقوله جل وعلا: «إركات أنه يكل ته
فد لم
«
> حي ور 35 0 ره ا من حم لوالا ا
حبطًا 40 النماء: 0115 وقوله: «ألاً إِنَهُمَ في مِرَيَةَ ين لِمَاءِ رَيْهِمٌ ألا
.١417 كتاب الإحاطة» ضمن رسائل ابن سبعين: ص )١(
(؟) كما هو ملاحظ فيما سبق إيراده من نصوصهء وكما هو أسلوبه في أغلب رسائله»
وكتابه بد العارف.
(0) ينظر الوافى بالوفيات: .50/1١4
(5) ينظر: تفسير الطبري: 5/78 وشأن الدعاء» للخطابي: ص ؟١٠. والمنهاج في
شعب الإيمان للحليمي: ١198-01.ء وتفسير القرآن» للسمعاني: .04/١
محدة الأديان في عقائد الصوفية
كدر سس سه سس اس ال 19د
ِنَم يكل سَىْءٍ يخبط 40 [فُصَلَت: 54]» وغيرها من الآيات.
وليس المراد من إحاطته بخلقه أنه كالفلك». وأن المخلوقات داخل
ذاته المقدسة» تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً» وإنما المراد: «إحاطة
عظمة وسعة وعلم وقدرة» وأنها بالنسبة إلى عظمته كالخردلة» كما روى
ابن عباس وكا أنه قال: «ما السماوات السبع» والأرضون السبع وما
فيهن وما بينهن في يد الرحمن, إلا كخردلة في يد أحدكم)”"'. ومن
المعلوم ولله المثل الأعلى أن الواحد منا إذا كان عنده خردلة» إن شاء
قبضها وأحاطت قبضة بها. وإن شاء جعلها تحته» وهو في الحالين
مباين لهاء عالٍ عليها فوقها من جميع الوجوهء فكيف بالعظيم الذي لا
يحيط بعظمته وصف واصف,. فلو شاء لقبض السموات والأرض
اليوم. وفعل بها كما يفعل يوم القيامة» فإنه لا يتجدد له إذ ذاك قدرة
بول غلته الن1".
وقد نقلت عظائم عن ابن سبعين منها قوله: «لقد تحجر ابن آمنة
حين قال لا نبي بعدي»””"». ونقل ابن القيم أن ابن سبعين وصف
الطائفين حول البيت بأنهم خُمُرٌ المدار ©
وهذه الأقوال ليست بمستغربة أبداً عن هؤلاء الغلاة؛ الذين يرون
أن الإسلام مثله مثل غيره. وللعبد أن يختار ما تميل إليه نفسه من
الأديان؛ فهي عبارة عن روافد تصب في بحر الوحدة.
)١( رواهابن جرير في تفسيره )١7/75( عن أبي الجوزاء عن ابن عباس به. وإسناده حسن.
كما ذكر محمد الحمودي في تحقيقه لشرح العقيدة الطحاوية» ص 578. الحاشية.
() شرح العقيدة الطحاوية» لابن أبي العز الحنفي» ص 54/ا".
(9) الوافى بالوفيات: .5١/١84 7
.148/١ المدارج: )4(
وحدة الأديان في عقائد الصوفية
يي ذا كه
يقول شيخ لإسلام ابن تيمية: «وهؤلاء المتفلسفة ومتصوفوهم كابن
سبعين وأتباعه يجوزون أن يكون الرجل يهودياً أو نصرانياً أو مشركاً يعبد
الأوثان. فليس الإسلام عندهم واجباًء ولا التهود والتنصر والشرك
محرماًء لكن قد يرجحون شريعة الإسلام على غيرها. وإذا جاء المريد
إلى شيخ من شيوخهم, وقال أريد أن أسلك على يديك. يقول له:
“على دين المسلمين»ء أو اليهودء أو النصارى؟ فإذا قال له المريد :
"اليهود والنصارى أما هم كفار؟ " يقول: ' لاء ولكن المسلمين خير
منهم ". وهذا من جنس جهال التتر أول ما أسلموا. فإن الإسلام عندهم
خير من غيره» وإن كان غيره جائرا لا يوالون عليه ويعادون عليه. وهذا
أيضاً أكثر اعتقاد علماء النصارىء. وكثير من اليهودء يرون دين المسلمين
واليهود والنصارى بمنزلة المذاهب في دين المسلمين» فيجوز للرجل
عندهم أن ينتقل من هذه الملة إلى تلك؛ إما لرجحانها عنده في الدين»
وإما لمصلحة دنياه» كما ينتقل الإنسان من مذهب بعض أئمة المسلمين
إلى مذهب إمام آخرء كما ينتقل من مذهب مالك إلى الشافعي» ومن
مذهب أبي حنيفة إلى مذهب أحمدء ونحو ذلك)”'".
-٠ العفيف التلمساني:
يقول التلمساني متحدثاً بلسان القوم» وداعياً لوحدة الاعتقاد بين
الأديان: «أهل مقام التحقيق الذي هو فوق كل مقام أثبتوا صحة ما
قالته كل طائفة من جميع الطوائف ولا لهم خلف مع موافق منهم ولا
مخالف. قال الشيخ محبي الدين ضلأئه :
عقد الخلائق في الإله عقائدا وأنا اعتقدت جميع ما عقدوه
.7817-787 الرد على المنطقيين: )١(
١ 52 وحدة الأديان في عقائد الصوفية
وأما أنهم كيف توافقوا مع كل طائفة» فذلك معلوم وهو أن كل
طور من أطوار المخالفين فهو ظهور من ظهورات الحق تعالى عندهم
فيشبتونه2376.
6- أبو الحسن الششتري:
ويبدو الششتري أكثر وضوحاً من شيخه ابن سبعين في إطلاق ربه
على كل معبودء وتجليه في كل عابد» بل لم ينزه ربه» فجعل تجليه في
كل شيء» ومختلطاً في كل شيء:
يقول الششتري :
محبوبي قد عَم الوجود
وفي نصارى وفي يهود
وقد ظهر في بيض وسود
وفي الحروف وفي النقط
وفى النبات وفى الجماد
وفي البياض وفي السواد
وليس في هذاغلط أفهمنى قط افهمنى قط
فى كل شىء قد اختلط افهمنى قط افهمنى 0
ويقول : «عرفته طول الزمان». ظهر لي في كل أوان» وفي المياه
والوديان» وفي الطلوع وفي الهبوط» افهمني قط افهمني قط)"".
تنزه الله وتقدس وتعالى عما يقوله هذا الجاحد علواً كبيراً. ونحن
نفهم أن ما يقوله الششتري هو الإلحاد والكفر بعينه» ونفهم ونعلم يقيئاً
وفي القلم وفي المداد
.أ٠١ شرح الأسماء الحسنى» للتلمساني (مخطوط): ق )١(
.١77/ (؟) ديوان الششتري: ص
.50 وينظر إيقاظ الهمم المحمدية: ص .١128 ديوان الششتري: ص )9(
وحدة الأديان في عقائد الصوفية 2
أن الله تعالى فوق سماواته بائن عن خلقهء كما قال تعالى: وهو
لْقَاهِر هَوْقَ عِبَادِئ» [الأنعام: 14]» وقال تعالى: م«#يَافُونَ ريهُم مّن فهر #
[التحل: »]0٠ ومن ذلك حديث الجارية» وفيه: قال لها رسول الله كَل
«أين الله؟» قالت: في السماء. قال : «من أنا ؟» قالت: أنت رسول
الله. قال : «اعتقها فإنها مؤمنة"''. وروى البخاري عن أم المؤمنين
زينب وِقيْنَا : أنها كانت تفخر على أزواج النبي ككل وتقول : «زوجكن
أهاليكن» وزوجني الله من فوق سبع ا
9- جلال الدين الرومي7":
يقول جلال الدين الرومي : ما دام الله - جل شأنه - لا تدركه
الأبصارء فهم نواب الحق أولئك الرسل. لاء لقد أخطأت, فإن ظننت
أنهما اثنان النائب ومن أنابه يكون أمرأ قبيحأ وليس طيبا. لا. إنهما
اثنان ما دمت عابداً للصورة» وهما أمام من نجا من الصورة واحد.
)١( أخرجه مسلم: كتاب المساجد ومواضع الصلاة 5 باب تحريم الكلام في
الصلاة» رقم (6890) ."81/١ من حديث معاوية بن الحكم السلمي ذه .
(؟) رواه البخاري: كتاب التوحيد (77) باب وكان عرشه على الماء» رقم )/57١( من
حديث أنس بن مالك ونه .
(0) محمد بن محمد بن الحسين بن أحمد البلخي القونوي الرومي. من غلاة الصوفية
الاتحادية؛ ويعد أثره في متصوفة الفرس والروم كابن عربي في صوفية العرب» ولا
يزال. وكتابه المشوي هو قرآن فارسي كما يزعم أتباعه. وكان فقيهاً على مذهب أبي
حنيفة؛ إلى أن قابل شمس الدين التبريزي» فحرفه إلى التصوف. توفي سنة
(597ه). وإليه تنسب الطريقة المولوية أو الدراويش الراقصون التي أسسها ولده
'سلطان ولد" وهي طريقة تخلط الأذكار بالرقص والدوران لدرجة الإغماء» ولا
تزال هذه الطريقة منتشرة في تركيا وأجزاء من آسيا الوسطى. ينظر: الجواهر
المضيئة في تراجم الحنفية: / #57. وأخبار جلال الدين الرومي لأبي الفضل
القونوي.
2« وحدة الأديان في عقائد الصوفية
وعندما تنظر إلى الصورة فأنت تنظر بعينين» فانظر إلى النور الذي
انبعث من العينين. اطلب المعنى من القرآن وقل: لا نفرق بين أحد من
الره 7
الرومي هنا يستدل بالقرآن في غير موضعهء ويفسر قول الله تعالى :
و رف ولت أحو ين سنو هه [القق 1 418]ء على أن الوجود واحد
وهو استدلال بعيد جداً ؛ وليس بغريب هذا التأويل عن هؤلاء
الصوفية» والذي يرمي إليه الرومي هنا بحسب قراءتي للنص أعلاه هو
بيان أن الأديان كلها واحدة ؛ لأنها عين واحدة» وما الرسل في أصلها
إلا صورٌ لهذه العين التي هي الوجود كلهء وبعبارة أخرى هي الذات
الإلهية.
والآية لا تدل على وحدة الوجود كما ذهب إليه هذا الاتحادي»
بل المراد بالآية أن المؤمنين كلهم لا يفرقون بين الرسل في الإيمان
بهم فيؤمنون ببعضهم ويكفرون بالبعض الآخرء كل فعل اليهود الذين
أقروا بموسى» وكذبوا بعيسى عليهما السلام» والنصارى الذين آمنوا
بموسى وعيسى عليهما السلام وكفروا بمحمد وَكِلِِ ؛ بل المسلمون
يخالفون اليهود والنصارى فيؤمنون ويصدقون بجميع الرسل» ويقرون أن
ما جاؤا به كان من عند الله تعالى» وأنهم دعوا إلى الله وإلى طاعته
والإيمان به تعالى رباً وإلهاً واحداً لا شريك له”".
ويضيف الرومي : «لقد كان جوهراً واحداً سارياً في العالم» كنا
بلا بداية ولا نهاية» وهو المبدأ للجميع. كنا جوهراً واحداء وكأننا
)١( المثنوى: ,9"-97/١ الفقرات: /ا/587-51.
(١ ينظر: نفس الطبري» 2 تحقيق أحمد» ومحمود شاكر رحمهما الله : 2.30/5
وحدة الأديان في عقائد الصوفية 2«
الشمسء كنا بلا عقد نتميز بالصفا كالماء وعندما تصور ذلك النور
الصافي. صار عدداً كأنه ظلال الشرفة. فحطم الشرفة بالمنجنيق حتى
تمضي الفروق عن هذا الفزيق 7
إذاً الاختلافات بين العقائد المتباينة إنما هو نتيجة للوهم والخيال
بزعم الرومي» والتفريق بينها كالتفريق بين الظلال المتشكل بحسب
الضوء لشخص واحد فيراها الواهم كثيرة؛ ولكنه في الحقيقة ظل واحد.
ولا تزول هذه الفروق سواء في الأديان أو في غيرها إلا بتحطيم هذا
الوهم؛ فيصل السالك عندئذ إلى الحقيقة.
ويؤكد الرومي صحة عبارة الحلاج المكتهورة :"آنا "لضن * لآلا
وجود في الحقيقة إلا للحق والبقية عدمء يقول الرومي : «من يقول :
"أنا عبد الحق" يثبت وجودين اثنين» أحدهما نفسهء والآخر الله. أما
من يقول : "'أنا الحق" فقد نفى نفسه .. يعني : 'أنا عدم" هو الكل»
لذ وحزد الأال. آنا ابكليتى عدم :. آنا ليك شريةه""". اث يكن الراوفي
قاعدة في اتحاد الأديان من خلال عبارة " أنا الحق"» فيقول : «وهذه
هي ' أنا الحق" بلغة أخرى ورمز آخر. وبرغم أن كلمات الأولياء
العظماء تظهر في مئات الصور المختلفة» كيف يمكن أن يكون ثمة
كلمتان والحق واحدٌ والطريق واحد؟ برغم أنها في الصورة تبدو
متضادة» هي في المعنى واحدة. والاختلاف يكون في الصورة» أما في
المعنى فهي جميعاً متحدة. وهذا مثلّ ما إذا أمر أميرٌ بأن تنسج خيمة»
فإن واحداً يضفر الحبل وآخر يسوي الوتدء وثالثاً ينسج الغطاءء ورابعا
.594-59٠ الفقرات: 44/١ المثنوى: )١(
> وحدة الأديان في عقائد الصوفية
مسد هعس حل ام ا 7 1797909911
يخيط» وخامساً يفتق» وسادساً يطرز بالإبرة» وبرغم أن هذه الصور
مختلفة ومتفرقة من جهة الظاهرء فإنهم مجتمعون من جهة المعنى»
ويعملون عملاً واحداً. ومثلٌ هذا أحوال هذه الدنيا أيضاً. عندما تنظر
إلى “الحهالة تزى الخلق عا يؤدون العبودية للحق. الفاسق
والصالح» والعاصي والمطيع. والشيطان والملك)”".
ويضرب الرومي مثلاً بفرعون الذي يعده أهل الظاهر كافراً» بينما
يرى الرومي أن هذا جيد لقوام اعتقاد العامة وأهل الرسوم. أما أهل
الحقيقة فيرونه من أولياء الله» بل يرونه الله تعالى متجلياً في صفة
القهرء يقول الرومي : «إن فرعون أيضاً اجتهد اجتهاداً عظيماً في البذل
والإحسان وإشاعة الخير .. وإن أهل القلوب لا ينفون عن فرعون
العناية نفياً كلياً» أما أهل الظاهر فيعدونه مردوداً تماماًء وذلك مفيد من
أجل قوام الظاهر .. عنلما يشاء الحق تعالى أن يعاقب شخصاً يعطيه
في هذه الدنيا منصباً رفيعاً ومملكة عظيمة» على غرار فرعون ونمرود
وأمثالهما. كل هذه المناصب الرفيعة كالمشنقة يضعهم الحق تعالى
فوقها حتى تطلّم جملةٌ الخلق عليها ؛ لأن الحق تعالى يقول : «كنت
كنزاً مخفياً فأحببت أن أعرف” «أي خلقت العالم كله» وكان الغرض
من ذلك كله إظهار ذاتي تارة باللطف وتارة بالقهر»”".
وقد سبق الحديث عن كفر فرعون وكفر الحلاج بما يغني عن
إعادته هنا. كما أن استدلال الرومي بقول الحلاج وفعل فرعون وتركه
)000( فيه ما فيه ؛ جلال الدين الرومى : ص 1خلى
(؟) سبق تخريجه: ص ١9؟".
(9) فيه ما فيهء جلال الدين الرومى: ص 507-707. وينظر: ص 255-5197 1784.
وحدة الأديان في عقائد الصوفية
نصوص الكتاب والسنة أكبر دليل على تهافت ما ذهب إليه .
-٠ صدر الدين القونوي(":
يقول القونوي: «قوله: #إِيَّاكَ تعبك46 [القاتحة : ] فنقول في إيضاح
سرد ذلك: لأصل الشجرة الحضرة الإلهية فروع؛ يسري في كل فرع
منها سر الألوهية» بالسراية الذاتية من الذات المقدسة». قسط بمقدار ما
يحتمله ذلك الفرع من أصله. ألا وإن تلك الفروع هي الأسماء الإلهية»
ألا وإن تلك السراية الذاتية الأصلية عبارة على سريان التجلي الذاتي
في مراتب أسمائه» بحسب ما تقتضيه مرتبة كل اسم منها.. ولما كان
كل اسم من أسماء الحق سببأ لظهور صنف ما في العالم» كان قبلة له:
فاسم ظهرت عنه الأرواح» وآخر ظهرت عنه الصور البسيطة بالنسبة»
وآخر ظهرت عنه الطبائع والمركبات؛ وكل واحد من المولدات أيضاً
ظهر باسم مخصوص عيّنته مرتبةٌ الظاهر به» بل حال المظهر واستعداده
الذاتي الغير المجعول. ثم صار بعد قبلة له في توجهه وعبادته» لا
يعرف الحق إلا من تلك الحيثية» ولا يستند إليه إلا من تلك الحضرة»
وحظه من مطلق صورة الحضرة بمقدار نسبة ذلك الاسم من الأمر
الجامع لمراتب الأسماء كلها والصفات.. فتفرعت لما ذكرنا الآراء
المتباينة» والأحوال المختلفة. والمنازل المتفاوتة» والمقاصد
)١( محمد بن إسحاق بن محمد بن يوسف. صدر الدين القونوي» نسبة إلى قونية
بتركياء تلميذ ابن عربي وربيبه» حيث إن الأخير زوج أمه. من أقطاب الاتحادية»
وهو ممن جمع بين التصوف والفلسفة. وله في ذلك مراسلات مع نصير الدين
الطوسى, الفيلسوف الفلكي. توفي بقونية سنة (51/7ه) وهو ابن اثنتين وثلاثين
سنة» وأوصى أن يحمل تابوته إلى دمشق ويدفن مع شيخه ابن عربي» فلم يتهيأ له
ذلك. ينظر الوافي بالوفيات: 27٠١/7 والطبقات الكبرى» للشعراني: .10/7/١
«١ وحدة الأديان في عقائج الصوفية
كدر سدس سس 5 1 1072071 لاطا 101 د
والتوجهات» فمن عرف مراتب الوجود وحقائق الأسماء عرف سر
العقائد والشرائع والأديان والآراء»ء على اختلاف ضروبهاء وكيفية
تركيبها: وانتدانها”.
إلى أن قال : «من حيث أن الحق مسمى بالظاهر كان العالم من
حيث حقائقه مظاهر لوجوده» ومجالي تعلقات شؤونه. وكل مظهر فغير
مرئي. وإن كان الأثر له» وكل منطبع فظاهرء ولا ينسب إليه أثر من
حيث هو كذلكء. فلهذا وغيره قلنا: إن كل فرع متوجه إلى أصله وعابد
له ؛ ولهذا الموجب وسواه سرت أحكام العبودية والربوبية في كل
يء؛ فظهر سر المعية الإلهية الذاتية في كل شيء بالإحاطة الوجودية
والعلمية والحكمية؛ فكل حاكم فبصفة الربوبية ؛ وكل مجيب وتابع
فبالصفة الأخرى)”".
إلى أن قال : «وعلم أن السر فيما ذكرنا هو أن الخلق كلهم مظاهر
الأسماء والصفاتء. ولكل اسم وصفة تجليات وعلوم وأحكام وآثار؛ تظهر
في كل من هو في دائرته» وتحت حكمه وتصريفه كما بينا أن كل صنف من
الموجودات إنما يستند إلى الحق» ويأخذ منه من حيثية اسم خاص» هو
سلطانه. ولما كانت الأسماء متقابلة ومختلفة» وكانت أحكامها وأذواقها
وآثارها وأحوالها أيضاً كذلك» ظهر للبيب -وإن لم يكمل كشفه بعد- أن
سبب الاختلاف هنا هو سبب الاختلاف في الأصل)””.
)١( إعجاز البيان في تأويل أم القرآن. للقونوي: ص 2785-1786 88". وينظر: شرح
الأربعين حديثاً للقونوي أيضًا: 14-57.
(؟) إعجاز البيان في تأويل أم القرآن. للقونوي: ص١407-540.
() إعجاز البيان في تأويل أم القرآن: ص547-54947. وينظر الرسالة المفصحة»
للقونوي أيضًا: ص9”"-:45.
وحدة الأديان في عقائد الصوفية 2«
وخلاصة ما يريد القونوي قوله هو أن كل الأديان والشرائع والملل
والنحل هى طرق لعبادة الله تعالى ؛ لأن كل معبود هو مجلى من
مجالى الله تعالى فى أسمائه وصفاته» وتنوع هذه المعبودات إنما هو
كالتنوع في أسماء الله وصفاته : فمع تنوعها إلا أنها كلها تدل عليه.
ويخلص القونوي إل أن الأكان ؛ «لا يتقيدون بذوق ولا معتقد»
ويقرون ذوق كل ذائق واعتقاد كل معتقدء ويعرفول وجه الصواب في
الجميع. والخطأ التستون وذلك من حيث التجلى الذاتى» الذي هو
عند عير كل ع
-١١ صدر الدين الشيرازي”):
يرى الشيرازي مثله مثل ابن عربي وغيره من الصوفية أن الخطأ
الذي وقع فيه المشركون هو حصرهم الألوهية في أصنامهم فقطء
يقول : «إن جميع الناس يعبدون الله بوجه حتى عبدة الأصنام؛ فإنهم
يعبدونها لظنهم الإلهية فيها ؛ فهم أيضاً يعبدون ها تصوروه إله العالم
بالحق؛ إلا أن كفرهم لأجل تصديقهم غير الله أنه هو الله فقد أصابوا
في التصورء وأخطأوا في التصديق؛ فلا فرق بينهم وبين كثير من
)١( إعجاز البيان في تأويل أم القرآن: ص”447.
(0*) صدر الدين محمد بن إبراهيم الشيرازي» الملقب: ملا صدر. فيلسوف وصوفي من
الإمامية الاثني عشرية. ولد في شيراز سنة (4/ا4ه). رحل إلى أصبهان وتعلم بهاء
ولم يذهب إلى غيرها. تزعم الشيرازي التيار الأفلاطوني في مدارس الشيعة»
وفلسفته تعتبر مزيجاً من المشائية والإشراقية» فهو يجمع بين ابن سينا والسهروردي
المقتول وابن عربي» والمعرفة عنده مصدرها النظر العقلي والكشف الحسي معاًء
كما أنه أول من قال بأن الوجود سابق للماهية» قبل أن تشتهر به الفلسفة الوجودية
في الغرب. توفي في البصرة بعد عودته من الحج سنة (٠6١١ه). ينظر معجم
الفلاسفة : ص 25١٠9 والموسوعة الفلسفية: ص ؟27١72.
> وحدة الأديان في عقائد الصوفية
الإسلاميين من هذا الوجه: #وقضئ رَيّكَ ألا بدا إِلّ ياه [الإسراء:
20
-١١ عبدالغنى النابلسى:
يقرر النابلسي إيمانه الشديد بمبدأ وحدة الوجود بعبارات كثيرة
منثورة في كتبه ورسائله منها قوله: (إن جميع الكائنات محسوساتها
ومغقولاتها حتى الذرة (النملة) لا تخلو عن ظهور ذلك الوجود الحق
.
وقوله: «الكل اعتبارات محضة في (بطون الذات الإلهية ووحدته
كاندراج النخلة في النواة)”"؛ واندراج الباب والصندوق ونحو ذلك
مثلاً في الخشبء واندراج الثياب المختلفة مثلاً في القطن ونحوهء
واندراج الأمواج والفقاقيع في الماء..)”؟. وكذلك قوله:١هم هوء وهو
عينهم» كما قلت في أبيات في ديواني:
وكلهم هو فاسمع وهو عينهم إن الزجاج له'بالشمس تلوين”)
)١( الشواهد الربوبية في المناهج السلوكية» للشيرازي (مخطوط): ق 280٠ أ.وقد سبق
بيان معنى الآية ودلالتها عند الرد على ابن عربي في هذا المبحث.
(0) القول المتين في بيان توحيد العارفين المسمى نخبة المسألة شرح رسالة التحفة
المرسلة» لعبدالغني النابلسي: ص/,7ء وينظر ص ."1-7٠
() ما بين القوسين هو المتن الذي يشرحه النابلسي الموسوم ب رسالة التحفة المرسلة
لمحمد بن فضل الله الهندي.
(5) القول المتين في بيان توحيد العارفين المسمى نخبة المسألة شرح رسالة التحفة
المرسلة: ص .٠١ وينظر ص 50. 41١-4٠0 من نفس الكتاب.
(0) خخممرة الحان ورنة الألحان» عبدالغني النابلسي: ص "07.
وحدة الأديان في عقائد الصوفية
ويقول :
إن الوجود الحق شيء واحد
هو ظاهر في كل شيء باطن
ويحث النابلسي السالك أن لا يقصر صورة معبوده على صورة
واحدة فيقع في التقييد ولا يحقق أصل التوحيدء والذي هو عنده
الإيمان بالله في جميع الصور والتجليات.
يقول النابلسي : «كلما ظهر من العدم مخلوق ؛ فقل هذا هو
الحق» ثم قل ليس هو الحق. وقل هذا الذي علمته هو الحق» وليس
هو الحق. وقل هو عين علمي به» وليس هو عين علمي به.واحذر أن
تقتصر على واحدة من ذلك فتكون مقيدا للحق تعالى. والحق تعالى لا
ا 1
فالنابلسي هنا يقرر أن كل مخلوق - ولفظ ' كل " يفيد العموم»
بل هو أقوى صيغ العموم”" هو بحد ذاته تجل إلهي ؛ فبالتالي قد يكون
هذا المغلوق عنما آؤ تبثالاً أراكشسة أ ومروفعف أودراها
نصرانياً» أو حبراً يهودياً» وهلم جرا. فكل من قدس شيئاً أو عبده فهو
على صواب لأن هذا الشيء في الحقيقة إحدى تجليات الحق تعالى ؛
لأن الحق تعالى لا تقيده الصور مهما كثرت؛ فتجليه في المخلوقات لا
حد له. وهذا ما صرح به النابلسي في موضع آخر حيث يقول :
أبدا إليه كل شيء ساجد"")
)١( المعارف الغيبية» شرح القصيدة العينية: ق 54 أ ب.
(؟) المعارف الغيبية» شرح القصيدة العينية: ق 75 أب.
() ينظر: شرح الكوكب المنير» لابن النجار: ”/'177-/1717. وأوجز المسالك» لابن
هشام: 878/9 لال
42 وحدة الأديان في عقائد الصوفية
«إن حقيقة الكشف عند أهل المعرفة هو رفع حجاب الأغيار
عن وجه الحق تعالى الطالع في جميع الأطوار قال تعالى: 8دَيتَمَا
ولوأ [البَمَرّة: 116] فعمم في المواضع والأشخاص: تتم وَبْهُ أل
[البََرّة: ]1١5 فخصص الوجه الظاهر في جميع تلك المظاهر» فما أشرفها
من آية اقتضت أن كل ما شعر به عقل أو حس» على حسب اختلاف
العباد» فإنه مظهر لوجه الحق تعالى الواحد. فالمظاهر كثيرة والوجه
واحدء وكثرة المظاهر الكثيرة المختلفة بالأجناس والأنواع
والأشخاص تشبيه لذلك الوجه الواحدء وهذا التشبه هو عين التنزيه»
وهو معنى تسبيح الأشياء كما قال تعالى: #إوإن يْن سَوْءِ إلا شَيَمْ عرد »
[الإسرّاء: 44] الآية» وبيان ذلك أن وجه الحق الواحد إذا ظهر فكان
شجراً مثلاً كان ذلك الظهور تشبيهًا له لاتصافه بجميع ما اتصف به
الشجرء وإذا ظهر أيضاً في ذلك الحين فكان حجرأ كان اتصافه بجميع
ما يتصف به الحجر تنزيهاً له عن كونه شجراً» وكونه شجراً تنزيه له عن
كونه حجراً. ومثل ذلك كونه أرضاً وكونه سماء إلى غير ذلك من جميع
المعالم» .فالحكم عليه حنيئذ بأن هذا الشيء حكم عليه بأنه ليس هذا
الشيء الآخر وبالعكس فالتنزيه عين التشبيه» والتشبيه عين التنزيه. فإذا
تأمل العارف وجد الحكم عليه بأنه حجراً مثلاً ليس المراد به أنه مقيد
بتلك الأوصاف التي وصف بها ذلك الحجر ؟ ولهذا كان شجراً أيضا
في حالة كونه حجرًا. وإنما تلك الأوصاف التي وصف بها ذلك الحجر
والشجر قائمة به تعالى06".
ومن خلال ما صرح به النابلسي آنفاً ؛ فإن كل من أشرك مع الله
.ب١ تحقيق الذوق والرشف في معنى المخالفة الواقعة بين أهل الكشف:ق )١(
وحدة الأديان في عقائد الصوفية ١
غيره أو عبد سواه مسلمون ومؤمنون بالحق تعالى في نظر النابلسي ؛
لأن الذي عبد الله فى الأحجار والأوثان إنما عبد حقيقة الله لأنه تعالى
هو المتجلى فيها. وكذلك من عبد الأشجار فإنما عبد مجلى الله فيهاء
وهكذا فى سائر التجليات ؛ فلا يوجد كفر ولا شرك ولا كفار ولا
فجار ؛ بل الأمر إيمان مطلق ؛ يشمل الكل» وكل عابد فى هذا الكون
مهما كان معبوده فهو على صواب فيما عبد إذ إنه ما عبد في الحقيقة
إلا الله .
ويؤكد النابلسي أن من عبدالله في بعض الصور دون البعض
الآخرء هو كمن آمن ببعض الكتاب وكفر ببعض؛ فلا يتم الإيمان إلا
يقول النابلسي: «ظهر لي [يقصد الله تعالى] بصورتي» وقال أنا
الموجود المطلق. وأنت قيدي وكذلك كل شيءء أنا الوجود المطلق
وذلك الشيء قيدي . والجاهلون بي يعبدونني بصوؤر معتقداتهم لا غير»
يؤمنون ببعض الكتاب ويكفرون ببعض » وهم مأمورون أن يعبدونني في
جميع الصور؛ فيؤمنون بالكتاب كله ويستريحون من تعب الغير»0".
ويرى النابلسي أن الشرك والغي والإثم في قوله تعالى: «قلَ إِنَمَ
حي يق الْتكصس ها َهَرٌ يها وما بك وَالام وَالبقَ بتر الع ود مركأ بم
مَا ل بزل .يوم سُلْطَلنًا وآن تَفُولُوأْ عل أله ما لا كمون )4 [الأعرّاف: 108 هو
إثبات وجود لأي كائن مع وجود اللّه تعالى ا(فمن تعين عنده وجوده مع
الله تعالى ظاهراً أو باطناً فقد أفحش وبغىء وقال على الله ما لا يعلم ؛
)١( مناجاة الحكيم ومناغاة القديم «مخطوط): ق 8 أ.
420 وحدة الأديان في عقائد الصوفية
مكدر سس سس ا 1ت اك 100:1 11011
ا
وذلك لأن التعينات فى الوجود الحادث إنما هى لبيان امتياز الحضرات
الصفاتية لتفصيل مجملاتهاء وتبين كمالاتهاء وليست المغايرة أمراً
ب )2000
مقصودا) :
والعييت فن العاوناهى تمد فاته المحصيوفة عملوما والعلذة
بع علو ول الكصرمية رولفلا علاقة هذه الآية بتوحيد وحدة
الوجود الذي يؤمن به النابلسي» والآية بمنطوقها ومفهومها تبين
المحرمات التي حذر الله عباده من الوقوع فيها وعلى رأسها الشرك بالله
تعالى وسببه الرئيس القول على الله بغير علم'"'» كما هو حال متصوفة
وحدة الوجود.
والعباد عند النابلسي قسمان : قسم تجلى الله فيهم بصفات الجمال
فهم المؤمنون» وقسم تجلى فيهم بصفات الجلال فهم الكفارء والكل
تجلياته» فهو همء وهم هو.
يقول النابلسي: «والسر في ذلك أنهم كلهم - عليهم السلام -
مظاهر أمر الله تعالى في عالمنا هذا من التجلي الجمالي» فهم
محبوبون2””» و«هؤلاء الكفار المكذبون بأنبياء الله تعالى مظاهر الله
تعالى أيضاً في عالمنا هذاء لكن من التجلي الجلالي»”".
ويحرف النابلسي تفسير القرآن ليستدل به على وحدة الأديان» حيث
يؤكد أن الشجرة التي كلم الله موسى عندها هي الله نفسه- تعالى عن
.537-1١ الفتح الرباني والفيض الرحماني: )١(
(9) ينظر تفسير الطبري (تحقيق أحمدء ومحمود شاكر): .505-5407/١7
() الفتح الرباني والفيض الرحماني: 188.
(54) الفتح الرباني والفيض الرحماني: 149.
وحدة الأديان في عقائد الصوفية 22>
ذلك- حيث تجلى فيها كما تجلى فى النار ليراها موسى فيأتى ؛ وهناك
كما يقول النابلسي أمر الله موسى بأن لا يعتبر بالظاهر بل الأمر كله
قائم على الباطن الذي هو الإيمان بأن الله كل شىء فى الوجودء وأن
كل كائن إنما ينطوي في الحق تعالى» وكأن النابلسى هنا يقول بوحدة
وجود كامنة في الكون أساسها الحق تعالى عن ذلك0©.
وعبر تقرير النابلسي لهذه الوحدة فإن كل شيء في هذا الكون وكل
معبود فهو هدى لأنه في الحقيقة عين الرب»ء وهو في تقريره لهذه
الحقيقة يستدل بقول الله تعالى : #8إإِنَّىَ أنا أنَهُ آلآ إِلَهَ إِلَّ نأ لله: 04ء
فيفسرها بنفس وجودي هو أن الله تعالى عن ذلك هو الظاهر في كل
الأعيان» والمتجلي في كل الصور'". بينما صريح الآية يفيد كلام الله
تعالى لموسى فك بأنه سبحانه الإله المتفرد بالألوهية الذي ينبغى أن
يعبد وحده سبحانه دون سواهء وأن يفرد بالتوحيد دون شريك””"» وبقية
الآية تفيد هذا المعنى» وهو قوله: #تأغبئ وََقِمِ اضَكَر يكرى 40
[لله: 14]» ولهذا بتر النابلسي الآية حتى يتم له مراده.
ومن مبدأ وحدة الوجود أيضاً: يؤكد النابلسي على أن الإسلام
والإيمان الذي يجب أن يلقى العبد بهما ربه هو: الإيمان بأن الله تعالى
عن ذلك يظهر في صورة كل شيءء لا فرق بين تجليه تعالى في
صورةء وتجليه في أخرى. يقول النابلسى : «وأما معرفتنا به» لضرورة
إسلامنا له وإيماننا به وانقيادنا إليه» واقعة على تجليه وظهوره بما تجلى
)01( ينظر رسالة في حكم حطيم الولي. للنابلسي : ص .١840--05
020 ينظر: رسالة في حكم شطح الولي (ضمن شطحات الصوفية» البدوي): ص .١196
6) ينظر: تفسير الطبري: .١51//15
> وحدة الأديان في عقائد الصوفية
مر مك
به وظهر به لنا من صورة كل معقول وصورة كل محسوس من غير فرق
في هذا المقام بين التجلي بصورة والتجلي بصورة أخرى)0".
والله - عند النابلسي - يتجلى بصورة يعرفه الجميع بها؛ ولكن
لكل قوم ولكل عبد صورة يتجلى الله فيها له فيعرفه العبد بها: «يخلق
الله تعالى في قلب عبده معرفة به تعالى في الصورة التي تجلى عليه
:
وهذا منطوق قول النابلسي؛ ولكن مفهوم قوله: أن الله يظهر في
صورة كل معبود لعابده فيعرفه عباد الأصنام في الأصنام» ويعرفه
النصارى في الصليب» وتعرفه كل ملة في معبودها الذي تعبده من دون
الله. يشهد لهذا عبارته السابقة.
ويرى النابلسي أن من غلبت عليه العبادات والطاعات قد تجلى له
الله تعالى من حيث اسمه الجميل. ومن غلبت عليه المعاصي والآثام
يكون تجلي الله له من حيث اسمه الجليل©.
والنابلسي يقرر أن الجميع يرى الله. العارف والغافل على حد
سواء؛ إلا أن العارف يرى الصورة حقيقة الله سبحانه» بينما الغافل
لغفلة عن حقيقة توحيد وحدة الوجود - والذي أساسه أن الحق هو
الخلق - لا يرى إلا الصورة. والتي هي في الحقيقة مجلى من مجالي
الحق.
)00( الوجود الحق والخطاب الصدق للنابلسي : ص 595,.
00( الوجود الحق والخطاب الصدق: ص 6
6 ينظر المعارف الغيبية شرح قصيدة النادرات العينية » للنابلسي (مخطوط) : 7
وحدة الأديان في عقائد الصوفية
يقول النابلسي : «فإن الحق تعالى إذا تجلى بصورة استتر
الصورة. وإذا استتر بصورة ظهرت الصورة. فإذا تجلى بصورة للعارف»
رآه العارف ولم ير الصورة. مع أنهلم يو :إلا الصورة. وإذا استتر
بصورة عن الغافلء. فإنه يرى الصورة ولا يراهء سبحانهء مع أنه رائيه.
وهذا من العجائب. يظهر الخلق. فيرى ولا يرى. ويبطن الحق». فيرى
ولايرف: نوكل ذللكا فين حيو واد
وك سيك وعناده مكزعا ا اتوي امن اله هقيار المتجلي
في جميع الأشياء على حد قول النابلسي مستعيناً كعادة الصوفية دائماً
بنوع من التأويل الباطني» فيقول: «قوله تعالى: «إبًا كل سء حلتله 2
عدر (©4 [القمّر: 144 على قراءة رفع (كلّ) والمعنى أن جميع الأشياء
المخلوقة بقدر هي نحن» والمراد من حيث إنها هي المتجلي الحق
سبحانه وتعالى» وجميع الأكساء تسستحاقة اتويات وتقديساته لذاته
220
بذاته» ". «طوإن من شَىَْءٍ إِلَّا سبح يرو» [الإسرّاءن 44]» يعني أن الله
تعالى يسبح نفسه بنفسه»”".
مو 004
ورقع (كل) في قوله تعالى : «إإدًا كل عَنْءٍ حَلقْنَهُ بمَدَرِ (©)4. هي من
القراءات الشاذة:. ونسبها بعضن. المفسرين إلى المعتزلة لإثبات قولهم في
القدر”*'. والآية فيها دليل على إثبات أن كل شيء في هذا الكون إنما
.5١ الوجود الحق والخطاب الصدق: ص )١(
(؟) المعارف الغيبية شرح القصيدة العينية ق ١٠ب.
() المعارف الغيبية شرح القصيدة العينية ق ١٠أ.
(4) ينظر نظم الدررء للبقاعي: 177/19. والبحر المحيط لأبي حيان النحوي: /٠١
8 والفتوحات الإلهية للجمل: / لاه 98-7. علماً أن هذه القراءة برفع (كلٌ) -
> وحدة الأديان في عقائد الصوفية
هو يسير بتقدير العزيز العليم» وأنه قد سبق في علم الله كونه» وإيجاده.
وما ذهب إليه النابلسي فهو تأويل باطني لا يتفق وصريح الآية؛
حتى لو قرئت بالرفع فهي دليل على إثبات القدر وفقاً لمعتقد أهل
السنة. وليس في منطوق الآية ولا في مفهومها ما يدل على قول
النابلسي» كما أن اللغة لا تدل على ما ذهب إليه وفق مقتضى عقيدته
في وحدة الوجود.
وترجع قدسية الكعبة عند النابلسي إلى أنها مظهر الحق تعالى في
عالم الجمادء يقول النابلسي : «الكعبة مظهر الذات الإلهية في عالم
الجماد)”'".وهي «الحقيقة الإلهية والذات الربانية»”'' كما أن ١حقيقة
الكعبة أفضل من محمد .. فإن حقيقة الكعبة بيت الله الجامع لجميع
الأسماء والصفات. الحق تعالى هو حقيقة الكعبة عند أهل الإدراك
- لم أقف عليها في كتب القراءات» كالغاية في القراءات العشرء لأبي بكر أحمد بن
الحسين بن مهران النيسابوري: ص 758. واتحاف فضلاء البشر في القراءات
الأربع عشرء لأحمد عبدالغني الدمياطي: ص 404: ووجه عثمان ابن جني قراءة
من قرأها بالرفع على أنها "جملة وقعت في الأصل خبراً عن المبتدأ في قولك:
نحن كل شيء خلقناه بقدر فهو كقولك: هندٌ زيدٌ ضربها. ثم تدخل (إنْ) فتنصب
الاسم. ويبقى الخبر على تركيبه الذي كان عليه من كونه جملة من مبتدأ وخبر"
ا.ه. المحتسب في تبيين وجوه شواذ القراءات والإيضاح عنها: 7/ ."”8٠ وسواء
قرئت بالنصب على قراءة الجمهورهء أو بالرفع فهي حجة لأهل السنة في إثبات
القدر فالآية تدل على عموم قدرة الله وتعلقها بكل مخلوق» وشمول خلقه لكل
شيء ودليل على إحكام الخلق وسبق التقدير. ينظر: تفسير الجلالين من سورة غافر
إلى سورة الناس. لفضيلة الشيخ عبدالرزاق عفيفي كله :ص 178.
.أ٠7 المعارف الغيبية شرح القصيدة العينية ق )١(
(7) نتيجة العلوم ونصيحة علماء الرسوم (مخطوط): ق5١أ.
وحدة الأديان في عقائد الصوفية 2
المخصوصء وحقيقة الحق تعالى لا شك في أنها أفضل من محمد
0
فالكعبة عند النابلسي ينبغي أن يتوجه لها بالعبادة؛ فيدعوها المسلم
ويعبدها كما يعبد الله؛ لأنها مظهر من مظاهر الحق تعالى- عند
النابلسي» وليست قدسيتها راجعة إلى أنها قبلة للمسلمين» وأنها أول
بيت وضع للناس ليأتوه حجاجاً ومعتمرين» ويؤدوا الركن الخامس من
أركان الإسلام» وعندها أول مسجد وضع في الأرض» وهو المسجد
الحرام”'".
ثم إن النابلسي لا يرى في هذه الأصنام والأشجارء والصليب
وغيرها مما يعبد من دون الله؛ إلا خيال لا حقيقة له ؛ إذ الوجود
وجوده وحده؛ وما عداه وهم زائل» وسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء.
فيظهر تعالى في هذه التماثيل والتصاوير كيفما شاءء فإذا عبدت من قبل
أتباعهاء فما عبدوا في الحقيقة إلا الله تعالى. ' ٠
يقول النابلسي: «جميع هذه المخلوقات ذرات الوجود؛ إذ كل فرد
من الأفراد المذكورة مجرد تصوير وتمثيل وتقدير من الوجود الحق
سبحانه. ولا وجود إلا وجود الحق سبحانه المصور الممثل المقدر
والتصاوير والتماثيل والتقادير كلها أمور عدمية ظاهر بها الوجود الحق
)١( نتيجة العلوم ونصيحة علماء الرسوم (مخطوط): ق ١6 أ-ب.
(؟) جاء في حديث نين ذر الغفاري ونه قال: "سألت رسول الله يَلَِهِ عن أول مسجد
وضع في الأرض؟ قال: 'المسجد الحرام" قلت: ثم أي؟ قال: 'المسجد
الأقصى' قلت: كم بينهما؟ قال: 'أربعون عاماًء ثم جعلت لك الأرض مسجداً»
فحيثما أدركتك الصلاة فصل ". رواه الإمام مسلم: كتاب المساجد ومواضع
الصلاة؛ رقم )0517١( ١/٠لال.
> وحدة الأديان في عقائج الصوفية
على ما هو عليه لم يتغير ولم يتبدل عما هو عليه أزلاً وأبداً وإنما يغير
ويبدل تلك التصاوير والتماثيل والتقادير؛ فيظهر هو منها لها على
حديها حية كناف ولا تشعر به ولا تعلم أنه وجودها الذي هي
توجودة 0
وعند قول الجيلي : «فكان تعالى حقيقة تلك الأ وثان التي
يعبدونها"”" يقول النابلسي: «باعتبار أنه هو الوجود الحق الواحد
الأحد صور صوراًء وقدر مقادير هي عدم في نفس الأمرء وظهر بها ؛
فسمي مجموع الوجود وتصاويره وتقاديره أوثاناً. أي أصناماً. كما
سميت عابدين وعبادات» وسميت أماكن وأزمان إلى غير ذلك»
والجميع هو ذلك الوجود الواحد الحق .. وإذا كان الأمر على ما
ذكرنا فما عبدوا إلا الله؛ أي كل من عبد شيئا إنما عبد الله» ولم
يفتقروا في ذلك إلى علمهم بأن ذلك حق في نفس الأمرء ولا يحتاج
إلى نياتهم ؛ لأن عباداتهم لله تعالى»”". :
ويقرر النابلسي في تناقض ظاهر أن ما يظهر للناس أنه كفر وشرك»
وما يحكخ على أناس بأنهم مشركون وكافرون فإنما هو في الظاهر؛
وإلا ففي حقيقة الأمر هم مسلمون موحدون لله فرحون في الآخرة؛
كالمؤمنين تماماً ؛ لأنهم عبدوا الله من حيث أراد سبحانه أن يعبد
ويطاع؛ فعبدوه في مجاليه وصوره؛ فاستحقوا الفوز في الآخرة.
)١( الكشف والبيان عن أسرار الأديان في كتاب الإنسان الكامل وكامل الإنسان»
للنابلسى (مخطوط): ق ".
(0) الإنسان الكامل: /١ /ا.
(9) الكشف والبيان عن أسرار الأديان في كتاب الإنسان الكامل وكامل الإنسان: ق4.
وحدة الأديان في عقائد الصوفية
يقول النابلسي : «جميع العباد المسلمون والكافرون فرحون في
الدنيا بأفعالهم التي هم فاعلوهاء وإن لم يشعروا بها ؛ لأنها طاعة لله
تعالى إذ هي عبادة له تعالى من حيث ما هم مخلوقون لهء وقائمون به.
وإن كان في نفوسهم عبادة غيره سبحانه ؛ ولهذا قالوا: دلوا تيد
أسَنَامًا مَل ا عَنكنِينَ (6) 4 [الشُعرَاء : ١لا]ء وهذا ما أعلمهم به اك في
إدراكهم» وله الحكم الشرعي عليهم بأنهم كافرون وفرحون في
الك
: أحمد بن عجيبة -١
ذهب ابن عجيبة إلى أن الوجود الظاهري وما يتصف به إنما هو في
الحقيقة حجاب لا وجود له وما يظهر للناس وجوده كالشيطان والنفس
ووجود البشرية إنما هو في حقيقته كالمنديل الذي تمسح به الأقذار
لتجلو الحقيقة الكلية عما علق بها من أوهام الناس وتخيلاتهم. فليس
إلا مظاهر الحق. وتجلياته في كل شيء. 5
يقول ابن عجيبة : «واعلم أن هذه الأوصاف البشرية التي احتجبت
بها الخضرة إنما جعلها الله منديلاً لمسح أقذار القدرء كالنفس
والشيطان والدنياء فجعل الله النفس والشيطان منديلاً للأفعال
المذمومة» وجعل البشرية منديلاً للأخلاق الدنيئة» وما ثم إلا مظاهر
الحق وتجليات الحق, وما ثم سواه»”"“. فلا عجب إذاً أن يصوب
الصوفية كل ملة ودين في هذا الكون.
ويفصح ابن عجيبة عن حقيقة دعوته الوجودية وأنها في أساسها
)١( الكشف والبيان عن أسرار الأديان في كتاب الإنسان الكامل وكامل الإنسان: ق5أ.
(؟) إيقاظ الهمم» ابن عجيبة: ص 55.
ري وحدة الأديان في عقائد الصوفية
دعوة للوحدة بين الأديان المختلفة؛ إذ إن كل شيء هو عبارة عن
ذات الخمرة الأزلية. والخمرة الأزلية في اصطلاح القوم إنما هو الله -
تعالى عن ذلك وتقدس -"'' وليس تجليها في مظاهر متعددة ومختلفة
زائداً عن ذاتها بل هو نفسه.
يقول ابن عجيبة : «لا حدوث عندنا في ذوات التجليات التي هي
مظاهر الخمرة» وإنما الحدوث في تلوينها وتشكيلها بعد ظهورهاء
وليمن ذلك التلؤين. والتشكيل :شيعا زائذاً عليها: فلما كاذث قبل التجلى
لا شيء معهاء كذلك هي بعد التجلي لا شيء معهاء إذ تلوينها
وتشكيلها لا يخرجها عن أصلها من الوحدة فافهم»"".
ويصل ابن عجيبة إلى القول بأن كل ما في هذا الوجود إنما هو
مظاهر للربوبية) ومن ذلك العبد نفسه ؟: لأنه' لآ حقيقة لوجودة أضلة ؟
لكن الله تجلى بمظهر الربوبية بأشكال العبودية فسمي عبداً وإلا فحقيقته
هي الربوبية المطلقة. ٠
يقول ابن عجيبة : «العبد في الحقيقة لا وجود له من ذاته أصلاً ؛
ولكن لما تجلى سبحانه بمظهر الربوبية في قوالب العبودية؛ سمي ذلك
)١( قال ابن عجيبة: «أما الخمرة فقد يطلقونها على الذات العلية قبل التجلى» وعلى
الأسرار القائمة بالأشياء بعد التجلى» فيقولون: الخمرة الأزلية تجلت بكذاء ومن
نعتها كذاء وقامت بها الأشياء تستراً على سر الربوبية» وعليها غنى ابن الفارض
في خمريته» وإنما سموها خمرة؛ لأنها إذا تجلت للقلوب غابت عن حسها كما
تغيب بالخمرة الحسية»اه. معراج التشوف إلى حقائق التصوف: ص5:. وينظر
شرح ديوان ابن الفارض للبوريني والنابلسي: ؟/ .100-١684
00 تقييدان في وحدة الوجودء لابن عجيبة: ص”7٠2 وينظر كشف النقاب عن سر لب
الألباب» له أيضاً : ص7”9.
وحدة الأديان في عقائد الصوفية 20
المظهر باعتبار القالب عبداً» وهو محذوف باعتبار المظهر. فإن نظرت
إلى مطلق التجلي ؛ رأيت عظيمة قديمة أزلية ولا عبد. وإن نظرت إلى
علوي ذلك التجلي برشكل :عبد وعد ورف "رايك عندا فيرا11".
فلازم قول ابن عجيبة هنا : أن فرعون صادق كل الصدق في دعواه
الربوبية» كما أن النمرود صادق في وصف نفسه بصفات الربوبية من
الإحياء والإماته والرزق وغيرهاء وأن إبراهيم وموسى بَكْ8ة مخطئان
في تكذيبهما لهذين العبدين. وهذا لا يقوله مسلم.
والشرك عند ابن عجيبة - كما هو الحال عند سائر متصوفة وحدة
الوجود- هو إثبات وجود مع الله وهذا شرك جلي عند المتصوفة”".
4- أحمد التيجاني :
يعتبر التيجاني”"' من غلاة الصوفية المتأخرين» وممن له أثر كبير
بين المسلمين الأفارقة في المغرب الأقصى وفي جنوب غرب أفريقيا
وسطيا ولك وال أثرة الوه ومع عل 1
ويزعم التيجاني مثله مثل غيره من الصوفية أصحاب وحدة الوجود؛
أن الله تعالى يتجلى في كل شيء, والأشياء كلها مظاهر لله تعالى؛ لذا
.5١ شرح نونية الششتري» لابن عجيبة: ص )١(
(0) ينظر: شرح نونية الششتري. لابن عجيبة: ص 07-675.
(9) أبو العباس أحمد بن محمد بن المختار التيجاني المضاوي» ولد سنة (60١١ه).
شيخ التيجانية» كان فقيهاً مالكياًء عالماً بالأصول والفروعء أقام بقية حياته بفاس»
وبها توفي سنة (770١ه). ينظر شجرة النور الزكية: ص5508, والأعلام: .155/١
(4) ينظر: التيجانية» د. علي بن محمد الدخيل الله» ومشتهى الخارف الجاني في رد
زلقات التيجاني الجاني: للشيخ: محمد الخضر الجكني الشنقيطي. ْ
400 وحدة الأديان في عقائد الصوفية
فإن العبادة تصح من كل عابدء ومن كل ساجد لغير الله؛ لأنه في
الحقيقة ما سجد ولا عبد إلا الله فى تجلياته المتعددة. وله نصوص فى
ذلك منها:
-١
00(
إفة
يقول التيجاني : «فكل عابد أو ساجد لغير الله في الظاهر فما عبد
ولا سجد إلا لله تعالى؛ لأنه هو المتجلي في تلك الألباس.. قال
سبحانه وتعالى لكليمه موسى: إن أنَا أمّهْ 1 إِلَهَ إل نأ تأغيدن»
[لله: 014 والإله في للغة هو المعبود بالحق» وقوله: «لآ إِلَهَ ِل
نأ [الأنبيّاء: 10] يعني لا معبود غيري وإن عبد الأوثان من عبدها
فما عبدوا غيري» ولا توجهوا بالخضوع والتذلل لغيري بل أنا
الإله المعبود فيهمء. هذا معنى قوله تعالى: ل إِلَهَ إل نَأ
عبتن [لله: ]١4 على هذا المنوال يريد إياك أن تعتقد ما يعتقده
الجهال من أنهم يعبدون غيري» أو أنهم متوجهون لغيري»”'".
ويقول عن الكفار : «ومنهم من أحب الله تعالى غلطاً منه بنسب
الألوهية لغيره» إلا أن الحق سبحانه وتعالى تجلى لهم تلك
الألبناسن لكمال ألوهيته» فأحبوه وعبدوه من حيث لا يشعرون»
فلولا أنه تجلى لهم في تلك الألباس» وجذبهم بذلك التجلي إلى
محبة ألوهيته» ما كانوا يلتفتون إلى تلك الأوثان» ولا أن يلموا
بها فضلاً عن أن يعبدوهاء فهم محبون لله عابدون له)”".
جواهر المعانى: .180-١845/١
جواهر المعاني: /١ 144. وينظر: ميدان الفضل والإفضال في شم رائحة جوهرة
الكمالء لعسدة بن محمد الصغير التيجاني: ص 05-5 وميزاب الرحمة الربانية
فى التربية بالطريقة التيجانية» له أيضاً: ص /الا-8/.
وحدة الأديان في عقائد الصوفية 220
3 ويقول أنضا: ا(ومنهم المتوجه إلين الحضرة العلية» من وراء ستر
كثيف» وهم عبدة الأوثان ومن ضاهاهم.ء فإنهم في توجههم إلى
عبادة الأوثان ما توجهوا لغير الحق سبحانه وتعالى» ولا عبدوا
غيره» لكن الحق سبحانه وتعالى تجلى لهم من وراء تلك الستور
بعظمته وجلاله» وجذبهم بحسب ذلك بحكم القضاء والقدر الذي
لا منازع لهم فيه»”"".
0- الأمير عبدالقادر الجزائري :
هو كشيخه ابن عربي يرى أن الإنكار على المشرك إنما يعود على
حصره معبوده في صورة واحدة هي الصنم أو الوثن أو الصليب
ونحوها. أما من عبدالله في جميع مجاليه فقد أصاب كبد الحقيقة.
. بلع 2050 9 8 .
يقول الجزائري «كل عابد صورة من شمس وكوكب» ونار
ونورء وظلمة وطبيعة» وصنم وصورة خيالية وجن» وغير ذلك» يقول
فى الصورة التى عبدها : إنها صورة المقصود بالحبادة» ويصفها بصفات
الإله من الضر والنفع. ونحو ذلك» وهو محق من وجه؛ لولا أنه
حصرة وقيده» فما قصد عابد بعبادته الصورة التى عبدها إلا الحقيقة
المستحقة للعبادة» وهو الله ال
.7"4/١ جواهر المعاني: )١(
(؟) عبدالقادر بن محيي الدين بن مصطفى» الحسني الجزائري. ولد سنة (؟7177١ه) في
مدينة وهران في الجزائرء تلقى العلم على يد والدهء وغيره. بايعه أهل الجزائر سنة
وولوه القيام بأمر الجهاد ضد الفرنسيين» جنح آخر أمره إلى السلمء »)ه١1744(
ونفي إلى الشامء توفي في دمشق سنة (00١ه)ء ينظر الأعلام: 50/5.
(9) المواقف في الوعظ والإرشاد: .80-784/١ أكد الشيخ علي الطنطاوي كن أن
كتاب المواقف كتاب وحدة وجودء وأن الشيخ عبدالقادر الجزائري كان يؤمن -
> وحدة الأديان في عقائد الصوفية
- 1
1- محيى الدين الطعمى:
في الأكوان اقتضت سريان العين الإلهية في كل شيء» فالألوهية عين
المناظر والمظاهر. فاعلم هذا السر الجليل أيها الولي» فإن ما من
صورة إلا وقد عبدت في الأكوان إما بالتسخير أو بالتأله» فلا تغرنك
المظاهر فإن الحق تعالى عين كل شيء. وما قصّر هارون في الأمر فإنه
ترك القوم كي تحقق عليهم سريانية الحق تعالى في عجل السامري كي
نعتبر نحن أن كل صورة وإن عبدت في الكفر فإن عينها الحق
ال
ويؤكد ا لطعمي أن الخطأ الذي وقع فيه قوم موسى حين عبدوا
العجل هو أنهم لم يعبدوا باطن العجل الذي هو عين الله - تعالى الله
عن ذلك - بل عبدوا الذهب والمال الذي هو ظاهي العجل فهنا كان
يقول الطعمي : «اشترك موسى وهارون في 3 تخليصهم من هذه
العبودية الزائفة» وأن هذا المعبود أصلاً حجاب, والحقيقة هى الله التى
تستحق العبادة المحضة الصرفة الخالصة. فافهم فحجب ذهب العجل
حقيقة الألوهية التى هى باطنه»”".
- بها ويعتقدها. ينظر ذكرياته .)١178/١( ويعد الأمير عبدالقادر من أتباع ابن عربي
وممن تأثروا بمذهبه» ودفن بجواره» ثم نقل جثمانه إل الجزائر عام (1956م).
000 فناء اللوح والقلم في شرح فصوص الحكم. محيي الدين الطعمي : ص 5؟5.
0( فناء اللوح والقلم : ص 6
وحدة الأديان في عقائد الصوفية
سس 1 لا
ويقول الطعمي أيضاً : «إن الصور كلها المعبودة هي الله من حيث
الحقيقة» وإن الأنبياء ما حاربوا إلا ظاهر هذه الصور لا بواطنهاء فمن
تفكر في بواطن هذه الأصنام علم يقينا أحدية الحق تعالى وكفر
المشركون هو حصرهم العبادة على مجلى واحد من مجالي الله وهي
الأصنامء فلو لم يحصروا عبادتهم في الأصنام» وأطلقوها فعبدوا كل
شيء لما عتبوا وزجرواء يقول الطعمي : «الذي أضلهم» أي قوم نوحء
ما هو تعدد الآلهة ومسمياتها المذكورة؛ بل حبسهم للإله في جرم
الأصنام» وعدم إطلاقهم)”".
١١ - مصطفى محمود:
يعتبر من أقطاب الصوفية الغلاة في هذا العصرء وهو يؤمن بوحدة
الوجود على مذهب ابن عربي» وقد سبقت الإشارة إلى بعض أقواله.
ومن منطلق إيمانه بوحدة الوجودء آمن بداهة بوحدة الأديان.
يقول مصطفى محمود: «يقرر القرآن بعبارات قاطعة محددة وآيات
لا تقبل التأويل وحدة الله المطلقة» وأنه لا موجود بحق سواه» وأن كل
ماعداه باطل زائل)”". ثم يقول بعد ذلك : «يقرر - القرآن - أن الذين
توجهوا إلى الكننس عناتى آنها: رمد وآية مين آياث الله وهم :
"الصابئون" أمثال: "أخناتون"' كانوا في زمانهم على دين ولهم
)١( فناء اللوح والقلم: ص 50؟7.
(؟) فناء اللوح والقلم : ص ؟6. وينظر: ص 11-6
,0 القرآن محاولة لفهم عصري» مصطفى محمود: ص .١15
<١ وحدة الأديان في عقائد الصوفية
اا سس سس سه سس مس ساس اس د
ا 00
ومن المعاصرين -ممن ينتسب إلى التصوف - الصوفي الفلسطيني :
يعقوتت كبرنس. .حية يرق أن أضحات الديانات الأخرى ' كلهم
تفيلوة لله" ويقول : «إذا رأيت وثنياً يصلى احترمه ؛ لأنه إلى الله
الحقيقى يتوجه دون أن يعرف ذلك)0",
ومنهم أيضا الشيخ شفيع المولوي - رئيس دراويش المولوية في
طرابلس الشام - فيقول: (إن جميع الدروب تنتهي إلى الله» وعلى كل
إفينان: أن يختار الدرب الذي يراه أفضلها ل 0 أيضاً :
«المؤمن يتخطى الخير والشرء المؤمن يتخطى التدين والإلحاد» المؤمن
انطلق إلى حيث الكل واحد»”©. وهذا إيمان خالص بوحدة الوجود.
ويخبر الشيخ مولوي عن رؤيا صوفية رآها هو نفسه» فرأى كأنه يرتقي
على النظر إلى وجه الذي كان جالساً هناك. ارتفع صوت: "تجرا
وارفع نظرك " فرفع نظره» فكان الوجه الذي عله هو واو
)000( القرآن محاولة لفهم عصري» مصطفى محمود: ص .١6١
(5) مذاهب وملل وأساطير في الشرقين الأدنى والأوسط. جاك كاليبو» ونيكول كاليبو:
ص .0١ والكتاب طبع في لغته الأصلية سنة 1914م سبق هذا التاريخ سئون عدة
لجمع المعلومات أثناء رحلة قام بها المؤلفان في الشام. ويذكر مؤلفا الكتاب عن
يعقوب كريش بأنه يجتمع عنده في جامع صغير طوائف من أهل الملل المختلفة.
2 مغامرات في بلاد العرب. ويليام ب. سيبروك (رحالة أمريكي): ص .55١٠ وكان
لقاء الرحالة بهذا الدرويش في حدود سنة 19375م.
(4) مغامرات في بلاد العرب» ويليام ب. سيبروك: ص 705.
(6) المرجع السابق: ص 107.
وحدة الأديان في عقائد الصوفية 22
ويشبه الشيخ شفيع وحدة الأديان بمخروط الله في قمته والبشر حول
قاعدة المخروط وبما أن المخروط شديد الانحدار فإن البشر لا
يصعدون إلى الأعلى بل يتوجه بعضهم شرقاً وبعضهم غرباً وكل فريق
يضلل الآخرء وهم لا يدركون أن الطرق كلها تنتهي إلى الله إذا صعدوا
للأعلى فقط”".
5 85 5 8
)غ0 ينظر مغامرات ف بلاد العرب» ويليام ب سيبروك : ص ك543- /إىا.
> وحدة الأديان في عقائد الصوفية
سسا السطعه لب سسا فس هن ا 77 اك تت 10د
المبحتت ار /
7 ان
كفر من اعتقد وحدة الوجود
تعتبر نظرية وحدة الوجود هي الأساس الذي قام عليه التصوف
الغالي» ومضمونها كما سبق هو أن ار واحدء هو وجود الله
تعالى» وأن وجود غيره وجود خيالي لا حقيقة له. وهي نظرية فلسفية
إلحادية قديمة» جوهرها نفي الألوهية من خلال مساواتها مع الطبيعة.
دون تفريق بين خالق ومخلوق. وعبّاد الأوثان- على شركهم بالله- لم
يتجرؤوا على أن يجعلوا آلهتهم عين الله بل قالوا: ما نَتَبُدُهُمْ إل
لِيعرِبونَآ إِلَ َه رُلَْ» [الزْمر: *].
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية كه : «اعلم أن حقيقة قول هؤلاء أن
وجود الكائنات هو عين وجود الله لا ا غيره ولا شيء
سؤاة اليقة»” :
والقائلون بوحدة الوجود متناقضون فيما يقولون به. ومن ذلك
قولهم بتنزل الذات الإلهية في مراتب الأحدية ثم الواحدية؛ ثم
الألوهية» وهكذا في تنزلات كثيرة حتى تصل إلى التنزل الأربعين فى
الإنسان الكاملء؛ فيلزم من هذا كله: التوقيت» والاتقضال:
والانفكاك, والاتصالء والتلازم وغير ذلك مما يفيد التعدد والكثرة»
وأن تكون القبلية والبعدية» والأولية والآخرية؛ زمانية ومكانية في نفس
الوقت. وهذا يفيد الاختلاف والتغاير بين الحق والخلق». وينقض
ع
.5/4 مجموعة الرسائل: )١(
وحدة الأديان في عقائد الصوفية
القول بوحدة الوجود من أساسه.
كما أن هذه النظرية لا تمت للعقل بصلة أبداً ؛ إذ لا يمكن
تصورها بحال من الأحوال» فهي تخالف المنطق السليم» والحس»
والذوق» والواقع؛ بالإضافة إلى ما فيها من غموض يجعل من الصعوبة
بمكان هضمها فضلاً عن الإيمان بها. كما أنها تتناقض مع الإسلام
كلية» والأديان قاطبة التي تثبت وجود موجودين: الله والعالم ؛ متباينين
في كل شيء منفصلين تمام الانفصال. أحدهما وجوده رهن بإرادة
الآخر.
وهي إلحاد واضحء, وكفر صريح بدين الإسلام» الذي ينزه الله
تعالى عن أن يظهر ويتجلى في المخلوقات الكاملة» فكيف بعجل بني
إسرائيل وغيره من الحيوانات وما دونها مرتبة من صنوف الموجودات.
كذلك فإن هذه النظرية- أعني نظرية وحدة الوجود- تجعل من
الألوهية نتاج العقل البشري من جهة. ومن جهة ثانية فهي تجعل الإلهية
وجود فقطء وهذا عين ما يقول به ملاحدة هذا العصر.
والقول بوحدة الوجود هو شر الأقوال كلها كما قال شيخ
الإسلام؛ لأن الاتحاد الخاص والحلول الخاص علاقة خاصة بين
الرب مع عبده الذي قربه واصطفاه؛ وذلك مخصوص عند من قال به
بمن عظموه كالمسيح والأولياء» بينما القائلون بوحدة الوجود جعلوا
ذلك سارياً في الكلاب والخنازير والأقذار والأوساخ. وإذا كان الله
تعالى قد قال: ظلَقَدَ كَقرٌ أل كَلْوَا إِنَّ ألَهَ هر الْمَسِيعٌ أبْنُ
مَرْيّ» [المّائدة: 17]. فكيف بمن قال: إن الله هو الكفار والمنافقون
هي وحدة الأديان في عقائد الصوفية
والصبيان والمجانين والأنجاس والأنتان وكل شيء”".
والتناقض في وحدة الوجود ظاهر إذ لو اتحد الخالق بالمخلوق»
فإن بقيا موجودين فهما اثنان لا واحدء فإن عدما لم يكن هناك اتحاد
أبداً بل وجد ثالثء. فإن عدم أحدهما وبقي الآخر لم يحصل اتحاد؛
لأن الفاني لا يتحد مع الباقي.
يقول الرازي: «أن تصير نفس هذه الحقيقة بعينها نفس حقيقة
أخرى» فهذا قول باطل» والدليل عليه: أنهما عند الاتحاد إما أن يكونا
باقيين» أو يكونا معدومين» أو يكون أحدهما باقياً» والآخر معدوماً.
فإن كانا عند الاتحاد باقيين؛ فهما اثنان لا واحد. فكان القول
بالاتحاد باطلاً. وإن كانا معدومين؛ فهما قد عدماء وهذا الذي حصل
وحدث شيء ثالث مغاير لهماء وهذا معقول إلا أنه ليس من باب
الاتحافة وأنا" إن قلهاة :إن هثن الأتها كرتن احدهنا باقيا كرون
الثاني فانياًء فهذا أيضاً باطل لأنهما لو اتحدا؛*لزم أن يقال: إن
الموجود عين المعدومء وذلك باطل قطعاً. فثبت أن القول بالاتحاد
يا 0
ويقول شيخ الإسلام ابن تيمية: «هذا (القول)- مع كفره العظيم-
متناقض تناقضاً ظاهراً؛ فإن الوجود إذا كان واحداً فمن المحجوب
ومن الحاجب؟ ولهذا قال بعض شيوخهم لمريده: من قال لك إن في
.19/7"-11/17 /7 ينظر مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية: )١(
(؟) المطالب العالية: ؟/5١٠. وينظر معالم أصول الدين للرازي: ص55-40»
ولوامع البينات للرازي: ص590-755» ومقامات الصوفية» للسهروردي المقتول:
ص ”87. ومجموع فتاوى شيخ الإسلام: فالخضيرة
وحدة الأديان في عقائد الصوفية 22
الكوة سوئ الله فقد كذن» فقال له مريده: 'فعن عو الذي كدب
كما أن الاتحاد يلزم منه أن يكون الواجب هو الممكن» والممكن
هو الواجب وهذا محال. أيضاً فإن الحال في الشيء يفتقر إليه في
الجملة» والافتقار إلى الغير ينافي الوجوب. كذلك فإن الحلول في
الغير إن لم يكن صفة كمال؛ وجب نفيه عن الواجب. وإن كان صفة
كمال لزم كون الواجب مستكملا بالغير وهو باطل وفاقا. كذلك لو حل
الله في شيء وجب أن يكون هذا الشيء حاصراً له» ويتخذ هيأته» وفي
عدا مه النقصق: فالا تليق بالفالق عر وننل”".,
كذلك لا يلزم الاشتراك في مسمى الوجود أن يكون وجود الرب
عين وجود العبد». وإن كان بين الوجودين قدر مشترك؛ هو مطلق
الوجود الذي هو ضد العدم. فالوجود مشترك لفظي بين الأشياء؛
كالاشتراك في الأسماء التي يسميها النحاه اسم الجنس ويقسمها
المنطقيون إلى جنس ونوع وفصل وخاصة وعرض عام» كالإنسانية في
مسمى الإنسان والحيوانية في مسمى الحيوان» وهكذا. فالموجودات
تشترك في مسمى الوجودهء ولا يلزم من اشتراكها في المسمى أن يكون
كل واحد عين الثاني.
يقول شيخ الإسلام: «جعلوا وجود المخلوق هو وجود الخالق».
وقالوا الوجود واحدء ولم يميزوا بين الواحد بالعين» والواحد بالنوع.
فإن الموجودات تشترك في مسمى الوجودء كما يشترك الناس في
.77”١0ص الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان: )١(
.66-85 /5 ينظر شرح المقاصدء للتفتازانى: )0(
22 وحدة الأديان في عقائد الصوفية
سعد سس ا سس ا 90د
يكون مشتركاً كلياً إلا في الذهنء وإلا فالحيوانية القائمة بهذا الإنسان
ليست هي الحيوانية القائمة بالفرس» ووجود السماوات ليس هو بعينه
وجود الإنسان؛ فوجود الخالق جل جلاله مباين لوجود مخلوقاته)”".
ويقول : «الاشتراك في هذه الأسماء : هو مستلزم لتباين الأعيان»
وكون أحد المشتركين ليس هو الآخرء وهذا مما يعلم به أن وجود
الحق مباين لوجود المخلوقات. فإنه أعظم من مباينة هذا الموجود لهذا
الموجود. فإذا كان وجود الفلك مبايناً مخالفاً لوجود الذرة والبعوضة»
فوجود الحق تعالى أعظم مباينة لوجود كل مخلوق من مباينة وجود
ذلك المخلوق لوجود مخلوق آخر)”".
إلى أن قال: «فإن الوحدة المعينة الشخصية تمتنع في الشيئين
المتعددين؛ ولكن الوجود واحد في نوع الوجودء بمعنى أن اسم
الموجود اسم عام يتناول كل واحدء كما أن اسم الجسم والإنسان
ونحوهما يتناول كل جسم وكل إنسان» وهذا الجمثم ليس هو ذاك»
وهذا الإنسان ليس هو ذاكء وكذلك هذا الموجود ليس هو ذاك)0”".
والعبد له وجود يليق بضعفه وعجزه. كما أن للخالق وجوداً يليق
بجلاله وعظمته؛ والله سبحانه هو المنعم على عبده العاجز بهذا
الوجود.
() الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان: ص7١7» وينظر مجموع الفتاوى:
.”6٠ /"7 ورسالة إلى أهل الثغر: ص"١5-17١71.
(0) مجموع الفتاوى: 7/ .0٠ وينظر منهاج السنة: 81-70/8.
(؟) مجموع الفتاوى: ؟7/١50. وينظر الرد على أبي الحسن الشاذلي» لابن تيمية:
ص 718-95١١
وحدة الأديان في عقائد الصوفية 22
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية : «العبد موجود وثابت ليس بمعدوم
منتف؛ ولكن الله هو الذي جعله موجودا ثابتاء وهذا هو دين
المسلمين ؛ أن كل ما سوى الله مخلوق لله موجود. يجعل الله له
وجوداً ؛ فليس لشيء من الأشياء وجود إلا بإيجاد الله له)”".
أيضا يجب التفريق بين نوعين من الوجود: الوجود المطلق
والوجود الإضافي «فإن لفظ الوجود ومعناه المطلق يشترك فيه كل من
الممكن والواجب» والحادث الأزلي» فالله يوصف بأنة موحود»
والتخادط يقال له آيقا "نحنف والوسوة المطلق لا روح ماه
إلا في الذهن. وأما الوجود الإضافيء فإنه يخالف الوجود المطلق في
ذلك» فإنه لا يشترك فيه كل من الممكن والواجب» بل هو خاص بما
أضيف إليه. ثم إن معناه يكون موجوداً في الخارج. والفرق بين وجود
ممكن الوجود وواجبه: أن الممكن حادث سبق وجوده عدم» ويلحقه
الفناء»ء وهو في حاجه دائمه ابتداءً» ودوامّاء إلى من يكسبه ويعطيه
الوجود بل ويحفظه عليه. وأما واجب الوجودء فإنه لم يسبق وجوده
عدم ولا يلحقه فناء» ووجوده من ذاته لم وت ع ري
وقول المتصوفة القائلين بوحدة الوجود أن الخلق مظاهر ومجالٍ
للحق» وقولهم: ظهر الحق وتجلىء» وهذه مظاهر الحق ومجاليهء وهذا
مظهر إلهي ومجلى إلهي» ونحو ذلك» فلا يخلو من ثلاثة أمور :
© الأمر الأول : أن تجلي الخالق في المخلوق تجل ذاتي. فإن
كان هذا هو المقصود فهو باطلء. لأنه يلزم منه أن يكون الله عين
.1١6 مجموع الفتاوى: ؟/ )١(
(؟) علم التوحيد» د. عبدالعزيز الربيعة» ص658.
> ومحدة الأديان في عقائج الصوفية
-“المخلوقات كافة»ء وأن الكلاب والخنازير والنجاسات والشياطين
والكفار هي ذات الله أو هي وذات الله متحدتانء أو ذات الله حالة
فيهاء وهذا الكفر أعظم من كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح بن
مريم» وإن الله ثالث ثلاثة وإن الله يلد ويولد»ء وإن له بنين وبنات0©.
© الأمر الثانى : أن المراد بالتجلى أن يظهر الخالق للمخلوقات
حش وله نود فه نسيل 2ف لاريت أن الله سور عرزن سيد
لكن مرادهم باطل من ثلاثة أوجه:
الوجه الأول: أنهم جعلوا الحق تعالى معلوماً للمعدومات التي
لا وجود لها لكونه قد علمهاء واعتقدوا أنها إذا كانت معلومة يجوز أن
تصير عالمة» وهذا عين الباطل.
0 الوجه الثاني: كذلك فإنهم جعلوا من المعدوم عالماً قادراً
فاعلاً قبل وجوده»ء وهذا محال.
0 الوجه الثالث: أن هذا ليس حكم جميع الكائنات المعلومة.
بل بعضها هو الذي يصح منه العله”".
© الأمر الثالث : أن يكون مرادهم بالتجلي هو أنه تعالى ظهر
لخلقه بها وتجلى بها؛ لكونها آيات دالة عليهء وهذا مردود من
وجهين :
© الوجه الأول : أنها لا تصير آيات إلا بعد أن يخلقها ويجعلها
موجودة» لا في حال كونها معدومة. وهؤلاء لم يثبتوا أنه خلقها ولا
.”7/4 ينظر مجموعة الرسائل والمسائل: )١(
زف ينظر مجموعة الرسائل والمسائل: ريه
وحدة الأديان في عقائد الصوفية
2 -
جعلها موجودة» ولا أنه أعطى شيئاً خلقهء بل جعلوا نفسه هو هى
المتجلية له.
© الوجه الثاني : أنهم قد صرحوا بأنه تجلى لها وظهر لهاء لا أنه
ولأنها 'لقة جلها آنات تكوق النضرة ودكرق لكل طيت منت +
والقول بوحدة الوجود يقتضي بأن البشر جزء من الله» ولكن الواقع
خلاف ذلك فإن الإنسان يجوع ويعرى تلم بل ويسعى لطلب
الرزق» وتمر به أحداث ووقائع تجعله غير أهل للوحدة الإلهية.
ومن المتناقضات فى هذه النظرية أن الإله فيها مطلق. إذ من
الثابت عند الناس كافة أن العبادة تكون لإله معين ذي صفات معينة
يعرف بهاء ويفرق بينه وبين من يدعي الألوهية في ضوئها. لكن إله
وحدة الوجود مطلق لا يمكن معرفته والوصول إليه؛ فهل يعقل أن
تكلنية المقق نبوا تفقوو العحمة بوالرزرق سق المظلق 1
ومن ذلك ايف : أنه إذا كان العالم كما تزعم وحدة الوجود- وكل
ما يوجد فيه إلهياًء كان الشر الموجود فيه من كفر ومعاص» ومن
شياطين ومردة وجبابرة لا بد أن يكون إلهياً أيضاً؛ لأنها لا تعدو أن
تكون آثاراً ومظاهر لأفعال الله» وأنها من هذه الناحية من صفات
الكبال الإلهى””.
.754/5 ينظر مجموعة الرسائل والمسائل: )١(
(') ينظر التصوف والفلسفة / ولتر ستيس: ص ؟7٠١".
©) ينظر التصوف والفلسفة / ولتر ستيس: ص ."١7 وفي التصوف الإسلامي
وتاريخه» نيكلسون: ص 48.
١ وحدة الأديان في عقائد الصوفية
ولقد ترتب على القول بوحدة الوجود -أي القول بأن كل وجود
وكل فكر وعمل هو في الحقيقة لله - لوازم خطيرة لم يتحرج الصوفية
من التسليم بها. فمن ذلك:
-١ وصف الله جل وعلا بصفات النقصء وبما لا يليق بمخلوق
فضلاً عن أن تنسب هذه النقائص إلى خالق حكيم. فقد صرحت
الاتحادية بأن جميع المخلوقات حتى الكلاب والخنازير والنجاسات
والشياطين والكفار هي ذات الإله.
يقول شيخ الإسلام: «ولما كان أصلهم الذي بنوا عليه أن وجود
المخلوقات والمصنوعات حتى وجود الجن والشياطين والكافرين
والفاسقية والكلات:والختاريز والتجاسات والكفن.والفسوق والعصيان
عين وجود الرب. لا أنه متميز عنه منفصل عن ذاته)”".
ومن الأمثلة على عدم تنزيههم لله من الاتحاد مع النجاسات ما قاله
صاحب الفصوص: «فالعلي لنفسه هو الذي يكوب له الكمال الذي
يستوعب به جميع النعوت الوجودية» والنسب العدمية» سواء كانت
محمودة عرفاً أو عقلاً أو شرعاًء أو مذمومة عرفاً وعقلاً وشرعاً» وليس
ذلك إلا لمسمى الله خاصة)9".
ويقول ابن سبعين: «اختلط في الإحاطة الزوج مع الفرد» واتحد
فيه الفجوة )مع الوزوهة.
.7/4 مجموعة الرسائل: )١(
(0) الفصوص لابن عربي: 2/١ /الاء وينظر الكتاب نفسه: ص 4ا-41, 188.
() من معاني النجو لغة: ما يخرج من البطن من ريح أو غائط (القاموس المحيط.
الفيروزآبادي)» مادة "نجا".
(5) كتاب الإحاطة. ابن سبعين: ص »١57” وينظر النادرات العينية: ص ٠لا-هلا.,
وحدة الأديان في عقائد الصوفية 22
وسكل التلمساني» وقد مر بكلب أجرب ميت : هذا أي من ذات
الله؟ فقال: «وثم خارج عنه؟0"'". ومر التلمساني ومعه شخص فاجتازا
بكلب فَرَكَضَّه الآخر برجله. فقال: ١لا تركضه فإنه منه»”".
ويقول الدهلوي”" : «ولا يهولنك صدور الكائنات الدنسية من
سنح القدوسية على سبيل الظهور والتمثل» فإنه لكل متدنس قدوسية هي
عد ع : ع )ع2
أقرب من حبل وريده» وهو أبعد منها بما هو هو كبعد المشرقين» '.
وقول #مضيظفى ١ الع وك :"لفون كتنف بالسيير' اللطنه الطا هرقن
كه الجزاتت:اللعسيس تاوالت
ويقول المستغانمي :
0 - ك1 ؟ يه ع * ووه
ف س| ا مس ١م 1ه 5 2 : 8 ً 30-8 )3ن
فنقل نقطة الزّين للرين وانظروا فما الشين إلا الزّين بالنقطة يكملا
والرّين في تلك الجهات تعنى : الدَّنّسٌءِ والحُبتُ”". تنزه الله
)١( مجموع الفتاوى: ؟09/7".
0( مجموع الفتاوى: ؟97/79١7.
,2 ولي أحمد بن أبي الفيض عبدالرحيم الفاروقي الدهلوي» من دلهي» فقيه ومحدث
مشهور إلا أنه أيضا اتحادي جلد. ولد سنة (5١١١ه) وتعلم العربية والفارسية والعلوم
الشرعية على علماء عصره؛ رحل سنة (57١١ه) إلى مكة ومكث فيها مجاوراً سنتين»
توفي سنة (11/5١١ه) ينظر نزهة الخواطر: 5/ 98”, والأعلام: .١159/١
(5) الخير الكثيرء للدهلوي: ص »7١ وينظر الإنسان الكامل: 9/7.
(5) حاشية العروسي: (؟7/ »)3١ عن الكشف عن حقيقة الصوفية» للقاسم: ص4١١.
(5) الشيخ أحمد العلوي الصوفي المستغانمي الجزائري» د. مارتن لنجر: ص .7١9
10 ينظر: لسان العرب: 1/ 2191-1937 وتاج العروس: 18/ 2791-707 مادة (رين).
يي وحدة الأديان في عقائد الصوفية
وتقدس غما يصفه به الجاحدون وتعالى غلوا كبيراً.
؟- يستبيعد مذهب وحلدة الوجود فكرة الخلق والإيجاد من عدم.
والخلق المحدد في زمان ومكان» ويستبدل ذلك كله بنظريات فاسدة؛
كالفيض والتجلي والتنزل والحلول والانبثاق؛ لأنهم لو أتهوا الخلق
لأثبتوا خالقاً ومخلوقاًء وهذا ينقض نظريتهم من أساسها؛ والتي تنفي
وجود خلق وخالق» فالكل عين واحدة فيما يزعمون. وأصحاب مذهب
الوحدة لو ذكروا الخلق» فهو من باب المجاراة والعرف لا إقراراً منهم
بأن هناك خالق ومخلوق. وحقيقة الخلق عندهم كما يقرره شيخهم ابن
عربي: «تجلي إلهي فيما لا يحصى عدده من صور الموجودات وتغير
دائم وتحول في الصور في كل آن6'“. يقول ابن عربي: ما كنت به في
ثبوتك ظهرت به في وجودك.. وما يبقى للحق إلا حمد إفاضة الوجود
لأن ذلك له لا لك)”".
؟- نفي صفات الله تعالى الثابتة له في الكتاب والسنة» ومن ذلك:
صفة المشيئة وصفة الإرادة عن الله تعالى» فقد نقل الجيلي عن ابن
عربي قوله: «لا يجوز أن يسمى الله مختاراً فإنه لا يفعل شيئاً
بالاختيارء بل يفعله على حسب ما اقتضاه العالم من نفسه. وما اقتضى
العالم من نفسه إلا هذا الوجه الذي هو عليه؛ فلا يكون مختاراً»””.
وهذا وصف لله بالعجز وأنه يقع في ملكه تعالى مالا يشاؤه جل وعلاء
وقد وافق أهل الوحدة الفلاسفةَ في وصفهم الله بهذا الوصف.
)١( تعليقات الدكتور أبو العلا عفيفي على فصوص الحكم لابن عربي: ص8.
(؟) قصوص الحكم: ص”87.
(”) الإنسان الكامل: .49/١
و يي ل
مصحاء
اد موقي رع 2
وحدة الأديان في عقائد الصوفية
كما نفى القائلون بوحدة الوجود صفة العلم عن الله تعالى؛ يقول
للعلم أثر في المعلوم» بل للمعلوم أثر في العلم» فيعطيه من نفسه ما
هو عليه فى عينه)7, أىق: إن الله يعلم الأشياء على ما هى عليه» ليس
إلى خلقه. يقول ابن تيمية - معقباً على ابن عربي -: (إنه جعل علم الله
حقيقة العبد لا من نفسه المقدسة» وأن علمه بالأعيان الثابتة في العدم
وأحوالها تمنعه أن يفعل غير ذلك» وأن هذا هو سر القدرء فتضمن هذا
وصف الله تعالى بالفقر إلى الآعيان وغناها عنه» ونفى ما استحقه بنفسه من
كمال علمه وقدرته» ولزوم التجهيل والتعجيز وبعض ما في هذا الكلام
المضاهاة لما ذكره الله عمن قال فيه : «إلَكَدَ صبيعَ أنه مَوْلَ ليت تَالْوَا إن َه
قي وَكنُ أَعْنِيكهُ» آل عِمرّان: ]18١ الآية» فإنه جعل حقائق الأعيان الثابتة فى
العدم غنية عن الله في حقائقها وأعيانها وجعل الرب مفتقرا إليها في علمه
بها فما استفاد علمه بها إلا منها كما يستفيد العبد العلم بالمحسوسات من
إدراكه لها مع غنى تلك المدركات عن المدرك»”".
5- الاعتقاد بوحدة الوجود تكذيب لله تعالى الذي وصف نفسه فى
كتابه الكريم» وعلى لسان نبيه الكريم بأنه في السماء: علىٌ على خلقه
ذا م تور ©) أ لدم من فى التّمة ك ررسِلَ عَلَحْ عَاصِبا سَتَعون
)١( فصوص الحكم: ص87-"47.
(؟) مجموع الفتاوى: ؟/ .5١١
> وحدة الأديان في عقائج الصوفية
كت يدر 402 [المُلك: 17-17 وقال سبحانه: #8إِلهِ يصعَد الكلم الطَيّبُ
لمعيل 1 ا ترقعة,» [فاطر: »]٠١ وقال عر وجل : وهو الْمَاِهر وق
عبَادِوء وهو الحكم اير ©4 [الأنعَام: 14]» وقال تعالى: «#َافُونَ ربجم من
اسح سر مه
وهم وَيَنْعلُونَ مَا مؤْمَرُونَ )4 [التحل: 50]. وقال تعالى : تي الْمَلِيِكَةُ
الوح إِليّ» [المعارج: 4]» وغيرها من الآيات الدالة على علوه سبحانه.
وأما في السنة: فقال كَكةٍ للجارية: «أين الله؟ قالت: في السماء. قال:
من أنا؟ قالت: أنت رسول الله. قال: أعتقها فإنها مؤمنة)"''. وعن أبي
هريرة وه عن النبي كَل قال: «إن الله لما قضى الخلق» كتب عنده
فوق عرشه: إن رحمتي سبقت غضبي"”"2» وعن أم المؤمنين زينب وكيا
أنها كانت تفخر على أزواج النبي كَل فتقول: «زوجكن أهاليكن»
وزوجني الله تعالى من فوق سبع سماوات”". وعن أبي هريرة ضله
قال: قال النبي كي : «الملائكة يتعاقبون: ملائكة بالليل وملاتكة بالنهار
ويجتمعون في صلاة الفجر وصلاة العصر ثم يعرج إليه الذين باتوا فيكم
فيسألهم وهو أعلم فيقول كيف تركتم عبادي فيقولون تركناهم يصلون
وأتيناهم يصلون»”*". وغيرها من الأحاديث الصحيحة الدالة على علو
الله تعالى ومباينته لخلقه جل وعلا.
0- ترئب على عقيدة وحدة الوجود القول بقدم العالم» يقول ابن
.ل٠١ سبق تخريجه: ص )١(
(0) رواه البخاري: كتاب التوحيد (77) باب #رركات عَرَشُة, عل الْملوِ» [مُود:
/اأء رقم 00/0
(*) سبق تخريجه: ص ١١٠١ل.
(5) رواه البخاري: كتاب بدء الخلق (5) باب ذكر الملائكة» رقم (07771. ومسلم:
كتاب المساجد (7”) باب فضل صلاتي الصبح والعصرء رقم (5815) .474/١
وحدة الأديان في عقائد الصوفية 22
عربي : «نهاية الدائرة مجاورة لبدايتها وهي تطلب النقطة لذاتها والنقطة
لا تطلبها فصح نهاية أهل الترقي من العالم وصح افتقار العالم إلى الله
وغنى الله عن العالم وتبين أنه كل جزء من العالم يمكن أن يكون سببا
في وجود عالم آخر مثله لا أكمل منه إلى ما لا يتناهى فإن محيط
الدائرة نقط متجاورة في أحياز متجاورة ليس بين حيزين حيز ثالث ولا
بين النقطتين المفروضتين أو الموجودتين فيهما نقطة ثالثة لأنه لا حيز
بينهما فكل نقطة يمكن أن يكوّن عنها محيط وذلك المحيط الآخر
حكمه حكم المحيط الأول إلى ما لا نهاية»”'". ويقول ابن عربي :
الحمالله الذي بوجوده ظهر الوجود وعالم الهيمان
والعنصر الأعلى الذي بوجوده ظهرت ذوات عوالم الأمكان
من غير ترنين كلا معقدم. افتيداولا متاخ بالاآن
5- الاعتقاد بوحدة الوجد فيه إنكار لمعجزات النبي محمد وَِكِِ
ومنها الوحي» والمعراج». وغيرها: فإذا كان«المعبود هو العابد»
والمرسل هو الرسولء. فهو يوحي إلى نفسه بنفسهء فلا ثم غيره.
ويعرج إليه به فلا ثم غيره.
- إن القول بوحدة الوجود يؤدي إلى إسقاط الأديان جميعها
وإزالة الفوارق بين مختلف العقائد وصهرها وإذابتهاء ومن ثم قولبتها
في دين صوفي جديد يعلو على التعصب والحواجز بين الأديان. وقد
عضى معنا "يان ذللقة كله د يقل 1كلنيوة « الزن الامتلام ينقد كل مغناةة
ويصبح اسماً على غير مسمى لو أن عقيدة التوحيد المعبّر عنها ب "لا
."7894-878/١ الفتوحات المكية: )١(
.577 / (؟) الفتوحات المكية:
2 وحدة الأديان في عقائد الصوفية
إله إلا الله" أصبح المراد بها : لا موجود على الحقيقة إلا الله.
وواضح أن الاعتراف بوحدة الوجود في صورتها المجردة قضاء تام
على كل معالم الدين المنزل. ومَحْوٌ لهذه المعالم مَحُواً كاملاً)”".
8- أدى القول بوحدة الوجود إلى القول بترقي المخلوقات
وتطورها وتحولها في الخلق: ففي الطاوية مثلآً» جميع الأنواع تحتوي
على نطف. هذه النطف تصير في الماء ضفدعاً ومحارة» على الشاطىء
تصير مخلوقات نباتية» ثم يتطور قسم منها إلى حشرات» وتستمر
التصيرات متسلسلة لتنتهي إلى الحصانء ومن الحصان يولد الإنسان»
كذلك الحال في البوذية. وفي الفكر اليوناني نجد ماء طاليس يتحول
بالرطوبة والبرودة إلى نبات وحيوان» ونار هيراقليس تتحول في الصورء
ان
وعلى غرار هؤلاء سار متصوفة المسلمين؛ فهذا النابلسي يقول:
«إذا تم الجسم في جماديته» وقَبلَ أن يترقى إلى عالم*النباتية» قويت فيه
روح جماديته» فصارت روحاً نباتية. فإذا تمت نباتيته وَقَبِلَ أن يترقى إلى
عالم الحيوانية» قويت فيه روح نباتية» فصارت روحا حيوانية فيه.. فإذا
تمت حيوانيته وقَبِلَ أن يترقى إلى عالم الإنسانية» قويت فيه روح
حيوانية بابتداء ظهور العقل فيه؛ فصارت روحاً إنسانية فيه»”".
.٠١؟ في التصوف الإسلامي وتاريخه: ص )١1(
6 ينظر الفكر الشرقي» يوئح شوون كيم: ص 314-/39: والمستطرف الصنيني» هادي
الطلريةة من 51117 وقارية الفلنقية البوتانية + روسك كوم من 1211
.14-١ وقد سبق المتصوفة الإنجليزي تشارلز دارون التى تنسب إليه هذه النظرية»
ولكلة أخلها هم الضوفة؟ :
9" الوجود الحق: ص”١35. وممن قال بالتناسخ من الصوفية: القونوي في -
وحدة الأديان في عقائد الصوفية 29
9- أدى القول بوحدة الوجد إلى اعتقاد الصوفية بعقيدة التقمص
والتناسخ التي تفيد تنقل الروح الواحدة في عدة أجساد. وهي في
أشاها عقيدة هندية ثم قال بها فلاسفة اليونان» وانتقلت إلى بلاد
المسلمين عن-طريق غلاة الشيعة وسائر:الفرق الباطنية» ومنتهم إلى
الصوفية» يقول الصوفي الإيراني المعاصر محمد صادق عنقا شاه'" :
(الميلاة والمولع غيازةن نور لياق الأ ككالنالطيصية »7ك ويفرل
محيي الدين الطعمي : «كل من يخرج عن هذه العين (الحق تعالى)
ويف اتجيده فى ليور شتى76.
ويحكي أحمد التيجاني أن تلميذاً ذهب ليحضر علاجاً من عند أحد
الأمراءء فذهب وعاد بالعلاج» وذكر لشيخه ما فعل الأمير معه من
الفرح والتعظيم والاكرام بحال لم يكن معتادًا منه. فقال له الشيخ: أنا
- مفتاح الغيب: ص 21١5-1١١7 والفكوك في أسرار مستئدات حكم الفصوص» له
أيضًا: ص 755, والفناري في مصباح الأنس: ص 4547-1775 وابن سبعين في
بد العارف: ص .١١17 وربما يفهم التناسخ من قول سنائي الغزنوي في حديقة
الحقيقة.(١/77؟7): "يموت الموت من أهل النفس والنمّس. ولا يموت المرء
ثانية "2 والله أعلم.
)١( محمد صادق عنقا شاه مقصود بير أويسي: صوفي إيراني معاصرء يرجع نسبه إلى
السلطان الإيراني حسين الصفوي. ولد في مستهل القرن الميلادي الماضي. درس
على والده؛ وغيره علوم الطريقة» وخلفه على الطريقة بعد وفاته. شارك في مؤتمر
ناصر خسروء الذي انعقد في مدينة مشهد في إيران في سبتمبر من عام (191/5م).
لا زال حياً حتى تاريخ : /"٠ /48١ه الموافق: ١٠/19178/7م» تاريخ انتهائه
من رسالته: '"سراج الهدى'. ينظر: مقدمة مترجمي رسائل صاحب الترجمة»
الموسومة ب "من الفكر الإيرانى المعاصر": ص79-/!ا".
(9) :مغالم الفكرء :محمد صادق عتقا شاه: صن 197
(*) فناء اللوح والقلم في شرح فصوص الحكمء محبي الدين الطعمي: ص .5١
42 وحدة الأديان في عقائد الصوفية
فعلت ذلك كله؛ لما رأيت حرصك وشوقك واحتراقك على الدواء.
وذهبت عنده؛ خفت عليك أن يسوء حالك عنده لعدم معرفته بك؛
فتستوحش من ذلك؛ فانتقلت من ههنا بروحي» نقلت روحي من
جسدي وسبقتك إليك» ودخلتٌ في جسده حتى لبست روحه وجسده»ء
فلما دخلتء أنا الذي قمتٌ إليك0".
-٠١ والقول بوحدة الوجود يفيد أن العالم كله ليس له معنى وهذا
القول مدمر للأخلاق الفاضلة في النفس البشرية» ويذهب بالمسؤولية
التي هي مناط الثواب والعقاب ويؤدي إلى إنكار الجنة والنار» وإسقاط
التكاليف وتجاوز الأمور الشرعية؛ فالحلال هو الحرام» والصدق هو
الكذبء. والحق هو الباطل؛ لأن الإنسان في هذا العالم لا يملك أي
مسوغ لممارسة الأخلاق الفاضلة التي يوجبها الشارع؛ فبالتالي ينعكس
هذا الجانب سلباً في حياته الخاصة والعامة.
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: «الذي يؤول إليه كلامهم ويصرحون
به في مواضع: أن الحقائق تتبع العقائدء وهذا أحد أقوال
السوفسطائية؛ فكل من قال شيئاً أو اعتقدهء فهو حق في نفس هذا
القائل الحكقن ولذا يشعلرة "اللاي نا ويقوكرن : الغازت لا يكدي
أحداً؛ فإن الكذب هو أيضاً أمر موجود وهو حق في نفس الكاذب فإن
اعتقده كان حقاً في اعتقاده وكلامه. ولو قال ما لم يعتقده كان حقاً في
كلامه فقط. ولهذا يأمر المحقق أن تعتقد كلما يعتقده الخلائق..
ومضمون هذا الأصل أن كل إنسان: يقول ما شاء ويعتقد ما شاءء» من
.19-18/7 جواهر المعاني: )١(
وحدة الأديان في عقائد الصوفية
غير تمييز بين حق وباطل» وصادق وكاذب, وأنه لا ينكر في الوجود
شيئاً: هذا من جهة الخبر والعلم. وأما من جهة الأمر والعمل» فإن
محققيهم يقولون: ما عندنا حرام؛ ولكن هؤلاء المحجوبون قالوا
حرامء فقلنا: حرام عليكم. فما عندهم أمر ولا و
-١ ترتب على الإيمان بوحدة الوجود نفي الحقائق الشرعية
كالجنة والنارء ووجود الملائكة والشياطين من جهة؛. ونفي للحقائق
الكونية من جهة ثانية كالموت والحياة» ووجود السماء والاأرض
ونحوهاء يقول نجم الدين كبرى: «واعلم أن النفس والشيطان والمَلّك
ليست أشياء خارجة عنك؛ ولا الجنة والنارء ولا الموت والحياة؛ إنما
هى أشياء فيك)0").
-١7 ومن لوازم وحدة الوجود انتفاء الوحي» قال ابن عربي : «لا
يلقى عليك الوحي من غير ولا ثُلقي”". وهذا لأنك عينه وهو فيك
فوحيك من داخلك ؛ فالوجود واحدء ولا فرق بين موج وموحى إليه»
ولا بين رب وعبدء فلا معنى إذاً لثنوية الوحي.
-١7 أدى الإيمان بوحدة الوجود إلى انتشار دعوى الألوهية
بين المتصوفة» فمن ذلك : أن البسطامي صلى بهم الفجرء والتفت
إليهم فقال: إني أنا لا إله إلا أنا فاعبدون. فقالوا جن أبو يزيدء
2
وتركوه .
.1٠١٠١-948/7؟ مجموع الفتاوى: )١(
(؟) فوائح الجمال وفواتح الجلال: ص١7١.
(©) الفصوص: ص "97.
(5) النور من كلمات أبي طيفور ضمن شطحات الصوفية لعبدالرحمن بدوي: .١1617
> وحدة الأديان في عقائد الصوفية
ويقول ابن الفارض :
ولا فلك إلا ومن تور باطدئى به مَلْكُ يهدي الهدى بمشيئتي
ولا قَظْرٌ إلا حل من فيض ظاهري به قطرةٌ عنها السحائبٌ سَحمت(0)
وقول ابن الفارضن أرقا
-
وفيّ شهدت الساجدين لمظهري فحمقّت أني كنت آدم سَّجدتي
٠.
آحف
زفق
يقول القاشاني”" في شرحه لهذا البيت: «أي عاينت في نفسي
الملائكة الساجدين لمظهريء» فعلمت حقيقة أن كت في سجدتي آدم
تلك الشحجدة :: وأن الملائكة يسجدون لي والملائكة صفة من صفاتي
فالساجد صفة مني يسجد لذاتي»”*2.
ويقول الجيلي :
وإني رب للأنام وسسيد جميع الورى اسم وذاتي مسجأة
١ _ يوم :. حيرم 5 86 )2
لي الملك والملكوت نسجي وصنعتي لي الغيب والجبزوت مني منشاه”
ويقول في موضع آخر مستدلاً بقول ينسبه إلى الرسول كَكلٍ تارة:
وإلى بعض مشايخ العجم تارة أخرىء. وهو قوله: «الصوفي هو
.3 07/5 ديوان ابن الفارضصء» التائية الكبرى» البيتان: 555-5456: ص )١(
(0) ديوان ابن الفارضء التائية الكبرى» البيت 5/ا5 :ص /1/ا7.
() عبدالرزرّاق جمال الدين بن أحمد بن أبي الغنائم محمد الكاشاني أو القاشاني»
صوفي مفسرء وله كتب كثيرة في التصوف. منها: كشف الوجوده الغرء ولطائف
الإلهام. ورشح الزلال.» وشرح فصوص الحكم.ء وغيرها. توفي سنة (٠”لاهء
وقيل: ه”لاه). ينظر: كشف الظنون: 2,73767/١ والأعلام: 00/7".
(5:) كشف الوجوه الغر: 98/7.
(4) الإنسان الكامل: ,5:-1١9/١
وحدة الأديان في عقائد الصوفية 209
الله“ . ويقول أيضاً: «إذا التفت والتحقت الذات الإنسانية بالذات
الرحمانية» بشهودها أنها عينها لا غيرها من كل جهةء وبكل اعتبار
وعلى كل حالء. وفي كل وقت على الدوام» فإلى مقام الربوبية
المحضة» يكون مساق هذا الإنسان» وحينئذ ترجع إليه- أي الإنسان-
الأمور: لأنه الحق الذي كان منه البداية والصدور.. فكن عين الذات
الإلهية من كل جهة» وبكل اعتبارء وعلى كل حال)”".
يقول فخر الدين الرازي : «إن الجهال إذا بالغوا في تعظيم شيخهم
وقدوتهم» فقد يميل طبعهم إلى القول بالحلول والاتحاد .. وشاهدت
عقن المؤؤرين ممن كان" يعيدا عن الدين كان يأمر أتباعة بأن يسجدوا
لهء وكان يقول لهم : أنتم عبيدي. فكان يلقي إليهم من حديث الحلول
والاتحاد أشياء. ولو خلا ببعض الحمقى من أتباعه؛ فربما أدعى
الالو
4- إن الاعتقاد بوحدة الوجود يلزم منه إسقاط التكاليف
الشرعية » فما دام الحق هو العبد» والعبد هو الحق» فمن المكلف؟
)١( المناظر الإلهية» للجيلي: ص .١17١ ونسبة مثل هذا القول إلى النبي يل كذب وافتراء؛
والوضع ظاهر في هذا اللفظ ؛ فلم يكن مصطلح الصوفي معلوماً في عهد النبي كَكهه.
(؟) شرح مشكلات الفتوحات المكية» عبدالكريم الجيلي: ص .151-١5٠
(9) التفسير الكبيرء للفخر الرازي: 5١//ا8-7". وادعاء الألوهية» والنبوة من قبل
غلاة الصوفية أصبح أمراً دارجاً بين أتباع الطرق» وبالذات الأعاجمء فالبكتاشية»
والحروفية» والبابائية» وأتباع بدر الدين بن اسرائيل (ابن قاضي سيماونه) وغيرهم؛
ينزلون شيوخهم منزلة الألوهية تارة» والنبوة تارة أخرى. ينظر: الموسوعة الصوفية:
د. عبدالمنعم الحفني: ص 5”. 257 117 والعثمانيون في التاريخ والحضارة» د.
محمد حرب: ,157-١7* وتاريخ الأدب التركي» د. حسين مجيب المصري:
ص 7”6-/ اوحكه,
> وحدة الأديان في عقائد الصوفية
ددر سس سس سس سس الس سس اس ا د
الرب حق والعبد حق يا لبت شغرفى + ال
وإظهار عوار هذه النظرية يحتاج إلى بسط ليس هذا موضعه؛
فمفاسد هذا المذهب كثيرة جداًء وهو أساس كل بلاء في التصوف”©
-١١6 أدى القول بوحدة الوجود إلى الع بن ادن : فجمع
أهل الوحدة بين التوحيد والشرك». وجمعوا بين الإيمان والكفرء
وجعلوا من الجمع بين النقائض علامة على معرفة الله". وجمع
النقائض والأضداد لا يمكن ذلك إلا في الخيال حتى أن ابن عربى
اعترف بذلك» فقال: «خلق عالم الخيال لبظهز فيه الجمع بين الأضداد
لأن الحس والعقل يمتنع عندهما الجمع بين الضدين والخيال لا يمتنع
عنده ذلك فما ظهر سلطان القوي ولا قوته إلا في خلق القوّة المتخيلة
وعالم الخيال فإنه أقر في الدلالة على الحق»”*“. ويقول: «لأن الخيال
هذه حقيقته أن يجسد ما ليس من شأنه أن يكون 'جسداً وذلك لأن
)١( الفتوحات المكية: .776/١ وقد سبقت الإشارة إلى شيء من هذا فى مبحث
الينة عند العتوفة: ْ ْ
() ذكر شيخ الإسلام في مجموعة الرسائل والمسائل: .١١5-877/5 وجومًا أخرى
تبطل القول بوحدة الوجودء تنظر للأهمية.
(9) قد ترد العبارة عند بعض المتصوفة ويريدون بها معنى صحيحًاء يقول ابن تيمية:
«ولهذا قيل لأبي سعيد الخراز بم عرفت الله؟ قال: "بالجمع بين النقيضين' و
أراد أنه يجتمع له ما يتناقض في حق الخلق كما اجتمع له أنه خالق كل شيء من
أقعال العباذ و خيرها لعن الأغيان والافعال .م نارقيها من الخيية بي أند عدن عقي
ا ا ا ل ا 0
ذلك حكيم عادل فإنه اعلم الأعلمين بي اجكم الحاكبيقة اه من مجبوع الفتاوى :
57 و وعبارة الخراز فى الفتوحات المكية أيضاً: 2455/7 75/5"
(5) الفتوحات المكية: 886/4.
وحدة الأديان في عقائد الصوفية
حضرته تعطى ذلك وما ثم في طبقات العالم من يعطي الأمر على ما
هو عليه سوى هذه الحصرة الخيالية فإنها تجمع بين النقيضين وفيها
تظهر الحقائق على ما هي عليه)”".
قال ابن تيمية كته عند قول ابن عربي:
عقد الخلائق في الإله عقائداً وأنا اعتقدت جميع ما اعتقدوه
«هو كلام متناقض باطل. فإن الجمع بين النقيضين في الاعتقاد في
غاية الفساد» والقضيتان المتناقضتان بالسلب والإيجاب على وجه؛ يلزم
من صدق أحدهما كذب الأخرى بجحو الجمع بينهما. وهؤلاء
يزعمون أنه يثبت عندهم فى الكشف ما يناقض صريح العقل» وأنهم
يقولون بالجمع بين النقيضين وبين الضدين» وأن من سلك طريقهم
يقول بمخالفة المعقول والمنقول. ولا ريب أن هذا من أفسد ما ذهب
إليه أهل السفسطة. ومعلوم أن الأنبياء عليهم السلام أعظم من الأولياء
والأنبياء جاءوا بما تعجز العقول عن معرفته ولم يجيئوا بما تعلم
العقول بطلانه» فهم يخبرون بمحارات العقول لا بمحالات العقول»
وهؤلاء الملاحدة يدعون أن محالات العقول صحيحة» وأن الجمع بين
النقيضين صحيح.ء وأن ما خالف صريح المعقول وصحيح المنقول
صحيح. ولا ريب أنهم أصحاب خيال وأوهام يتخيلون في نفوسهم
أموراً يتخيلونها ويتوهمونهاء فيظنونها ثابتة في الخارج» وإنما هي من
خيالاتهم. والخيال الباطل يتصور فيه ما لا حقيقة له؛ ولهذا يقولون
أرض الحقيقة هي أرض الخيال كما يقول ذلك ابن عربي وغيره»”".
ويقول أيضاً: «فإنهم لا يقرون بأن الخالق مباين للمخلوق كما
)١( الفتوحات المكية: ؟/ #/ا".
(0) مجموع الفتاوى: ”7/7 17-11"
وحدة الأديان في عقائد الصوفية
اتفق السلف والأئمة» وصرحوا بأنه مباين للخلق ليس داخلا فى
الفيكاوفات بول لمشترقا نعي اخلة مده يان تازه بمعار تدعا لاي ان ين
كل مكان». وتارة يجعلون وجوده عين وجود المخلوقات» وتارة يصفونه
بالأمور السلبية المحضة مثل كونه غير مباين للعالم ولا حال فيه» فهم
بين أمرين إما أن يصفوه بما يقتضى عدمه وتعطيله فينكرونه» وان كانوا
يقرون به فيجمعون في قولهم بين الإقرار والإنكار والنفي والإثبات»
وقد يصرح بعضهم بصحة الجمع بين النقيضين ويقول أن هذا غاية
التحقيق والعرفان» وإما أن يصفوه بما يقتضى أنه عين المخلوقات أو
جزء منها أو صفة لهاء وذلك أيضا يقتضى قولهم بعدم الخالق وتعطيل
الصانع وإن كانوا مقرين بوجود موجود غيره وإن جعلوه إياه» ثم
يجدون في المخلوقات مبايناً في ربوبية المخلوق فيقولون بالجمع بين
النقيضين كما تقدم. وقد يقولون بعبادة الأصنام وأن عباد الأصنام على
حق وعباد العجل على حق وأنه ما عبد غير الله قط إذ لا غير عندهم»
بل الوجود واحد ويقولون بامتناع الدعوة إليه» وأنه يمكن أن يتقرب إليه
ويصل إليه وهم يقولون ما عدم في البداية فيدعى إلى الغاية بل هو عين
المدعو فكيف يدعو إلى نفسه؟70".
7- إن الإيمان بوحدة الوجود ينافي الولاء والبراء في الإسلام»
حيث إن موالاة المؤمنين ومحبتهم؛ والبراءة من الكافرين وبغض ما هم
عليه من الشرك والكفر من صلب التوحيد الذي أتى به الأنبياء من الله
قال تعالى: للا يَدُ هَوَمَا ومو آله وَالبَوَوِ الآخْر يُوآدُوت من حآدً
لَه ورَسْوكُ وََوْ كوا -ابآدَهم أز أنسآءمم أو إخوتهز أو عَسِيركق»
- وه 3
بجادلة قال + ٠ لاس كوت مكل لس لسعم وى 2 | سمي لسع يم عنس
[المجادلة: ؟7]» وقال تعالى: «ويايما لّذنَ امنا لا تَنَخِدُوأْ عَدُوَى دو وَل
.400-479/5 مجموع الفتاوى: )١(
وحدة الأديان في عقائد الصوفية
تلقُوب إِلتهم بِالْمودَةَ وَهَدَ كُمَروأ يما جدكيْ ين ألْحَنّ) [المُمتحئة: .]١
الصوفية-: «وأما المرتبة الثالثة: ألا يشهد طاعة ولا معصية» فإنه يرى
أن الوجود واحدء وعندهم أن هذا هو غاية التحقيق والولاية لله» وهو
فى الحقيقة غاية الإلحاد فى أسماء الله وآياته» وغاية العداوة لله» فإن
فناحت :هذا المشية تكلا البهؤة والتضاوف وساتر الكفان اول
-١7 الاعتقاد بوحدة الوجود يؤدي إلى إسقاط الجهاد الذي فرضه الله
المسلمية: وهذا أمر مجمع عليه بين المتصوفة الاتحادية» يقول شيخ
الإسلام ابن تيمية : «وهذا يقوله كثير من شيوخ هؤلاء الحلولية» حتى إِن
أحدهم إذا أمر بقتال العدو يقول : أقاتل الله ؟ ما أقدر أن أقاتل الله . ونحو
هذا الكلام الذي سمعناه من شيو خهم » وبينا فساده لهم وضلالهم)”".
وهذا ما يقرره التيجاني» الذي عاصر الاحتلال الفرنسي للجزائر»
والإسبانى لشمال المغرب وللصحراء الغربية فيؤكد أن الكفار مرتبة من
مراتب تجليات الحق تعالى عن ذلك ؛ ولذا فالواجب على المسلم أن
يعظمهم لأن الأصل فيهم التعظيم» أما إهانتهم وإذلالهم فلا تعدو أن
تكون أحكاماً طارئة» والتعويل إنما هو على الأصل لا على ما طرأ.
يقول التيجاني: «الأصل في كل ذرة في الكون هي مرتبة للحق
سبحانه وتعالى» يتجلى فيها بما شاء من أفعاله وأحكامه. والخلق كلهم
مظاهر أحكامه وكمالات ألوهيته فلا ترى ذرة فى الكون خارجة عن
(؟) مجموعة الرسائل والمسائل: .111-1١1١١ /١
وحدة الأديان في عقائد الصوفية
هذا الأمرء فما ثم إلا كمالات ألوهيته» ويستوي في هذا الميدان
الحيوان والجمادات والآدمي وغيره» ولا فرق في الآدمي بين المؤمن
والكافر فإنهما مستويان في هذا البساط. ويكون على هذا الأصل في
الكافر التعظيمء لأنه مرتبة من مراتب الحقء والإذلال والإهانة
والصولة عليه للمؤمن من أحكام طارئة عليه لا تهدم قواعد الأصل»
لأن الأصل لا ينهدم. والأحكام الطارئة عوارضء والمرجع للأصل لا
للعوارضء؛ وكمال العلم فيه أن يعظم ؛ لأنه مرتبة للحق تجلى فيه
باحكا 0
يقول د. عمر فروخ - حول ترك الصوفية للجهادء وعدم مقاومتهم
العدو الغاصب وإذعانهم له-: «ألا يعجب القارىء إذا علم أن حجة
الإسلام أبا حامد الغزالي شهد القدس تسقط في أيدي الإفرنج
الصليبيين وعاش اثنتي عشرة سنة بعد ذلك» ولم يشر إلى هذا الحادث
العظيم. ولو أنه أهاب بسكان العراق وفارس وبلاد الترك لنصرة
إخوانهم في الشام لنفر مئات الألوف منهم للجهاد في سبيل الله
ولَوَفْروا إذن على العرب والإسلام عصوراً مملوءة بالكفاح». وقروناً
زاخرة بالجهل والدمار. وما غفلة الغزالي عن ذلك إلا لأنه كان في
ذلك الحين فل انقلب :ضوفي 6 وكدللة عافن ععوين القارضن:
ومحبي الدين بن عربي في إبان الحروب الصليبية» ولم يرد لتلك
الحروب ذكر في آثارهما. وبينما كان الإفرنج يغيرون على المنصورة في
مصر (541ه) تنادي المتصوفة ليقرأوا رسالة القشيري ويتجادلوا في
.41١/7 جواهر المعانى: )١(
وحدة الأديان في عقائد الصوفية
كرامات الأولياء)7".
22 2 5
إلى شيء من ذلك في أي من كتبه .
لقد استطاع المستعمرون اتخاذ التصوف مطية لاحتلال بلاد
الإسلام. ومما يحكيه التاريخ المعاصر: أن ا رفيا دخل
الإسلام» وسمى نفسه سيد أحمد الهادي» واجتهد في تحصيل الشريعة
حتى وصل إلى درجة عالية؛ :وعيّن إمَاماً لمسجد كبير فى القيروآن فلما
اقترب الجيش الفرنسى من المدينة» استعد أهلها للدفاع عنهاء وجاؤوا
يسألونه أن يستشير لهم ضريح شيخ في المسجد يعتقدون فيه» فدخل
سيد أحمد الضريح؛ ثم خرج مهؤّلاً لهم بما سينالهم من المصائب»
وقال لهم بأن الشيخ ينصحكم بالتسليم لأن وقوع البلاد صار محتماً
فاتبع القوم البسطاء قوله» ولم يدافعوا عن مدينة القيروان أدنى دفاع.
بل دخلها الفرنسيون آمنين في 76 أكتوبر سنة ١1841م”".
000( التصوف في الإسلام» د. عمر فروخ: ص ,.1١-94 وقصة اجتماع الصوفية لقراءة
الرسالة القشيرية أثناء الغزو الصليبي لمصرء ذكرها الشعراني في طبقاته: .١7/١
(') ينظر موجز تاريخ الأديان» فيلسيان شالي: ص27756 وفي نفس الموضع أشار
المؤلف إلى موقف الغزالي المستهجن من الاحتلال الصليبي للقدس.
,2 ينظر: التصوف في الإسلام» د. عمر فروخ: ص .١١ وللمزيد حول هذه النقطة
ينظر: تمييز المحظوظين عن المحرومين: ص ”"15. والأعمال الكاملة لمحمد
عبده 7794-1778/7. وتفسير المنار: 7/ “5-1 وفيه توضيح مهم لحقيقة الصوفية
ودورهم في انتشار البدع وترك الجهاد وينظر كذلك: الشيعة والتصوف في بلاد
النوبة» بحث من اعداد الشيخ محمد فاضل تقلاوي» نشر في مجلة كلية أصول
الدين بالرياضء» العدد الخامس: ص .,)0791-78٠0( وفي كتاب: المساجد -
وحدة الأديان في عقائد الصوفية
ويحسن الوقوف عند أهم دليلين يستدل بها هؤلاء المتصوفة في
تقريرهم لعقيدة وحدة الوجود.
الدليل الأول: قول الله تعالى: «#إوَسَهِ الْسْرِقُ ولعب كَأيْسمَا يه 2
عه أله ا لله واسِعٌ عِيِمٌ 09 4 البَقَئَة: 116].
يقول شيخهم في الضلالة ابن عربي : لبون مور وني
وأخبر عباده بذلك فقال ينه 0 7 وه 4 [البَقَرّة: ]١١١
, 220
ولا وجه أبداً لمتصوفة وحدة الوجود في الاستدلال بهذه الآية» إذ
إن الآية إنما نزلت بعد أن أمر الله المسلمين بالتوجه إلى الكعبة في
صلاتهم بدلاً من بيت المقدس؛ ؛ فخشي أناس أن تضيع أعمالهم
السابقة ؛ فبين تعالى أن جميع الجهات له سبحانه؛ فمن اجتهد في
القبلة فلم يصب فصلاته صحيحة. كما أن الذي يصلي النافلة على
الدابة فصلاته صحيحة مهما كانت وجهة دابته أو مركوبته.
ويشهد لهذا حديث جابر وَويّنء وفيه: «رأيت رسول الله َل فى
عو مان بد لي على راحلته متوجها قبل المشرق تطوعاً"”". وفي
في الإسلام. لطه محمد الولي. ص ٠٠١5 بيان مهم عن استغلال فرنسا
واستخدامها الطائفة التيجانية لمحاربة الحركات الجهادية التى قامت فى بلاد
الجزائر. ْ ١
)٠( الفتوحات المكية: 195-7051/7. وينظر: فلسفة وحدة الوجودء للصوفى: د
حسن الفاتح قريب الله ص8/ء /ال. والمؤلف من المعتقدين بوحدة الوجود.
(0) رواه البخاري: كتاب المغازي (””) باب غزوة أثمار» رقم .)1١50(
ومحدة الأديان في عقائد الصوفية
ماسر د علد
رواية: «أن النبي كك كان يصلي على راحلته قبل المشرق» فإذا أراد أن
يصلي المكتوبة نزل واستقبل القبلة وصلى6”'". وفي حديث ابن عمر
وبر : «كان النبي تل يصلي على راحلته تطوعاً أينما توجهت به ثم قرأ
ادو غنوت اهلها لاك اناا ورا َم وهُ أله [البَقَرّة: ]1٠6 وقال ابن
عمر: في هذا نزلت هذه الآية»”".
كذلك فإن الآية في سياقها العام أتت لبيان عظمة الله جل جلاله؛
فإنه تعالى أكبر من كل شيء» وأعظم من كل مخلوق» وهو محيط
بالعالم كله علويه وسفليه» ففي أول الآية ذكر تعالى إحاطة ملكه
وتصرفهء فقال : «وَلَهِ المْشْرِقُ وَالْعْرِبُ4 [البَقَرّة: 11] فهو مالك الجهات
وما بينها وما حولهاء ثم ذكر بعد ذلك عظمته سبيحانه وتعالى,
وأنه أعظم من كل شيءء وأكبر من كل شيءء فأينما ولى العبد
وجهه وقصده وإرادته فثم وجه الله» ثم ختم سبحانه هذه الآية باسمين
دالين على السعة والإحاطة. فقال : «إرك لَه وسِعٌ عَلِيِمٌ )4
[البَقَرَة: ]1١١6 لفريراً للمعنى السابق في الآية 1 على أتم وجه.
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: «قوله : وس اَلْتْرفقُ وَالَكْرْب كََيْتَمَا
وو كم وَجَهُ ألو أي قبلة الله. ووجهة الله. هكذا قال جمهور
السلف» وإن عدها بعضهم في الصفات» وقد يدل على الصفة بوجه فيه
نظرء وذلك أن معنى قوله :يتما توه أي تتولواء أي تتوجهوا
وتستقبلواء يتعدى إلى مفعول واحدء بمعنى يتولاها.. وهو الوجه
.)1١99( عند البخاري: كتاب تقصير الصلاة (9) باب ينزل للمكتوبة» رقم )١(
روأه مسلم: كتاب صلاة المسافرين 62 باب جواز صلاة النافلة على الدابة في (0
.545/١ 07٠١( السفرء رقم
وحدة الأديان في عقائد الصوفية
الذي للهء والذي أمر الله أن نستقبل» فإن قوله: «إهَلَه الْنْرِقُ والتزب"»
[البَقَرَة: ]١١8 يدل على أن وجه الله هناك من المشرق والمغرب الذي هو
الله كما في آية القبلة لما سألوا عن سبب التولي عن القبلة أخبر أن له
المشرق لمر
الدليل الثاني : قول النبي ذَكة: «كان والله ولا شيء معه وهو الآن
على ما عليه كان» حيث يقولون: إن ذلك يعني أن الله عين خلقه.
تعالى الله عما يقوله هؤلاء الجاحدون علواً كبيراً.
والرد يكون من وجهين :
الوجه الأول : أن هذه الزيادة - وهو قوله يله : «وهو الآن على
ما عليه كان»' - كذب مفترى على رسول الله كل من وضع الجهمية
٠
وأفراخهم الاتحادية.
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية : «هذه الزيادة وهو قوله : "وهو الآن
على ما عليه كان' كذب مفترى على رسول الله كل اتفق أهل العلم
بالحديث على أنه موضوع مختلق». وليس هو في شيء من دواوين
الحديث؛ لا كبارها ولا صغارهاء ولا رواه أحد من أهل العلم بإسناد
لا صحيح ولا ضعيف. ولا بإسناد مول
فيقول أنقيا : «ليست من كلام النبي يله ولا يؤثر عن أحد من
هذا من كلام النبي كَل ويجعلون هذه الكلمة أن زندقتهم » وغرضهم
000( مجموع الفتاوى: ؟5794-14178/1.
وحدة الأديان في عقائد الصوفية
أنه لم يكن معه غيرء وهو الآن ليس معه غيرٌ ولا سِوىء بل الوجود
هو عيئّه ونفسّهء فلا الأصنام والأوثان والجن والشياطين والنجاسات
والأقذار غيره» ولا سوأه» فإنه كان وليس معه غيرّه» وهو الأن لبس
معه غيرٌه. فإذا عُرف أن هذه الكلمة لا أصل لها في الشريعة؛ انهدمت
3 دلق
هر >
وقد اعترف بعضهم بأنها ليست من كلام النبي َه بل زيادة من
شيء وعد" زاف سفن المحتقك رفور الآذ عل ها عله 15"
والحديث الثابت في الصحيح ما رواه عمران بن حصين ووب قال:
إنى عند النبي يِه إذ جاءه قومٌ من بني تميم» فقال: «اقبلوا البشرى يا
بني تميم !4 فقالوا: بشرتنا فأعطنا. فدخل ناس من أهل اليمن فقال :
«اقبلوا البشرى يا أهل اليمن إذ لم يقبلها بنو تميم» قالوا : قبلنا. جئناك
لنتفقه فى الدين» ولنسألك عن أول هذا الأمر* ما كان؟ قال: «كان
الله ولم يكن شيء قبله.» وكان عرشه على الماءء» ثم خلق السموات
والأرض» وكتب في الذكر كل شيء» قال : ثم أتاني رجل» فقال : يا
عمران أدرك ناقتك فقد ذهبت؛ فانطلقت أطلبها؛ فإذا السراب ينقطع
.٠١5/5 جامع المسائل» المجموعة الرابعة: ص 748-197. وينظر مجموعة الرسائل: )١(
(0) شرح خمرية ابن الفارضء» لابن عجيبة: ص .1١ يقول ملا علي قاري 15:
«ولكن الزيادة وهي قولهم: "وهو الآن على ما عليه كان" من كلام الصوفية.
ويشبه أن يكون من مفتريات الوجودية» القائلة بالعينية .. وقد نص ابن تيمية
والعسقلاني على وضع الجملة الزائدة» الأسرار المرفوعة في الأخبار الموضوعة:
ص .75١
ْ وحدة الأديان في عقائد الصوفية
اك سسحتت سس سه وه سس 17د
دونهاء وأيّم الله لوددتٌ أنها قد ذهبت ولم أقُم 0
الوجه الثاني : هو أن قولهم : «وهو الآن على ما عليه كان» كلام
باطل مخالف للكتاب والسنة والإجماع والاعتبار من وجوه:
أحدهما: صرح سبحانه أنه مع عباده عموماً وخصوصاًء فقال:
«مًا يحكوث من نحو تَلَنَةٍ إلا هْوَ رَابعهُمَ» [المجادلة: 7] الآية؛ وقال
لموسى وهارون يلوذ : ا«إنى معحكتما أ ورك 6 4 ذلله: 5:] وقال
سبحانه: ءا إن 2 مع دن فوأ َلذنَ هم سمرت 07 4 [التحل : 00
وكان النبي كَلِْةِ يقول: «اللهم أنت الصاحب في السفرء والخليفة في
الأهل. اللهم أصحبنا في سفرنا واخلفنا في أهلنا»”".
فإذا كان ما ثم غيره» ولامعه الآن شيء من الخلقء بل الأمر كما
كان قبل أن يخلق الخلق. فمع من يكون ولمن يصحب؟ لأنه من
المحال والممتنع أن يكون هو مع نفسه وذاته» فإن المعية توجب شيئين
كون أحدهما مع الآخر فكما أخبر الله أنه مع هؤلاء امتنع علم بطلان
قولهم: «هو الآن على ما عليه كان» لا شيء معه. بل هو عين
المخلوقات» وأيضا فإن المعية لا تكون إلا من الطرفين» فإن معناها
المقارنة والمصاحبة» فإذا كان أحد الشيئين مع الآخر امتنع ألا يكون
الآخر معهء فمن الممتنع أن يكون الله مع خلقه ولا يكون لهم وجود
معه ولا حقيقة أصلاً بل هم هو”".
.1414 رواه البخاري: كتاب التوحيد (؟1) رقم )١(
أخرجه مسلم: كتاب الحج (70) باب ما يقول إذا ركب إلى سفر الحج وغيره» )5(
من حديث ابن عمر وَهياء .97/8/7 )1١757( رقم
م2 ينظر جامع المسائل» المجموعة الرابعة: ص 599-798. ومجموعة الرسائل: 4/
لولدم ل.
وحدة الأديان في عقائد الصوفية
الثاني : أن الله تعالى نهى أن يجعل العبد معه إلهاً آخر في
آيات: كثيرة في القرآن» منها: قوله تعالى: #قلا نََمْ ممَ لَهِ إِلَهًا َاحَرَ»#
[الشُّعَرَاء: 11 فنهاه أن يجعل أو يتتعو مه إلها آخرء ولم ينهه أن يثبت
معه مخلوقاً أو يقول إن معه عبداً مملوكاً أو مربوباً فقيراً» أو معه شيئا
موجوداً خلقه؛ كما قال: #لآ إِلَهَ ِلَّا هُوَّ> [الئّمل: *1] ولم يقل لا
موجود إلا هوء ولا هو إلا هوء ولا شيء معه إلا هوء بمعنى أنه
تفن المرجودات وعحيا وعدا ها قال 'تغالىة دلوف لد مه
[البَمَرّة: *17» فأثبت وحدانيته في الألوهية ولم يقل: إن الموجودات
واحدء فهذا التوحيد الذي في كتاب الله هو توحيد الألوهية وهو ألا
تجعل معه ولا تدعو معه إلهاً غيره» فأين هذا من أن يجعل نفس
الوجود هو إياه؟ وأيضاً فنهيه أن يجعل معه أو يدعو معه إلهاً آخر دليل
على أن ذلك ممكن كما فعله المشركون الذي دعوا مع الله آلهة أخرى»
فكون الله سبحانه وتعالى نهى أن يُتحذ إلهٌ غيره؛ يقتضي أنه ثمّ شيء
غيرُه؛ شئٌ لا يجوز أن نجعله إلهاً. ولكن يجوز أن نجعلّه غيرٌ إله عبداً
مل 1 ْ
الوجه الثالث: أن الله لما كان ولا شيء معه لم يكن معه سماء
ولا أرض ولا شمس ولا قمرء ولا جن ولا إنس ولا ذوات ولا شجر
ولا جنة ولا نار ولا جبال ولا بحارء فإن كان الآن على ما عليه كان»
فيجب ألا يكون معه شيء من هذه الأعيان» وهذا مكابرة للعيان» وكفر
تالقان والآيمان”"".
.1١8/4 ينظر جامع المسائل» مج4: ص 949-798". ومجموعة الرسائل: )١(
.١٠١9/4 مجموعة الرسائل: )7(
<> وحدة الأديان في عقائد الصوفية
كد «اساسس سمس سس سس ا 10077
الوجه الرابع : أن الله كان ولا شيء معه ثم كتب في الذكر كل
شيء كما جاء في الحديث الصحيح فإن كان لا شيء معه فيما بعد فما
الفرق بين حال الكتابة وقبلهاء وهو عين الكتابة واللوح عند الفراعنة
افاي
أقوال العلماء في حكم المعتقد بوحدة الوجود :
الذي يجب أن يؤمن به المسلم في حق الله جل شأنه؛ أنه تعالى
خالق الوجود ومنزه عن الاتحاد بمخلوقاته أو الحلول فيها أو أن تكون
هي عينه. وأن يؤمن بأن الكون شيء غير خالقه» وأنه تعالى مباين
لخلقه. مستو على عرشه في سماواته؛ وعلمه تعالى محيط بكل شيء.
لا يعزب عنه مثقال ذرة في السماوات ولا في الأرض. ومذهب وحدة
الوجود هو نقيض الإسلام جملة وتفصيلاً؛ حيث إنه يتضمن إنكار
وجود الله» ويجوز عبادة كل شيء في هذا الكون من المخلوقات»
ويجعل الخالق والمخلوق شيئاً واحداًء ويبطل المسؤولية الفردية
ويرفع التكاليف الشرعية» ويبيح الانسياق وراء الشهوات البهيمية»
وينكر الحياة الأخرى وما فيها من الجزاء والبعث والحساب. لذا فإن
من آمن بهذا المذهب كفره ظاهرء وإلحاده بيّن.
يقول شيخ الإسلام: «وإذا كان عندهم أن المرئي بالعين هو الله
فهذا كفر صريح باتفاق المسلمينء ولا سيما إذا قيل: ظهر فيها
وتجلى» فإن اللفظ يصير مشتركاً بين أن تكون ذاته فيها أو تكون قد
صارت بمنزلة المرآة التي يظهر فيها مثال المرئي. وكلاهما باطل» فإن
.١١9/4 مجموعة الرسائل: )١(
وحدة الأديان في عقائد الصوفية “١
ذات الله ليس في المخلوقات» ولا فى نفس ذاته ترى المخلوقات كما
يرى المرئي في المرآة»”". ْ
وسئل والد الشيخ محمد الرملي” عن القائل بوحدة الوجودء
فقال: «يقتل هذا المرتدء وترمى جيفته للكلاب؛ لأن قوله هذا لا يقبل
تأوزلةه وتقتء أعنة عن كس الهوة والضارى 7 .
ونقل القاضي عياض”* في الشفا إجماع المسلمين على كفر : من
ادعى مجالسة الله» والعروج إليه»ء ومكالمته» أو حلوله في أن
الأشخاص كقول بعض المتصوفة والباطنية والنصارى والقرامطة»".
وقال الشيخ عز الدين بن عبدالسلام”'' في قواعده الكبرى : «من
زعم أن الإله يحل في شيء من أجساد الناس أو غيرهم فهو كافر)9”".
."0- 4/5 مجموعة الرسائل والمسائل: )١(
)٠( شهاب الدين أحمد بن حمزة الرملي المنوفي المصرءع. من أئمة الشافعية» تتلمذ
على عمدة المذهب في المتأخرين أبي زكريا الأنصاري. توفي كأنه في مصر سنة
(9409ه) وصلى عليه خلق كثير في الأزهر. ينظر الكواكب السائرة: 119/9
الأعلام: ١ 17١/١
(0) الكشف عن حقيقة الصوفية ص 4لاء عن تقريب الأصول لتسهيل الوصول»
لدحلانء ص: .6١
(5) عياض بن موسى اليحصبي. ولد سنة (851/5ه)ء من أئمة المذهب المالكي» ومن
أعلام المحدثين» توفي كله سنة (044ه). ينظر: الصلة لابن بشكوال: ؟/ 33.
.1١51//79 الشفا: )0(
(7) العز بن عبدالسلام بن أبي القاسم السلمي الدمشقي. فقيه شافعي مجتهدء ولد ونشأ
في دمشق سنة (الاده)ء وذهب إلى مصر وظل هناك إلى أن توفي سنة (559ه).
ذيل الروضتين: ص5١25» والنجوم الزاهرة: ١ .5١8/1
00 الحاوي للسيوطي: 151/7.
١ محدة الأديان في عقائد الصوفية
وقال:الذعبي:+ الآ .ريب في أنها شمن الشركة" ..وقال: ١
طالع كتب هؤلاء علم علماً ضرورياً بأنهم اتحاديةٌ» مارقةٌ من
الي
ويقول ابن القيم كن : «أعظم الخلق كفراً وضلالاً : من زعم أن
ربه نفس وجود هذه الموجودات» وأن عين وجوده فاض عليها فاكتست
عين وجوده» فاتخذ حجاباً من أعيانهاء واكتسب جلباباً من وجوده.
ولبس عليهم ما لبسوه على ضعفاء العقول والبصائر من عدم التفريق بين
وجود الحق سبحانه وإيجاده» وأن إيجاده هو الذي فاض عليهاء
الذي اكتستهء وأما وجوده : فمختص به لا يشاركه فيه غيره» كما هو
مختص بماهيته وصفاته ؛ فهو بائن عن خلقهء والخلق بائنون عن
فوجود ما سواه مخلوق كائن بعد أن لم يكن. حاصل بإيجاده له ؛ فهو
الذي أعطى كل شيء خلقه. ووجوده المختص بهء وبان بذاته وصفاته
000 7 '
5 35 85 35
.184 تاريخ الإسلام (الطبقة /31): ص )١(
(5) تاريخ الإسلام (الطبقة /1"»حوادث ووفيات )770-351١ ص 747. وينظر الكتاب
نفسه (حوادث ووفيات 50:0-541): ص 780-71/4.
() مدارج السالكين: .8١5/*
الفصل السادس
مفهوم الحقيقة المحمدية والإنسان الكامل
عند الصوفية ووحدة الأديان فى ضوئها
وفيه ثلاثة سمباحى :
لا المبحثش الأول: مفهوم الحقيقة المحمدية
والإنسان الكامل عند الصوفية.
لا المبحث الثانى : وحدة الأديان في ضوء الحقيقة
المحمدية والإنسان الكامل.
لا المبحث الثالث: الحقيقة المحمدية والإنسان
الكامل فى ميزان الإسلام.
وحدة الأديان في عقائد الصوفية 00
0 المبحث الأول 7
سم
مفهوم الحقيقة المحمدية والإنسان الكامل عند الصوفية
أ- الحقيقة المحمدية والإنسان الكامل في المصطلح الصوفي :
أولاً - المراد بالحقيقة المحمدية عند الصوفية :
الئراذالكقيقة المحمدية عند المتصؤفة > :هن القؤل يان للننى
فحميد كل وجوداً قبل .وجود'الخلق: استادا إلى الحادينة مكدو أن
هذا الوجود للنبي كان قبل وجوده الزماني في صورة النبي المرسل»
وأن هذا الوجود قديم وليس بحادث,» وعبروا عنه بالنور المحمدي».
وأن هذا النور المحمدي ينتقل في الزمان من جيل إلى جيل» وأنه قد
ظهر في الزمان بصورة آدم ونوح وإبراهيم وموسى وغيرهم من الأنبياء.
ثم ظهر أخيراً في صورة النبي محمد يكو وبهذا .أرجعوا جميع الأنبياء
إلى محمد كَل كما أنه يَكِةِ مبدأ خلق العالم وأصله؛ من حيث إنه
النور الذي خلقه الله قبل كل شيء» وخلق منه كل شيء.
يقول العطار: «استمد العالمان اسميهما من وجودهء ووجد العرش
راحته من اسمه» وتم خلق كل شيء كقطرات ندى من بحر جوده..
وهو أصل الموجودات والمعدومات» وما أن خلق الحق نوره المطلق.
حتى خلق من نوره مائة بحر من نوره» ومن أجله خلق الروح الطاهرة
ومن أجله خلق الدنياء ولم يكن لخلقه من مقصود سواه. ولا وجود
لمن هو أطهر ذيلاً منه» وأول ما بدا من عالم الغيب» كان نوره الطاهر
بلا أدنى ريب» وبعد ذلك أصبح نوره خير علم» فبدا من بعده العرش
والكرسي واللوح والقلمء فالعالم ما هو إلا علم من نوره الطاهرء وآدم
40 وحدة الأديان في عقائد الصوفية
مدر سس 0ك
وذريته ما هم إلا علم آخر منه.. هذا النور جعله الحق بمثابة الشمس
والقمر.. فما أن رأى بحر الأسرار ذلك النورء حتى هاج تيهاً ودلالاً.
ومن شدة الطلب دار حول نفسه سبع دورات» فظهرت الأفلا!ك السبعة
الدوارة. وتحولت كل نظرة صوبت إليه من الحق إلى كوكب بدا فى
الأفق ساطعاًء بعد ذلك استقر ذلك النور الطاهر. حيث أصبح العرش
العالي» واتخذ اسم الكرسي. ثم طلب العرش والكرسي أن يكونا
صورة لذاته؛ ثم ظهرت جميع الملائكة من صفاته..»0".
يقول ابن قضيت البان9؟ ؛
)١( منطق الطير: ص55١-1588. وينظر حديقة الحقيقة: »155-1١١/١ والإنسان
الكامل: ؟/1١-75, والنفحات المنتشرة في الجواب عن الأسئلة العشرة
(مخطوط): قه/ب» وتقييدان فى وحدة الوجود: ص6١-/2117 وملحمة ميم وزين
يٍِ :
لأحمد خاني: ص١70-7, ومدارج السلوك إلى مالك الملوكء للبنانى:
ص5 15» والطور الأغلى. للقاوقجي: ص ,.15١-١١4 والنفحات القدسية من
الحضرة العباسية في شرح الصلاة المشيشية» لعبدالله بن إبراهيم الميرغني (ضمن
مجموعة النفحات الربانية): ص١7١-171.وكشف الأسرارء لليشرطي: ص /7لا-
49 وديوان ابن قضيب البان (شعائر المشاعر) قصيدته التائية التى عارض فيها
تائية ابن الفارض (مخطوط) الجزء الأول: ق ها-ق5. وفيها يتحدث ابن قضيب
البان عن سريان الحقيقة المحمدية في الأنبياء حتى وصلت إليه نفسه» فهو الإنسان
الكامل بزعمه. ولا تخلو دواوين الصوفية من نظم في الحقيقة المحمدية» ينظر مثلاً
ديوان اليافي: صة ١-و21 وديوان مشكاة اليقين للرواس: مهال 5ه مم
فضلاً عن مطولات وضعت في النبي محمد ول والحقيقة المحمدية؛ كبردة
البوصيري وهمزيته؛ وديوان المدائح الربانية والنبوية والصوفية» لعبدالرحيم
(0) أبو محمدء عبدالقادر بن محمد بن أبي الفيضء» المعروف بابن قضيب البان. -
وحدة الأديان في عقائد الصوفية ,200
أُول الكون كقف كيرا فاحبيت- ٠ ظطهورا لكتوتف الفح طرا
فنزلت في العوالم رحماتاً رحيماً وللشرائع نصرا
فأحطت الأشياء من قبل أن يبدع شيئاً وما به كان أمراً
ثم نقلت في الظهور وشرفت بطوناً رقيت عنهاالأسرا
أنت معنى لكل جسم ونفس20 ناطق في الحروف بسطأً وكسرا”"©
وقول الجيلكن :موكدا أن الحفنقة المحيدية هى مصدر الخلق كله
«ولهذا كان العقل الأول الذي هو عبارة عن حقيقة الروح المحمدية
أصلاً لوجود العالم كله: عالم الأمر وعالم الخلق» فهو على الحقيقة
عن المحققين علة العلل» والله منزه أن يكون علة لوجود شيء”".
محمد يك الأولى منهما: بوصفه رسولا نبيا فهذه رتبة هي الصورة
(00
00
ولد بحماة» وانتقل مع والده إلى حلب» واستقر بها في حدود سنة (١١٠١1ه) ثم
توجه إلى القاهرة سنة (7١١١ه) وهنئاك أخذ البيعة على الطرق الصوفية الثلاثة:
النقشبندية» والقادرية» والخلوتية» من الشيخ يحيى بن زكريا قاضي مصر في حينه.
توفي صاحب الترجمة في حلب في حدود سنة (50١٠ه). ينظر خلاصة الأثر,
للمحبى: 7/7 555.
ديوان شعائر المشاعرء لابن قضيب البان (مخطوط) الجزء الأول: ق 5لاب.
الإرادة القديمة في حضرة العين وحيث لا أين» للجيلي (مخطوط): ق"7أ2 وينظر
لابن عربى: الصيغة المطلسمة: ص588» والصيغة الأكبرية: ص75 (ملحقان
بكتابه: توجيهات الحروف)» وينظر كذلك: الدرجة العليا في معاريج الأنبياء:
محمد دمرداش المحمدي: ص7”56» وما بعدهاء وبريقه محمودية في شرح طريقة
محمدية» للخادمي: 27١/١ والجوهر النفيس في صلوات ابن إدريس» محمد
خليل الهجرسي: ص60١-15. وشرح صلاة القطب الحقيقي سيدي إبراهيم
الدسوقىء. محمد البهى: ص؛. ومقاصد الإرشاد» محمد صادق عنقا شاه:
ص7١-"1. ْ ْ
> وحدة الأديان في عقائد الصوفية
الإنسانية التي كان يكل ظاهراً بها في مكةء. وهاجر بها إلى المدينة.
والرتبة الثانية : بوصفه كَل مظهراً للاسم الإلهي الفرد؛ فهو يَكهِ -من
حيث رتبته الفردية- مصدر للخلق أجمعين» ويظهر في كل وقت إلى
يوم القيامة» في الصور المختلفة التي هي مخلوقة منه”".
ويربط الجيلي بين الحب والحقيقة المحمدية من حيث تسمية
الرسول يك بحبيب الله فكما أنه لولا الحب ما وجد الخلق فكذلك كما
يقول الجيلي «لولا الحقيقة المحمدية لم يكن خلقاً ولولا الخلق لم
تظهر صفات الحق لأحدء فلولا الحقيقة المحمدية ما عرف الله مخلوق
ولا ظهرت صفاتهء فالحب هو الواسطة الأولى لوجود الموجودات»
ومحمد يك هو الواسطة الأولى لظهور الموجودات .. وقد ورد عنه عل
أنه قال : إن الله تبارك وتعالى قال له في ليلة المعراج : لولاك لما
خلقت الأفلاك)”7".
وتعتبر الحقيقة المحمدية أول مرحلة من مراحل التنزل الإلهي في
صور الوجود. وهي من هذه الناحية صورة 'حقيقة الحقائق '.
وحقيقة الحقائق: «هي عبارة عن حقيقة معقولة تجمع في ذاتها
جميع ماهيات الحق والخلق المعقولة. فهى مجموع ما هيات
)١( ينظر نتيجة العلوم ونصيحة علماء الرسوم (مخطوط): قهب-8أ» وآراءة الدقائق
في شرح مرأة الحقائق: صه-5-, ., 41-45, لاه, شرح صلاة القطب
الحقيقي سيدي إبراهيم الدسوقي: صه-١٠١.
(؟) الإرادة القديمة» للجيلي: ق5١» وينظر الفتح الرباني والفيض الرحماني للنابلسي :
ص 19. والحديث موضوعء وستأتي مناقشة الأحاديث التي يستدل بها المتصوفة
على قولهم بالحقيقة المحمدية.
وحدة الأديان في عقائد الصوفية
الحضرتين الإلهية والكونيةء وهي بذلك أصل العالم»0©.
يقول القاشاني : «حقيقة الحقائق يعنون بها باطن الوحدة.ء وهو
التعين الأول. الذي هو أول رتب الذات الأقدس ؛ وذلك لكليته وكونه
أضلاً اميا لكل اعتبار وتعين» وباطناً لكل حقيقة إلهية وكونية:
وأصلاً انتشأ عنه كل ذلك. وقد عرفت أن المراد بذلك هو الوحدة بما
يندرج فيها من شؤونها واعتباراتها الغير متناهية)(".
والحقيقة المحمدية : «يشيرون به إلى هذه الحقيقة المسماة بحقيقة
الحقائق»” ". «وهذه الحقيقة الكلية هي أصل جميع الأسماء الإلهية
المضاف إليها الريؤينة: ومعنى كون هذه الحقيقة هي الحقيقة
المحمدية. أي أن الصورة العنصرية المحمدية صورة لمعنىء ولحقيقة
ذلك المعنى وتلك الحقيقة هي حقيقة الحقائق»©».
ويطلق المتصوفة الحقيقة المحمدية ويريدون بها الله تعالى : يقول
الجامي : «حقيقة الحقائق هي الذات الإلهية لله تعالى شأنه»”” » ويقول
الجيلي : «ولهذا عبرت طائفة عن الحقيقة المحمدية بالذات» وبحضرة
الجمع. وذلك هو الله وأسماؤه وصفاته)©.
ويقول الجيلي أيضاً : «التاسع والتسعون هو اسمه تعالى (هو):
)0غ( المعجم الصوفي» سعاد الحكيم : ص 5160.
(0) لطائف الإعلام في إشارات أهل الإلهام: .4536/١
(9) المصدر السابق: .4557/١
(4) المصدر السابق: .471//١
(5) لوائح الحق: ص 45. وينظر للجامي أيضا نقد النصوص في شرح نقش الفصوص:
ص 754 7.
(0) الكمالات الإلهية في الصفات المحمدية: ص 557.
ري وحدة الأديان في عقائد الصوفية
اعلم أن الحقيقة المحمدية عبارة عن الهوية الإلهية بما هي عليه من
الشؤون والأسماء والصفات» والظهور والبطون والشهادة والغيبة إلى
غير ذلك من النسب والإضافات المندرجة تحت هذا الاسم. فمحمد
كه هو المشار إليه بهذا الاسم. وقد صرح تعالى بذلك في كتابه فقال:
#كل هو ألّهُ أحَدٌ )4 [الإخلاص: 01١ يعني: قل يا محمد إن (فاعل)
هو: الله» و(فاعل) قل هو محمد المأمور بالقول. فهو الله أحد)0".
ويبين ابن عربي أن الحقيقة المحمدية لا تتصف بالوجود ولا
بالعدم. ولا بالكل ولا بالبعضء» ولا تقبل الزيادة والنقص». وأنها أصل
العالم وجوهر الحياة» وتظهر في القديم قديماء وفي الحادث حادثا
«فإن قلت هذا الشيء هو العالم صدقت. وإن قلت إنه الحق القديم
سبحانه صدقت» وإن قلت إنه ليس العالم ولا الحق تعالى» وإنه معنى
زائد صدقت؛ كل هذا يصلح عليه» وهو الكلي الأعم الجامع للحدوث
والقدم. وهو يتعدد بتعددالموجودات. ولا ينقسم بانقسام
الموجودات»”'". فالحقيقة المحمدية «تقبل هذا كله وتتعدد بتعدد
أشخاص العالم وتتنزه بتنزيه الحق»”".
ويتحدث النابلسي عن الحقيقة المحمدية مؤكداً أنها أول التعينات
الإلهية» فيقول: «وأول التعينات التي تعينتها تلك الذات المطلقة حتى
عرفت علمها بذاتها حيث لا كون ولا عين وهي الحضرة النورية الأولية
المحمدية الجامعة لجميع الحضرات الكونية وهي التي قال تعالى عنها
() الكمالات الإلهية في الصفات المحمدية: ص .5١6
(؟) إنشاء الدوائر لابن عربى: ص .١17 وينظر الفتوحات المكية: .1594-154/١
(*) الفتوحات: .1594/١
وحدة الأديان في عقائد الصوفية 202
2 لم
ور عل تُورِ» [الثُور: ه*] وفي الحديث ' أول ما خلق الله نور نبيك يا
جابر" فإن قلت: حضرة علمه معه قديمة أزلية» والحضرة النورانية
المحمدية حادثة» فكيف تكون هي هي. قلت: إذا فني النور في النور
فتم الظهور وارتفعت الحجب والستور ولم يبق بعد ذهاب الأمر
الموهوم إلا تحقق الحي القيوم بالحي القيوم فهو هو لا سواه على
الو
هذا النور المحمدي هو القديم الذي لا سابق لهء وهو مبدأً
الخلق» وهذا يعني أن العالم موجود فيه من قبل على حالة كمون
سابقة» وأنه محتو جميع المخلوقات. وهذا عين القول بوحدة وجود
مادية.
يقول الحلاج : «أنوار النبوة من نوره برزت» وأنوارهم من نوره
ظهرت. وليس في الأنوار نورٌ أنور ولا أظهر وأقدم من القدم سوى نور
صاحب الحرم» همته سبقت الهمم ووجوده سبق العدم» واسمه سبق
القلم»”".
ويقول الجيلي: (إنه كَكهِ هو البرزخ الكلي القائم بطرفي حقائق
الوجود القديم والحديث» فهو حقيقة الكل من الجهتين ذاتأ وصفاتا
لأنه مخلوق من نور الذات» والذات جامعة لأوصافها وأفعالها وآثارها
)١( الظل الممدود في معنى وحدة الوجود: ق ”ا ب.
(؟) الطواسين» طاسين السراج: ص ”50-57. وينظر: عنقا مغرب». لابن عربي: ص
»50-6٠ وديوان التلمسانى: .15-١71/١ والنوازل الكبرى للوزانى: -١7/17
. ولا تخلو كتب الصوفية في الغالب عن تقرير هذا الأمرء وخصوصاً كتب
40 وحدة الأديان في عقائد الصوفية
ومؤثز انها حدكها هلما 1
ويمثل الجيلي بالحقيقة المحمدية من حيث شمولها الوجود بأنها
الخط الذي عت الدائرة الواحدة إلى قسمين النصف الأعلى منها
يسمى بالوجود القديم» والنصف الأسفل منها يسمى بالوجود المحدث
والخط الفاصل هو الحقيقة المحمدية» وأنها مقابل للحق والخلق:
«وهذه صورة الدائرة الوجودية المثالية إنما كان يَللِ برزخاً بين الحقائق
الحقية والخلقية» لأنه يك حقيقة الحقائق جميعها ولهذا كان مقامه ليلة
المعراج فوق العرش» وقد عملت أن العرش غاية المخلوقات إذ ليس
فوق العرش مخلوقء فعند استوائه ككِِ ثم» كانت المخلوقات بأسرها
تحتهء وربه فوقه» فصار برزخا بين الحق والخلق كما كان برزخا
بالمعى لأنه الموجوة عن الشى والخلق موجودون عه لم3 .
كما يضرب البناني”" مثالاً على الحقيقة المحمدية كونها المصدر
الذي برزت ممنه الموجودات وتعينت ب«الحبة المستنبتة داخل الصورة
فلها تنسب الأولية من حيث استمداد الفروع منها والصورة: كما أن لها
تنسب الآخرية من حيث وجدانها داخل الصورة واشتمال الصورة
عليه .
.أ7١ الإرادة القديمة (مخطوط): ى )١(
() الإرادة القديمة: ق١٠7اب-١7أ. وينظر الإنسان الكامل: ؟55/7. ومدارج السلوك
إلى مالك الملوك» للبناني: ص .108-١95!/ وشرح صلاة القطب الحقيقي سيدي
إبراهيم الدسوقي, لمحمد البهي: ص .7١
() أبو بكر بن محمد بن عبدالله البناني الفاسي الرباطي النقشبندي» أصله من فاس.
من فقهاء ومشاهير صوفية فاس. توفي سنة (185١ه) في الرباط. ينظر الأعلام:
١
(5) مدارج السلوك إلى مالك الملوك. لأبي بكر بناني: ص .١108
وحدة الأدياخ في عقائد الصوفية 22
ثانياً - مفهوم الإنسان الكامل غند الضوفية:
يعتبر المتصوفة الحقيقة المحمدية في شقها المتعلق بالإنسان
الصورة الكاملة للإنسان الكامل: أكمل مجلى خلقي ظهر فيه الحق»
الذي يجمع في نفسه حقائق الوجود فهي منتهى غايات الكمال
الإنساني» والنبي يمثل عند الصوفية- الاتحادية منهم على وجه
مخصوص- الإنسان الكامل الذي تجلت فيه جميع الصفات الإلهية”"".
فالحقيقة المحمدية من ناحية صلتها بالعالم هي مبدأ خلق العالم»
ومن ناحية صلتها بالإنسان» فهي صورة كاملة للإنسان الكامل» الذي
يجمع في نفسه جميع حقائق الوجود”".
كما يمكن اعتبار نظرية الإنسان الكامل هي التصور النهائي للحقيقة
المحمدية؛ إذ إنه يجمع في نفسه صورة الله وصورة العالم» وهو وحده
الذي تتجلى فيه الذات الإلهية بكل الصفات والأسماءء وهو المرآة التي
تنكشف لله فيها ذاته. .
وكما قالت المتصوفة : إن الحقيقة المحمدية هي الذات الإلهية ؛
فكذلك قالوا إن الإنسان الكامل أيضاً هو الذات الإلهية فى صورتها
الأنبنائية: ْ
يقول الجيلي : «الحقيقة الإنسانية هي الذات الإلهية؛. ولها من
صفات الكمال ما تعرّف الله به إلى عباده .. فاطلبها منك فيك بالاسم
الله حتى تجد المسمى ؛ فيسقط الاسم..فاعلم أنك أنت الإنسان
.5-8 ينظر الإنسان الكامل: ؟7/ )١(
والفلسفة ."5١ (؟) ينظر تعليقات أبي العلا عفيفي على فصوص الحكم: ص
.؟١ الأخلاقية فى الفكر الإسلامى» د.أحمد صبحي : ص
> وحدة الأديان في عقائد الصوفية
الكامل» وقطب الأواخر والأوائل)0".
ويقول جمال الدين الأفغاني: «وأما الإنسان الكامل فهو نسخة
جامعة لجميع النسخ. وهو المستخرج والمستنبط من الكل» وهو
الجامع بين الإلهية والكونية.. فبين ذات الحق سبحانه وذات الإنسان
الكامل مضاهاة.. فالإنسان الكامل مرأة تامة للذات بسبب هذه
العننا هي
ويقول : «لهذا الوجود الواحد ظهورء وهو العالم» وبطون وهو
الأسماءء وبرزخ جامع فاصل بينهما ؛ ليتميز به الظهور من البطون»
وهو الإنسان الكامل؛ فالظهور مرآة الظهورء والبطون مرآة البطون» وما
كان نينا فهو مراة حيها لم0
والإنسان الكامل في نظر الجيلي كما هو في نظر ابن عربي واحد
منذ كان الوجود إلى أبد الآبدين» ولكنه يتنوع في الصورء ويظهر في
كل زمان في صورة صاحب ذلك الزمان» ويتسمئ' باسمه. أما اسمه
الحقيقي فهو محمد» وكنيته أبو القاسم؛ ووصفه عبدالله ولكن المراد به
الحقيقة المحمدية” ).
)١( الكمالات الإلهية في الصفات المحمدية: ص 777. وينظر: إعجاز البيان في
تأويل أم القرآن» للقونوي: ص48» ومرآة العارفين» للأفغاني» ضمن الآثار
الكاملة لجمال الدين الأفغانى: .4١/7
(1):+هراة العارفيو الجمال الدين الأفمائن + عن الأناز الكامثة تاق اللي
الأفغانى: 5/7”.
(9) مرآة العارفية: للإفعاني: 3//7.
(4) ابن عربي في دراساتي. أبو العلا عفيفي» ضمن الكتاب التذكاري عن ابن عربي:
ص .”"١
وحدة الأديان في عقائد الصوفية
يقول الجيلي مبيناً هذه العلاقة: «إن الله خلق الصور المحمدية من
نور اسمه البديع القادرء ونظر إليها باسمه المنان القاهر. ثم تجلى فيها
باسمه اللطيف الغافرء فعند ذلك تصدعت لهذا التجلي صدعين»
فصارت كأنها قسمت نصفينء» فخلق الله الجنة من نصفها المقابل
لليمين.. ثم خلق النار من نصفها المقابل للشمال"'".. «ثم خلق الله
تعالى صورة آدم يل نسخة من تلك الصورة المحمدية»”".
ثم يقول متحدثاً عن محمد كَلةِ وأنه إنسان كامل وعين الحقيقة
المحمدية في كل زمان وفي كل عصر: «اعلم حفظك الله أن الإنسان
الكامل هو القطب الذي تدور عليه أفلاك الوجود من أوله إلى آخره
وهو واحد منذ كان الوجود إلى أبد الآبدين» .. فاسمه الأصلي الذي
هو له محمدء وكنيته أبو القاسم.. وله في كل زمان اسم ما يليق بلباسه
في ذلك الزمان.. وسر هذا الأمر تمكنه كَكِِ من التصور بكل صورة»
فالأديب إذا رآه في الصور المحمدية التي كان ,عليها في حياته فإنه
يسميه باسمه وإذا رآه في صورة ما من الصور وعلم أنه محمد فلا
يسميه إلا باسم تلك الصورة» ثم لا يوقع ذلك الاسم إلا على الحقيقة
الخ
ومن هنا كان الإنسان الكامل عند الصوفية هو الذي يستحق
الأسماء الذاتية والصفات الإلهية:
يقول التلمساني : «العبد المطلق الذي هو الإنسان باعتبار عبوديته
.78/7 الإنسان الكامل: )١(
(؟) الإنسان الكامل: 5/7". وينظر الفتح الرباني والفيض الرحماني» للنابلسي: ص 590.
(*) الإنسان الكامل: 285/7. 1
4 وحدة الأديان في عقائد الصوفية
وألوهيته هو في مقابل حضرة جامعة للأسماء الإلهية وحضرة الأسماء
الكونية» وهما -أعني الحضرتين- متقابلتان أزلاً وأبدء لا من بداية»
ولا إلى نهاية. وأما الإنسانية التي لا اسم لها فهي بإزاء الذات التي لا
اسم لها ولا مقابل لها ولا عبارة عنها»"'.
ويقول الجيلي : «ثم اعلم أن الإنسان الكامل هو الذي يستحق
الأسماء الذاتية والصفات الإلهية استحقاق الأصالة والملك بحكم
المقتضى الذاتي» فإنه المعبر عن حقيقته بتلك العبارات والمشار إلى
لطيفته بتلك الإشارات» ليس لها مستند في الوجود إلا الإنسان
الكامل» فمثاله للحق مثال المرآة التي لا يرى الشخص صورته إلا
فيهاء وإلا فلا يمكنه أن يرى صورة نفسه إلا بمرآة الاسم الله فهو
مرآنه» والإنسان الكامل أيضاً مرآة الحق» فإن الحق تعالى أوجب على
نفسه أن لا ترى أسماؤه ولا صفاته إلا في الإنسان الكامل)”".
وكما أن الإنسان الكامل مرآة للحق؛ فالحق قعالى عن ذلك مرآة
أيضاً للإنسان الكامل» يقول الجيلي : «من حيث كون الحق مرآة لك
يرع أنت ذاتك مجلية بأسمائه وصفاته بل تتحقق أن ذاتك هي عين
المعبر عنه بذاته فأنت هو أنتء ولا تزال تتحقق صورتك في مرأة
كماله حتى تتحلى ذاتك بجميع مآلها من تلك المحاسن الظاهرة في
تلك المرآة المشهودة على التمام والكمال»”".
000( شرح أسماء الله الحسنى (مخطوط) ق: اب وينظر: مفتاح الغيب» للقونوي : ص
4ك وما بعدها.
(7) الإنسان الكامل: 48/7.
وحدة الأديان في عقائد الصوفية 22>
كما يؤكد القونوي في مراتب الوجود على أن الإنسان الكامل هو
الصورة الإنسانية للحقيقة المحمدية «فالإنسان هو الحق» وهو الذات»
وهو الصفات؛ وهو العرش وهو الكرسيء وهو اللوح» وهو القلم.
وهو الملك وهو الجن» وهو السماوات وكواكبها وهو الأرضون وما
فيهاء وهو العالم الدنياوي؛ وهو العالم الأخراوي. وهو الوجود وما
حواه» وهو الحق وهو الخلق. وهو القديم وهو الحادث)”".
ثالناً > المسدفيات الأخرى للحميفة المحمدية عند الصوفية :
إن اعتقاد غلاة الصوفية بوحدة الوجود؛ لزم منه تعدد الأسماء التي
يطلقونها على الحقيقة الكلية التي هي أول تجل من تجليات الله تعالى
بزعمهم؛ فكثرة الأسماء إذاً لا يلزم منها الكثرة في الموجودات
وتعددهاء وما هذه الأسماء إلا دلالات وعناوين على نواح مختلفة
لتلك الحقيقة الواحدة ؛ فهذه الحقيقة» أو هذا الموجود الأول وهو
الكلية» تسمى "الإنسان الكامل " إذا راعينا علاقكها بالإنسان» وتسمى
'حقيقة الحقائق' إن راعينا علاقتها بالعالم كله كما تسمى "الهيولى أو
المادة الأولى' إذا لوحظ أنها أصل لكل موجود. وتسمى بأسماء كثيرة
ورف
ويوازي لفظ الحقيقة المحمدية والإنسان الكامل لفظ العقل الأول
() مراتب الوجود للقونوي»ضمن كتاب الإنسان الكامل في الإسلام» لعبدالرحمن
بدوي ص 157١ء والعبارة نفسها ذكرها الجيلي في مراتب الوجودء مع فارق
بسيط: ص .55-5١ وينظر: إعجاز البيان في تأويل أم القرآن. للقونوي: ص
787-0. والكمالات الإلهية فى الصفات المحمديةء للجيلى: ص 7””55,
فشك انا ْ ْ
(؟) ينظر فلسفة الأخلاق في الإسلام» محمد يوسف موسى: 50:0-759.
42 وحدة الأديان في عقائد الصوفية
ع الوا
يقول ابن عربي : «أول موجود ظَهَرَ مقيّداً فقيراً؛ موجود يسمى
العقل الآزل» ويسعى الزو الكلى؛ ويينمى القلمه ويسم العدل:
ويسمى العرش» ويسمى الحق المخلوق به» ويسمى الحقيقة المحمدية»
ويسمى روح الأرواح» ويسمى الإمام المبين» ويسمى كل شيء»ء وله
أسماءٌ كثيرةٌ باعتبار ما فيه من الوجوه»”".
ويقول الجيلي : «ثم إنه َل أول ما تنزل من الحضرة الواحدية إلى
حضرة الألوهية تلقته منها الحضرة العلمية» فتشكل بصورة تلك الحضرة
العلمية» ولهذا تنزل إلى الوجود الملكي الكوني فكان يِل هو صورة
العلم الإلهي المسمى بالعقل الأول؟ ولهذا ورد عنه يل أنه قال: "أول
ما خلق الله العقل" وورد عنه كَكِةِ أنه قال: "أول ما خلق الله القلم'
وورد عنه تخ فى حديث جابر ذنه : 'أول ما خلق الله روح نبيك يا
جابر " فعلم بذلك اتحاد هذه الثلاث المعاني» وإنمثا اختلافها إنما هو
معي ال
إذ فالتحقيفة المكدية عمد التتسوقة رن تقر فى تطدوها م
(1) ينظر الإنسان الكامل للجيلي: .18-١7/7 ومقال " الإنسان الكامل' لجواد علي
المسرر في سهلة الرسالة»العنه 45 بعر الما بدائر 4147اام السنة
العاشرة: ص 10-554.
(9) كتاب المسائل» ضمن:رسائل ابن عربي: ض 840 وينظر القتوحات المكية: /١
4. واليواقيت والجواهرء للشعرانى: .7١-١8/7
6" الإزانة القديمة :ويد ما وينظر للسيلن انها “رافك الوثموذ من الحا
ونسيم السحر: ص .0١ والكمالات الإلهية في الصفات المحمدية: ص 761-
لاه 70-15". والإنسان الكامل: ,/".
وحدة الأديان في عقائد الصوفية
عقيدة التثليث عند النصارى؛ التثليث الجامع في واحدء أو تجلي
الواحد الحق في ثلاث صور: صورة حقيقة الحقائق» وصورة الحقيقة
المحمدية». وصورة الإنسان الكامل» والكل في النهاية واحد. يقول
الجيلي :
إن قلت واحدة صدقت وإن تقل اثنان حق إنهاثنان
أو تيلتك لجل إن ليدنق «تسدقة :داك سين الا
رابعاً - تاريخ القول بالحقيقة المحمدية والإنسان الكامل عند الصوفية:
لعل أول من أشار إلى الحقيقة المحمدية هو سهل بن عبدالله
التستري» فيقول: «بلغني أن الله تعالى أوحى إلى داود د : يا داود
انظر لا أفوتك أنا فيفوتك كل شيء؛ فإني خلقت محملاً فلل
لأجلي. وخلقت آدم 84 لأجله)”" ويقول : «خلق آدم نلك من طين
العزة من نور محمد وَل ".
أما واضع أسس الخقيقة المحمدية والإنسان الكامل فهو الحلاج؛
فإليه ينسب هذا المعتقد الفاسدء والغلو المهلك في النبي محمد طَلِ.
يقول الحلاج: «أنوار النبوة من نوره برزت» وأنوارهم من نوره
ظهرتء وليس في الأنوار نورٌ ولا أظهر وأقدم من القدم سوى نور
صاحب الحرم» همته سبقت الهمم ووجوده سبق العدم» واسمه سبق
القلم لأنه كان قبل الأمم.. اسمه أحمد ونعته أوحدء وأمره أوكدء
وذاته أوجدء وصفته أمجدء وهمته أفرد.. لم يزل كان مشهوراً قبل
)١( الإنسان الكامل: .8/١
(؟) تفسير القرآن العظيم» لسهل التستري: ص .١5
(9) تفسير القرآن العظيم» لسهل التستري: ص .١19
ب وحدة الأديان في عقائد الصوفية
ا مذ 1#
الحوادث والكوائن والأكوان» ولم يزل كان مذكوراً قبل القبل» وبعد
البعد» والجوهر والألوان» جوهره صفويء كلامه نبوي» علمه علوي»
عبارته عربي» قبيلته لا مشرقي ولا مغربي.. العلوم كلها قطرة من
بحره»ء الحكم كلها غرفة من نهره. الأزمان كلها ساعة من دهره. الحق
به وبه الحقيقة.. هو الأول فى الوصلةء والآخر فى النبوة» والظاهر
المعرلة )يوان الع اليو . ْ
فالحلاج يؤمن بقدم النور المحمدي وأن وجوده سابق الوجود كله.
وهو مصدر الخلة نينا وعنه صدرت الموجودات» ومن نوره انبثئقت
جميع أنوار النبوة» وما سائر الأنبياء إلا صور من ذلك النور الأزلي»
وفيه كانت صورة الإنسان الكامل» كما أن الحلاج يصور النبي محمدًا
يكِهُ في صورتين مختلفتين : ضمووئة نور] أزليا قنيما كان قبل أن تكون
الأكوان» ومنه استمد كل علم وعرفان» ثم صورته نبياً مرسلاً وكائناً
محدثاً تعين وجوده في زمان ومكان محدودين. وافنبي المرسل إنما
صدر في رسالته في رأي الحلاج عن النور الأزلي القديم الذي صدر
غئةء واشكمن معة غير من الأتبناء السابقيق والأولياة اللاحقين: أيضاً
فالحلاج في النص السابق يذكر طبيعتين للإنسان الكامل تمثلان جماع
اللاهوت والناسوت ويبدو لنا بوصفه "الإنسان الإلهي"' . الذي يتجلى
طابعه اللاهوتي بأزلية نوره» ويتجلى وجهه الناسوتي من حيث هو
تشخيص هذا النور بمظهر من المظاهرء يقول الحلاج:
سبحان من أظهر ناسوته سر سنا لاهوته الثاقب
.50-87 الطواسين» طاسين السراج: ص )١(
وحدة الأديان في عقائد الصوفية ١
ثم بدا في خلقه ظاهراً في صورة الآكل والشاري”»
مزجت روحك في روحي كما تمزج الخمرة بالماء الزلال0)
فالحلاج الملحد يدعي الألوهية”"؛ لأنه بلغ الكمال في ناسوتيته
بكذبه مما يجعله أهلاً للظهورفى لاهوتيته فيكون الظهور الناسوتى
البشري ظهورا موهوما ويكون التجلي الإلهي عن طريق ناسوت إلهي
يتمثل في صورة آدم أو في النور المحمدي والذي يتجلى في الحلاج
بوصفه الإنسان الكامل بزعم هذا الملحد. فيذكر: أن محمداً هو «الحق
ما أسلمه إلى خلقه لأنه هو وإني هو وهو هو»””". وفي قوله تعالى:
إن هُوَ إِلَا وى يوك 49 [التجم: 4] يفسره الحلاج بقوله: «من النور
إلى النوو'""4 أي آن اله توق إلى :ذا تدرو شمن فيد
ووما ينسب إلى عبدالقادر الجيلاني في رسالته الغوثية وهو يخاطب
الله بزعمه: «ثم قال لي: يا غوث الأعظم! ما ظهرت في شيء
كظهوري في الإنسان. ..ثم سألت: يارب من أي شيء خلقت
الملائكة؟ قال لي ياغوث الأعظم! خلقت الملائكة من نور الإنسان»
وخلقت الإنسان من نوري. ثم قال لي: يا غوث الأعظم جعلت
)١( ديوان الحلاج: ص ."٠
(؟) ديوان الحلاج: ص 50.
(©) ينظر ما سبق ذكره عن الحلاج في مبحث الحلول. وينظر الآثار الباقية عن القرون
الخالية: ص١84١145-1.
(5) الطواسين» طاسين السراج: ص 55.
(4) الطواسين» طاسين النقطة: ص 0868.
<> وحدة الأديان في عقائد الصوفية
الإنسان مطيتي» وجعلت سائر الأكوان مطية له. ثم قال لي يا غوث
الأعظم: نعم الطالب أناء ونعم المطلوب الإنسان» ونعم الراكب
الإنسان» ونعم المركوب له الأكوان ثم قال لي يا غوث الأعظم:
الإنسان سري وأنا سره» لو عرف الإنسان منزلته عندي؛ لقال في كل
نفس من الأنفاس: لمن الملك اليوم»""".
إن القول بالحقيقة المحمدية هو نتاج فلسفات وعقائد عدة؛ فالأثر
الكتابي والباطني على وجه مخصوص؛ ظاهر جدا في قول الصوفية
بالحقيقة المحمدية» ونذكر هنا بعض الأديان» والمذاهب التى كان لها
دور في قول الصوفية بالحقيقة المحمدية والإنسان الكامل: ْ
ب - مصادر القول بالحقيقة المحمدية والإنسان الكامل :
أولاً - الأثر الكتابي:
الحقيقة المحمدية عند الصوفية أقرب ما تكون في حقيقتها إلى
الكلمة الإلهية عند اليهود والنصارى» ففلاسفة اليهود وعلى رأسهم
فيلون الإسكندري - يرون أن العالم أثر صادر عن كلمة الله» وأن
مصدر الوحي والنبوة واحد في جميع العصورء هو ما أطلقوا عليه اسم
' الكلمة الإلهية"0".
كما أن الأثر اليهودي ظهر في القول المنسوب لكعب الأحبار"":
)١( الغوثية (ضمن كتاب: الفيوضات الربانية في المآثر والأوراد القادرية) للشيخ
عبدالقادر الجيلاني : ص 6-5.
(؟) ينظر: الآراء الدينية والفلسفية لفيلون الإسكندريء إميل بريهييه: ص .174-١59
(') كعب بن ماتع الحميري اليماني» كان يهوديا فأسلم بعد وفاة النبي كَكَِةِ وحسن إسلامه.
ومما أخذ عليه تحديثه عن الكتب الإسرائيلية. وقد نهاه عمر بن الخطاب وك -
وحدة الأديان في عقائد الصوفية >
(إنى وجدت صفة محمد يلل وأمته فى الكتب المنزلة» وإن الله عز
وجل أوحى إلى موسى ن: إني ما خلقت خلقًا أكرم علي من أمة
محمد ينه ولولاه ما خلقت جنة ولا نارًا ولا سماء ولا ازا
أما فى النصرانية ؛ ف "الكلمة" عند النصارى تمائثل الحقيقة
المحمدية من أنها مبدأ الخلق الذي عنه وبه كل شىء وبغير هذه الكلمة
لم يكن شيء ليكون : فهي المشتملة على الحياة» والحياة هي نور
الكون» المفيض للحياة والنور. جاء فى إنجيل يوحنا ما يأتى : «فى
البدء كان الكلمة» والكلمة كان عند الله» وكان الكلمة الله» كل شىء
به كان» وبغيره لم يكن شيءٌ مما كانء فيه كانت الحياة» والحياة
كانت نور الناس”"“. وجاء في العهد الجديد : «يسوع نفسه حجر
الزاوية» الذي فيه كل البناء مركباً معأء ينمو هيكلاً مقدساً فى الرب»
الذي فيه أنتم أيضاً مبنيون معاً مسكناً لله في الروح”". وفيه أيضاً
قولهم عن المسيح : «الكل به وله قد نحلق. الذي هو قبل كل شيء
وفيه يقوم الكل )”*».
- عن ذلك وتوعله. قال ابن كثير في تفسير سورة النمل في قصة سليمان وملكة سبأ:
ما يحكيه كعب عن الكتب القديمة فليس بحجة عند أهل العلم. وليس كل ما تُسب
إليه في الكتب بثابت عنه» فإن الكذابين من بعده قد نسبوا إليه أشياء كثيرة لم
يقلها. توفي كله بحمص ذاهباً للغزو في أواخر خلافة عثمان ذَنه (سير أعلام
النبلاء : "ا/ 589).
.187/١ فتوح الشامء للواقدي: )١(
(؟) إنجيل يوحناء الإصحاح الأول: .0-١
(*) العهد الجديدء رسالة بولس إلى أهل أفسسء» الإصحاح الثاني: .77-197١
(5) العهد الجديدء رسالة بولس إلى أهل كولوسي الإصحاح الأول: .11/-1١5
ذزي>» وحدة الأديان في عقائد الصوفية
وورد في المواعظ المنسوبة للقديس كليمنت (كليمانس"'؟: «أن
روح الله تتحد في آدم مع شخص إنسان يظهر بصفة النبي الصادق في
صور متعددة» وقد قدر له السيادة على الملكوت الدائم»”".
ويصف كلمنت الكلمة الإلهية "المسيح" بأنها القوة العاقلة التي
كانت في الوجودء قبل أن تتجسد في الصورة الناسوتية " المسيح'
وأنها هي التي تكلمت بلسان موسى ة وغيره من الأنبياء» ونطقت
بلسان فلاسفة اليونان» وأوحت إليهم بحكمتهم. ويصف بعض متصوفة
المسلمين كابن عربي "الحقيقة المحمدية" بمثل ما وصف به فيلون»
وكلمنت 'الكلمة الإلهية' فيعدها منبع الفيض الروحي والعلم
ل
وقد جاء في المواعظ المنسوبة إلى القديس كليمنت أيضاً : «ليس
ثمت غير نبي صادق واحد. هو إنسان خلقه الله وزوده بروح القدس»
يمر خلال عصور العالم منذ البدء» بأسماء وصور هتغيرة» حتى يشمله
الله برحمته» فيبلغ الراحة الأبدية بعد انقضاء الأعصر التي حددت له
كي يؤدي الرسالة التي أخذ على عاتقه أداءها»”*'.
كما يظهر تقارب الصوفية مع النصرانية» أن المتصوفة تصوروا أن
)١( عالم نصراني» ولد في أثينا من أسرة وثنية ثم اعتنق النصرانية» وتوفي في انطاكية
في حدود سنة (15١1م) كان ممن سعى للتوفيق بين النصرانية» والوثنية اليونانية»
وله كتب في هذا الشأن. ينظر معجم الفلاسفة: ص075.
(؟) ينظر نص كليمانس في الخوارج والشيعة» لفلهوزن: ص .١16١
(9) ينظر التصوف الثورة الروحية في الإسلام؛ أبو العلا عفيفي: .٠١
(5) العناصر الأفلاطونية المحدثة والغنوصية في الحديث» جولد تسيهر. ضمن كتاب
"التراث اليوناني في الحضارة الإسلامية ' لعبدالرحمن بدوي: ص 777-1178.
وحدة الأديان في عقائد الصوفية
محمداً يك له طبيعتان» طبيعة بشرية وهي هيئته التي يظهر بها للناس.
وطبيعة روحية وهي التي أفاضت على الوجود بنورها وصدر كل شيء
عنهاء وهو تصور نصراني بحت.
يقول ابن علويه المستغانمي : «معنى اندراج الوجود في كلمة
التوحيدء ولك أن تدرجه في تسمية أشرف العبيد» وهو قولنا : "محمد
رسول الله" فاجتمعت الكلمات الثلاث في هذا اللفظ الشريف المنزلة
على عيسى تن. المعبر عنها باسم الأب والأم والابن. الكلمات
الثلاث هي : الرسالة والمحمدية والألوهية»7".
ثانياً - الأثر الباطني:
يظهر الأثر الباطني بوضوح في قول المتصوفة بالحقيقة المحمدية؛
إذ أن بعض الفرق الغالية تزعم أن روح الله-تعالى عن ذلك- ظهرت
ني النبى محمد كلل ثم في علي بن آبي طالب هوهي ذريته من
بعده. الأئمة الاثني عشر عند الشيعة. يقول الأشعري: «والصنف
الحادي عشر من أصناف الغالية يزعمون أن روح القدس هو الله عز
وجلء كانت في النبي وق ثم في علي ثم في الحسن ثم في الحسين؛
ثم في علي بن الحسين ..2 إلى أن ذكر أئمة الشيعة الاثني عشر ثم
قال : «وهؤلاء (الأئمة الاثنا عشر) آلهة عندهم» كل واحد منهم إله
على التناسخ» والإله عندهم يدخل في الهياكل»”".
ويقول الأشعري: «والفرقة الثانية (من الفرق الغالية) أصحاب
000( المنح القدوسية» ابن علويه المستغانمي : ص 084.
(؟) مقالات الإسلاميين: .١15/١
42 وحدة الأديان في عقائد الصوفية
عبدالل بن معاوية ابن عبدالله بن جعفر ذي الجناحين”'' »-يزعمون أن
عبدالله بن معاوية كان يدعي أن العلم ينبت في قلبه كما ينبت الكمأة
والعكنهه :وان الأرواح تناسختء. وأن روح الله جل اسمهء كانت في
آدم ثم تناسخت حتى صارت فيه» قال وزعم أنه ربٌ وأنه نبي » فعبده
شيعته» وهم يكفرون بالقيامة» ويدعون أن الدنيا لا تفنى ويستحلون
الميتة والخمر وغيرهما من المحارم»”".
ويذكر ابن خلكان عن المقنع الخراساني”" أنه «ادعى الربوبية من
طريق المناسخةء وقال لأشياعه والذين اتبعوه: إن الله سبحانه وتعالى
تَحَوَّل إلى صورة آدمء ولذلك قال للملائكة : اسجدوا له فسجدوا إلا
إبليس ؛ فاستحق بذلك السخطء ثم تحول من آدم إلى صورة نوح
لا. ثم إلى صور واحد فواحد من الأنبياء عليهم السلام والحكماء
(1) عبدالله بن معاوية بن عبدالملك بن جعفر بن أبي طالبء كاك صديقاً للوليد بن يزيد
الخليفة الأموي قبل أن تفضي إليه الخلافة. وكان عبدالله بن معاوية جواداً شاعراً.
خرج بالكوفة في خلافة مروان بن محمد ثم لحق بأصبهان وغلب على تلك الناحية
إلى أن قتل سنة (1١ه) وقيل سجنه أبو مسلم الخرساني داعية بني العباس ومات
في سجنه. قال ابن حزم: «كان عبدالله هذا ردي الدين معطلاً. مستصحباً للدهرية».
ينظر: الفصل. لابن حزم: 757/0-لالا2 ومختصر تاريخ دمشق: 4١/6ل.
(؟) مقالات الإسلاميين: .5/١
(*) قيل إن اسم المقنع الخرساني: عطاء. ولا يعرف اسم أبيه. وقيل اسمه حكيم. وذكر
البيروني: أن اسمه هاشم بن حكيم. وسمي بالمقنع لأنه كان لا يسفر عن وجهه.
ولما استفحل أمره ثار عليه الناس وقصدوا قلعته ليقتلوه؛ فلما أيقن بالهلاك» جمع
نساءه وسقاهن سمّاء فمتن منهء ثم تناول شربة من ذلك السم فمات. وكان ذلك
سنة (777ه). ينظر: الآثار الباقية عن القرون الخالية» للبيرونى ص .١18١ ووفيات
الأعيان: "/ 707. ْ
وحدة الأديان في عقائد الصوفية 222
: 0 : 609 هاه ا
حتى حصل في صورة أبي مسلم الخرساني ٠» ثم زعم أنه انتقل إليه
0
كما تزعم الإسماعيلية أن الكلمة تنتقل في تجسدات بشرية في كل
عصر وفي كل وقت وأنها هي الحق تعالى ؛ كما قالته المتصوفة عن
الحقيقة المحمدية.
جاء فى زهر المعانى من كتب الإسماعيلية: «فكانت الكلمة الأولى
هى العقل كلمة الله التي قال فيها المسيح مُه : في البدء كانت الكلمة.
والكلمة عند الله هى الصورة الأنزعية التى نزعت عنها الكثافة؛
وتواحدت باللطافة. وظهرت بالمقامات» وعلت عن الإشارة» وقد قال
الداعي أحمد قس: إن الصورة الأنزعية هي صورة الذات التي دعا الله
ينفصل عنه داعياً إليه في كل وقت ودورء وعصر وزمان. يظهر اسمه
لقلقه نضا يدع الخلق اله ٠
كما نلمس بذور القول بالحقيقة المحمدية عند الرافضة الاثني
عشريةء فجاء فى كتاب الكافى- وهو بمنزلة البخاري عند أهل السنة-
عن جعفر الصادق”*' قال: «قال الله تبارك وتعالى : يا محمد إني
)١( عبدالرحمن بن مسلمء داعية الدولة العباسية» ولد سنة (١٠٠ه) وتولى أمر الدعوة
للعباسيين سنة (79١ه) بمرو. كان سمّاكاً للدماءء قتله الخليفة العباسي أبو جعفر
المنصور سنة (177١ه) ينظر تاريخ بغداد: ١٠//707ء وسير أعلام النبلاء: 48/5.
(؟) وفيات الأعيان: "/ *755-77.
(0) زهر المعاني» للداعي إدريس عماد الدين القرشي: ص 19. وأحمد قس لم أجد
ترجمته.
0 جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب. من سادات -
42 وحدة الأديان في عقائب الصوفية
نلا ؤظؤظؤغؤ(غئ“ئ©ؤغئ“شْضظ©ظ]”غشٌصَُححكل١6حففُ9371 ب 2191970 201011000191090
خلقتك وعلياً نوراً. يعني روحاً بلا بدن» قبل أن أخلق سماواتي
وأرضي وعرشي وبحري. فلم تزل تهللني وتمجدني. ثم جمعت
روحيكما فجعلتهما واحدة» فكانت تمجدني وتقدسني وتهللني» ثم
قسمتها تندين» وقسمت الثنتين ثنتين؛ فصارت أربعة: محمد
واحدٌ وعليٌ واحد. والحسن والحسين ثنتان. ثم خلق الله فاطمة من
نورء ابتدأها روحاً بلا بدن» ثم مسحنا ييميئه فأفضى نوره فينا(©.
وتنسب الرافضة إلى علي بن أبي طالب َيه قوله : «والله لقد كنت
مع إبراهيم في النار وأنا الذي جعلتها بردًا وسلامّاء وكنت مع نوح في
السفينة وأنجيته من الغرق. وكنت مع موسى فعلمته التوراة» وأنطقت
عيسى في المهد وعلمته الإنجيل. وكنت مع يوسف في الجب فأنجيته
من كيد إخوته؛ وكنت مع سليمان على البساط وسخرت له الرياح»”".
ورووا عنه أيضا قوله وين : «أنا الذي علوت فقهرتء. وأنا الذي أحيي
وأميت: أنا الأول والآخر والظاهر والباطن)””".
كما أن الإنسان الكامل - إحدى صور الحقيقة المحمدية - له
2 أهل البيت» ومن أتباع التابعين وعبادهم. ولد بالمدينة سنة (80ه). حدث عن جده
القاسم بن محمدء وعن عروة بن الزبير» ونافع » وغيرهم. وما كذبت الرافضة على
أحد مثلما كذبت عليه. كانت وفاته كله سنة (58١ه). ينظر: مشاهير علماء
الأمصارء ص77١. وتذكرة الحفاظ : .155/١
)١( الأصول من الكافي. للكليني. كتاب الحجة. أبواب التاريخ» باب مولد النبي كلل
ووفاته؛ رقم (5) /١ 440. وينظر أرقام أحاديثهم (حكيق /١)١* 1418-52
(؟) الشيعة وتحريف القرآن. للشيخ محمد مال الله: ص ١7 عن كتاب: الأنوار
النعمانية: ١/١ا".
(9) الشيعة وتحريف القرآن. للشيخ محمد مال الله: ص ١7 عن كتاب:الاختصاص
للشيخ المفيد: ص /ا6١.
وحدة الأديان في عقائد الصوفية 22
اسمس د كد
أصله في الديانات الباطنية؛ فهو عند الإسماعيلية غاية الخليقة»
ما في الفطرة على حد تعبير الداعي الفاطمي علي بن الوليد”''. و 0
الإنسان الكامل عند الإسماعيلية إلى الأئمة والأوصياء؛ لأن كل واحد
منهم غاية ما في عالم الإنسان .. وزبد الطبيعة بأسرهاء وحائز على
تدبير العقول البرية» وزبدة العالمين الطبيعي والروحاني”"2: وهو عين
ما قالته المتصوفة في الإنسان الكامل.
وترى البهائية «أن الله ليس له أسماء ولا صفات ولا أفعال» وأن
كل ما يضاف إليه من أسماء وصفات وأفعال هي رموز للأشخاص
ممتازين من البشر قديماً وحديثاً هم مظاهر أمر الله ومهابط وحيه في
زعمهم وآخرهم الذي لقب نفسه (بهاء الله) وهو عندهم مظهر الله
الأكمل» وهو الموعودء ومجيئه الساعة الكبرى» وقيامه القيامة.
ورسالته البعث» والانتهاء إليه الجنة» ومخالفته هي النار»”"
ثالثاً - الأثر الكلامي: 1
تقرب الحقيقة المحمدية في تصورها من مذهب الكمون عند
النظاء”*' من المعتزلة؛ فالحقيقة المحمدية منها نشأ الخلق» وبالمعنى
000 الذخيرة في الحقيقة: ص ,50١ وعلي بن الوليد: م فاطمي يماني» توفي
سنة(7١5ه) حسبما ذكر محقق كتابه الذخيرة. ولم أن له ترجمة.
(؟) الذخيرة في الحقيقة: ص .51-5١ وينظر كتاب الكشف لجعفر بن منصور اليمن:
ص 01-0٠0 ومعرفة النفس الناطقة والعلوم الغامضة» للداعي الإسماعيلي حسن
المعدل (ضمن أربع كتب حقانية) ص .7171-١١17
(*) البهائية» محب الدين الخطيب ص: .١7
(5) أبو إسحاق إبراهيم بن سيار النظام» من الموالي» ابن أخت أبي الهذيل العلاف»
وعنه أخذ الاعتزال» كما تأثر بالبراهمة. يعد من أذكياء المعتزلة» وتأثر -
وحدة الأديان في عقائد الصوفية
ود سس سس سس سس 1ك
الدقيق : أن الخلق كله نشأ من نور محمد يللي فكأن الخلق كان كامناً
في النبي يَكْهِ ثم خرج إلى الوجود ؛ وهذا مثل مذهب النظام حيث زعم
أن الله تعالى خلق الموجودات دفعة واحدة على ما هي عليه الآن :
معادن» ونباتاً وحيواناً» وإنساناً» ولم يتقدم خلق آدم :ا خلق
أولاقة؟ غير أن الله تعالى أكمن بعضها في بعضء فالتقدم والتأخر إنما
يقع في ظهورها من مكامنها دون حدوثها ووجودها)”".
5 5 5 © ©
- بأقواله طوائف من الشيعة والخوارج. وكان شديد الوقيعة في أهل الحديث» وروي
أنه كان لا يقرأ ولا يكتب» وقد حفظ القرآن والتوراة والإنجيل. توفي سنة بضع
وعشرين ومائتين في خلافة المعتصم العباسي. ينظر: فرق وطبقات المعتزلة: ص
8 وسير أعلام النبلاء: .041/٠١
.55/١ الملل والنحل» للشهرستاني: )١(
وحدة الأديان في عقائد الصوفية
0 ر__
المبحث الثانى
م/ كه
وحدة الأديان فى ضوء الحقيقة المحمدية والإنسان الكامل
من أسباب قول الصوفية بوحدة الأديان اعتقادهم بالحقيقة
المحمدية» والإنسان الكامل؛ إذ مصدر الأديان عندهم هو الحقيقة
المحمدية» فالدين كله واحد وهو الله» والعارف المحقق الكامل هو من
عبدالله تعالى في كل مجلى من مجاليه. وتتضح وحدة الأديان هنا من
حيث اعتقاد الصوفية في الحقيقة المحمدية من خلال الأصول التالية:
الأصل الأول:
الأصل الأول الذي بنى عليه المتصوفة قولهم بوحدة الأديان من
خلال إيمانهم بما يسمونه الحقيقة المحمدية وصورتها النهائية في
الإنسان الكامل هو أنه يَكةِ عين الوجودء والحقيقة الإلهية السارية في
الوجود بأسره» وصورة كل معبود» فهو في كل شيءء وبه كل شيء؛
هو الخالق وهو المخلوق» هو العابد وهو المعبود؛ فما عبد شيء إلا
وهو صورته» وما سجد لشيء إلا وهو مجلاه. والمؤمن الصادق من
نظر إلى جميع الصور على أنها مجال لحقيقة ذاتية واحدة هي الله وأن
الحقيقة المحمدية هي الظاهرة في صور العالم كلها.
يقول داود القيصري : (إن الحقيقة المحمدية صورة الاسم الجامع
الإلهي وهو ربهاء ومنه الفيض والاستمداد على جميع الأفاء:
فاعلم : أن تلك الحقيقة هي التي تربي صور العالم كلها بالرب الظاهر
فيهاء الذي هو رب الأرباب» لأنها هي الظاهرة في تلك المظاهر كما
وحدة الأدبان في عقائد الصوفية
مرء فبصورتها الخارجية المناسبة لصور العالم - التي هي مظهر الاسم
الظاهر- تربي صور العالم وبباطنها تربي باطن العالم» لأنه صاحب
الاسم الأعظم. وله الربوبية المطلقة .. ولا تتصور هذه الربوبية إلا
باعطاء كل ذي حق حقهء وإفاضة جميع ما يحتاج إليه العالم» وهذا
المعنى لا يمكن إلا بالقدرة التامة» والصفات الإلهية جميعهاء فله كل
الأسماءء يتصرف بها في هذا العالم حسب استعدادتهم .. فلها
الإحياء» والإماتة» واللطف. والقهرء والرضا والسخط. وجميع
الصفات» ليتصرف في العالم وفي نفسها وبشريتها أيضاً لأنها منه.
وبكاؤه يك وضجره وضيق صدره. لا ينافي ما ذكرء فإنه بعض
مقتضيات ذاته وصفاته. ولا يعزب عن علمه مثقال ذرة في السماء ولا
في الأرض من حيث مرتبته. وإن كان يقول: «أنتم أعلم بأمور
دنياكه ”2 5000 بشريته»7,
كما أن المتصوفة يعتقدون في محمد ككل «أنه هو الله سبحانه ذاتاً
وصفة. وأنه هو الأول والآخر والظاهر والباطن وأنه هو الوجود
المطلق والوجود المقيّدء وأنه كان ولا شيء قبله أو معهء ثم تعيّن في
صورة مادية سمي في واحدة منها بجمادء وفي أخرى بحيوان» وهكذا
حتى اندرج تحت اسمه كل مسمَّى وصدقت ماهيته على كل ماهية)”".
ولأن الحقيقة المحمدية هي حقيقة كلية جامعة مطلقة؛ جعلها هذا
41١ الحديك راسي لتاب الققسائل 9 باب وجوب امتثال ما قاله شرعاً دون
ما ذكره كَكِْةِ من معايش الدنياء رقم (7757) 214875/4, من حديث أنس بن مالك
(؟) مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم: .1١5-1١١/١
2 هذه هي الصوفية» عبدالرحمن الوكيل: ص 307
وحدة الأديان في عقائد الصوفية
الإطلاق حاوية جميع المظاهر والتعينات؛ فهي التنزل الإلهي في مرتبة
الأحدية» والتي لها السريان التام في هذا الكون.
يقول البناني : «تضاءلت الفهوم عن إدراك الحقيقة المحمدية ؛
لإطلاقها وعدم حصرها في فهم فاهمء وعقل عاقل ؛ لأن حقيقته كَل
عين الحقيقة الذاتية الأحدية)0".
ويقول ابن عجيبة: «نوره يك هو بذرة الوجودء والسبب في كل
موجود .. من أجله لاحت وظهرت أسرار الذات العالية» وقد كانت
قبل ظهور نوره محجوبة باطنية» تجلى فيها الحق تعالى باسمه الباطن»
فلما أراد أن يتجلى باسمه الظاهرء أظهر قبضة من نوره» فقال كوني
محمداًء فمن تلك القبضة المحمدية تكونت الأكوان» من العرش إلى
الفرش» فما ظهرت أسرار الذات إلا من تلك القبضة النورانية»
فظاهرها ذات» وباطنها صفات)0".
ويقول في شرحه لصلاة ابن عربي : «الثكهم صل على الذات
المُظلْسم' أي: على الكنز المكنون. فالمطلسم هو: الساتر للشيء.
والصّرَّان له. وذلك أن الحق - جل جلاله كان كنزاً لم يعرف» أي سراً
خفياً غيبياً» فلما أراد أن يعرف؛ أَظَهّرَ قبضةً من نور ذاته» سماها
محمداً يلهِ؛ فلما تجلت القبضة من بحر الجبروت» كساها رداء
الكيرياء :وهو جات الحسن ..."جات الحسن الذي احتجيت:نبه
)١( مدارج السلوك إلى مالك الملوكء للبناني: ص .١101 وينظر: النفحات الأقدسية
في شرح الصلوات الأحمدية الإدريسية؛ للبيطار: ص .151-١50
(0) شرح صلاة القطب ابن مشيش: ص6١-15. وينظر شرح الصلاة المشيشية» لابن
كيران: ص 265١ 060-05.
وحدة الأديان في عقائج الصوفية
أسرار الذات هو الطّلسم. والمعاني التي هي باطن القبضة وكليتها هو
الكنزء وهو عين الذات في مقام الجمع. فالقبضة المحمدية لما كانت
من عين الذات. أطلق عليها الذات. ولذلك قال: على الذات
المطلسم. ومن هذه القبضة تفرعت الكائنات كلها من عرشها إلى
فرشهاء بذواتها وأرواحهاء فنوره كَكةِ هو بذرة الوجود. والسبب في
كل و
إلى أن قال: «ثم إن القبضة المحمدية هي عين الذات» برزت من
يق الذاك“لكق تشمى ما اتكشك معهاء وتحعسن > فيعيدا كله ...وان
ما بطن» فباق على أصله من اللاهوتية)”".
وتزعم الصوفية أن شأن محمد هو شأن الله وليس العالم إلا
صورة الحقيقة المحمدية» كما أن الحقيقة المحمدية ليست إلا صورة
الله ؟ فمن توجه بالعبادة إلى حقيقة محمد يَكِْةِ في مظاهره المتعددة ؛
فإنما عبد الله تعالى في تجلياته التي لا يحصرها حاصر: «شأن محمد
في جميع تصرفاته هو شأن الله ولذلك كان نوراً ذاتياً من عين ذات
الله.. فالبسملة نزلت على سليمان ع من باطن محمد يلك فكان
سليمان 2 مجلى من مجالي نور محمد يليه وصورة من صوره. فما
في الوجود إلا محمد يلق ".
.45-4١ شرح صلاة ابن عربي الحاتمي» لابن عجيبة: ص )١(
(؟) شرح صلاة ابن عربي الحاتمي: ص45. وينظر فناء اللوح والقلم؛ محيي الدين
الطعمى: ص 158.
6 النفحات الأقدسية في شرح الصلوات الأحمدية: صه. وينظر الكتاب نفسه:
ص -6١ الا 65١1-ل159.
وحدة الأديان في عقائد الصوفية
ويأتي الجيلي بتوحيد يسميه: بالتوحيد المحمديء والذي قوامه
وحدة الوجودء وعبادة الله في مظاهره المتعددة» يقول الجيلي: «جعل
هذا الاسم (الله) عين محمد في سائر ما أخبر به من حقيقة هذا التوحيد
المحمديء فجعل ظاهر محمد كك نائباً مناب اسمه "الله ' تعالى)".
ويقول: «اعلم أن محمدا كك قد اتصف بجميع أسماء الله وصفاتهء
وتحقق بها)”".
ويستدل الجيلي لهذا التوحيد المحمدي بدليل غريب هو أن الله
ذكر محمد يله معه في كلمة التوحيد في كلمة الشهادة : "أشهد أن لا
إله إلا الله وأن محمداً رسول الله "2 وهذا في نظر الجيلي غاية الدلالة
على ما أسماه بالتوحيد المحمدي.
يقول الجيلي : «اسم محمد يَكِْةِ واقع على ذلك موقع اسمه الله.
فسواء قلت: هو محمدء أو قلت هو الله. ومقارنة اسمه يك مع اسم
الله في كلمة الشهادة إشارة لهذا المعنى الذي ذكرناه؛ لأن كلمة التوحيد
إنما هي موضوعة لتوحيد الواحد بوحدته التي هي له من دون كثرة.
فلوكان اسم محمد خلاف تلك الوحدة ما ساغ مقارنته بالاسم" الله'
في كلمة التوحيد لوجود الغيرية» والأمر بخلاف ذلك ؛ لأنه يَكِجِ هو
الب بالنه0.
وكون النبي تكله يذكر في الشهادة مع الله فإنما يذكر بصفته رسولاً
من عند الله» ولم يذكر بصفته إلهاً يعبد من دون الله بزعم الجيلي. كما
)١( الكمالات الإلهية في الصفات المحمدية: ص 57.
() المصدر السابق: ص ©7760.
(©) المصدر السابق: ص .737١
وحدة الأديان في عقائد الصوفية
كك سس بس وح م ا ا ا 101
أن ذكر النبي ككِِ في الشهادة مع الله تعالى هو من تكريم الله لرسوله
محمد يَلَةِ ورفع لذكره» كما قال سبحانه وتعالى لنبيه يله : وَرَقَعَنا لك
و2 409 [الشَّرح: 4].
ويؤكد هذا التوحيد - أقصد التوحيد المحمدي الذي نادى به
الجيلي - النابلسي في تفسيره لقول: الله فعالن + طن النيت تايتوتك نما
اوت الله يد أَلَّهِ فَوقَ نَّ بدي » [المَنْح: .1٠١ يقول النابلسي : «أخبر تعالى
أن نبيه محمداً يَلهِ هو الله تعالى وتقدس» وبيعته بيعة الله» ويده التى
مدت للبيعة هى يد الله تعالى كما سمعت من الآية الشريفة. ولولا أنه
كله على ممترفة من ويه محقيقية :مالقا غتهاتعالى "للك القول106).
ويقول عبدالله بن إبراهيم يم الميرغني : «قد تبين مما تقدم أنه كل كل
العالمء وأن كل جزء من العالم مظهر له من حيث اتحاده» وجزء منه
وبعضه وغيره من حيث امتيازه وانفراده» إذ نوره الذي هو العقل أصل
العالم 4 صار هو عين الوجود ومظهر تجلي الواحد المعبود ب" كان
الله ولا شىء معه وهو الآن على ما عليه كان"”"'. وينكشف له في
مقام البقاء أن الرسول يَكِةِ كان ولم يكن معه شيء من الموجودات
سوى رب الأرض والسماوات وهو يَكةِ الآن على ما عليه كان»”".
ويذهب الجيلي إلى أن الحقيقة المحمدية هي طريق لتوحيد العبادة
بين البشر؛ إذ أنها تمثل الذات الإلهية من جانب ؛ كما أنها تمثل
.4 رسالة في حكم شطح الولي: ص94١. وينظر النفحات الأقدسية: ص )١(
(0) سبق تخريجه: ص 5 هلإا-لاولا.
(*) النفحات القدسية من الحضرة العباسية في شرح الصلاة المشيشية (ضمن مجموعة
النفحات الربانية): ص"77١.
وحدة الأديان في عقائد الصوفية
المخلوقات الكامنة فى هذه الذات من جانب آخر.
يقول الجيلى فى الحقيقة المحمدية : «برزت إشارة كنهية بعبارة
منهية أني قد اختلست من ذاتي نسخة جامعة لأسمائي وصفاتي بمزيد
حقائق الكنه الذي لا يعبر عنه. أبرة قن يازا شوم عين الكمون وأظهر
فيه ظهوراً هو عي عين البطون» يتضنوراً بعيورة الديعة اسطرءا فى بتعا فة
رقيغة تكو تلك القورة مجان لجنايكم الرفيع ومظهراً لشأنكم البديع
وتستأثر فى نفسها بمالها من قدسها من حقيقة كنه لا يعرف» وحقيقة لا
تدرك ولا توصفء. فتكون نسبة ذلك المظهر الأكمل والمجلى الأعز
الأفضل إلى مظاهركم العظيمة ومجاليكم الكريمة نسبة الذات من
الصفات ليكمل به ثنائى على علاي» فشققت من الحمد اسمها إذ كان
انلها قوتي محيدا وأحمد ودهودا وجعلته عابداً و1
ويفصل ابن عربى ما أجمله الجيلى فى أن الحقيقة المحمدية هي
التي تعبد في كل معبودء يقول ابن عربي : «أول موجودٍ طهر مقيّداً
فقيراً؛ موجود يسمى العقل الأول» ويسمى الروح الكلي» ويسمى
ويسمى الحقيقة المحمدية» ويسمى روح الأرواح» ويسمى الإمام
السين ويسةى كل شيو ء» وله أسشاة كثيرة باعغساراما فيه من
| 00
لوجوه
لاحظ أخي القارىء عبارة ابن عربي : 'ويسمى كل شيء ". ' وكل '
من ألفاظ العموم» ويدخل في هذا العموم الأصنام والكواكب والنباتات
)١( الإرادة القديمة (مخطوط) عبدالكريم الجيلي: ق “اب -5أ.
() كتاب المسائل» ضمن رسائل ابن عربي : ص 5986.
0 وحدة الأديانق في عقائد الصوفية
والأحجار وكل ما عبد من دون الله. وهو ما صرح به ابن وعربي؛ إذ
قال بعد ذلك:«وبهذا الوجه الذي ذكرناه؛ لا يكون أثراً إلا للألوهية ؛
لأن بذلك الوجه ظهرت هذه الآثار عن الأكوان كلها .. فلولا هذا
السريانُ الدقيق» والحجاب العجيب الرقيق والستر الأخفى؛ ما عبدت
الألوهية في الملائكة» والكواكب والأفلاك والأركان والحيوانات»
والنباتات والأحجار والأناسى ؛ إذ الألوهية هى المعبودية من
المونع و ات0, ْ ْ
وهو كلام في غاية الوضوحء لا يحتمل معه أي تأويل» وشاهد
بِيّن على أن نظرية الحقيقة المحمدية عند المتصوفة إنما هي دعوة
صريحة للوحدة بين الأديان.
والعبادة مقبولة مهما اختلفت. والأديان صحيحة مهما تعددت؛
لأن الحقيقة المحمدية لا تخلو من مكان أبداًء ولا تختفي في زمان
أبداً ؛ بل هي على الدوام في كل مكانء وفي كل زمانء يقول
البكري : «الذي أقوله إن الجسد الشريف لا يخلو منه زمان ولا مكان
ولا محل ؤلا إمكان». ولا عرش ولا كرسي ولا قلم ولا غير ذلك من
المكونات» وإن امتلاء الكون الأعلى به كامتلاء الكون الأسفل»
وكامتلاء قبره به» فتجده مقيماً به طائفاً حول البيت» قائماً بين يدي ربه
لأدائه الخدمة» تام الانبساط بإقامته في درجة الوسيلة» ألا ترى الرائين
يقظة» أو مناماً يرونه في وقت واحد في أمكنة متباعدة جداًء فمتى كان
ذلك مناماً كان في عالم المثال» ويقظة كان بصفتي الجمال والجلال»
وذلك غايات الكمالء. وليس من الله بمستنكر أن يجمع العالم في
."98 كتاب المسائل. ضمن رسائل ابن عربي: ص )١(
وحدة الأديان في عقائد الصوفية
واحدا”'". ويقول : «لما كان يلل عالمى الملك والملكوت وجب أن لا
يخلو جزء منهما عن جسده وو 0
وقريب من هذا قول الجيلي : «إن الله تعالى لما خلق محمدا كلل
من كمالهء وجعله مظهراً لجماله وجلاله» خلق كل حقيقة في محمد
كله من حقيقة من حقائق أسمائه وصفاته» ثم خلق نفس محمد من
نفسهء وليست النفس إلا ذات الشيء.. ثم لما خلق الله نفس محمد
يله على ما وصفناهء خلق آدم نسخة من نفس محمد)»”".
ولا يخفى قول الجيلي : " خلق كل حقيقة في محمد ' إذ يشمل
كل شيء له حقيقة في الوجود؛ ومن ذلك الأصنام والأوثان» والشرك
والكفر عموماً. فهذه حقائق في الوجود لا ينكرها إلا مكابر» فعلى قول
الجيلي تعتبر هذه الحقائق مخلوقة في النبي ككل ويؤكد هذا قول
الجيلي : «محمد يَِِ هو الواسع لكل ما يطلق عليه اسم الشيء من
الأمور :الحقينة والأمؤر الخلفية»”. :
الأصل الثاني :
أما الأصل الثاني فهو أن الله رحم العالم كله بالحقيقة المحمدية؛
يستوي في هذا المؤمن والكافر. وكل من دان بغير دين الإسلام تشمله
)١( اتحاف أهل الإسلام والإيمان بأن المصطفى ككهِ لا يخلو منه زمان ولا مكان»
مصطفى بن كمال الدين البكري (مخطوط): ق ١٠ب -ق١1أ.
(؟) اتحاف أهل الإسلام والإيمان بأن المصطفى كك لايخلو منه زمان ولا مكان:
ق١١اب.
(9) الإنسان الكامل: ؟57/7".
(5) الكمالات الإلهية في الصفات المحمدية: ص 8".
«١ ْ وحدة الأديان في عقائد الصوفية
هذه الرحمة لسريان هذه الرحمة في الموجودات كلها؛ فكل دين مقبول
وكل عبادة نافعة لسريان الحقيقة المحمدية فيها.
فهذا الجيلي يؤكد أن الحقيقة المحمدية وسعت كل شيء رحمة»
فالعالم كله مرحوم بهذه الرحمة» وهذه الرحمة لا تخص أحداً دون
أحد بل هي لكل المخلوقات يدخل فيها الكفار والمشركون وكل من
دان بغير دين الإسلام؛ إذ إنها تسري في الوجود كله كسريان الحياة في
كل حي. والعالم كله نسخة من محمد حبيب الله فالعالم كله وما
يحتويه داخل في هذه الرحمة. يقول الجيلي: «احقيقة محمد لَه بها
رحم الله تعالى حقائق الأشياء كلها.. فلذلك أول ما خلق الله روح
محمد كيَكلِِ ؛ ليرحم به الموجودات الكونية فيخلقها على نسخته»
ويستخرجها من نشأته .. ولذلك سبقت رحمة الله تعالى غضبه؛ لأن
العالم كله على نسخة الحبيب» والحبيب مرحوم»"'". ويقول الجيلي
أيضاً : «فإنه يك كان متحققا بالرحمانية لسريان,وجوده في جميع
الموجودات؛ لأنه هيولى العالم» والدليل على ذلك أن الله خالق العالم
منهء فهو يك سار في حميع الموجودات سريان الحياة في كل حي)”".
الأصل الثالث:
هو أن الحقيقة المحمدية جامعة للأضداد ؛ فالكل منها انبثق» ومن
عينها فاضء» ومن نورها وجد : فالتوحيد والشرك. والإسلام والكفرء
والحق والضلالء» والخير والشرء والملائكة والشياطين .. كل ذلك
)١( الكمالات الإلهية: ص .4١-5٠ وينظر الإرادة القديمة: ق4ب-5أ» ومراتب
الوجود: ص١١-155.
00( الكماللات الإلهية في الصفات المحمدية : ص وىفة
ومحدة الأديان في عقائد الصوفية >
نتج من نور النبي محمد يَلِ ؛ كما تزعم الصوفية؛ ومن هذا الباب:
تسقط الفروق بين المتضادات» ما دامت كلها من نور واحد: فيتساوى
التوحيد والشركء والإسلام والكفرء والحق والضلال ..وهكذاء يقول
الجيلي: «اعلم أن الله تعالى لما خلق النفس المحمدية من ذاته» وذات
الحق جامعة للضدين خلق الملائكة العالين من حيث صفات الجمال
والنور والهدى من نفس محمد ذل وخلق إبليس وأتباعه من حيث
صفات الجلال والظلمة والضلال من نفس محمد كلِلِ)7١)
كما تسقط حقيقة العذاب والجحيم والنارء وتصبح هي نفس حقيقة
الرحمة والنعيم والجنة ما دام المصدر واحداً وهو الحقيقة المحمدية
عند المتصوفة. وأن مآل الجميع إلى الخيرء يقول الجيلي : «اعلم أن
الله خلق الصور المحمدية من نور اسمه البديع القادر» ونظر إليها
باسمه المنان القاهر ثم تجلى عليها باسمه اللطيف الغافر فعند ذلك
تصدعت لهذا التجلى صدعين فصارت كأنها قسمت نصفين» فخلق الله
الجنة من نصفها المقابل لليمين وجعلها دار السعادة للمنعمين» ثم خلق
النار من نصفها المقابل للشمال» وجعلها دار الأشقياء أهل الضلال
وكان القسم الذي خلق منه الجنان هو المنظور إليه باسمه المنان فهو
لسر تجلي اللطيف محل كل كريم عند الله شريف ؛ والقسم الذي خلق
الله منه النار هو المنظور إليه باسمه القاهرء وهو لسر تجلي الغافر يشير
إلى قبول أهلها إلى الخير في الآخرء كما أخبر النبي كَلْهِ عن النار أن
الجبار يضع فيها قدمه فتقول : قط قط)”". وقال : «واعلم أن الصور
)١( الإنسان الكامل: ؟/8".
00( الإنسان الكامل : 1/7 والحديث روآأه البخاري )586٠( ومسلم 25) من
حديث أبي هريرة ض#ه .
2« وحدة الأديان في عقائد الصوفية
المحمدية خلق الله منها الجنة والنار وما فيهما من نعيم المؤمنين
وعذاب الكافرين)”7".
الأصل الرابع :
هو أن النبي المبعوث إلى الناس إنما هو نفسه واحد في كل
العصور لا يتغير هو محمد؛ بعثه الله في صورة نوح والنبيين من بعده.
ثم صورة إبراهيم والأنبياء من ذريته» ثم صورة موسى وأنبياء بني
اسرائيل من بعدهء ثم عيسى عليهم جميعاً الصلاة والسلام وهكذا؛ ثم
تظهر الحقيقة المحمدية في صورة النبي محمد كَلِة» وتظهر بعد ذلك في
أقطاب الصوفية وأوليائهم. فمن آمن باليهودية فقد آمن بمحمد يَكلِةٍ لأنه
هو الذي بعث إليهم» ومن آمن بالنصرانية فقد آمن بمحمد كَكَِةِ لأنه هو
المبعرث إليهم» فلا يوجد في الحقيقة كفر بل إيمان أتى به النبي محمد
يك في عصور مختلفة» وكل آمن به في صورته التي آناه بهاء واختلاف
الصور لا يغير من معنى الحقيقة» وهي الإيمان» فنبوته كك ممدة للكل
وظاهرة فيه على شكل أدوار تترى؛ لأنها نبوة الروح الأعظم. لقد أدى
هذا الأعقاد عضن الضوفية إلى أن يقرووا أن هلا خلافيرزن الأبياء
إلا في المظهر الخارجيء أما في الحقيقة فإن رسول واحد بعث إلى
العالمين في أزمنة مختلفة» وفي مظاهر جسمانية متباينة كي يعلن للناس
إرادة الله وينبئهم بمشيئته» وما آدم ونوح وإبراهيم وموسى وعيسى
ومحمد بمختلف الواحد منهما عن الآخرء ولكنهم جميعاً روح قدسية
واحدة متجلية في صور ومظاهر جسمانية مختلفة فجوهرهم جميعاً واحد
.55/7 الإنسان الكامل: )١(
وحدة الأديان في عقائد الصوفية 2«
وليين الاعلاف إلا شنا ظاهي ع9
ويؤكد ابن الفارض ما سبق أن قاله كليمنت من أن النبي المبعرث
إلى الناس إنما هو نفسه واحد في كل العصور لا يتغير ؛) حيث يؤكد
اين الفاّض أن الحقيقة المحمدية سارية في جميع الأنبياء» وأن النبي
محمداً يلةِ باعتباره معنى كلياً وروحاً جامعاً مبعوثاً من نفسه إلى نفسه
باعتباره صورة عنصرية معينة ظاهرة بمظهر من مظاهر الكمال وهو
النبوة؛ فمني وإلي كانت رسالاتي لا من غيري» إذ لا وجود للغير في
الحقيقة. وهذا المعنى ذكره ابن الفارض في هذين البيتين:
ومن عهد عهدي قبل عصر عناصري إلى دار بعثِ قبل إنذار بعثتي
إليّ رسولاً كنت مني مُرسِلا وذاتي بآياتي عليّ استدلت”"
ثم يبين أن الحقيقة المحمدية سارية في جميع الأنبياء لأن وجودهم
وصدروهم كان منها:
وإني وإن كنت ابنّ آدم صورةٌ فلي فيه معني شاهدٌ بأبوتي
وفي المهد حزبي الأنبياءً وفي عنا صري لوحي المحفوظ والفتحٌ سورتي
وقبل فصالي دون تكليفٍ ظاهري ختمتُ بشرعي المُوضِحي كل شرعة””"
ابن الفارض يقرر هنا أن حقيقة النبي يَئِةٍ هي السارية في الأنبياء»
)١( العناصر الأفلاطونية المحدثة والغنوصية في الحديث» جولدتسيهر. ضمن كتاب
"التراث اليوناني في الحضارة الإسلامية ' لعبدالرحمن بدوي: ص 770
() ديوان ابن الفارضء ص ©3578. البيتان 2»55٠ ٠5594 وينظر شرح التائية لقيصري:
ص 195.
*) ديوان ابن الفارض: ص 199,ء الأبيات »571١ 2537# 5"5. ينظر كشف الوجوه
الغر: 197-191/7. وشرح قيصري للتائية: ص 2178 777-1777
2« وحدة الأديان في عقائد الصوفية
حتى في آدم ظتدُ فإنه وإن كان النبي محمد يكةِ من حيث الصورة ابنا
لآدم إلا أنه من حيث المعنى هو أبو آدم؛ فآدم يكذ وسائر الأنبياء إنما
استمدوا وجودهم من النبي محمد كَل وما أتى به الأنبياء من الوحي
إلا من حقيقته كَل وهو يرى أنه ليس ثمة فرق بين شريعة محمد وبين
شريعة غيره من الأنبياء؛ وذلك لأن هؤلاء الأنبياء إنما استقوا شرائعهم
من شريعة محمدء وساروا على نهجهء وبيان ذلك هو أن الحقيقة
المحمدية» بحكم كونها أصلاً في كل شيء» وسراً لكل وجودء ومنبعاً
فياضاً بكل علم ووحي ومعرفة» فهي قد ظهرت في الأجيال المتعاقبة
وعلى أيدي الأنبياء المتعددين.» بصور مختلفة تمثلت فيما دعا إليه
هؤلاء الأنبياء من أديان وما أتوا به من شرائع؛ والحقيقة أن جميع هذه
الأديان والشرائع مردود إلى أصله الواحد في الروح المحمديء ولا
سيما أن محمداً حين كان حقيقة أزلية وروحاً قديماً قد ختم بشريعته كل
القرزاف 0
ولا تظنئن أن ابن الفارض يقصد الإسلام بمعناه العام الذي هو دين
الأنبياء جميعاً وهو التوحيدء بل مراده أن كل ما في هذا الكون من
أديان إنما هي مظاهر من مظاهر الحقيقة المحمدية» وإن بدا الاختلاف
بينها في الظاهرء فهي لا تخرج عن حقيقته كه وروحه الكلي.
فلا تحسبن الأمر عني نخارجاً فما سا إلا داخلُ في عُبُودّتي
«فلا تحسبن الأمر الإلهي خارجاً عني ليمكن أن يصد من غيري»
بل أنا الاسم الأعظم الإلهي ومظهره الجامع لحقائق جميع العالم
000( ينظر ابن الفارض والحب الإلهي. د. محمد مصطفى حلمي: لاا
وحدة الأديان في عقائد الصوفية
المحيط بهاء فما خرج عني شيء ليأتي بشيء ما أمرته به» ولا ساد
أحد في الوجود بسيادة النبوة والولاية وغيرهماء إلا وداخل في
عقودي»20.
فتعدد الأنبياء» وتباين الشرايع واختلافها فيما بينهاء ليس إلا من
حيث المظاهر والصور الخارجية؛ أما من حيث اللب والجوهر
فالحقيقة واحدة» وإن اختلفت الطقوس. فالشرائع كلها واحدة» لأنه
ليس هناك إلا نبي واحد وشريعة واحدة على الحقيقة» وهذا النبي هو
محمد كما أن هذه الشريعة الواحدة هي شريعته. وإن سميت بأسماء
متعددة.
ويبين داود قيصري”" أن الحقيقة المحمدية تظهر في كل شيء
بحسب ما يقتضيه ذلك الشىء؛ إذ أن ظهورها بكامل كمالاتها غير
ممكن ؛ فكان أن ظهر فى كل عصر ظهورًا لائقاً بأهل ذلك العصر
وزمنهم ؛ فظهرت في الأنبياء يا من آدم ثم الأنبياء بعده. ولا يزال
ظهورها يتوالى في كل زمان حتى تظهر في صورة النبي محمد وَل
فتختم به النبوة؛ لكنها أي الحقيقة المحمدية تظهر في الأولياء
والأقطاب في كل عصر حتى قيام الساعة» والساعة هنا عبارة عن عودة
الكل إلى الواحد.
)١( شرح تائية ابن الفارض» محمد قيصري: ص 5717. وبيت ابن الفارض ضمن تائيته
الكبرى نظم السلوك» ينظر ديوانه ص "٠٠ البيت رقم /ا38.
(؟) داود بن محمود بن محمد» شرف الدين القيصري» أديب صوفي من علماء الروم»
من أهل قيصرية» تعلم بها وأقام سنوات بمصر ثم رجع إلى بلده» له شرح على
فصوص الحكمء وشرح على تائية ابن الفارض» وغيرها توفي سنة(١8/اه). ينظر
الأعلام: اا
2« وحدة الأديان في عقائد الصوفية
يقول قيصري : «وظهور تلك الحقيقة بكمالاتها أولاً لم يكن
ممكناء فظهرت تلك الحقيقة بصور خاصة. كل منها في مرتبة لائقة
بأهل ذلك الزمان والوقت. حسب ما يقتضيه اسم الدهر في ذلك الحين
من ظهور الكمال. وهي صورر الأنبياء ني فإن اعتبرت تعيناتهم
وتشخصاتهم لغلبة أحكام الكثرة والخلقية عليك» حكمت بالامتياز
بينهم والغيرية» وبكونهم غير تلك الحقيقة المحمدية الجامعة للأسماء
لظهور كل منهم ببعض الأسماء والصفات. وإن اعتبرت حقيقتهم
وكونهم راجعين إلى الحضرة الواحدية بغلبة أحكام الوحدة عليك»
حكمت باتحادهم ووحدة ما جاءوا به.. فالقطب الذي عليه مدار
أحكام العالم» وهو مركز دائرة الوجود من الأزل إلى الأبد» واحد
باعتبار حكم الوحدة» وهو الحقيقة المحمدية. وباعتبار حكم الكثرة
متعدد.. وعند انقطاع النبوة- أعني نبوة التشريع- بإتمام دائرتهاء
وظهور الولاية من الباطن» انتقلت القطبية إلى الأولياء مطلقاً.. إلى أن
ينختم بظهور خاتم الأولياء» وهو الخاتم للولاية المطلقة. فإذا كملت
هذه الدائرة أيضاء وجب قيام الساعة.. فيصير كل ما كان صورة معنى»
وكل ما كان معنى صورة» أي يظهر ما هو مستور في الباطن من هيئات
النفس على صورها الحقيقة» وتستتر الصور التي احتجبت المعاني
الحقيقية فيهاء فتحصل صورة الجنة والنار» والحشر والنشرء على ما
أخبر عنه الأنبياء والأولياء صلوات الله عليهم أجمعين»”".
ولأن التناقض سمة من سمات الصوفية؛ ولقولهم بشمول الحقيقة
المحمدية لكل الموجودات» ومن ذلك النار والكفار والفجارء والشر
)غ0( مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم : .٠15---/١
وحدة الأديان في عقائد الصوفية 2«
والقاذورات ونحو ذلك؛ حاول المتصوفة أن يوفقوا بين هذا التناقض»
يقول عبدالله بن إبراهيم الميرغني”"'': «فإن قلت : إذا كان جميع
الموجودات منفصلة عنه ومن ذلك النار والكفار والفجار ونحوها.
ويبعد أن تكون هذه الأشياء الخسيسة منفصلة من عين الكمالات ونور
الجلالات» لكن بعد النقل لا تعويل على العقل» فما حكمة ذلك وما
وجه انفصاله ؟ فاعلم أنه - سبحانه وتعالى - لما كان منفرداً بذاته
ومفوصوفا بكترة«ضفاتة وآزاد إحواف حادك حضوت وفأن الميمن أن
يحب لمحبوبه ما يحب لنفسه كما يشير إليه قوله يل : "لا يؤمن
أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه"'" أبرز الذات المحمدية
مفردة من الذات الفردانية لتكون ملجأ لكل البرية» وخلع عليها من
ضفاتة الكثززة الالهية كثرة الضفات الثبوتية حمذا لسائز الرعية؛: كما أن
ذاته سبحانه ملجأ لسائر العالمين» وصفاته تعالى ممدة لكل الخلق
أجمعين » ولا يضر انفصال تلك الأشياء عنه كَل لأن ذلك من تكميل
الله لهء لأنها مظاهر الجلال» وغيرها مظاهر الجمال» والجمع عين
الكمال» والحمد لله ذي الإفضال والصلاة والسلام على النبي
والآل)”".
ومستند النقل الذي يعول عليه الميرغني وغيره من المتصوفة هو
)١( عبدالله بن إبراهيم بن حسن بن محمد أمين الميرغني» المكي الطائفي» الملقب
بالمحجوب للزومه العزلة في داره نحو ثلاثين سنة. متصوف حنفى من أهل
مكة.انتقل بأسرته إلى الطائف سنة (1175ه). فيه تشيعء له مؤلفات أغلبها
دواوين» ونظمه ضعيف. توفي في الطائف سنة (191١١ه). ينظر الأعلام: 54/4.
0( رواه البخاري 200 ومسلم (546) من حديث أنس بن مالك ضيه .
(©) النفحات القدسية من الحضرة العباسية في شرح الصلاة المشيشية: ص7١-174.
«١ وحدة الأديان في عقائد الصوفية
أحاديث موضوعة يأتي الحديث عنها في المطلب الآتي إن شاء الله. ثم
هو عين الكمالات في النبي محمد يل ومظهر من مظاهر جمال النبي
محمد طللِيْةّ وجلاله؟ تناقض ما بعده تناقض.
ووختدة الآديان تظهر ايشا فن مظهر ار من تظاهر الحقيقة
المحمدية» وهذا الأصل مبنى على أن الإنسان الكامل هو صورة الله
تعالى في الكون» من جهة شموله جميع تجليات الله في كل المراتب
«الإنسان نسخة الله ..إذا عرف الإنسان نفسه بالألوهة كان هو المسمى
بالله»» و «الإنسان الكامل هو مجموع الأسماء كلها بظاهرها وباطنهاء
فهو صورة الاسم الجامع الذي هو الله 0 ومن تحقق بحقيقة الإنسان
شمس الذات الحقيقية ؟ فمحت ظلال رسومه الخلقيت»”".
فما من عين من الأعيانء. التى يتجلى الله فيها فى هذا الكون إلا
وفي الإنسان جزء منهء سواء كان هذا التجلي الإلهي كان في جماد أو
نبات أو حيوان» وفى جميع الأشياء: الميصرة المعلومة. الصغيرة
والكبيرة» الجليلة والحقيرة» الضارة والنافعة» القوية والضعيفة. وأما
غيره من سائر المظاهرء فقد انطوت فى الإنسان الكامل» واحتواها
الإنسان بزعم الصوفية.
يقول الجيلي : «لما كان آدم المعبر به عن الإنسان مخلوقاً على صورة
.١77ص النفحات الاقدسية في شرح الصلوات الأحمدية الأدريسية» للبيطار: )١(
ومحدة الأديان في عقائد الصوفية
الرحمن فكان الحق متجلياً بوحدانيته في كثرة الأعيان ظاهراً بعزة ربوبيته
في دولة عبودية الأكوان؛ كان للإنسان الظهور بكل مرتبة من المراتب في
العيان ؛ إذ هو من الحق بمنزلة إنسان العين من عين الإنسان ؛ لأنه خليفته»
وللخليفة الظهور بصورة المستخلف السلطان)”".
ويقول البناني : «اختصت الحقيقة الذاتية بالظهور على التمام في
صورة الإنسان المحمدي لأنه مخلوق على صورتهاء وإلا فهي عين كل
شيء.. ولذلك حقيقة الإنسان هي حقيقة الفرس والنخلة والزيتونة»
وكذا وكذا من جميع الأشياء: المبصرة المعلومة» الصغيرة والكبيرة»
الجليلة والحقيرة» الضارة والنافعة» القوية والضعيفة. وأما غيره من
سائر المظاهرء فقد انطوت فيه.. فلا يخلو الزمان عن هذه الصورة
الأحمدية لتقوم بوجودها وتظهر بعينهاء ولولاها لانهد هذا الوجودء
وهذه الصورة هي صورة الإنسان الكامل.. فحقيقته يَكٌِْ هي بذرة
الحقائق وحبتها التي نبتت منهاء وانتشرت فروعهها من عينهاء ومراتبها
من أصلها؛ فلما تم ظهورها بجميع مراتبها؛ ظهرت صورتها حاوية
جملة تلك الفروع» ومشتملة على جميعها)»”".
ويقول الجيلي : «نهاية الإنسان الكامل أن يرجع إلى التجلي
الأحدي الذي هو مجمع البحرين» وحضرة الجمع والوجودء وحقيقة
الحقائق» التي لا اسم لها ولا صفة»””".
)3غ( نسيم السحر: ص زفرة
(؟) مدارج السلوك إلى مالك الملوك: ص 165.
(6) الكمالاات الإلهية في الصفات المحمدية: ص 64.وينظر الفتح الرباني والفيض
الرحماني : ص 6"
»> وحدة الأديان في عقائد الصوفية
ويؤكد ابن عجيبة أن الله تعالى يتجلى ظاهراً وباطناً في الحقيقة
المحمدية ومظهرها الإنسان الكامل ؛ فتجتمع فيها الأضدادء ويكون
الإنسان ربا وعبدا في وقت واحدء فيقول: «هذه القبضة تسمى قبضة
محمدية؛ لأن الله تعالى لما أراد أن يتجلى ليُعرف؛ أظهر قبضة من
نوره» فقال لها كوني محمداًء فتطورت على صورة محمد لهل ومن
هذه القبضة تفرعت الأكوان كلها؛ فهي بذرة الوجودء منها انشقت
الأسرار وانفلقت الأنوار» أسرار الذات» وأنوار الصفات» وتسمى
أيضاً آدم الأكبر؛ لأنها تفرعت منها الأشباح والأرواح.. وكما تجلى
الحق جل جلاله في هذه القبضة باسمه الظاهر تجلى فيها أيضا باسمه
الباطن» فأظهر فيها أوصاف العبودية» بعد أن تجلى فيها بأسرار
الربوبية فاجتمع فيها الضدانء» ربوبية وعبودية» فالمظهر للربوبية»
والقلب للعبودية» وكل ما تجلى منها بهذا الوصف"".
أما الجيلي فيقرر أن الإنسان الكامل هو أساس الوجودء وهو ممتد
في الزمان» ولا يخلو منه مكان» وهو واحد منذ كان الوجود إلى أبد
الآبدين» يتنوع على حسب كل دين وبمقتضى كل مذهب ؛ فتجده مع
اليهود يهودياء ومع النصارى نصرانياء ومع المسلمين مسلماء وفي كل
عصر بحسب الولي الكامل. باطنه الحقيقة المحمدية السارية في الكونء
وظاهره الإنسان الكامل في كل عصر. كل دين هو دينه» وكل شريعة
هي شريعته.
يقول الجيلي في الباب الستين من كتابه الإنسان الكامل : «اعلم
حفظك الله أن الإنسان الكامل هو القطب الذي تدور عليه أفلاك
)000( تقييدان فى وحدة الوجود» لابن عجيبة : ص .15-١8
وحدة الأديان في عقائد الصوفية »>
الوجود من أوله إلى آخره. وهو واحد منذ كان الوجود إلى أبد
الآبدين» ثم له تنوع في ملابس ويظهر في كنائس» فيسمى به باعتبار
لباس» ولا يسمى به باعتبار لباس آخر. فاسمه الأصلي الذي هو له
محمدء وكنيته أبو القاسم. ووصفه عبدالله. ولقبه شمس الدين» ثم له
باعتبار ملابس أخرى أسامء وله في كل زمان اسم ما يليق بلباسه في
ذلك الزمان» فقد اجتمعت به يَِْةِ وهو في صورة شيخي الشيخ شريف
الدين إسماعيل الجبرتي» ولست أعلم أنه النبي كله وكنت أعلم أنه
الشيخء وهذا من جملة مشاهد شاهدته فيها بزبيد سنة ست وتسعين
وسبعمائة» وسر هذا الأمر تمكنه يك من التصور بكل صورة» فالأديب
إذا رآه في الصور المحمدية التي كان عليها في حياته فإنه يسميه باسمه»
وإذا رآه في صورة ما من الصور وعلم أنه محمد فلا يسميه إلا باسم
تلك الصورة» ثم لا يوقع ذلك الاسم إلا على الحقيقة المحمدية, ألا
تراه يكْهِ لما ظهر في صورة الشبلي كَلةٍ قال الشبلي لتلميذه أشهد أني
رسول الله؛ وكان التلميذ صاحب كشف فعرفهء فقال: أشهد أنك
رسول إلله» وهذا أمر غير منكورء وهو كما يرى النائم فلاناً في صورة
فلان. وأقل مراتب الكشف أن يسوغ به في اليقظة ما يسوغ به في
النوم» لكن بين النوم والكشف فرق. وهو أن الصورة التي يرى فيها
محمداً يَكْهِ في النوم لا يوقع اسمها في اليقظة على الحقيقة المحمدية»
لآن عالم المثال يقع التعبير فيه فيعبر عن الحقيقة المحمدية إلى حقيقة
تلك الصورة اليقظة». بخلاف الكشف فإنه» إذا كشف لك عن الحقيقة
المحمدية أنها متجلية في صورة من صور الآدميين» فيلزمك إيقاع اسم
تلك الصورة على الحقيقة المحمدية» ويجب عليك أن تتأدب مع
صاحب تلك الصورة تأدبك مع محمد يله لما أعطاك الكشف أن
»> وحدة الأديان في عقائد الصوفية
ادم ب دو ات ١ اج ج077 نيدت لاقت 717177775777707 01 لا 1000 جا صم وج ربب اا
محمداً يله متصور بتلك الصورةء فلا يجوز ذلك بعد شهود محمد َل
فيها أن تعاملها بما كنت تعاملها به من قبل ..إن رسول الله كل له من
التمكن في التصور بكل صورة حتى يتجلى في هذه الصورة» وقد جرت
سنته ككهِ أنه لا يزال يتصور في كل زمان بصورة أكملهم ليعلى شأنهم
ويقيم ميلانهم. فهم خلفاؤه في الظاهر وهو في الباطن حقيقتهم)”".
5 25 5 5
.47-45/7 الإنسان الكامل: )١(
وحدة الأديان في عقائد الصوفية >
0 7
المببحث الثالث
لم/ ا
الحقيقة المحمدية والإنسان الكامل في ميزان الإسلام
لعب التصوف والمتصوفة دوراً خطيراً في التسلط على عقول
المسلمين وقلوبهم؛ بما نشروه من عقائد هدامة ومذاهب فاسدة لا تمت
للإسلام بشيء»؛ ودخلوا لعامة المسلمين من أبواب عدة منها تعظيم
النبي محمد كل وإجلاله. وقالوا في النبي ككلةِ ما لم تقله النصارى في
المسيح» فالنصارى قالت إن المسيح ابن الله» بينما قالت المتصوفة إن
محمداً هو اللهء تعالى الله عما يقول الجاحدون غلواً كبيراً.
وقد يغلو الجهال في الأنبياء والصالحينء وفي أفراد مثلهم
وغيرهم» أو في أماكن معينة» أو أزمنة مخصوصة مما ليس له أصل
شرعي» ولا مستند من الكتاب والسنة ولا أقواله أئمة الهدى والدين.
قال ابن تيمية كأثه: «والغلو في الأمة وقع في طائفتين: طائفة من
ضلال الشيعة الذين يعتقدون في الأنبياء والأئمة من أهل البيت
الألوهية» وطائفة من جهال المتصوفةء يعتقدون نحو ذلك فى الأنبياء
العا 20 1
ومن هذا الغلو: غلو المتصوفة في النبي كَل حتى جعلوه في منزلة
الله تعالى ؛ بل هو الله عند تحقيق مذهب هؤلاء المتصوفة في الحقيقة
الفحيدية كما "مر مغنا.
.55/١ مجموع الفتاوى: )١(
»> وحدة الأديان في عقائد الصوفية
ويستدل المتصوفة لاعتقادهم في النبي محمد يَلِِ أنه أول الخلق»
وبسببه وجدت المخلوقات» ونحو ذلك بأحاديث موضوعة لا أصل
لهاء ومن أهمهاء قوله 6ل #كنت: نبياً وآدم بين الماء والطين» أي:
قبل خلق جسد آدم. وهذا الحديث موضوع لا أصل له'"'". قال ابن
تيمية : «لا أصل له لا من نقل ولا من عقل فإن أحدا من المحدثين لم
يذكره ومعناه باطل فإن آدم له لم يكن بين الماء والطين قطء فإن
الطين ماء وتراب وإنما كان بين الروح والجسد)»”".
ومثله : «كنت نبياً ولا آدم ولا ماء ولا طين» لا أصل له أيضا"”" :
ذكر السيوطي أنه من وضع العواه”*'» ومن أدلتهم أيضاً : «كنت أول
التريين في الخلق وآخرهم في البعث» وهذا الحديث أيضأ حديث
موضوع””.
)١( ينظر الدر الملتقط في تبيين الغلط للصغاني» رقم (77) صي57. والأجوبة المرضية
فيما سئل السخاوي عنه من الأحاديث النبوية: »158-15577/١ والدرر المنتثرة في
الأحاديث المشتهرة للسيوطي» رقم (:”) ص147. والغماز على اللماز في
الموضوعات والمشهورات للسمهوديء رقم )٠١7( ص١17١. والأسرار المرفوعة
في الأخبار الموضوعة للقاري» رقم (07”) ص758. وسلسلة الأحاديث الضعيفة:
0١ *, حديث رقم 807.
(5) الرد على البكري» لشيخ الإسلام ابن تيمية: ص 8. وينظر: مجموع الفتاوى: /١
779-8. وجامع المسائل»؛ المجموعة الرابعة: ص .١8-1٠05 ومجموعة
الرسائل والمسائل: 5/١١1؛ .48١6
(9) ينظر الأسرار المرفوعة للقاري: ص 5594-758. وسلسلة الأحاديث الضعيفة
للشيخ الألباني: 2317/١ حديث رقم 07. ومرشد الحائر لبيان وضع حديث
جابر: ص 174. والمصادر في الحاشية السابقة.
(5) ينظر الدرر المنتثرة فى الأحاديث المشتهرة» للسيوطي: ص .١58
(0) ينظر ميزان الاعتدال للذهبي: ؟/188-118. والفوائد المجموعة في -
وحدة الأديان في عقائد الصوفية
ومنها ما يروى عن ابن عباس وَفبه» وفيه: قلت يا رسول الله أين
كنت وآدم في الجنة؟ قال: «كنت في صلبه وأهبط إلى الأرض وأنا في
صلبه وركبت السفيئة في صلب أبي نوح وقذفت في النار في صلب أبي
إبراهيم لم يلتق لي أبوان قط على سفاح». وهذا حديث موضوعء
وضعه بعض القصاصء كما قال أبو الفرج بن الجوزي وغيره''".
ومنها : «لولاك ما خلقت الأفلاك». حديث موضوع في إسناده
بعاى] 29
ومنها : «يا آدم لولا محمد ما خلقتك»”"» وقد حكم ابن تيمية
والذهبي وابن حجر ببطلان هذا الحديث”“.
ومنها حديث جابر ضيه قال: قلت”": يا رسول الله أي أنت وأمي
أخبرني عن أول شيء خلقه الله تعالى قبل الأشياء؟ قال : «يا جابر إن
الله تعالى خلق قبل الأشياء نور نبيك من نوره؛» فجعل ذلك النور يدور
٠
- الأحاديث الموضوعة للشوكاني» رقم )٠١١( ص855. وكشف الخفاءء
للعتجلوني » رقم 59) ا//ا١ا.
)١( ينظر الموضوعات لابن الجوزي: ١/١18.والفوائد المجموعة؛ للشوكاني» رقم
(445) ص 87”0.
(0) ينظر الموضوعات لابن الجوزي: .184-788/١ والموضوعات للصغاني» رقم
(8/) ص .١5 والأسرار المرفوعة» رقم (86) ص588. وكشف الخفاء: رقم
.5١4/5 )517( والفوائد المجموعةء رقم )٠١١7( ص 75". والسلسلة
الضعيفة: /١ 00-799 حديث رقم (5847).
(*) رواه الحاكم في المستدرك: ؟/ .5١6 من حديث عمر بن الخطاب ذإ .
(5) ينظر قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة: ص١18١» وتلخيص الذهبي المطبوع في
الحاشية مع المستدرك: 516/7. وينظر ترجمة عبدالله بن مسلم في ميزان
الاعتدال: ؟/ 2604 رقم (5505)» ولسان الميزان: /9:-#50,.
> ومحدة الأدياة في عقائد الصوفية
بالقدرة حيث شاء الله ولم يكن في ذلك الوقت لوح ولا قلم ولا جنة
ولا نار ولا ملك ولا سماء ولا أرض ولا شمس ولا قمر ولا جني
ولا إنسى فلما أراد الله أن يخلق الخلق قسم ذلك النور أربعة أجزاء
فخلق من الجزء الأول القلم» ومن الثاني اللوح» ومن الثالث العرش»
ثم قسم الجزء الرابع أربعة أجزاء فخلق من الجزء الأول حملة العرش»
ومن الثاتي الكرسي» ومن الثالث باقي الملائكة» ثم قسم الرابع أربعة
أجزاء فخلق من الأول السموات» ومن الثاني الأرضين» ومن الثالث
الجنة والنارء ثم قسم الرابع أربعة أجزاء فخلق من الأول نور أبصار
. أنسهم وَهْو التوحين لا إله إلا الله محمد رسول: اله .د الحديف7 7
قال أبو الفضل الغماري: «هو حديث موضوع جزماًء وفيه نفس
صوفي » واصطلاحات صوفية» وبعض الشناقطة المعاصرين ركب له
إسناداً فذكر أن عبدالرزاق رواه من طريق ابن المنتهدر عن جابر وهذا
كذب يأثم عليه» وبالجملة فالحديث منكر موضوع لا أصل له في شيء
مذ كت السئة”7.
وهناك أحاديث أخرى في أن النبي مخلوق من نورء وأن خلقه
)١( ذكره البكري في تاريخ الخميس في أحوال أنفس نفيس: .50-١94/١ والقسطلاني
في المواهب اللدنية بالمنح المحمدية: ."١/١ ونسبوه لعبدالرزاق في المصنف»
قال الغماري: «عزوه إلى رواية عبدالرزاق خطأ لأنه لا يوجد في مصنفهء ولا
جامعه ولا تفسيره بل المذكور في تفسيره خلاف ذلك» فقد ذكر أن أول الأشياء
وجوداً الماء. قال السيوطي في الحاوي في الفتاوى: ليس له إسناد يعتمد عليه»
مرشد الحائر لبيان وضع سرك جابر: ص١" .١
(5) مرشد الحائر لبيان وضع حديث جابر: ص .175-17١
وحدة الأديان في عقائد الصوفية 12>
سابق للمخلوقات كلها ؛ تتبعها الغماري في رسالته» الموسومة ب"مرشد
الحائر لبيان وضع حديث جابر" وحكم عليها بالوضع.
وذكر بعض غلاة المتصوفة أن جبريل مُلكذْ كان يتلقى الوحى من
وراء حجاب وكشف له الحجاب مرة فوجد النبى كَل يوحى إليه. فقال
جبريل : منك وإليك.
قال أبو الفضل الغماري: «لعن الله من افترى هذا الهراء المخالف
للقرآن» فإن الله تعالى يقول لنبيه: 9وَكدَلِكَ أَرَسَآ ِليَكَ روا مَنْ أُمَرًا مَا
كت دَّرى مَا الكتب ولا الْإيِمنٌ» [الشورئ: 20007
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: «ثم هؤلاء الضلال يتوهمون أن
النبي يل كان حينئذ موجوداً. وأن ذاته خلقت قبل الذوات»
ويستشهدون على ذلك بأحاديث مفتراة» مثل حديث فيه : "أنه كان
ورا حول العرش " فقال: "يا جبريل أنا كنت ذلك النور" ويدعي
أحدهم أن النبي كلهِ كان يحفظ القرآن قبل أن يأتيه به جبريل»”".
أما الحديث المروي: «يا رسول الله متى كنت نبياً؟ قال: «وآدم
بين الروح والعسةة. فهذا يفيد قدم نبوته كَل وأن الله كتب نبوته
000( مرشد الحائر لبيان وضع حديث جابر: ص 7 .
220 الرد على البكري: ص 8-؟أ. وينظر مجموع الفتاوى لشيخ الإسلام ابن تيمية :
4 ال
(9) رواه الإمام أحمد في مسندهء رقم (7060947) 707/55, والطبراني في المعجم
الكبير: /٠5١ 0". من حديث ميسرة الفجرء واسمه: عبدالله بن أبى الجدعاء
طن . قال الهيثمي في مجمع الزوائد (7557/8): رجاله رجال الصحيح. وصححه
الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة» رقم (18805) 1/54اا4.
»> وحدة الأديان في عقائد الصوفية
وأظهرها بين خلق آدم ونفخ الروح فيه» وليسن دليلاً على قدم ذاته»
وسبق خلقه على غيره كما تزعم المتصوفة؛ بل المراد أنه كلل كان نبياً
في قضاء الله وتقديره قبل أن يكون آدم أيا المشق وأول الأنبياء صلوات
الله عليهه”"".
يقول شيخ الإسلام: «لم تكن حقيقته يَكةِ موجودة قبل أن يخلق؛
إلا كما كانت حقيقة غيره ؛ بمعنى : أن الله علمها وقدرها؟ لكن ظهور
خبره» واسمه كان يتتهورا أعظم من غيره» فإنه كان مكقوياً في
التوراة والإنجيل» وقبل ذلك)20".
لأنه نور العقول والقلوب. واستخدام المتصوفة لفظ (الحقيقة المحمدية)
خاطىء من أساسه؛ إذ إن حقيقة الشىء: هو اللفظ المستعمل فيما
وضع له في أصل اللغة» وبعبارة أخرى: الاستعمال فى المعنى
الحقيقق :: وبعيارة ثالثة: اها ببه الشىء هو ه90 *
كما أن الحقيقة مأخوذة من الحق,. والحق هو الثابت اللازم» وهو
نقيض الباطل”*؟. كذلك فإن علامة الحقيقة : ألا يجوز نفيها عن
المسمى بحال”"". والحقيقة الشرعية: هي اللفظ المستعمل فيما وضع له
)١( ينظر دلائل النبوة» للبيهقي: 24١/١ وجامع المسائل لابن تيمية» المجموعة
الرابعة: ص2758-17:5 ومجموع فتاوى ابن تيمية: .559/١14
(؟) مجموعة الرسائل والمسائل: 78/5.
(9) ينظر مفردات ألفاظ القرآن. مادة حق: ص558. والكليات للكفوي: ص"751ء
والتعريفات للجرجاني : ص 46.
(5) الإحكام في أصول الأحكامء للآمدي: .128/١
(6) الكليات». للكفوي: ص ."5١
وحدة الأديان في عقائد الصوفية
بوضع الشارع» لا بوضع أهل الشرع كالصلاة» والزكاة» والصوم.
والمصلي» والمزكي» والضنافي: :0
وهذا كله لا ينطبق على مراد المتصوفة في الحقيقة المحمدية إذ
إنها ليس لها أصل في اللغة» فلم نسمع في القرآن الكريم» ولا من
العرب قبل مجىء الإسلام» ولا في صدر الإسلام - وهي الحكم في
اللغة - بلفظ (الحقيقة المحمدية).
أيضاً فإن لفظ (الحقيقة المحمدية) لا يطابق الواقع أبداً ؛؟ فحقيقة
النبي محمد يَكِِ المعروفة لا تطابق اعتقاد الصوفية في الحقيقة
المحمدية» كما سيأتي بيانه.
نضا فإق انظ (التحقيفة المتحدقية) لبيناءلة تحقيقة شترعية ؟ فلب
في القرآن» ولا في كتب الحديث» ولا في قول أحد من الأمة من أهل
القرون الثلاثة المفضلة ذكر لما تسميه المتصوفة بالحقيقة المحمدية.
كذلك فإن إبطال هذا اللفظء ونفي حقيقته من السهولة بمكان؛ فكيف
يسمى حقيقة؟ وهو مبني على شفا جرف هار.
والرسول يله مخلوق كما خلق غيره من البشر قال تعالى: قل
إِنَمَآ آنا بسر مُنْلْكْ يح إِلَّ» [الكهف: .]6٠٠١ وقال يكِهِ: «لا تطروني كما
2
أٌ
طرت النصارى ابن مريم» فإنما آنا عيذه» “فقولوَا عبد الله ورسولهة,
قال شيخ الإسلام : «والنبي كي خلق مما يخلق منه البشرء ولم
.59 إرشاد الفحول إلى تحقيق علم الأصولء للشوكاني: ص )١(
(؟) رواه البخاري: كتاب أحاديث الأنبياء (54)»: رقم (7410). من حديث عمر بن
. الخطاب ذلك
42 وحدة الأديان في عقائد الصوفية
دده سس سس سس لسالس اساسا اط
يخلق أحد من البشر من نور ؛ بل قد ثبت في الصحيح عن النبي كَل
أنه قال : "إن الله خلق الملائكة من نورء وخلق إبليس من مارج من
نارء وخلق آدم مما وصف لكم""'' وليس تفضيل بعض المخلوقات
على بعض باعتبار ما خلقت منه فقط ؛ بل قد يخلق المؤمن من كافر ؛
والكافر من مؤمن؟ كابن نوح منهء وكإبراهيم ا
وهر كك لا يملك لنفسه ضراً ولانفعاً» ولا يعلم الغيب: طقل به
كلك لتفسئ. تتا د صَيا إلا مَا عه لل وو كنت أله امب لكنمكيث
ين المي وما مسق الثرة إِن نأ إلا مَزِير وَكَسِير لَقَوْم َؤْمِمُونَ» [الأعرّاف: 188].
وقام كَهِ خطيباً في قريش» فقال: : «يا معشر قريش اشتروا أنفسكم من
لله لا أغني عنك من الله شيئاً. .يا بني عبد المطلب لا أغنى عنكم من
الله شيئاً. يا عباس بن عبد المطلب لا أغنى عنك من الله شيئاً. يا صفية
عمة رسول الله لا أغني عنك من الله شيئاً . يا فاطمة بنت رسول الله
سليني بما شئت, لا أغني عنك من الله شيئا»”". وقال ككلِِ: «إنما أنا
بشر» وإنكم تختصمون إلي» ولعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من
بعض؛ فأقِضي له على نحو ما أسمع. فمن قضيت له من حق أخيه
نيعا ؛ فلا يأخذه. فإنما أقطع له قطعة من النار»©»
)١( رواه مسلم: كتاب الزهدء الباب ,21١( رقم (5995) 55945/4. من حديث أم
المؤمنين عائشة وَقينا.
(؟) مجموع الفتاوى: .40-44/١١ وينظر مجموعة الرسائل والمسائل: /١ 157.
) رواه مسلم: كتاب الإيمان (89) رقم (191-197/10)107. من حديث أبي هريرة
05 رواه البخاري: كتاب الحيل» الباب العاشرء رقم (59571) من حديث أم سلمة
0
وحدة الأديان في عقائج الصوفية »>
ع سس 1011 كد
وقال ككل حينما سها في الصلاة : #إنما أنا بشر مثلكم» أنسى كما
تنسونء» فإذا نسيثٌ فذكروني"'". وقال كله : «إنما أنا بشرٌ. إذا أمرتكم
بشيء من دينكم فخذوا به. وإذا أمرتكم بشيء من رأبي» فإنما أنا
بشرٌن". وقال ككلِِ : «اللهم إنما أنا بشر»”". وقال يك : «إنما أنا بشر.
أزفى كعم برضن النشيو ترا عق كما ينفي المترا ةنيزل
الأحاديث الصحيحة تؤكد بشريته كله وأنه لا يعلم الغيب» ويخطىء
في أمور الدنيا كما يخطىء غيره من البشر. ويرضى» ويغضب, ويفرح»
ويحزن كغيره من البشر كَكِك.
كما أنه يَكلِ مات كما مات غيره من البشر»ء وقد بين سبحانه
وتعالى هذا الأمر وجعله قرآنا يتلى» فقل جل من قائل: «إِنَّكَ مَنِتُ
ولتم بون 60 [الُمر: .]"١
ونحن نتفق مع المتصوفة في أن الرسول كه هو سيد ولد آدم ؛
لكن ليس كما يزعمون أنه تجلّ إلهي» وأنه هو الله تعالى عما يزعمون؛
بل الرسول يِل كامل ببشريته» وليست له كَل أي صفة إلهية» بل كماله
في صفاته البشرية» فهو يَكِنةِ أجودٌ الناس» وأحلمهم وأعدلهم.
)١( رواه البخاري: كتاب الصلاة )7١( باب التوجه نحو القبلة» رقم )40١( من حديث
عبدالله بن مسعود طَله .
)0( رواه مسلم : كتاب الفضائل » الباب زم رقم 51 1/5
22 رواه مسلم: كتاب البر (16) باب من لعنه النبي ذل أو سبه أو دعا عليه وليس هو
أهلاٌ لذلك». رقم (15017-7700) .3٠61/5 من حديث عائشة وأبي هريرة»
وجابر وين جميعاً»
(5) رواه مسلم في الموضع السابق» رقم (*76) .٠0٠94/5 من حديث أنس بن مالك
40 ش وحدة الأديان في عقائد الصوفية
سد لمصصصْصْسمسسسسس سس لس اك
وأخشاهم لله واتقاهم له وأعبدهم لربه. وهو الصادق المصدوق الذي
حاز من الخلق أكمله. كما قال تعالى: #وَإنّكَ َل خُلقٍ عَظِيرٍ )»4
[القَلّم: 4]. كما أنه َيه أكمل الأنبياء والرسل وأفضلهم. والأحاديث في
كماله و كثيرة» مذكورة في الصحاح والسنن في أبواب فضائله يَلِل.
والإنسان الكامل من غير الأنبياء في الأولياء والصالحين: هو من
كاق شيعا للكناب والسةع “مظيه) لتعاليم الإسلام» مراقباً لله في سره
وعلانيته» 0 لشرع الله في باطنه وظاهره. كما قال الرسول يَللةِ:
«أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خلقاً»”". وقال يكلِ: «من أحب للف
0 للهء وأعطى لل ومنع لله فقد استكمل الإيمان»”". وسئل
“أي العؤمين: أكمل إيماناً ؟ فقال كَكِدِ : «رجل يجاهد في سبيل الله
0 ورجل يعبد الله في شعب من الشعاب قد كفى الناس
ا
وزَعُمَ الصوفية أن حقيقة الإنسان الكامل هي الله؛ مستدلين بقول
النبي كَكةِ: «إن الله خلق على و1 ومن ثم استمر يسري في
الأنبياء حتى ظهر في صورة النبي محمد وَل ومن ثم يظهر في الأولياء
من بعذه. وهذا مبني على أصلهم الفاسد فى أن الوجود واحد وأن
)١( سبق تخريجه: ص /اه".
(؟) سبق تخريجه: ص .5١7
(9) رواه البخاري: كتاب الجهاد (7) باب أفضل الناس مؤمنٌ مجاهدء رقم (070785).
وأبو داود: كتاب الجهاد (80) باب في ثواب الجهاد.ء رقم (55486) ١١/8 وهذا
لفظه. . من حديث أبي سعيد الخدري ذلك .
(4) رواه البخاري: كتاب الاستئنذان )١( بدء السلام» الحديث رقم (57719) من
حديث أبي هريرة طلإنه .
وحدة الأديان في عقائد الصوفية 22
الحق عين الخلق» وقد سبق بيان بطلان قولهم بوحدة الوجود فيما
مضى.
أما معنى هذا الحديث فلا يدل على مرادهم الباطل أبداًء والذين
شرحوا الحديث من المحدثين وغيرهم من علماء الأمة لم يذكروا في
أقوالهم ما ذهب إليه هؤلاء المتصوفة.
والصحيح أن هذا الحديث يفيد إثبات الصورة لله عز وجل على
وجه يليق بجلاله وعظمته؛ مثلها مثل سائر الصفات الخبرية الذاتية
الثابتة له سبحانه: كالوجهء واليدين» والأصابع» والقدم.. فكما أن لله
تعالى وجهاً لا يمائل وجوه عباده» وله يدان لا تماثل أيدي عباده؛
نكللاكف لضان ميورة لا تمافل "ضور عتادفة فال انق حقيه ١ يقل :
«والذي عندي والله تعالى أعلم» أن الصورة ليست بأعجب من اليدين
والأصابع والعين» وإنما وقع الإلف لتلك؛ لمجيئها في القرانء
ووقعت الوحشة من هذه؛ لأنها لم تأت في.القرآن. ونحن نؤمن
بالجميع ولا نقول في شيء دك ولا
ولو كان الرسول ك#َلِْهِ من عالم غير عالم البشرء ما رأى الناس فيه
المثل الكامل للإنسان: في كريم خلقه» ونبل معشره» وسمو نفسه.
وعلو مكانته» الأمر الذي يجعل النفوس تتعلق به» وتنزع الهمم إلى
تمثله والاقتداء به» لينال الإنسان الحظ المقدور له من صفاته
)١( أبو محمدء عبدالله بن مسلم بن قتيبة الدينوري»؛ ولد سنة (17١1ه) نزل بغداد.
وصنف وجمعء ولي قضاء دينور. توفي كآنه سنة (5/ا1ه). ينظر : تاريخ الإسلام
الطبقة الثامنة والعشرون: ص١8". والنجوم الزاهرة: / 8/ا-الا.
(؟) تأويل مختلف الحديث: ص١55.
»> وحدة الأديان في عقائد الصوفية
لا سس سسسسسس سس سس 97د
وكمالاته والناس إنما تنزع نفوسهمء وتتعلق آمالهم. بمن هو قريب
منهم ومشابه لهم. ولا ينزعون إلى مشابهة من هو مختلف عنهم. ومن
عالم غير عالمهم البشري.
ولهذا كان الله سبحانه وتعالى يبعث كل رسول ونبي من قومه الذين
أرسل إل ٠ وولد فيهم. ونشأ بين أبنائهم. ولا ينكر قومه منه شيئاً
أبداً ؛ حتى إذا اختاره الله لرسالته ؛ كان من قومهء والخلاف عليه
وعدم الإيمان به ؛ لمعرفتهم المسبقة به؛ فيمنعهم الكبر والتعالي
والجهل عن الإيمان به. لأنه لو كان النبي ملكا ما استطاعوا رؤيته؛
فكان لا بد أن يكون بشراً مثلهم.
5 5 5 5 ©
حقيقة القول بالجبر ومصدره ووحدة
الأديان فى ضوء الجبر عند الصوفية
وفيه ثلاثة مباحى :
لا المبحث الأول: حقيقة القول بالجبر ومصدره.
نا المبحث الثانى: وحدة الأديان فى ضوء الجبر عند
7 نٍ
لا المبحث الثالث: حكم القول بالجبر.
وحدة الأديان في عقائد الصوفية 22> 0
0 تارم
المبحث الاول
أ" ال
حقيقة القول بالجبر ومصدره
الجبر في اللغة والاصطلاح :
المراد بالجبر في اللغة :
الإكراه والإلزام» يقال أجبر القاضي الرجل على الححكم. إذا
أكرهه عليه. وجبره على الأمرء يجبره جَبْراً وجُبُورا : أكرهه فأجبره»
0
أما فى الاصطلاح :
فالجبر نفي الكسب عن المخلوق» وإسناد فعل العبد إلى الله؛
ونيا كاكقنا نمي ائمنة الحاتسيت للعيد كسنا بائ حال عن
الأحوال وتنفي أن يكون له اختيار على الإطلاق» وهذا هو الجبر
الخالص. والطائفة الأخرى جبرية تثبت للعبد قدرة غير مؤثرة أصلاء
وتكون مصاحبة للفعل» وتزول بزوال الفعل المراد القيام به''".
والقول بالجبر قول قديم ظهر في الفلسفات القديمة في شذرات
متفرقة ؛ وإن لم يتبلور في إطار واضح بسبب الغموض الذي يكتنف
دور الالهة في تلك الفلسفات.
ويمكن تلمس القول بالجبر في التراث الصيني؛ حيث يقول شبانغ
دق تاج العروس » للزيبيدي» مادة " جبر -: 1 .
0( ينظر الملل والنحل» للشهرستاني: 86/١ والتعريفات» للجرجاني : ص /الا.
> وحدة الأديان في عقائد الصوفية
غو أحد فلاسفة الصين: «لم نأت إلى الحياة بمفاجأة وليس بالصدفة
كانت حياتنا ما هي عليه. الكون عظيم الامتداد. الأشياء شديدة التنوع
ونحن فيها ما نحن عليه بالتمام. ما لسنا نحن لا نقدر أن نكونه. ما
نحن عليه لا يمكن إلا أن نكونه. ما ليس لنا أن نفعله لا نستطيع أن
نفعله. ما نستطيع أن نفعله لا نستطيع إلا أن نفعله. دع كل شيء يكون
1 4 2000
ما هو عليه فسيكون السلام»
كما يمكن أن نلمس النزعة الجبرية فى الفلسفة الرواقية ؛ فالطبيعة
لكي اسيك ون عر و ا ا ري
ل تقتضيه الطبيعة» والقحاقا
والأخلاق تسير وفقًا لقانون الطبيعة. وا تقتضيه هذه الطبيعة هو
الذي سيكون» ولا مجال للاختيار أو الحرية. ع هذا النحو انتهى
الرواقيون إلى القول بأن الأفعال الإنسانية متصفة.بصفة السوية أو
التباوي أن المحياو”"*,
أما في تاريخ المسلمين؛ فيعتبر الجهم بن صفوان هو أول من قال
بالجبر ونشره بين المسلمين» فقد ذكر الأشعري أن جهمًا يرى أنه لا
فعل لأحد في الحقيقة إلا لله وحدهء. وأنه هو الفاعل» وأن الناس إنما
تنسب أفعالهم على المجازء كما يقال: تحركت الشجرة» ودار الفلك»
وزالت الشمس. وإنما فعل ذلك بالشجرة؛ والفلك والشمس: ا
)١( المستطرف الصينيء هادي العلوي: ص175١. و " شبانغ غو " لم أجد ترجمته
0( ينظ موسوعة الفلسفة: 5٠١/١ -١28ه. والمعتقدات الدينية لدى الشعوب:
ص7١٠-م8١٠1.
وحدة الأديان في عقائد الصوفية
ا تاذ اذ د -
1١).
يتان ” أ
ولم يظهر القول بالجبر عند المتصوفة بصورة جلية إلا في عصر
الحلاج ؛ أما قبل ذلك؛ فكان المفهوم الخاطيء للتوكل هو السائد عند
الصوفية ومبتدعة الزهاد. إذ حمل هؤلاء مفهوم التوكل الشرعي على
ترك الأسباب». والاستغناء عن الوسائل» وترك التحرز والاحتياط وبذل
الجهد. واستبدلوا الخمول والكسل بالجد والعمل» وركنوا إلى الراحة
والدعة والسكونء وعطلوا الجوارح عن العمل. وتركوا الاكتساب
وطلب الرزق. وأحالوا التوكل إلى تواكل مسرف وقعود وكسل ومسألة.
يقول سهل بن عبد الله التستري : «أول مقام في التوكل : أن يكون
العبد بين يدي الله عز وجل كالميت بين يدي الغاسل» يقلبه كيف
يشاءة: له يكون له سرك ولا دين
ويقول ذو النون : «التوكل : ترك تدبير النفسء. والانخلاع من
الحؤل والقرة"". وسفل ذو المرة عن التؤكل :كنال (ترك الاععوناذ
على كل سبب يوصل إلى سبب06*.
ويقول رويم بن أحمد: «التوكل إسقاط رؤية الوسائط. والتعلق
بأعلى العلائق»””".
)١( مقالات الإسلاميين :»719/١ وينظر الفرق بين الفرق: ص94١. والبدء والتاريخ
للمقدسي : 1/60 .
(؟) تهذيب الأسرارء للخركوشي: ص .١178 الرسالة القشيرية: .8584/1١
(*) الرسالة القشيرية: ١/٠/ا".
(5) الرسالة القشيرية: ١/١لا".
(60) طبقات الصوفية؛. للسلمى: ص”187١.
> وحدة الأديان في عقائد الصوفية
وقد ترتب على هذا المفهوم الخاطيء للتوكل عند الصوفية أن
خرجوا وساحوا في الأرض بلا زاد توكلا بزعمهم على الله» وحثوا
على عدم أخذ شيء من الأموال» وعدم تناول شيء من الأكل
والشرب» وتركوا التداوي والكسبء ونحو ذلك» وتروى قصص ذات
طابع أسطوري عن هذا الميل الغريب إلى المواجهة العامة للأخطار
والزج بالإرادة في امتحان تجريبي من يفشل فيه فلا توكل عنده ولا
قال إبرا هيم الخواص: «لقيت غلامًا في التيه كأنه سبيكة فضة
فقلت له : إلى أين يا غلام؟ فقال إلى مكة. فقلت: بلا زاد ولا راحلة
ولا نفقة! فقال: يا ضعيف اليقين» الذي يقدر على حفظ السموات
والأرضين لا يقدر على أن يوصلني إلى مكة بلا علاقة ؟200.
وقال أبو حمزة : «حججت سنة من السنين» فبينما أنا أمشي في
الطريق» إذ وقعت في بئر؛ فنازعتني نفسي أن أستغيث فقلت : لاء
والله لا أستغيث» فما استتممت هذا الخاطر حتى مر برأس البئر رجلان
فقال أحدهما للآخر : تعال نسد رأس هذه البئر لثلا يقع فيها أحدء
فأتوا بقصب وبارية وطموا رأس البئرء فهممت أن أصيح. ثم قلت في
نفسي أصيح إلى من هو أقرب منهماء وسكنت. فبينما أنا بعد ساعة إذ
أنا بشيء جاء وكشف عن رأس البئر وأدلى رجله وكأنه يقول لي تعلق
بي» في همهمة له كنت أعرف ذلك منهء فتعلقت بهء فأخرجني فإذا هو
6060
سبع! فمر. وهتف بي هاتف: يا أبا حمزة أليس هذا أحسن؟»
."46-7944/١ الرسالة القشيرية: )١(
"كم١ - "8٠ /١ (؟) الرسالة القشيرية:
وحدة الأديان في عقائد الصوفية 22
والأمئلة في ذلك كثيرة يطول ذكرهاء وهي موجودة في كتب القوم
ال
5 5 85 5
)١( ينظر باب التوكل في الرسالة القشيرية: .441-494٠ 247-751 /١ وفي تهذيب
الأسرارء للخركوشي: ص”7١-150. وفي اللمع» للطوسي: ص9-7/8/. وفي
قوت القلوب. لأبي طالب المكي: 77-1//7» وينظر ما سبق ذكره في مبحث
١ 55-5000-7 ْ
9 رك
المبحث الثانى
ل" سحن
وحدة الأديان فى ضوء الجبر عند الصوفية
لم يقف الأمر بالمتصوفة ومبتدعة الزهاد عند المفهوم السلبي
للتوكل» أو القول بالجبر على مذهب الأشعري ؛ بل وصل بهم الأمر
إلى القول بالجبر على مذهب الجهمية ؛ وأن أفعال البشر حسنها
وقبيحها فعل الله تعالى» وأن البشر لا اختيار لديهم فيما يفعلون.
والصوفية وإن وافقوا الجهمية في القول بالجبر إلا أن الأصل الذي
بنى عليه كل منهما قوله في الجبر يختلف عن الآخر. فالجهمية تعتبر
القول بالجبر إثبانَا لوحدانية الله تعالى وعدم الإشراك به ؛ إذ لو أثبتوا
أن الإنسان له إرادة وقدرة واختيار للزم بزعمهم أن يكون الإنسان خالقًا
200
أما الصوفية فالأصل العام الذي بنوا عليه قولهم في الجبر هو
معتقدهم نوحدة الوجود. وأن الرب عين العبدء ومن هذا الباب فإن
الأفعال الصادرة عن الإنسان هى فى الحقيقة صادرة عن الله. وما
الإنسان إلا هيكل حوى ذلك الفدرهن اليو قن داخلهء ومظهر للذات
الإلهية» وتجلّ من تجليات الحق في عالم الصور.
يقول ابن عربى: «إن صفة العبد هى عين الحق لا صفة الحق»
فالظاهر خلق اناه حقء» والباطن و الظاهرء فإن الجوارح تابعة
وفاعلا مع الله تعالى وهذا شرك مع الله كما يزعمون
.5١١/١ ينظر شفاء العليل» لابن القيم: )١(
وحدة الأديان في عقائب الصوفية 22
منقادة لما تريد بها النفس. والنفس باطنة العين ظاهرة الحكمء
والجارحة ظاهرة الحكم لا باطن لهاء لأنه لا حكم لهاء فينسب
بالخلق إنما هو الحق)”".
ويقول ابن عربى : «الحق عين قوى العبد ؛ فالتصريف له لأن العبد
لا تصرفه إلى قواه ولا يصرفه إلا الحق. فقواه عين الحق)”".
وأثر الجبر عند الصوفية في الدعوة إلى وحدة الأديان ظاهر من
خلال إيمانهم الشديد بأن البشر لا حرية لهم وإرادة فيما اعتقدوه وآمنوا
بهء وإنما الله هو الفاعل بهم كما يشاء؛ وهم مستسلمون طائعون لأمر
الله حتى وإن اختلفت مللهم.
ويمكن تلمس هذا الأثر فى المسائل التالية:
المسألة الأولح: حقيقة توحيد الأفعال عند المتصوفة وأثره في قولهم
بوحدة الأديان: ١
توحيد الأفعال عند بعض مبتدعة الزهاد وعند الغلاة من المتصوفة:
هو أنه لا فاعل ولا قادر ولا مريد على الحقيقة إلا الله. والقول بأن
الله الفاعل الحقيقي لأفعال العبادء أما العباد فليس لهم فعل ولا قدرة
ولا إرادة» وإنما تنسب الأفعال إليهم على سبيل المجازء وأنه لا فعل
لهم على الإطلاق.
يقول الجنيد» وقد سئل عن التوحيد: «هو معرفتك أن حركات
.6067” /” الفتوحات المكية: )١(
.77/5 (؟) الفتوحات المكية:
> ومحدة الأديان في عقائد الصوفية
لكر يبل ل تئش 2222222222 222222222225222 22 2 1221211121 1 ااا ا 00101
2 . : رن 00000 200
الخلق وسكونهم فعل الله عز وجل وحده لا شريك له» . ويحكى عن
أبى تعبينك الله رن أنه قال: «من استوى عنده
المدح والذم فهو زاهد. ومن حافظ على الفرائض في أول مواقيتها فهو
عابد. ومن رأى الأفعال كلها من الله عز وجل فهو موحد لا يرى إلا
وان
ولكي يصل السالك إلى مرتبة توحيد الأفعال ؛ فيجب عليه أن
يتيقن أن لا مؤثر في الوجود إلا الله ويرى جميع الأفعال من الله
ويسقط جميع الأسباب» فلا يشهد «في التوكل سببّاء ولا في النجاة
0000-6
وهذا التوحيد الذي قال به مبتدعة الزهاد هو ما قرره خلفهم من
غلاة المتصوفة القائلين بوحدة الوجود. يقول الحلاج: «كما لا يملك
العبد أصل فعلهء وكذلك لا يملك فعله»©.
يقول الجيلي: «ليس فى الوجود فاعل إلا اللهة» وأفعال العباد
منسوبة الوجود والاختراع إلى الله تعالى لا شريك له00"©.
."5/١ الرسالة القشيرية: )١(
) أبو عبدالله. أحمد بن يحيى الجلاء»ء أصله من بغدادء أقام بالرملة» ودمشق»
صحب أبا تراب النخشبيء وذا النون المصري» وغيرهماء توفى سنة (8:5ه).
ينظر طبقات الصوفية: ص2175 وتاريخ بغداد: 51'/0. 1
.١١5 /١ الرسالة القشيرية: )*(
(5) منازل السائرين» للهروي: ص .8١
(5) طبقات الصوفية»؛ للسلمي: ص١١”". ومناقب الأبرار ومحاسن الأخيارء لابن
خميس: ؟7/١٠/.
(7) الغايات في معرفة معاني الآيات والأحاديث المتشابهات (مخطوط): ق5أ.
6 9#عم/عنا لعنرج ع/إ6: و ددمن1
وحدة الأديان في عقائج الصوفية
ويقول الإشراقي صدر الدين الشيرازي: «اعتقادنا في أفاعيل العباد
قاد كوله تعال ١ وما رَميسَك إِذْ نت ولكرج أله رَْ» [الأنقال: 010
وقوله : «ومًا كَمَآمُونَّ إِلّ أن يمه أسذ4 [الإنسان: 0
يقول النابلسي: «الكل أفعال الله تعالى وحده؛ لأنهم خلقه
وإيجاده. لا إله غيره» ولا خالق سواه» ولا مؤثر معه فى شىء مطلقًا
ف ملكه وملكو نه :وهدا هو توخيد الأفعال20,
ويقول ابن عجيبة: «اعلم أن فعل العبد كله من اللهء بأن لا فاعل
في ال
والفعل ينسب إلى العبد مجارّاء أما الفاعل الحقيقي فهو الله؛ لأنه
هو الوجود الحقيقي» وما عداه فليس له وجودء يقول النابلسي :١لا
ثر في الملك والملكوت غير الله تعالى)”*“ «فهو الفاعل الحلاني وأنا
ليه المجازي. .© إوَإِليهِ يرجم جع الْأتد كُلْ4 مره ]أي إل
0
الموجود الحقيقي المنزه عن المراتب» فلا عثبد ولا رب بل هو الله
الذي لا إله إلا هو)”.
."77 شواهد الربوبية» للشيرازي: ص )١(
(؟) عذر الأئمة في نصح الأمة (مخطوط): ق”اب. وينظر مفتاح المعية في طريق
النقشبندية (مخطوط): ق١ب»ء ق4ب» ق08ب. والمعارف الغيبية شرح القصيدة
العينية (مخطوط) ق٠أ. وخمرة الحان ورنة الألحان شرح رسالة الشيخ رسلان:
ص75-/77.
(0) كشف التقاب عن سر لب الألباب» لابن عجيبة: ص788.
(5) بسط الذراعين بالوصيد في بيان الحقيقة والمجاز من التوحيد (مخطوط): ق7اب.
(5) مفتاح المعية في طريق النقشبندية (مخطوط): ق١ب. وينظر عذر الأئمة في نصح
الأمة (مخطوط): قهب.
«١ ومحدة الأديان في عقائد الصوفية
هدر سسمسسسسسسس سسساسستهس سس سس الس 11د
ومنطق النابلسي هنا منطق وحدة الوجودء ولا عجب فإن قول
المتصوفة بالجبر هو من فروع قولهم بوحدة الوجود.
وفي ضوء هذا التفسير الصوفي لتوحيد الأفعال. والإيمان بأن
الأمر كله جبر كانت نظرة المتصوفة إلى مخالفيهم في العقائد من الملل
الأخرى لا تخرج هؤلاء المخالفين عن كونهم مسلمين مطيعين لله تعالى
في أفعاله. ومنها : ما قدره عليهم. وأجبرهم عليه من الكفر والشركء
وعدم اتباع الحق. فالله تعالى هو الذي فعل الشرك والكفر لهم.
وأجبرهم على اعتقاده بزعمهم. وردوا كل شيء إلى مبدأ واحد لا يقبل
الثنوية أو الكثرة إلا في أعين المحجوبين الذين يقفون عند الظواهر ؛
فالله هو الفاعل لكل شيء. ما هؤلاء البشر إلا كالعشب الذي تحركه
الريح بحسب ما يحلو لهاء بزعم الصوفية الغلاة.
يقول النابلسي : «الله تعالى .. فعل ذلك العبد» وصوره»ء وكيفه.
وجعله في مكان. وفي جهةء وفعل جميع أفعاله وأقواله واعتقاداته
وأحواله. فكان العبد الظاهر على الله تعالى الباطن» بمنزلة الثوب على
الل
فجميع الاعتقادات الباطلة بما فيها من شرك وكفر وإلحاد هي فعل
الله تعالى» وما العبد إلا الثوب الذي يستر لابسه» فتراه يتحرك بحركة
لابسه ويأخذ الوضع الذي يرتضيه حامله ولابسه بزعم النابلسي.
والمتصوفة يستخدمون صيغ العموم عند إثباتهم أن جميع الأفعال
هي أفعال الله حقيقة» يقول التلمساني : «كل فعل رأيته من فاعل طبيعيًا
() مفتاح المعية (مخطوط): ق4ب. وينظر: ق٠هب. .
وحدة الأديان في عقائب الصوفية 9
كان الفعل أو إراديّاء جسمانيًا كان أوويخانا أو عقليًا أو وهميًا. . .
أو غير ذلك فكل تلك القدرة قدرته تعالى وهو حيث وجدت قدزنه70.
ويقول النابلسي : «العوالم كلهم قائمون بالله تعالى» فالله يحركهم »
والله يسكنهمء والكل أفعاله». فالحركات لهء والسكنات لهء لا
لنفوسهم ولا لعقولهم ولا لأرواحهم ولا لأبدانهم, فالله المتكلم
بألسنتهم». وهو المتناول بأيديهم» وهو العالم بعقولهم. وهو المدرك
بأنفسهم» ولا حول ولا قوة لهم إلا به... فجميع أعمال العوالم كلها
أعمال الله تعالى حقيقة, والله تعالى هو العامل لتلك الأعمال
كلها)”"". «فالله تعالى واحد فاعل لجميع العوالم على اختلاف أجناسها
وأنواعها وأشخاصهاء وفاعل لجميع أفعالهم)”".
وألفاظ العموم مثل «كل» و «جميع» تدل - كما هو معلوم في اللغة
على الإحاطة والجمع'*. لذا فإن كل الأفعال ومن ضمنها فعل عباد
١ شرح أسماء الله الحسنى (مخطوط): ق5أ. )١(
(؟) مفتاح المعية (مخطوط): ق'اب.
() بمنط الذراعين بالوصيد في بيان الحقيقة والمجاز من التوحيد (مخطوط): ق؟ ب-"أ.
(5) تعتبر صيغة «كل» من أقوى صيغ العموم» وهي إذا أضيفت إلى نكرة فهي شاملة
لجميع أفراده» مثل قوله تعالى: كل تفي وَقَهُ ألْوْتْ4 [آل عِمرّان: 185]. وإذا
أضيفت إلى معرفة فهي لاستغراق أفراده أيضاء مثل قول النبي كلِةِ: «كل الناس
يغدوء فبائع نفسهء فمعتقها أو موبقها» [رواه مسلمء رقم (57) ]١١"/١ فإذا
علم فمادتها تقتضي الاستغراق والشمولء كالإكليل لإحاطته بالرأس. ولذا كانت
أصرح صيغ العموم لشمولها العاقل وغيره» المذكر والمؤنث, المفرد والمثنى
والجمع» وسواءٌ بقيت على إضافتهاء كما سبق تمثيله» أو ذف المضاف إليه نحو
قوله تعالى: م ءَأمَنّ بسر [البَقَرَة: 6. ومثلها صيغة «جميع» إلا أنها لا
تضاف إلا إلى معرفة على أن يكون المضاف إليه جمعاء فلا يقال: جميع الرجل»
وتقول جميع الناس. ينظر شرح الكوكب المنير: /178-117.
> وحدة الأديان في عقائد الصوفية
الأصنامء وفعل عباد الصليبء ودعاء غير الله والذبح لغير الله
والاستعانة بغير الله ونحو ذلك» هو فعل الله عند التلمساني والنابلسي.
وفي الجبر الصوفي تسقط المسميات الشرعية» وما تحمله من
دلائل على مسمياتهاء فالكفر لا يدل على حقيقة الكفر المراد في
الشرعء وكذا الفسق والإفساد والنفاق والمعاصي كقطيعة الرحم
ونحوهاء فحقيقتها كلها عند الصوفية الجبرية إنما هي طاعات قامت
بأصحابهاء ولم يقوموا بها ؛ لأنه لا فعل لهم على الحقيقة.
يقول ابن عربي : «ومنهم : الفاسقون الناقضون القاطعون المفسدون
الفاسقون الخارجون عن الصفات التي تحول بينهم وبين السعادة والقربة
إلى الله فهم: #إينَفَضْونَ عَهُدَ أله من بَعْدِ تقد [الرّعد: 75] وذلك أنهم
يعهدون مع الله أن يطيعوه» فإذا حصلوا في مقام التقريب والكشف رأوا
أن الله هو العامل بهم : 9وَانَهُ حَلفَكْْ وَمَا تْمَلُونَ (4)8 [الضّافات: 43] فرأوا
أنهم لا حول لهم ولا فعل ولا قول فنقضوا عهد الله برده إليه سبحانه
لأنه ما انعقد ذلك إلا مع فاعل بفعله ورأوا مشاهدة أن الله هو الفاعل
لذلك» فلم يقع العهد في نفس الأمر إلا من الله بين الله وبين نفسهء
فعلموا أن الحجاب أعماهم عن هذا الإدراك في حين أخذ العهد. وأن
العهد إنما يلزم لأهل الحجاب فانتقض عهدهم والأعمال تجري منهم
بالله وهم لا يرونهاء فهم المعصومون في أعمالهم عن إضافتها
إليهم)”".
ويرى المتصوفة أن ما يطلق عليه كفر وشرك واختلاف بين الأمم
في العقائد إنما هو راجع إلى عدم فقه من يطلق مثل هذه المسميات؛
.١37"8- 17# /7 الفتوحات المكية: )١(
وحدة الأديان في عقائد الصوفية
وهذا الاختلاف هو اختلاف تنوع وليس اختلاف تضادء وكل من في
الوجود- مهما كانت ملته وشرعه- إنما هو عابد لله تعالى» بحسب ما
أراده الله لأنه تعالى؛ هو المتصرف بهم والفاعل لأفعالهم» والساتر
عليهم فيما يظنونه فعلّا لهم» والله الفاعل من خلف هذا السترء وهم لا
اهرون
ففي معنى قول الله سبحانه وتعالى: لإا من دَآبَةِ إِلّا هْوٌ َاخِد
ص4 [مُود: 05]» يقول الجيلي: «فهو الفاعل بهم على حسب ما
يريده مراده وهو عين ما اقتضته صفاته. فهو- سبحانه وتعالى- يجزيهم
على حسب مقتضى أسمائه وصفاته فلا ينفعه إقرار أحد بربوبيته ولا
يضره جحود أحد بذلك. بل هو- سبحانه وتعالى- يتصرف فيهم على
ما هو مستحق لذلك من تنوع عباداته التي تنبغي لكماله. فكل من في
الوجود عابد لله تعالى مطيع لقوله تعالى: «إوإن يّن شَوْء إِلَّا شيم برو
ولكن لا لفْفَهُونَ لَبِسِحَه» [الإسرّاء: 44]» لأن من هسبيحهم ما يسمى
مخالفة ومعصية وجحودًا وغير ذلك فلا يفقهه كل أحدء ثم أن النفي
إنما وقع على الجملة فصح أن يفقهه البعض. فقوله: ##ولين لا تَفْمَهُونَ
4ه لو4ة
سبيحهم 02# يعني : من حيث الجملة فيجوز أن يفقهه بعضهم)
ويقول الجيلي : «هو الفاعل عن الخلق بالخلق؛ لأنهم عاجزون
عما يراد بهم» وذلك عين ما خلقهم لأجله. فهو الوكيل المطلق وكله
العبد أم لم يوكله؛ لأنه الفاعل جميع أفعال الخلق. فليس للخلق على
لحقيقة فعل» ولا قوة ولا إرادة مخصوصة., وإنما إرادتهم» وقوتهم
وقدرتهمء وأفعالهم جميعًا بحكم التبعية لله. فاسم الفاعلية للخلق
2000
)١( الإنسان الكامل: 5/7/ا-ها.
42 وحدة الأديان في عقائد الصوفية
١ 95 5-7 ٠.
ِ مجاز» وحميهته لله تعالى)”
ويقول ابن عربي : إن ريك وأسع م الْمَعْفْرَةّ# [النَجم: ال أي ستره
واسعء والأكوان كلها ستره وهو الفاعل من خلف هذا السترء وهم لا
8 0000
يسعرول)ا .
وهنا سؤال يطرح هو: إذا كان الله هو الفاعل لكل الأفعال. فما
هو دور العايد والمصلي والصائم وغيرهم ممن يتعبد الله؟
يجيب ابن عربي بأن الفعل ما نسب إلى العبد إلا لصدوره
الظاهري منهء والعبد هو محل ذلك الفعل؛ لأن الفعل لا بد له من
محل يقوم به» وهو العبد الذي هو محل للتنعم أو التألم. والثواب هو
منة من الله على هذه الأفعال التي لا حيلة للعبد فيها. وحتى لا يكذب
0 لم ا ا و
كما يزعم 3 عربي .
يقول اين عربي : «العامل هو الله لا هوء وأن العبد محل ظهور
ذلك العمل»”". وقال: «ليس من شأن الأفعال أن تقوم بنفسهاء فكانت
الصلاة تظهر في غير مصل» والصيام في غير صائم» والجهاد في غير
مجاهدء هو لا يصح ؛ فلا بد من ظهورها في المجاهد والمصلي وغير
ذلكء فإذا ظهرت فيه نسب الله الفعل إليه» وجازاه عليه منة وفضلا ؛
() الكمالات الإلهية في الصفات المحمدية: ص1685١.
(؟) الفتوحات المكية: 007/7. وينظر شرح الأسماء الحسنى» للتلمساني (مخطوط):
ق4هب.
(9) الفتوحات المكية: 5/ .١17١
وحدة الأديان في عقائج الصوفية >
لأنه ما ظهر عين الصلاة إلا في المصليء فلو لم ينسب الفعل إليه
لكان قدحًا في الخطاب والتكليف ومباهتة للحسء وكان لا يوثق
بالحس في شيءء فحسم هذا الأمر بما نسب من هذه الأفعال لمن
أظهرها فيهء وأضافها إليه» وأمرهم بهاء وليس خلقها لهم» وإنما ذلك
إلى الله تعالى)2"72.
لقد كان الجيلي أكثر توافقًا مع مذهبه من ابن عربي في توضيح
هذه النقطة ؛ حين بِيِّن أن مرد الأمر كله إلى وجود واحد العبد فيه هو
الرب» والعابد هو المعبود» يقول الجيلي: "ليس للعابدين ملك عبادة؛
لأنه الفاعل بهم للعبادة؛ فهو العابد والمعبود)”".
وما دامت الأفعال كلها هي أفعال الله؛ فكيف يثاب المحسن
ويعاقب المسيء؟ يجيب النابلسي : «هو تعالى حكم بنسبة تلك الأعمال
إلى من أظهرها عليه نسبة مجازية وجعل عليها الثواب والعقاب. وشرع
الشرائع على هذه الصبة 1
وظاهر كلام النابلسي السابق أن الله يحاسب العباد على أعمال لم
يعملوها هم بل الذي فعلها هو الله ومع ذلك فالعباد هم المحاسبون
على ما يفعله الله لهم. فيئاب المحسن على شيء لم يحسن فيه أصلاء
ويعاقب المسيء على إساءة ليست منه.
.577/7 الفتوحات المكية: )١(
(؟) غنية أرباب السماع في كشف القناع عن وجوه السماع؛ للجيلي (مخطوط):
ق١اب.
() مفتاح المعية (مخطوط): ق“*اب.
«١ وحدة الأديان في عقائد الصوفية
المسألة الثانية: ليس للبشر أي حرية في اختيار معتقداتهم عند
الصوفية :
وفي ضوء فهم الصوفية لتوحيد الأفعال في المسألة السابقة: فإنهم
بنوا أصلًا آخر للقول بوحدة الأديان من منطلق قولهم بالجبرء فنفوا أي
حرية للبشر في اختيار معتقداتهم حيث ذهب غلاة الصوفية وبعض زهاد
المبتدعة إلى أن الإنسان لا خيار له بتانًا في أفعاله وتصرفاته» وأنه
«ليس للعبد فعل ولا تدبير؛ لأنه أسير في قبضة العزة؛ يجري عليه
أحكام القدرة» وتصاريف المشيئة)”''» وأن ما ينتج عن تلك الأفعال
من خير أو شر خارج عن قدرة الإنسان واختياره» وأن الحرية التي
ينشدها العبد هي : «إزالة صفة العبد بصفة الحق»"'' كما أنها - أي
الحرية- «مقام ذاتي إلهي. ولا يتخلص للعبد مطلمًا؛ فإنه عبد الله
عبودية لا تقبل العتق مطلقًا»”". بل إن اختيار الإنسان يكمن في أنه:
«مجبور في اختياره؛ بل تعطي الحقائق أن لا مختار) ,".
فهذا أبو عثمان المغربي””' يقول- وقد سئل عن الخلق-: «قوالب
وأشباح تخري عليهم أحكام القدرة"'2. ويقول الشبلي : «الصوفية
.597/4 روح البيان: )١(
(؟) الفتوحات المكية: 4981/7.
(*) الفتوحات المكية: 7/ 777.
.487١ / ١ الفتوحات المكية: )5(
(0) أبو عثمان: سعيد بن سلّام المغربي. من الزهاد والعباد من ناحية قيروان صحب
جماعة من الزهادء وأقام بالحرم مدة» ثم ورد نيسابور» وتوفي بها سنة (#الالاهم)
وأوصى أن يصلي عليه أبو بكر بن فورك. ينظر طبقات الصوفية: ص 2479
والرسالة القشيرية: .١!/84/١
."5١ /١ الرسالة القشيرية: )5(
وحدة الأديان في عقائج الصوفية 42>
لا حول لهم ولا قوة : يصرفهم الله كيفما شاء.
وقد شع الجيد ضع التوتحيل فقال: + تن يكؤن الحيد شيجا جين
يدي الله عز وجل. تجري عليه تصاريف 1
أما غلاة الصوفية» فأقوالهم في هذا الشأن هي من الوضوح بحيث
ما يفعل العبد والأقدار جارية عليه في كل حال أيّها الرائي
ألقاه في اليم مكتوفًا وقال له إياك إياك أن تبتل بالماء”".
ويقول ابن عربي :
أنا مجبور ولا فعل لي والذئ أفعلة باضظ )9
ويقرر في موضع آخر عقيدة الجبر بقوله :
الحكم حكم الجبر والاضطرار ماثم حكمٌ يقتضي الاختياز
إلا الذي يُعزى إليناففي ظاهرهوبأنهعن خياز
لو فكدر البباظه فينة راق:. يانه المختاز عن اضعط 9
ويقول العطار: «سلبَ كل شيء من أيدينا فماذا عسى أن نفعل؟
خط سجل حياتنا بالأمسء ولا يعلم أحدٌ ماذا خط لنا. وأسفا إن
.0865 الرسالة القشيرية: ”؟'/ )١(
(0) اللمعء للطوسي: ص 88.
(*) ديوان الحلاج: ص 7.
(5) الفتوحات المكية: 7/7 695.
(6) ديوان ابن عربي: ص5758. وينظر شرح مواقف النفري: ص787.
> وحدة الأديان في عقائد الصوفية
القلب يتبع ما قدر له فعبتٌ أن نأمره. إن ما قدر كائنٌ جهدت أم لم
تجهد. أسلم رأسك لما كُتب في اللوح المحفوظ واصمت» فلن يمحو
القلمٌ ما خُطط)”". ويقول أيضا: «كتبت فخضعناء نحن في إسار دائم»
نجئو لك عاجزين مو
ويؤكد الجيلي أن جوارح وأعضاء وآلات العبد هي في حقيقتها
مظهر من مظاهر التجلي الإلهيء فالفاعل لكل شيء هو الله تعالى.
وهذه الجوارح والأفعال الصادرة منهاء تنسب ظاهريًا للعباد من باب
التقريب لأفهامهم والتأنيس لقلوبهم.
يقول الجيلي: «إن لصفاته تعالى في تجلياته لعباده مظهرين» مظهر
عبادي سفلي منسوب لعباده وهو الصور والجوارح الجسمانية» ومظهر
حقيقي علوي منسوب إليه. وقد أجرى عليه أسماء المظاهر السفلية
المنسوبة لعباده على سبيل التقريب والأفهام والتأنيس لقلوبهم)””".
والرومي في إثباته لعقيدته الجبرية يستخدم أمُثلة هي أوضح ما
تكون للدلالة على مراده؛ فتارة يشبه الخلق بقطع الشطرنج التي يحركها
لاعبهاء وهي لا حول لها ولا قوة» ففي أي مكان وضعها تكون فيه لا
تتحول عنه إلا أن يحركها. وتارة كالقوس الذي يطلق السهم؛ فلا
يستطيع هذا القوس أن يرفض أمر الرامي بالسهمء أو أن يجعل اتجاه
() التصوف وفريد الدين العطارء عبد الوهاب عزام: ص84. عن مختار نامه
الكليات: ص948:947.
(0) التصوف وفريد الدين العطار: ص696. عن جوهر الذات وميلاج نامه. الكليات:
ص 2167 687.
(9) الغايات في معرفة معاني الآيات والأحاديث المتشابهات» للجيلي (مخطوط):
قكب.
وحدة الأديان في عقائد الصوفية
السهم مغايدًا لرغبة الرامي: وتارة يشبه العبد فى هذه الحياة بالسجين
المقيد بالأغلال لا يستطيع أن يفعل ما يريد ولا أن ينال كامل حريته.
كالناي» والأنغام داخلنا منك ... ونحن مثل قطع الشطرنج نوضع حيث
ننقل ونقلنا ووضعنا منك00"©. ويقول: «إن أطلقنا السهم فليس هذا مناء
فنحن القوسء والرامي هو الله)”'". ويقول أيضا: «وكيف يفرح المقيد
بالغعل الحديدي؟ وكيف يزاول نزيل السجن الحرية؟00".
ويأتي الرومي بقصة هي من نسيج عقله وبنات أفكاره ؛ ولا وجود
لها حقيقة» ولم تذكرها المصادر المعتبرة ؛ لإثبات عقيدته الجبرية.
حيث يقول على لسان علي بن أبي طالب وه : «لقد همس الرسول
بأذن خادمي قائلاً : إنه ذات يوم سيحترٌ رأسي عن عنقي! لقد أذاع
الرسول من وحي الحبيب أن هلاكي- يكون في محاقبة الأمر- على يدي
خادمى. فكان الخادم يقول لي: بادر بقتلى» حتى لا يقع مني هذا
الخطأ المنكر. وأنا أقول له: إذا كان موتي على يديك فكيف أستطيع
أن أسعى للاحتيال على القضاء؟ إنه يرتمي أمامي ضارعاً: أيها الكريم!
بحق الله شقنى نصفين. حتى لا تحيق بى تلك العاقبة السيئة» وحتى لا
تحترق روحي على من هو روحها. وأنا أقول له: اذهب». فقد جف
.5:05-507 المثنوي: ١//اىء الفقرات: )١(
.519-5184 الفقرتان: 6/١ المثنوي: (3
.5176 الفقرة: ,.85/١ المشسوي: )©
> وحدة الأديان في عقائد الصوفية
لا تاد
لك قطء ذلك لأنني أعلم أن هذا الأمر ليس منك! إنك آلة الحق»؛
وأما الفاعل الحقيقي فيد الحق. فكيف أوجه الطعن والضرب لآلة
الحق؟ فقال: فلماذا إذن يكون القصاص؟ فقال علي: إنه من الحق»
وشو نر حفن 1 . جزمي حي اله عو لتر يدرك أن ذلك
القائل كان مسخراً للقدر. وكل من صار مقيداً بهذا التقدير فإنه لا محالة
ضارب بالسيف». ولو أصاب رأس ابنه» فامض واخش الله 00
تناول الأفنين بلطن وكن 'مدرعا لعجزك أماء حكم النضاء"ا
تابع علي قد عاد إليه قائلًا : : يا على عجل بقتلي» د
اللحظة. ولا ذلك الوقت المرير . لقد أحللت لك دمي» فأرقه.» حتى لا
ترى عيناي هذا اليوم المروع كالقيامة. فقلت (أي علي): لو أن كل ذرة
أصبحت قاتلاً» وقصدتك حاملة بيدها الخنجرء ما استطاعت أن تقطع
طرف شعرة منك» ما دام القلم قد كتب عليك مثل هذا الي
ويؤكد النابلسي أن الله تعالى «هو المتصرف في ظواهرهم
وبواطنهم: صادرًا منه لهم لا له فهو يفعل لهمء وهم لا يفعلون
لأنفسهم شِيئاً .. فهو المباشر للأعمال وهم العاملون»”".
ولهذا يلتمس الشعراني العذر للكفرة من أهل التثليث وغيرهم»
فيرى أن كفرهم وتكذيبهم للإسلام» واعتقادهم بالتثليث» خارج عن
إرادتهم» وليس للإنسان أن يعتب عليهم ؛ فيبتلى بمثل ما هم عليه من
.5866-78586 الفقرات: :#5-5/١ المثنوي تحقيق: د. عبد السلام كفافي: )١(
.75897-79849٠ المصدر السابق: ١/":-ه": الفقرات: )9(
(*) المصدر السابق: ١ الفقرات: /971 7981-7
(5) عذر الأئمة في نصح الأمة (مخطوط): قهأ.
وحدة الأديان في عقائد الصوفية >
لييذت اذ د ا
كفرء ويحكي عن نفسه أنه وقع له شيء من ذلكء» فكره الإسلام»
وأحب التثليث حتى كشف الله عنه» كما يحكي أن أحد العارفين مكث
في الكفر سنين» حتى تحقق له ولغير أن الأمر في الإسلام والكفر ليس
ده وان لسن :لللانسنان الأعماضن على أمر 177 زهة لذ تبك
خلط من الشعراني بين الإرادة الشرعية» والإرادة الكونية» وقول باطل
يبرر للكفار كفرهمء ويعذرهم على عدم دخولهم الإسلام» وهي حجة
إبليسية» قالها مشركو مكة حين دعاهم الرسول كَلْةْ للوسلام.
والإنسان عند هؤلاء المتصوفة آلة بيد من يستخدمهاء لا تستطيع
أبدا أن تخالف من يحركهاء أو ترفض له أمرا : تتحرك متى حركها
صاحبهاء وتقف عندما يوقفهاء وتسير حسبما يوجهها صاحبها.
يقول ابن عربي عند قول الله ا --- تَمسْلُوهمٌ ولكري اله
لمر [الأنقال: 01] «قال الله عز وجل : .. أنا قتله ل
السيف لكمء أو أي آلة كانت للقتل» فالقتل 0 المقتول بالآلة ولم
يقل فيه أنه القاتل .. فلا يقال في المكلف أنه القاتل بل الله هو القاتل
بالمكلف وبالسيف» فقام له المكلف مقام اليد الضاربة بالسيف»"".
والآية لا تفيد المعنى الذي ذهب إليه ابن عربي» بل المعنى أن الله
هو الذي يسر لكم الأسباب لقتل الكفارء ثم شاء سبحانه أن تمضي
هذه الأسباب فتقتلون الكفارء فما كان منكم من إصابة للكفار في مقتل
فإنما هي بتوفيق الله تعالى. فالمضاف إليكم القتل بالسيف. والمضاف
.54-57” ينظر الأنوار القدسية في بيان آداب العبودية» للشعراني: ص )١(
.077 /# (؟) الفتوحات المكية:
»> وحدة الأديان في عقائد الصوفية
إلى الله الإيصال للعدوء وإصابته. وإلا لو كان الأمر على ما يقوله ابن
عربي للزم أن يطرد ذلك في الأمور كلها ؛ فيقال : ما أكلت ؛ ولكن
الله الآكل» وما ركبت ولكن الله الراكب» وهكذا وهذا معلوم فساده.
ولا يقوله عاقل.
ويقول : «الفعل من المخلوق من كون الحق أصاره إلى ذلك»
فكان له كالآلة للفاعل» والآلة هى المباشرة للفعل» وينسب الفعل لغير
الآلة يصرًا وعقلاء فيقال: فيد العتارتت: والمباشر للضربء والذي
يقع به الضرب إنما هو السوط لا زيد» هكذا أفعال العباد فهم للحق
ك5الآلة لريق التجار أو البحائك: أىاالخائط وحن 0
وقال: «كتحريك الصانع للآلات لإيجاد صورة ما يريد إيجادهاء
كالصورة في الخشب وغيره» ولا تعرف الآلات شيئًا من ذلك. ولا ما
فد عنها: وإن كاتتق تلك الصوى لذ تظين إلآ بهذ اللا
ويقول النابلسى فى دعاته : «تقوم أنت عن نفسيٌ بجميع ما أردت
منها على حسب ما تريد فتبقى نفسي فى يدك بمنزلة الآلة والفاعل
أنت» والفعل فعلك)”".
ونلمس النزعة إلى اعتبار الإنسان كالآلة لا خيار لها مطلقًا ؛ عند
قدر عليهم مما لا يستطيعون دفعه» ولا خيار لهم فيه. ويحتج على الله
تعالى في تعذيب الأمم جميعًا ؛ لأنه لا إرادة لهم فيما وقعوا فيه من
)١( الفتوحات المكية: .857/١
(0) الفتوحات المكية: 7/ 4548.
() مفتاح المعية في طريق النقشبندية (مخطوط): ق٠5أ.
وحدة الأديان في عقائج الصوفية
شرك وكفر.
يقول السكاني "إلهي! تعذب أقوامًا في 0 غداً من الأجنبية لا
يعرفون مُعَذْبَهمء فهلا تعذبني فأعرف مُعَذَبِي؟70٠ '. وجاز على مقابر
اليهود فقال: «ما هؤلاء حتى تعذبهم؟ كب عظام جرت عليهم
القضايا. اعف عنهم!)”". ويقول: «اللهم إنك خلقت هذا الخلق بغير
علمهم» وقلدتهم أمانة من غير إرادتهم فإن لم تعنهم فمن يعينهم؟70".
ويرى البسطامي أن من كان الظاهر هو مقياسه في الحكم على
الس 00 يعذرهم فيما وقعوا فيه من شرك وضلال»
وأما من نظر إليهم بالمنظار الصوفي القائم على اعتبار الحقيقة مقدمة
على الشريعة فهؤلاء معذورون في كفرهم وشركهم.ء يقول البسطامي:
«من نظر إلى الخلق بعين العلم مقتهم وهرب إلى الله عز وجل» ومن
نظر إليهم بعين الحقيقة عذرهم وكان طريقاً لهم إليه)”؟".
والحقيقة الصوفية هنا قائمة على اعتبار أن ألإنسان «داخل الدائرة
الجبروتية.. ليس ثمة من وجود إلا للحق» والباقي ظلال وأشباح»
وكلهم مقهورون تحت القبضة الإلهية.. وأمرٌ هذه حقيقته يجعل الصوفي
. ينظر إلى الناس بعين الرحمة»””".
.54 النور من كلمات أبي طيفور: )١(
(0) تاريخ التصوف الإسلامي. عبد الرحمن بدوي: ص58. عن امجموع نصوص غير
منشورة خاصة بالصوفية المسلمين» ماسيئنيون: ص ."١-*«٠ باريس سنة 19179.
2١ خلية الأولناء؛ لففارة
(5) النور من كلمات أبي طيفور ضمن شطحات الصوفية لعبد الرحمن بدوي: .1١8 21١8
(0) شرح شطحات المتظامي» محمد غازي العرابي: ص »4١ وينظر شرح مواقف
النفري . للتلمساني: ص/اة.
وحدة الأديان في عقائد الصوفية
وما قاله البسطامي؛ قاله ابن عجيبة بعد ذلك بقرون» حيث يبرر
ابن عجيبة للكفار شركهم بأنهم أعرضوا عن الظاهر وهو الشريعة»
واتبعوا الباطن وهو الحقيقة وحدها والتي هي جبر محض» حيث
قالوا: «ولو شاء الله ما عبدناهم»» وأن هذا الجبر الباطني» والقهر
الإلهي لا يتعلق به التكليف ؛ إذ ليس في طوق العبدء بل هو من أسرار
قهر الربوبية الذي اختص الله به2"7.
وقد نتج عن إسقاط الصوفية كل حرية واختيار للإنسان ؛ أن عذروا
كل مشرك وكافرء وانتهوا إلى أن الأديان واحدة. حتى وإن اختلفت
ظاهرًا إلا أنها في الباطن والحقيقة هي مجال للحق تعالى» وتكثر
الأديان هو ذ في الواقع تعبير ظاهري متعدد الصورء ولكن الجوهر
واحدء والحقيقة واحدة» لأن الحق الذي تتجوهر فيه هذه الأنوار إله
واحد. في كل مجلى والناس مجبرون بعبادة الله في مجاليه المختلفة»
فما ثم معبود في الآلهة سواه. :
يقول ابن عربي عند ذكره عبادة بني إسرائيل للعجل: «فخشي
هارون أن ينسب ذلك الفرقان بينهم إليه» فكان موسى أعلم بالأمر من
هارون ؛ لأنه علم ما عبده أصحاب العجل لعلمه بأن الله قضى ألا يعبدَ
إلا إياه. وما حكم الله بشيء إلا وقع. فكان عتب موسى أخاه هارون
1 0 العارف من يرى الحق في
كل شيء بل يراه عين كل شيء»"
يقول الجيلي: ١و 1 6 نأ فَأعبدَف» [ظه: 1 أي ما ثم ما
.77-١ص ينظر كشف النقاب عن سر لب الألباب: )١(
.1 7 الفصوص : ص (30
وحدة الأديان في عقائد الصوفية
يطلق عليه اسم الإله وهو أنا. فما في العالم من يعبد غيري. وكيف
يعبدون غيري وأنا خلقتهم ليعبدوني ولا يكون إلا ما خلقتهم له؟)”".
ويقول الحلاج: «الله تعالى هو الذي وحد نفسه على لسان من شاء
من خلقه. فلو وحد نفسه على لساني فهو وشأنه. وإلا فما لي يا أخي
والتر في .
وذهب جلال الدين الرومي إلى أن الكفر أمر لا مدخل لإرادة
العبد فيه» بل قضى الله سبحانه وتعالى به على العبد. وليس له الخيار
في دفعه عنه» ومن هنا كان فرعون مصيباً- في نظر الرومي- حين لم
يؤمن بما جاء به موسى؛ لأن فرعون كان مسلمًا مطيعًا لله في ضلالهء
فقد كان يقصد الحقيقة إلا أنه لا يستطيع الخروج من دائرة الجبر الذي
هو أسيرهاء وما اختلاف العقائد فى ضوء المشيئة الإلهية القاهرة إلا
كاختلاف الألوان على الشيء الواحد في نظر الرائي» فتارة يراه
أخضرء وتارة أحمرء والشيء نفسه لم يتغير» وهم يخرج عن المرسوم
له في هذه الحياة بزعم الرومي. يقول الرومي: «إن موسى وفرعون كانا
سائرين يقصدان الحقيقة» ولكن الظاهر أن موسى عرف الطريق» وأما
فرعون فقد ضل السبيل. لقد كان موسى يتضرع أمام الحق نهاراًء وأما
فرعون فكان يبكي في جنح الدجى ! (قائلاً»: «يا رب ! أي غل هذا
الذي طوق عنقي ؟ ولو لم يكن هذا الغل» فمن ذا الذي كان يصفني
بما أنا عليه الآن. فكما جعلت موسى منيراء جعلتني مظلما كدرا .
وكما جعلت موسى قمري الطلعة» جعلت قمر روحي أسود الوجه. إن
.69/١ الإنسان الكامل: )١(
(؟) أخبار الحلاج» رقم (517): ص47.
وحدة الأديان في عقائد الصوفية
ده سس سس سلس د
نجمي لم يكن خيراً من القمرء فإذا وقع به الخسوف فما حيلتي ؟ فإذا
كانت الطبول تقرع لي كرب وسلطان, فإن الخلق يقرعون النحاس حين
خسوف القمر. فهم يدقون الطاسات ويصخبون. فيفضحون القمر يذلك
الضجيج. إنني أنا فرعون الخلق. فالويل لي من قرع ذلك الطاس الذي
يسمعني دعاء «ربي الأعلى)». ونحن رفقاء في خدمتك. ولكن فأسك
تشق الغصون النضرة في غابتك» ثم تجعل غصناً منها ثابت الأصل.
وتترك آخر عاطلاً. وليس للغصن قوة أمام الفأس. فلم ينج غصن قط
من قبضتها. فبحق تلك القدرة - التى هى فأسك - سدد بكرمك أعمالنا
المعوجة00). ل
والحلاج يرى أن الله شغل بكل دين طائفة لا اختياراً منهم. بل
اختياراً عليهم. وما اليهودية والنصرانية والإسلام وغير ذلك من الأديان
إلا ألقاب مختلفة» وأسام متغيرة» والمقصود منها لا يتغير ولا
يختلف. فمن لام أحداً ببطلان ما هو عليه فقد حكيمم بأنه اختار ذلك
لنفسه ؟؛ وهذا مذهب القدرية «والقدرية مجوس هذه ال"
يَروّى عن عبد الله بن طاهر الأزدي أنه قال: «كنتٌ أخاصم يهودياً
.71569-1148417 الفقرات 505-1700 /١ المثنري تحقيق: د. كفافي: )١(
(؟) رواه أبو داود: كتاب السنة (10) باب في القدرء رقم )5591١( 55/6. والحاكم
في المستدرك: 240/١ والآجري في الشريعة: 7/79 ١١٠م-ل"مه ٠ رقم (4)9"81, وابن
أبي عاصم في السنة .١ 6١-١ /١ . من حديث عبد الله بن عمر وجماعة من
الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين. وصححه الشيخ الألباني في ظلال الجنة في
تخريج السنة: .10١/١ وتسمية نفاة القدر بالمجوس لمضاهاة مذهبهم مذهب
المجوس في قولهم بإلهين» إله للخير وهو النورء وإله للشرء وهو الظلمة» وكذلك
0 يجعلون من العبد شريكا لله في أفعاله. . ينظر معالم السنن للخطابي (بهامش
سنن أبي داوود) والملل والنحل» ٠» للشهرستاني: ا
وحدة الأديان في عقائد الصوفية
في سوق بغداد وجرى على لفظي أن قلت له : يا كلب. فمر بي
الحشيق بن امتضون ولظر إلى قنزراً بوقال > لا تنبخ كلك وهب تبتريعا .
فلما فرغتٌ من المخاصمة قصدته فدخلت عليه فأعرض عني بوجهه.
فاعتذرتٌ إليه فرضي ثم قال : يا بني» الأديان كلها لله عز وجلء شَعْلَ
بكل دين طائفة لا اختياراً فيهم بل اختياراً عليهم. فمن لام أحدأً
ببطلان ما هو عليه فقد حكم أنه اختار ذلك لنفسه. وهذا مذهب
القدرية «والقدرية مجوس هذه الأمة». واعلم أن اليهودية والنصرانية
والإسلام وغير ذلك من الأديان هي ألقاب مختلفة وأسام متغايرة»
والمقصود منها لا يتغير ولا يختلف. ثم قال : ّْ
تفكرتٌ في الأديان جدّاً محققاً كالققها أعيلة له شع جنا
فلا تطلبئْ للمرء ديناً فإنه يصّدٌ عن الوصل الوثيق وإنما
يطالبهأصل يُعبَّرٌ عنده جميع المعالي والمعاني فيفهما""©
كما أن الحلاج لم يفرق بين عصيان فرعوف وكفره» وبين إيمان
موسى الرسول الموحد فعن عثمان بن معاوية أنه قال : بات الحلاج
في جامع دينور ومعه جماعة» فسأله واحد منهم وقال : «يا شيخ ! ما
تقول فيما قال فرعون؟ قال: كلمة حق. فقال : ما تقول فيما قال
موسى ؟ قال: كلمة حق ؛ لأنهما كلمتان جرتا في الأبد» كما جرتا في
الأول" . ْ ْ
وقد صرح الحلاج بادعاء الربوبية باعتبار أنه القلم الذي يكتب الله
به الأقدارء فهو في هذه الحالة جزء من كل» فله حكم الكل ؛ ففي
)١( أخبار الحلاج» رقم (55): ص 70-59
(؟) أخبار الحلاج: ص 58.
وحدة الأديان في عقائد الصوفية
مه سس ا 97د
حادثة يذكرها المؤرخون أن رجلا من أتباع الحلاج كان معه مخلاة لا
يفارقهاء فلما فتشوا المخلاة وجدوا فيها كتابًا للحلاج عنوانه : ١
الرحمن الرحيم إلى فلان بن فلان»» فأحضر الحلاج وعرض عليه
فقال: «هذا خطي وأنا كتبته». فقالوا : كنت تدعي النبوة فصرت تدعى
الربوبية ؟ فقال : «ما أدعي الربوبية ولكن هذا عين الجمع عندنا : هل
الكاتك إلا الله ؟ .ونا :وليك فيه 200
والمشركون عند النابلسي عابدون لله حق العبادة حال سجودهم
للأصنام ؛ حتى ولو لم يعلموا ذلك ؛ لأن سجودهم للأصنام هو طاعة
لأمر الله تعالى :
يقول النابلسي : «قال تعالى : َوه يِسْجَِدٌ من في السَّموتِ وَالْأَرْضٍ طَوْعًا
وكرها [الرّعد: 6 فكان سجود المشركين للأصنام سجودًا لله تعالى
كرمّاء والسجود لله عبادة. فهم عابدون لله تعالى في حال عبادتهم
للأصناء» 1 '
وأصرح من عبارة النابلسي عبارة التيجاني» حيث يقول: ا(ومنهم
المتو ضيه إلى الحضرة العلية» من وراء ستر كثيف» وهم عبدة الأوثان
ومن ضاهاهم., فإنهم في توجههم إلى عبادة الأوثان ما توجهوا لغير
الحو سجحاتة وال د 0 يزو الكزو لمك سبضانة وقدالئ
تجلى لهم من وراء تلك الستور , بعظمته وجلاله. وجذبهم بحسب ذلك
بحكم القضاء والغنن الني رالا ما وم لو نيك" يون الجيلي :
١717/8 تاريخ بغداد: )١(
00 الفتح الرباني والفيض الرحماني: ص56
(*) جواهر المعانى: .7794/١
وحدة الأديان في عقائد الصوفية
فطورًا تراني في المساجد عاكمًا
ازاقي كالآلات وهو محركي
فآونة يقضي عليّ بطاعة
فتك كراد كنف ادرك أهر؛
فآتي الذي تهواه مني ومهجتي
فإن كنت في حكم الشريعة عاصيًا
وكل الذي آنبه آنيه ناظيرا
>
وما لي مع فعل الحبيب تنازع
وأني طورًا في الكناتئس راتئع
آنا اقلم والاقتدار الأصابع
وحيئًا بما عنه نَهنْنا الشرائع
وآني الذي ينهاه والجفن دامع
لذلك فى نار حَوّنُها الأضالع
فإني في علم الحقيقة طائع
لِمَثبتَةٍ في اللوح أني تابع'"'
يقول النابلسي عند هذا البيت : «ليس له منازعة مع أفعال الله
تعالى فيه» ولا اعتراض له على شيء من ذلك ؛ فتراه تارة في المساجد
وت يه اردان تدالن فى ذللقه لكان لومي له
تعالى» وتارة تراه في الكنائس والبيع داخلا راضيًا حك اعد الله
تعالى في ذلك الموضع» المسخوط عليه من قبل,الله تعالى فهو عارف
برضاء الله تعالى وسخطه» وعارف بما يرضيه تعالى ويسخطه ؛ ولكنه
مطيع لزبه في جميع ما قدره عليه من فعل خير أو فعل شرء أو نفع أو
5 0
المسألة الثالثة - مفهوم الهدى والضلال عند المتصوفة :
يتصل بمبداً الجبر عند الصوفية المبدأ القائل بأن توحيد الله سبحانه
وتعالى على الوجه الذي يجعل منه مصدراً للهدى وحده» ويجعل من
2451-4709 2)4775-47١ قصيدة النادرات العينية: ص١١١-5١1ه» الأبيات: )١(
.5517 5# اماع
المعارف الغيبية شرح القصيدة العينية» للنابلسى (مخطوط): ق38أ. )7(
وحدة الأديان في عقائد الصوفية
مم سس مسمس الس سس لك
غيره مصدراً للضلال وحده. إنما يعني - عند هؤلاء المتصوفة -
الانسلاخ من التوحيد والذي ينتهي إلى رد المظاهر في الملل والنحل
المختلفة» والأفعال الإنسانية المتباينة» إلى مظهر واحد هو الذات
الإلهية؛ بحسب معتقد الاتحادية.
ويؤكد المتصوفة على أن الذين حادوا عن الحق» ووقعوا في
الضلال والشركء ليسوا بأقل إيماناً ولا بأكثر زيغاً.ء من الذين عرفوه
واغندوا ]ليه لآن الله هو المتصرف في الأمر كله؛ فهو يهدي من
يشاءء ويضل من يشاءء وكل كائن في هذا الوجود خاضع للمشيئة
الإلهية» لا يستطيع خروجاً عليهاء أو فراراً مما كتب الله له وقدر عليه.
وكل مصيب فيما سلك واتبعء سواء سلك سبيل الهدى. أو سلك سبيل
الضلال» فكلها طرق تؤدي إلى الحق سبحانه.
يقول: العبلئ : «لؤثانين 6و :لح علي مركا 21 رق عل ويك
مُسْتَقِمِ 469 لمُود: 605 لأن الطريق الذي أخذ بناصية كل إليه هو طريق
سعادة ذلك الشيء ؛ لأنه يرجع إلى الله من ذلك الطريق» وقد خلقه الله
تعالى لسلوك ذلك الصراط» فهو مستقيم في حقه معوج في حق غيره.
وهذا هو محض الهداية ... لأن كل طريق يكون موصلا إلى الله فسلوكه
هداية» وكل الطرق موصلة إلى الله.» سواء كانت طرق السعادة» أو
كانت طرق الشقاوة» والفرق بين الطريقين : أن طريق السعادة يرجع
إلى الله من قرب. وطريق الشقاوة يرجع إليه ويصل» وما ثم طريق إلا
وإلى الله ينتهي فكل السالكين مهتدون. وسلوكهم في طرقهم المختلفة
هداية لأن الله منتهى سفرهم)”".
.71١0-7١4ص الكمالات الإلهية في الصفات المحمدية: )١(
وحدة الأديان في عقائد الصوفية
١+ 0 لمم1_1:7:77171:7/7100ا01وو9999999909لسسسسسسسسسححيحييييبيجسسا كك
فخلاصة ما سبق أن الصوفية بنوا أصلهم هذا على مقتضى الأسماء
الإلهية ؛ فهناك قانون كلي للأسماء الإلهية عند الصوفية ؛ فمع اتفاق
المتصوفة على أن المهتدي والضال ناج عند الله تعالى» وأن الاختلاف
هو في سلوك السبيل الموصل إلى الله؛ إلا أن المتصوفة يؤكدون على
أن هناك قانوناً كلياً إلهياً لكل فعل من الأفعال الإنسانية هو الذي يحكم
بين الناس في الهدى والضلال.
هذا القانون الكلى الإلهى هو ما تفرضه الأسماء الإلهية في
تجلياتها المختلفة. إن الأديان المعدلنة والأفعال الايتة»البسق ف
حقيقتها إلا من مقتضيات الأسماء الإلهية لأن الله متجل باسمه المضل»ء
والمنتقم. كما هو متجل باسمه الهادي والمنعم» وكل ما يصدر عن
الإنسان من عقيدة أو فعل» لا يصدر إلا عن المشيئة ممثلة في اسم من
أسماء الذات التي تصرفه وتقضي عليه بأن يكون فعله خيراً أو شراً. وما
يقع من العبد من كفر وشرك وضلالء فلا يلام عليه مطلمًا ؛ لأنه لا
خيار له فيما اعتقد» ولا دافع يدفعه إلى تفضيل دين على آخرء وإنما
هى مقتضيات الأسماء الإلهية التي أجرت حكمها على أفراد الإنسان»
شلك زرلا جه المواطيق وقرا نين العاقرن صوطلاينة مو شاه
يقول التلمساني : ا(وأصلي على سمة حضرته وحضرة اسمه الذي
أنقذ الأنام بالاسم الهادي بعد أن جعلهم الاسم المضل ضلالا2"7.
ويقول الجيلي : «فما في الوجود شيء إلا وهو يعبد الله تعالى
بحاله ومقاله وفعاله بل بذاته وصفاته... ولكن تختلف العبادات
.أ١ شرح أسماء الله الحسنى» الورقة الأولى (مخطوط): )١(
محدة الأديان في عقائد الصوفية
لاختلاف مقتضيات الأسماء والصفات ؛ لأن الله تعالى متجل
باسمه المضل كما متجل باسمه الهادي ؛ فكما يجب ظهور أثر
اسمه المنعم كذلك يجب ظهور أثر اسمه المنتقم. واختلة
الناس في أحوالهم لاختلاف أرباب الأسماء والصفات قال الله تعالى:
كان لما م2 ول 5 6 [البَقَرّة: 1؟] يعني عباد الله مجبولين على
طاعته من حيث الفطرة الأصلية: «إمْعَتَ اللَّهُ يتن مُسيْربك ومُنذرن»
[البَقَرّة: »]71١ ليعبده من اتبع الرسل من حيث اسمه الهادي وليعبده من
يخالف الرسل من حيث اسمه المضل فاختلف الناس وافترقت الملل
وظهرت النحل وذهبت كل طائفة إلى ما علمته أنه صواب» ولو كان
ذلك العالم عند غيرها خطأ ولكن حسنه الله عندها ليعبدون من الجهة
التي تقتضيها تلك الصفة المؤثر ة في ذلك الأمر وهذا معنى قوله : «آمًا
من دَآبَةٍ إلا مر ا يزيا لَمُود: 05]ء فهو الفاعل بهم على حسب
ما يريده مراده وهو عين ما اقتضته صفاته. فهو - سبحانه وتعالى -
يجزيهم على حسب مقتضى أسمائه وصفاته فلا ينفعه إقرار أحد
بربوبيته؛ ولا يضره جحود أحد بذلك» بل هو سبحانه وتعالى يتصرف
فيهم على ما هو مستحق لذلك من تنوع عباداته التي تنبغي لكماله فكل
من في الوجود عابد لله تعالى مطيع لقوله تعالى : «وإن ين شَوْء إِلَّا شيم
عدون ولك له تفدهرن َسِيِحَهُم #6 [الإسرّاء : 4 لأن من تسبيحهم ما يسمى
مخالفة ومعصية وجحودا وغير ذلك فلا يفقهه كل أحد. ثم إن النفي
إنما وق على الجيلة؛ ؛ فصح أن يفقهه البعض فقوله : #ولكن لا لففهوه تهون
ف َِيِحَهُم © [الإسرّاء : ] يعني من حيث الجملة فيجوز أن يفقهه
000
- الإنسان الكامل: ؟/0-14/. وينظر كتاب فيه ما فيه لجلال الدين )١(
وحدة الأديان في عقائد الصوفية
ويقول الشيرازي: «وأما الأمر التشريعي المكلف به الثقلان خاصة
فيقع فيه القسمان : الطاعة والمعصية بإلهام الملك ووسوسة الشيطان
بمقتضى الاسم الهادي» والمضل المشار إليها بإصبعي الرحمن في قوله
يِه : 7" «قلب المؤمن بين أصبعين من أصابع الرحمن»”'".
على سمة الأسماء تجري أمورهم يعكدة زصف الذات السك اجرت
و شسمع ا اء 50 فى
يصرفهم في القبضتين ولا ولا فقبضةٌ تنعيم وقبضةٌ شَقَُرَةٍ
الرومي: ص797-797 حيث يقول إن الكافر والمؤمن «يفعلان أفعالهما وفق هذا
القانون... فقد صح وظهر من ذلك أن الاثنين مسبحان للحق». ومثله القاضي محمد
ثناء الله العثماني في التفسير المظهري: 08/5. وينظر أيضا كليات رسائل النور
للنورسيء. الكلمات: .778-7178/١ والمثنوي العربي النوري: 417/5 7477-7.
)١( الحديث رواه مسلم: كتاب القدر (”) باب تصريف الله تعالى القلوب كيف شاءء
رقم (77505) 7١50/5 من حديث عبدالله بن عمرو بن العاص ينا
(0) الشواهد الربوبية في المناهج السلوكية» للشيرازي (فخطوط): ق٠5أ. وتأويل
الشيرازي للأصبعين الواردة في الحديث بصفتي الهادي والمضل يخالف العقيدة
الصحيحة عقيدة أهل السنة والجماعة في أسماء الله تعالى وصفاتهء وهو إثباتها كما
جاءت بها النصوص من غير تعطيل ولا تحريف ولا تفويضء. وبلا كيف ولا حد.
والحديث يفيد إثبات صفة الأصابع لله تعالى» وهي من الصفات التي دل عليها
الخبر وثبتت لله تعالى فى أكثر من حديث.
(*) ديوان ابن الفارض: صخ "ا البيتان: 585لاء 55ل. يشير ابن الفارض بقوله:
«ولا ولا» إلى الحديث الذي رواه الإمام أحمد 54١/50( رقم 4 عن أبي
الدرداء وه عن النبي يل قال: «خلق الله آدم حين خلقهء فضرب كتفه اليُمنى»
فأخرج ذرية بيضاء كأنهم الذرء وضرب كتفه اليسرى فأخرج ذرية سوداء كأنهم
الْحَمّمء فقال للذي في يمينه: إلى الجنة ولا أبالي» وقال للذي في كتفه اليسرى
إلى النار ولا أبالي». ينظر شرح التائية» للقيصري: ص١277 ومنتهى المدارك:
-717.
> وحدة الأديان في عقائد الصوفية
ةا مس سسسسسس سس سس لش 197077
ويرى ابن عربي أن الذين وقعوا في المعاصي والشرك ونحوه ؛ إلا
خيار لهم في ذلك مطلقا لأنهم واقعون تحت تنازع الأسماء الإلهية فيما
بينها ؛ فالعبد قد ينادى من اسم إلهي فإن أطاع سمي مطيعًاء وإن أبى
سمي شقيّاء وعدم إجابته لا ترجع إليه هو نفسه ؛ «فهو مقهور دائمًا؛
ولكن لما كانت تحت اسم إلهي آخر ؛ لم يتركه ذلك الاسم أن يجيب
من ناداهء فالتنازع واقع بين الأسماء الإلهية وهم أكفاء»ء والحكم
لصاحب اليد» وهو الاسم الذي هو في يده في وقت نداء الاسم الآخر
فلهذا كان أقوى للحال)20. ف«الأسماء الإلهية التي منها نشأ النزاع في
العالم» ومن أجلها وضع الميزان الشرعي في الدنياء والميزان الأصلى
في الآخرة» فإن المعز والمذل خصم.ء والضار والنافع خصم.ء
استعداد المحل فيحكم له يحسب استعداده فيجعله في حزب أحد
الاسمين المتقابلين المتنازعين .. وأنت لا أثر لمثهيئتك»”". «كفاعل
الفعل المسمى ذنبًا ومعصية يتوجه عليه الاسم العفو والغفار والمنتقم
والمعاقب» فلا بد أن ينفذ فيه أحد أحكام هذه الأسماء ؛ إذ لا يصح
أن ينفذ فيه الجميع في وقت واحد ؛ لأن المحل لا يقبله ؛ للتقابل
الذي بين هذه الأحكام. فقد ظهر قهر بعض الأسماء في الحكم
لبعض» والحضرة الإلهية واحدة ؛ فإذا علمت هذا هان عليك أن تنسب
الأفعال كلها لله)”".
.087 /7” الفتوحات المكية: )١(
.91/# (؟) المصدر السابق:
29/5 المضدز السايق )6(
ومحدة الأديان في عقائد الصوفية [| >
وما قرره ابن عربي أكده أحمد خاني الصوفي الكردي المشهور'''.
حيث يؤكد أن الكفار والعصاة مرايا تعكس بعض أسماء الله فلولا
الكافر ما كان قهارًا متجبرّاء ولولا العاصي المذنب؛ لما كان الله
غفارًا»: أو بالحكس: ويماآن الاسمية- مثل شائر الأسشماء الحسيئ
أزليان» فالله قد قدر على البشر منذ الأزل» وقبل خلقهم بدهور أن
يكونوا كفارًا وعصاة.
يقول أحمد خاني: «إن كل ما أردته لناء لم نضف إليه مثقال ذرة
واحدة. حاشا لكمال رأفتك» وجلالك ورحمتك؛ أن تجعل كفرنا
ومعاصينا ذريعة لعقابناء وأنت الإله الملك حاشا أن يليق بك هذا النوع
من الجزاء والمكافأة على أعمال العباد المقدرة عليهم. سواء عندك
الكفر والإيمان» النعيم والنيران. إن أظهرت غضبك علينا سيتحول
النعيم إلى جحيم. وإن أفضت علينا سحائب رحمتك فإن الجحيم
سينقلب إلى نعيم. وإننا وإن كنا كفارًا وعصاة؛ نأمل جميعاً في رحمتك
ومغفرتك. لا يوجد أحد من الكفار والعصاة» لا يكون مظهرًا للصفات.
أصبحنا كفارًا بقرينة اسم الله القهار. والغفار هو الذي جعلنا عصاة. إذا
لم تشأيا رب أن تتجاوز عن كفرناء ولم تغفر لنا ذنوبنا؛ فإن الشياطين
ستبتهج وصفوة القول: أدخل هذا الشيطان المتمرد إلى النار وحيدًا
فردًا. أما نحن خواصنا وعوامناء عاصينا وشقينا ومذنبناء خصنا جميعًا
)١( شاعر صوفي كرديء ولد سنة (51١1ه) في قرية «با يزيد» في العراق. لأسرة
فقيرة. اشتهر بملحمته «ميم وزين» التى تحتل مكانة عالية فى الأدب الكردي»
خصوصاً عند الصوفية. كانت وفاته سنة (19١1ه) تقريباً. ينظر: أحمد خاني شاعرًا
ومفكرًا وفيلسوفًا ومتصوقاء 2 عر الدين مصطفى رسول: ص/7١17-7.
2« وحدة الأديان في عقائد الصوفية
شفاعتك . وأنقذنا جميعًا من النا )230
ويحمل ابن عربي الضلال على الحيرة في ذات الله والتى تعتبر
من أعلى مقامات التوحيد عند القوه”". حرو ان م د الله
تعالى في الصور المختلفة والمتكثرة ظاهرًا ؛ لبلمهم أن الامر وحدة لا
كثرة فيها بحال من الأحوال. فمن هذا الباب سموا ضلالًا . ويقابلهم
المضلون الذين يبينون للناس طريق الحيرة في الله - كما يقول ابن
عربي - من خلال حث هؤلاء الضالين على الإطلاق وعدم حصر الرب
في صورة واحدة بعينها.
يقول ابن عربي: «ومنهم: الضالون. وهم التائهون الحائرون في
جلال الله وعظمتهء كلما أرادا أن يسكنوا فتح لهم من العلم به ما
حيرهم وأقلقهم؛ فلا يزالون حيارى لا ينضبط لهم منه ما يسكنون عنده
بل عقولهم حائرة» فهؤلاء هم الضالون الذين حيرهم التجلي في الصور
المختلفة. ومنهم: المضلونء قال تعالى: «إوكا كُتُ مُتَحِدَ الْمْضِاْنَ
عضا [الكهف: »]10١ وهو في الاعتبار الذين أظهروا لامي من
المتعلمين طريق الحيرة في الله والعجز عن معرفته وأنه: «بيرق ملْكوتٌ
كل شَىء # [المؤمنون: 84]» مع كونه خاطب عباده بالعمل وهو العامل
بهم لا همء فلما نبهوا الناس على ما يقتضيه جلال الله من الإطلاق
وعدم التقييد كانوا مضلين أي محيرين من أجل ما حيروا الخلق في
جلال اللهء فقال تعالى: «إومًا جَعَلَتْهُمْ» الأنبيّاء: 4] محيرين: ين
)١( ملحمة ميم وزين» أحمد خاني: ص/8-7". وينظر ص75 من نفس الكتاب.
(0) ينظر ما سبق تقريره عن هذه النقطة فى حقيقة التوحيد عند الصوفية فى المبحث
الثاني من الفصل الخامس.
وحدة الأديان في عقائد الصوفية 42
لذت 1ت اذ د ل
469 [الكهف: ١ يعتضل بهم في تحييرهمء بل أنا محيرهم على
الحقيقة لا هم مع كونهم لهم أجر ما قصدوه. والذليل على اتن
محيرهم لا هم ولا اتخذتهم عضدًا أن من الناس من يقبل منهم ومن
الناس من لا يقبل» ولو كان الأمر بأيديهم لآثروا في الكل القبول»
فلما كان الأمر بيدي لا بأيديهم جعلت القبول في البعض دون البعض»
فقبلوا الحيرة في فأنا كنت محيرهم لا هم». فعلى هذا يعتبر قوله: «وما
كت مَتَّحِدَ الْمَضِيّنَ عَضْدًا © [الكهف: ]0١ بل لتأجرهم على ذلك)”2.
ومنطق ابن عربي وغيره من المتصوفة في هذه المسألة منطق معوج
لا يستقيم مع العقل واللغة» فضلا عن مخالفته لنصوص الشرعء إذ من
المعلوم أن الهدى والضلال ضدان لا يجتمعان» لكن عند ابن عربي
يكون المضلون هم دعاة إلى الهدى. وهذا قول ظاهر فساده. والضلال
لا يأتي إلا في مقام الذم مطلقاء فكيف يكون طريقًا إلى الله وكيف
يتساوى الهدى والضلالء» والمهتدون والضالون؟ والذي لم يستوعبه
ابن عربي وغيره من غلاة الصوفية أن الهداية في حق المكلفين على
20
1 0
المرتبة الأولى هى : هداية الإرشاد والبيان للمكلفين» وهذه الهداية
إما لعدم كمال التسبب» أو لوجود مانع» ولهذا قال تعالى: #2وام تَمُودٌ
دهم تك لْعَىَ عَلَ المُدَئ» [فصَلّت: »]1١7 وقال تعالى: #«#َومًا
- مو ل . . 5 00 2 4 006 6
كات أنَهُ لِضِلٌ هَرْمًا بَعَدَ إذ هَدَهِمٌْ حَيّ بيت هر نا يتَقَورتَ»#
)0غ( الفتوحات المكية: 5"
»)0 ينظر شفاء العليل» لابن القيم : 5755-١
40 وحدة الأديان في عقائد الصوفية
[التَوبّة: »]1١6 فهداهم هدى البيان والدلالة» وأراهم الطريق المستقيمء
وأقام لهم أسباب الهداية ظاهرًا وباطئّاء ولم يحل بينهم وبين تلك
الأسباب» ولم يمنعهم من الهدى. ولم يحل بينهم وبينه» فلم يهتدوا
فأضلهم» ومنع عنهم توفيقه عقوبة لهم على ترك الاهتداء أولاً بعد أن
عرفوا الهدى فاعرضوا عنه. فأعماهم بعد أن أراهموه.
المرتبة الثانية من مراتب الهداية: هداية التوفيق والإلهام. وهذه
الهداية منة من الله على من شاء له الهداية من عباده» وهي تستلزم
أفوية :
أحدهما: فعل الرب تعالى وهو الهدى.
والثاني: فعل العبد وهو الاهتداء. وهو أثر فعله سبحانه فهو
الهادي؛ والعبد المهتدي» قال تعالى: من يَبَدِ أنه هو المهئد»
[الكهف: 1]» ولا سبيل إلى وجود المؤثر إلا بمؤثره التام» فإن لم
ا و ل د ولهذا قال تعاثى: «#إن خرص عَلّ
هديهم 0 أله ين يضِلٌ © [التحل: وهذا صريح في أن هذا
الهدى ليس إليه كه ولو حرص عليه» ولا إلى أحد غير الله» وأنه -
سبحانه - إذا أضل عبدًا لم يكن لأحد سبيل إلى هدايته» قال تعالى:
#ومن يضَللٍ أنَّهُ قلا هادى 4 [الأعرّاف: 145].
فالهداية والإضلال فعل الله سبحانه وقدره» قال تعالى: «لوثَالُوا
حَمْدُ يِه الَذِى هَدَنْنًا لِهنذًا وما كا لِبَبَرِىَ لَزْلَا أَنْ هَدَنَا م [الأعرّاف: 48].
فالله تعالى هو الذي أوجد الهداية فيما أوحاه إلى أنبيائه 00 0
من شاء له الهداية» ومنع الهداية عمَّن أعرض واستكبر عن
وحرمهم توفيقه للخيرء كما قال تعالى: 8م بُْيِلٍ أنه ك2 6 7
محدة الأديان في عقائد الصوفية
سد -
ويذرهم ف طَعْيهِمٌ عرد ((0) * [الأعرّاف: ك4ا]ا» والعبد هو الضال
المهتدي» والاهتداء والضلال فعل العبد واختياره''2. قال تعالى: «مَّمَن
تدك فَإِنَّمَا يبْتَدى لتَفْسِوء ومن صَلَّ فَِنَمَا يَضِلّ عَليها؟> ايوس : 21٠١8 وقال:
«إَّ أبن يَصِلْنَ عن سبل لَه لَهُمَ عَدَابُ سَدِبدٌ بِمَا سوا بم لساب )4
[صضن: .]5١
ثم إن أسماء الله تعالى توقيفية «جاءت في الكتاب والسنة» وهي
يه 5 (0) اء ا ءِ
الأسماء. لذا لم يسم الله نفسه بالمضل والخادعء ولا الماكرء ونحوها
قوله: «يحرعون الله وهو حَدرِعَهُمْ 4 [النّسَاء: ؟14] وهى من هذا الوجه
صفة كمال فى حق الله .
يقول ابن القيم كنه: «إن الله لم يصف نفسه بالكيد والمكر
والخداع والاستهزاء مطلقّاء ولا ذلك داخل في أمثمائه الحسنى» ومن
تعالى الماكر المخادع المستهزيء الكائد فقد فاه بأمر عظيم تقشعر منه
الجلود وتكاد الأسماع تصم عند سماعهء وغر هذا الجاهل أنه-
سبحانه وتعالى- أطلق على نفسه هذه الأفعال فاشتق له منها أسماءء
وأسماؤه تعالى كلها حسنى فأدخلها في الأسماء الحسنى وقرنها
بالرحيم الودود الحكيم الكريم» وهذا جهل عظيم فإن هذه الأفعال
.559/١ ينظر شفاء العليل» لابن القيم: )١(
6 شرح العقيدة الأصفهانية : ص 20
> وحدة الأديان في عقائد الصوفية
يجوز إطلاق أفعالها على الله تعالى مطلقاء فلا يقال إنه تعالى يمكر
ويخادع ويستهزيء ويكيدء فكذلك بطريق الأولى لا يشتق له منها
أسماء يسمى بها بل إذا كان لم يأت في أسمائه الحسنى المريد
والمتكلم ولا الفاعل ولا الصانع لأن مسمياتها تنقسم إلى ممدوح
ومذموم وإنما يوصف بالأنواع المحمودة منها كالحليم والحكيم والعزيز
والفعال لما يريد» فكيف يكون منها الماكر والمخادع والمستهزيء» ثم
يلزم هذا الغالط أن يجعل من أسمائه الحسنى الداعي والآتي والجائي
والذاهب والقادم والرائد والناسي والقاسم والساخط والغضبان واللاعن
إلى أضعاف أضعاف ذلك من التي أطلق تعالى على نفسه أفعالها في
القرآن» وهذا لا يقوله مسلم ولا عاقل» والمقصود أن الله عاك
وتعالى لم يصف نفسه بالكيد والمكر والخداع إلا على وجه الجزاء
لمن فعل ذلك بغير حق» وقد علم أن المجازاة على ذلك حسنة من
الفخلوق: فكيف من الخالق سبحانة وتعات 769 ,
المسألة الرابعة - حقيقة وجود الشر عند الصوفية :
المسألة الرابعة التي لها أثر على الصوفية في قولهم بوحدة الأديان
من منطلق إيمانهم بالجبر هو فيما يتعلق بحقيقة وجود الشر عند
الصوفية؛ حيث يعتبر الصوفية- الغلاة منهم على وجه الخصوص- أن
الذي يعتقد أن الله هو مصدر الخير والإيمان والنعيم» دون الشر والكفر
والشقاء» فهو ملحد مجوسيء واعتقاده هذا هو عين الشرك والإلحاد.
لأنه اعتقد بوجود ذاتين منفصلتين ذات للخيرء وذات للشر. والأمر كله
وحدة لا كثرة فيها. وهذه الوحدة أو الوجود الواحدء هو خير كله
)١( مختصر الصواعق المرسلة. لابن القيم: ؟/5915-191.
عاك ولت و كوسات اد
لمرو ته جا موا
وحدة الأديان في عقائب الصوفية 42>
والشر لا وجود له مطلقًا سواء كان شرًا محضّاء أو شرًا إضافيًا ؛ فكل
ما في الوجود خيرء وما يظنه الناس شرًا فهو بحسب تخيلاتهمء
وإدراكاتهم القاصرة. وعلى ذلك يكون «الله» هو الخير المطلق الذي لا
سكن أن يصدوعنه الثين
يقول ابن عربي: «ما عصى وخالف الأمر واحد من هذه الجملة
المعبر عنها بالإنسان»”'': ويقول: «ليس فى الوجود باطل أصلًا وإنما
الوجود حق كله» والباطل إشارة إلى العدم إذا حققته0".
وحقيقة الشرك عند غلاة الصوفية ليس المراد منها ما هو معلوم
بالضرورة عند المسلمين» بل الشرك- والذي هو خير بالمنظار الصوفي
هو مشاركة الله في الوجود؛ ولذا أمر الله به - مع أنه عند أهل الظاهر
- إلا أن حقيقته خير فبه يعرف الله نفسه؛ فالله تعالى هو الذي أقر
الشرك وسنه وأمر به؛ لأن الوجود له تعالى وحده؛ فلما تجلى للأعيان
فأخرجها من الوجود الذهني إلى العيني» جعلها شريكة له في الوجودء
وهذا هو عين الشرك ؛ فبالتالي لا يلام من أشرك ؛ لأنه اتبع سنة الله
وأمره.: يقول ابن عربي: «لو أراد التوحيد ما أوجد العالم» وهو يعلم
أنه إذا أوجده أشرك بهء ثم أمره بتوحيده فما عاد عليه إلا فعله. فقد
كان ولا شيء معه يتصف بالوجود. فهو أول من سنّ الشرك لأنه أشرك
معه العالم في الوجود. فما فتح العالم عينهء ولا أبصر نفسه إلا شريكا
في الوجود»”".
)00 00 المكية: 015/7.
»2 0 المكية: 7 03
> وحدة الأديان في عقائد الصوفية
سه مم د
والله سبحانه لا يفعل إلا الخيرء وأما الشر فإنه تعالى منزه عن
نسبته إليه» بل كل ما نسب إليه فهو خير ؛ كما دل عليه قوله كك في
دعاء الاستفتاح : «لبيك وسعديك» والخير في يديك. والشى ليبن
إليك» تباركت وتعاليت»”"2. لأن الشر ليس في فعله تعالى» ولا في
خلقه. وخلقه وفعله وقضاؤه وقدره خير كله. بل يدخل الشر فى
مفعولاته. ومخلوقاته. وأللة'ستبيخانة لا موص يقى من مكلرقات
ومفعولاته» بل إنما يوصف بفعله وخلقه.
وإنما كان الشر شرًا ؛ لانقطاع نسبته إليه تعالى ؛ لأن الشر كله
عدم. فإن سببه لأنه إما أن يكون الجهل وهو عدم العلمء وإما عن
الظلم» وهو عدم العدل.
على أنه مما يجدر التنبيه عليه هو أن الشر المحض - أي : الشر
لذات الشر - لا يدخل في مفعولات الله تعالى ولا مقدوراته ؛ لكمال
عدله سبحانه» وإنما الذي يقع هو ما يمكن تسميته بالشر النسبي الذي
يكون شرًا من وجهء وخيرًا من وجه آخر؛ كالقصاص الذي يقع من
القاتل فهو-شر بالنسبة إلى من وقع به القصاص للأذى الذي يصيبه
منه ؟ إلا أنه خير بالنسبة له من جهة أنه تطهير لذنبه» وخير لغيره من
العباد إذ فيه حياة لهم وحفظ للأرواح والأعراض. وكالمطر الذي يكون
نافعًا لأناس» وضارًا لغيرهم. وهكذا(".
)١( رواه مسلم : كتاب صلاة المسافرين (51) باب الدعاء في صلاة الليل» رقم 1لا
0 والنسائى: كتاب افتتاح الصلاةء الباب )١9( رقم 4940 -1١79/5
١ . من حديث علي بن أبي طالب ذه
00( ينظر شفاء العليل لابن القيم: ؟014-6:09/7.
وحدة الأديان في عقائد الصوفية
ولا يجيء الشر في القرآن الكريم مضافا إلى الله تعالى لا وصمّاء
ولا عاذ ولا سي اسه يوعنه من الوجوة © نبل تعن لذ علن
أحد وجوه د17 :
إما أن يدخل في مفعولاته ومخلوقاته بطريق العموم ؛ كقوله تعالى :
«#ألّهُ حَيْنُ كل شَىْءٍ * [الدُّمَر: 75 فالشر داخل مخلوقاته وفي
مقدوراته.
وقد يحذف فاعل الشرء كقوله تعالى حكاية عن مؤمني الجن: ##وان
1 2 لعلو سد
1 د 3 شر أرِيدَ يمن ف ا ا لم رمم رسَدا )4 [الجِنّ: .]٠١
وقد يسند إلى محله القائم به» كقوله تعالى على لسان الخضر
ل: «أمًا آله مَكَانَنَ لِسَكنَ يَتَمَلُونَ فى الخْر كردت أَنْ أصببَاك
[الكهف: 4ل7].
المسألة الخامسة - الحسن والقبح عند المتصوفة :
أما ما يتعلق بمفهوم الحسن والقبح في الأفعال» وتأثيره فى وحدة
الأديان عند المتصوفة. فالصوفية ترى أن العالم موصوف بالجمال حيث
تكون المخلوقات صور الجمال الإلهي فهي جميلة كلها وليس في
العالم قبح مطلق بل حسن مطلق. ولا يوجد قبيح في الوجود أبدًا؛ لأن
الوجود واحد فبالتالي كل ما يوجد فهو حسن
يقول عبدالكريم الجيلي: «القبيح من العالم كالمليح منه. باعتبار
كونه مجلى من مجالى الجمال الإلهى. لا باعتبار تنوع الجمال» فإن
.مالا/-7م7/١:ىربكلا ينظر مجموع الفتاوى: 8/ 40-944. ومجموعة الرسائل )١(
وشفاء العليل: ؟/ /ا/ا-خ"ال/ا.
> وحدة الأديان في عقائد الصوفية
من الحسن أيضاً إبراز جنس القبيح على قبحه لحفظ مرتبته من الوجودء
كما أن الحسن الإلهي أبرز جنس الحسن على وجه حسنه لحفظ مرتبته
من الوجود. واعلم أن القبح في الأشياء إنما هو للاعتبار لا لنفس ذلك
الشيء فلا يوجد في العالم قبح إلا باعتبار» فارتفع حكم القبح المطلق
من الوجودء فلم يبق إلا الحسن المطلق.. فما في العالم قبيح» فكل
ما خلق الله تعالى فهو مليح بالأ نال والأنه صيون معيو وال
والقبح اعتباري وليس لذات الشيء نفسهء كالكلمة الحسنة مثلاً
تكون قبيحة في بعض الأوقات وهي في ذاتها حسنة» وكالأشياء العفنة
أو المنتنة» والرائحة الكريهة تثبت باعتبار من لا تلائم طبعه وهو
الإنسان وبالعكس هناك حيوانات تحب هذه الرائحة كالخنافس”".
وبحسب تقسيم المتصوفة لصفات الله: فقد رأى الجيلي» ومن بعده
النابلسي أن صفات الجمال وصفات الجلال أسماء حسنى لله وصفات
تنسب إليه وهي حسنة؛ ومن ثم فإن كل قبيح ينسبٌ إلى الحق تعالى
يصير حسنًا جميلاء ويزول قبحه؛ لأن ذلك القبح يعود في حقيقته إلى
الوهم الناتج عن نظر الناظر؛ لا في ذلك الشيء القبيح؛ فكان ذلك من
تجلي اسمه الجليل على قلب ذلك الناظر الذي رأى القبح في بعض
الأشياء. فالقبح في الناظر لا في المنظورء وليس الحسن بأسمى من
القبح» فالأول مظهر لصفات الجمالء والثاني مظهر لصفات الجلال»
والمعصية من العبد كمال» أو هي جلال. يقول الجيلي :
.67 /١ الإنسان الكامل: )١(
.067 /١ (؟) ينظر الإنسان الكامل:
وحدة الأديان في عقائد الصوفية
وكل قبيح إن سس لسك
ولا تحسبن الحسن ينسب وحده
كد كسان اتيت عكنال:
ويرفع مقدار الوضيع جلاله
-
أتتك معاني الحُسن فيه تسارع
إليه البّها والقّبحٌ بالذات راجع
فما ئم تُقصانٌ ولا ثم باشع
إذا لاخ فيه فهو للوضع رافع
فلا تحتجب عنه لشين بصورة
وأطلق عنان الحق في كل ما ترى
يقول النابلسي في شرح الأبيات: «جميع الأشياء مظاهر حضراته
في أنواع تجلياته» وهو مطلق سبحانه وتعالى لا يقيده شيء من ذلك»
ثم حذرك أن تلفظ بغير الجمال في حق الله تعالى ؛ فإن الجلال راجع
إلى الجمال. ثم أخبر أن كل قبيح ينسب إلى الحق تعالى يصير حسنا
جميلاء ويضمحل قبحه ؛ لأن ذلك القبح كان في بصائر المتأملين
وأبصار الناظرين ؛ لا في ذلك الشيء القبيح ؛ فكان ذلك من تجلي
اسمه الجليل على قلب ذلك الناظر الذي رأى القبح في بعض الأشياء.
فالقبح في الناظر لا في المنظور»”".
إلى أن قال: «إن الحسن والقبح ينسبان إلى الحق من جهة تجليه في
حضرات صفاته الجمالية والجلالية وتقرر أن الجميع حسن» وأن القبح
راجع إلى الحسن؛ فأطلق حينئذ عنانك في كل شيء تراه» أي تدركه
بالحواس أو بالعقل ؛ فإن جميع ذلك تجليات من هو صانع» أي تجليات
الإله الذي هو خالق لجميع هذه الأشياء المحسوسة والمعقولة»”".
فخلف حجاب العين للحسن لامع
متلك + ِلّيّات من هو صائة()
.181-1١ا/5 قصيدة النادرات العينية للجيلى: ص5لا-لالاء الأبيات )١(
.أ7١ق (؟) المعارف الغيبية شرح القصيدة العينية» للنابلسي (مخطوط):
.)55-بأ7١ق المصدر السابق: )”(
2« وحدة الأديان في عقائد الصوفية
وكل ما يقع في القرآن من ذم للكافرين» والظالمين واستحقاقهم
لعذاب الله جزاء كفرهم وظلمهم وطغيانهم» ونتيجة لقبيح أفعالهم من
تكذيب الرسل عليهم السلام» ومعاداة أولياء الله ومحاربتهم. ونحو
ذلك» هو عند المتصوفة من الحسن والجمال» ويصبح الكفر الذي هو
معلوم قبحه بالضرورة- إنثلاماً عنلهم» لقي على اناب إنماناء
والعذاب عذوبة.
يقول ابن عربي : «ومنهم الكافرون : وهم الساترون. مقامهم مثل
الملامية» والكفار» والزراعون؛ لأنهم يسترون البذر في الأرض. وذلك
أن أهل الأنس والجمال والرحمة إذا نظروا في القرآن وفي الأشياء كلها ؛
ف تم ديع الااعلن سن وجمال ل على غير ذلفب كان "ذلك نما كانه
وإذا قرؤوا القرآن؛ لم يقم لهم من صور الممقوتين إلا ما تتضمنه من
مصارف الحسنء» فعلى ذلك تقع أعينهم» وذلك يشهدهم الحق من تلك
التي وصف الله بها من مقته من عباده؛ لقيام تلك الصفة به على حد
مطلقهاء فيأخذون من كل صفة ما يليق بهم في طريقهم» فيصرفون ذلك
إليهم بالونجه الأحسن, فيتنعمون بما هو عذاب عند غيرهم والصورة
واحدة» والمتصور مختلف منها لاختلاف الناظرين» فلكل منظر عين
تخصه. فالكافر من ختم الله على قلبه وسمعه وجعل على بصره غشاوة.
والكافر من الأولياء من كان ختم الحق على قلبه لأنه اتخذه بيته فقال: «
وسعني أرضي ولا سمائي ووسعني قلب عبدي""''. والله غيور فلا يريد
)١( سبق تخريجه: ص 577. وأضيف هنا : قال المناوي في فيض القدير (4947/5» عند
الحديث رقم ه/3:: «لا أصل له». وقال الألباني في السلسلة الضعيفة (حديث رقم
25 ط(لا أصل له وإنما هو من الإسرائيليات». وقال الهيتمي في الفتاوى الحديثية
(ص )19٠ ما معناه: إن اعتقاد ظاهر هذا الحديث من الاتحاد والحلول كفر.
وحدة الأديان في عقائد الصوفية 22
أن يزاحمه أحد من خلقه فيه كما ختم الحرم فلم يحل لأحد قتل صيده
ولا قطع شجرة» فإن الله لا ينظر إلا إلى قلب العبدء فلما ختم الله
على انج اهيدا العبد لم يدخل هي :قليه سيوعياريه م2 عل عي و 4
[الجَائيّة: 3] فلا يصغي إلى كلام أحد إلا إلى كلام ربه: مُمْ عَنٍِ اللغو
مُعْرضُوَ 40 [المؤمنون: *] وعلى بصره غشاوة وهي غطاء العناية» فلا
ينظرون إلى شيء إلا ولهم فيه آية تدل على الله» فكان هذا الحفظ
تحول بين أعينهم وبين النظر من غير دلالة ولا اعتبار وحالت بينهم
وبين مالا ينبغي أن ينظر إليه» فهي غشاوة محمودة» ولهم عذاب من
العذوب عظيم يعني : عظيم القدر)”".
وابن عربي يرى أن التفرقة بين الأشياء باعتبار المدح والذم تفرقة
غير حقيقية حتى ولو أتى بها الشرع ؛ لأن الوجود واحد. والموجودات
في ذاتها لا توصف بأنها محمودة أو مذمومةء كما أن الأفعال لا
توصف بأنها حسنة أو قبيحة ؛ فكل موجود مجلى من مجالي الحق
تعالى يظهر فيه الحق تعالى سواء كان هذا المحل محمودًا فيما يعتقده
الناس أو كان مذمومًا. فالحق هو الظاهر بكل صورة مهما تنوعت هذه
الصور وتعددت أشكالها.
يقول ابن عربي : «ألا ترى الحق يظهر بصفات المحدثات» وأخبر
بذلك عن نفسه» وبصفات النقص وبصفات الذم؟ ألا ترى المخلوق
يظهر بصفات الحق من أولها إلى آخرها وكلها حق له كما هي صفات
المحدثات حق للحق الحمد لله [المَاتَحَة: 7]» فرجعت إليه
عواقب الثناء من كل حامد ومحمود: طوَإلِ بح الأَتذ كُلْهُ4 [قرد:
)21( الفتوحات المكية. أبن عربى : ا
> وحدة الأديان في عقائد الصوفية
فعمٌ ما م وحَمِد؛ وما تَمّ إلا محمود ومذموم)""©
ويؤكد الجيلي أن أفعال العباد كلها حسنة» ولا يوجد فيها قبيح
على الإطلاق لأنها أفعال الله تعالى على الحقية» فمن ثم لا يقبح أي
فعل ما دام فاعلها هو الله.
يقول الجيلي : «اسمه الغفور من أشماء غتننات: اللأفعال + وصفته
المغفرة» وهي عبارة عن تجل إلهي يظهر فيه الجمال المطلق من غير
تقييد ؛ فينكشف عند ذلك أنه تعالى هو الفاعل لأفعال العبادء وأن
أفعالهم كلها كانت مليحة ؛ لأنها أفعاله. وأن لا نؤاخذه عليهم في
ذلك لأنه الفاعل» وإلى هذا العبنن أشار تعالى بقوله : «إمًا بن مَأ ِل
هو َال يا َ وَقَ عَلَ صرَطظٍِ مُسْتَقِ 46 شود فو ]يكن أله
أنه الفاعل بهم. ثم بيِّن ثانيا أن أتعالي كلها حسة» لأنه الاعز
بناصيتهم على صراط 7
وقول ابن عربي والجيلي وغيرهما من المتصوفةٌ أن الأفعال كلها
حسنة» لا قبح فيها بوجه من الوجوه قول باطل يخالف النقل والعقل
والفطرة» إذ إن الأفعال ثابت قبحها بالعقل وبالحس ؛ إلا أنه لا ثواب
ولا عقاب على فاعلها إلا بعد قيام الحجة. وهذا هو القول الذي
يوافق النصوص.
قال ابن القيم: «الحق الذي لا يجد التناقض إليه السبيل : أن
الأفعال في نفسها حسنة وقبيحة» كما أنها نافعة وضارة ؛ لكن لا
)000( فصوص الحكم: ص١8-١1ق.
() الكمالات الإلهية في الصفات المحمدية: ص5 7؟7١.
وحدة الأديان في عقائد الصوفية
يترتب عليها ثواب ولا عقاب إلا بالأمر والنهي. وقبل ورود الأمر
والنهي لا يكون قبِيحًا موجبًا للعقاب مع قبحه في نفسهء والله لا يعاقب
علية إلا يعد إنسال الرسل» فالسجود للشيطان والأوثان والكذب والزنا
والظلم والفواحش؛ كلها قبيحة في ذاتهاء والعقاب عليها مشروط
بالشرم” ,
ويرد ابن القيم على نفاة التحسين والتقبيح فيقول : (إن هذا
المذهب - بعد تصوره وتصور لوازمه - يجزم العقل ببطلانه» وقد دل
القرآن على فساده في غير موضع» والفطرة أيضا وصريح العقل : فإن
الله سبحانه فطر عباده على استحسان الصدق والعدل والعفة والإحسان
ومقابلة النعم بالشكر. وَفَطَرّهم على استقباح أضدادهاء ونسبة هذا إلى
فطرهم وعقولهم كنسبة الحلو والحامض إلى أذواقهم. وكتسبة نزائيحة
المسك ورائحة النتن إلى مشامهم؛ وكنسبة الصوت اللذيذ وضده إلى
أسماعهم. وكذلك كن ما يدركونه بمشاعرههم؛ الظاهرة والباطنة ؛
فيفرقون بين طيبه وخبيثه» ونافعه وضاره)”".
المشألة السادسة - الثواب والعقاب في ضوء الجبر :
الحكم على أفعال المكلفين متعلقه الإرادة الكونية عند الصوفية»
وليس الإرادة الشرعية» فالصوفية ينظرون إلى الإرادة الكونية دون
الإرادة الشرعية في الحكم على أفعال المكلفين ؛ فأفعال جميع العباد
من مؤمنين ومشركين متفقة مع الأمر التكويني» ومن ثم فلا فرق بين
الطاعة والمعصية» أو الخير والشر .. ولا مبرر للثواب والعقاب؛ ما
.57١/١ مدارج السالكين: )١(
.580/١ (؟) مدارج السالكين:
«١ وحدة الأديان في عقائد الصوفية
دام الإيمان والكفر بأمر الله ومشيئته» والناس في هذا الأمر - المؤمن
منهم والكافر - مطيعون لله سبحانه فيما أمر وقضى. وتصبح الطاعات
والمعاصي غير ذات دلالة في الشرع.
يقول الجيلي: «لقد أطاعه العاصي بعصيانه» وذكره الناسي
بنسيانه» وشكره الجاحد له بكفره وجحدانه»”'. ويقول: «الشكور هو
الذي يثني على عباده بأعمالهم ؛ حتى تكون جميع أعمالهم حسئاء
تنبيهًا بذلك على كونهم مؤدين بذلك حق العبودية ؛ لأنهم فاعلون ما
أراده منهم على كل حال ؛ سواء كان ذلك مسعدًا لهم بموافقته لأمره
أو مستيقنًا مخالفته للأمر. وهذه نهاية العبودية ؛ لأن العبد لم يخرجه
عن مراد سيده في وقت من الأوقات فقد أدى ما عليه من حق
العبودية ؛ لأن ذلك هو المطلوب منه)”".
والخلاف بين الثواب والعقاب عند هؤلاء المتصوفة هو في قرب
وبعد الطريق الموصلة إلى الله والجميع مُتَعّمون*لكن يتفاوت هذا
النعيم بحسب درجة القرب الإلهي. ويتعذبون بالبعد إلى أن يحظوا
بالقرب من الله. فلا عقاب ولا ثواب بالمعنى الشرعي الذي أتت به
النصوصء وبيّنه الشارع.
يقول الجيلي: «وكل من هو بخلافهم- أي المسلمون- من سائر
الأمم بعد نبوة محمد يل وبعئه بالرسالة كائئًا من كان فإنه ضال شقي
معذب بالنار» كما أخبر الله تعالى» فلا يرجعون إلى الرحمة إلا بعد
أبد الآبدين» لسر سبق الرحمة الغضبء وإلا فهم مغضبونء لأن
)١( نسيم السحر للجيلي: ص”05-807.
() الكمالات الإلهية في الصفات المحمدية: ص0؟7١-175.,
وحدة الأديان في عقائد الصوفية 22>
الطريق التي دعاهم الله إلى نفسه بها طريق الشقاوة والغضبء والألم
والتعب» فكلهم هلكىء قال الله تعالى: «وَمن يَبَيَْ عَيْرٌ الْإِسْلَ دِينًا كن
ِقَبَلَ مِنْهُ وهو في الْآيخْرَةَ مِنَ الْحَيِرنَ(2)» آل عِمرّان: »]4٠ وأي خسارة
أعظم من فوت السعادة المنزلة لصاحبها في درجة القرب الإلهي
فكونهم نودوا من بعد هو خسارتهم وهو عين الشقاوة والعذاب
الأليبع”"".
قوق اقرف انتانى وا ون 1ه لختقة نذا اميه 11
صر مُسْتَقَم 469 [مُود: 53].. فكل من أخذ الله بناصيته من الدواب
على الصراط المستقيم بنواصيهم ؛ كانوا على صراط مستقيم ؛ لأن
محجتهم موصلة لهم إلى السعادة... وإنما سعادتهم وشقاوتهم باعتبار
الطريق وتفاوته في القرب والبعد ؛ فمن نودي من قريب كان سعيدًاء
ومن نودي من بعيد كان شقيّاء وبعد الوصول فالكل سعداء سعادة أبدية
إلهية من غير شقاوة ؛ لأنهم عبدوا الله تعالى كما يجب أن يعبدوه ؛
فجزاؤهم السعادة المحض؛ لعدم المخالفة على الحقيقة)»”".
ا
وعتد قول الله تعالى: ##وَشُوقٌ الْمُجْرمِينَ إل جه وردان [مَريم: حم]ء
يقول ابن عربي: «فنسوق المجرمين» وهم الذين استحقوا المقام الذي
ساقهم إليه بريح الدبور التي أهلكهم عن نفوسهم بهاء فهو يأخذ
بنواصيهم» والريح تسوقهم - وهو عين الأهواء التي كانوا عليها- إلى
جهنم - وهي البعد الذي كانوا يتوهمونه» فلما ساقهم إلى ذلك
الموطن حصلوا في عين القربء فزال البعد. فزال مسمى جهنم في
31/7 : الإنسان الكامل )١(
.١67/ الكمالات الإلهية في الصفات المحمدية: ص )(
> وحدة الأديان في عقاكد الصوفية
حقهم ففازوا بنعيم القرب من جهة الاستحقاق؛ لأنهم مجرمونء فما
أعطاهم هذا المقام الذوقي اللذيذ من جهة المنة» وإنما أخذوه بما
استحقته حقائقهم من أعمالهم التي كانوا عليهاء وكانوا في السعي في
أعمالهم على صراط الرب المستقيم ؛ لأن نواصيهم كانت بيد من له
هذه الصفة. فما مشوا بنفوسهم. وإنما مشوا بحكم الجبر إلى أن وصلوا
إلى عين القرب2"'".
ويذكر النابلسي فيما يزعم أنه مخاطبة بينه وبين الله تعالى: «يا
عبدي النار ناران: نار البعد عني والطرد من حضرتي» وهي النار على
الحقيقة عند أهل معرفتي» وهي النار التي أدخلت فيها أهل الجهل بي»
وخلدتهم إلى الأبدء فهم فيها من الأزل إلى الأبد. ونار جهنم وقد
أدخلت فيها من زعم أنه يعبد غيري» وسترني عنه بما قدرت من مقادير
ادي .
وكما مضى معنا - فيما يرى الصوفية الاتحادية* أن ما يطلق عليه
هدى في الدنيا هو من تجليات الاسم الهادي» وما يطلق عليه ضلال
هو من تجليات الاسم المضل» فكذلك الثواب والنعيم والجنة في
الآخرة هي من تجليات الاسم الهادي» والعقاب والعذاب وجهنم هي
من تجليات الاسم المضلء» والجميع في خير وسعادة» فأهل الجنة
اتباع الاسم الهادي. وأهل النار هم اتباع الاسم المضل» والكل ذات
الله» كما تقوله الصوفية.
2159/9 وينظر الفتوحات المكية: ؟205917-597/19 .٠١8-١١7 الفصوص: ص )١(
.:001/
(؟) مناجاة الحكيم ومناغاة القديم» للنابلسي (مخطوط): ق“اب-5أ.
وحدة الأديان في عقائد الصوفية
يقول التلمساني: «قد بلغ الاسم الغفور بهم إلى ألا يبقى في قلب
الحديث النبوي''". وأما من خلا قلبه بالكلية فهم أهل النار الذين هم
أهلهاء وهم بعد العذاب أشد الناس نعيمًا يوم تغمرهم الرحمة فإن
أطوارها مظاهر للنعيم الذي لا يعرفه أهل الجنة» لكن أهل الجنة لو
عرض عليهم لكان عذابًا في حقهم؛ فلذلك اختص به هؤلاء. وأصل
هذه المسألة الذي يرجع إليه أن نعيم اتباع الاسم الهادي ضد نعيم
اتباع الاسم المضلء وإذا كان المنعم من حيث الذات واحدّاء
والحقائق كلها لا تتبدل» فلا جرم تتباين مداركهم في ملاقاة الملائم
الذي هو النعيم»؛ حتى يكون الذي ليس في قلبه حبة خردل من الخير
في نعيم مساو لنعيم الذي قد حمل الخير كله في قلبه»”".
والنصوص الواردة في الجنة وفضلها ونعيمها. وفي النار وجحيمها
كثيرة جداء وقد سبق إيراد بعضها فيما سبق”".
والله سبحانه وتعالى قد رتب حصول الثواب والعقاب فى الآخرة
غلن,الأعمال ترتيت الجراء عل «الشترطه والغلة عنلئى المغلول»
)١( يشير إلى حديث أبي سعيد الخدري عند البخاري: كتاب الرقاق )0١1( باب صفة
الجنة والنار» رقم (650) وفيه: «إذا دخل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار»
يقول الله: من كان في قلبه مثقال حبة من خردل من إيمان فأخرجوه» فيخرجون قد
امتّحِسُوا وعادوا حممًا..» الحديث.
(؟) شرح أسماء الله الحسنى» للتلمساني (مخطوط): 7اب. وينظر المخطوط نفسه:
ق#4ب- وب
(9) يراجع فصل المحبة الإلهية.
ُ وحدة الأديان في عقائد الصوفية
د لمعصعصعصعصعصعصعصعصعصعصعصمصعصعصعصصصسصمصمسصسْاسسسسس 1
والمسبب على السبب» فقال سبحانه وتعالى: #إن جَنَنبُوَاْ كَبَايرٌ مَا
و .2 ساس
عله لكذذ ع يا ولاينص فدعلا إبكا(40 لاد
١ماء وقال تعالى: ليس بَِمَِنِيَكُمَ وَل أَمَايّ مَل الحكن من كل
َه وَلِنًا وَل تَصِيرا 07 4 [النْسَاء : «17].
ََ
1 م
“ا جر به ولا جد لم عن 3
والآيات فى هذا الباب كثيرة.
5 8 5 85
وحدة الأديان في عقائد الصوفية >
7 ر_,
المببحث الثالث
ألم ا
حكم القول بالجبر
يعتبر القول بالجبر من البدع المحدثة في دين المشلمية:
والمعروف شرعًا هو لفظ: القضاء والقدر.
والقضاء في اللغة هو: الحكم. ومنه قوله تعالى: ظدَأقْضٍ مآ أت
قاض #6 ذظه: ؟/ا]ء أى: اصنع واحكم. ولذا سمي القاضي قاضبًا لأنه
يحكم الأحكام وينفذها. وسميت المنيةٌ قضاءً؛ لأنه أمر ينفذ في ابن آدم
وغيره من الخلق”".
أما القدر فهو لغة: مصدر قدر يقدر قدرًا. قال ابن فارس: «القاف
والدال والراء أصل صحيح ؛ يدل على مبلغ الشيء وكنهه ونهايته.
فالقدر: مبلغ كل شيء. يقال: قدره كذاء أي مُبلغه. وكذلك القدر.
وقدرت الشيء أفيره وأقُدُرُه من التقدير. وقدّرثه أقدره. والقّدّر: قضاء
الله تعالى الأشياء على مبالغها ونهاياتها التي أرادها لهاء وهو القَّدَّر
ا
والقضاء والقدر في الاصطلاح هو تقدير الله تعالى مقادير
الخلائق». وما يكون من الأشياء قبل أن تكون في الأزل» وعلمهء
سبحانه؛ أنها ستقع في أوقات معلومة عنده» وعلى صفات
.44/6 ينظر معجم مقاييس اللغة» لابن فارسء» مادة «قضى»: )١(
1 / معجم مقايسس اللغة. لابن فارس» مادة «قدن»): (0
»> وحدة الأديان في عقائد الصوفية
مخصوصة » وكتابته سبحانه لذلك ومشيئته لهء ووقوعها على حسب
ها "فدر.
وقد بدأ الحديث في القدر في أواخر عهد الصحابة» فعن عطاء”"©
قال: أتيت ابن عباس وهو ينزع في زمزم» قد ابتلت أسافل ثيابه.
فقلت: قد تلكم في القدر. فقال: «أو فعلوها؟» فقلت نعم. قال: «فوالله
ما نزلت هذه الآية إلا فيهم: ...وفوا مَسّ سَقَرَ (4)02 [القَمّر: 148 أولئنك
شرار هذه الأمة» لا تعودوا مرضاهمء ولا تصلوا على موتاهمء إن
أريتئي أحدهم فقأت عينيه يإصبعيّ هاتين)””
قال الأوزاعي”*': أول من نطق في القدر رجل من أهل العراق يقال له
سوسنء كان نصرانيا فأسلم ثم تنصرء فأخذ عنه معبد الجهني”* 2 وأخذ
."48/١ ينظر لوامع الأنوار البهية» للسفاريني: )١(
)١( عطاء بن أبي رباح أسلم بن صفوان» من فقهاء التابعين. ولد في جند باليمن سنة
(لاام). وتنكياً بمكة فكان مفتي أهلها ومحدثهم» سمع عائشة وأبا هريرة وابن
عباس وغيرهمء كان آية في الزهد والورع» توفي بمكة سنة (5١١ه) ينظر حلية
الأولياء: "/ ."٠١ وتذكرة الحفاظ: .44/١
(9) شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة: 54/١١لا رقم .)١١57( 877 رقم
(33).» وابن بطة في الإبانة عن شريعة الفرقة الناجية» كتاب القدر: 2١57/7
رقم .)١"١794(
(5) عبد الرحمن بن عمرو بن يُحْمّد الأوزاعي» من الأئمة المجتهدين. كان مولده سنة
(80ه) ببعلبك» وتوفي سنة (97١ه) ببيروت. ينظر طبقات ابن سعد: 548/1.
مشاهير علماء الأمصارء ص١8١ رقم 1570.
(0) معبد بن عبد الله بن عويمر الجهني البصري التابعي. أول من تكلم بالقدر في زمن
الصحابة. خرج مع ابن الأشعث على الحجاجء الذي قتله لاحقًا بعد سنة ثمانين.
ينظر تاريخ البخاري: 7/ 99". سير أعلام النبلاء: 5/ 186.
وحدة الأديان في عقائد الصوفية >
ج-رتتُأحُكأححكحكك070 كح ت0ب-بثاير_117_7 دج | سعد
: 1 1
غيلان7' عن . 1 ا
وقد وقع القول بالجبر ردة فعل للقول بإنكار القدرء قال ابن
قتيبة : «ولما رأى قوم من أهل الإثبات إفراط هؤلاء في القدرء وكثر
بينهم التنازع ؛ حملهم البغض لهمء واللجاج على أن قابلوا غلوهم
بغلوء وعارضوا إفراطهم بإفراط» فقالوا بمذهب جهم في الجبر
المحضء. وجعلوا العبد المأمور المنهي المكلف لا يستطيع من الخير
والشر شيئًا على الحقيقة» ولا يفعل شيئًا على الصحة» وذهبوا إلى أن
كل فعل ينسب إليه فإنما ينسب على المجازء كما يقال في الموات :
مال النحافظ 6 :وإنما :يراك أميل الاك رذعب البردة :وإنما تنه
وكاة التريقين خالظ»: وطق سواء:البحق اتن"
وأنكر الإمام حون كه على أ عمد ين رتجاء**؟ الى قال بالجير
ردًا على القدري الذي نفى القدرء فأراد ابن رجاء أن يثبت صفة القدرة
فقال : إن الله جبر الناس على المعاصي فقالهالإمام أحمد: يجب
على ابن رجاء أن يستغفر ربه لما قال : جبر العباد» فقيل للإمام أحمد:
)١( غيلان بن مسلم الدمشقي» ثاني من تكلم في القدرء استتابه عمر بن عبدالعزيز
فتاب فى عهده من القول بالقدرء ثم عاد إلى مقالته يدعو إليها. فعقد له هشام بن
عبد الملك مناظرة مع الأوزاعي» فأفتى الأوزاعي بقتله. فقتله هشام ابن عبد الملك
وصلبه. ينظر لسان الميزان: 555/5. الأعلام: 175/6.
(؟) رواه ابن بطة فى الإبانة عن شريعة الفرقة الناجية» كتاب القدر: 2798/7 رقم
)١19054( والآجري في الشريعة: 9094/7 رقم (2066) واللالكائي في شرح أصول
اعتقاد أهل السنة والجماعة: 5//ا47» رقم (1794).
2_2 الاختلااف في اللفظط والرد على الجهمية والمشبهة» ابن قتيبة : ص .7١
زني» ومحدة الأديان في عقائد الصوفية
د ججح و زو يب 2ر2 27 2 اسح
فما الجواب في هذه المسألة؟ قال: «إيْضِلُ من يَكَه وَيَهْدِى من يَنَان4
[التحل : مو])237.
وقال كأله: «كلما ابتدع رجل بدعة اتسعوا في جوابها ... يستخفر
ربه الذي رد عليهم بمحدثة») (يقصد الجبري). وأنكر على من رد بشىء
من جنس الكلامء إذا لم يكن له فيها إمام تقده”".
زؤئ الخلؤل”” أن رحد قال للإمام أحمد: إن فلانًا قال: إن الله
جبر العباد على الطاعة» قال: «بئس ما قاله»©).
وعدن تنو م اليو قال: سألت الزبيدي”' والأوزاعى عن
الجبر: فقال الزبيدي: «أمر الله أعظم. وقدزثة أعظم من أن يجب أو
: 0 9 5 . زفق
يعضل ؛ ولكن يقضي ويمدر ويخلق. ويجبل عبذه على ما احبه) '.
وقال الأوزاعي: «ما أعرف للجبر أصلًا من القرآن والسنة فأهاب أن
.)410( السنةء للخلال: "/ 67. رقم )١(
(5) السنةء للخلال: #/007. رقم (483).
20 أبو بكر أحمد بن محمد بن هارون» شيخ الحنابلة. ولد سنة (775ه) فلعله رأى
الإمام أحمد ولكنه أخذ الفقه عن خلق كثير من أصحابه. لم يكن للإمام أحمد قبل
الخلال مذهب مستقلء. حتى تتبع نصوص الإمام أحمد وفتاويه وأجوبته ودونها
توفي سنة (١1"اه) ينظر تاريخ بغداد: .١١7/0 سير أعلام النبلاء: .7917/١54
(5) كتاب السنةء للخلال: / 06٠ رقم (410).
(©) بقية بن الوليد بن صائد الحمصي المحدث الثقة» ولد سنة (١١١ه)ء اتفق الأئمة
على قبول روايته إذا صرح بالتحديث عن الثقات. توفي سنة 1417ه) ينظر الجرح
والتعديل: 7/ 57"5» وتهذيب الكمال: .1١97/5
(0) محمد بن الوليد بن عامر الزبيدي» الإمام الحافظء قاضي حمص. ولد في خلافة
عبد الملك بن مروان؛ وتوفي سنة (54١ه). ينظر سير أعلام النبلاء: 741/5.
(0) السنة للخلال: #/ ممه رقم (؟975).
وحدة الأديان في عقائج الصوفية
1 كك
أقول ذلك؛ ولكن القضاء والقدر والخلق والجبل» فهذا يعرف في
القرآن والحديث عن رسول الله يلا"''. يقول شيخ الإسلام ابن تيمية:
«جواب الأوزاعي أقوم من جواب الزبيدي ؛ لأن الزبيدي نفى الجبرء
والأوزاعي منع إطلاقه ؛ إذ هذا اللفظ قد يحتمل معنى صحيحاء ونفيه
قد يقتضي نفي الحق والباطل) ,"9
والصوفية الأوائل في الجملة : كانوا على مذهب الأشعري في
القدر والاستطاعة» فهذا أبو بكر الكلاباذي المتوفي سنة (٠8اه)
يقول : «اجمعوا (أي المتصوفة) أنهم لا يتنفسون نفسّاء ولا يطرفون
طرفة» ولا يتحركون حركة إلا بقوة يحدثها الله تعالى فيهم» واستطاعة
يخلقها الله لهم مع أفعالهم. لا يتقدمها ولا يتأخر عنهاءولا يوجد
الفعل إلا بها»7".
ويقول الكلاباذي: «وأجمعوا أن لهم أفعالا واكتسابًا على
الحقيقة؛ هم بها مثابون وعليها معاقبون ؛ ولذلك جاء الأمر والنهي»
وليه ؤإزة:الوعك والوفين: معن الاكتساف+ أن يفل بقوة معرية”.
كما أن أثر المذهب الأشعري نجده عند عبد الغني النابلسي من
متأخري الصوفية» حيث يؤكد أن قدرة العبد إنما هي «قدرة حادثة,
وإرادة حادثة» واختيار حادث» واعتقادات حادثة» وأقوال حادثة»
وأفعال حادثة : أوجدها الحق تعالى وحده في العبدء فقبل العبد
.)975( السنة للخلال: ”/ 20566 رقم )١(
.58/١ (؟) درء تعارض العقل والنقل:
(7) التعرف لمذهب أهل التصوف: ص8٠65.
(4) التعرف لمذهب أهل التصوف: ص١ه.
4 وحدة الأديان في عقائد الصوفية
لاس مسر ساس لس 1ك
الاتصاف بهاء والتأثير من الله تعالى وحدهء ولا تأثير للعبد أصكد)20,
ومع إثبات النابلسي لقدرة حادثة تزول بزوال الفعل إلا أنه ينفى أن
يكون لها أي تأثير مطلقًا «القدرة الحادثة» والإرادة الحادثة» والاختيار
اللجافرف ل يوت 7
والاستطاعة والقدرة عند الأشعري لا أثر لها في وجود الفعل.
وإنما تكون مقارنة لوجوده. فمن وقع منه الفعل بقدرة قديمة فهو فى
نظر الأشعري خالق لفعله. وأصبح شريكا مع الله في الخلق. أما من
وقع منه الفعل بقدرة محدثة فهو مكتسب”". وهذا فى حد ذاته لا
يخرج الإنسان عن كونه مجبورًا فى أفعاله» ووجود قدرة من هذا النوع
لا يصحح الثواب والعقاب على الأفعال.
والحقيقة أن الاستطاعة نوعان :
نوع قبله لا يجب أن تقارن الفعل وهي المصححة للتكليف التى
هي شرط فيه وبها يتمكن العبد من القيام بما كلف بهء كونها مناط
الأمر والنهى. فهى بمعنى توفر الأسباب والآلات» ومن ذلك قوله
تعالى: طون عَلَ ألدّين حِج الْبِيْتِ من اسَتَطاءَ إل مبيلاً4 آآل ممران:
1 وقول النبي يل لعمران بن حصين”' : «صل قائمّاء فإن لم
000( كشف السر المختبي في ضريح ابن عربي (مخطوط): قةب.
(0) المصدر السابق: ق4ب.
() ينظر شفاء العليل» لابن القيم: .584/١
(54) عمران بن حصين بن عبيد أبو نجيد الخزاعي الصحابي» أسلم عام خيبر» وغزا مع
رسول الله يك غزوات» بعئه عمر بن الخطاب إلى البصرة ليفقه أهلهاء كان مجاب
الدعوة ولم يشهد الفتنة» مرض طويلاً» وكانت الملائكة تسلم عليه في مرضه.
توفي بالبصرة سنة (07ه) ينظر أسد الغابة: .183١/54 طبقات ابن سعد: 181//4.
وحدة الأديان في عقائد الصوفية 2
د كر
تستطع فقاعدًاءفإن لم تستطع فعلى جنب" » ومعلوم أن الحج
والصلاة يجبان على المستطيع سواء فعل أو لم يفعل» فعلم أن هذه
الاستطاعة لا يجب أن تكون مع الفعل.
وهذه الاستطاعة موجودة في كل مكلف: مسلم أو كافر» مطيع أو
عاصء وتكون مقارنة للفعل وقد تتقدم عليهء ولولا وجود هذه
الاستطاعة لم يثبت التكليف كقوله تعالى: لادَنَُوا َه ما سطع »
ات 7614" .
ب- ونوع مقارن لفعل موجب لهء فليست شرطًا في التكليف»
وهي بمعنى التوفيق والهداية» ومن ذلك قوله تعالى: 8إمَا كنأ يسَتطبعونَ
ألسّمَمَ وَمَا كَاوا يْصِرُونَ 40 [مرد: .5١ وهذه الاستطاعة موجودة
فيمن أطاع دون من ع
والقائلون بوحدة الوجود من الصوفية ينكرون على أمثالهم ممن
ذهب مذهب الأشاعرة في القدرء يقول القاشئني : «أما من أضاف
الأفعال إلى الله تعالى بنظر التوحيدء وإسقاط الإضافات» ومحو
الأسباب والمسببات» لا بمعنى خلق الأفعال فيناء أو خلق قدرة وإرادة
جديدتين عند صدور الفعل عنا كما هو عليه المجبرة» فهو الذي طوى
بساطه الكون» وخلص عن مضيق البون» وخرج من البين والأين»
)١( رواه البخاري: كتاب تقصير الصلاة )١9( باب إذا لم يطق قاعدًا صلى على
جنب» رقم .)١1119/(
(0) ينظر درء التعارض: »,55-70/١ وبدائع الفوائد: .١180/4 وشفاء العليل: /١
"٠٠ والإحكام للآمدي: ١74/١ تعليق الشيخ عبد الرزاق عفيفي كآنه في
الحاشية.
(9) ينظر المصادر السابقة.
»> وحدة الأديان في عقائد الصوفية
الاك سس د
وفني في العين»”".
وغلاة المتصوفة - وإن اتفقوا مع الجهمية في القول بالجبر -
أن الأساس في بدعتهم هذهء هو قولهم بوحدة الوجود. يقول
شاعرهم :
أسيسق معقيلة لما تفماره مني ففعلي كله طاعات9)
لقد آمن المتصوفة بأن كل شيء في هذا الوجود مردود إلى أصل
واحد. وصادر عن علة واحدة هي الذات الإلهية. وأن العالم كله
مظاهر لهذه الذات. وما يظنٌ العبد أنه فعله هو في الحقيقة فعل الله.
وأبطلوا مسئولية العبد عن أفعاله التي هي مناط الجزاء والحساب»
ونقضوا القواعد الأخلاقية من أساسها من خلال جبريتهم الشاملة»
فكيف تكون مسؤولية أو كيف يكون جزاء بل كيف تكون هناك عبادة ما
دمنا نحن المحب والمحبوب والعابد والمعبود والطالب والمطلوب» بل
كيف تكون هناك شريعة سماوية على الإطلاق؟ 22 ٠
ويعتقد المتصوفة أن كل ما قدره الله وقضاه من خير أو شرء ومن
طاعة أو معصية» فإن الله يحبه ويرضاه؛ لذا أسقطوا العبادات كلهاء
ووقعوا في المحذورات؛ لأن كل ما يقع يحبه الله ويرضاهء كما تركوا
الجهاد. ووالوا الكفارء وعطلوا الأمر والنهي. وأدى بهم ذلك إلى عدم
التفريق بين الأديان. ووجوب الاعتقاد بأنها فروع لأصل واحد فإنه
ينبني على ذلك ألا يكون الأنبياء منصفين حين أنكروا على الكفار عبادة
)0( عل في القضاء افير للقاشاني ار 00
المعاصي بالقدر ا
وحدة الأديان في عقائد الصوفية
يي يذ ذ#ذ#ذ#تاذذ#أا1 1 ب
غير الله ودعوهم إلى عبادة معبود واحد.
يقول شيخ الإسلام: «القسم الثانى : من يشاهد ربوبية الله تعالى
لعباده التى عمت جميع البرايا ويظن أن دين الله الموافقة للقدر» سواء
كان فى ذلك عبادة الله وحده لا شريك له أو كان فيه عبادة الأوثان
واتخاذ الشركاء والشفعاء من دونه» وسواء كان فيه الإيمان بكتبه ورسله
أو الأعراض عنهم والكفر بهم. وهؤلاء يسوون بين الذين آمنوا وعملوا
الصالحات وبين المفسدين فى الأرض» وبين المتقين والفجار»
ويجعلون المسلمين كالمجرمين» ويجعلون الإيمان والتقوى والعمل
الصالح بمنزلة الكفر والفسوق والعصيانء وأهل الجنة كأهل النار
وأولياء الله كأعداء الله. وربما جعلوا هذا من باب الرضا بالقضاءء
وربما جعلوه التوحيد والحقيقة بناء على أنه توحيد الربوبية الذى يقربه
المشركونء» وأنه الحقيقة الكونية. وهؤلاء يعبدون الله على حرف فإن
أصابهم خير اطمأنوا به وإن أصابتهم فتنة انقلبوا, على وجوههم خسروا
الدنيا والآخرة. وغالبهم يتوسعون فى ذلك حتى يجعلوا قتال الكفار
قتالا لله» ويجعلون أعيان الكفار والفجار والأوثان من نفس الله وذاته»
ويقولون ما فى الوجود غيره ولا سواه» بمعنى أن المخلوق هو الخالق
والمصنوع هو الصانع. وقد يقولون لو شاء الله ما أشركنا ولا آباؤنا ولا
حرمنا من شىء» ويقولون أنطعم من لو يشاء الله أطعمه؛ إلى نحو ذلك
من الأقوال والأفعال التى هى شر من مقالات اليهود والنصارى بل
ومن مقالات المشركين والمجوس وسائر الكفار من جنس مقالة فرعون
والدجال ونحوهماء ممن ينكر الصانع الخالق البارىء رب العالمين»
أو يقولون إنه هو أو إنه حل فيه. وهؤلاء كفار بأصلي الإسلام وهما
شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله فإن التوحيد الواجب أن
وحدة الأديان في عقائد الصوفية
ددر سس 0ك
نعبد الله وحده لا نشرك به شيئا ولا نجعل له نداً فى إلهيته: لا شريكا
ولا شف 230
وتبع المتصوفة الجهمية في نفي الحكم والأسباب فالشبع عندهم لا
يكون بالأكل» ولا العلم بالدليل» ولا ما يحصل للمتوكل من الرزق
والنصر له سبب أصلا : لا في نفسه.ء ولا في نفس الأمرء ولا
الطاعات عندهم سببًا للثواب. ولا المعاصي سببًا للعقاب» فليس
للنجاة وسيلة» بل محض الإرادة الواحدة يصدر عنها كل حادث7".
كما وافقوا الأشاعرة في قولهم إن الفاعل هو الله؛ وفي نفي أن
00 5 46 اي
وما ذهب إليه المتصوفة ومن قبلهم الأشاعرة في نفي أن يكون
شيء سببًا لشيء : قول غير صحيح ؛ إذ أن متعلق القدرة الحادثة هو
الأخذ بالأسباب» أما يترتب على بذل الأسباب فيرجع إلى الله وحده
إن شاءه تعالى وقع. وإن لم يشأه لم يقع. ١
يقول الشيخ عبد الرزاق عفيفي ككنه: «متعلق القدرة الحادثة الأخذ
بالأسباب» وهي مؤثرة فيها بتمكين الله وإقداره العبد عليها. أما ترتيب
المسببات عليها فمن الله فهو وحده سبحانه الذي يوجد المسببات
بانعانها لا عندها. كما تقول الأشعرية- فمثلاً: حز إبراهيم الخليل
بالسكين في رقبة ولده؛ وضرب موسى الكليم البحر بعصاه. ورمي
)0( مجموع الفتاوى: /١١ 680-49.
(9) ينظر التمهيد للباقلاني: ص .37-5١
وحدة الأديان في عقائد الصوفية
لييذت ات ذتذتذتتاا د -
محمد الخليل الحصى ؛ كل ذلك من فعل المخلوقء أما أن تنقطع
الرقبة أو ينفلق البحر أو يصيب الحصى جميع من رمى به ؛ فإلى الله إن
شاء رتب ذلك فحصلء كما في الأخيرين» وإن شاء لم يحصل كما في
قصة الذبيح مع أبيه إبراهيم عليهما الصلاة والسلام. وبذا يكون متعلق
قدرة العبد - الذي هو التسبب والكسب - غير متعلق قدرة الله الذي
هو تمكين العبد وإقداره وترتيب المسببات على أسبابهاء» وليس في هذا
تكليف بفعل الغير حتى يكون تكليفًا بما لا يطاق»"".
ومبنى قول غلاة الصوفية في نفيهم للأسباب هو عقيدتهم بوحدة
الوجود. فالله تعالى هو الفاعل في كل شيء ؛ فالسكين ليست علة
للقطع؛ والنار ليست علة للإحراق» وهكذا. ولكن الله هو الذي يقطع
حقيقة» وهو الذي يحرق حقيقة ؛ عندما يتجلى في السكين فتقطع» وفي
النار فتحرق» وهكذا.
يقول النابلسي : «السكين نقطة على حرف تمجلي القاطع» وهو الله
تعالى. والنار نقطة على حرف تجلي المحرق» وهو الله تعالى. والطعام
نقطة غلى حرف تجلي المشبع» والمغذي» والمقيت وهو الله تعالى.
وكذلك الحواس نقط على حروف تجليات السمع والبصر والمذيق
والمشم والملمس وهو الله تعالى» وهكذا الصلوات والعبادات نقط
على حروف تجليات المثيب الراحم» وجميع الأشياء على هذا)»”".
فالسكين والنار والطعام والحواس عبارة عن تجليات للحق في
)١( تعليق الشيخ عبد الرزاق عفيفي - كه - على كتاب الإحكام للآمدي: ١5/١
في الحاشية.
(5) زيادة البسطة في بيان العلم نقطة» للنابلسي (مخطوط): ق5أ.
وحدة الأديان في عقائد الصوفية
مور مصصصصصصصصسسسسسس سس سس الس د
الصورء فالقاطع هو الله؛ والمحرق هو الله» والسامع والمبصر
والشام.. هو الله تعالى عما يقول هؤلاء المتصوفة علوًا كبيرًا.
والله سبحانه وتعالى بين في كتابه بأمثئلة أن ما من شيء يقع إلا
بسبب حكمة منه سبحانه وعدل» فهو مسبب الأسباب» وخالق كل شيء
بسبب منه» قال تعالى: #قَيِلُوهُمُ ِمََّبْهَمَ أنه بأَيْدِيحُ» [التَوبّة: .]١4
والنبي كك أنكر على من أسقط الأسباب نظراً إلى القدرء فثبت عنه
كك أنه قال: «ما منكم من أحد إلا وقد كتب مقعده من النار أو من
الجنة». فقال رجل من القوم: ألا نتكل يا رسول الله؟ قال: «لاء
اعملوا فكل مُيسّرء ثم قرأ: «إتأما من مك وق )4 [اللثل: 5] الآية)0©.
وسئل كلهِ: أرأيت أدوية نتداوى بهاء ورقى نسترقي بهاء وتقاة
نتقيهاء هل ترد من قدر الله شيئا؟ فقال كِْ: «هي من قدر الله)”".
ولا شك في أن مفهوم المتصوفة ومبتدعة الزهاد للتوكل بعيد عن
الإسلام» فالله جل وعلا أمرنا ببذل الأسباب» وثبت عن رسول الله ككل
بذل الأسباب ؛ فعن أبي هريرة به قال : خرج رسول الله كك ذات
يوم أو ليلة» فإذا هو بأبي بكر وعمر فقال : ما أخرجكما من بيوتكما
هذه الساعة ؟ قالا : الجوع يا رسول الله. قال : «وأنا الذي نفسي بيده
.)55:00( رواه البخاري: كتاب القدر (5) باب وكان أمر الله قدراً مقدوراء رقم )١(
5088/4 )55419( باب كيفية الخلق الآدمي. رقم )١( ومسلم: كتاب القدر
. من حديث علي بن أبي طالب ضكه ١
(؟) رواه الإمام أحمدء رقم .5١7/55 )١0541/5( والترمذي: كتاب الطب )7١( باب
ما جاء في الرقى والأدوية» رقم .08١ /* )7١50( وابن ماجه: كتاب الطب )١(
باب ما أنزل الله من داء إلا أنزل له شفاءء رقم (74719) #/ .١١6 من حديث أبي
خزامة طللبه.
وحدة الأديان في عقائد الصوفية
سس ملا
لأخرجني الذي أخرجكماء قوموا»» فقاموا معه فأتى رجلا من
الأنصارء فإذا هو ليس في بيته» فلما رأته المرأة قالت: مرحبا وأهلاء
فقال لها رسول الله يله : أين فلان؟ قالت : ذهب يستعذب لنا من
الماء. إذ جاء الأنصاري فنظر إلى رسول الله كلِةِ وصاحبيهء ثم قال :
الحمد لله ما أحد اليوم أكرم أضيافًا مني. قال : فانطلق فجاءهم بعذق
فيه بسر وتمر ورطبء. فقال كلوا من هذهء وأخذ المدية» فقال له
رسول الله كهِ : «إياك والحلوب» فذبح لهمء فأكلوا من الشاة ومن
ذلك الل و .
فهذا خير البشر كيد وخير من توكل على ربه» لم يقعد في البيت
حين أحس بالجوع؛ متوكلًا أن يأتيه طعامه وهو جالس. بل بذل السبب
حتى زال ما به من جوع ككلَهه ورضي الله عن صاحبيه.
وعن ابن عباس وا قال: «كان أهل اليمن يحجون ولا يتزودون
ويقولون: نحن المتوكلونء فإذا قدموا مكة سأكوا الناس» فأنزل الله
تعالى : «وَكِرَودُوأْ مَإِرك حَيْرَ لاد التَتوفْ» [البقرة: 00190" .
والإسلام دين التوسط في كل شيء» فالعبد متعبد بالتوكل على الله
تعالى في شؤونه جميعهاء وهو مأمور ببذل الأسباب دون الاعتقاد
فيهاء بل يعتقد أن التوفيق بيد الله سبحانه» ولذا ورد عن بعض العلماء
قولهم : «الالتفات إلى الأسباب شرك في التوحيد»ء ومحو الأسباب أن
تكون أسبابًا تغيير في وجه العقل» والإعراض عن الأسباب بالكلية قدح
)١( رواه مسلم: كتاب الأشربة )7١( باب جواز استتباعه غيره إلى دار من يثق برضاه
بذلك» رقم (م١٠7) #/1509. من حديث أبى هريرة وك .
(؟) حديث ابن عباس نه رواه البخاري» رقم (1557).
<> وحدة الأديان في عقائد الصوفية
فى العو
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية : «التوكل معنى يلتئم من معنى
التوحيد والعقل والشرع» فالموحد المتوكل لا يلتفت إلى الأسباب»
بمعنى أنه لا يطمئن إليهاء ولا يثق بهاء ولا يرجوهاء ولا يخافها ؛
فإنه ليس في الوجود سبب يستقل بحكم» بل كل سبب فهو مفتقر إلى
أمور أخرى تضم إليه. وله موانع وعوائق تمنع موجبهء وما ثم سبب
مستقل بالإحداث إلا مشيئة الله وحده ؛ فما شاء كان وما لم يشأ لم
يكن» وما شاء خلقه بالأسباب التي يحدثها ويصرف عنه الموانع» فلا
يجوز التوكل إلا عليه» وما سبق من علمه وحكمه فهو حقء. وقد علم
وحكم بأن الشيء الفلاني يحدثه هو سبحانه بالسبب الفلاني)”".
كما أن الغلاة من المتصوفة أخطأوا باعتبارهم أن الفعل عين
المفعول» والخلق عين المخلوقء لذا قالوا بالجبر» ونسبوا جميع
أفعال العباد ومفعولاتهم لله سبحانه وتعالى دون أنه يفرقوا بين الفعل
والمفعول. وخالفوا القول الصحيح في هذا الباب. وهو أن أفعال
العباد هي:كغيرها من مخلوقات الله تعالى ومقدوراته ؛ فهي ليست نفس
خلقه وفعله تعالى ؛ بل هي مخلوقة ومفعولة ؛ وهي فعل العبد القائم
به» وليست قائمة بالله ولا يتصف بها. ومن قال إنها فعل الله بمعنى
المصدر فهو قول فاسد يخالف النقل والعقل وإجماع المسلمين.
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية : «والتحقيق ما عليه أئمة السنة
)١( نقل هذا القول ابن تيمية في منهاج السنة: 757/6. عن الغزالي» وابن الجوزي.
(5) منهاج السنة: 7557/6-/71,
وحدة الأديان في عقائد الصوفية
وجمهور الأمة من الفرق بين الفعل والمفعول. والخلق والمخلوق.
فأفعال العباد هى كغيرها من المحدثات مخلوقة مفعولة لله. كما أن
وفعله. بل هي مخلوقة ومفعولة» وهذه الأفعال هي فعل العبد القائم
به» ليست قائمة بالله ولا يتصف بهاء فإنه لا يتصف بمخلوقاته» وإنما
يتصف بخلقه وفعله كما يتصف بسائر ما يقوم بذاته. والعبد فاعل لهذه
الأفعال وهو المتصف بهاء وله عليها قدرة» وهو فاعلها باختياره
ومشيئته» وذلك كله مخلوق للّه » فهى فعل العبد» وهى مفعولة
انرما
ويقول أيضا : «من المستقر في فطر الناس أن من فعل العدل فهو
عادل» ومن فعل الظلم فهو ظالمء ومن فعل الكذب فهو كاذب ؛ فإذا
لم يكن العبد فاعلًا لكذبه وظلمه وعدله ؛ بل الله فاعل ذلك لزم أن
يكون هو المتصف بالكذب والظلم)”".
وقال كدَنهِ : «فإنه تعالى إذا خلق لغيره حركة لم يكن هو المتحرك
بهاء وإذا خلق للرعد ونحوه صونًا لم يكن هو المتصف بذلك
الصوتء. وإذا خلق الألوان في النبات والحيوان والجماد»ء لم يكن
سبحانه هو المتصف بتلك الألوان» وإذا خلق في غيره علمًا وقدرة
وحياة» أو كذبًا وكفرا ؛ لم يكن هو المتصف بذلك. كما إذا خلق فيه
طوافًا وسعيًا ورمي جمار وصيامًا وركوعًا وسجودًا ؛ لم يكن هو
)١( مجموع الفتاوى: 194/7١-١17غ وينظر الكتاب نفسه: 2177-١77/8 وشفاء
العليل لابن القيم: .5١١/١
(؟) مجموعة الرسائل والمسائل: 7/0 811-715
وحدة الأديان في عقائد الصوفية
در ع سه ا سسحت سسحت ما 17 ل 27 شط ل 111001570 1717777 1019917015
الطائف والساعي والراكع والساجد والرامي بتلك الجمار)”".
أيضا خلط القائلون بالجبر من المتصوفة بين الإرادة الكونية التي
هي بمعنى المشيئة» وبين الإرادة الشرعية التي تسلتزم المحبة والرضا ؛
فحملوا جميع النصوص على الإرادة الكونية» وظنوا أن كل كفر وشرك
ومعصية فإن الله - تعالى عن ذلك - يحبها ويرضى بهاء ومن هنا قالوا
إن الأديان كلها واحدة» ما دام أن الشرك والكفر والضلال ونحوها
كلها محبوبة عند الله» ومرضية له.
يقول ابن تيمية : «ومنهم طائفة ظنت أن كل ما خلقه الله فقد أحبهء
وهؤلاء قد يخرجون إلى مذاهب الإباحة أيضاء فيقولون إنه تعالى يحب
الكفر والفسوق والعصيان. ويرضى ذلكء. وإن العارف إذا شهد هذا
الحكم ؛ لم يستقبح سيئة لشهوده القيومية الكاملة» وخلق الرب لكل
شيء» ويقول شاعرهم :
نا الآمن ]لا تسق :واحيد ما فيه من حمد ولا ذم
وهذا غلط عظيم فإن الكتاب والسنة» واتفاق سلف الأمة صرح
بأن الله يحب أنبياءه وأولياءه وما أمر بهء ولا يحب الشياطين والكافرين
ولا ما نهى عنه)”".
والتحقيق فى هذه المسألة أن يقال : إن تعلق إرادة الله بأفعال
() نقله عنه الشيخ مرعي الحنبلي في كتابه رفع الشبهة والغرر عمن يحتج على فعل
المعاصي بالقدر: ص588. وينظر مجموعة الرسائل الكبرى: .851/١
(5) نقله عنه الشيخ مرعي الحنبلي في كتابه رفع الشبهة والغرر عمن يحتج على فعل
المعاصي بالقدر: ص68. وينظر مجموعة الرسائل الكبرى: ."51/١
وحدة الأديان في عقائد الصوفية
العباد تنقسم إلى قسمين :
الأولى: إرادة كونية تتعلق بالكون والخلق. وهي م
كوا قال عاتن ا ا 2 00 أ يَثُو لك كن كيكو 69
ابن : “م]ء فالله سبحانه وتعالى يشاء ما تقتضية حكمته» حتى 0
يكن يرضاهء فالإرادة ا ا عه الله وأحبه.
الثانية: إرادة شرعية تتضمن محبة الله ورضاه» دل عليها قوله
لو برس
تعالى : وريد أن بكم الْسْرَ ول يرد بحكم لْعْسَمَ 6 [البَقَرَة: 188].
قال ابن القيم: «وتحقيق القول في ذلك أنه يمتنع إطلاق إرادة الشر
عليه وفعله نفيًا وإثباتاء لما في إطلاق لفظ الإرادة والفعل من إيهام
المعنى الباطل ونفى المعنى الصحيحء فإن الإرادة تطلق بمعنى المشيئة»
وبمعنى المحبة والرضا. فالإرادة بالمعنى الأول : تستلزم وقوع المرادء
ولا تستلزم محبته والرضا بهء وبالمعنى الثاني لا تستلزم وقوع المراد.
وتستلزم محبته والرضا بهء هذا إذا تعلقت الإرادةً بأفعال العباد» وأما
إذا تعلقت بأفعاله هو سبحانه فإنها لا تنقسم» بل كل ما أراده من أفعاله
فهو محبوب مرضي لهء ففرق بين إرادة 066 وإرادة مفعولاته» فإن
أفعاله خير كلها وعدل ومصلحة وحكمة لا 0 بوجه من الوجوه.
وأما مفعولاته فهي مورد الانقسام. وهذا إنما يتحقق على قول أهل
السنة أن الفعل غير المفعول. والخلق غير المخلوق» كما هو الموافق
للعقول والفطر واللغة ودلالة القرآن والحديث» وإجماع أهل السنة)”".
والإيمان بالقدر لا ينافي أن يكون للعبد مشيئة وقدرة على أفعاله ؛
)١( شفاء العليل: اا ااا
. وحدة الأديان في عقائد الصوفية
لا صصص ا ا ا :ب 771111 امصسس سس رتب وو ات سا
فكل إنسان يفرق بين ما يقع بإرادته كالقيام والجلوس والمشي» وما يقع
بغير إرادته كالارتعاش مثلاء كما أن كل إنسان متيقن أن له مشيئة»
وقدرة يفعل بهما ويترك». ولا يخرجه ذلك كله عن الإيمان بأن
مشيئته وقدرته. واقعتان بمشيئة الله تعالى وقدرته كما قال تعالى: «#لِمَن
عه يم كن يْتَقِمْ © وا سود الآ ل َه أنه رب الكليت )4
[التكوير: 8؟١-59].
فأفعال العباد واقعة باختيارهم ومشيئتهم. والله تعالى هو الخالق
لهذه المشيئة والقدرة التي في العبدء يقول الشيخ ابن سعدي كانه :
م ل ا ل ل
الخالق للمسبب. والسبب التام : قدرتك وإرادتكء والله هو الذي
خلقيا: 5 الذي تفعل بهما)7".
فالله سبحانه وتعالى هو الخالق لكل شيء من الأعيان والأوصاف
والأفعال وغيرهاء وللعياد قدرة وإرادة تقع بها أفعالهم. فهم الفاعلون
حقيقة لهذه الأفعال بمحض اختيارهم» وهم المحاسبون على هذه
الأفعال» ونسبة هذه الأفعال إلى العباد لا ينافي نسبتها إلى الله إيجادّاء
وخلقًا ؛ لأنه هو الخالق لجميع الأسباب التي وقعت بها".
5 35 85 5
.5١ص الدرة البهية شرح القصيدة التائية في حل المشكلة القدرية: )١(
00389 : ينظر شرح العقيدة الواسطية. للهراس (0
الفصل الثامن
الجانب الإنسانى فى التصوف وأثره فى وحدة الأديان
وفيه مبحتان :
لا المبحث الأول: حقيقة النزعة الإنسانية فى
التصوف ووحدة الأديان فيها.
لا المبحث الثانى: مفهوم الإنسانية فى الإسلام.
وحدة الأديان في عقائد الصوفية
0 2
المبحث الأول
7 9
حقيقة النزعة الإنسانية في التصوف ووحدة الأديان فيها
النزعة الإنسانية: هي كل نظرية أو فلسفة تتخذ من الإنسان محورًا
لتفكيرهاء وغايتها وقيمتها العليا”''. فالإنسانية نزعة تقوم على اعتبار أن
للونسان الحق في الاختلاف في جميع جوانب الحياة ومنها الدين» وعلى
الآخر تقبل هذا الشيء» والدين ليس هو الذي يوحد بين البشر بل الأخوة
الإنسانية هي الأساس الذي ينبغي أن يحكم هذه الحياة» وللإنسان الحرية
المطلقة ومن دون قيود في أن يفعل ما يريد. والحق» والأخلاق والمثل
النبيلة ليست حكرًا على دين دون آخر بل هي في كل الأديان» كما أن
الحقيقة تعتبر في جميع المجالات مشروعًا إنسانيًا بحا يتقدم ويتطور
داخل حقل التجربة البشرية التي تعتمد كليًا على قدرات الإنسان
وحدها7”". والنزعة الإنسانية تهدف إلى جمع الناس على مذهب واحد
تزول معه خلافاتهم الدينية والعنصرية لإحلال السلام محل الخلاف بين
كافة الأديان. كما تحاول أن تكتشف الأصول الإنسانية المشتركة - حسب
زعمهم - وراء المظاهر المتعددة والمتباينة في البشرية لتصبح الأرض
وطناً واحدا بذين واحد. ويعبد ريا واحدًا يتسع لجميع مظاهر العبادة»
)١( حول إشكالية مصطلح النزعة الإنسانية» عبد الرزاق الدواي (ضمن كتاب المصطلح
في الفلسفة والعلوم الإنسانية) ص15. وينظر الوجودية مذهب إنساني» لسارتر:
ص44-85.
(0) ينظر موسوعة لالاند الفلسفية: 658/7-٠١/اه. وحول إشكالية مصطلح النزعة
الآسافة: 2
وحدة الأديان في عقائد الصوفية
وهذا المعنى هو المراد بيانه في هذا المبحث.
«إن المذهب الإنساني ملتزم بتقبل الطبيعة الإنسانية» ولذلك فهو
مضطر إلى أن يتقبل الصالح مع الطالح» وأن يبني مفهومًا أعلى من
الطبيعة يضم الخير والشر معًا كما يظهران من وجهة نظر الإنسان)7".
كما أن الإنسانية بوصفها مذهبًا أطلق على الحركة الفكرية التي
مثلها بعض المفكرين الأوروبيين في عصر النهضة؛ وهي حركة تسعى
إلى إعلاء سلطان العقل» ومقاومة الجمود الذي كانت تقوده الكنيسة»
وأن على الإنسان أن يتمسك بما هو إنساني من الناحية الأخلاقية» فهي
تقوم على الاعتقاد في الإنسان وبما يملكه من طاقات وقوى. والنظر
إلى التجربة البشرية على أنها مقياس للخير المطلق» وبمقياسها تقاس
الأديان والأخلاق وكافة شؤون الحياة. وهذه الحركة هي إحياء لفكر
يوناني قديم يجعل من الإنسان مقياسًا لكل شيء في هذا الوجود؛
فالسوفسطاتية اليونانية قالت على لسان بروتاغورءس: «الإنسان هو
المقياس لكل الأشياء)”".
والإنسانية تعني أيضاً النزعة إلى تأليه الإنسان وإمكانية تحكم
الإنسان في الكون. والسعي إلى التشبه بالإله»ء وهي بهذا المعنى نزعة
قديمة» روج لها شيشرون*" إلى عمد كني
)١( إنسانية الإنسانء رالف بارتون بري: ص؟7".
(90) ينظر: موسوعة لالاند الفلسفية: 0/7 654-655.
(*) ماركوس توليوس شيشرون (7١١47-1ق.م) فيلسوف وسياسي روماني» تأثر بفلسفة
أفلاطون. أعدمه الحاكم اليوناني انطونيوس. ينظر: الموسوعة العربية الميسرة: "/
917 » والموسوعة العربية العالمية: ."٠86/١5
(5) ينظر المعجم الفلسفي» مراد وهبة: ص١١1١.» مادة 9إنساني».
وحدة الأديان في عقائد الصوفية
والإنسانية بمعانيها السابقة نجدها عند المتصوفة على الوجه
الأكمل؛ حيث لمسنا منهم النزعة إلى تأليه الإنسان» وأذكر هنا نماذج
لثلاثة من أقطاب المتصوفة سبق ذكرها”".
وأذكرها هنا بإيجاز : فمن ذلك أن البسطامي صلى بهم الفجرء
والتفت إليهم فقال : (إني أنا لا إله إلا أنا فاعبدون»”". ويقول ابن
الفارض:
ولا مَلَكُ إلا ومن نور باطني يدائلك نيدي الهدئ بمشينسن
ولا قَظرٌ إلا حل من فيض ظاهري به قطرةٌ عنها السحائبُ سحت”".
وإني رب للأنام وسيد جميع الورى اسم وذاتي مسماه
َ 0 دي : 1 )6
لي الملك والملكوت نسجي وصنعتي لي الغيب والجبروت مني منشاه
أما من حيث المفهوم الآخر للنزعة الإنسانية القائمة على اعتبار
الإنسان بما هو إنسان هو المقياس الأمثل للحياة فى شؤونها المختلفة»
وبما تحويه من صور متعددة واعتقادات متباينة ؛ من جانب» والمحبة
والتسامح والتعاطف مع أصحاب الديانات الأخرى ؛ من جانب آخر:
أما الأصل الذي بنى عليه الصوفية قولهم بوحدة الأديان من منظار
)١( ينظر المبحث الرابع من الفصل الخامس.
(؟) النور من كلمات أبي طيفور ضمن شطحات الصوفية لعبد الرحمن بدوي: ا8١.
(9) ديوان ابن الفارضء التائية الكبرىء البيتان: 455-5456: ص7756.
(5) الإنسان الكامل: .758١-1١97/١
وحدة الأديانُ في عقائد الصوفية
النزعة الإنسانية: فيظهر من خلال نظرتهم إلى البشر على أنهم إخوة في
الإنسانية ؛ وأن الخلاف في العقائد لا يضرء فهو خلاف جزئي بسيطء
لا يؤثر على رباط الإخوة الإنساني. كما تتجلى النزعة الإنسانية عند
المتصوفة في السعي إلى نشر مبدأ التسامح بين الأديان لأن كل أهل
ملة ينشدون الحق بطريقتهم الخاصة» ووفق السلوك الذي ترتضيه
أنفسهم.
يقول جولدتسيهر”'': «ارتفعت بعض الأصوات منادية بأن العلم
بوحدانية الله يشتمل على عنصر من عناصر الاتحاد والإخاء بين البشرء
بينا الشرائع والأديان تسعى لإثارة التفرقة والانقسام فيما بينهم..
والإسلام ليس موضع استثناء في دعوى الصوفية. وهي عدم المبالاة
بالأديان كافة ... حتى لقد قيل: إن السبل المؤدية إلى الله هي بقدر
عدد أرواح الناس)”".
والدعوة إلى الإنسانية باب واسع في هذا العخصر؛ ولجه دعاة
الوحدة بين الأديان؛ يقول اللبناني أديب صعب: (إن التوفيق بين
الأديان والمذاهب ضروري جدًا في كل زمان ومكان.. والمطلوب ليس
أن يبدل المرء دينه؛ بل أن يقبل الآخرين على دينهم. وهذا يقتضي قيام
)١( اجنتس جولدتسيهر» مستشرق مجري من أصل يهودي» ولد سنة (18600م) في
المجر. درس في بودابستء» ثم أكمل دراسته في برلين سنة (1879١م) وعاد أستاذا
في جامعة بودابست. رحل في بعثة علمية فزار مصر والشام وفلسطين. صار أستاذا
للغات السامية سنة (1895م) في بودابست. له دراسات متنوعة في التراث
الإسلامي في دائرة المعارف وغيرها فيها مغالطات ظاهرة. توفي سنة (١1971م)
ينظر موسوعة المستشرقين: ص58١١.
(9) العقيدة والشريعة في الإسلام. جولدتسيهر: ص؟075١.
وحدة الأديان في عقائد الصوفية
مفكرين ومفسرين في كل دين ؛ يعمل كل منهم على تفسير دينه انطلاقا
من الإنسانية الواحدة» ووصولًا إلى الإنسانية الواحدة؛ مع عدم
المفاضلة بين الأديان» أو طمس الأنبياء» أو إحالة العناصر الخاصة فى
هذا الدين أو ذاك على الظل)0".
وظهرت النزعة الإنسانية في تاريخ التصوف في مراحله الأولى
الجانب وخفض الجناح» وعبر اللجوء إلى الألفاظ العامة التى يدخل
فيها المسلمون وغيرهم» كلفظ البشر» والناس. والخلق ونحوها في
التعبير عن نزعتهم الإنسانية الشاملة. فمن ذلك أن إبراهيم بن شيبان”",
قال وقد سأله ابنه إسحاق عن كيفية الوصول إلى الورع ؟ فقال إبراهيم :
«بأكل الحلال وخدمة الفقراء». فسأله من الفقراء؟ فقال : «الخلق
كلهم””.
كما ظهرت عند كثير منهم الرغبة الجامحة في" التضحية بالنفس فداء
للبشر قاطبة» ولو كان ثمن هذا الفداء الخلود فى النار» بحيث يتسع
جسده للنار كلهاء فلا يبقى فيها موضع لغيره. كما صاحب ذلك منهم
الطلب الملح من الله على أن يعم برحمته البشر كلهم مؤمنهم وكافرهم.
تقيهم وفاجرهم. فيذكر عن الدسوقي أنه طلب من الله يزداد له في
جسمهء فزيدء ثم طلب ذلك مرارًا وفي كل مرة يزاد» حتى سأله الجبار
)١( الأديان الحية نشوؤها وتطورهاء أديب صعب: ص777.
(0) إبراهيم بن شيبان القرميسني» نسبة إلى قِرْمِيسين من جبال العراق. صحب أبا
عبدالله المغربي ثلاثين سنةء توفي سنة (70ه) وقيل سنة (754ه). ينظر: طبقات
الصوفية : ص 40 والمنتظم : 0
(9) طبقات الأولياء» لابن الملقن: ص277 وطبقات الصوفية: ص .500-5٠04
وحدة الأديان في عقائد الصوفية
تعالى عن سبب ذلك فقال الدسوقي: «إنك قلت وقولك الحق في
كتابك العزيز: «لأآتْلآنَ جَهَمَ4 [الأعرّاف: 18] وأنا أريد أن أملأ جهنم
١
3 1 يو
وسئل أبو يزيد: بما وجدت هذه المنزلة؟ فقال : «أكرمني الحق
بثماني كرامات وذكر منها رضيت بأن أحرق بالنار بدل خلقه شفقة
عليهم)”".
وحكى عن الشبلي أنه قال أيضاً: «اللهم إن كنت تعلم أن فِىّ بقية
لغيرك فأحرقني بنارك» لا إله إلا أنت»”".
وقال الحلاج: «وأنا بما وجدت من روائح نسيم حبك» وعواطر
قربك أستحقر الراسيات» وأستخف الأرضين والسماوات. وبحقك لو
بعت مني الجنة بلمحة من وقتيء» أو بطرفة من أحر أنفاسي لما
اشتريتها. ولو عرضت علي النار بما فيها من ألوان عذابك لاستهونتها
في مقابلة ما أنا فيه من حال استتارك مني. فاعف عن الخلق ولا تعف
عني» وارحمهم ولا ترحمني. فلا أخاصمك لنفسيء. ولا أسألك
بحقي» فافعل بي ما ل
ويعتبر مبدأ التضحية فداء للبشر من الأسس التي قامت عليها
النصرانية المحرفة» وهي بدورها استمدتها من الأديان الوثنية القديمة:
)١( التصوف والمتصوفة في مواجهة الإسلام. الخطيب ص187 عن تبرئة الذمة في
نصح الأمة محمد عثمان البرهاني. وينظر طبقات الشعراني: .185/١
(؟) النور من كلمات أبي طيفور: 88.
(9) اللمع» للطوسي: ص588.
(5) أخبار الحلاج: ص58.
وحدة الأديان في عقائد الصوفية
كالهندوسية والبوذية» والديانة المصرية'''؛ وهو بعينه ما نراه عند هؤلاء
المتصوفة» وسعيهم لفداء البشرية كلها من العذاب في الآخرة» وهذا
بلا شك ينم عن إيمان عميق من المتصوفة بوحدة البشر والتاخي
الإنساني بين جميع الأجناس.
قال ابن الجوزي كله وهو يرد على البسطامي في قوله: «إلهي !
إن كان في سابق علمك أنك تعذب أحدًا من خلقك بالنار فعظم خلقي
حتى الا عي
«هذا القول خطأ من ثلاثة أوجه :
أحدها: أنه قال : «إن كان في سابق علمك» وقد علمنا قطعا أنه
لا بد من تعذيب خلق بالنار» وقد سمى الله عز وجل منهم خلقًا :
كفرعونء وأبي لهب. فكيف يجوز أن يقال بعد القطع واليقين : «إن
كان)» !
الثاني: قوله : «تعظم خلقي» فلو قال: لأدنم عن الوقن ولكنه
قال: «حتى لا تسع غيري» فأشفق على الكفار أيضّاء وهذا تعاط على
رحمة الله عز وجل.
الغالث: أن يكون جاهلاً بقدر هذه النارء أو واثقًا من نفسه
بالصبر؛ وكلا الأمرين معدوم عنده»”".
)١( ينظر كتاب: العقائد الوثنية فى الديانة النصرانية» لمحمد طاهر التثير كأله: ص48-
. حيث ساق أمثلة متنوعة على عقيدة الفداء في الديانات الوثنية» وفي النصرانية.
(؟) تلبيس إبليس: ص١57» والنور من كلمات أبي طيفور ضمن شطحات الصوفية
لعبد الرحمن بدوي: ص58 .١
02 تلبيس إبليس : ص١535.
وحدة الأديان في عقائد الصوفية
ووصلت ببعضهم الجرأة على أن يطلب من الله تعالى أن يشفع
للناس. كافة فهذا الشبلي يقطع بأنه سيشفع لبقية الأمم التي لن يشفع
لها الأنبياء ؛ ولعل هذا لشعوره بعلو مكانته عليهم» ورغبته في الرحمة
واسعة بحيث لن يبقى في النار أحد.
يقول الشبلي: «والله لا رضي محمد كك وفي النار من أمته أحد.
إن محمداً يشفع في أمتهء وأشفعٌ بعده في النار حتى لا يبقى فيها
د00
قال ابن عقيل”" كنه: «الدعوى الأولى على النبي كك كاذبة فإن
النبي كله يرضى بعذاب الفجارء كيف؟ وقد لعن في الخمر عشرة.
فدعوى أنه لا يرضى بتعذيب الله عز وجل للفجار: دعوى باطلة»
وإقدام على جهل بحكم الشرع. ودعواه- بأنه من أهل الشفاعة في
الكل» وأنه يزيد على محمد كَكِِ: كفر لأن الإنسان متى قطع لنفسه بأنه
من أهل الجنة؛ كان من أهل النار. فكيف وهو يشيى لنفسه بأنه على
مقام يزيد على مقام النبوة؛ بل يزيد على المقام المحمودء وهو
الشفاعة الغعظمى»”".
أيضا فإن المتصوفة ومن مبدأ إنساني جبري التمسوا العذر لكل
)١ تلبيس إبليس: ص؟57.
(؟) أبو الوفاء علي بن عقيل بن محمد بن عقيل البغدادي الحنبلي» ولد سنة (411ه)
رزقه الله ا وقوة حفظء توج ذلك بحسن ديانة» حمل عليه الحنابلة وهجروه؛
لاعتزال شاب عقيدته أول مرهء ثم تاب منهء وألف في ذمه. توفي كأنه سنة
(01ه) ينظر الذيل على طبقات الحنابلة /١ 2147 والمنهج الأحمد: 8/7/.
(9) تلبيس إبليس: ص57-577.
وحدة الأديان في عقائد الصوفية
كافر بالله ومشرك؛ فالبسطامي يعتذر لليهود» وطلب من الله أن يعفو
عنهم. فيقول وقد جاز على مقابر اليهود: «ما هؤلاء حتى تعذبهم؟
كُتٌ! عظام جرت عليهم القضايا. اعف عنهم!(' واجتاز بمقبرة اليهود
فقال: معذورون. ومر بمقبرة المسلمين فقال: مغرورون”".
وكان أبو يزيد يقول: «إلهي! تعذب أقوامًا في النار غداً من
الأجنبية لا يعرفون معذبهم. فهلا تعذبني فأعرف معذبي؟)77".
وقال:انن غرتىي: «نًا من دَآبَةٍ إِلَّا هُوٌ َي ا إِنَّ دَق عل
صرْطٍ مُسْتَقِم ((4)6 [مُود: 10 فكل ماش فعلى صراط الرب المستقيم»
فهو غير مغضوب عليهم من هذه الوجه. ولا ضالونء. فكما كان
الضلال عارضاً. فكذلك الغضب الإلهي عارض» والمآل إلى الرحمة
الى وسعة كل شه وعى السنارقة 97
ويقول الشعراني: «اعلم أن الموحد سعيد بأي وجه كان توحيده
وإن لم يكن وهنا يكتاب ولا رسول ويدخحل الحة ا
رأفتك. وجلالك ورحمتك ؛ أن تجعل كفرنا ومعاصينا ذريعة لعقابناء
000( تاريخ التصوف الإسلامي» عبد الرحمن بدوي: 58-51 عن ماسنيون: المجموع
نصوص غير منشورة» ص١7-١"5. وينظر ميزان الاعتدال: ؟/5"57". وتاريخ
الإسلام» (وفيات ١180-55ه): ص؟١١.
(5) اللمعء للطوسي: ص ”577.
(4) قصوص الحكم: ص .١١6
وحدة الأديان في عقائد الصوفية
وأنت الإله الملك» حاشا أن يليق بك هذا النوع من الجزاء والمكافأة
على أعمال العباد المقدرة عليهم» سواء عندك الكفر والإيمان» النعيم
والئيران. إن أظهرت غضبك علينا سيتحول النعيم إلى جحيم. وإن
أفضت علينا سحائب رحمتك فإن الجحيم سينقلب إلى نعيم. وإننا وإن
كنا كفارًا وعصاة ؛ نأمل جميعًا في رحمتك ومغفرتك)”".
واكق فدريتن سرف أن اارحمة الله وسعت كل شيء وجوداً
وحكماً)”". وأنها «عمت كل عين)”"» وفي ذلك يقول:
فرحة الله في الأكوان سارية وفي الذوات وفي الأعيان جارية
مكانة الرحمة المثلى إذا علمت من الشهود مع الأفكار عالية
فكل من ذكرته الرحمة فقد سعدء وما ثم إلا من ذكرته الرحمةء
وذكر الرحمة الأشياء عين إيجادها إياهاء فكل موجود مرحوم»”".
أما ابن سبعين فقد ذهب إلى القول بأن الرحمة الإلهية هي الفاعلة
في هذا الوجودء وسارية في الكل» ويدخل فيها ادي وشاملة
المؤمن والكافرء والمطيع والعاصي» وبمقتضاه يدخل الكل الجنة»
كيف ما كان الفعل الذي يضدر عن الإنسان خيرًا أو شراء إيمانا أو
كفرّاء يقول ابن سبعين : «صح أن الرحمة هي الفاعلة» ولها يرجع.
ولا يعتبر العمل معهاء وبها يدخل الكل الجنة .. رحمة الله هي الفاعلة
وهي العامة» وهي مهيأة للخيرء وهي جاءت بالخيرء وهي عصمت من
)١( ملحمة ميم وزين» أحمد خاني: ص/8-1". وينظر ص74 من نفس الكتاب.
)١( فصوص الحكم: ص/ا7١.
() فصوص الحكم: ص177١.
(5) فصوص الحكم: ص/لا١-118. بتصرف.
وحدة الأديان في عقائد الصوفية
الشرء وهي حفظت» وهي هذدت »2 وهي أشنت وهي هو ولا شيء
مخلية7 :
وبهذه الرحمة فإن النار لا يبقى لها أي أثر على ساكنها لأنه
مشمول بالرحمة العامة ؛ فلا تضره النار أبداء يقول ابن سبعين : (لا
ند تلنان أن يعدم عامرهاء فينتقل بذلك إلى أحسن حال» ويستدرج
بالربحمة النخاضة إلى" الرجمة العافة:: وف قوله تعالى: طقل كل يمل
عَلَ سَاكبِ» [الإسراء: 44] » وأطلق القول على المؤمن والكافر وجعل
الركنة علنههناة 7
ويقول العطار في إحدى حكاياته مبيئًا شمول الرحمة في الآخرة
للمؤمنين والكفار على حد سواء: «الرحمة شمس مشرقة» ونورها يعم
جميع الكائنات» فانظر رحمة الله فقد عاتب نبياً من أجل كافرء قال
الحق تعالى : لقذ استخات قارون معلهفا -حيك قال : «إن'لك يا :موسق
سبعين حملة): فأجابه موسى > «الن تعطى حملا واحداء :إلا إذا
خاطبتنى لحظة بذلة». فاستأصلت شأفة الشرك من روحه. وخلعت على
صدره خلعة الدين. أما نخدا موسى »2 فقد أهلكته بالعديد من الآلامء
وجعلته ذليلاء ووضعت رأسه في التراب» فلو كنت خالقهء لاستمرأت
تعذيبه. إن من يرحم عديمي الرحمة» يجعل أهل الرحمة أولياء نعمته )»
فحاز فضله لا تنضب76".
ويسوق العطار قصة لأحد عباد الأصنام يبين فيها أن الله تعالى قبل
(؟) رسائل ابن سبعين» الرسالة الرضوانية: ص7١".
(6) منطق الطير: ص١755.
وحدة الأديان في عقائد الصوفية
وه اح ا نا تاك مل سس ست اج 777701 7 1د
دعاء هذا المشرك. وغلب الرحمة : «كان جبريل ذات ليلة في السدرة»
يسمع صوت عبد في الحضرة يقول «لبيك» فقال : إن عبدًا يدعو الله
الآنء وأنا لا أعرف ذلك الشخص الذي يدعوه» وكل ما أعلم أنه عبد
له مكانته»ء حيث ماتت نفسهء وحيبي قلبه...» ذهب جبريل» فرآه هناكء
حيث كان يناجي الأصنام بذلة وانكسارء فانطلق لسانه قائلًا : إلهي :
لتمزق تلك الحجبء. واكشف لي ذلك السرء فهل تجيب بلطفك من
يكون بالدير يناجي الأصنام؟ قال الحق تعالى : إن له قلبًا أسودء لذا
لا يعرف طريق الضلال الذي سلكهء وإذا كان قد أخطأ ذلك الخسيس
من الغفلة .. فلا أسلك طريق الخطأ معه وأنا في تمام المعرفة.» والآن
أهبه الطريق إلى الحضرة» وسيطلب لطفنا له المعذرة. قال هذاء وهدى
روحه إلى الطريق» فلهج لسانه بذكر ربه. متى تدرك أن أصول تلك
الملة» هي السير إلى الأعتاب بلا عذر أو علة» فإن لم تدرك الأعتاب
مطلقّاء فلن يكون أي متقاعس أقل منك اضطرايّاء إن الجميع لا
يسلمون بالزهدء كما لن يقبل الجميع نحو أعتابه)”"".
ويذهب الجيلي إلى أن الله يغفر للمشركين عندما يتجلى باسمه
الغفور. يقول الجيلي: «اسمه الغفور: هو الذي لا يؤاخذ على ذنب
كائئًا ما كان الذنب. والفرق بينه وبين اسمه الغافر: أن الغافر يخص
بالمغفرة» والغفور يعم بها. فقوله تعالى: #إإنَّ أله لا يَمْفِرُ أن يصْرَكَ بو
يمر ما دون دَلِكَ لِمَن 455 [النساء: +4]» هذا من حيث تجلي اسمه
الغفار؛ فإنه تخصيص للمغفرة بما دون الشرك» فمفهوم أهل الظاهر من
نص الآية: أنه لا يغفر الشرك على الإطلاق. ومفهوم أهل الحقائق
.109-7608 منطق الطير: ص )١(
وحدة الأديان في عقائد الصوفية
اح فاا0ا1اا1ا101٠1٠0:1سصئم_ر1717وا99ا9ا999999لل سسسب ل 2 مده
منها : أنها لا يغفر الشرك في تجلي اسمه الغافر على التقييد» ويغفره في
تجلي اسمه الخفورء وقد صرح بذلك في قوله تعالى: ظقُلَ يَعِبَادىَ اَذ
ترا ع نيهم لا اقاارا ان تقو ألو 1 آنه يني الذفت كينا انه هو
افقو أليَحِممْ )4 [الزمر : +0]. فعلم أن مغفرة 7
لتجلي اسمه الغفور؛ لقوله تعالى : ظإإِنّهُ هُوٌ الْمَعُورُ ليم 03>
[يُوشف: 98]» عقيب قوله: «إإنَّ الله و لي
البرك ) نشي أن يكون داخلا تحت هذا العموم)”"'.
والشرك بلا شك داخل في عموم الآية فيغفر الله لمشرك إذا تاب
من شركهء أما إذا مات على الشرك فهو في النار خالداً فيها كما قال
تعالى: ##إنَ أ ألَذِنَ كَفروا م مِنّ أَهْلٍ الْكِنبِ وَالْمَتْركينَ في َارٍِ جَهَئَمَ خَللِدِينَ
ع يمه
ف وُلَيِكَ هم سَرٌ أل يّةَ )4 [البَيئة: ح]ء 0
الجيلي» والآيات التي بعدها تبين ذلك حيث يقول جل وعله : > #وأنسا أذ
إل تيك وآننلثها لك يمن مَل أن نيكم انمتا كم 1 ل
دَاتَيكوا الف 1 نل ل ا َأَيَكُمْ الْعَدَاب
فك وات ل لا مَتَعرُونَ()4 [الزُمر: 4ه-هه] والآيات بعدها. فلا بد من
التوبة الصادقة» والإنابة إلى الله تعالى» واتباع ما أنزل إلينا من عنده
سبحانه» ومما أنزل: الإيمان بالله الواحد الأحد العزيز الصمد إلهَا
ومعبودًا وربّاء لا شريك له في ألوهيته ولا في ربوبيته؛ والإيمان
لمعل كه را ونبياً» وطاعته فيما أمرء والإيمان بأن الإسلام هو
الدين الذي لن يقبل الله من أحد سواه: إن ألذرت عند الله الاسْكةٌ»
[آل عِمرَّان: .]١9
.1717-١17؟7؟ص الكمالات الإلهية فى الصفات المحمدية: )١(
وحدة الأديان في عقائد الصوفية
د سس سس 7 7 ل 777 ا 07
ويقول الجيلي مؤكدًا شمول الرحمة والرأفة لكل كافر ومشرك في
الدنيا والآخرة: «الرأفة: هي عبارة عن شمول الرحمة للكون في سائر
أحواله ؛ حتى لا يكون الكون في حاله إلا وقد شملته الرأفة سواء
ظهرت فعرفها الكون. أو خفيت عنه فلم يعرفها. وهذه الرحمة السابغة
الصادرة من الرأفة الإلهية محيطة بالكون أعلى وأسفل شقيًا وسعيدّاء
في الدنيا والآخرة والجنة والنارء وفي جميع المواطن سواء عرفت أم
جهلت فإنها حاصلة ؛ لكنها تتفاوت على قدر ظهوره وبطونه)0".
ويقول التلمساني: «مقام الرحمانية لا يبقى فيه خلاف”" ثم ذكر
عبارة عبد الرحيم شيخ ابن الصياغ في الصعيد الأعلى من أرض مصرء
وهي قوله: «كنت أنكر على نفسي أن أكون في بلد يكون فيه يهودي.
أو نصرانيء, وأنا الآن لا أستنكف أن أعانقهم””؛ لأن اليهود
والنصاري- بحسب هذا المفهوم الصوفي- إخوة في الإنسانية تشملهم
الرحمة الربانية في الآخرة «لأن رحمة الرحمن وسعث كل شيء. وكل
من وسعت رحمته إياه فهو مرحوم»”'' ؛ فبالتالي ينبغي موالاتهم
ومحبتهم. وفي هذا مخالفة ظاهرة لصريح الكتاب والسنة حيث وردت
النصوص بتحريم مولاتهم ومحبتهم.
وما ذهب إليه هؤلاء المتصوفة يناقض نصوص الكتاب والسنةء
.١195 الكمالات الإلهية في الصفات المحمدية: ص )١(
(0) شرح مواقف النفري: ص .١195
(©) شرح مواقف النفري: ص5١٠. 48-917. وعبدالرحيم هذا لم أجد ترجمته.
(5) مرآة العارفين» لجمال الدين الأفغاني» ضمن الآثار الكاملة لجمال الدين
الأفغانى: ؟55/7.
وحدة الأديان في عقائد الصوفية
يي 1# كد
والتي تنص على أن من لم يدن بالإسلام فهو من أهل النارء قال
لْكَسِررنَ()» آل عِمرّان: 0140 وقال كَلكِِ: «والذي نفس محمد بيده لا
يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي ولا نصراني» ثم يموت ولم يؤمن
بالذي ارشلك إلا كاندن اصحابة لا
وخلط المتصوفة في دعوتهم للوحدة بين الأديان من منطلق إنساني
التى يشترك فيها البشر كلهم وبين الرحمة الخاصة للمؤمنين : فالرحمة
العامة التى يشترك فيها المؤمن والكافر»ء والبر والفاجر هي التي
وسعت الخلق في أرزاقهم»ء وأسشيات معايشهم» ومصالحهم وبها
يتراحمون» أما الرحمة الخاصة المقتضية لسعادة الدنيا والآخرة فهي
للمؤمنين حيث ألهمهم الله الإيمان في الدنياء وينجيهم في الآخرة من
٠. هو سر عو ده به ل اس 0 >6
النارء دل على ذلك قوله تعالى: «إوَيَحْمَتٍ وَسِِعَتَ كل شَىْءٍ
عم > ع ععم 5 2 قدي معو 2 لع الس عم مم 20
فَسَأْحَمهًَا لذن يُنْقونَ ويؤنوؤت الزكرة وألدِين هم يَايئدنا ينون
و
صل لس م 6
دن يعو ارسرل الى لْأََ* [الأعرّاف: 165-/150]. وبهذا القيد خرج
من الرحمة الخاصة إبليس واليهود والنصارى وسائر الملل» ودخلت
أمة الإسلام وها ١ .
ومن هذا المفهوم الإنساني الواسع المتضمن للمحبة الصادقة
.184 سبق تخريجه : ص )١(
والأسنى في شرح أسماء الله الحسنى» للقرطبي: 2109/١ (؟) ينظر تفسير الطبري:
ْ لا
وحدة الأديان في عقائد الصوفية
للمخالف في الملة ينطلق الصوفي النقشبندي المعاصر أحمد كفتارو ©
في دعوة لوحدة أخوية إنسانية في ظل الأديان الإبراهيمية: «أخوة فى
الإنسانية يلتقي عليها المسلمون مع البشر كافة سواء كانوا من أصحاب
الديانات السماوية أو من مذاهب وملل أرضية)0".
يقول أحمد كفتارو فى محاضرة له بعنوان «وحدة الأديان واللقاء
)١( هوأحمد بن محمد أمين كفتارو. ولد سنة (73*0١ه-1917م)»2 تلقى تعليمه على
00
عدد من علماء الشام على رأسهم والده (795١-1701١ه)ء وتلقى عنه أيضًا
التصوف على الطريقة النقشبندية» وتولى مهام الوعظ والإرشاد والتعليم بعد وفاة
والده. شارك في تأسيس رابطة العلماء ء في الجمهورية العربية السورية عام
(1945م). تولى منصب الإفتاء في سورية منل عام (195م) حتى وفاته. رئيس
مجمع أبي النور الإسلامي منذ تأسيسه عام (191/5م) حتى وفاته يوم الأربعاء:
15/// :اه عضو في عدد من المؤتمرات والمجامع والمنظمات الإسلامية
كما شارك في كثير من لقاءات الحوار بين الأديان. ويعتبر من الدعاة إلى تجديد
التصوف في هذا العصر وإلى اتباع ميثاق العمل الصوفي الذي يضم الحركات
الصوفية ضمن مكتب تنسيق» وله محاضرة موسومة لي التصوف وإعادته إلى
القرآن والسنة وميثاق العمل الصوفي» ألقيت أمام اجتماع لجنة التنسيق والمتابعة
للطرق والحركات الصوفية في القيادة الشعبية الإسلامية العالمية» خلال الفترة ١؟9-
1/ ”/ 14946م. في باكو بأذربيجان. تنظر المحاضرة وترجمة حوس ني الفرلع
الرسمي للشيخ أحمد كفتارو على الإنترنت: كما ينظر كتاب: «الشيخ أحمد كفتارو
ومنهجه في التجديد والإصلاح» إعداد: محمد الحبش.
«لموقف الإسلام من الأديان السماوية» محاضرة للشيخ كفتارو في المؤتمر
الإسلامي المنعقد في بوفالوا - نيويورك خلال الفترة: 77-/71/ 19917/0م. ينظر
نطغط .دع لص رع 1ط 2ه /ع 210.01 أ1ناعا. بجت موقع الشيخ أحمد كفتارو على الإنترنت»
وينظر كلمته التي ألقاها في شهر حزيران سنة 1987م في موسكو في المؤتمر الذي
انعقد بمناسبة (مرور ألف سنة على إنشاء الكنيسة في روسيا) في كتاب الدعاة
والدعوة الإسلامية المعاصرة المنطقة من مساجد دمشق: ؟١/ 08 الاء و الشيخ أحمد
كفتارو ومنهجه في التجديد والإصلاح: ص57١-155.
وحدة الأديان في عقائد الصوفية
بين الإسلام والمسيحية» إن «تلاقي الديانتين (أي الإسلامية والنصرانية)
في أصولهما وأهدافهما جعلت الكثير من العلماء ورجال الدين في
مشرقنا العربي وغيره من أبناء الديانتين والكثير من الأدباء والشعراء
يشمرون عن سواعدهم بالدعوة والتبشير إلى تعاون وبحث وتلاق
وحوار بين الإسلام والمسيحية لتحقيق مصلحة الإيمان والمؤمنين بل
والأخوة والسلام للبشرية جمعاء”''. ويقول: «أيها الإخوة. لقد دفع
هذا الشعور الأخوي بين المسلمين والمسيحيين الشاعر المسيحي الكبير
حليم دموس وهو من كبار شعراء المشرق العربي أن يقول في قصيدة له
حول ذلك:
لعمرك ما الأديان إلا نوافذ ترىالله منها مقلة المتعبد
وأقسم لو يدري الورى كنه دينهم لما فرقوا ما بين عيسى وأحمد
فألمس في القرآن عيسى بن مريم وألمح في الإنجيل روح محمد
وأما الشاعر الشهير المسلم أحمد شوقي؛ أمير الشعراء العرب
فيقول :
ما كان مُخْتلفٌ الأديان داعية إلى اختلاف البرايا أو تعاديها
الكتبٌ والرسل والأديان قاطبة خزائنٌ الحكمة الكبرى لواعيها
محبة الله أصل في مراشدهاا وخشيةالله أمنَّ في مبانيها»"")
)١( المحاضرة التي ألقاها كفتارو في جامعة فينا - النمسا في /1١8 1914/5م2 وهي
مطبوعة ضمن كتاب محمد والمسيح يتصافحانء إيمان خالد العاصي: 15/7.
(؟) المحاضرة التي ألقاها كفتارو في جامعة فينا - النمسا في 1914/0/14١م2 وهي
مطبوعة ضمن كتاب محمد والمسيح يتصافحانء إيمان خالد العاصي: .١1/1
وأبيات شوقي» سبق ذكرها وتخريجها. وينظر في كتاب الشيخ أحمد -
وحدة الأديان في عقائد الصوفية
لسسع سساسسسس سك
ويقول كفتارو أنضنا : (وبعد أن التقفت في الجوهر واللب فروع
العائلة الإبراهيمية. حيث الأصول واحدة والأنبياء يتاع علاات» بعد
هذا أليس من الواجب علينا نحن المؤمنين من كل الديانات السماوية
أن نلتقي وا و20
وفى مستهل محاضرة له بعنوان: «العمل المشترك تحت راية
الإيمان» يشكر كفتارو الله تعالى أن «أتاح لنا فرصة هذا اللقاء مع إخوة
لنا في البشرية» ويبين كفتارو أن الوحدة بين الأديان الإبراهيمية
الخالق الواحد. وبيوم القيامة» وبالعمل الصالح الذي يسعد الإنسان»
وينقذه من عذاب الله ويدخله فردوسه)70".
وبحث كفتارو رجال الدين من مختلف البلدان والأديان أن يؤكدوا
- كفتارو ومنهجه في التجديد والإصلاح ص 85-86: دعم الشيخ كفتارو للشاعر
النصراني حليم دموس وغيره من نصارى لبنان في دعوتهم لوحدة الأديان.
)١( المحاضرة التي ألقاها كفتارو في جامعة فينا - النمسا في 18١/1914/9م: وهي
مطبوعة ضمن كتاب محمد والمسيح يتصافحانء, إيمان خالد العاصي: 18/7.
() «العمل المشترك تحت راية الإيمان» محاضرة لأحمد كفتارو ألقاها في مؤتمر (السلام
من أجل الإنسانية) المنعقد في فينا - النمسا خلال الفترة: /*٠ -5/ 5/ 194917م.
عن الموقع الرسمي لأحمد كفتارو على شبكة الإنترنت. ويفصّل أحمد كفتارو ما
أجمله هنا حول اللأسس التي يمكن أن توحد بين الأديان في كلمة بعنوان: «الحوار
بين الإسلام والمسيحية: نهاية الحروب الصليبية أم بداية جديدة» ألقيت في مؤتمر
منبر 530 تحت رعاية الأكاديمية السويسرية للتنمية» المنعقد في بال - سويسرا خلال
الفترة 517-15/١١1946/1١م. وكذلك في كلمته المعنونة ب «آفاق المستقبل ودعم
الحوار بين المسلمين والغرب» قدمت في المؤتمر التاسع للمجلس الأعلى للشؤون
الإسلامية المنعقد تحت شعار: الإسلام والغرب: الماضي الحاضر المستقبل في
القاهرة من '7١-7١19491/7/1م. ينظر موقع الشيخ على الشبكة.
وحدة الأديان في عقائد الصوفية
«لكل الناس أن الله وأنبياء الله» وخاصة أبناء شجرة إبراهيم 2لا ؛ لا
ترضى إلا الأخوة والسلام والنعفة وجا كان ال
ويقول: (إن جميع الديانات السماوية ذات مصدر واحد وهدف
واحد» والقرن القادم الحادي والعشرون إنما هو قرن الإيمان» وعلى
جميع المسئولين في العالم وعلى رأسهم قادة الأديان في العالم أن
يبذلوا الجهد المخلص لجعل القرن القادم قرن تآلف وحوار وتعاون»
بين أتباع الديانات لا أن يجعلوه قرن صراع وتناقض فيما بينهم»”".
ويقول :«أنها الأعوةوالاعؤات إتنى بتقائل ومتسعشربان
المسيحي لا بد وأن يعانق المسلم»ء وأن الإنجيل لا بد وأن يتصافح مع
القرآن» إنهما ملتقيان عندنا في الشرق منذ القديم ؛ لكي أرى أنهيها
سيلتقيان مرة أخرى بإذن الله في عصرنا الحديث وفي كل أنحاء العالم
ليضيفا على الكون روحاً جديدة يشم منها الإنسان رائحة الحب والإخاء
والسلام عدا عن مكافأة الله ورضوانه في الآخوة)”". ويقول : «أجد
)١( المحاضرة التي ألقاها كفتارو في جامعة فينا- النمسا في 18/ 1919/60١م2» وهي
مطبوعة ضمن كتاب محمد والمسيح يتصافحان» إيمان خالد العاصي: .١19/7
(9) «العلاقات بين أبناء الديانات السماوية»: كلمة أحمد كفتارو التي ألقاها في مجمع
أبي النور الإسلامي بدمشق بحضور الدكتور جورج كيري رئيس أساقفة كانتربري
والوفد المرافق لهء الجمعة: ؟7١/١٠/519١هالموافق 1944/4/79م. عن
الموقع الرسمي لأحمد كفتارو على شبكة الإنترنت : /عذطهعة/350.018كنعا. بزارناللا
صنغط.»ه0ه1 وينظر في موقع كفتارو محاضرته: (الإخاء الإسلامي المسيحي حقيقة
تاريخية وضرورة اجتماعية؛ ضمن فعاليات ندوة الإخاء بين أبناء الأديان المنعقدة
في مكتبة الأسد بدمشق خلال الفترة: 750-175/ 1/ ٠٠15آم.
(7) المحاضرة التي ألقاها كفتارو في جامعة فينا- النمسا في /1١8 1914/0م2 وهي
مطبوعة ضمن كتاب محمد والمسيح يتصافحان» إيمان خالد العاصي: .5١/7
وحدة الأديان في عقائد الصوفية
تقاربّاء بل تحاببّاء بل اتحادًا ووحدة تتمثل بين أبناء سيدنا عيسى وأبناء
سيدنا محمد... أجد تجاوبًا وتعاونًا صادقًا يتحقق بين أبناء الإنجيل
واه القررن 0
العبارات السابقة صادرة عمن يتصدر الإفتاء في بلد عربي مسلمء
وممن جعل حجته ودليله على صدق دعواه الشعر»ء والعبارات العاطفية
الجياشة» لا القرآن ولا السنة. وفي دليله وحجته من التهافت والسقوط
ما لا يحتاج معه إلى بيان. ولا أعلم هل غاب عن الشيخ آيات القرآن
الكثيرة التي تبين أن من يدعو لإخوتهم هم كفار مشركون بنص كتاب
الله الكريم؟ ألم يقرأ. ويسمع قول الله جارك وتعالى: «#وَكَالوا كووأ
هُودًا أو تصدرئ عبد تدوأ هل بل هأ زر حَنِيقًً وما ك3 ين الستركِين 9© >
00700
البَقرّة: 1]ء وقوله تعالى: َمل لِلدِسَ ونأ الكتب وَالْأيصَ لسكنثرْ ين
لتكثا تكن اهتدرا ودف ا وركنا قلت نك أنه ميك التاد 2
[آل عِمرَّان: »]٠١ وقوله تعالى: «إومن يَِبْتَم غير بتكي ويك كل فلن يِقَبَلَ مِنْهُ
وَهُوّ فى الأبِخْرََ من الْحَسررنَ(2ج)4 [آل عِمرّان: 40].
وفي دلالة واضحة على عدم تعظيم الله وتقديره حق قدرهء ذهبت
المتصوفة إلى أن الرحمة والعفو عن الخلق ليس تفضلا من الله تعالى ؛
بل هذا هو أقل القليل الذي يستحقه البشر من ربهم. حيث إنه تعالى
وصف نفسه بالرأفة والرحمة ؛ ومن هذا الجانب أوجب المتصوفة على
الله تعالى أن يغفر لجميع الخلق مؤمنهم وكافرهم. خصوصًا أن الطاعة
.م197٠ /4/7 محاضرة إذاعية أحمد كفتارو ألقيت بتاريخ 8/15/ ٠78اه الموافق )١(
عن كتاب تلميذه الدكتور محمد حسن الحمصى : الدعاة والدعوة الإسلامية
.07ا//١ المعاصرة المنطلقة من مساجد دمشق:
وحدة الأديان في عقائد الصوفية
لا تنفع الرب» كما أن المعصية لا تضره.
يقول البسطامي : «لو غفر لجميع الخلق لما كان منه بكبير حيث
قال إن على الخلق رؤف رحيم""''. وقال البسطامي : (إذا كان يوم
القيامة» وأدخل أهل الجنة الجنةء وأهل النار النارء فأسأله أن يدخلني
النار. فقيل : لم ؟ قال : حتى تعلم الخلائق أن بره ولطفه في النار مع
أوليائه).
قال ابن الجوزي: «هذا الكلام من أقبح الأقوال لأنه يتضمن تحقير
من عظم الله ا
والبسطامي هنا يستخف باليوم الآخرء وما يذكره الإسلام من الجنة
والنار وكل ما يشعر بالحسء ويرى أنه لا فرق بين الجنة والنار
الله أن يترفع في استخدامها لثواب البشر أو عقابه.
قال أبو يزيد: «لو تغفر من رأس آدم إلى يوم القيامة غفرت عن
قبضة تراب. ولو تحرق بالنار من رأس آدم إلى يوم القيامة أحرقت قبضة
تراب»”". وهذه عبارة فيها نوع من اللوم لله في تعذيبه للبشر.
ومثله الرفاعي حين سثل : «لو كانت جهنم لك ما كنت تصنع بها ؟
تعد نيا داقعنال + لأ وصوته» ما كنت أدعل إليهنا أحذا»”.
فالرفاعي جعل من نفسه أكثر رحمة وكرمًا من الله تعالى.
.٠١7 النور من كلمات أبي طيفور ضمن شطحات الصوفية لعبد الرحمن بدوي: )١(
.4١9-51١5 (7؟) تلبيس إبليس: ص
(*) النور من كلمات أبي طيفور ضمن شطحات الصوفية لعبد الرحمن بدوي: .٠١5
(5) تاريخ الإسلام» للذهبي (وفيات الاه-١٠68ه): ص 707.
وحدة الأديان في عقائد الصوفية
ويرى سنائي أن فضل الله ورحمته تجعل الناس موحدين» يقول
سنائى : ديا رب من فضلك ورحمتك اجعل القلب والروح جديرين
قائلين :+ وده لذ قتزيك 101
ويقول ابن عربي : «وقد وجدنا في نفوسناء ممن جبلهم الله على
الرحمة : أنهم يرحمون جميع عباد الله؛ حتى لو حكمهم الله في خلقه
لأزالوا صفة العذاب من العالم بما تمكن حكم الرحمة من قلوبهم.
وصاحب هذه الصفة أ وأمثالى ونحن مخلوقون أصحاب أهواء
وأغراض» وقد قال عن نفسه جل علاه إنه أرحم الراحمين فلا نشك
أنه أرحم الراحمين فلا نشك أنه أرحم منا بخلقه ونحن قد عرفنا من
نفوسنا هذه المبالغة في الرحمة» فكيف يتسرمد عليهم العذاب» وهو
بهذه الصفة العامة من الرحمة إن الله أكرم من ذلك» ولا سيما وقد قام
الدليل العقلي على أن الباري لا تنفعه الطاعاتء ولا تضره
المخالفات)”0".
ويقول: العطار : (إن جاز أن يقتصر عمل الجميع على الصلاة»
لجاز أن تقتصر حكمته على المجاز»””.
يقول الجيلي: «الرحمة لا بد لها أن تعم الكافر والمسلم في
الأعرة ايفين .
)000( حديقة الحقيقة» سنائي الغزنوي: .58/١
(؟) الفتوحات المكية: 77//7.
(*) منطق الطير: ص .15١
(:) الكمالات الإلهية في الصفات المحمدية: ص 5!ا-ه.
وحدة الأديان في عقائد الصوفية
تت اتاد -
وما أوجبه المتصوفة على الله تعالى» ووصفه بالظلم ولومه على
تعذيب الكفار كما هو المفهوم من نصوصهم» وتحقير خلقه ونحو ذلك
من العظائم لا يقوله مسلم مؤمن بالله تعالى؛ فالله سبحانه وتعالى
وصف نفسه بعدم الظلم فقال: و ِظلِمٌ رَيْكَ لهذا © [الكهف: 49]»
وقال تعالى في الحديث القدسي : (إني حرمت الظلم على نفسي
وجعلته بينكم محرمًا فلا تظالموا"'' وذلك ليس عجرًا منه سبحانه بل
لكامل عدلهء ومن هذا الباب فإنه لا يعاقب أحدًا إلا بعد الإنذار
والإعذار وقيام الحجة على العباد بكفرهم وإعراضهم عن طاعة الله
وتكذيبهم رسله. كما جاء في حديث عبد الله بن مسعود وَبه قال: قال
رسول الله يله : «ليس أحد أحب إليه العذر من الله» من أجل ذلك أنزل
الكتاب وأرسل الرسل» وفي لفظ : «ولا أحد أحبٌ إليه العذر من الله ؛
من أجل ذلك .بعث المبشرين والمنذرين»”".
فإعذار الناس بإرسال الرسل إليهم وإقامة البحجة عليهم مما يحبه
الله تعالى ويرضاه. وإذا كان تعالى لا يعذب على ترك الإيمان إلا بعد
بلوغ لحجة فمن باب أولى أنه لا يعذب أحدًا على تركه مأمورّاء أو
فعله محذورًا إلا بعد قيام الحجة عليه. ونقل ابن حجر عن القاضي
عياض في معنى الحديث قوله: «المعنى بعث الرسل للإعذار والإنذار
لخلقه قبل أخذهم بالعقوبة» وهو كقوله: ظلِثلَا يوْنّ لدي عَلَّ أله
.19944/4 رواه مسلم: كتاب البر والصلة (5) باب تحريم الظلمء رقم (//01؟) )١(
. من حديث أبي ذر ظله
(؟) أخرجه البخاري: التفسير سورة الأعراف )١( رقم (47719)» ومسلم: التوبة (5)
باب غيرة الله تعالى» وتحريم الفواحش رقم (7!56) .1١١5/5 والترمذي:
الدعوات باب (95) رقم لاه *) ه/47ه-0173.
وحدة الأديان في عقائد الصوفية
حبَة بعد الرُسُل» [النساء: 9000©
فإذا أعرضوا وكذبوا بعد البلاغ كان مصيرهم النار جزاء كفرهم
وتكذيبهم الرسل؛ عدلَا منه سبحانه» كما قال تعالى: «إدَّ ألدِنَ كَرَوأ
مِنَ أَهْلٍ الكتب وَالْمشْرِكينٌ في نار جَهَتمَ خَلِينَ فياً» [اليئة: 5]» والنصوص
الواردة في وعيد الكفار مشروطة بعدم توبتهم من شركهم وكفرهم. أما
إن ماتوا على كفرهم بالله بعد قيام الحجة فهم مخلدون في النار.
وأما ما يوجبه الصوفية على الله من تلقاء أنفسهم» فهذا قول باطل
معلوم فساده ؛ إذ ليس لأحد سوى الله أن يوجب عليه تعالى» فالله أحق
على نفسة اها أحقع وأوجب عليها ما أوجب وهذا من كمال حكمته
وعدله وفضله ؛ وليس لأحد منة عليه سبحانه فهو المتفضل على عباده.
إن غفر لهم فبرحمته» وإن عاقبهم فبعدله سبحانه. وقد دلت النصوص
أن الله تعالى أوجب على نفسه الرحمة والمغفرة للمؤمنين إذا تابوا
باكر كع وا اي ا ا ار ا
يل بنك نو كا 5 شم تاب ين بدو وَأصَلمَ أنه حَفُوْدٌ سيد 406
[الأنقام: 104 وقد استثنى سبحانه من أشرك به فقال تعالى: «إنَّ أنه لا
يَمْفْرُ أن شرك يه وَيَغْفْرَ ما دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَمَآة [النّسَاء 4]. فهؤلاء لا
يدخلون في الرحمة والمغفرة لأنهم أعرضوا وماتوا ف ا قال
سبحانه وتعالى: #إإنَّ أَلَدْنَ كت وَمَانوا وهم كُمَارٌ فآن يِقبلٌ بن أَحَدهم
يَلْه الأَرْضٍ دعبا ولو أنتدئ يو أولَيِكَ لمر عََابُ أَلِيدٌ وَمَا لَهُم ين
1 > حنى :
تصِرِيَ 4 [آل عِمرّان: .]4١
32
ا
.41١/17 فتح الباري: )١(
وحدة الأديان في عقائد الصوفية
ومن منطلق الوحدة الإنسانية : كانت نظرة المتصوفة إلى العقوبات
الشرعية» وما تستلزمه من إقامة الحدود والتعزيزء والأخذ على يد
المجرمين : نظرة يكتنفها الكثير من الغموضء فلم يتعرض الأقطاب
للعقوبات الشرعية» وتغيب عن أدبياتهم عبارة إقامة الحدود التي يرددها
الفقهاء في مقام إجراء الحكم الشرعي بما فيه العقوبات. وأحاديث
تنصرف إلى الرحمة بالخلق وتبدو وصاياهم عن حسن التعامل والتسامح
موجهة للناس في علاقاتهم ببعضهم البعض. ولا شك في أنهم
يستبشعون العقوبات الشرعية لقسوتها بزعمهم. وإن لم يتجرأوا على
إكازها وإننا كرا العقاته مقهونا عات
وإنكار العذاب وجد عند بعض فلاسفة النصارى كالفيلسوف :
إريجنا. حيث يشك في وجود الجحيمء ومعنى الآلام في الآخرة.
وليس الجحيم عنده إلا شقاء الضمير فقط"".
وقد لجأ المتصوفة إلى تحريف معاني النصوض الشرعية في إنكار
العذاب في الآخرة» بل كل بني الإنسان عندهم من أهل النعيم. سواء
كان هذا التحريف حقيقته بحيث أنكروا أن يكون هناك عذابًا
البتة» وفسروا حقيقة النار أنها النعيم المقابل لصفات الجلال» فأهل
النار يتنعمون فيها لأنها تجل من تجليات الحق في صفات الجلال. أو
كان هذا التحريف عن طريق الاستخفاف بالنار» وأن من السهولة
بمكان إطفاؤهاء أو قدرة الصوفي على ملئها لوحده ونحو ذلك.
يقول البسطامي «ما النار؟! لأستندن إليها غداً وأقول اجعلني
.475-4١ ينظر مدارات صوفية»ء هادي العلوي: )١(
ينظر الموسوعة الفلسفية» عبد المنعم الحفني: ص"8. )5(
وحدة الأديان في عقائد الصوفية
أسسسيما لا ا اله 1ت ا ا 1 د
لأهليها كذاء: ها الجية ! لعة صمياةة3,
كما تمنى البسطامي أن القيامة قد قامت؛ لينصب خيمته على جهنم
فتراه النار فتخمكد. يقول البسطامي : «وددت أن قامت القيامة حتى
أنصب خيمتي على باب جهنم». فسأله رجل هنا *"ولما“ذاك يا أيا
يزيد؟ قال إني أعلم أن جهنم إذا رأتني تخمدء فأكون رحمة
الخلة 2
ذكره-: «من قال هذا كائن من كانء. فهو زنديق يجب قتله؛ فإن
الأهوان:بالشىع ثمزة الجحن0.
ويقول الحلاج ممعنًا في الاستخفاف بالنار: «لولا أن الله تعالى
قال: مِ9لَآْمَلانَ جه [الأعرّاف: 18]؛ لكنت أبصق فى النار حتى تصير
ريحانًا على أهلها»".
ويقول الدسوقي : «وقد كنت أنا وأولياء الله أشياخاً فى الأزل» بين
يدي قديم الأزل» وبين يدي رسول الله كك . ثم التفت إلى رسول الله
يكوه وقال : «يا إبراهيم : سر إلى «مالك»». وقل له يغلق النيران» وسر
إلى «رضوان» وقل له يفتح الجنان» ففعل «مالك» ما أمر بهء وفعل
() ميزان الاعتدال» للذهبي: ؟/55". وتاريخ الإسلام. للذهبي (وفيات -75١
٠4له): ص7١١1.
(0) تلبيس إبليس: ص58١4. والنور من كلمات أبي طيفور ضمن شطحات الصوفية
لعبد الرحمن بدوي: 7ا5١.
(9) تلبيس إبليس: ص7١5.
(5) أخبار الحلاج رقم (05): ص8608.
وحدة الأدياخ في عقائد الصوفية
رفوك ا مي 1
ويرى ابن عربي أن مآل الخلق- المؤمن منهم والكافر- إلى النعيم
المقيم؛ فإن نعيم الجميع واحد وإن اختلفت صوره وتعددت أسماؤه.
يقول ابن عربي في حق أهل النار :
وإن دخلوا دار الشقاء فإنهم على لذة فيها نعيمٌ مباين
نعيم جنان الخلد فالأمر واحد وبينهما عند التجلي تباين
يكدمن عدا نادم فندوزة تطعمة- لإذالكة له #الققر وال 5
يقول الرومي: «أهل النار في النار أسعد منهم في الدنيا»”".
وينكر الجيلي العذاب الحسي فيقول : «إن الحق تعالى من رحمته
إذا أراد تعذيب عبد بعذاب في الآخرة أوجد له في ذلك العذاب لذة
غريزية يتعشق بها جسد المعذب لثلا يصح منه الالتجاء إلى الله تعالى
والاستعاذة به من العذاب فيبقى في العذاب ما دامت تلك اللذة موجودة
له فإذا أراد الحق تخفيف عذابه فقده تلك اللذة فيضطر إلى الرحمة وهو
تعالى شأنه أنه يجيب المضطر إذا دعاه فحينئذ يصح منه الالتجاء إلى
الله تعالى والاستعاذة به فيعيذه الحق من ذلك66.
والاتجحانة وتعالق در من نا تلجيتي التي تك انها هزد *
المتصوفة وما فيها من عذاب لا يطاقء فقال تعالى: #كلّة ِنبا فى 09
َعَةٌ لِشَّوى (6)05 [المتارج: ]15-١١6 وقال: كا تت جِلُودهم بَدَلتهُمَ ل
.١1254/١ الطبقات الكبرى للشعراني: )١(
(؟) الفصوص: ص44. وينظر الفتح الرباني والفيض الرحماني» للنابلسي: 1784-177.
(') فيه ما فيهء جلال الدين الرومي: ص760".
(5) الإنسان الكامل: 78/7.
وحدة الأديان في عقائد الصوفية
هه رع مه وولاس ره 5 5 كرس سس لس أ سر ول درسم
عَيْرَهَا ليدوفوأ لْعدَابٌ» [النساء: :015 وقال: #وَهُم يَصَطَرِحُنَ فا ربا
> وس ده ره لوم ممه _ ِ
أخرحنا تَعَمَلٌ َللِحًا عَيْرَ الى كنا تَعَمَلُ4 [قاطر: اء وقال: «إوكادزا
ود -
يك بِِنّضٍ ينا ريك قال نكل كوت 409 [الزعرف: “/اء وقال كك :
«ناركم جزء من سبعين جزءًا من نار جهنم)7".
ومن مدأ الإنسائية الشامل يععدن المعضوفة لإبليسن: على كفره
واستكباره وعصيانه أوامر الله تعالى» وسعيه الدؤوب لإغواء بني آدم ؛
فيعلل النابلسي رفض سجود إبليس لآدم بأن الأول «لم يشعر بباطنيه آدم
لي التي هي صورة الحق؛. وحسب أن الحكم للظاهرية» فجهل ما
أودعه الله تعالى في باطن آدم 2842. ولو علم بذلك لبادر إلى السجود
كالملابكة00" ,
ويفسر الجيلي اللعنة على إبليس بأنه «طرد الحق له من حضرة
القرب إلى حضيض البعد الطبيعي»””".
ويؤكد الجيلي إعجابه بإبليس وتقديسه له والحكم له بأنه في منزلة
لا يصل إليها ملك مقرب ولا نبي مرسل» فيقول : «فلا يلعن إبليس أي
لا يطرد عن الحضرة إلا قبل يوم الدين» لأجل ما يقتضيه أصله وهي
الموانع الطبيعية التي تمنع الروح عن التحقق بالحقائق الإلهية وأما بعد
ذلك فإن الطبائع تكون لها من جملة الكمالات فلا لعنة بل قرب
)١( رواه البخاري: كتاب بدء الخلق )1١( باب صفة الناره رقم (770). ومسلم:
كتاب الجنة )١1( باب شدة حر نار جهنم» رقم (7847) 7184/4. من حديث
أَضٍّ هريرة ط.
إفة الفتح الرباني والفيض الرحماني» للنابلسي : /3.
9 الإنسان الكامل: 8/7".
وحدة الأديان في عقائد الصوفية
محض ؛ فحينئذ يرجع إبليس إلى ما كان عليه عند الله من القرب الإلهي
وذلك بعد زوال جهنم لأن كل شيء خلقه الله لا بد أن يرجع إلى ما
كان عليه هذا أصل مقطوع به فافهم» قيل إن إبليس لما لعن هاج وهام
شدة الفرح حتى ملأ العالم بنفسه فقيل له أتصنع هكذا وقد طردت من
الحضرة فقال هي خلعة أفردني الحبيب بها لا يلبسها ملك مقرب ولا
1
قال تعالى في شأن إبليس وطرده من الجنة ولعنه بعد استكباره أن
ليبن )4 (من: -م/8ء وقال تعالى: ظَالَ يَإِئِيسَ مَا مَتَمَكَ أن تَسَمْدَ لما
لقت يدك لنتَكبرَتَ ام كنت بِنّ لين )4 (من: ]"٠ فإبليس كفره معلوم
بالضرورة من دين الإسلام» كما أن كفره متفق عليه بين أهل الأديان
قاطبة.
5 85 35 8
.787-177 الإنسان الكامل: 9/7". وينظر المثنوي» للرومي: ؟/ )١(
وحدة الأديان في عقائج الصوفية
لا ومسو سس سس ب را ا نو ست 7 70177 ا د
سحلت نت 7
عد -0
مفهوم الإنسانية في الإسلام
ينطلق ا في نظرته إلى الإنسان على أساس قول الله تعالى:
ابا تاس م 1 وض َِى 1 من قي وَحِدَةَ# [النسَاء اياء وجعل
الإسلام الإيمان والتقوى والعمل الصالح المقياس الفعلي لهذه
الوحدة الإنسانية: فبالإيمان يتفاضل الناس» 000 يتفاوتون في
المنزلة. يقول الله تعالى «#يكاا التاشس نا حَلقَتَُ ين وى 2
0 ايل ِسَحَارَفوا َّ 1 ري ] عند لَ َه قدي كَّ َك _ ج49
[الُجرّات: .]1١ ويقول الرسول يل : «إن أنسابكم هذه سيف بس عل
أجل كُلكم بنو آدم طفُ الصاع لم تملؤه: ليس لأحد على أحد فضل
إلا بدين أو تقوى"”''. كما جعل الإسلام أخوة الدين تعلو على إخوة
النسب: م ِنَم المؤموثة لِحَوَة 46 [الحجرّات : .]٠ وقال َك : «مثل المؤمنين
في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى
له سائر الأعضاء بالسهر والحمى»”".
,)١09/945( رقم 7600/18 .)١9/9١*( رواهالإمام أحمد: 1:8/58ه رقم )١(
رقم (20409 والطبري في التفسير ,8١8 والطحاوي في شرح مشكل الآثار:
(سورة الحجرات): كك من حديث عقبة بن عامر وَلكِبه وإسناد حسن (ينظر
أن يقرب الإناء من الامتلاء من غير أن يمتليء. أي: قريبٌ بعضكم من بعض؛ لأن
والغريبين .١٠١7/7 طف الصاع قريبٌ من ملئه. ينظر: غريب الحديث» لأبي عبيد:
.1179* /5 في القرآن والحديثء» للهروي:
(؟) رواه مسلم: كتاب البر والصلة والآداب (10) باب تراحم المؤمنين» رقم (1047)
5م من حديث النعمان بن بشير 5 .
وحدة الأديان في عقائد الصوفية
والدعوة إلى الإنسانية بالمفهوم الصوفي تنافي سنة كونية ثابتة من
0 مره فى حنده وين د الحا مضو يفوع وضرب الحق
موه ألما
بالباطل» قال تعالى: 8«#وَلوْلَا دَفْعٌ أ آنا لي و 0
الْأَرْضُ » [البَقَرَة: ١0؟]» وقال ورك 0 ألم النّاس بخضهم ب 0
صَوعِعُ وَبِيَمُ وَصَلوتٌ وَسحِدُ يذْكرٌ فِبَا أَسْمْ م أنه حكزير» [العخ: .
والخلاف الذي يسعى المتصوفة إلى محوه بدعوتهم الإنسانية
للوحدة بين الأديان» هو ناموس من نواميس الله في خلقه. يجري على
قدرء وينتهى ي إلى غاية عظيمة» وفق تدبير حكيم : ولد سه رَبك مل
لاس كد ده له لون يِف 079 إل من نحم رك وَلِدَّلِكَ ك4
[هُود: .]١ ١9-1١4
والدعوة إلى وحدة إنسانية بين البشر قوامها الإنسان وحله : دعوة
هدامة تسعى لهدم الأديان» وإحلال المذهب الإنساني مكانها في سبيل
تحقيق ما يزعمونه من محو العصبيات التي هي بزعمهم أصل العداوات
جرت بين الناسن والأمم.
ودعوى الإنسانية هي قميص عثمان في كل مكان وزمان
فالماسونية- وهي من أقدم المذاهب الهدامة- تدعو إلى الإنسانية ومحبة
البشر كلهم بلا تمييزء والشيوعية تدعو كذلك إلى الإنسانية والسلام»
ودعاة التوفيق بين الأديان ووحدتها في القديم والحديث يدعون إلى
ديانة مبتكرة يرتضيها كل الناس. والفرق الباطنية كالإسماعيلية»
والقاديانية والبهائية» تدعو إلى الإنسانية» وهناك دعوات أخرى تلبس
هذا الثوب نفسهء وتدعو إلى تعاون البشر.
والتاريخ والواقع أيضا تكذب هذه الدعوة؛ فلم يخل تاريخ البشرية
وحدة الأديان في عقائد الصوفية
إلى يومنا الحاضر من الحروب والقتال بين الأمم» والسعي لفرض ثقافة
المنتصر ودينه» دون اعتبار للجانب الإنساني الذي يدعو إليه هؤلاء
المتصوفة. لأن الصراع بين لخدن والباطل سنة كونية كما سبق ذكره :
مور سه ألنَّدُ مَا أَفَمَمَلُوا وَل ا مَا يرِيِدٌ © البَقَرَة: “67 7].
واعتبار الجانب الإنساني في التعامل بين البشر : من الإحسان إلى
الفقير وإن كان كافراء وبر الوالدين والقيام بحقهما وإن كانا كافرين»
أمور دعا إليها الإسلام» وأقرهاء وقد قال النبي عبد : «من لا يرحم
الناس لا يرحمه الله عز وجل'"'''. قال ابن بطال كه عند شرحه لهذا
الحديث: «فيه الحض على استعمال الرحمة للخلق كلهم كافرهم
ومؤمنهم)»”". ولا يلزم من ذلك أن يغير الإنسان دينئه » أو أن يدعو الى
توحيد الأديان كما فعلت المتصوفة؛ لأن ذلك كله ليس من الإنسانية
في شيء ؛ إلا أن يدعو إلى دين اك دين الإنسانية جمعاء كما
قال تعالى: «إوما أَرَسَلْسَك إِلَا رَحمَهَ لَِعَلَمِيت )4 [الأنياء: 6].
وقد ورد فى تفسير هذه الآية قولان:
القول الأول: أن الرحمة خاصة بالمؤمنين لا تشمل الكفار.
وأما القول الآخر: فهو أن الرحمة شاملة المؤمنين والكفارء وهذا
الذي رجحه بعض المحققين كابن جرير الطبري» واد بن القيم» وهو
)١( رواه البخاري: كتاب الأدب (700) باب رحمة الناس والبهائم» رقم (5011).
ومسلم: كتاب الفضائل )١0( باب رحمته يل الصبيان والعيال» ورقم )17١19(
4» من حديث جرير بن عبد الله البجلي ذه
وحدة الأديان في عقائد الصوفية
لال 971501 ويفيك للقزل. يان الاية "على اعهرمهاة مالارواه أ هري
ونه قال : قال رسول الله كك : «يا أيها الناس إنما أنا رحمة مهداة».
ولفظ الناس يشمل المؤمن والكافر. وفي لفظ : قال: قيل يا رسول الله
ادع على المشركين. فقال كلِِ: «إني لم أبعث لعاناء وإنما بعثت
.
أما كيفية حصول الرحمة للعالمين ببعثه نبينا محمد يَكِلِ فيمكن أن
يبين من وجهين :
الوجه الأول: أن عموم العالمين حصل لهم النفع برسالته» أما
أتباعه فنالوا به كرامة الدنيا والآخرة» وأما أعداؤه : فالمحاربون له
عجل: لتلهتع + :وموتهم خير لهم :من عياتهع لآن خياتيع زيادة لهم .ني
تغليظ العذاب عليهم في الدار الآخرة» وهم قد كتب عليهم الشقاء.
فتعجيل موتهم خير لهم من طول أعمارهم في الكفر. وأما المعاهدون
لهء فعاشوا في الدنيا تحت ظله وعهده وذمته..وهم أقل شراً بذلك
العهد من المحاربين له. وأما المنافقرن.» فحصل لهم بإظهار الإيمان به
حقن دمائهم وأموالهم وأهلهم واحترامها وجريان أحكام السلمعةه
عليهم في التوارث وغيره» وأما الأمم النائية عنهء فإن الله سبحانه رفع
برسالته العذاب العام عن أهل الأرض» فأصاب كل العالمين النفع
برسالته.
.18١:ص وجلاء الأفهام» .٠١7/117 ينظر تفسير الطبري: )١(
(0) رواه مسلم: كتاب البر (7584) باب النهي عن لعن الدواب وغيرهاء رقم (5099)
14 هرو ورواه الحاكم: .7”6/١ وصححه ووافقه الذهبي». من حديث أبي
هريرة ذه .
وحدة الأديان في عقائد الصوفية
الوجه الثاني: أنه رحمة لكل أحدء لكن المؤمنين قبلوا هذه
الرحمة فانتفعوا بها دنيا وأخرى. والكفار ردوها فلم يخرج بذلك عن
أن يكون رحمة لهمء. لكن لم يقبلوها كما يقال هذا دواء لهذا المرض»
فإذا لم يستعمله المريض لم يخرج عن أن يكون دواء لذلك المرض”".
وذكر الخطابي إشكالا عن بعضهم وهو: كيف يكون مبعوثًا
بالرحمة؛ وقد بعث بالسيف وأمرنا بالقتال وسفك الدم؟
وكان من جوابه كأله: أن الله تعالى بعث أكثر الأنبياء» وأمرهم
بالإبلاغ» وأيدهم بالجوامع والحجج والمعجزات» فمن أنكر من تلك
الأمم الحق بعد قيام الحجة وظهور المعجزة أرسل عليه العذاب
وعوجل بالهلاك» واستؤني بهذه الأمة فلم يعاجل من أنكر منهم الحق
بالعذاب والاستئصالء وأمر الله عز وجل نبيه بجهادهم» وحملهم على
الدين بالسيف ليرتدعوا عن الكفرء فلا يحتجوا بالعذاب» ويأتي على
آخرهم الهلاك. فإن بعد السيف بقية» وليس بعد الحذاب المنزل بقية»
وقد روي أن قومًا من العرب جاءوه فقالوا: يا رسول الله أفنانا السيف.
فقال كَكل:: «ذاك أبقى لآخركم”". فهذا هو معنى الرحمة المبعوث بها
و0 .
ولقد شهد غير المسلمين بإنسانية الإسلام ورحمته» والتي لا توجد
في الأديان الأخرى» يقول وول ديورانت : «لقد ظل الإسلام خمسة
قرون يتزعم العالم كله في القوة والنظام» وبسطة الملك» وجميل
)١( ينظر المنهاج في شعب الإيمان: ؟594/7. وجلاء الأفهام. ص: .185-1١84١
() الحديث لم أقف على تخريجه
2 أعلام الحديث .777-1717١/١
وحدة الأديان في عقائد الصوفية
الطبائع والأخلاق» وفي ارتفاع مستوى الحياة» وفي التشريع الإنساني
الرحيم» والتسامح الديني)”".
5 35 2 35
."م9/١7 قصة الحضارة: )١(
الفصل التاسع
مفهوم الشريعة والحقيقة عند الصوفية ووحدة
الأديان فى ضوء تقسيم الدين إلى حقيقة وشريعة عندهم
وفيه ثلانة مباحى :
لا المبحث الأول :
ألا المبحث الثانى :
لا المبحث الثالث :
مفهوم | لشريعة والحقيقة عند
المتصوفة.
وحدة الأديان فى ضوء تقسيم الدين
وحقيقة.
الت ل
سد و 2
مفهوم الشريعة والحقيقة عند المتصوفة
تقسيم الدين إلى شريعة وحقيقة أو ظاهر وباطن: مصطلح ليس له
صل في الكتاب والسنة؛ بل ترجع أصوله إلى الفرق الباطنية التي
ظهرت في تاريخ المسلمين ومنهم انتقل إلى مبتدعة الزهادء وأصبح
لاحقا من الأسس التي بني عليها ما يعرف بالتصوف الفلسفي أو
التصوف الغالي.
وأخذ المتصوفة هذا التقسيم عن الشيعة: الإثني عشريةء
والإسماعيلية ومعظم فرق الشيعة. فيذكر الغزالي أن الباطنية إنما سمو
بالباطنية «لدعواهم أن لظواهر القرآن والأخبار بواطن تجري في
الظواهر مجرى اللب من القشرء وأنها بصورها توهم عند الجهال
الأغبياء صوراً جلية» وهي عند العقلاء والأذكياء رموز وإشارات إلى
حقائق معينة» وأن من تقاعد عقله عن الغوص على الخفايا والأسرارء
والبواطن والأغوار» وقنع بظواهرها مسارعاً إلى الاغترار كان تحت
الأواصر والأغلال معنى بالأوزار والأثقال)0".
وجعلت الإسماعيلية الظاهر من نصيب النبي» والباطن من نصيب
الوصي «كانت الدعوة الظاهرة قسط الرسول صلوات الله عليه» والدعوة
الباطنة قسط وصيه الذي فاض منه عليه جزيل الأنعام)”" ف «دعوة
)١( فضائح الباطنية للغزالي: ص6.
(1) الذخيرة في الحقيقة» علي بن الوليد: ص”١١.
وحدة الأديان في عقائج الصوفية
الرسول كانت إلى التنزيل والشريعة» ودعوة الوصي كانت إلى التأويل
)١2( .. .
والحقيقة»"'.
ويروي الشيعة عن محمد الباقر قوله: اما يستطيع أحدٌ أن يدّعي أن
عنذده جميع القرآن كله ظاهره وباطنه غير الي
ويعتبر القول بأن لنصوص القرآن باطنًا يخالف ظاهرها من أصول
مذهب الشيعة» التي لا يقوم مذهبهم إلا بهاء ولهذا عقد صاحب بحار
الأنوار بابا بعنوان (باب أن للقرآن ظهراً وبطناً) وذكر الكثير من
الروايات في هذا الباب كما فعل غيره من أئمتهه””".
ونظر المتصوفة إلى القرآن في ضوء إيمانهم بالحقيقة إلى أن القرآن
له ظاهر وباطن» فظاهره للعوام يحرس عقيدتهم. كما يقول سنائي: «هو
من الظاهر حارس عقيدة العوام)”*. وباطنه للخواص فلا حاجة لهم
لظاهر القرآن بل معرفتهم لباطن القرآن تغنيهم عن ظاهره.
يقول الرومي: «اعلم أن حروف القرآن وألفاظه ظاهرة» وتحت كل
ظاهر باطن شديد القهر. وتئحت هذا الباطن باطن ثالث» تتوه فيه
العقول بأجمعها. والبطن الرابع من القرآن لم يدركه شخص قطء ولا
يعلمه إلا الله الذي لا نظير له ولا ند. فلا تنظر يا بنى من القرآن إلى
ظاهره» فإن الشيطان لا يرى من آدم إلا أنه طين. والقرآن مثل شخص
.١59ص الافتخارء لأبي يعقوب السجستاني: )١(
(؟) الأصول من الكافي. كتاب الحجة.ء باب أنه لم يجمع القرآن كله إلا الأئمة:
/8»,.
(*) ينظر أصول مذهب الشيعة الإمامية الإثني عشرية عرض ونقد: .18015-١61١/١
(5) حديقة الحقيقة» وشريعة الطريقة: /١ 45» الفقرة .)١1985(
وحدة الأديان في عقائد الصوفية
الإنسان صورته ظاهرة ؟؛ لكن روحه شديدة الخفاء»7".
ولقد آمن معظم المتصوفة - متبعين في ذلك الشيعة - بأن كل آية»
بل كل كلمة في القرآن. تخفي وراءها معنى باطنًا لا يكشفه إلا
المتصوفة لأنهم أهل العلم الباطن بزعمهم. ومن هنا كان من السهل
عليهم أن يجدوا دليلًا من القرآن لكل قول من أقوالهم ونظرية من
نظرياتهم أيا كانت. ولجأوا إلى تأويل تعاليم الإسلام على أنحاء
وأشكال لا حصر لعددهاء وربما أدى إلى تناقض في العبادات
والمسائل العملية وكل ذلك مفروض صدقه في النوع لا في الدرجة ؛
لأن معاني القرآن لا حصر لهاء وهي تنكشف لكل صوفي بحسب ما
منحه الله من الاستعداد الروحي. ولهذا لم تتألف من الصوفية فرقة
خاصة. ولا كان لهم مذهب محدود يصح أن نسميه مذهب التصوف.
بل إن التعريفات العديدة التي وضعت للفظ التصوف نفسه لتدل على
تعدد وجوه النظر في فهم معناء”". .
والمراد بالشريعة عند المتصوفة أو ما يسمى بالظاهر : هو ما
يشترك قيه عامة الناس من أمور الدين والتي يستمد حكمها مباشرة من
القرآن أو السنة وإجماع الأمة. فعلم الشريعة - كما يقول أحد
الصوفية- : «هو علم يحصل به معرفة الأعمال الصالحة وغير
الصالحة. ومعرفة الطاعة» ومعرفة المعصيةء ويظهر الكفر من الإيمان»
ويتميز الصواب من الخطأ والغضب والرضوان»”".
.4701"-837 8517 المثنوي: #/ ”58-53". الفقرات )١(
(؟) في التصوف الإسلامي وتاريخه. نيكلسون: ص76 بتصرف واختصار.
- الورقة الخامسة,. الوجه الأول من مخطوطة ملحقة بمخطوطة: «تقريب )*(
وحدة الأديان في عقائد الصوفية
وأهل الشريعة أو أهل الظاهر عند المتصوفة على قسمين :
العوام: وهم غالبية أهل الشريعة ويكفيهم معرفة ما يعلم من الدين
بالضرورة.
والقسم الآخر: هم علماء الشريعة» أو علماء الرسوم كما تسميهم
الصوفيةء وهؤلاء هم الذين يحيطون بظواهر الشرع ويستنبطون الأحكام
من النصوص» وإليهم يرجع العامة فيما أشكل عليهم من أمور الدين.
أما المراد بأهل الحقيقة أو أهل الباطن عند المتصوفة : فهم
الخلص من الناس» وكلهم في المنزلة أعلى من علماء الشرع فضلاً عن
عوامهم» وهم الذين قد بلغت بهم المجاهدة غايتهم ؛ فحصل لهم من
العلم اللدني عن طريق الكشف ما لم يتأت لغيرهم ؛ فعلمهم الذي
يسمونه بالحقيقة» أو علم الباطن مستمد من الله مباشرة من غير واسطة.
ويزيد الغلاة منهم في اعتقاد أن الوجود واحد وأن الرب عين العبد
فمن اعتقد ذلك فهو من أهل الحقيقة. ١
ف«علم الباطن وهو علم الحقيقة»"'' وهو: «علم يحصل به الكشف
عن الاعتبار الأول الذي عليه المخلوقات من حيث صدورها عن الحق
- الفهوم والعقول والأفكار إلى ما وراء أطوار العقل من الأطوار» لمحمد عطار زاده
الدمشقي (صورة هذه المخطوطة موجودة في مكتبة الملك فهد الوطنية (مجموعة
جامعة برنستون) رقم (7771). وهذه المخطوطة تحدث مؤلفها في مقدمتها عن
الفرق بين الشريعة والحقيقة ثم نقولات عن الإنسان الكامل للجيلي. والذي يظهر
أنها تابعة لمؤلف المخطوط السابق» والله أعلم. وينظر: الفتوحات المكية: /١
009-5١
)١( التنبيه من النوم في حكم مواجيد القوم (مخطوط) ق8أ. وينظر «الصلاة»» محمد
صادق عنقا شاه: ص058.
وحدة الأديان في عقائد الصوفية
تعالى» والكشف عن أحوالهم» وعن كيفية صدورهم عنه تعالى»
ومعرفة تجليه تعالى عليهم» وظهوره لهم منهم ؛ بحيث يتحقق العبد أنه
معدوم» وأن الوجود الظاهر عليه هو الحق سبحانه .. وعلم الحقيقة لا
تعلق له بالأعمال التكليفية ولا الاعتقادية» ولا غيرها .. ولا حكم فيه
ولا أمر ولا نهي. ولا رد فيه لحكمء ولا لأمرء ولا لنهي”".
ويعرف ابن عجيبة علم الحقيقة بأنه «العلم الموهوب الذي يفيض
على القلوب من حضرة علام الغيوب لا ينال بحيلة ولا اكتساب» ولا
يؤخذ من دفتر ولا كتاب .. وهي أسرار الربوبية التي أخفاها الله عن
خلقه ولم يطلع عليها إلا خواص أوليائه ؛ فإذا نطقوا بها مع غير
أهلها ؛ ردوا عليهم وربما أباحوا دماءهم)”".
ويقول البكري”" عن علم الحقيقة: «هو العلم اللدني الذي لم
يسطر في الطروس وإنما هو تلقين من الله سبحانه وتعالى بغير واسطة
لل .
)١( الورقة الرابعة من مخطوطة ملحقة بمخطوطة: «تقريب الفهوم والعقول والأفكار إلى
ما وراء أطوار العقل من الأطوار» لمحمد عطار زاده الدمشقي. وينظر: الفتوحات
المكية: ؟/ 681-"667., 1
(؟) إيقاظ الهمم في شرح الحكم: .441-45٠/7 وينظر «الفتوحات الإلهية في شرح
المباحث الأصلية» لابن عجيبة على هامش (إيقاظ الهمم في شرح الحكم»: .19/١
(») مصطفى بن كمال الدين بن علي البكري الصديقي» الخلوتي طريقة» الحنفي مذهبّاء
أبو المواهب من أقطاب الصوفية» ولد فى دمشق سنة (49١٠ه)»: ورحل إلى القدس
31109 عدار حلت ويعدادومضر والقسهلنط ييه والعمها فب كانت وفاتة بوتطتر
سنة (177١ه).ينظر سلك الدرر: 5/ »14٠ والأعلام: 7764/17
(5) السيوف الحداد للبكري: ص/,١١-8١1.
وحدة الأديان في عقائد الصوفية
وعلم الحقيقة يصفه الصوفية بأنه :
العلم المستمر الذي لا يتبدل ولا ينقطع سواء في الدنيا أو
الآخرة» أما علم الشريعة - أو ما يسمونه بالرسوم - فإنها تنتهي بموت
صاحبهاء وأهل الحقيقة والكشف هم «أهل الله إذ هم المرشدون إلى
الفجاج الصحيحة والسبل المستقيمة» وعلومهم محفوظة من النسخ
والتبديل دنيا وآخرة؛ وأما الرسوم فإنما تتمشى إلى الموت)20.
ويؤكد المتصوفة على خصوصية علم الحقيقة ؛ إذ إن الحقيقة نزلت
على الرسول يَلْةِ بعد اكتمال الشريعة واستقرارها في النفوس». ومن ثم
نزل عليه جبريل بالحقيقة ؛) فخص بها بعض أصحابه دون البعض.
يقول أبو الفيض المنوفي: إن القوم يرجعون بسند طريقهم إلى
رسول الله يَكْةِ من حيث إن جبريل 42 نزل إليه أولا بالشريعة ؛ فلما
تقررت ظواهر الشريعة واستقرت؟؛ نزل إليه بالحقيقة المقصودة والحكمة
المرجوة من أعمال الشريعة... فخص رسول الله ييةِ بباطن الشريعة
بعض أصحابه دون البعض)”".
5 عجيبة : «وأما واضع هذا العلم فهو النبي كله علمه الله
بالوحي والإلهام؛ فنزل جبريل أولا بالشريعة فلما تقررت» نزل ثانيا
بالحقيقة» فخص بها بعضًا دون بعض وأول من تكلم فيهء وأظهره:
سيدنا علي كرم الله وجهه. وأخذه عنه الحسن البصري»”".
ويقول المنوفي: «وكان أول من أظهر علم القوم وتكلم فيه سيدنا
)١( روح البيان: 404/0.
(؟) جمهرة الأولياء وأعلام أهل التصوف: .1094/١
(9) إيقاظ الهمم في شرح الحكم: .109/١
وحدة الأديان في عقائد الصوفية
الحارث المحاسبي. والذي في عهده انتشرت الحقيقة بين أعلام
التصوف ولا تزال تنتشر حتى ينقطع عمر الدنيا على حد تعبير الصوفي
المعاصر أبي الفيض المنوفي”".
وتخصيص علي هينه بعلم خاص دون غيره من الناس قدح في
الرسول يَلْةِ إذ مفهوم هذا أن النبي حجب ما أمر بإبلاغه للمسلمين»
والله سبحانه وتعالى أمره بعدم كتمان ما أنزل إليه من ريه ري
ام الرُسول بلِع م م نل إل من َي وإن كِ تفعل قا لَنْتَ رسَاكة»
[المّائدة: /51]. كما أن من نسبت إليه خصوصية العلم. وأقصد عليًا بن
أبي طالب قد نفى تخصيص الرسول لهم بعلم خاص فعن أبي جُحيفة
قال: قلت لعلي: «هل عندكم كتاب؟ فقال: لاء إلا كتاب الله أو
فهمٌ أعطيه رجل مسلمء أو ما في هذه الصحيفة. قال: قلت: فما في
هذه الصحيفة؟ قال: العقل. وفكاك الأسير» ولا يقتل مؤمن بكافر)”".
والأصل عند المتصوفة هي الحقيقة أم الشريعة فهي فرع من هذا
الأصل: يقول النابلسى : «الحقيقة أصل » والشريعة فرعها)”".
ومع اعتبار , بعض الصوفية للشريعة- وإن كان في نطاق ضيق - إلا
ا أي اعتبارء يقول العطار : (متى
.١199/١ ينظر جمهرة الأولياء وأعلام أهل التصوف. للمنوفي: )١(
(0) رواه البخاري: كتاب العلم (4”) باب كتابة العلم» رقم )١١١( وينظر مجموع
فتاوى ابن تيمية: .758/١7
(9) عذر الأئمة في نصح الأمة (مخطوط): ق”7أ. وينظر سراج الهدى. محمد صادق
عنقا شاه: ص 248١ وما بعدها.
محدة الأديان في عقائب الصوفية
١سا 7 مسمس ب مج نع و تت الات 1 15 ا 7ج سس 1ت 07 1 015 1
خلص الإنسان من النقل أصاب السقيقة7,
ويحكي أبو القاسم الصوفي”'' أنه حضر دروس العفيف التلمساني»
وقرأ عليه في المواقف للنفري؛ فجاء موضع يخالف الشرع فحاققته
عليه» فقال: «إن كنت تريد أن تعرف علم القوم» فخذ الشرع والكتاب
والسنة فلفها واطرحها. قال: فمقته وانقطعت من ذلك اليوم»””".
ومن خلال عبارة التلمساني السابقة يمكن أن نفهم قول بعض
العارفين الذين سبقوا التلمساني: (إفشاء سر الربوبية كفر) كما نقله
عنهم الغزالي”؟.
فالشريعة عند القوم إنما هي للعامة الذين لا يستطيعون الوصول إلى
الحقائق؛ ولا تستوعب عقولهم معرفة الحقيقة. وهذه الحقيقة يخفيها
المتصوفة؛ لأن عاقبتها الموت يقول التستري: «الصوفي من يرى دمه
هديرا ملك ساي ولا يكون دم المسلم هدرّاء وملكه مباحًا؛ إلا
إذا ظهر منه أمر يخالف الشرع يستحق معه هذا الحكم. وهذا ما قرره
الصوفي المعاصر محيي الدين الطعمي» فيقول: «الحقيقة صعبة»
() التصوف وفريد الدين العطارء عن كتاب العطار: جوهر الذاتء. الكليات:
ص 71/6. ْ
(0) هو عمر بن إلياس بن يونس المراغي, ولد بأذربيجان سنة (157ه) وقدم الشام سنة
نيف وثمانين وستمائة» وجاور بالقدس ثلاثين سنةء وأقام قبلها بمصرء توفي بعد
سنة (7لالاه) ينظر الدرر الكامنة: #/ 777
(*) الدرر الكامنة: #/ 7770.
(4) مشكاة الأنوارء للغزالي: ص9". وينظر: شرح مشكلات الفتوحات المكيةء
للجيلى: ص ؛لاء 135-1754.
(5) الرسالة القشيرية: ؟/ 68ه.
وحدة الأديان في عقائد الصوفية
فحقائق بدايات الأولياء أصعب من نهاياتهم فافهم. ولو أن ولياً كاشيف
الخلق بأقل وأدنى حقيقة من حقائتق بدايته لاتهموه بالكفر ولقطعوا
2000
. )هديرو
ولهذا فإن جزاء من أفشى علم الحقيقة - الذي أساسه سر الربوبية
ويقصدون به وحلة الوجود- عقابه الموت: امن صرح بالتوحيد»
وأفشى الوحدانية: فقتله أفضل من إحياء غيره»”".
يقول ابن عجيبة: «كل من أفشى سر الربوبية» سلط الله عليه سيف
الشريعة» فيباح دمه» ويهتك عرضهء كما وقع للحلاج» وغيره» وفي
ذلك يقول الشاعر:
من شهد الحقيقة فليصنها وإلا سوف يُقتل بالسنان
كحلاج المحبة إذ تندت: . ١ اله#شحى الحفيقة بالتدان :0
يقول القاشاني: «اعلم أن الخطاب الإلهي قد ورد بظاهره على قدر
عقول العامة ومبالغ فهومهم» فمتى ترقت الخاصة عن مقامهم» بقى
الخطانت للغامة0؟.
.0860/١ تكملة الفتوحات المكية» محيى الدين الطعمي: )١(
(0) قوت القلرب: ؟/ 174-19/8. ١
0 شرح قصيدة (يا من تعاظم) للرفاعي» شرح ابن عجيبة: ص١١١2»2 ١77 . وينظر:
نفحات الأنس: ص014-078. والطور الأغلى: ص48» وشرح حكم ابن عطاءء
للشيخ زروق: ص194. وشرح الصلاة المشيشية» لابن كيران: ص١٠5» والجوهر
النفيس فى صلوات ابن إدريس: ص١-١5.
(04) شرع متازل السائرين » للقاشاتي :عن 11/1
وحدة الأديان في عقائد الصوفية
الجرجاني بأنها : «السيرة المختصة بالسالكين إلى الله تعالى من قطع
المنازل» والترقي في المقامات)("©, وتشمل الحياة العملية التي يعيشها
الصوفي في ظل جماعة صوفية متبعًا للتعاليم والآداب والتقاليد التي
تختص بها هذه الجماعة» ومطيعًا طاعة عمياء لشيخ هذه الجماعة. كما
تشمل الطريقة ة الحياة الروحية التي يحياها السالك «والطريقة» بهذا
المعنى «فردية» بكل معاني الكلمة. إذ لكل سالك إلى الله حياته الفردية
الخاصة وعالمه الروحي الذي يعيش فيه وحله. وقديمًا قال بعض
العارفين فين: إن الطرق إلى الله بعدد السالكين إليه. وهي بهذه المعنى
ليست سوى المعراج الروحي عند الصوفية» وهي التي أطلقوا عليها
اسم «(السفر» و«السلوك» و «المعراج», والذي يتم للسالك عبر قطعه
لمراحل أو منازل سموها بالمقامات؛ تعرض لهم فيها نفحات روحية
ل ا
45 35 85 5 8
)١( التعريفات: ص55١. ومثله القاشاني في اصطلاحات الصوفية: ص860.
6 ينظر التصوف الثورة الروحية في الإسلام: ص 1778-1١7١ وفي التتصوف
الإسلامى وتاريخه: ص 8/.
وحدة الأديان في عقائد الصوفية
ل يي 2 -
0 دارم
المبحث الثانى
كم" لز
وحدة الأديان فى ضوء تقسيم الدين
إلى شريعة وحقيقة عند الصوفية
من خلال تقسيم الدين إلى شريعة وحقيقة ؛ أسس الصوفية ديئا
مستقلا بذاته» وكان الأصل الذي بنوا عليه قولهم بوحدة الأديان هنا
هو أن «دين الحقيقة» هو الدين الذي يجمع بين مختلف الأديان ؛
فالحقيقة هي باطن كل دين» والأديان» وإن اختلفت في الظاهرء إلا
أنها تقوم في باطنها على حقيقة واحدة تتفق فيها جميعا.
ويمكن القول بأن الذي أتي به المتصوفة فيما يسمونه «بالحقيقة»
هو في حد ذاته دين جديد مستقل في كل شيء عن دين الإسلام ؛
ولهذا الدين من الأنبياء العدد الكبير» الذي لا يحصيه المتصوفة
أنفسهم» كما أن الوحي في دين الحقيقة مستمد من الله مباشرة دون
واسطة» وكتب هذا الدين هي في منزلة القرآن فضلا عن السنة عند
المتصوفة. ولهذا الدين مصادر جديدة للتلقي .. وعبادات جديدة لا
تمت للإسلام بصلة» كما أن شعائر الدين المعروفة عند المسلمين لها
معان مستقلة في دين الحقيقة» وقل ذلك كله في أحكام الإسلام
وشرائعه التي أتى بها النبي كَل وبلغها أمته. وذلك لأن الولي «يأتي
بفهم جديد مستمد من المصدر الأصلي الذي استمد منه النبي ذاته عن
الروح الأمين»”'".
)١( فلسفة التأويل: دراسة في تأويل القرآن عند ابن عربي» نصر حامد أبو زيد:
ص٠5 7.
وحدة الأديان في عقائد الصوفية
سك سسسسسس مر
يقول النابلسي: «إن المنكر عليهم وعلى أمثالهم: اسخر من قصور
فهمهء وقلة معرفته باصطلاحهم» وعدم علمه؛ فإن علومهم مبنية على
الكشف والعيان» وعلومهم غير مستفادة من الخواطر الفكرية والإذهان»
وبداية طريقهم التقوى والعمل الصالح.» وبداية طريق غيرهم مطالعة
علومهم الوصول إلى شهود حضرة الحي القيوم, ونهاية علوم غيرهم
تحصيل الوظائف». والمناصب» وجمع الحطام الذي لا يدوم. فلا
طريق إلا طريق سادة الأئمة الهداة القادة» والاعتقاد بوحدة الوجود
على المعنى الصحيح الموافق المشهود)0".
أما من حيث أن لدين الحقيقة الصوفي أنبياءه : فهذا باب واسع
خاض فيه المتصوفة كثيرًاء وأصله قولهم بتفضيل الولاية على النبوة»
والولي على النبى فقد ذهب بعض مبتدعة الزهاد» 0
إلى أن الولاية أعلئ 1 : ا لير مقطع المت مر تة
0 كما أن الولاية ل أما اكز لين ورت ده
نبي »2 يقول ابن عربي : : «والله لم يتسم بنبي ولا رسول» ونسمى بالولي.
واتصف بهذا الاسم فقال : الله ولي الذين آمنواء وقال : هو الولى
الحميدء وهذا الاسم باق جار على عباد الله دنيا وآخرة»0©.
وأول من أثار المفاضلة بين الأنبياء والأولياء هم متصوفة الإمامية
)غ0( إيضاح المقصود من معنى وحدة الوجودء عبدالغني النابلسي : ص 6ه.
وحدة الأديان في عقائج الصوفية
متصوفة الشام كأبي سليمان الداراني وأحمد ابن أبي الحواري وكل
هؤلاء يذهبون إلى تفضيل الأولياء على الأنبياء جملة» وكذلك
الحكيه”" الترمذي”". وشهد قوم علي أحمد بن أبي الحواري أنه
يفضل الأولياء على الأنبياء فهرب من دمشق إلى مكة'". يقول ابن
عربي :
تاه لخر ف سوقم م اللواني :رفوم «الترسول”
يقول ابن عربي: «النبوة والولاية مقامان وراء طور العقل ليس
للعقل فيهما كسب بل هما اختصاصان من الله تعالى لمن شاء»””.
)١( أبوعبد الله» محمد بن علي بن الحسن بن بشرء الحكيم الترمذي. قدم نيسابور سنة
(186ه) وحدث عنه جماعة من مشائخها. وكان قد أخرج من ترمذ بسبب تصنيفه
كتاب «ختم الولاية». توفي في حدود سنة (١7؟ه). ينظر طبقات الصوفية:
ص7١7. ولسان الميزان: ."٠8/0 والحكيم الترمذي- عفا الله عنه- ابتدع في
الدين بدعة منكرة كان لها تأثير خطير في عقائد الصهوفية» وهي تفضيله الأولياء
على الأنبياء أو إنزالهم منزلة واحدة» وقوله بوجود ما يسميه خاتم الأولياء أسوة
بخاتم الأنبياء. يقول الحكيم الترمذي- وقد سئل عن صفة الولي ومنزلته- أن الولي
«من الأنبياء قريب يكاد يلحقهم (ومقامه) في أعلى منازل الأولياء... وهداياه من
خزائن السعي وهي ثلاث خزائن: المنن للأولياء» وخزائن القرب للأنبياء عليهم
السلام. فهذا خاتم الأولياء مقامه من خزائن المنن» ومتناوله من خزائن القرب...
قد انكشف له الغطاء عن مقام الأنبياء ومراتبهم وعطاياهم وتحفهم» ا.ه من كتابه
ختم الأولياء: ص/57 2358-7 وينظر الكتاب نفسه: 2577-847١ حيث يؤمن بما
يسميه: خاتم الأولياء» كما أن محمداً يَكلِهِ خاتم الأنبياء.
0) التصوفء. أبو العلاء عفيفي: ص5١".
(9) تلبيس إبليس لابن الجوزي: ص07١5.
(54) لطائف الأسرار لابن عربي: ص49.
(0) كتاب التراجم لابن عربي» ضمن مجموعة رسائله: ص/اا7.
وحدة الأديان في عقائد الصوفية
مور مطح سم ب 17 ل 171 7 و 1 109291901909117
الأونيان0.؛ أن : المرجع الرسول والنبى المشرع إلى الولاية
والعب.
ويبين الجيلي بعد ذلك في حديثه عن قول أبي الغيث بن جميل” :
«خضنا بحرًا وقف الأنبياء بساحله»: «يعني بذلك بحر الشريعة التي هي
مخصوصة بالنبي كَل دون غيره من الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ولهذا
المح د37
ويقول ابن عربي في النبوة والولاية: «فإن النبوة التي انقطعت
بوجود رسول الله يَكدْةٍ إنما هي نبوة التشريع لا مقامها فلا شرع يكون
ناسخًا لشرعه كله ولا يزيد في حكمه شرعًا آخر.. فهذا هو الذي
انقطع وسد بابه لا مقام النبوة»”.
وعندما لم يقنع المتصوفة بنبوة الباطن وهي عندهم الولاية صاروا
يطلبون نبوة الظاهر وهي نبوة التشريع عندهم ؛ فذكر ابن تيمية أن ابن
سبعين والسهروردي المقتول» يجوزون وجود نبي بعد محمد كله
.١15١ص المواقف الإلهية لابن قضيب البان: )١(
(؟) فصوص الحكم: ص ه"١.
(6) أبو الغيث بن جميل الملقب بشمس الشموس اليمني كان قاطع طريق أول أمرهء ثم
تاب وسلك طريق القوم. ذكرت عنه كرامات لا تصح. ونسبت إليه أمور لا يقدر
عليها إلا الله . مات سنة (١50ه)» ومولده ووفاته باليمن. ينظر طبقات الخواص:
ص” ٠ 5. والكواكب الدرية: 7/75 1"”.
(4) الإدارة القديمة» للجيلي (مخطوط): ق5١اب؟77أ.
(5) الفتوحات المكية» ابن عربي: 5/7. وينظر الفتوحات: 08/7.
وحدة الأديان في عقائد الصوفية
وصاروا يطلبون ال ويقول أيضا: «وصار كل من هؤلاء يدعي
النبوة والرسالة» أو يريد أن يفصح بذلك لولا السيف. كما فعل
السهروردي المقتولء فإنه كان يقول: لا أموت حتى يقال لي: قم
فأنذر. وكان ابن سبعين يقول: "لقد زرب ابن آمنة حيث قال: لا نبي
بعدي"”". ويقال إنه (أي ابن سبعين) كان يتحرى في غار حراء لينزل
عليه فيه الوحى0”2©". وابن سبعين هو القائل: (إن المحقق الجليل هو
الفن عنا تحت :شه الله الى لذ يدل .
بل وصل الأمر بالمتصوفة إلى طلب منزلة أفضل من منزلة أولي
العزم من الرسل» يقول الجيلي: «قال بعض المشايخ لا تقنع من الله
ولو أعظاله “مكالمة فوس «ؤتبوة غيسئ وخلة إنرا ب
وقيل لأبي يزيد: «إن الخلق كلهم تحت لواء محمد كَللِ؛ فقال أبو
يزيد: تاالله إن لوائي أعظم من لواء محمد َه : لوائي من نور تحته
الجاة والانتن كلهم :من الميين 6" , ,
يقول ابن عربي في إشارة للنبوة: «ما زالت الفقهاء في كل زمان
.7190-174/6 ينظر منهاج السنة: )١(
(؟) وقد نقل هذا القول عن ابن سبعين جَمْعٌ من أهل التراجم» منهم الذهبي في تاريخ
الإسلام (الطبقة /51) ص 784. والفاسي في العقد الثمين: 2779/0 377. وابن
شاكر في فوات الوفيات: 0704/7 والصفدي في الوافي بالوفيات: 21١/18
وابن حجر في لسان الميزان: 7/ 917".
(”*) درء التعارض: .5١7/6 والبداية والنهاية: .597/1١1/
(4) رسائل ابن سبعين: ص 77/80.
(0) سر النور المتمكن» للجيلي (مخطوط): ق7.
(5) النور من كلمات أبي طيفور ضمن شطحات الصوفية لعبد الرحمن بدوي: ص”57١.
وحدة الأديان في عقائد الصوفية
كدر سس سس سس اسك
مع المحققين بمنزلة الفراعنة مع النبيين»”".
ويصف القونوي أقطاب الصوفية بأنهم «المشاركون للأنبياء فى
مآخذهم ومشاربهم وأحوالهم... والمطلعون على حقائق تلك الأمورء
غير أنه كانت لهم نفوس شريفة» وهمم عالية أنفت من التقليد.
والرضى بالحظ الحقير الذي رضي به غيرهمء ؛ بل طلبت اللحوق
بالأنياء أن تحصل ما 0
وعند بدر الدين بن إسرائيل قصر أتباعه الشهادة على «لا إله إلا
الله وحذف نصفها الثاني «محمد رسول الله» وكان ذلك طمعاً فى
ار لساري إلى الحركة» إن أتباع الشيخ بدر الدين كانوا
يخصون 94ح _ ع 0
ا تحث رايته إلا التضحية بدرجة النبوة ١ في الشهادة)”"
كما أن الأولياء في دين الحقيقة الصوفي يوحى إليهم » مثلهم مثل
الأنبياء :
قال أبو يزيد: «أخذوا ميتاً عن ميت». وأخذت علمنا من الحي
الذي لا ويؤكد ابن عربي أن الولي أفضل من النبي منزلة
«فإنه آخذ من المعدن الذي يأخذ منه الملك الذي يوحي به إلى
الرسول»”“. ويقول: «وفينا من يأخذه عن الله فيكون خليفة عن الله
)000( روح القدس. لابن عربي: ص .١160060
(؟) الرسالة المفصحة للقونوي: ص15. وينظر الرسالة الهادية» للقونوي: ص١15١.
() العثمانيون في التاريخ والحضارة»؛ محمد حرب: ص15-/1717.
() النور من كلمات أبي طيفور ضمن شطحات الصوفية لعبد الرحمن بدوي: ص١١٠.
() الفصوص 17. وينظر: فوائح الجمال وفواتح الجلال؛» نجم الدين كُبرى: 179.
وحدة الأديان في عقائد الصوفية
االالمسمسمساسس د ا
بعين ذلك الحكم'"”''. والشعراني يؤكد أن للأولياء سماع كلام ملك
الإلهام» ولا يرونه نازلاء أو يرون الملك من غير أن يسمعوا منه» فلا
يجمع بينهما إلا نبي» وأما الول إن رآه لا يكلمه. وإن كلمه لا
يراه”"2. ويقول محمد ثناء الله العثماني”": «الوحي الذي ليس للتشريع
سواء كان بطريق الإلهام أو بكلام الملائكة كما كان لمريم فغير مختص
بالأنبياء» بل يكون للأولياء أيضًاء ولم ينقطع بعد النبي كَل كذلك
مول كباللات النثوة بالعة هن كون لغبر الأساء ا
بل زعموا وبئس ما زعموا أن الأولياء يعلمون الغيب» وهذه
الدعوى- بزعمهم- ورد بها النصء. ولا يعارضها العقل» يقول ابن
عطاء : «اعلم أ اطلاع أولياء الله تعالى على بعض الغيوب لا يحيله
العقل. وقد ورد به النقل»)”©.
ويصف الغزالي انتقال الوحي إلى قلب الصوفي الواصل بأنها
.١7" الفصوص )١(
(؟) ينظر الأنوار القدسية في بيان آداب العبودية» للشعراني: ص". والكواكب الدرية
للمناوي: ”/ 5949.
(") القاضي محمد ثناء الله العثماني الحنفي المظهري النقشبندي. ولد سنة (157١1ه)
في بلدة «فان» في القند ونشا بهاء“-وحفظ القرآن صغيراًء واشتغل بعده بالعلوم
النقلية والعقلية» ثم ارتحل إلى دلهي» فلزم ولي الله الدهلوي. وأخذ الطريقة
النقشبندية من محمد عابد السنامي» والطريقة الأحمدية من ميرزا جانجانان مظهرء
ثم رجع إلى وطنه» وانكب على التدريس والتصنيف. توفي سنة (1170ه) ينظر
مقدمة تفسيره الموسوم بالتفسير المظهري.
(5) التفسير المظهري: .١77/7 وينظر رسائل ابن عزوز: ص .١9١ والتمكين في شرح
منازل السائرين» محمود أبو الفيض المنوفي: ص8١7-١١1.
(5) لطائف المئن: ص .5١
وحدة الأديان في عقائد الصوفية
سيد سمس ب سس سطس نه ا ا شت هت ل 1 110077
انعكاس للصور بين القلب واللوح المحفوظه يقول الغزالي: «القلب
مثل المرآة» واللوح المحفوظ مثل المرآة أيضا ؛ لأن فيه صورة كل
موجودء وإذا قابلت المرآة بمرآة أخرى حلت صور ما فى أحداهما فى
الأخرى» وكذلك تظهر صور ما في اللوح المحفوظ إلى القلب إذا كان
فارغا من شهوات الدنياء فإن كان مشغولا بها ؛ وإن كان في حال
النوم فارغا من علائق الحواس طالع جواهر عالم الملكوت ؛ فظهر فيه
بعض الصور التي في اللوح المحفوظهء وإذا أغلق باب الحواس كان
بعده الخيال لذلك يكون الذي يبصره تحت ستر القشرء وليس كالحق
الصريح مكشوفاًء فإذا مات» أي القلب» بموت صاحبه لم يبق خيال
ولا حواس وفي ذلك الوقت يبصر بغير وهم وغير خيال» ويقال له:
مفَكَنَا عنكَ عطاك مصَرْكَ لم حَرِيدٌ 40 رق +300 ,
كذلك فإن لدين الحقيقة كتبا يقدسها المتصوفة كما يقدس
المسلمون القرآن والسنة. وهي كتب منزلة بزعم أصحابهاء. كما أن
القرآن كتاب منزل:
يقول ابن عربي عن كتابه الفتوحات: «فوالله ما كتبت منه حرفا إلا
عن إملاء إلهي وإلقاء رباني أو نفث روحاني في روع كياني» هذا جملة
الأمرع امم كزنيا لسنا يوس مس عين .ولذ أنبياء تكلتين »7 وتجده
يصف كتابه هذا بقوله: «هذا الكتاب إنما هو من علوم التلقي والتدلي
فلا يحتاج إلى ميزان آخر»”".
)١( كيمياء السعادة» للغزالي (ضمن مجموعة رسائل الغزالي): ص1790. وينظر
الإحياء : 7/ 19١.والرسالة اللدنية (ضمن القصور العوالي): ص .١١8
(0) الفتوحات المكية: */457. وينظر: الكبريت الأحمرء للشعراني: .4-7/١
(*) الفتوحات المكية: .778/١
وحدة الأديان في عقائد الصوفية
أما كتاب «فصوص الحكم» فقد نزل على ابن عربي جملة واحدة
بواسطة الرسول محمد كَلكِةِ كما يزعم ابن عربي» فيقول في صدر كتابه
المذكور: «أما بعدء فإني رأيت رسول الله كَِهِ في مبشرة أريتها في
العشر الآخر من محرم سنة سبع وعشرين وستمائة بمحروسة دمشق»
وبيده كَلِِ كتاب» فقال لي: «هذا كتاب "فصوص الحكم" خذه واخرج
به إلى الناس ينتفعون به» فقلت السمع والطاعة لله ولرسوله ولأولي
الأمر منا كما أمرنا. فحققتٌ الأمنية وأخلصت النية وجردت القصد
والهمةء إلى إبراز هذا الكتاب كما حده لي رسول الله من غير زيادة
ولا نقصان...ليتحقق من يقف عليه من أهل الله أصحاب القلوب أنه من
مقام التقديس المنزه عن الأغراض النفسية التي يدخلها التلبيس)”"'.
ولعلم الصوفية أن كتب شيخهم ابن عربي فيها ما يناقض عقيدة
المسلمين؛ فإنهم أمروا مريديهم بنزع لباس التقوى وعدم اعتبار الشريعة
عند قراءتها. فالنابلسي يحث السالكين على مطالعة كتب ابن عربي
وغيره "بلا تقيد بالتقوىء ومراعاة أحكام الشريعة"''» تبعا لوصية
)١( فصوص الحكم: ص58-47. وأغلب كتب ابن عربي هي إلهام من الله -بزعمه
وافترائه- أمره الله بوضعهاء كما صرح هو في فهرسته لكتبه» والتي ضمنها أبو
العباس الغبريني في عنوان الدراية: ص77١-“177. يقول الملحد ابن عربي: «أما
الكتب التي أمرني الحق تعالى في قلبي بوضعهاء ولم يأمرني إلى الآن بإخراجها
إلى الناس. فمنها...». ينظر المصدر أعلاه: ص59١-1977.
(؟) القول المتين في بيان توحيد العارفين المسمى نخبة المسئلة شرح رسالة التحفة
المرسلة: ص١4. يقول عبدالقادر العيدروسي: «كتب الشيخ ابن عربي اشتملت
على علوم لا يفهمها إلا أهل النهايات» وتضر بأرباب البدايات» النور السافر:
ص ه5"ء وهو يؤكد أن هذه عقيدته وعقيدة الصوفية الذين لقيهم في كتب ابن
عربي.
وحدة الأديان في عقائد الصوفية
لد ب سس سوم ات ست ل ا 717 7177 71 110
شيخهم ابن عربي القائل: «نحن قوم يحرم النظر في كتبنا على من لم
يكن فى مقامنا)7".
ويقول ابه متحدثا عن كتابه عنقا مغرب : «وكنت 'أويت أن
يمول ابن عربي عن وبر و
أجعل فيه (أي في الكتاب) ما أوضحه تارة وأخفيه”".... فتوجه الأمر
عند ذلك في إفشاء هذا السر المكتوم والكتاب المختوم بالتعريض لا
تصريح» وإعلام تنبيه وتلويح» ولما تلقيت منه الأمر على هذا الحدود
دخلت تحت هذا العقد لزمني الوفاء بالعهد. فأنا الآن أبدي وأعرض
تارة» وإياك أعني واسمعي يا جارة»7".
ويصف جلال الدين الرومي كتابه «المثنوي» بصفات. لا تنطبق إلا
على كتاب الله وحده فيقول: «هذا كتاب المثنويء. وهو أصل
أصول الدين في كشف أسرار الوصول واليقين» وهو فقه الله الأكبرء
وشرع الله الأزهر وبرهان الله الأظهر: مَل ورب كفكزز فا مسَباة»
[الثُور: ه*1» يشرق إشراقًا أنور من الإصباح. وهو هجنان الجنان ذو
العيون والأغصان, منها عين تسمى عند أبناء السبيل سلسبيلا» وعند
أصحاب الفقامات والكرامات خير مقامًا وأحسن مقيلًا.. الأبرار فيه
يأكلون ويشربونء» والأحرار فيه يمرحون ويطربون» وهو كنيل مصر
)١( الأنوار القدسية في بيان آداب العبودية» للشعرانى: ص"5.
0( عنقا مغرب: ص7؟١.
(9) عنقا مغرب: ص59. ومثله ابن الدباغ في كتابه: مشارق أنوار القلوب» ص".
ويقول ابن عربي في صدر رسالته: مشاهد الأسرار القدسية (مخطوط) ق١: «أتاني
فى حضرة الهوية الخطاب بإبراز هذا الكتاب» وإخراجه إلى العالم المحسوس»
وعرّفهم بإنزاله من حضرة التقديس على الجوهر النفيس» لا يمسه إلا المطهرون
من التخييل والتلبيس» وقيل لي : خذه بقوة ...).
وحدة الأديان في عقائد الصوفية
شراب للصابرين» وحسرة على آل فرعون والكافرين» كما قال:
يْضِل بو كذرا وَيَهْدِى بو كِيا» [البَمَرَة: »]7١ وإنه شفاء الصدور
وجلاء الأحزان وكشاف القرآن وسعة الأرزاق وتطيب الأخلاق: #بِيّدِى
سفرة كام 2 42 8و1 يتتعمعون بان: 3 ا
1 روت 9 09 زيل مّن رب أكيم 46 [الواقِعة: 9/ا-١٠4]» ا َأَئِهِ لَْطِلُ
مِنْ بَبْنِ يَدَيْهِ ولا من حَلْفِهء زيل صُُ ن حَكو عمد ()4* [فضلت: ؟5]» والله
يرصله ويرقبه» وهو: ##خَيرٌ حفط و وَهْوٌ أَنْحَمْ أيْجِنَ 409 ايُرسْف: ؛حاء
وله ألقاب أخر لقبه الله تعالى "بها' واقتصرنا على القليل» والقليل
يدل عن لقي .والجرعة غدل :فلن 'العتترات والحشة فل على السيدن
الكبير»90©,
وتعتبر المتصوفة كتاب المثنوي قرآنًا يقوم على الحقيقة الصوفية:
ف«كتاب المثنوي في علم الحقيقة التي هى أصل لمعرفة الاي
والسنة؟ إد من لا جتيكة ل لا يدي ها لكات رلا الاي وهو
كتاب منزل بوحي إلهي.
ويزيد النابلسي ثناءه على المثنوي. حيث يقول عند قول الرومي:
«وله الحمد والمجد على تلفيق الكتاب المثنوي الإلهي الرباني» يقول
النابلسي : «أي المنسوب إلى الله جل وعلا. ٠ لأنه منظوم بالوحي
الإلهامي» والترتيب الروحي الصمدانيء لا بالحظ النفساني. فهو
مدتؤية: إلى ا أله تعالى حمها واترنييا وسيم وتو
.4745-577٠ وينظر المثنوي: / 2757-7557 الفقرات: .”7"/١ المثنوي: )١(
(؟) الصراط السوي شرح ديباجات المثنوي (مخطوط): ق”"أ.
المصدر السابق: قل/ااب. )*(
وحدة الأديان في عقائد الصوفية
لا لص سس اس ا نه ست ا ب ا 1 اي ا ب بسحي يج س1
ثم قال شارحًا قول جلال الرومي (وله ألقاب أخرى): «أي
الكتاب المثنوي- من حيث إنه وحي إلهامي. وكلام إلهي سامء نزل به
ملك الإلهام من حضرة ذي الجلال والإكرام» على قلب الوارث
المحمدي والسلام)”".
وأطلق الأعاجم على المثنوي كلمة: قران بهلوي. 1 قران
الفارسية. بل إن أبيات مقدمته: «استمع لهذا الناي وانظر كيف
يشكو. ..» شبهها مريدوه بالفاتحة. ويؤكد الرومي أن المثنوي هو قرآن
لأنه نور أسرار الحق كما أن أجزاء المثنوي تتفاضل قداسة كما تتفاضل
السماوات فيما بينها في العلو. كما أن من يقرأ المثنوي من المريدين لا
بد أن يستقبل القبلة ثم يستعيذ بالله من الشيطان الرجيم ويبسمل» ثم
يأخذ في ترانيمه وتلاوة مثانيه» فإذا ما أتم قسط ذاك اليوم من القراءة
والشرح. ختم ببيت من شعر الجلال معرّبه: «ليس هذا الكلام بعلم
النجوم ولا بالضرب على الرمل هو وحي الحق واللهأعلم بالصواب!»
يلتزمونها كما التزم بعض المسلمين اليوم بعد تلاوة القرآن قولهم:
«صدق الله .العظيم!!» كما أن المثنوي عندهم تنزيل من رب العالمين
نزل دفعة واحدة في ليلة القدر إلى سماء القلب» ثم نطق به منجمًا على
قدر الحاجة بواسطة جبريل العقل» وقد تنزل بطريق الفيض والإلهام.
كما يشترطون الطهارة في قراءته”".
ورد في الأثر الموقوف عن عبدالله بن عمرو وَياء قال: «إن من
)١( المصدر السابق: قؤأ.
(؟) أخبار جلال الدين الرومي». لأبي الفضل القونوي: ص٠١5. 0144-١197 1177
١ا اللاكسل
وحدة الأديان في عقائد الصوفية
سم د -
أشراط الساعة أن تتلى المَثْنَاة» فلا يوجد من يغيرها. قيل له: وما
المثناه؟ قال: ما استكتب من كتاب غير القران». وفي رواية: (إن من
اقتراب الساعة أن يقرأ بالقوم المثناة» ليس فيهم أحد ينكرها. قيل: وما
المثناة؟ قال: ما اكتتبت سوى كتاب الله70".
ويقول الرومي لمريديه: الحلف على ديوان إلهي نامه (للشاعر
سنائي) أوثق وأقوى من الحلف على القرآن؛ لأن مثل القرآن مثل
اللبن» أما معاني سنائي فهي بمثابة الرّبد والقشدة"".
وقول العيلى عن كتابة الإتسان الكامل #وكنت قد أسست
الكتاب على العفف الصريح» وأيدت مسائله بالخبر الصحيح» وسميته
بالإنسان الكامل في معرفة الأواخر والأوائل ... فأمرني الحق الآن
بإبرازه بين تصريحه وألغازه» ووعدني بعموم الانتفاع» فقلت طوعا
للأمر المطاع»9". ظ
ويقول الشعراني: «اعلم أن الوحي على ضروب.. المسمى
بالإلهام قد يكون كتابّاء ويقع ذلك كثيرًا للأولياء كابن قضيب البان
ونحوه؛ فكان شيخنا ذه يجد بعد القيام من النوم ورقة مكتوب فيها
هآ الفا الي 0
)١( رواه الدارمي: ١/؟5». رقم (597). والحاكم: 000-005/5. وصصح
إسناده» ووافقه الذهبي. وقال محقق سنن الدارمي: (إسناده جيد». قلتٌ: وهذا له
حكم المرفوع؛ لأنه من الغيب الذي لا يعلمه بشر؛ إلا أن يطلع الله عز وجل نبيه
(؟) أخبار جلال الدين الرومي لأبي الفضل القونوي: ص775. عن مناقب العارفين»
الأفلاكى: .4١١/١
() الإنسان الكامل: .4/١
(5) الأنوار القدسية في بيان آداب العبودية» للشعراني: ص".
وحدة الأديان في عقائد الصوفية
ولهذا الدين القائم على الحقيقة الصوفية علماؤه الذين خالفوا
جميع الخلق, إذ «أن كل الخلق قعدوا على الرسوم» وقعدت هذه
الطائفة (الصوفية) على الحقائق»'''. ويقول الخواص: «لا يسمى عالمًا
عندنا إلا من كان علمه غير مستفاد من نقل أو صدر بأن يكون حضري
المقام»”".
وعلماء الحقيقة لا يحتاجون إلى العلم الشرعي القائم على الكتاب
والسنة فيما يزعمون؛ فالعلم الشرعي هو للعامة؛ لأن «أكثر الشريعة
جاءت على فهم العامة”" كما أن هناك «من الصوفية من رأى
الاشتغال بالعلم بطالة» وقالوا: نحن علومنا بلا واسطة"”'“. ويطالبون
مريديهم بالتخلي عن مقاعد الدرس وإتلاف الكتب الدراسية» ونسيان
ما سبق أن تعلموه من علوم””“. وأن «الوصول إلى الله تعالى لا يكون
إلا برفض العلم الظاهر والشرع»''". يقول عبدالقادر الجيلاني: «ثم قال
لي يا غوث الأعظم: ليس لصاحب العلم عندي سبيل إلا بعد
إنكاره... فقلت: يارب! وما علم العلم؟ قال علم العلم هو الجهل
عن العلم)”".
)١( الرسالة القشيرية: .١١6/١ والقائل هو أبو محمدء رويم بن أحمد.
(5) الطبقات الكبرى» للشعراني: 7/7 17. ويقصد بقوله: «حضري المقام» أي صاحب
علم حضوري فوري يعتمد على الذوق والكشف وهما ثمرة الإلهام.
(*) الفتوحات المكية: 7/ 46.
(5) تلبيس إبليس: ص ."9٠
(0) ينظر أسرار التوحيد في مقامات الشيخ أبي سعيد: ص٠".
(6) الطريقة المحمدية والسيرة الأحمدية» محمد البركوي: .١٠١5/١
0 الغوثية- وتسمى المعراجية- (ضمن كتاب: الفيوضات الربانية فى المآثر والأوراد
القادرية) للشيخ عبدالقادر الجيلاني: ص4-8. ١
ا د ل 0
ا
وحدة الأديان في عقائد الصوفية
يقول الشبلي :
إذا طالبوني بعلم الورق2 برزت لهم بعلم الخرق""
ويطلق الصوفية على علماء الشريعة أسماء مختلفة» فتارة يسمونهم
«علماء الظاهر» وتارة «علماء الرسوم» بينما يسمون أنفسهم أسماء هي
غاية التزكية مثل «العارفين بالله» «علماء الباطن» «علماء الغيب» «أهل
الله) وهكذا.
يقول ابن عربي: «ما خلق الله أشق ولا أشد من علماء الرسوم
على أهل الله المختصين بخدمتهء العارفين به من طريق الوهب الإلهي»
الذين منحهم أسوالة في خلقه وفهمهم معاني كتابه وإشارات خطابهء
فهم لهذه الطائفة مثل الفراعنة للرسل عليهم السلام»”".
ونظر الجيلي إلى علماء الشرع والفقهاء هي نظرة احتقار وتنقيص إذ
يسميهم بعلماء الرسوم» ويصفهم بالضلال في تفسير كتاب الله
تعالى. وفي قول الله تعالى: ظيِْلُ بو. كيرا وَيَقَدى يدء ك4
[البَعَرّة: 2174 يرى الجيلي أنهم علماء الشرع المتبعون للكتاب والسنة»
وقوله تعالى: «وَيَهْدى يدء كَثِيا4 [الَرّة: 0175 هم علماء الحقائق من
أمثال الجيلي وأصحاب وحدة الوجود بزعمه. وقوله: «إومَا يُضِلَّ بده
إِلّا آلْعَسِقِينَ )4 االبَقَرّة: 2113 يقول الجيلي: «المراد به هنا: قوم
فسدت قوابلهم عن القبول للتجلي الإلهي» لما تصور عندهم من أن الله
000( تلبيس إبليس: ص 5
(؟) الفتوحات المكية: ."0١/١ وينظر روح القدس: ص99١. والتنزلات الموصلية:
ص4 .1١١
وحدة الأديان في عقائد الصوفية
تعالى لا يظهر فى خلقه)7".
والمراد بقوله تعالى: #يْضِلُ بد كَيْرا» البَقرّة: 55] هم الكفار
الذين أعرضوا عن هدي الله تعالى» 07 الضلال. في اد
هر
«رَيَيْيى 0ك [البَقَرَة: »]7١ كما هو ع الآية.
ونقل ابن القيم أن ابن سبعين وصف الطائفين حول البيت بأنهم
م الود
ولا شك في أن قول المتصوفة أن للولي مكانة تفوق النبوة
والرسالة» وتفضيلهم الولاية على النبوة» قول معلوم فساده بالضرورة
من دين الإسلام. وأفضل الأولياء أبو بكر ثم عمر اللذان ما طلعت
الشمس وما غربت على أحد بعد النبيين والمرسلين أفضل منهماء ففي
الحديث عن علي بن أبي طالب عن النبي كك قال: «أبو بكر وعمر
سيدا كُهول أهل الجنة من الأولين والآخرين.'ما خلا النبيين
الع والولاية الواردة في الشرع لا تصل إلى مقام النبوة مهما
بلغ الولي من التقوى والصلاح فمنزلته أقل من منزلة الأنبياء. كما أن
الولاية لا تحصل إلا باتباع كل ما أمر الله به» واجتناب ما نهى عنه.
قال تعالى: #ألا إرك ولك الله لا حَوَفٌ عَبّهِمَ ولا م هم خرؤت ©
.ه/١ الإنسان الكامل: )١(
.157"/١ المدارج: )(
(9) رواه الترمذي: أبواب المناقب» الباب (5*). 48-841//5» حديث 5 (555 م
من حديث أنس وليه » ورقم (مكك_ 5 من حديث علي فلانه . وصححه
الألباني في صحيح الترمذي (7891).
وحدة الأديان في عقائد الصوفية
0 الله 2 هم 0 عر بما بعث الله به نيد : ولا
يكون لله ولي إلا من يتبع محمداً ومن لم يتبع محمدًا فهو عدو الله
ا
لذا كان أفضل الأمة بعد النبي محمد كَكِةِ هم الصحابة الذين قال
فيهم الرسول كَل «لا تسبوا أصحابي فوالذي نفسي بيده لو أنفق
أحدكم مثل أحد ذهبًا ما أدرك مُّدَ أحدهم ولا نصيفه»”“. وبعدهم أهل
القرون المفضلة خصهم النبي كك بقوله : «خير أمتي قرني ثم الذين
٠. .2 ا ُ 3 ٠ ,2
قال ابن حجر: «قوله: «ثم الذي يلونهم» أي: القرن الذين من
بعدهم وهم رن «ثم الذين يلونهم» وهم أتباع التابعيت406).
.71-7١ص جامع المسائل» المجموعة الأولى: )١(
(0) رواه البخاري: كتاب فضائل الصحابة (0)» رقم (/7717). ومسلم: كتاب فضائل
الصحابة (04) باب تحريم سب الصحابة ضنهء رقم )7041١( 1971/4. من
حديث أبي سعيد الخدري وَيء. ورواه مسلم في الموضع السابق رقم )7054١( من
حديث أبي هريرة ويه . والمّدّ: مكيال معروف. مُقدّرٌ بأن يمد الرجل يديه فيملاً
كفيه طعاما. والنصيف- على وزن رغيف- هو النصف ينظر غريب الحديث
للخطابي: .154/١
() رواه البخاري: كتاب فضائل الصحابة» الباب الأول» رقم )”506٠:( من حديث
عمران بن حصين وه ورقم )75060١( من حديث عبد الله بن مسعود ونه .
ومسلم : كتاب فضائل الصحابة (07) باب فضل الصحابة: 4/ 21954-١957 رقم
(3567) من حديث ابن مسعود وه ورقم )١675( من حديث ني هريرة طلله
ورقم (701"0) من حديث عمران بن حصين ذه
(4) فتح الباري: اا
وحدة الأديان في عقائد الصوفية
ا
ترم أن غيرهاء لقوله تعالى: «إمًا كأنَ حَمَدٌ أآ أَحَرِ ين رَسَالِكْم و1
ل أله واكم يتن [الأحرّاب : ]60 ا لع اسن اه
ختمواء فهو كالخاتم والطابع لهم وخاتم بكسر التاء بمعنى أنه ختمهم
أي جاء آخرهم. وهذه الألفاظ عند علماء الأمة خلفًا وسلمًا متلقاة على
العموم التام» مقتضية نصاً أنه لا نبي بعده يك فصار معلومًا من الدين
3 اه ؟. ٠ : 8 إدن4 3
بالضرورة فمن أنكره فهو كافر حتى لو اعترف بعموم يد وفد
يشكل نزول عيسى مُه وهو نبي رسول آخر الزمان على اختصاص نبينا
معنى كونه آخر الأنبياء أنه لا ينبأ أحد بعده وعيسى ممن نبأ قبلهء
وحين ينزل ينزل عاملاً على شريعة محمد يل مصليًا إلى قبلته كأنه
0000
وديدن المتصوفة في تفضيل الولاية على النبوة ههي قصة الخضر»
مع موسى الكل ولا وجه المصواة بدا الى الي ادي القصة سواء
صح القول بنبوة الخضر أو ولايته» قال ابن أبي العو"* 45 :قواماا هن
.191-١93/١4 والجامع لأحكام القرآن: .8٠/١ ينظر المحرر الوجيز: )١(
والتحرير والتنوير: 77// 40. وينظر مادة «ختم» في تهذيب اللغة: 17/1". ولسان
.١157١ص والقاموس المحيط: .177/1١7 العرب:
(؟) ينظر الكشاف: "/ 7356.
(9) انظر قصة موسى مع الخضر عليهما السلام في البخاري: كتاب العلم (15) باب
ما ذكر في ذهاب موسى ككهِ في البحر إلى الخضرء رقم (074). ومسلم: كتاب
الفضائل (57) باب من فضائل الخضر تل رقم )778٠0( 4/ 21847 من حديث
أبي بن كعب وليه .
(4:) علي بن علاء الدين بن علي بن أبي العز الحنفي الدمشقي», ولد سنة (١#الاه), -
وحدة الأديان في عقائد الصوفية
الوحي بالعلم اللدني الذي يدعيه بعض من عدم التوفيق: فهو ملحد
مأموراً بمتابعته» ولهذا قال له: «أنت موسى بني إسرائيل؟ قال: نعم»
ومحمد يِه مبعرث إلى جميع الثقلين ولو كان موسى وعيسى حيين
لكانا من أتباعه» وإذا نزل عيسى :4 إلى الأرض إنما يحكم بشريعة
محمد كَلِةِ فمن ادعى أنه مع محمد يك كالخضر مع موسى. أو جوز
ذلك لأحد من الأمة فليجدد إسلامهء وليشهد شهادة الحق» فإنه مفارق
لدين الإسلام بالكلية فضلاً عن أن يكون من أولياء الله وإنما هو من
أولياء الشيطان وهذا الموضع مفرق بين زنادقة القوم وأهل
الاستقامة)0".
وقوله َيِه : «والذي نفس محمد بيده لو بدا لكم موسى فاتبعتموه
وتركتموني لضللتم عن سواء السبيل» ولو كان حيّا وأدرك نبوتي
لاتبعني»”'". دليل على أن من لم يتبع رسالة نبينا محمد يَكهِ مصيره
الضلال» حتى ولو كان المتبوع نبيًا ممن أرسل الله قبل محمد صلوات
- ناله من الأذى ما ناله لاتباعه منهج السلف ومتابعته لشيخ الإسلام ابن تيمية»
وتلميذه ابن القيم. توفي كأنة سنة (؟7هلام) ودفن بسفح قاسيون بدمشق. ينظر الدرر
الكامنة: #/ 2١89 وجيز الكلام» للسخاوي: 0/١
دلق شرح الطحاويه : ص ة /الا.
(؟) الحديث سبق تخريجه: ص .١94 ولقد اتبع الفاروق َه أمر رسول الله كَكهِ وأمر
به رعيته . فرّوي أن كعب الأحبار جاء إلى عمر بكتاب» فقال: «فى هذا التوراة»
أفأقرها؟ فقال عمر: إن كنت تعلم أنها التوراة التي أنزلت على موسى يوم طور
سيناء فاقرأهاء وإلا فلا» ذكره البغوي في شرح السنة .)7371/١(
وحدة الأديان في عقائد الصوفية
الله وسلامه عليهم أجمعين. وذلك لأن الله ختم بنبينا محمد وَلِلِ
الرسل» وختم بالإسلام الأديان. فلن يقبل من أحد إلا أن يوحد الله
ويؤمن برسوله محمد يَكِةِ وبالإسلام ديناً. قال أبو عبيد: «وتفسير هذا
الحرف في حديث آخر مرفوع قال ابن عون: قلت للحسن: ما
متهوكون قال: متحيرون. يقول: أمتحيرون أنتم في الإسلام لا تعرفون
دينكم حتى تأخذوه من اليهود والنصارى. فمعناه أنه كره أخذ العلم من
أهل الكتاب. وأما قوله: لقد جئتكم بها بيضاء نقية» فإنه أراد الملة
الحنيفية» فلذلك جاء التأنيث» كقول الله عز وجل : «ودَلِكَ دِينُ الْمَيَمَةِ»
[البيْنّة: 0]» إنما هي فيما يفسر الؤلة انف
وظاهر الأدلة يؤكد نبوة الخضر فل لذا جزم كثير من أهل العلم
بنبوته» والقول بنبوته يقطع الطريق على الزنادقة الذي يتذرعون بكونه
غير نبي لأن الولي أفضل من النبي بزعمهم. قال ابن حجر كأن: «قوله:
1 ّ 017570 | 5-5 5 : : :
هو أعلم منك ظاهر في أن الخضر نبي» بل نبي مرسل؛ إذ لو لم
يكن كذلك؛ للزم تفضيل العالي على الأعلى» وهو باطل من القول)”".
وقال: «من أوضح ما يستدل به على نبوة الخضر قوله: «وما فعَلْنه عن
أمَرى # [الكهف: 7)]47؟'.
ولا يشك مسلم مؤمن بالله ربّاء وبمحمد يلل رسولاء وبالإسلام
دينًا في كفر من فضل كتابًا على كتاب الله؛ أو قال إن هدي كتاب ما
.19/9« غريب الحديث: )١(
.855 سبق تخريجه: ص )(
.516 /١ فتح الباري: )9(
(5) المصدر السابق: .5560/١
وحدة الأديان في عقائج الصوفية
أفضل من هدي القرآن» أو ساوى القرآن بغيره من الكتب: فهو كافرء
وهذا مما يعلم من الدين بالضرورة.
قال تعالى ال إن عمقت الإنس وَالْجن عل أن ْوأ بِمِئْلٍ مدا لمان لا
ان عقا وَلْوْ كانت بعضهم 2 نكا :4ماء وقال
جلا وعلا ١ جا ايا كتوا م كا جاخ وَإِنَّهه كنب عَرِبِرٌ © لا يأَئهِ
لَْطِلُ من بين يَدَيْهِ ولا مِنْ حَلْفْوء تنزيل مَنْ حَحيِوِ 0 -475]»
بل من قال إن الكتب السماوية: التوراة والإنجيل والزبور أفضل من
القرآن» أو مساوية له؛ فقد كذب القرآن وكذب الرسول ظيَكَِةِ» فإن الله تعالى
يقول في محكم التنزيل: طوَآرَلّآ إَكَ الكتبٌ يعي مُصَدْكًا لما بت يديد
مِنَ الحكتب ومهِيينًا علي [المائدة: 44]» فالقرآن حاكم على غيره من الكتب
التي أنزلها الله وناسخ لهاء فما بالك بكتب وضعها قوم في حالة سكر
وطرب؟ وقال النبي يك لعمر بن الخطاب وقد رأى بين يديه ورقة من
التوراة: «أَمُتهوكون أنتم كما تهوكت اليهود والنصماري» لقد جئتكم بها
بيضاء نقية» ولو كان موسى حيا ما وسعه إلا اتباعي»”''» ومتهوكون: أي
متحيرؤن أنتم في الإسلام» لا تعرفون دينكم حتى تأخذوه من اليهود
والنضبا ري
وعلماء الشرع الذين تنقصهم المتصوفة ووصفوهم بأنهم علماء
رسوم وغيرها هم الذين قال الله فيهم : 8يَرْيج أَلَهُ النَ ءامنا ينك
وَالّْننَ أُوثوأ الْلرَ درت [المجادلة: .]١١ ورفعة الدرجات تدل على
الفضل » إِذ المراد به كثرة الثواب» وبها ترتفع الدرجات ورفعتها تشمل
.18 سبق تخريجه: ص )١(
.371١/١ ينظر شرح السنةء للبغوي: )0(
وحدة الأديان في عقائد الصوفية
المعنوية فى الدنيا بعلو المنزلة وحسن الصيت» والحسية فى الآخرة
بعلو المنزلة فى الجنة.
وهذا الدين الذي أتى به المتصوفة من باب الحقيقة الرحيب: دين
يتسع لجميع الآديان والمذاهب؛ ومفصل لاستيعاب الملل كلها. ومن
خلال عرض أهم أسيين دين الحقيقة عند المتصوفة يتضح مبدأ دعوتهم
إلى وحدة الأآديان فى المسائل التالية :
المسألة الأولى - مصادر المعرفة عند المتصوفة:
المعرفة في اللغة: تأتي بمعنى العلم فيقال: عارف وعريف بمعنى»
أوكلما وردت عكاط قبيلةٌ بعثوا إلي عريفهم يتوس؟”٠
أي : عارفهم» والعرفان : العلم”” .
(2
(1) نسبه في اللسان إلى طريف بن مالك العنبري» وقيل طريف بن عمرو. ومكاظ :
اسم لأكبر أسواق العرب في الجاهلية وسمي بذلك لأن الناس كانت تزدحم فيه
حتى يعكظ بعضهم بعضا أي يدعك. وقيل لأن الناس يتفاخرون حتى يعكظ الرجل
صاحبه أي يغلبه بالمفاخرة وقيل غير ذلك. وهو سوق تعرض فيه البضائع
المتعددة» بأنواعها المختلفة بالإضافة إلى كونه مركزاً أدبياً رئيسياً تعرض فيه
القصائد ويحكم فيه بين الشعراء فيما بينهم والقبائل فيما بينها. وكان وقته من نصف
ذي القعدة إلى آخره وقيل شهر شوال بكامله. وموقعه بين مكة والطائف على طريق
السيل ولكن مكانه بالتحديد لا يزال محل خلاف حتى وقتنا الحاضر. ولعل السبب
في ذلك أن أرضه صحراء مستوية لا علم فيها ولا جبل إلا ما كان فيها من
الأنصاب التي كانت بها في الجاهلية ولم يبق لها أثر يبين موقع السوق. والله
أعلم. ينظر: الروض المعطارء ص١١4. أسواق العرب في الجاهلية والإسلام»
سعيد الأفغانى» ص/77/7.
(؟) ينظر اللسان: 5"/9.
وحدة الأديان في عقائد الصوفية
والمعرفة في الاصطلاح: قيل إنها علم مستحدث أو انكشاف بعد
لبس"''. وقيل: إدراك الشيء على ما هو عليه» فهي مرادفة للعلم» وإن
تعدت إلى مفعول واحد وهو إلى اثنين» وقيل تفارقه بأنه لا يستدعي
سبق الجهل بخلافها؛ ولهذا يقال الله عالم؛ ولا يقال عارف”'“'. وهي
أخص من العلم؛ لأنه يشمل غير المستحدث وهو علم الله تعالى؛
ويشمل المستحدث وهو علم العباد. والمعرفة- من حيث إنها يقين
وظن- أعم من العلم؛ لاختصاصه حقيقة بالعلم اليقيني. وتطلق المعرفة
على مجرد التصور الذي لا حكم معهء فتقابل العلم من جهة أنه يطلق
ل عرو القند 0
ومصادر المعرفة عند أغلب المتصوفة لا تخرج عن دائرة الإلهام
وهذا ما قرره جمع من المتصوفة. فمصدر معرفتهم هو الإلهام من الله
مباشرة وبغير واسطةء وهم في هذا يتفقون مع الأنبياء في هذا النوع من
الوحي بزعمهم؛ يقول النابلسي: «إن الذي جاعت به الأنبياء عليهم
السلام حق وصدق وهو من عند الله تعالى بطريق الوحي من جبريل
نه وغيره من الملائكة. والذي جاءت به الأولياء أيضا من العلوم
التوحيدية» والمعارف الإلهية» والحقائق العرفانية: كله حق وصدق.
وهو من عند الله تعالى بطريق الإلهام والفيض على قلوبهم. بطريق
إلهام من ملائكة الإلهام. بعصم يخطى العيازة عن ذلكه ويقدره الله
على بيانه ؛ نظير النبي الذي أوحي إليه بشرع» وأمر بإبلاغه للأمة
.519/١ شرح الكوكب المنير: )١(
ينظر التعريفات للجرجانيء ص”17١. والحدود الأنيقة» ص57-55. )0(
.55-58 /١ ينظر شرح الكوكب المنير: 9
وحدة الأديان في عقائد الصوفية
وبعضهم لا يعطى العبارة عن ذلك» ولا يقدر على بيانه ؛ نظير النبي
الذي أوحي إليه بشرع ولم يُؤمر بإبلاغه»”".
والوحي الذي يحصل للأولياء هو: «وحي خالص لا يشوبه ما
يفسده)”" كما يقول ابن عربي.
والذي يظهر لي أن اقتصارهم على الإلهام دون غيره من أنواع
الوحي له أسبابه» ومن هذه الأسباب:
-١ أن الإلهام يعتبر وسيلة مباشرة بينهم وبين الله دون أن تكون هناك
واسطة في النقل” " مما يشعر بنوع من العلو في الاتصال مع الله
وهذا يجعل الولاية في نظرهم أعلى منزلة من النبوة.
؟- إن القول بالإلهام هو الأقرب للقبول بين أتباع الصوفية والجهلة
من العامة ومما يسهل تصديقهم له. وهذا أمر هام جدًا عند الغلاة
من المتصوفة حتى يتمكنوا من بث أفكارهم ودعاويهم بين
أتباعهم.
“"- أن الإلهام هو الأقرب للتوفيق بين عقيدة وحدة الوجود عند غلاة
الصوفية وبين دعوى النبوة أو الولاية فيكون الوحي نابعًا من نفس
الصوفي؛ لأن الوجود واحد. فالوحي ليس شيئًا خارجًا عن ذات
الصوفي؛ فما ثم إلا واحد هو الوحي والموحي والموحى إليه”.
.با7١ق نتيجة العلوم ونصيحة علماء الرسومء للنابلسي (مخطوط): )١(
(؟) الفتوحات المكية: 58/7.
(*) ينظر الرسالة اللدنية» للغزالي ضمن مجموعة القصور العوالي: ص١1. .1١15
ومطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكمء» لقيصري: .947-97/١
(5) ينظر الفتوحات المكية: 58/7.
وحدة الأديان في عقائد الصوفية
وتحصل المعرفة الصوفية عن طريق وسائل عدة» تختلف مسمياتها
من صوفي إلى آخرء وهذه المسميات وإن اختلفت في مدلولاتها ؛ إلا
أنها جميعا تصب في دائرة الإلهام الصوفي» ومن هذه الوسائل :
أولا - الكشف:
والكشف في اللغة: كشف الشيء يكشفه كشمًا وكاشفة: أظهرهء
ورفع عنه ما يواريه ويغطيه”".
وفى اصطلاح المتصوفة: هو «الاطلاع على ما وراء الحجاب من
المعاتق: الغريية والأمؤن الحقيفية وجودًا أو شهوةا7.
يقول النابلسي: «إن حقيقة الكشف عند أهل المعرفة هو رفع
حجاب الأغيار عن وجه الحق تعالى الطالع في جميع الأطوار)”".
ويعتبر الكشف من أهم مصادر المعرفة عند المتصوفة» وهو
مستندهم في كل ما يقولونه ويدعونه» وفيما بنوا عليه مذهبهم الصوني.
كما أنه في نظرهم: «علم ضروري يحصل للمكاشف, ويجده في
نفسهء لا يقبل معه شبهة. ولا يقدر دفعه عن نفسهء ولا يعرف لذلك
دليلا يستند إليه سوى ما يجذه فى 0000
000( ينظر : لسان العرب: رةه ومحيط المحيط : ص 1/87 مادة (كشف).
,0( مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم. للقيصري : ١//ا8م. وينظر اللمع
للطوسي (ص؟١47).
(9) تحقيق الذوق والرشف في معنى المخالفة الواقعة بين أهل الكشف: ق١ب. وينظر
تحفة السفرة إلى حضرة البررة. لابن عربي: ص 84-/47.
فصوص الحكم. للقيصري : .١ 89/١ والتمكين في شرح منازل السائرين» محمود
أبو الفيض المنوفى: ص96١705-17,
وحدة الأديان في عقائد الصوفية
يقول ابن عربي: «فارفع الهمة في ألا تأخذ علمًا إلا من الله تعالى
على الكشف. فإن عند المحققين أن لا فاعل إلا الله. فإذا لا يأخذون
إلا عن الله"'". ويقول الغزالي: «فالأنبياء والأولياء انكشف لهم الأمر
وفاض على صدورهم النور لا بالتعلم والدراسة والكتابة للكتب» بل
بالزهد في الدنياء والتبري من علائقهاء وتفريغ القلب من شواغلهاء
والإقبال بكنه الهمة على الله تعالى» فمن كان لله كان الله له»”©. ويقول
ابن عطا السكندري: «وأعلم أن إطلاع أولياء الله تعالى على بعض
الغيوب لا يحيله العقل» وقد ورد به النقل»”".
ثانيا - الذوق:
والذوق في اللغة: وجود الطعم بالفم» وهو في الأصل تعرف
الطعمء ثم كثر حتى جُعل عبارة عن كل تجربة”*.
وفي اصطلاح الصوفية : «نور عرفاني يقذفه الحق بتجليه في قلوب
أولياته» يفرقون به بين الحق والباطل من غير أن ينكلوا ذلك من كتاب
2 غيرة20.
ويعتبر الذوق من وسائل المعرفة المهمة عند المتصوفة» والعلم
الذي يأتي عن طريقه يفيد اليقين حتمًا عند الصوفية» يقول القونوي:
«الذوق التام يسمى علماً حقاً» ونوراً صدقاً» فإنه كاشف سر الغيب
.11١٠ص رسالة ابن عربي إلى الرازي (ضمن رسائل ابن عربي): )١(
(5) إحياء علوم الدين: .١14/” وينظر الرسالة اللدنية (ضمن مجموعة القصور
العوالي): ص .١١7”
(9) لطائف المنن: ص
(5) ينظر: مفردات ألفاظ القرآن: ص ”"”. ومحيط المحيط: ص ."١5 مادة (ذوق).
(5) التعريفات للجرجاني: ص 2.1١١5 وينظر المنقذ من الضلالء للغزالي: ص 87.
وحدة الأديان في عقائد الصوفية
٠ : 2000
ورافع كل شك وريب)”".
ويقول الشعراني: «الذوق لا يتوقف على دليل فهو أقوى”".
باطل)7".
ولذا صحح أهل الحقيقة الأحاديث الموضوعة» وضعفوا الأحاديث
الصحيحة» بناء على المكاشفة» ولا عبرة لعلوم المصطلح والجرح
والتعديل الذي أفنى فيه علماء الأمة جزءًا كبيرًا من أعمارهم؛ بل يكفي
يقول ابن عربيى: «فرب حديث ضعيف قد ترك العمل به لضعف
طريقه من أجل وضاع كان في رواته يكون صحيحا في نفس الأمرء
ويكون هذا الواضع مما صدق في هذا الحديث ولم يضعه... ورب
حديث يكون صحيحًا من طريق رواته يحصل لهذا المكاشف الذي قد
عاين هذا المظهر فسأل النبي كَكِةِ عن هذا الحدّيث الصحيح فأنكره
وقال له لم أقله ولا حكمت به فيعلم ضعفه فيترك العمل به عن بينة من
ربه» وإن كان قد عمل به أهل النقل لصحة طريقه» وهو في نفس الأمر
لبي كذلك30.
)١( إعجاز البيان في تأويل أم القرآن. للقونوي: ص”7١1١. وينظر: الرسالة المفصحة»
للقونوي: ص١775-7. والرسالة الهادية» له أيضا: ص57١-100.
(؟) الأنوار القدسية في بيان آداب العبودية» للشعران: صه. والأنوار القدسية في
معرفة قواعد الفبرقة للشعراني أيضا: ص”47.
(*) التفهيمات الإلهية: .١١١7/7
(5) الفتوحات المكية: .5١”/١ وينظر الكتاب نفسه: .584/١
وحدة الأديان في عقائد الصوفية
ويقول الجيلي : «قوله تعالى: «كنت كنرًا مخفيًا فأحببت أن أعرف
فخلقت الخلق» وتجليت عليهم؛ فبي عرفوني»”''» هذا حديث صحيح
من طريق الكشف» وضعيف من طريق الإسناد قد أجمع المحققون على
صحتهء وذكره غير واحد منهم في مصنفاته»”".
ويقول البيجوري: «ولعل هذا الحديث (يقصد حديث إحياء والدي
النبي كك وإيمانهما ثم موتهما) صح عند أهل الحقيقة بطريق
الكشف206".
وتظهر وحدة الأديان في مصادر المعرفة عند المتصوفة من خلال
نبذهم القرآن والسنة واعتمادهم على الكشف والذوق ونحوهاء وهي
مقاييس بشرية تختلف من شخص لآخرء وهي لا تفيد العلم اليقيني
مطلقًا بل تخضع لاجتهادات مدعيها ومتقولها.
وقد أدى الكشف والذوق بالصوفية إلى قبول العقائد الأخرى
باعتبار أن الكشف يجيزهاء وأن الخلاف الظاهري بين أهل العقائد
المختلفة إنما يعود إلى الاختلاف في علم الحقيقة بينهم؛ فمتصوفة أهل
الملل- على أنهم ينفردون بمعرفة الحقيقة دون غيرهم من سائر البشر-
إلا أنهم يتفاوتون في هذه المعرفة؛ فبعضهم أعلم من بعضء يقول
العطار: «تتفاوت المعرفة.» حيث يدرك هذا المحراب» ويدرك ذاك
الصنم وعندما تضيء شمس المعرفة من فلك هذا الطريق العالي
الصنفة» فسيصبح كل فرد مبصراً قدر استطاعته» ثم يجد صدره في
.57١ الحديث موضوع وقد سبق تخريجه ص: )١(
(؟) الكمالات الإلهية في الصفات المحمدية: ص77".
.7١ شرح جوهرة التوحيد: ص 2
وحدة الأديان في عقائد الصوفية
الحقيقة. . حيث يرى الحبيب ود
وسأل الشعراني شيخه الخواص: «ما ميزان الكشف في باب
الاعتقادات في الله عز وجل؟ فقال: ليس لذلك ميزان مضبوط لأن
الحق تعالى قد تعرف إلى كل مخلوق لا يشاركه فيه مخلوق آخر)”".
ولا يرى الصوفية في تفاوت الكشف بين الناس من أهل الملل
المختفة - فضلًا عن أهل الملة الواحدة - سببا في عدم وحدة المصدر
الذي يفيض منه الكشف على قلوب السالكين. يقول قيصري: «وتكثر
قوابل الفيض لا يقدح في وحدة الطريق» كما لا يقدح تكثّر الشبابيك
في وحدة النور الداخل فيها»”".
كما أن اختلاف الطرق لا ينفي وحدة الحقيقة «فالطرق تختلف
باختلاف السالكين من جهة» وبتنوع التجليات الإلهية من جهة أخرى.
ويرجع اختلاف السالكين إلى احتلاف الأمزجة والطبائعء
والاستعدادات الروحية عند كل سالك» مما يؤدي إلى اختلاف النتائج
التي يصلون إليهاء فكل سالك يقف عند حدود معراجه الخاص» ويعبر
عن معرفته الخاصة التي تعكس المدى الذي وصل إليه في معراجه)”'.
يقول ابن عربي : «ومع أن طريق الحق واحلةٌ ؛ فإنه يختلف
وجوهه باختلاف أحوال سالكيه من اعتدال المزاج وانحرافه» ومُلازمة
)١( منطق الطير: ص6/".
(9) “الجواه والدوى للقعراتي: لضن 11
() مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكمء للقيصري: .180/١
(5) فلسفة التأويل: دراسة في تأويل القرآن عند ابن عربي» نصر حامد أبو زيد:
ص4 77 .
وحدة الأديان في عقائد الصوفية
سور لسسسسسسس سمس سس 0ك
الباعث ومعيّته» وقوة روحانيته وضعفهاء واستقامة همتها وميلهاء
وصحة توجهه وسُقمهء فمنهم من تجتمع له ومنهم من تكون له بعض
هذه الأوصاف. فقد يكون مطلبٌ الروحانية شريقًا ولا يساعده
المزاج)”"".
لقد كان بعض الصوفية يخالف الشرعء ويتظاهرون بالاعتقاد في
الله والرسول في أنظار العامة فقط. فليس في نظر الصوفي أية قيمة
لظاهر الشرع والأعمال الصورية ولسان حاله هو أنه ما دام من الممكن
المتابعة عن طريق الاتصال المباشر بالله فلماذا إضاعة الوقت بالظواهر
والصورء والطرق غير المباشرة ؟ ناهيك بأن الشرع هو وسيلة للوصول
إلى الحق. وما دام العارف قد بلغ الحق والحقيقة فلم يبق والحالة هذه
حاجة له بهذه الظواهر وكل عبادة تعتبر عبغاً0".
وبما أن الوصول إلى المعرفة لا يحصل بكسب العبدء بل هو أمر
وهبي؛ فقد «نظر هؤلاء الصوفية إلى باطن الشريعة “دون ظاهرهاء وإلى
الحكمة في التشريع دون القيام بالأمر المشرع» فالإنسان مكلف من قبل
الشرع لا ليقوم بأداء فرض فرضه الله عليه وحسب؛ بل لأن التكليف
يحقق غاية عليا قصد إليها المشرع» وهذه الغاية تتحقق بالأمر المكلف
به كما تتحقق بغيره من الأمور التي تمائله. وإذا كان الأمر كذلك»
ظهرت ضالة الأداء الفعلي للأمر المكلف به بإزاء النية الصادقة في
أدائه» وظهرت ضالة رسوم العبادة بإزاء التأمل الذي هو جوهر العبادة.
)١( رسالة الأنوار (ضمن رسائل ابن عربي): ص54١-١15. وينظر الفتوحات المكية:
ا
(0) ينظر تاريخ التصوف في الإسلام قاسم غني: ص145.
وحدة الأديان في عقائج الصوفية
ومعنى هذا أن مناط التكليف عند هؤلاء الصوفية هو القلب لا الجوارح
وخلاص العبد هو في إخلاص نيته لا في القيام بالعمل. وإذا اتجه
العبد الاتجاه الذي يريده هؤلاء الصوفية تحقق العبد بمعرفة اللهء وهى
في نظرهم الغاية القصوى والمقصد الأسمى الذي قصد إليه الشارع من
التكليف. وهذا موقف أخذ به ضعفاء القلوب من الصوفية فزلت
أقدامهم وأدى بهم آخر الأمر إلى الوقوع في نحو من الإباحية والقول
برفع التكاليف» استناداً إلى أن الغاية إذا تحققت استغنى عن الوسيلة»
فإذا وصل العبد إلى مقام القرب من الله أصبح في غنى عن مخاطبة
الشرع 0
يقول الشعراني: «اعلم أن جميع المقامات سقطت عند العبيد
الخلص؛ فلذلك استراحوا من صلاح الأعمال ا ويقول
الطعمى فى تقسيمه لموقف الأولياء من الكبائر : (القسم الثالث : ولىّ
نظر إلى الكبائر على أنها أفعال مجردة» فهذا إنضج الأولياء مقامًا...
وهذا هو مقام الاستواء الذي عبر عنه الشيخ الأكبر بقوله :
لقد ضار قلبي قابلاً كل صورة فمرعى لغزلان ودير لرهبان
وبيت لأوثان وكعبة طائف وألواح توراة ومصحف قرآن)”"
)١( التصوف الثورة الروحية في الإسلام» أبو العلا عفيفي: ص177.
؟) الأنوار القدسية فى بيان آداب العبودية» عبد الوهاب الشعراني: ص0. ويقول
حسن رضوان:
وتستوي الطاعات والمعاصي لديه وهو مشهد الخواص (روض القلوب
المستطاب: ص86١5).
(*) تكملة الفتوحات المكية» للطعمى: .087-5877/١ والأبيات في ديوان ابن عربي
ترجمان الأشواق: ص50١1.
وحدة الأديان في عقائد الصوفية
ومما يدخل في باب الكشف عند المتصوفة ما يسميه ابن عربي
بعلم الدهر أو علم الزمان» وهو علم يتسع لقبول جميع الاعتقادات
مهما تباينت واختلفت. فمن علم الزمان «تعددت المقالات في الإلهء
ومنه اختلفت العقائدء وهذا العلم يقبلها كلها ولا يرد منها شيئا»".
وقد قاد علم الحقيقة القائم على الكشف بعض الصوفية إلى الإيمان
بالوحدة الفعلية بين الأديان من حيث تعبد الله في كل أماكن العبادة التى
نضيعها كن مله لميااقة سات كاقة مباجة أر كدامسن أ خيرم أن
جميع الأديان في علم الحقيقة تؤدي إلى الله . يقول الجيلي :
فسلمت نفسي حيث أسلمني القضا وما لي مع فعل الحبيب تنازع
فطورًا تراني في المساجد عاكمًا وأنّى طورًا في الكنائس راتع
فإن كنت في حكم الشريعة عاصيًا فإني في علم الحقيقة طائء)
ولا شك في أن الإلهام حتى وإن كان للصالحين ليس بحجة في
شرع الله؛ فالبشرغير معصوم أبدّاء بل إن ما يقع للصحابة مما هو من
هذا الباب كانوا يعرضونه على النبي كَكهِ : كما وقع مع عمر الذي قال
فيه النبي كَل : «إنه قد كان في ما مضى قبلكم من الأمم مُحدثون. وإنه
إن كان في أمتي هذه منهم ؛ فإنه عمر بن الخطاب»”" فقد كان يعرض
.5١١/١ الفتوحات المكية: )١(
(؟) قصيدة النادرات العينية» للجيلي: ص١١١-7١1» الأبيات ذوات الأرقام: -471١
7#
(©» رواه البخاري من حديث أبي هريرة ونه في كتاب الأنبياء» الباب رقم (04)
حديث رقم (71459) وهذا لفظه. ورواه مسلم من حديث أم المؤمنين عائشة ونا
في كتاب فضائل الصحابة. باب من فضائل عمر رضي الله تعالى عنه. رقم
(4؟"5) 1855/5.
وحدة الأديان في عقائد الصوفية
ب 1 هكد
ما يقع له على ما جاء به الرسول ذَكِِ؛ فتارة يوافقه فيكون ذلك من
فضائل عمر كما نزل القرآن بموافقته غير مرة كما في أسرى بدرء
والحجاب وغيرها”".
أيضا فإن الله قد أكمل دين الإسلام بنبينا محمد كلد فلا تحتاج
الأمة إلى من يبلغ الدين الكامل» ولا تحتاج إلى محدث ؛ ولهذا قال
عه : «إن يكن في أمتي» فلم يجزم بأن في أمته محدنًا كما جزم أنه قد
كان في الأمم قبلناء مع أن أمتنا أفضل الأمم» وأكمل ممن كان قبلهم.
وذلك لأن أمتنا مستغنية عن المحدّثين كما استغنوا عن نبي يأخذون عنه
ميوت لييد» أ وليعقا وها و المح نين دن نامي اول
يقول ابن الجوزي : «الإلهام للشيء لا ينافي العلم» ولا ينكر أن
الله عز وجل يلهم الإنسان الشيء»ء كما قال النبي كِدِ: «إن في الأمم
محدئين» وإن يكن في أمتي فعمر» والمراد بالتحدث إلهام الخيرء إلا
أن الملهم لو ألهم ما يخالف العلم لم يجز له أن يعمل عليه .. وليس
الإلهام من العلم في شيء, إنما هو ثمرة للعلم والتقوى» فيوفق
صاحبهما للخير»ء ويلهم الرشد. فأما أن يترك العلم» ويقول إنه يعتمد
على الإلهام للخير أو الوسوسة من الشيطان. واعلم أن العلم الإلهامي
الملقى في القلوب لا يكفي عن العلم المنقول»”".
.5191/١ والصفدية: .5١9/١١ ينظر مجموع فتاوي شيخ الإسلام ابن تيمية: )١(
(؟) باختصار عن الصفدية: .550-1769/١
(") تلبيس إبليس: 47". وينظر سيف الله على من كذب على أولياء الله. صنع الله
الحلبى الحنفى: ص 54-68.
وحدة الأديان في عقائد الصوفية
اس سس سس سس اك
ويقول الشنقيطي”'' عن حجية الإلهام «الإلهام.. ليس بحجة لعدم
ثقة من ليس معصومًا بخواطره؛ لأنه لا يأمن دسيسة الشيطان فيها..
قال الشاذلي: "ضمنت لنا العصمة في الشريعة» ولم تضمن لنا في
الخواطر" وكذا من رأى النبي كَِهِ في النوم يأمره وينهاه: لا يجوز
اعتماده. وإن كان من رآه في النوم فقد رآه حمًا.. لعدم ضبط الرائي»
فلا يحتج بالإلهام في دين اللهء ولا يعمل به»”".
المسألة الثانية- التوحيد عند أهل الحقيقة:
سبق فيما مضى ذكر حقيقة التوحيد عند المتصوفة وأنها تؤول إلى
قولهم بوحدة الوجود وأن التوحيد الذي يقصدونه هو نفي الوجود عن
سوى الرب» وأن الرب والعبد اسمان لحقيقة واحدة. مما يغني عن
إعادته مرة أخرى.
والتعبير عن حقائق التوحيد بالمفهوم الصوفي صعب للغاية» ولا
تستوعبه لغة خطاب الشارع للمكلفين سواء في القزآن أو السنة» بل
لهذا النوع من التوحيد لغة خاصة لا يفهمها إلا أهل الحقيقة دون
غيرهم من الناس ؛ ولذا فإنهم لا يذكرونها في تصانيفهم التي صنفوها
للناس» ويضئون بها على غير أهلهاء ويضعون أسرار التوحيد التي
توصلوا إليها من باب الحقائق بزعمهم في مؤلفات صنفت للخاصة» أو
(0) عبد الله بن إبراهيم العلوي الشنقيطي» أبو محمد فقيه مالكي» علوي النسب من
غير أبناء فاطمة» من قبيلة "إدعول» من الشناقطة. تجرد أربعين سنة لطلب العلم في
الصحاري والمدن» وأقام بفاس مدةء وحجء وعاد إلى بلاده» فتوفي بها سنة
(1775ه). ينظر الأعلام: 5/ 50.
() نشر البنود على مراقي السعود. عبد الله بن إبراهيم الشنقيطي: 557/7.
وحدة الأديان في عقائد الصوفية
يلجأون إلى الرمز لإخفاء ما يريدون قوله عن عامة الناس. وهذا يعود
لأن حقائق التوحيد التي يؤمنون بها تسع الناس جميعا مهما اختلفت
أديانهم كما سبق تفصيل ذلك في مبحث وحدة الوجود. قال بعض
الصوفية : «للربوبية سر لو أظهر لبطلت النبوة» وللنبوة سر لو كشفت
لبطل العلمء وللعلماء بالله سر لو أظهروه لبطلت الأحكام)”"'.
الكتاب علم المعاملة فقط دون علم المكاشفة التي لا رخصة في
إيداعها الكتبء» وإن كانت هى غاية مقصد الطالبين ومطمح نظر
الصديقين» وعلم المعاملة طريق إليه» ولكن لم يتكلم الأنبياء صلوات
الله عليهم مع الخلق إلا في علم الطريق والإرشاد إليه» وأما علم
المكاشفة فلم يتكلموا فيه إلا بالرمز والإيماء على سبيل التمثيل
والإجمال» علمًا منهم بقصور أفهام الخلق عن الاحتمالء» والعلماء
ورثة الأنبياء» فما لهم سبيل إلى العدول عن نهج التأسي والاقتداء»”".
وينقل الغزالي عن الجنيد قوله: «أهل الإنس يقولون في كلامهم
ومناجاتهم فى خلواتهم أشياء هى كفر عند العامة». وقال مرة: «لو
سمعها العموم لكفروهم)"”". ويقول الجنيد: «لا يبلغ الرجل درجة
الجحقيةة بعتن «يخهند افيه ألقة ديق أله ديق .
.٠١١/١ وإحياء علوم الدين: 2١75/75 قوت القلوب: )١(
(؟) إحياء علوم الدين: .4/١ وينظر: منازل السائرين» لأبي إسماعيل الهروي:
ص١8.
(*) إحياء علوم الدين: ."5١/5
(5) الجواهر والدررء للشعراني: ص١15١.
وحدة الأديان في عقائد الصوفية
تحسود الت اس ه2777 لور ل ا ل يفف 71 تن جب و 1 1.16
وذكر الشعراني أن الجنيد لا يتكلم قط في علم التوحيد إلا في قعر
بيته» بعد أن يغلق أبواب داره» ويأخذ مفاتيحها تحت وركهء ويقول:
«أتحبون أن يكذب الناس أولياء الله تعالى وخاصته» ويرمونهم بالزندقة
ل
وقد مضى معنا مناقشة حقيقة التوحيد عند القوم وبيان أن توحيد
الصوفية الذي يؤمنون به هو وحدة الوجودء واتحاد الخالق بالمخلوق»
وتم دحض شبهاتهم». ونسف معتقداتهم الباطلة مما يغني عن إعادته
هنا.
المسألة الثالثة - المصطلحات الشرعية في ضوء الحقيقة الصوفية:
نتج عن إيمان الصوفية المطلق بوجود حقيقة تقابل الشريعة وأنها
الأساس الذي ينبغي على السالك الإيمان به : أن أفرغ المتصوفة
الألفاظ الواردة في الشرع من معانيها الشرعية ومضامينها الإيمانية»
وحصروها في معانيها اللغوية الحرفية» وصاغوها في قوالب وجودية ؛
فالكفر على سبيل المثال لا يعني عدم الإيمان» بل يعني: السترء أي
ستر الحق وراء الصور والتجليات» فمن لم يؤمن بوجود واحد فقد ستر
الحق وراء الصورء ووضع بينه وبين خالقه حجاب'". لأن حقيقة
الإيمان عند هؤلاء المتصوفة هي: «انكشاف الحق تعالى عندهم في كل
شيء وعدم التباسه عليهم في شيء من الأشياء مطلقًا؛ فإذا التبس
.٠١/١ الطبقات الكبرى» للشعراني: )١(
(؟) ينظر الفصوص لابن عربي: ص١5١. 2١54 وخمرة الحان ورنة الألحان»
النابلسي: ص 21١-7١ والفتح الرباني والفيض الرحماني: ص١17١. وتعليقات
عفيفي على الفصوص: ص07١707-7.
وحدة الأديان في عقائد الصوفية
عليهم مرة؛ فقد كفروه أي و
بل إن كفر إبليس عند النابلسي هو أنه لم يعمل بمقتضى توحيد
أهل الحقيقة وهو وحدة الوجود ؛ فلم يسجد لله في مظهر آدم فخدعته
صورة آدم واستكبر عن السجود للهء» فكان «سبب كفر إبليس .. أنه
جهل في عين علمه. فكان يعلم أن للرب سبحانه أن يظهر في أي مظهر
أرادى» ثم لما ظهر سبحانه في باطنية آدم 2 .. لم يشعر بباطنية آدم
2 التي هي صورة الحق» وحسب أن الحكم للظاهرية)0", «ولهذا
أراد الله امتحان إبليس والملائكة فأمرهم بالسجود لآدم :88 .. فسجد
الملائكة كلهم أجمعون للّه وحده الظاهر لهم بآدم 1
والتوبة عند أهل الحقيقة لها معنى يسع جميع الأديان» إذ يكفي أن
يقر الإنسان بوحدة الوجودء ومن ثم يكون تائبّاء يقول النابلسي : «وأما
حال التوبة بحسب الحقيقة فهو : ظهور وحدة الوجود على التنزيه التام
واستغراق الكثرة فيهاء بحيث يقول التائب : أن" لا أنا. وهو ما هوء.
ثم يقول : لا أناء ولكن هو. ثم يقول : هو حتى يخرس»”.
ويرى النابلسي أن الساب للأنبياء والزنديق والساحر الذين ماتوا
قبل التوبة هم عند أهل الحقيقة تائبون ومرضي عنهم ؛ حتى وإن حكم
عليهم ظاهر الشرع بخلاف ذلك؛ لأن الحقيقة تسع ما لا تسعه الشريعة
ومن هنا كانت لهم توبة وإنابة» والنابلسي في تقريره لرأيه يركن إلى
.الا-ا/ل١ص خمرة الحان ورنة الألحان: )١(
.117 (؟) الفتح الرباني والفيض الرحماني:
.الا-ا/١ص خمرة الحان ورنة الألحان: )(
(5) الفتح الرباني والفيض الرحماني: 14.
وحدة الأديان في عقائد الصوفية
سور سس سس سس سس ل 70د
ركن شديد عند المتصوفة وهو إيمانه بوحدة الوجود ؛ لأن التجلي
الرحماني بزعمه أقرب إلى الإنسان من حبل الوريد ؛ فيسبق قبل الغررة
فيستحق التوبة.
يقول النابلسي : «الذي سب نبيًا من الأنبياء عليهم السلام فالسر
في عدم قبول توبته في ظاهر الشريعة : أنه بسبه ذلك النبي قطع الرقيقة
التي يأتية الإمداد متها المتصلة من قلبه العامر بالإيمان . . وإنما يأتنه
قبول التوبة باطنًا فيما بينه وبين الله تعالى» من جهة وجهه الخاص
الذي لربه.ء حيث قال تعالى في ذلك: #8إوَحَنٌ أَوبُ لبه من حَبْلٍ الوريد
409 ذق: حل فمن انقطع عنه حبل الوريد بسبب انقطاع الرقيقة
المذكورة كان الله تعالى أقرب إليه من غير تلك الرقيقة» فوصله به لشدة
ما رأى من إخلاصه في توبته)”".
والزنديق الذي ثبتت زندقته في الشرع تقبل توبته باطنًا حتى ولو
عوقب بظاهر الشرع فيما يرى النابلسي ؛ لأن هذا الزكديق أقبل على الله
تعالى من حيث حكمه وقضاؤه الذي لا راد له ؛ فكان مؤمنًا في
الباطن»؛ على أن العقوبة التي سينالها الزنديق في الآخرة ليست تلك
العقوبة الحسية المعروفة في ظاهر الشرع بل هي عقوبة معنوية تكمن في
إبعاده عن عين القرب ؛ فيصلي بنار البعد. يقول النابلسي : «الزنديق
نازع الربوبية فيما ينبغي» فأشرك بربه» وطرد من قربه. وتقبل توبته باطنًا
إذا رجع إلى تصفح أسرار عالم الحكمة؛ وأقبل على الله تعالى من
حيث أحكامه ؛ ولكن لا يعتبر ذلك من حيث الشرع ؛ لأن رجوعه عن
ذلك إلى ذلك ليس بشيء غير ما هو عليه» والشرع متنزل من العرش ؛
.44 الفتح الرباني والفيض الرحماني: )١(
وحدة الأديان في عقائد الصوفية
فلا يحكم على ما تحته إلا بما تعطيه الحضرة الرحمانية ؛ لأنها
المستولية عليه دون بقية الحضرات» وهي مقتضية للأنفع» والأنفع لمن
هذا وصفه عدم قبول توبته ؛ تمحيصًا له بئيران البعد» والطرد في عين
القرب والإقبال»”'".
أما الساحر فتكون توبته عند أهل الباطن أن يخلط الباطل بالحق
«السحر حقء فلا توبة له بسبب ذلك إلا باطئًا برجوعه عن خلط الحق
بالباطل إلى خلط الباطل بالحق ؛ بحيث يصير الأصل عنده الحق)”".
والفجار الذين قال الله فيهم: ظطكلآ إِنَّ كب الْتُبَّرٍ لتى سِجِينِ )4
[المطئْفِين: 0]» والفجار لفظ شامل كل فاجر من أنواع الكفرة والمنافقين
. :02 : لك إن ف اتوك
والفاسقين ؛ يرى فيهم ابن عربي- بحسب علم الحقيقة- اتقياء
وأبرار ؛ بل لهم من الولاية ما فاقوا به غيرهم ؛ إذ أنهم فجروا
المعارف المخفية فى هذا الكون فكانوا بذلك منارات هدى لغيرهم.
ر يه في ل يرهم
يقول ابن عربي: «ومنهم: الفجار فإنهم في سجين من السجن» وهم
فيه» ولا يقع التفجير إلا في محبوس: طعَيئا يسْرَبُ يا عِبَادُ لله يمَجَروتها
نيا )4 الإنسّان: 5]» فهم الفجار جاؤوا عيون المعارف التي سدها
الله في العموم لكون الفطر أكثرها لا تسعد بتفجيرها لما يؤدي إليه
بالنظر الفاسد من الإباحة والقول بالحلول وغير ذلك مما يشقيهمء
)١( المصدر السابق: ص/87.
(7) المصدر السابق: ص18.
(*) ينظر تفسير ابن سعدي: ص855.
وحدة الأديان في عقائد الصوفية
لا سس سسسسسس سس سه سشسس ا ل 907179 د
فجاءت هذه الطائفة إلى المعنى ففجرت هذه العيون لأنفسها فشربت من
فائها فرادت عدت إلى هداعا ينانا إل باتياء: قفدت وطالت
وعظمت سعادتهاء فهذا حظ الأولياء هذه من الفجور الذي سمو به
فجاراًء وعلى هذا الأسلوب نأخذ كل صفة مذمومة بالإطلاق» فتقيدها
فتكون محمودة ونضع عليك اسماً منها كما يسمي صاحب إطلاقهاء
فلتتبع الكتاب العزيز والسنة في ذلك واعمل بحسبهاء فإنها يعطيك
النظر من حيث ما وصف بها الأشقياء مالا يعطيك من حيث ما وصف
لقيضيي الك
وهكذا يقلب ابن عربي والنابلسي وأتباعهما الحقائق الشرعية التي
أتى بها الشارع إلى حقائق باطنية تنقض قواعد الدين المنزل من عند
العزيز الحكيم. وهذا هو التناقض الذي ليس بعده تناقض» فإذا كانت
حقيقة الكفر هي الإسلام ؛ فإن إرسال الرسل وإنزال الكتب» والقتال
من أجل نشر التوحيد وإباطال الشرك» ووجود إلشرائع» وإقامة
الحدودء كل ذلك عبث لا فائدة منه وهو لازم قول هؤلاء الصوفية.
كما يلزم منه أيضا وصف الله تعالى بصفات النقص. ومن لوازمه أيضا :
إبطال الشرائع» وتعطيل الحدود. وإنكار الجنة» والنارء والثواب
والعقاب.
المسألة الرابعة - علماء الحقيقة لا تحصرهم عقيدة واحدة:
مما هو معروف عند المتصوفة هو تقديسهم لأئمتهم تقديسًا
يخرجونهم به عن دائرة البشرء وينسبون إليهم من الكرامات
.١75/7 الفتوحات المكية: )١(
وحدة الأديان في عقائد الصوفية
والمعجزات ما فاقوا به الأنبياء عليهم السلام» ولا يخلو كتاب من
كتب المتصوفة إلا وفيه شيء من هذاء ومن وقف على الكتب المصنفة
في طبقات المتصوفة ومناقبهم على وجه الخصوص يجد أن التقديس
والغلو وصل بالاتباع إلى درجة أن وصفوا مشائخهم بصفات الربوبية :
من التصرف في الكون:والكلق وقنيين امور الحلقوالروق الا
ونحو ذلك. بل إن من أهم الآداب التي ينبغي للمريد أن يتأدب بها :
أن يكثر من مراقبة شيخه حتى يصير مشهودًا له على الدوام ليلا
ونهاراً”"'. فبدل أن يجعل المريد الله نصب عينيه في حركاته وسكناته
ويراقبه في أفعال وأقواله» يجعل ذلك كله للشيخ.
ولقد سعى بعض من نسبت إليهم الولاية من المتصوفة إلى هذا
التقديس بأقوالهم وأفعالهم. وأضفوا على أنفسهم هالة ربانية» ونزعة
إلى الإلهية» قادتهم إلى ادعاء الإلوهية؛ فهذا البسطامي يقول: اغبت
في الجبروت وخضتٌ بحار الملكوت وجب الملاهوت حتى وصلت
إلى العرش فإذا هو خال فالقيت نفسي عليه وقلت: سيدي ! أين
أطلبك؟ فكشف فرأيت أني أناء فأنا أنا؛ أولي فيما أطلبء وأنا لا
)١( الأمثلة كثيرة تنظر في كتب طبقات الصوفية» ومن أهمها: روض الرياحين لليافعي»
ونشر المحاسن الغالية له أيضاء وطبقات الشعراني الكبرى والصغرى» والروض
العطر للشراطء. والكواكب الدرية للمناوي» وجامع الكرامات للنبهاني. وكتب
الطبقات والتراجم في القرون المتأخرة: مثل النور السافر للعيدروسي» والكواكب
السائرة للغزي. وخلاصة الأثر للمحبي» وسلك الدرر للمرادي» وغيرها.
(5) الكوكب الشاهق في الفرق بين المريد الصادق وغير الصادقء للشعراني: ص88.
وينظر: الأنوار القدسية فى معرفة قواعد الصوفية» للشعراني: ص "ا 47-
و للك ل 174-114 ْ
وحدة الأديان في عقائد الصوفية
و- اللملافمامليبي ا 2222772257 1 بر اق ا ا اا ا ا 1
م م 6
غيري فيما أسير) .
ويذكر الرفاعي أن العبد «لا يزال يرتقي من سماء إلى سماء حتى
يصل إلى محل الغوث,. ثم ترتفع صفته إلى أن تصير صفة من صفات
الحق» فيطلعه على غيبه حتى لا تنبت شجرة. ولا تخضر ورقة إلا
اه 4407# 4
بنظره» . وذكروا عن الدسوقي أنه صام في المهد. ورأى اللوح
المحفوظ وهو ابن سبع سئين ٠ وأنة ينقل اسم مريذه من الشقاوة
للسعادة» وأن الدنيا جعلت في يده كخاتمء ونه عاو عندرة
الع لق
ولأن للأولياء منؤلة لنست: لأحد غيرهم عند أهل الحقائق من
المتصوفة ؛ جعل لهم الحق في أن لا يحصروا أنفسهم بعقيدة معينة ؛
بل لهم أن يختاروا بحسب ما يرونه مناسبًا لهم في كل وقت»ء وعلى
)١( النور من كلمات أبي طيفور ضمن شطحات الصوفية لعبد الرحمن بدوي: .١1554
(0) قلادة الجواهر في ذكر الغوث الرفاعي وأتباعه الأكابر: ص ١48-١549 .
والأمثلة كثيرة ومن السهولة الوقف عليها في كتبهم كرسالة روح القدس لابن
عربي » وكطبقات الشعراني» وابن الملقن. والزبيدي. وروضي اليافعي وابن
الشراط. وسبك المقال لابن الطواح. وسير الأولياء للخزرجي» وجمهرة الأولياء
للمنوفي» فضلا عن كتب الطبقات الخاصة بالطرق.
مناقبه أشياء لا تعقل» وصفوه بصفات هي من صفات الله: كعلم الغيب»
وأنه جاوز سدرة المنتهى التي وقف عندها النبي يَكلةٍ ليلة عرج به إلى السماء
توفي سنة (7177ه). ينظر: الطبقات الكبرى للشعراني: »150/١ والكواكب
الدرية: لوللترفرة
(5) الكواكب الدرية» للمناوي: ."9١/7
ومحدة الأديان في عقائد الصوفية
ورك دوزي #«ل رركي يبعظة تفارك ,مان !انعا سان الأرلياء
فإنهم بوابون لحضرات الذات» وإياكم والانتقاد على عقائدهم» بما
علمتموه من أقوال المتكلمين ؛ فإن عقائتد الأولياء مطلقة متجددة في
كل وقت بحسب مشاهدتهم للشؤون الإلهية» وغيرهم ربما يثبت
عقيدة واحدة في الله حتى يموت لحجابه عن الشؤون الإلهية»”".
ويقول النابلسي : «فيعتقد أن جميع ما يظهر له من شيخة ظاهر له
من الله تعالى خيراً أو شراًء فالخير لهدايته والشر لامتحانه في مقام
الإدارة والسلوك. أو يرى أن شيخه مظهر لصفات الله تعالى وأسمائه
فيتأدب معه تأدب المكلف مع أحكام ربه في الأمر والنهي» وهو أوسط
مرتبة. أو لا يرى شيخة بالكلية وإنما الله الذي لا إله إلا هو يهدي من
يشاءء ويضل من يشاء وهي أعلى مرتبة)”".
ويقول القاضي محمد ثناء الله العثماني : «يجب على المريد ترك
اغراف علق الشيخ دراك هن عن يديه مكر طفاهن: يمنا بعت سنده
أنه من أهل الكمال والتكميل»”".
ولأن أئمة الصوفية لا تحصرهم عقيدة بعينها؛ فقد تنوعت أشياخهم
ما بين جماد وحيوان» يقول ابن عربي: «في جملة أشياخنا الذين
.0 درر الغواص على فتاوي سيدي الخواص. للشعراني: ص5 )١(
(5) مفتاح المعية في طريق النقشبندية: ق7أ. ,
(©) التفسير المظهريء, القاضي محمد ثناء الله العثماني: 01/7. وينظر التشوف إلى
رجال التصوف. لابن الزيات: ص47-857. والأنوار القدسية في معرفة قواعد
الصوفية» للشعراني: ص9:50-١4. 2١54-1١58 وشرح خمرية ابن الفارضء» لابن
عجيبة: ص١1١. والحديقة الندية في الطريقة النقشبندية والبهجة الخالدية» لأبي
الفوز محمد أمين زاده (مخطوط): ق .)117-١١8(
وحدة الأديان في عقائد الصوفية
انتفعنا بهم في طريق الآخرة في هذه الأمم: ميزاب رأيته في مدينة فاس
في حائط ينزل منه ماء السطح مثل ميزاب الكعبة» فوقفت على عبادته
وأجهدت نفسي عسى أجري معهم في ذلك» ومنهم ظلي الممتد من
شخصي أخذت منه عبادتين» قد أخذ نفسه بهما وأشباه ذلك» وأما
الحيوانات فلنا منهم شيوخ. ومن جملة شيوخنا الذين اعتمدت عليهم :
الفرس فإن عبادته عجيبة» والبازي والهرة والكلب والفهد والنحلة وغير
ذلك فما قدرت قط أن اتصف بعبادتهم على حد ما هم عليهاء وغايتي
أن أقدر على ذلك في وقت دون وقتء. وهم في كل لحظة مع
اعتقادهم بسيادتي عليهم يوبخوني ويعتبوني» وقد ألقى منهم شدة لما
يرونه من نقص حالي في عبادتهم»”".
قال النابلسي- بعد أن ذكر عبارة ابن عربي بطولها- مقرا لابن
عربي في هذا الاعتقاد: «إن الصادق في طلب الحق تعالى يجد كل
شيء شيخًا له مرشداً كاملا موصلا إلى الله تعالى»”'؟. وينقل النابلسي
عن بعض المتصوفة قوله: «من لا شيخ له من أي نوع كان من أنواع
العوالم» فالشيطان شيخهء وذلك بلا ضرورة» ".
وكل الطرق عند مشائخ المتصوفة تؤدي إلى الله؛ والمهم أن يكون
للمريد شيخ يعلمه الطريق الذي يقوده لمعرفة الحقيقة بالمنظار الصوفي؛
ولا ضير أن يكون هذا المريد مسلمًا أو نصرانيًا أو يهوديًا؛ فذلك كله
لا يعوق عن الطريق.
)١( روح القدسء لابن عربي: ص1988١.
(؟) مفتاح المعية في طريق التقشبندية: ق85أ.
(*) مفتاح المعية في طريق النقشبندية: ق8أ.
وحدة الأديان في عقائد الصوفية
قال الذهبي: «قال شيخنا عماد الدين الواسطي: قلت له (يعني ابن
هود): أريد أن تُسَلّكني. فقال لي: من أي الطرق: الموسوية أو
العيسوية أو المحمدية. أي أن كل الملل توصل إلى الله)''". وكان ابن
هود إذا طلعت الشمس يستقبلها ويصلب على وجهه”". كما أن اليهود
كانوا يشتغلون عليه في كتاب «الدلالة» وهو مصنف في أصول دينهم
للرئيس موسى”". ويصف بعضهم ابن هود بقوله: كان له في السلوك
مسلك عجيبء. ومذهب غريبء. لا يبالي بما انتحل» ولا يفرق بين
الملل وال" .
وحكوا عن لجرو أنه قال لأصحابه : «بايعونى على أن ثنموت
تعدودا: ونحشر إلى النار» حتى لا يصحبنى أحد لعل ويرى
)١( تاريخ الإسلام» للذهبي (حوادث ووفيات ١0-594٠٠لاه): ص١٠ 4. وأعيان
العصرء للصفدي: ؟7”/7١٠7. وشذرات الذهبء, لابن العماد الحنبلى: ا/ .78٠
والواسطي لم أجد ترجمته. ٠ ْ
فم تاريخ الإسلام» للذمبي (حوادث ووفيات ١59-٠١٠ل/اه): ص١0٠5. والوافي
بالوفيات: .١108/١17
(9) الوافي بالوفيات: .1901/١7 والكواكب الدرية» للمناوي: 8949/7.
(5) الكواكب الدرية» للمناوي: 949/7. وشذرات الذهبء لابن العماد الحنبلي: 9/ 81/.
(4) شيخ الطائفة الصوفية الحريرية: علي بن أبي الحسن بن منصورء من القائلين بوحدة
الوجود. ولد بقرية سر من قرى حوران في سوريا. توفي أبوه وهو صغير» فنشأ في
حجر عمه؛ وتعلم صنعة النسيج. اشتهر عنه الفسق والمجاهرة بالمعاصي ومعاشرة
المردان» ونسبه غالب من ترجم له إلى الزندقة والجرأة على الله وأفتى ابن
الصلاح والعز بن عبد السلام بقتله لما اشتهر عنه من الإباحة» وقذف الأنبياء
والفسق؛ ولكنه هرب واختفى. توفي سنة (540ه) ينظر: تاريخ الإسلام (وفيات
١5080-0ه): صلالااء والكواكب الدرية: .5١1//5
(7) تاريخ الإسلام حوادث ووفيات ١589:0-54ه: ص١18. والكواكب الدرية: 507/57.
وحدة الأديان في عقائد الصوفية
الحريري أن من ارتد من مريديه وخرج عن الإسلام» وتدين بالنصرانية
مثلاًء لم يخرجه ذلك أن يكون مريدًا للشيخ ؛ لأن الأديان كلها طرق
للحق ؛ فلا بأس أن يعتنق المريد ما تهواه نفسه من بين الأديان. يقول
الحريري: (إذا دخل مريدي بلد الروم» وتنصرء وأكل لحم الخنزيرء
وشرب الخمر: كان في شغلي""''. وسأله رجل: أي الطرق أقرب إلى
لاتحت أسير'فيه؟ قال لهة «اترك السو فقن وصلق27,
وهو صادق؛ ولكنه وصل إلى سقر وبئس المصيرء كما قال بعض
أهل العلم. والطريق الذي يرتضيها الله تعالى» ولا يقبل بسواهاء هي
الإسلام» قال تعالى: الا كرو حورا 1 ف دوا 6ن 1
إِرّهِمَرَ 0د ن المثركين 409 (البئر: : ه01]» وقال تعالى:
موقل يََدِنَ ونوا الْكتب لمكن ام َِنَ سلما قَمَدِ 1 الف
وذ َنم كلت بك أله بصي بالجباد 3 49 السننفي ةن 44 وقتال
سبحانه: 3 درت عند أله الْإسْلدٌ» آل عِمرَان »]١9 وقال جل
شأنه: «إومن يِبْتَع عير الْإسْلم دِينًا فلن يِقْبَلَ هِنْهُ وَهْوَ في الْآِخْرَ مِنَّ
لْكَبِرنَ 9) 4 آل عِمرّان: 48].
المسألة الخامسة - الجنة والنار عند أهل 00
على أساس قاعدة «اعرف الله وكن كيف شئت»”” بنى المتصوفة
)0( تاريخ الإسلامء حوادث ووفيات ١55-:50ه: ص780.
(0) تاريخ الإسلام» حوادث ووفيات ١0-54١560ه: ص1808. والكواكب الدرية»
للمناوي: ؟7/7٠5.
(9) المدرسة الشاذلية الحديثة وإمامها أبو الحسن الشاذلي» عبد الحليم محمود:
ص 67
وحدة الأديان في عقائد الصوفية
رأيهم في الجنة والنارء والثواب والعقاب: فالجنة التي يدعو إليها أهل
الحقيقة هي معرفة الله والقرب منه؛ فمن عرف الله فهو من أهل الجنة
وكان من أهل النعيم الدائم» أما الجنة التي يؤمن بها عامة المسلمين
فنعيمها مؤقت» 0 الشريعة وغايتهم» أما أهل الحقيقة
فجنتهم هي جنة المعارف. ولا ينتفع أهل الحقيقة بالنعيم الحسيء كما
لا يضرهم العذاب الحسي ؛ فالنار عندهم هي نار البعد» كما أن الجنة
عندهم تكون في الترقي في المعارف حتى يحصل القرب من الله
بزعمهم. فمن كان من المحرومين «وقع في جهنم البعد والطردء وحرم
من دخول جنة لمعارف. وهي جنة الروحانية» وكانت له جنة
الي
قال أبو يزيد: «من عرف الله صار على النار عذاباً» ومن جهل الله
صارت عليه عذاباً؛ ومن عرف الله صار للجنة ثواباً» وضارت الجنة
عليه وبالآً»”'". وقال: «الجنة اثنتان: جنة النعيم, وجنة المعرفة» فجنة
المعرفة أبدية» وجنة النعيم مؤقتة)”".
ويغتبر الغزالي أن الجنة وما فيها من نعيم لا تليق إلا بالبله» أما
ل ل ل «ولا تظن أن روح
العارف من الانشراح في رياض المعرفة وبساتينها أقل من روح من
يدخل الجنة التي يعرفها ويقضي فيها شهوة البطن والفرج» وأنى
يتساويان ؟ بل لا يُنكر أن يكون في العارفين من رغبته في فتح أبواب
.١7 الفتح الرباني والفيض الرحماني: )١
.١١8 (؟) النور من كلمات أبي طيفور ضمن شطحات الصوفية لعبد الرحمن بدوي:
.١١5 النور من كلمات أبي طيفور: )9(
وحدة الأديان في عقائد الصوفية
المعارف لينظر في ملكوت السماء والأرض وجلال خالقها ومدبرها
أكثر من رغبته في المنكوح والمأكول والملبوس... ولعل تمتع البهائم
مشاركة البهائم ولذاتهم أحق بالطلب من مساهمة الملائكة في فرحهم
وسرورهم بمطالعة جمال حضرة الربوبية» فما أكند غبلك وحينلك
وغباوتك» وما أخس همتك» وقيمتك على قدر همتك» وأننا العارف
إذا انفتح له ثمانية أبواب من أبواب جنة المعارف واعتكف فيهاء لم
يلتفت أصلاً إلى جنة البله ؛ فإن أكثر أهل الجنة البله»0©.
ويكاد الإجماع بين المتصوفة» والغلاة منهم بالأخص على أن
النعيم عين الجحيم» وأن الثواب في منزلة العقاب. والطاعة والمعصية
ليس لهما مدلول ديني إيجابي. وبهذا تسقط الفروق بين الإسلام وسائر
الأديان فتستوي الأديان الكتابية مع الأديان الوضعية» ويستوي الإسلام
مع اليهودية والنصرانية» ويماثل المؤمن الكافر فالكل منعم» وتسقط
حقائق الدين الذي أتى به الأنبياء عليهم السلام من ربهم» ومآل الخلق
جميعا إلى النعيم» سواء منهم من دخل الجنة أو دخل النار فإن الكل
في نعيم ولذة تمائل ما عليه نعيم الآخر ولذته.
يقول التلمساني: «أهل الأذواق نظروا إلى حقيقة العذاب فوجدوه
هو حقيقة النعيم»”". ويقول : «أهل الشهود لما شهدوا ؛ وجدوا جيم
الجنة جيم جهنم»ء ووجدوا ما به يعذب عين ما به ينعم" ". ويقول ابن
.0١-ه٠ جواهر القرآن, الغزالي: )١(
.با7١ق (؟) شرح الأسماء الحسنى, للتلمساني (مخطوط):
وحدة الأديان في عقائد الصوفية
سبعين: «نفس العذاب عين العافية» وسبب الألم هو بعينه سبب
اللذة»”'". ويقول ابن عربي : «يتنعمون بما هو عذاب عند غيرهم
والصورة واحدة .. ولهم عذاب من العذوب عظيم يعني عظيم
القور” "0 وقول امات
وإن دخلوا دار الشقاء فإنهم على لذة فيها نعيمُ مباين
نعيم جنان الخلد فالأمر واحد وبينهما عند التجلي تباين
يسمى عذابًا من عذوبة طعمه وذاك له كالقشر والقشر صائ ©
ويفسر ابن عربي قول الله تعالى: «إبل هو ما أسَتَعَجَلمُ بد ريخ فيا
عَدَاكُ ألم 409 [الأحقاف: 14]» «فجعل الريح إشارة إلى ما فيها من
الراحة فإن بهذه الريح أراحهم من هذه الهياكل المظلمة؛ والمسالك
الوعرة» والسدف المدلهمة وفي هذه الريح عذاب أي أمر يستعذبونه إذا
ذاقوه إلا أنه يوجعهم لفرقة المألوف)”).
فكل الناس من كافة الملل هم أهل سعادة ونعيم. وهم مصيبون
في اعتقاداتهم» وما يظنه الناس أنه عذاب وعقاب إنما هي عوارض.
كالألم والمرض ونحوه - تصيب الناس كلهم» والأولياء وغير الأولياء
- نفسه: ق54. ق١0ب والعبارة نسبها التلمساني إلى النفري في مواقفه» وعبارة
النفري في المواقف ص١ قريبة منهاء وهي: «رأيت ما ينعم به في الجنة هو ما
يعذب به في النار» المواقف: ص .4١ وينظر شرح مواقف النفري للتلمساني:
ص0 7061-7.
)١( كتاب فيه حكم ومواعظ. ضمن رسائل ابن سبعين: ص77
(؟) الفتوحات المكية: .١77/7 وينظر الفتوحات: 507/7.
(*) الفصوص: ص48. وينظر مطلع خصوص الكلمء لقيصري: /١ 575-177.
(5) الفصوص: ص9١٠.
وحدة الأديان في عقائد الصوفية
فى ذلك سواءء فمنهم من تقع له هذه العوارض فى الدنياء ومنهم من
تقع له في الآخرة. يقول جلال الدين الرومي : «أهل النار أسعد منهم
في الدنيا... ورغبتهم في العودة إلى الدنيا إنما هي لكي يعملوا عملا
بطلتهو على نا اللطيف200.
ويقول ابن عربي: ما ثم إلا الاعتقادات. فالكل مصيب مأجورء
وكل مأجور سعيل) وكل سعيد مرضي عنه » وإن شقي زمانًا ما في الدار
الآخرة. فقد مرض وتألم أهل العناية- مع علمنا بأنهم سعداء أهل حق
في الحياة الدنيا. فمن عباد الله من تدركهم تلك الآلام في الحياة
ئ3ً. 0 9 (١ 2 4 0 0
الذين كشفوا الأمر على ما هو عليه أنه لا يكون لهم في تلك الدار نعيم
خاص بهمء إما يفقد ألم كانوا يجدونه فارتفع 0 فيكون نعيمهم
راحتهم عن وجدان ذلك الألمء أو يكون نعيم مستقل زائد كنعيم أهل
(0) نقل الشيرازي (الفيلسوف الإشراقي المتصوف) عن ابن عربي قوله: «فلا بد من
حكم الرحمة على الجميع؛ ويكفي من الشارع التعريف بقوله: " وأما أهل النار
الذين هم من أهلها " ولم يقل من أهل العذاب» ولا يلزم من كان من أهل النار
الذين يعمرونها أن يكونوا معذبين بها». ثم عقب عليه بقوله إن النفوس الكافرة
والمشركة تظل في الدنيا ' ويشتد تعلقها بالدنيا ولذاتهاء التي هي الآلام بالحقيقة
التي هي شرور في الآخرة» فانقلبت الدنيا نار جهنم في حقهم ' ا.ه [الحكمة
المتعالية في الأسفار العقلية الأربعة: 9/ 07-700"] فيظهر من كلام الشيرازي
إقراره لابن عربي؛ إلا أن الخلاف بين الاثنين خلاف ظاهري؛ فالشيرازي جعل
دار الجحيم والعذاب هي الدار الدنيا نفسها؛ في حين يميل ابن عربي إلى القول
بوجود دار مستقلة هي نعيم للكافرين فقط تسمى جهنم. ويقارن بين ما ذكره ابن
عربي في الفتوحات المكية البابين (75» 1/5”) وبين ما ذكره الشيرازي في الحكمة
المتعالية في الأسفار العقلية الأربعة: 4/ 6ه "-لاه"ا, 54-157"
وحدة الأديان في عقائد الصوفية
الجنان في الجنان والله أعلم)”".
كما أن للعذاب مفهومًا آخر عند أهل الحقيقة : فالنار إنما هي
تجل إلهي يستر الله بها أهل الذنوب في الآخرة» فظاهرها عذاب
وباطنها رحمة.
يقول النابلسي : «ولهذا أعد الله النار لأهل الذنوب في الآخرة
ليستر ذنوبهم بهاء وفي الحقيقة هو الساترء والنار من عن مانا
وما خرج عن العرف الذاتي إلا الشركء فإنه مغفور بنار الآخرة أي
مستور بهاء فستره أتم سترًا من التجلي الموسوي» وهو ستر الجلال لا
ستر الجمال. والدنيا لا تسع ستر الجلال». ولهذا اندك الجبل من
المظهر الناري)”".
ويقول : «فإن الله تعالى له هاتان الصفتان : صفة الجلال» وصفة
الجمال فيتجلى لأهل الجنة بصفة الجمال» ولأهل النار بصفة الجلال»
وكل صفة من هاتين الصفتين فيها من الصفة الأخرىء, لأن الموصوف
بهما واحدء. فالجمال باطنه جلال» والجلال باطنه جمالء ولا يزال
الأمر هكذا أبد الآبدين» ودهر الداهرين)”".
يقول الجيلي : «قال بعض مشايخ العراق : إن جهنم من التجليات
الجلالية» والجنة من التجليات الجمالية)7.
ولعل أول من قال إن أهل الجنة وأهل النار منعمون جميعاً هم
.١١4ص فصوص الحكمء ابن عربي: )١(
(؟) الفتح الرباني والفيض الرحماني: ص44.
(*) الفتح الرباني والفيض الرحماني: ص”177١-1784.
(5) الكمالات الإلهية في الصفات المحمدية: ص1"4.
42 وحدة الأديان في عقائد الصوفية
طائفة البطيخية- كما أسماهم الأشعري- الذين زعموا أن أهل الجنة في
الجنة يتنعمون وأن أهل النار في النار يتنعمون بمنزلة دود الخل يتلذذ
بالخل ودود العسل يتلذذ بالعسل”'“. وما ذهب إليه غلاة المتصوفة من
إنكار عذاب النارء وأنهم يتلذذون بالنار تكذيب صريح لصريح القرآن
والسنة : فإن الله تعالى يقول في محكم التنزيل: فَذُوقوا فلن يدح إل
عَذَابًا )4 [التبَ: 0. ويقول تعالى : كما تَضجَتْ جُلُودُهم بَدَلتَهُمَ جِلُوْمًا
ره ع د ملاسلا رةه
عيرها ليذوقوأً العذاب» [النّسَاء: 6105 فلو كان العذاب عذوبة لما كان
يحتاج إلى تبديل الجلود المحترقة بالجلود المجددة لإذاقة العقوبة
المخلدة المؤبدة''". وقال تعالى يحذر من النار: تَاتّعُوأ آلَارَ التي
وَفدهنا لاسن ا عدت لِلَكَيرينَ 69 4 [البَقَرّة: 4؟]» وقال ا
«إكايا الَدِنَ اموأ هوأ أنفْسَكي وَأَهْليِيٌ ارا وَقُودُهَا لاس وَلطْجَارَهُ عَليها مَك
1 سْدَادُ لَا يَحَصُوتٌ لَه مآ أَمَرَهمّ وَبَفَعلُوتَ ما موَمرونَ )4 [التخريم: .١
وقال عن المشركين وهم في النار: هَُم تيف ذه رب كينا
دل نلا 6 الرف حك] ١ مل قار 7 فلو كانوا في نعيم
وعذوبة ما.لجأوا إلى الصراخ والندم وطلب الخروج.
5 5 5 5
.047 ينظر مقالات الإسلاميين: صه!4. )١(
.485-7 ينظر الرد على القائلين بوحدة الوجود. على بن سلطان القاري: ص (0
وحدة الأديان في عقائد الصوفية 22«
.:
ل/
حكم تقسيم الدين إلى شريعة وحقيقة
اعتبرت المتصوفة الشريعة مرحلة من مراحل الطريق الصوفي؛ بل
هي مرحلة مبكرة جداً لسالك الطريق الصوفي» ينتهي بدخول السالك
في الحقيقة «وسموا علم الشريعة علم الظاهرء وسموا هواجس النفوس
علم الباطن0”'': «وهذا جهل من قائله لأن الشريعة كلها حقائق»”".
إن القول بأن في الإسلام دينين: دين للعامة وهو الظاهر المسمى
بالشريعة» ودين باطن وهو الحقيقة» قول يهدم الإسلام وينقض عقائد
أهله وتكذيب لله تعالى» ووصف للرسول ذَكْةٍ بالخيانة وعدم البلاغ. إن
علم الحقيقة الذي يدعيه الصوفية إنما هو طي لبساط الشريعة» وإحلال
هواجس النفس ووساوسها محل الوحي المغزل من رب الأرض
والسماء ؟؛ حيث «تخلو النفس بوساوسها وخيالاتهاء ولا يكون عندها
من العلم ما يطرد ذلك فيلعب بها إبليس أي ملعب فيريها الوسوسة
ميحااثةه ومتاعا 1
قال ابن عقيل: «جعلت الصوفية الشريعة اسماً وقالوا المراد منها
الحقيقة. قال: وهذا قبيح لأن الشريعة وضعها الحق لمصالح الخلق
وتعبداتهم» فما الحقيقة بعد هذا سوى شيء واقع في النفس من إلقاء
7
المبحث الثالث
ا
() تلبيس إبليس: ص١8".
(9) المصدر السابق: ص85".
المصدن الشابق مر عوة.
«2١ وحدة الأديان في عقائد الصوفية
الشياطين» وكل من رام الحقيقة في غير الشريعة فمغرور مخدوع)”"")
يقول شيخ الإسلام : «وأما قولهم: المراد منها ضبط العوام ولسنا
نحن من العوام. فالكلمة الأولى زندقة ونفاق» والثانية كذب واختلاف؛
فإنه ليس المراد من الشرائع مجرد ضبط العوام. بل المراد منها
الصلاح باطناً وظاهراًء للخاصة والعامة في المعاش المعاد»”".
ولا شك في أن الاعتقاد بحقيقة وباطن للشريعة للخاصة غير ما
بلغه الرسول يَلةِ من ربه لعامة المسلمين وخاصتهم قدح في الخالق جل
وعلا الذي بين كمال درية اماد يثراك «آلوْمَ كلت كم ديني
2 ير وو 2 ف
وامعمت
2007
نِعَمَتَ وَرَضِيِتٌَ 1 لْإسَلم ديا 4 [المائدة: "7]» وقال تعالى:
هوم وس ف الْكتبٍ من سي [الأنعام: 2178 وبين ٠ أنه مع كمال هذا
الدين فإنه 0 00 بحفظه من الضياع والتحريف: إن عَحْنٌ فزن
لذِكْرَ وَإِنَا له لفِظُوتَ 6* [الججر: 01 كما أنه قدحٌ في النبي يَلةٍ الذي
قال في حجة اوناك ألا هل بلغت؟ قال اله نعم. اللهم
اشهد»”". والقائل: «تركتكم على البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها
بعدي إلا هالك)7.
يقول ابن تيمية: «من ادعى علمًا باطئًا أو علمًا بباطن؛ وذلك
يخالف العلم الظاهر كان مخطنًّاء إما ملحدًا زنديقًا وإما جاهلًا
)١( المصدر السابق: ص590.
(؟) مجموع الفتاوي: .4١5-418/١١
(*) رواه البخاري: كتاب العلمء رقم 1" ومسلم: كتاب القسامة» رقم .١519
(5) رواه ابن ماجه: المقدمة. باب اتباع سنة رسول اللهيِ» رقم /١)0( 45.من حديث
أبي الدرداء ذه
وحدة الأديان في عقائج الصوفية 2«
ضالا)7". ويقول ابن رجب: «وكثير ممن يدعي الباطن» ويتكلم فيه
ويقتصر عليه يذم العلم الظاهرء الذي هو الشرائع والأحكام» والحلال
والحرام. ويطعن في أهله؛ ويقولون: هم محجوبون وأصحاب قشورء
وهذا يوجب القدح في الشريعة» والأعمال الصالحة التي جاءت الرسل
بالحث عليها والاعتناء بها. وربما انحل بعضهم عن التكاليف». وادعى
أنها للعامة». وأما من وصل فلا حاجة له إليهاء. وأنها حجاب له...
وهذا من أعظم خداع الشيطان وغروره لهؤلاء» ولم يزل يتلاعب بهم
حتى أخرجهم من الإسلام. ومنهم من يظن أن هذا العلم الباطن لا
يُتلقى من مشكاة النبوة» ولا من الكتاب والسنة» وإنما يتلقى من الخواطر
والإلهامات والكشوفات,. فاساءوا الظن بالشريعة الكاملة» حيث ظنوا أنها
لم تأت بهذا العلم النافع الذي يوجب صلاح القلوب وقربها من علام
الغيوب؛ وأوجب لهم الإعراض عما جاء به الرسول كك في هذا الباب
بالكلية» والتكلم فيه بمجرد الآراء والخواطرء فضلوا وأضلوا»”".
وقد ورد ذم من قال بالظاهر والباطن عن كثير من أهل العلم ممن
ينتسب إلى الصوفية: فعن سهل بن عبد الله التستري قال: «ما أحد ترك
الظاهر إلا تزندق». وعن أبي سعيد الخزار قال: «كل باطن يخالف
ظاهراً فهو باطل». وقال الغزالى : «من قال إن الحقيقة تخالف الشريعة
أو الباطن يخالف الظاهر. و إلى الكفر أقرب منه إلى الإيمان» نقله
عنهم ابن الجوزي في تلبيس إبليس"”". ويقول شيخ الإسلام ابن تيمية:
775/1 مجموع الفتاوي: )١(
.٠١ص (؟) ورثة الأنبياء شرح حديث أبي الدرداء» ابن رجب الحنبلي:
4 وحدة الأديان في عقائد الصوفية
«من ادعى من الأولياء الذين بلغتهم رسالة محمد ذطَلِِ. من له طريق إلى
الله لا يحتاج فيه إلى محمد فهذا كافر ملحدء وإذا قال : أنا محتاج إلى
محمد في علم الظاهر دون علم الباطن» أو في علم الشريعة دون علم
الحقيقة ؛ فهو شر من اليهود والنصارى)0"©.
والقول بأن هناك باطن للشرع هو المقصود بخلاف الظاهر غير
المقصود يلزم منه أن الله خاطب البشر بما لا فائدة منه» وأن الله أنزل
الوحيين القرآن والسنة عبئًا ؛ لأنهما غير مقصودين بل المقصود هو
المعاني الباطنة التي لا يعلمها إلا أهل الحقيقة ولقد أدى بهم القول
بتقديم الحقيقة على الشريعة أن سقطوا في المحرمات وتركوا الأعمال
وأسقطوا التكاليف فوقعوا في المعاصي كبيرها وصغيرهاء وشاع الزنا
وانتشر تعاطي الحشيشة وشرب الخمرء وعشق الغلمان وغيرها كثير”"".
قال أبو يزيد: «لم أر من الصلاة إلا نصب البدن» ولا من الصوم
إلا جوع البعط”: وقال : «إني جمعت عباداث أهل السموات
والأرضين السبع فجعلتها في مخدة؛ ووضعتها تحت خدي»2”*. ويقول
الرومي في دعوة التقليل من شأن شعائر الدين الظاهرة : «كل من صار
له محراب الصلاة عين الذات الإلهية ؛ اعلم أن عكوفه على مظاهر
الإيمان ا
.195-١9486ص الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان: )١(
(0) ينظر التصوف في مصر إبان العصر العثماني» د. توفيق الطويل: ص55١-/1901.
(9) النور من كلمات أبي طيفور: ١؟١.
)0( النور من كلمات أي طيفور : 1١7١
(5) المثنوي: 8/١ فقرة هلالا .١
وحدة الأديان في عقائد الصوفية
ومعنى كلامه أن من اتصل بالله عن طريق العشق والمحبة الإلهية -
كما يتضح من أبيات سابقة - ثم يمضي إلى مظاهر العبادة فهذا أمر
معنيرة له ليق بالساللك7 7
والباطن أو الحقيقة إن كان المراد بها أعمال القلوب من الخشية
والتوكل والإنابة. والإيمان بالغيب ونحوهاء فلا ريب أن هذه من
الأعمال الباطنة التي تتعلق بالقلوب ويقابلها أعمال الجوارح وهي
ظاهرة ولا يحصل قبول الأعمال إلا إذا توافق الباطن والظاهر؛ كما
أنها موجودة في شريعة الإسلام التي يدعي المتصوفة أنها للعامة.
يقول ابن تيمية: «والمقصود هنا أن الظاهر لا بد له من باطن
يحققه ويصدقه ويوافقه. فمن قام بظاهر الدين من غير تصديق بالباطن
فهو منافق» ومن ادعى باطناً يخالف ظاهراً فهو كافر منافق» بل باطن
الدين يحقق ظاهره ويصدقه ويوافقه» وظاهره يوافق باطنه ويصدقه
ويحققه» فكما أن الإنسان لا بد له من روح وبدف وهما متفقان فلا بد
لدين الإنسان من ظاهر وباطن يتفقان)0".
ويقول كن : «المتكلمون في علوم الحقائق على ثلاثة درجات :
إحداهما : أهل الحقيقة الدينية الشرعية» الذين يتكلمون في حقائق
الإيمان. كالحب لله والتوكل عليه. وإخلاص الدين له. والخوف
ملنه» والرجاء لَه والصبر لحكمه. والشكر لنعمه» ونحو ذلك من
حقائق الدين بما يوافق الكتاب والسنة. فهذا أهل طريق أولياء الله
(1) ينظر شرح المتنوي؛ لإبراهيم الدسوقي شتا: /١ 408.
5-3 2« وحدة الأديان في عقائد الصوفية
المتقين وحزبه المصلحين» وعباده الصالحين.
الثانية : من خاض في حقائق الدين بمجرد ذوقه» ووَجْدِه ورأيه.
سواءً وافقت الكتاب والسنة أو خالفت : فهؤلاء يصيبون تارة ويخطئون
تارة» ويكونون من أهل السنة تارة» ومن أهل البدعة أخرى.
الثالثة : من وقف عند الحقيقة الكونية القدرية» ولم يميز بين أولياء
الله وأعدائه» ولا بين طاعته ومعصيته» ولا بين ما يحبه ويرضاه وبين
سائر ما قدره وقضاه : فهؤلاء أهل ضلال وتعطيل» قد حققوا التوحيد
الذي أقر به المشركون, ولم يدخلوا في توحيد الله ودينه الذي كان عليه
الأنبياء والمرسلون. فإن انتقلوا من ذلك إلى الحلول ووحدة الوجود
والإلحاد فقد صاروا من أعظم أهل الكفر والإلحاد»"".
5 5 5 5 ©
)غ0( جامع المسائل» المجموعة الثانية : ص١ +م-لاقم.
الفصل العاشر
دعوى وحدة الأديان ف ميزان الإسلام
لا المبحث الأول:
لا المبحث الثانى:
وفيه أبعة مطالب:
»© المطلب الأول:
> المطلب الثاني :
© المطلب الثالث:
© المطلب الرابع:
حكم الدعوة إلى وحدة الأديان.
أساس وحدة الرسالات السماوية
فى الإسلام.
عموم رسالة الإسلام.
دين الأنبياء واحد.
نسخ الإسلام للشرائع والأديان.
حفظ القرآان من التحريف والتبديل
وهيمنته على غيره من الكتب.
وحدة الأديان في عقائد الصوفية 22«
المبحث الأول
7 0
حكم الدعوة إلى وحدة الأديان
سبق الرد بالتفصيل على الصوفية في الأصول التي بنوا عليها قولهم
بوحدة الأديان» والرد عليهم أيضاً في قضايا التصوف التي تبين فيها
قولهم بوحدة الأديان مما يغنى عن إعادته هناء وما سيأتى ذكره هو رد
إجمالي على الصوفية وعلى غيرهم من دعاة وحدة الأديان في هذا
العصر.
إن ما ذهبت إليه الصوفية من الدعوة إلى وحدة الأديان» والقول
بأن الأديان كلها- سماوية كانت أو وثنية سواء- فلا فضل لدين على
دين» وأن اليهود والنصارى». وأهل كل دين: سواء أكانوا وثنيين» أم
كتانين + إنها يعيدون الله “مهما ترضيتراء وأن"الأديان لست إلة طرق
توصل إلى غاية واحدة» والاختلاف إنما هو فى الأسماء فقط فاليهودية
والنصرانية والإسلام» وغير ذلك من الأديان هي ألقاب مختلفة وأسماء
متغايرة لحقيقة واحدة والمقصود منها لا يتغير: قول يناقض صريح
القرآن والسنة وإجماع الأمة» ويبطل ما هو معلوم بالضرورة عند
المسلمين من أن الدين الحق هو الإسلام الذي لا يقبل الله من البشر
سواه» والآيات فى هذا الباب كثيرة وكذلك الأحاديث.
ا
ووحدة الأديان تعني: الرضا بكفر الكافرين» وتصحيح معتقداتهم
ومذاهبهم. ومن المعلوم بالضرورة من دين الإسلام أن من صحح دينا
غير دين الإسلام فقد كذب القرآن؛ لأن الله سبحانه وتعالى قال في
وحدة الأديان في عقائد الصوفية
ره 2 200
به الكريم: ##ومن يَِبْيَْ عبر الْإسَْلم دِينًا فلن يِقْبَلَ هِنْهُ وهو في الْآْرَوَ
7 0 عِمرّان: 0140 وصيغة "من" الشرطية من أبلغ صيغ
العموم؛. وهذا يفيد عموم أي دين من العباد إلا دين الإسلام فقطء
والمراد بالإسلام هنا: شريعة محمد يَكيِةٌ فمن تحرى بعد مبعثه شريعة
غير شريعته» فلا يقبل منه يوم القيامة صرفاً ولا عدلا”''. وقال سبحانه
ين ارايت
وتعالى : 27 الزبرت عند اللو الْإسْكذ» [آل عِمرّان: .]١9
كذلك كذت النبى يِه في قوله: «والذي نفسي بيده لا يسمع به
أحد من هذه الأمة» يهودي ولا نصراني» ثم يموت ولم يؤمن بالذي
أرسلة نالا كان :من أهل النار»”'.
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: «معلوم بالاضطرار من دين
المسلمين» وباتفاق جميع المسلمين أن من سوغ اتباع غير دين
الإسلام» أو اتباع شريعة غير شريعة محمد يَكِةِ فهو كافرء وهو ككفر
من آمن ببعض الكتاب وكفر ببعض الكتاب»”". 2 ٠
ويقوله كته تعالى- وقد سّئل عن البيع والكنائس: هل يقال إنها
بيوت الله؛ أم لا؟-: «ليست بيوت الله» وإنما بيوت الله المساجدء بل
هي بيوت يكفر فيها بالله» وإن كان قد يذكر فيهاء فالبيوت بمنزلة أهلها
وأهلها كفارء فهي بيوت عبادة الكفار»(*)
)١( ينظر الجواب الصحيح» لابن تيمية: 2118/7 وتفسير البحر المحيط لأبي حيان:
؟/16,.
(؟) سبق تخريجه: ص1896.
(*) مجموع فتاوى شيخ الإسلام: 074
(4)-مجموع فتاوى شيخ الإسلام : 159/87
وحدة الأديان في عقائد الصوفية 0
فلا يسع أحد من الناس أن يتخذ ديناً غير الإسلام لأنه الدين الذي
ارتضاه الله تعالى» ولآ يوجنذ غلى :وجه الآرضن دين حق سوى ذين
الإسلامء وأنه خاتمة الأديان» وناسخ لجميع ما قبله من الأديان
والملل والشترائع ؛ قال لحان «آلَومَ َكلت لم ديك وَأْمَمْتُ عَلمْ
ِعَمَت وَرَضِيتٌَ آ ثم الضْلم دِين» [المّائدة: *]ء وقال جل شأنه تعالى : 0
كي 0 بن آهل الكت والتتركن مندكن حَى انين اليه ©
سه ا ما مُطهّرةٌ 9 انها كنت فيد 0 ونا ا ألَذِنَ أوثوا 0
عا 22 اليه 0 ا وا ِلَّا لِمَبدُوا لله مَخِْصِينَ له لين ختقآه
فبثرأ الصَكرة يوأ لكر 1 دين الْقَيَمَوِضع)» [اليّثة: .]05-١
كذلك فإن مما هو معلوم من الدين بالضرورة أن القرآن الكريم آخر
كتب الله نزولاً وعهداً برب العالمين» وأنه ناسخ لكل كتاب أنزل من
قبل من التوراة والزبور والإنجيل وغيرهاء والمهيمن عليهاء فلم يبق
كتاب نزل يتعبد الله به سوى: القرآن الكريم» قال الله تعالى: ورلا
إِلّكَ الكتبَ بيالح تشذن لا لق كد رين الكفتتق وبريت عله
جد
ا
1
8
0
[المّائدة: 54].
أيضاً مما هو معلوم دق النه بالقئرورة اذاتبيكا ورسولنا محهدا
يي هو حاتم الأناء والمويتلين :"قال اله يذ :هذا كن عيذ )ا لعن
من سالك ولدكن ل أ اي لييكَن» [الأحرّاب: »]4٠ فالإيمان به
إن شرط لرحمة الله ورضاهء والفوز بالجنة, والفلاح في الدنيا
والآخرة» وغير ذلك هو الخسران والخذلان بعينه» 0 7
والعياذ بالله. قال #:#وَيَحْمَقٍَ 1 اك لد
يَنَّقُونَ وَيؤْوْن الزكرة ليث هش ِعَايِمَا مون 2 [الأعرّاف: 165].
«١ وحدة الأديان في عقائد الصوفية
سما سس د
أيضاً فإن من أصول الإسلام وقواعده أنه يجب اعتقاد كفر كل من
0 من اليهود والنصارى وغيرهم وتستميتة: كافرا. قال
كنا يذ قر الكنب والنتره تر جقد عريه
2 وليه هُ 0 2 [البيئة: 7]» وقال سبحانه تعالى: #ومن يلع
لَه إِلنهًا حر لا بِرْمَنَ له به فِِنَمَا حصابه عِندَ رَيعْ إِمَهْ 1 في
لْكيفروتَ (9) 4 [المؤمنون : : .]1١17 وقال تعالى يق عن النصارى: «اتصزوا
أحسائقٍ َرَمْسَنَهُمْ أرَبابًا ين دوب آل َألْمَسِيعَ الك مريت ينا
ا
دنع ١
كع
هك
5
5
0
3
ا إل" كنذا لها وويدة له ولد لح تيد ا
مسرن )4 [الثوبة: ١
كما أن من أصول الإسلام عدم موالاة الكافرين ولأمر بفراقهم.
قال تعالى يحذر عن موالاة اليهود والنصارى: ياي ادن مثا ل
دنا اه أل وي تتشم ويل بَعَين ومن بتكم يتك إَنَّدُ من إن أنه ل
يَهَدِى ألْقَوم ألطَدِيينَ (©)4 [المائدة: .١ وقال ككِْ: «لا يقبل الله عز وجل
00-00 بعدما أسلم عملاًء أو 0 النشرقنة إلى المسلفية",
وعن جرير .بن عبدالله البجلي 45 ضيه قال: اتيك رشو الله كد وهو
يبايع» فقلتٌ: يا رسول الله! اسل 5 أبايعك. واشترط علىّ»
فأنت أعلم بالشرط. قال «أبايعك على أن تعبد الله؛ وتقيم الصلاة»
وتؤتي الزكاة» وتناصح المسلم» وتفارق المشرك)”".
)١( رواه النسائي في السئن الكبرى: كتاب الزكاة (5) باب من سأل الله بوجهء
ولا 7# 35-56 والحاكم في المستدرك: 5/ 05٠6١ من حديث معاوية بن
حيدة وَلينه. وقال: "هذا حديث صحيح ولم يخرجاه" ووافقه الذهبي» ؛ وحسئله
الألباني في السلسلة الصحيحة رقم (59*”*) ."555/١
(0) رواه البخاري: كتاب الأحكام (59) باب كيف يبايع الإمام الناس». -
وحدة الأديان في عقائد الصوفية 2«
71 كك
والدعوة إلى وحدة الأديان هي في حقيقتها تفريغ للدين الإسلامي
من مضمونه ومحتواه تحت ستار الوحدة» والإخاء الإنساني» والمحبة
بين البشر. وتمييع لأصول العقيدة الإسلامية» وإسقاط لحقيقة الولاء
والبراء» وتعطيل للجهاد في سبيل الله» وللأمر بالمعروف والنهي عن
المنكرء ومدخل للتشبه بأهل الأديان الأخرى فيما هو من صميم
معتقداتهم وعباداتهم وعاداتهم: جاء في فتوى اللجنة الدائمة للبحوث
العلمية والإفتاء.» رقم )١9507( وتاريخ 6 هث*“*. بشأن
حكم الدعوة إلى وحدة الأديان» ما ملخصه:
أولاً- إن من أصول الاعتقاد في الإسلام» المعلومة من الدين
بالضرورة والتي أجمع عليها المسلمون» أنه 'لا يوجد على وجه الأرض
دين حق سوى دين الإسلام» وأنه خاتمة الأديان» وناسخ لجميع ما
قبله من الأديان والملل والشرائع فلم يبق على وجه الأرض دين يتعبد
الله به سوى الإسلام قال الله تعالى: «إومن يِبْتَخْ َيْرَ الْإِسَلَمِ دِينًا كلن
َْبَلَ هِنْهُ وَهُوَ فى الْآجْرَةٍ مِنّ الْكَسِرنَ()4» آل عِمرّان: »]4٠ والإسلام بعد
بعثة محمد يَكلَةِ هو ما جاء به دون ما سواه من الآديان.
ثانياً-: ومن أصول الاعتقاد في الإسلام أن كتاب الله تعالى:
- رقم (970:4): ومسلم: كتاب الإيمان (*77) باب بيان أن الدين النصيحة رقم (05)
١ 6". والنسائي في السئن الكبرى: كتاب البيعة )7١( البيعة على فراق المشرك»
الأرقام (٠ولالا-لاهلالا) لا/ 81-1١8٠ ء وهذا لفظه.
205.-50 هذه الفتوى منشورة في مجلة البحوث الإسلامية» العدد (60): ص )١(
واللجنة التي أصدرت هذه الفتوى مكونة من: الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
كأَنه رئيسا. وعضوية كل من: الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ» والشيخ صالح
ابن فوزان الفوزان» والشيخ بكر بن عبدالله أبو زيد كلل.
40 وحدة الأديان في عقائد الصوفية
در للح ير لي ااُ؟ُلاُلال ب7 2 ااا
(القرآن الكريم) هو آخر كتب الله نزولاً وعهداً برب العالمين» وأنه
ناسخ لكل كتاب أنزل من قبل من التوراة والزبور والإنجيل وغيرهاء
والمهيمن عليهاء ٠ فلم يبق كتاب منزل يتعبد الله به سوى القرآن الكريمء
قال الله تعالى: ورلا 5 0 أَلْحَقّ مصّرّفًا لِْمَا بيرت يَدَيْهِ من
الكتب ومهَِيِينً 06 َأَحَكُم يد يق ينا أرل ا ولا تَنَبِعٌ أهواءَهُمَ عَمَا
جك من ألْحَنّ» [المائدة: 44].
تالدا- يجب الإيفان بآن العززاة والاتجين فدافميها بالفران
الكريم» وأنه قد لحقهما التحريف والتبديل بالزيادة والنقصان كما جاء
ل ا ل 0
أ ل جب عو أبن اير ع ليبوم ِ
5
نَقَضِهم مَِنَقَهُمْ لعَنَهُمَ وَجَعَلَنَا كُلُوبَهُمْ كَسِيَةَ عرفت الك عَن
له *... ولهذا فما كان منها صحيحاً فهو منسوخ
بالإسلام» وما سوى ذلك فهو محرف أو مبدل» وقد ثبت عن النبي كلل
أنه غضب حين رأى مع عمر بن الخطاب وَِْ صحيفة فيها شيء من
التوراة» وقال يَكِةِ: «أفي شك أنت يا ابن الخطاب؟! ألم آت بها
بيضاء نقية؟ لو كان أخي موسى حياً ما وسعه إلا اتباعي)”".
رابعاً -: وأمام هذه الأصول الاعتقادية والحقائق الشرعية» فإن
الدعوة إلى : وحدة الأديان» والتقارب بينها وصهرها في قالب واحد
دعوة خبيثة ماكرة» والغرض منها خلط الحق بالباطل» وهدم الإسلام
وتقويض دعائمهء وجر أهله إلى ردة شاملة.
خامساً : وإن من آثار هذه الدعوة الآثمة إلغاء الفوارق بين الإسلام
() سبق تخريخه: ص 198.
وحدة الأديان في عقائد الصوفية
اجاح ب جججج10121577كسش90د22 1107010101060101٠1010٠1 ٠1 29999 ممصم كر
والكفرء والحق والباطل» والمعروف والمنكرء وكسر حاجز النفرة بين
المسلمين والكافرين» فلا ولاء ولا براء» ولا جهاد ولا قتال لإعلاء
كلمة الله في أرض الله» والله جل وتقدس يقول : 9ينوا ليت لا
يومبرت إِللَهِ ولا يلوو الآ ولا رو مَا حََرَّمٌ أَلَّهُ وَرَسُولهٌ ولا
يوبرت دِنّ ألْحَنْ بِنَّ الدرت أوثوأ الحكتب كما ب حَقّ يُعُطوا الجزية عن يَدٍ
وهم مروت )4 [التَوبّة: 9؟].
سادساً : أن الدعوة إلى وحدة الأديان إن صدرت من مسلم فهي
تعتبر ردة صريحة عن دين الإسلام؛ لأنها تصطدم مع أصول الاعتقاد
فترضى بالكفر بالله عز وجل» وتبطل صدق القرآن ونسخه لجميع ما
قبله من الكتب» وتبطل نسخ الإسلام لجميع ما قبله من الشرائع
والأديان؛ وبناء على ذلك فهي فكرة مرفوضة شرعاً» محرمة قطعاً في
الإسلام".اه.
5 5 8 5
2« وحدة الأديان في عقائد الصوفية
اح 0 سات تسا ا 01 1
اانا 2
افيد فى
أساس وحدة الرسالات السماوية فى الإسلام
المطلب الأول
تضمن الإسلام جوهر رسالات كل الأنبياء والرسل السابقين بعد
أن خلصها من طبيعتها المحدودة والوقتية» وأزال عنها مظاهر التحريف
وسوء الفهم. فكانت الشرائع السابقة بالنسبة إلى الإسلام شرائع ناقصة»
وإن كانت كل شريعة في وقتها كاملة بالنسبة إلى المتعبدين بها؛ لكن
بالنظر إلى مجموع ما كلف الله تعالى به عباده من أمر الدين على ما
ارتضاه من كمال؛ فإن ذلك لم يكمل إلا بما ظهر في هذه الشريعة»
على لسان رسولها الكريم وَل
وقد دلت نصوص الكتاب والسنة على أن الإسلام دين للعالم
أجمع لا يخص أمة دون أخرى. بل يجب على كل العالمين الدخول
في الإسلام. ومن هذه النصوص :
قوله تعالى: فثُلْ يَتأيُهًا ألنَآسُ إن رَسُولُ له إِلَحكُمْ جِيكَا4
[الأعرّاف: .]1١08 قال الإمام الطبري: «يقول الله تعالى لنبيه ورسوله محمد
يك «كلٌ4 يا محمد #يتأًا أنَآسُع وهذا خطاب للأحمر والأسود
والعربي والعجمي ##أإنٍ رَسُولُ َه إِلَتِحكُم جِيكًا» [الأعرّاف: 108] أي
يك قاين اقرقه وعظمته أنه خاتم النبيين وأنه مبعوث إلى
وحدة الأديان في عقائد الصوفية 22
سس سس سس 11 كد
الناس كافة"؟2. وهذه الآية خاصة لنبينا محمد ييل بين الرسل»
والخطاب ب9يابًا ألنّاش» لجميع البشر» وضمير لاحك ضمير
الرسول يكهِ وتأكيد الخبر ب (إن) باعتبار أن في جملة المخاطبين
منكرين ومترددين» استقصاءً في إبلاغ الدعوة إليهم» وتأكيد ضمير
المخاطبين بوصف: جَمِيًا» الدال نصاً على العموم لرفع احتمال
مفسيسن. رسنالقة 7
ومنها قوله عَلِهُ: «تَبَرَدٌ الى نَل الْقُيَانَ عِلّ عَبَدوء لَكوْنَ لللميت
ِب )4 [الثُرقان: 06١ المراد بالعالمين الإنس والجن, لأن النبي كَل
قدكان رسولاً إليهماء ونذيراً لهماء فهو يِل خاتم الأنبياء.
ومنها قوله تعالى: وَأَرْسَلْنَكَ لئاس سبلا وَكَقَ بس سَبِيدَا؟ [النْسَاء: 74].
في الآية شهادة من الله على عموم رسالة نبينا محمد كَل ومعنى الآية:
أي رسولاً للناس جمعياً؛ ليست برسول العرب وحدهم أنت رسول
العرب والعجه”". 5
ومنها قوله تعالى: «الرَ حِحِنّبٌ أنه اليك لتخرج الناسّ
لظْلَمَتٍ إِلَ الور بِإِدْنِ رَيْهِمَ إِلَ مط الْعَزِيرٍ ألِْيدِ(ي)» [إبراهيم
التعريف في #آلنَاينَ4 للجنسء والمراد جميعهم: أي : أنزلناه إليك
لتخرجهم كافة بما في د البينات الواضحة المفصحة عن كونه
من عند الله تعالى» الكاشفة عن العقائد الحقة من عقائد الكفر
والضلال- التي كلها ظلمات محضة وجهالات صرفة- إلى الحق
.170/11 جامع البيان عن تأويل القرآن (ط.ش): )١(
.0557/١ ينظر تفسير الكشاف: )9*(
2« وحدة الأديان في عقائد الصوفية
اد سس سس سس 19د
المؤسس على التوحيد الذي هو نور بحت""".
ومن السنة ما رواه جابر بن عبدالله ذه عن النبي يَِةِ أنه قال:
الأعطيت خمساً لم يعطهن أحد قبلي: عنراهه بالرعب,مسيرزة شهه
وجعلت لي الأرض مسجداً وطهوراًء فأيما رجل من أمتي أدركته
الصلاة فليصل وأحلت لي الغنائم ولم تحل لأحد قبلي» وأعطيت
الشفاعة وكان النبي يبعث إلى قومه خاصة وبعثت إلى الناس عامة».
وفي لفظ : «وبعثت إلى الناس كافة». وفي 8 «كان كل نبي يبعث إلى
قومه خاصة. وبعثت إلى كل أحمر وأسود)”) . وفي حديث أبي هريرة:
«وأرسلت إلى الخلق كافة» وختم بي ال
قال النووي: «قيل المراد بالأحمر البيض من العجم وغيرهمء
وبالأسود العرب لغلبة السمرة فيهم وغيرهم من السودان» وقيل المراد
بالأسود السودان. وبالأحمر من عداهم من العرب وغيرهم. وقيل
الأحمر الإنس”*'» والأسود الجن. والجميع صحيح فقد بعث إلى
جميعهى)””.
(0) ينظر فتح القدير»ء للشوكاني: ”*/ ”17. وروح المعاني» للألوسي: .180/١
(؟) الحديث من رواية جابر بن عبدالله مَهُها سبق تخريجه في المبحث الثالث من الفصل
الخامس: ص 5885.
(؟) رواه مسلم من حديث أبي هريرة: كتاب المساجد ومواضع الصلاة رقم (075)»
الال قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري :0774/١( هذه أصرح الروايات
وأشملها.
(5) هذا القول مروي عن مجاهد بسند صححه الحاكم ووافقه الذهبيء. انظر
المستدرك : 575/7.
(5) شرح صحيح مسلم للنووي: 0/". وينظر بداية السول في تفضيل. الرسول 85 للعر
ابن عبدالسلام: ص 45.
وحدة الأديان في عقائد الصوفية 22«
س تتتتتااات تت د ده
الأديان اعترف بها غير المسلمين؟؛ بل إن بعض الفلاسفة والمستشرقين
والمفكرين من غير المسلمين يدعون إلى وحدة بين الأديان في ظل
الإسلام وحدهء تقول لورا فيشيا فاغليري؟: «(بينا نجد جميع الآديان
حملها وفهمها؟ نرى الإسلام ذا سهولة معجزة» وبساطة نقية كالبلور..
لأن الإسلام قادر على النفاذ إلى أعماق نفوسهم من غير لجوء إلى
شروح مطولة» أو عظات 1
ويقول رينيه ا «نحن والمسلمون في هذه الحياة»
ولكنهم يعملون بالرسالتين العيسوية والمحمدية» ونحن لا نعمل بالثانية.
ولو أنصفنا لكنا معهم جنباً إلى جنب؛ لأن رسالتهم فيها ما يتلاءم مع
كل زمان)». ويقول غوستاف لوبون: «كل ما جاء في الإسلام يرمى إلى
الصلاح والإصلاحء والصلاح أنشودة المؤمنمي وهو الذي أدعو إليه
جميع المسيحيين». ويقول المفكر آرثر هامتلون: «لو توخى الناس الحق
لعلموا أن الدين الإسلامي هو الحل الوحيد لمشكلات الإنسانية».
)١( أستاذة اللغة العربية وتاريخ الحضارة الإسلامية بجامعة نابولي بإيطاليا.
() دفاع عن الإسلام: ص .1١-5١0 والكتاب- رغم نصرانية مؤلفته- كله دفاع عن
الإسلام بإنصاف لا تجده عند بعض من ينتمي إلى الإسلام. وقريب منه كتاب
" فضل الإسلام على الحضارة الغربية" للمستشرق الإنجليزي: مونتجومري وات.
وكتاب: "شمس العرب تسطع على الغرب" للمستشرقة الألمانية : زيغريد هونكه.
(7) فيلسوف فرنسي» وعالم رياضي مشهورء ولد في فرنسا سنة (1997١م) يعتبره الكثير
الأب الروحي للفلسفة الحديثة» قامت فلسفته على الشك في العلوم والمعارف إلا
في وجوده ذاته» ومن إثبات وجوده تطرق إلى إثبات وجود الله؛ ووجود العالم»
وبقية الحقائق» توفي سنة (0٠170١م) ينظر: الموسوعة العربية الميسرة: 7/ .١١41
2« وحدة الأديان في عقائد الصوفية
سود سس سس 9ك
ويقول بزناردة 30: «الإسلام دين خالدء وسيجد هذا الدين مجاله
الفسيح في هذه القارة» وإذا أراد العالم النجاة من شرورهء فعليه بهذا
الدين» إنه دين السلام والعدل والتعاون إنه دين المستقبل.. الإسلام هو
الدين الذي نجد فيه حسنات الأديان كلهاء ولا نجد في الأديان
حسناته». ويقول المستشرق الكندي جيبون: «الإسلام أكبر من أن تدرك
عقولنا مزاياء»7". ويقول دومينيك سورديل : «الإسلام قبل كل شيء دين
عالميء. وبذات الوقت فاتح.. فنبي الإسلام وحده هو الذي تلقى
بصورة كاملة الرسالة التي تلقاها من قبل إبراهيم»””".
ةن
0310( جورج برنارد شو (1960-1867م) كاتب مسرحي إيرلندي المولد» له مؤلفات
كثيرة أغلبها في الأدب المسرحي» اهتم فيها بعرض ما يعانيه عامة الشعب في
حياته اليومية. ينظر: الموسوعة العربية العالمية: .787/١85
0 للمزيد ينظر: ربحت محمد ولم أخسر المسيح» د.عبدالمعطي الدالاتي: ص 949-
4. وكتاب الإسلام في الفكر الغربي» للواء أحمد عبدالوهاب: ص ه47-7.
2 الإسلام: العقيدة السياسة الحضارة» دومينيك سورديل: ص .١19
وحدة الأديان في عقائد الصوفية 2«
دين الأنبياء واحد
الدين واحد إلى الأتبياء جميعا ووحدته من ناحية: المصدن:
والموضوع؛ والاسم. والنسب والجنسء ففيما يتعلق بوحدة المصدر
فإن كل الأنبياء يتلقون الوحي عن الله. فالله هو المصدر لكل ما نزل
على الإنسان من كتب» وأن الأثبياء جميعاً مبلغون عن الله جل وعلاء
وأن الكتب السماوية جميعاً من وحيه» يقول الله تعالى: ##إئًا أَوَعِآ
ِلِكَ كنآ أوَحَيْنآ إِلَ وح وَالبينَ مِنْ بدو وَأرَحِنِنَآ إل إنَهِيمَ وَإِسْمْعِيلَ
وَإِسْحَقَّ وَيَعَقُوب والأنبايا وعسى وََيوْبَ وَيُوْمْنَ وَكنزُون وَسلِْنّ وَمَامَيْنَ
داق وَبْورَا [) وَرسْلَا هد فَصَصَهُمَ عَلَيَكَ من كَبَلُ ورسلا لم نَتْصصْهُم
كلك طلم لل مو تَكليمًا 409 [النّسَاء : 54-1517 1].
وأما ما يتعلق بوحدة الموضوع فالأنبياء حملوا رسالة واحدة وهي
رسالة الجوحيد:- «رها سات ين تدك ين وول لافيت إلد اك 1
عدوأ أسَّهَ ما كُّ ين إِله غَيرة» [الأعرّاف: 4ه]» وقال تعالى: ##إِنَ
يي . يه أ -_- ع9 55 2 4و
امك أنه وده ونا ربح ََعَبَدُون )»4 [الأنبيّاء: 97]» قال
ابن كقيرة (أي. دينكم يا معاشر الأنبياء دين واحد وملة واحدة. وهي
الدعوة إلى عبادة الله وحده لا شريك له”“.
. صمه رامت مه قد
وفى قوله تعالى: #إن اديت عند الله الِإسَلمَ» [آل عِمرَّان: 19]»
.7417 2195 /* تفسير القرآن العظيم: )١(
2« وحدة الأديان في عقائد الصوفية
لا الس ص انطاشن شتت تر ا ف ا ا ا 19270
قال ابن تيمية: «في الآية بيان أن الدين واحد لا اختلاف 0
وقال قتادة في تفسير قوله تعالى: #لِحَلٍ جَعَلْنَا كم يْرْعَة وَمِنْهَاجاً»
[المَائدة: 58] «الدين واحد والشريعة 0
وجاء في الحديث: (إنا معاشر الأنبياء إخوة لعلات» أمهاتهم شتى
ودينهم واحد»”". قال ابن القيم كله في معنى الحديث: «إن النبي كَل
شبه دين الأنبياء الذي اتفقوا عليه من التوحيد وهو عبادة الله وحده لا
شريك له والويمان به وبملائكته وكتبه ورسله ولقائه. بالأب الوحد
لاشتراك جميعهم فيه» وهو الدين الذي شرعه الله لأنبيائه كلهم. فقال
تعالى: و«سََّ م نَنّ الدّن ما وصَن بف نكا والرئ م لي
وَصَيْنَا يد إِبْرْهِمَ وموسَى 00 موأ َلدِبنَ ولا لَتَمَرَفوأْ فيه6ه [الشورئ: 1].
وأما شرائع الأعمال والمأمورات فقد تختلف فهي بمنزلة الأمهات
الشتى التي كان لقاحها من أب واحد كما أن مادة تلك الشرائع
المختلفة من دين واو ٠
.415/7 ونحوه مدارج السالكين؛ لابن القيم: .1١9/١19 مجموع الفتاوى» ابن تيمية: )١(
(6) تفسير الطبري (ط. ش) رقم (ا1١151): ."80/٠١
() رواه البخاري: كتاب الأنبياء الباب (41) رقم (71147) (7417). ومسلم: كتاب
00 )2 باب فضائل عيسى لذ رقم (7750) 18717//4. من حديث أبي
هريرة نه. والعلل في اللغة: الشربة الثانية» والعلة: الضرة سميت بذلك
لأن الذي تزوجها على أولى قد كانت قبلها ثم علَّ من هذهء ويقال بنى الضرائر
بنو علات وهم الأخوة من الأب. ينظر: لسان العرب .577/١١ مختار الصحاس:
ص 184.
(5) بدائع الفوائد: .73١7-5١1١/# وللمزيد ينظر: الإعلام بقواطع الإسلام: ص09.
وإرشاد الثقات: ص 4-0. ومنحة القريب المجيب لعبدالعزيز آل معمرء ص 48»
1,8-06. وحجة الله البالغة للدهلوي: .7505-764/١
ومحدة الأديان في عقائد الصوفية 222«
وأما ما يتعلق بوحدة التسمية: فقد سمى الله هذا الدين بالاسم
6 م صم م مه 27 3
فقال تعالى: ##إنَ الزبت عند الله الْإسَلَمَ» [آل عِمرّان: 19]» وهو دين
0 2 #2سلا ما م 5
نوح: لوَأْمِرَتُ أن أَكوْنَ و ألْسْمْلِينَ 40 ايُونس: 0178 ودين إبراهيم
وابنه إسماعيل» يقول الله على لسانيهما : «رَيَنا وَاَجعَلنَا مُسْلِمَيِ لك ومن
وعد رس وري يرء رد 53> 7 09 8 سد م
دَرديّنا أَمَّهُ مسلمة لك 6ه [البَقرّة: »]١58 وعن يعمفوب وأبنائه: آم ل
ا سم حج لديل د سم 4م سه 22 28 ا 4 4ه
شيداة: إذ حصن عقوت الموكه ]د كال كنية ما مندون هز عدف الوأ
َبِدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ َابَآيكَ إِتَرسمَ وَإِسْمَجِيلَ وَإِسَحَقَ إِلَهَا وَبجِدَا وَخَحْنُ له
مل 3 > [البَقَرة: وعن لوط وأهل بيته : ليع من كان فيا
مِنّ الْمزْمنينَ 9 فا وعَذك فا غَيرَ بَنَتِ من الْممْلوينَ 46 [الذَاريَات: هم#-ومم
ويذكر اله تعالى:دعاء ووسفا! رك متلا واليزى بده 46
اكرقك 151 وعن موسق سخاطا قومة: «إن كم امن أله مَك يلد
إن كم مُسَلِعِينَ 409 ايُونس: 4 ويقول الله تعالى على لسان سحرة
فرعون: «ريآ فر ع ا ونا شين 4 [الأعرّاف: 5
وعق أسليتاة عتذها أرمنل ينعو ةي إلى الإسلام : دا
كَنُواْ عل وَأَفْنٍ مُسَِيِينَ )4 [النّمل: 1*١ وقالت هي بعد إسلامها: «إإِنٍ
طلم هين واسُلمث مع سُلِيِمَنَ بِلَهِ رب الْعَلَمينَ 49 [الئمل: 44]ء وعن
حواري عيسى: لأءَامَنًا أله وََمْهحدٌ يأما منيئرت 479 آل عِمرّان: ؟0]ء
ويقرر تعالى أن الإسلام دين لعامة أنبياء بني اسرائيل : <إنا أنزلنا
)١( اسمها بلقيس بنت الهدهاد بن شرحبيل من بني يعفر من حمير. وليت بعهد من
أبيهاء استولت على اليمن كله» وملكت بجيوشها بابل وفارس واتخذت من سبأ
قاعدة لها. آمنت بسليمان» وقيل إنها تزوجته وأقامت معه سبع سنين وأشهراً
وتوفيت بتدمر ينظر: نهاية الأرب: ,21١١/١5 الأعلام: 7/ “ا/74-1.
40 وحدة الأديان في عقائد الصوفية
سدم وسمم سيج جد .رج ست نا :وات اك لا ا 7 ا اا 1 اب ادو و جو 0 0 1
ع6
رم لبور
ألْمَوْرَيةَ فا هدى ودر 4 ا لبور َلّذْنَ أُسَلَمُوا» [المائدة: 45].
0 اك : ا 6
ويقول تعالى على لسان القسيسين الذين بعتهم النجاشي إلى الرسول
كا"': طرَإدًا يِل عَم كَالوَأ َآمنَا بوه إِنَهُ لحن من يَيَنآ إن كنا ين كلو
مُسْلِينَ © 4 [القصّص: 0107 وفي أثر ابن عباس وكا : «كان بين آدم ونوح
عشرة قرون كلها على شريعة من الحق» وفي رواية: «على الإسلام
كلهم"” ". فالأنبياء جميعهم مبعوثون بدين الإسلام فهو الدين الذي لا
يقبل الله من جك سواه لا من الأولين ولا من الآخرين.
والمقصود بالحديث هنا: هو الإسلام بمعناه العام. والفرق بينله
وبين الإسلام الخاص: أن الإسلام العام متناول لكل شريعة بعث الله
بها نبيا وشامل لكل أمة متبعة لنبي من الأنبياء» ورأس الإسلام مطلقاً
شهادة أن لا إله إلاالله» وبها بعث جميع الرسل» ويزيد الإسلام
)١( ملك الحبشة واسمه أصحمة. كان ممن حسن إسلامه ولم يهاجر ولا له رؤية فهو
تابعي من وجه صاحب من وجه. كان للصحابة نعم الجار. أمنهم على دينهم وهو
الذي دفع صداق أم المؤمنين رملة حينما خطبها الرسول كَككِةِ توفي سنة (9ه) فصلى
عليه الرسول يَكِ صلاة الغائب وهو غير النجاشي الذي دعاه الرسول يَكةِ إلى
الإسلام فأبى. ينظر: الروض الأنف: "/ 276٠١ سير أعلام النبلاء: .478/١
(؟) ينظر قصة قدوم وفد القسيسين على النبي يكل في سيرة ابن هشام: .897/١
(*) الرواية الأولى عند أبي يعلى في مسنده (5/ ا رقم7١51) والطبراني (مجمع
الزوائد )7”١8/5 قال الهيثمي (مجمع الزوائد 0”148/5: ورجال أبي يعلى رجال
الصحيح. وقال السيوطي (الدر المنثور /١ 085) سنده صحيح» ونسبه ابن كثير في
البداية والنهاية )37/١( إلى البخاري في الصحيح ولم أجده. والرواية اللأخرى
عند ابن جرير في تفسيره ط(شاكر 2778/5 رقم 40448) والحاكم في المستدرك
(؟/041-047) وقال هذا حديث صحيح على شرط البخاري لم يخرجاه» ووافقه
الذهبي.
وحدة الأديان في عقائد الصوفية
الخاص بالإضافة إلى تحقق الإسلام العام فيه» تضمنه لشريعة القرآن
وهذا ليس عليه إلا أمة محمد يك وعلى هذا فأتباع الرسل مسلمون في
زمن رسلهمء فاليهود مسلمون في زمن موسى كَْةِ والنصارى مسلمون
في زمن عيسى يكوه وأما حين بعث النبي محمد كك فكفروا به فليسوا
ا
أيضاً لم يكتف الإسلام بتقرير الأصول النظرية للوحدة بين البشر
على أساس التوحيد؛ بل سعى إلى تطبيق عملي لهذه الوحدة من خلال
الشعائر التعبدية التي جاء بها الإسلام» ومنها: توجه جميع المسلمين
على اختلاف بلدانهم وأجناسهم وألوانهم كل يوم خمس مرات إلى قبلة
واحدة لهم جميعا هي الكعبة المشرفة» وهذا يشعرهم جميعا بوحدة
إنسانية عالمية حقيقية تجمعهم في عبادة رب واحد؛ يولون وجوههم
جميعاً إلى بيته الطاهر. ومن ذلك الحج حيث يجتمع حجاج بيت الله
الحرام من أماكن مختلفة» وبلدان متباعدة» وأجناس لا يجمعها جامع
إلا الإسلام؛ لأداء ركن من أركان الإسلام الخمسة» يستوي في هذا
التجمع المبارك: الأبيض والأسودء الغني والفقير» الشريف والوضيعء
السيد والمسود لا فضل لعبد على آخر إلا بالتقوى.
كذلك قرر الإسلام أن التفاضل بين الناس هو ني ا
الصالحة» فقال تعالى : يتأ أدَسُ إنَا لكر ين كر وأنَق وَجَمَلكمْ
1 ا د 6 إن أنه عَيم 16
[الحُجرّات: *1]» ويقول ككل : «يا أيها الناس» ألا إن ربكم واتحد 6 :وإ
)0غ( ينظر مجموع الفتاوى ابن تيمية: عق ه/وخ* ل الى مولن ولرمث
..١ 8 556 وفتاوى ومسائل ابن الصلاح: .,1/١
2« وحدة الأديان في عقائد الصوفية
لا م ا 2 22222 222222221 ب :00:77:77
أباكم واحدء ألا لا فضل لعربي على عجمي» ولا لعجمي على عربي.
ولا احمر على أسوة» ولا آسود علق أخمر إل بالتقوع6 7" وقال كله
(إن أنسابكم هذه ليست بسباب على أحدء وإنما أنتم ولد آدمّ. طفٌ
الصاع لم تملّؤُوهء ليس لأحد على أحد فضل إلا بالدين أو عمل
صالح»”".
فكانت الحكمة من تعدد أجناس البشر هي التعارف والتعاون»
وليس التعالي والمخالفة. وليس هناك دين استطاع أن يوحد بين الناس
إلا الإسلام» والحج خير مثال حيث يجتمع المسلمون فيه من كل بلد
مع اختلاف ألوانهم وأجناسهم. وتفاوت أنسابهم؛ يوحد بينهم الإسلام
في أخوة قل نظيرها.
فالتفاضل الذي ينفع عند الله هو التفاضل في الدين. ولا يعني هذا
عدم تفاضل الناس في النسب والجنس فهذا ثابت في أدلة كثيرة تم ذكر
بعضها؛ وإنكار التفاضل بين الناس في هذا الجانب هو مذهب
الشعوبية» قال شيخ الإسلام ابن تيمية كأنه: «وعلى هذا مذهب
الجمهور الذين يرون فضل العرب على غيرهم» وفضل قريش على سائر
العرب» وفضل بني هاشم على سائر قريش» وهذا المنصوص عن
الأئمة كأحمد وغيره. والنصوص دلت على هذا القول كقوله كلةِ: «إن
)١( رواه الإمام أخنك: 475» رقم (737589) من حديث أبي نضرة: المنذر بن
مالك العبدي عن رجل من أصحاب النبي كي والحديث إسناده صحيح» وجهالة
الصحابي لا تضر. على أنه ورد تسمية الصحابي عند أبي نعيم في الحلية (8/ )٠٠١
فساق الحديث بسنده عن أبي نضرة عن جابر. وهو جابر بن عبدالله له .
(0) سبق تخريجه: ص .97٠
وحدة الأديان في عقائد الصوفية 22«
الله اصطفى قريشاً من كنانة» واصطفى بني هاشم من قريشء.
واصطفاني من بني هاشم" » وكقوله يك في الحديث الصحيح:
«الناس معادن كمعادن الذهب والفضة؛ خيارهم في الجاهلية خيارهم
في الإسلام إذا فقهوا»”" وأمثال ذلك. وذهبت طائفة إلى عدم التفضيل
بين الأجناس» وهذا قول طائفة من أهل الكلام. .. وهذا القول يقال له
مذهب الشعوبية» وهو قول ضعيف من أقوال أهل البدع»” ".
5 5 2 5 ©
)١( رواه مسلم: كتاب الفضائل» رقم (5175؟) من حديث واثلة بن الأصقع طه.
(١ رواه البخاري: كتاب الأنبياء: )2 رقم مم ومسلم: كتاب البر والصلة
(59) باب الأرواح جنود مجندة: .7١75-771/5 رقم (77178) من حديث أبي
هريرة طلنه .
() منهاج السنة النبوية: 5/ 0949 - 2.56١٠ وينظر الكتاب نفسه: 4/ 5601.
2« وحدة الأديان في عقائد الصوفية
لا سس سس سس سس اا 19011 د
المطلب الثالث
نسخ الإسلام للشرائع والأديان
مما يدخل في أحكام رسالته يَلِِ للناس كافة أن الله تعالى لا يقبل
إيمان أحد بلغته دعوته على وجهها الصحيح إلا بالإيمان به واتباعه.
وأنه يجب على أمته- أي أمة الإجابة- أن تبلغ دعوته لجميع الناس من
جميع الأمم.
والديانات السابقة- التي شرعها الله لعباده قبل الإسلام- كانت
ديانات خاصة بأقوام بعث إليهم نبيهم» ٠ لا تتجاوز القوم الذين بعث
007 رسولهمء » قال الله ي: مؤومآ سكا من رَسُولٍ إل بان فرمه
إشبت لم4 اإرايم: 4 9وَلْفَدَ بَعَئَنَا فى كل عد ذه يَسُولّا4 [التحل: 91]
2 بسنا سانا 1 كل 1 اك ل 26 000 4 وجاء في
الحديث: «وكان كل نبي يبعث إلى قومه 00 'وفي حديث آخر:
الم يبعث الله عز وجل نبياً إلا بلغة قومه)”". هذا بالإضافة إلى كونها
وضعت لفترة زمنية معلومة ومحددة. لم يرد الله لها الخلود والبقاء» بل
قضى بانقضائها وتبديلهاء هذا من حيث الشرائع بينما التوحيد باق
وثابت.
بل إن الكتاب المقدس عند النصارى يشير إلى أن النصرانية التي
بعث بها المسيح نه كانت خاصة لقومه بني إسرائيل» ولم تكن رسالة
(0؟) أخرجه الإمام أحمد فى المسندء رقم :)7١5٠١( 777/968. من حديث أبي ذر
َه . قال محقق المسند: «رجاله ثقات إلا أن مجاهداً لم يسمع من أبي ذر».
وحدة الأديان في عقائد الصوفية 22
سس د ل
عامة لغيرهمء جاء في 'أعمال الرسل' : «كانت الكنائس تتشدّد في
الإيمان وتزداد في العدد كل يوم. وبعدما اجتازوا في فريجية وكورة
غلاطية منعهم الروح القدس أن يتكلموا بالكلمة في آسيا. فلما أتوا إلى
ميسيا حاولوا أن يذهبوا إلى بيثينية فلم يدعهم الروح. فمروا على ميسيا
وانحدروا إلى ترواس)”".
أما أدلة نسخ الإسلام لغيره ف الخرع قله فمتها <- قوله تغالى :
#وماآ أَسَلَنَكَ إِلَّا حافَهَ لان ييا وكزرا ولك كر الئاس لا
يَعَلمَو ()4 اسَبَِ: 114 معنى كافة: الإعابن في اللغة» والمعنى :
أرسلناك ايع للناس في الإنذار والإبلاغ”” : قال الزمخشري: دإ
كانه لنَّّس4 اسَبَِ: 4؟] إلا رسالة عامة لهم محيطة بهمء لأنها إذا
شملتهم فقد كفتهم أن يخرج منها أحداً"".
ومنها قوله تعالى : «إمًا كن ند أ لح ين َحَلكُمْ ولكن يسول لله
واكم لييْتَن» [الأحرّاب: »]4٠ وعن أبي هريرة ظه أن رسول الله يكل
قال: «إن مثلي ومثل الأنبياء من قبلي كمثل رجل بنى بيتاً فأحسنه
وأجمله: إلا موضع لبنة من زاوية فجعل الناس يطوفون به ويعجبون له
ويقولون: هلا وضعت هذه اللبنة! قال: فأنا اللبنة» وأنا خاتم
)١( أعمال الرسل» الإصحاح السادس عشر: 4-5. وفريجية» غلاطية؛ ميسياء
وبيثينية» وترواس : أسماء مدن في آسيا الصغرى (الجزء الأسيوي من تركيا حاليا)
تقع إلى الجنوب من البحر الأسودء وإلى الغرب من بحر مرمرة. ينظر قاموس
الكتاب المقدس: ص (/الا5. 35٠ 474 177+ 711). والموسوعة العربية
العالمية: 7/ .١197
(؟) ينظر معانى القرآن وإعرابه: 7805/5.
(*) الكشاف: "/1940. وينظر مدارك التنزيل وحقائق التأويل» للنسفي: / 6”"م.
«١ وحدة الأديان في عقائد الصوفية
البييه00,
خاتم بفتح التاء بمعنى أنهم به ختموا فهو كالخاتم والطابع لهم.
وخاتم بكسر التاء بمعنى أنه ختمهم أي جاء آخرهم. وهذه الألفاظ عند
علماء الأمة خلفا وسلفا متلقاه على العموم التام» مقتضية نصا أنه لا
نبي بعده وَكِلوِ. فصار معلوما من الدين بالضرورة فمن أنكره فهو كافر
( 1
حتى لو اعترف بعموم رسالته”".
وعن أبي هريرة كَل عنه عن رسول الله كَكْهِ قال: «والذي نفس
محمد بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي ولا نصراني» ثم
يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت بهء إلا كان من أصحاب النار»0".
الحديث فيه دلالة على نسخ الملل كلها برسالة نبينا كه ولفظ الأمة
فى هذا الحديث يتناول جميع أمة الدعوة- كما يدل عليه ظاهر
الحديث- ممن هو موجود في زمنه ومن يتجدد وجوده بعده إلى يوم
القيامة. أما وجه تخصيص اليهود والنصارى فى الحلايث تنبيهاً على من
سواهماء فذلك لأن هاتين الأمتين لهما كتاب» فإذا كان هذا شأنهما
مع أن لهمًا كتاباً فغيرهم ممن لا كتاب له من باب أولى. فلا يسع
الناس اليوم ليكونوا مسلمين إلا أن يشهدوا أن محمداً رسول الله.
)١( رواه البخاري: في كتاب المناقب )١8( باب خاتم النبيين رقم (010”) واللفظ له.
ومسلم في كتاب الفضائل (7) باب ذكر كونه ككِِ خاتم النبيين رقم (5785؟) 4/
06
(؟) ينظر المحرر الوجيز: .8٠/١ والجامع لأحكام القرآن: .190-1١95/١4
والتحرير والتنوير: 40/77. وينظر مادة ' ختم' في تهذيب اللغة: .5١/9
ولسان العرب: ؟15/17.
() سبق تخريجه: ص 184.
وحدة الأديان في عقائد الصوفية 00
م
الإإيمان يبحب 1م 0 00 وَسِعَتَ كل شَى
١٠65 50 ].
م مد
وقال رسول الله ككِِ: «إن لي أسماء: أنا محمد. وأنا الماحي الذي
يمحو الله به الكفر. وأنا الحاشر الذي يحشر الناس على قدمي. وأنا
العاقب الذي ليس بعده نبي2"'". والعاقب في اللغة: هو الذي يخلف
من كان قبله في الخيرء وكل شيء خلفه شيء بعده فهو عاقب لهء
ولهذا قيل لولد الرجل عقبه وكذلك آخر شيء عقبه”".
وقال ككِ: «لا تسألوا أهل الكتاب عن شيء فإنهم لن يهدوكم وقد
ضلواء فإنكم إما أن تصدقوا بباطل» أو تكذبوا بحقء فإنه لو كان
موسى حياً بين أظهركمء ما حل له إلا أن يتبعني»» وفي رواية:
«والذي نفس محمد بيده لو بدا لكم موسى فاتبعتموه وتركتموني لضللتم
عن سواء السبيل» ولو كان حياً وأدرك نبوتي لا تهعني»””".
ووجه دلالة الحديث: أن من لم يتبع رسالة نبينا محمد يله مصيره
الضلال» حتى ولو كان المتبوع نبياً ممن أرسل الله قبل محمد صلوات
الله وسلامه عليهم أجمعين. وذلك لأن الله ختم بنبينا محمد يَكِلٍ
)١( رواه البخاري في كتاب المناقب )١7( باب ما جاء في أسماء رسول الله كَلهِ رقم
(؟70): وفي كتاب التفسير (71) سورة الصف رقم 4447. ومسلم في كتاب
الفضائل (7”4) باب في أسمائه كلِيِ رقم (7705) 18478/4. والترمذي في كتاب
الأدب (509) باب ما جاء في أسماء النبي كلخ رقم ١706/0 )784٠( واللفظ لهء
من حديث جبير بن مطعم د
(؟) ينظر تهذيب اللغة: ١/1/ا7.
(9) سبق تخريجه: ص 194.
22« وحدة الأديان في عقائد الصوفية
الرسل». وختم بالإسلام الأديان. فلن يقبل من أحد صرفًا ولا عدلاً ما
وعن ابن عمر وِهْيًا قال: قال رسول الله ككلِ: «بعشت بين يدي
الساعة بالسيف حتى يعبد الله وحده لا شريك له. وجعل رزقى تحت
ظل رمحي وجعل الذل والصغار على من خالف أمري » ومن تشبه بقوم
فهو منهم)”"".
والمراد من قوله يَكِيِ: «بين يدي الساعة» أي أمامهاء فمبعئه َك
كان قريباً :من الساعة فهو آخر الأبياء بكثة فن: الدنيا» .وشريعته : خائمة
00
الشرائع”'".
وعن جابر بن عبدالله وها عن النبى كَل قال: «بعشت أنا والساعة
كهاتين» ويقرن بين إصبعيه السبابة والوسطى”".
والمراد بينهما شيء يسير كما بين الأصبعين في الطول أو
المجاورة. والبعد والقرب إضافيان فقد يكون الشيء قريباً بالنسبة إلى
أبعد مده بعيدا بالسبة إلى أقرت منه” > .والمراد عن التحدييف:
استمرار دعوته يَلِْهِ إلى قيام الساعة. لا تفترق إحداهما عن الأخرى»
)١( رواه الإمام أحمد: 8 » رقم (0115). وصححه الشيخ الألباني في ارواء
الغليل (2.19/6 رقم 1519).
(؟) الحكم الجديرة بالإذاعة من قول النبي : يك ' بعثت بالسيف بين يدي الساعة" لابن
رجب »2 ص7 .١1
9) رواه مسلم : كتاب الجمعة )١( باب تخفيف الصلاة والخطبة» رقم (0كم) ١؟/
.
2 ينظ شرح حيح 0 لوه للنووي: 0223/5 4 3 .١1١١ والانتصارات
الإسلامية في كشف شبه النصرانية» للطوفي: ص7؟7١7.
وحدة الأديان في عقائد الصوفية 222«
قال الحليمي”"': «معنى قول النبي كلِ: «بعثت أنا والساعة
كهاتين» أي: أنا النبي الآخر فلا يليني نبي آخرء وإنما تليني القيامة»
وهي مع ذلك دانية؛ لأن شرائطها متتابعة بيني وبينهاء وذلك أنه أشار
بإصبعيه المتجاورين, إلا أن توليد الأنبياء عليهم السلام قد انقطعء
فليس يتراخى الأمر بعده إلى أن تدرس شريعته» ويبعث بعده نبي»
وإنما تليه القيامة كما تلي السبابة الوسطى وليست بينهما إصبع. وهذا لا
يوجب أن يكون لهم علم بالساعة نفسها؛ لأن ما بين أول الإشراط وما
بين آخر الأشراط غير معلوم؛ وإذا لم يكن معلوماً ؛ لم يوجب العلم
بأول الأشراط ولا بدنوها العلم بالساعة»”".
قال ابن حزم كأله: «لا يختلف اثنان من أهل الأرض- لا نقول
من المسلمين بل من كل ملة- في أن رسول الله" كَل قطع بالكفر على
كل أهل ملة غير الإسلام. ولا يختلف أيضاً اثنان في أنه :4 قطع
0000 ينظر الإحسان في تقريب صحيح ابن حبان: .١17/١60 والتذكرة للقرطبي: ص
١ وفتح الباري: .”01//١١
(9) أبو عبدالله. الحسين بن الحسن بن محمد بن حليم» الفقيه الشافعي. ولد سنة
(8"”اه) مديئة جرجان؛ ونشأ ببخارى. كان من أذكياء زمانه» ومن أثمة الشافعية
في بلاد ما وراء النهر. له يد طولى في العلم والأدب. قدم نيسابور سنة (/الالاهم)
فحدث عنه الحافظ أبو عبدالله الحاكم مع تقدمه ونبله. توفي كله سنة (407ه) ينظر
تذكرة الحفاظ: ”/ .0٠١70 وطبقات الشافعية لابن السبكي: 4/ 7".
(9) المنهاج في شعب الإيمان: 235١/١ ونحوه: 094/7. من المنهاج. تنبيه: في
مواضع من كتاب المنهاج أخطاء مطبعية» وبعض السقطء ومنها هذا الموضعء وتم
التصحيح من شعب الإيمان للبيهقي (؟/4) حيث نقل النص السابق باختصار.
4 وحدة الأديان في عقائد الصوفية
باسم الإيمان على كل من اتبعه وصدّق بكل ما جاء به وتبرأ من كل
ذلك2300,
دين سوى د
وقد أخذ الله تعالى الميثاق على كل نبي من الأنبياء عليهم السلام
قبل محمد يو لئن بعث محمد يه وهو حي ليؤمنن به ولينصرنه» قال
100 كه ووه
تعالى: ظوَإِدْ أَحَدَ أَلَّهُ سك البَيْتنَ لم بحم ين كنب و 0
سر وى لو خر ساس غير ل ماصشل بوه و 00 5 5 بيرءه ره سولء
+22 :رمول مميزف. لما ست َوْوْدُنٌ بو وَلَتَسَيَنّه دَالَ َأفْرَرَكُمٌ وَلَمَدْمُ
2 4 3 بحا 2 3 ره ع سل رماس م >9 سمه سه صل
عٍّ ذلك إصرى قالوا أَفَرريًا قال فَأَسْبَدُوأ وأنأ مَعكم من ألشَّلْهِرِينَ © آل
-
.]4١ عِمرّان:
رحمهم الله أطي اد اي ا
عليه العهد في محمد وَِكِل: لئن بعث وهو حي ليؤمنن به ولينصرنه»
ويأمره فيأخذ العهد على قومه»”".
5 5 5 ©
.194//7 الفصل في الملل والأهواء والنحل» لابن حزم: )١(
2001-8688 /5 (؟) روى هذه الآثار عن هؤلاء الأئمة ابن جرير الطبري في تفسيره:
.)0775 الأرقام (878/ا-4
وحدة الأديان في عقائد الصوفية
حفظ القرآن من التحريف والتبديل وهيمنته على غيره من الكتب
قال تعالى: وَآرَلَآ إِلِكَ الكِتبٌ بلحي مُصَدْهًا لِمَا بيت يَدَيْهِ مِنَ
0-0
موده م ب < #عسرر رم ده
م ص ررمحة رمام 27 فر لم ارط
الحكتب ومهِيْينًا عَلِيْهِ وأححكم يَينهر بما أنزْل اللّهُ ولا سَنَبِعٌ أَهْوَاءَهُمَ عَمَا
جا من الحق لص لكا م 0 وَمِنْهَاجَا # [المَائدة: 548]» قال ابن
عباس : «هو القرآن؛ شاهد على التوراة والإنجيل مصدق لهما و#أوَمهَيْونًا
عل [المَائدة: يعنلى : أميناً عليه» يحكم على ما كان قبله من
الكتب0"'". وقال غيره: «القرآن أمين على الكتب فيما إذا أخبرنا أهل
الكتاب في كتابهم بأمرء إذا كان في القرآن فصدقواء وإلا فكذبوا)”".
وقد جاء في القرآن ذكر أربعة كتب: صحف إبراهيم» والتوراة»
والإنجيل» والزبور. ولم يبق من هذه الكتب في أيدي الناس إلا التوراة
والإنجيل المحرفة. ٍ
فالقرآن هو الحكم على غيره من الكتب السماوية السابقة» وهو
ميزان على صحتها وسلامتها؛ وقد دل القرآن في آيات كثيرة على أن
اليهود والنصارى قد حرفوا كثيراً من الكتب السابقة» وزادوا فيهاء
وحذفوا منهاء فالتوراة حرفت» والإنجيل حرف وما بقي محفوظاً دون
تبديل إلا القرآن الكريم. يقول القرآن عن تحريف اليهود: «ينَ أن
هادوأ يحَرَفونَ َلْكِلمّ عَن مَوَاضِعِهء» [النسَاء: 0143 وقال تعالى: #يِّمًا
)0غ( رواه ابن جرير الطبري في تفسيره: ١ل رقم(6١١15).
»)2 ذكره ابن جريج عن جماعة من التابعين انظر تفسير الطبري: ا رقم
.)1١77١5(
0 وحدة الأديان في عقائد الصوفية
معدم 0د
95 آذ شن خزر ضر لاير عر روم م ُ ا آل م عا عر مس
تتضبم ِنَقَهُمْ لَمَنَهُمّ وَجَمَلنَا كُلُوبَهُمَ سي يروت ألكلر عن
وا 507 *1].
0#
ل
- وي سا سل لسرم 7
ويقول عن تحريف النصارى: : «لَمَذ كر لذن قَالوأ إثَ لله
ا كُ كَلَدتمٌ وكا مِنْ إله إِبَّد لد وَدِة وَإن لَّرْ يَنتَهُواْ عمًا يَقُوُوتَ لَيْمَسَّنَ
6 موأ مِنْهُمْ عَدَاكْ أَلِيمٌ )4 [المائدة: 2178 وقال 0 ءدبا
- وى 2 رو لءس اس ردير 1 - كي
المسيح ار[ مهريم إِلَّا رَسُولٌ قَدَ خَلَتْ من كَبَلِهِ الرسل وأ صديقه
انا يَأكلان لملعسَام 6 [المائدة: /غ